المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌سورة الضّحى سورة الضّحى مكّيّة، وهي مائة واثنان وتسعون حرفا، وأربعون - تفسير الحداد المطبوع خطأ باسم التفسير الكبير للطبراني - جـ ٦

[أبو بكر الحداد]

فهرس الكتاب

- ‌سورة الأحقاف

- ‌سورة محمّد صلى الله عليه وسلم

- ‌سورة الفتح

- ‌سورة الحجرات

- ‌سورة ق

- ‌سورة الذّاريات

- ‌سورة الطّور

- ‌سورة النّجم

- ‌سورة القمر

- ‌سورة الرحمن

- ‌سورة الواقعة

- ‌سورة الحديد

- ‌سورة المجادلة

- ‌سورة الحشر

- ‌سورة الممتحنة

- ‌سورة الصّفّ

- ‌سورة الجمعة

- ‌سورة المنافقون

- ‌سورة التّغابن

- ‌سورة الطّلاق

- ‌سورة التّحريم

- ‌سورة الملك

- ‌سورة ن (القلم)

- ‌سورة الحاقّة

- ‌سورة المعارج

- ‌سورة نوح

- ‌سورة الجنّ

- ‌سورة المزّمّل

- ‌سورة المدّثّر

- ‌سورة القيامة

- ‌سورة الدّهر

- ‌سورة والمرسلات

- ‌سورة النّبأ

- ‌سورة النّازعات

- ‌سورة عبس

- ‌سورة التّكوير

- ‌سورة الانفطار

- ‌سورة المطفّفين

- ‌سورة انشقّت (الانشقاق)

- ‌سورة البروج

- ‌سورة الطّارق

- ‌سورة الأعلى

- ‌سورة الغاشية

- ‌سورة الفجر

- ‌سورة البلد

- ‌سورة الشّمس

- ‌سورة اللّيل

- ‌سورة الضّحى

- ‌سورة ألم نشرح

- ‌سورة والتّين

- ‌سورة العلق

- ‌سورة (القدر)

- ‌سورة لم يكن

- ‌سورة الزّلزلة

- ‌سورة العاديات

- ‌سورة القارعة

- ‌سورة التّكاثر

- ‌سورة العصر

- ‌سورة الهمزة

- ‌سورة الفيل

- ‌سورة قريش

- ‌سورة الماعون

- ‌سورة الكوثر

- ‌سورة (الكافرون)

- ‌سورة النّصر

- ‌سورة تبّت (المسد)

- ‌سورة الإخلاص

- ‌سورة الفلق

- ‌سورة النّاس

الفصل: ‌ ‌سورة الضّحى سورة الضّحى مكّيّة، وهي مائة واثنان وتسعون حرفا، وأربعون

‌سورة الضّحى

سورة الضّحى مكّيّة، وهي مائة واثنان وتسعون حرفا، وأربعون كلمة، وإحدى عشرة آية. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:[من قرأها كان فيمن يرضاه الله لمحمّد أن يشفع، ويكتب له بعدد كلّ يتيم وسائل عشر حسنات]

(1)

.

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{وَالضُّحى (1) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (2) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى} (3) قال ابن عبّاس وقتادة: «لمّا سألت اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرّوح، وعن ذي القرنين، وأصحاب الكهف، قال لهم: [سأخبركم غدا] ولم يقل: إن شاء الله، فاحتبس الوحي عنه وأبطأ عنه جبريل خمس عشرة ليلة لتركه الاستثناء، فقال المشركون والمنافقون: إنّ محمّدا ودّعه ربّه وقلاه فأنزل الله هذه السّورة تكذيبا لهم، وأقسم ببياض النّهار وسواد اللّيل أنّه سبحانه لم يودّعه ولم يقله» .

وفيه إضمار تقديره: ورب الضّحى وهو النهار كلّه، وقال بعضهم: ساعة ارتفاع الشّمس على ما هو المعهود من الكلام. وقوله تعالى {(وَاللَّيْلِ إِذا سَجى)} أي إذا أظلم، واشتدّ ظلامه حتى يستر الأشياء كلّها بالظلام، ومنه قولهم: فلان يسجى بثوبه؛ أي مغطّى، ومنه قولهم: سجى قبر المرأة. وقيل: معناه: إذا سكنت الأشياء فيه، ومن ذلك: بحر ساج؛ أي ساكن، ويقال: بلد ساجية إذا كان أهلها في سكون، وكذلك طريق ساج؛ أي آمن، قال الشاعر:

أنا ابن عمّ اللّيل وابن خاله

إذا سجى دخلت في سرباله

(1)

عن أبي بن كعب، أخرجه الثعلبي وغيره بإسناد واه.

ص: 515

قوله تعالى: {(ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى)} أي ما تركك منذ اختارك، ولا بغضك منذ أحبّك، وهذا جواب القسم.

قوله تعالى: {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى} (4)؛أي لثواب الآخرة مما أعدّه الله لك فيها من الكرامة والمقام المحمود خير لك من الدّنيا التي هي مشوبة بالأحزان والزّوال.

قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى} (5)؛معناه: سيعطيك خالقك في الآخرة من الشّفاعة، وثواب الطاعة حتى ترضى. ويجوز أن يكون هذا وعدا له من الله بالنّصرة والتمكين وكثرة المؤمنين.

وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: «رضى محمّد أن لا يدخل أحد من أهل بيته النّار»

(1)

.وقيل: الشفاعة في جميع المؤمنين، وعن عليّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [أشفع لأمّتي حتّى ينادي ربي عز وجل: أرضيت يا محمّد؟ فأقول:

رضيت]

(2)

.

وعن جعفر بن محمّد قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على فاطمة وهي تطحن بيدها وترضع ولدها، فلمّا أبصرها كذلك دمعت عيناه، فقال: [يا بنتاه تعجّلي

(3)

فتجرّعي مرارة الدّنيا بحلاوة الآخرة، فقد أنزل الله عليّ {(وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى)} ]

(4)

.وعن ابن عبّاس قال: «يعطيه الله في الجنّة ألف قصر من اللّؤلؤ ترابه المسك، في كلّ قصر من كلّ ما يشتهى على أحسن الصّفات»

(5)

.

(1)

أخرجه الطبري في جامع البيان: الحديث (29053).

(2)

أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء: ج 3 ص 179 بسند ضعيف.

(3)

في المخطوط: (تعجني) ويبدو أنه تصحيف من الناسخ؛ وأثبتنا الصحيح من الدر المنثور.

(4)

في الدر المنثور: ج 8 ص 430؛ قال السيوطي: (أخرجه العسكري في المواعظ وابن مردويه وابن لال وابن النجار عن جابر) وذكره.

(5)

أخرجه الطبري في جامع البيان: الحديث (29051).والحاكم في المستدرك: كتاب التفسير: الحديث (3998)،وقال: صحيح الإسناد.

ص: 516

قوله تعالى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى} (6)؛عدّد عليه نعمه الموصولة إليه من صغره إلى كبره، والمعنى: ألم يجدك يتيما عن أبيك فضمّك إلى أبي طالب، وربّاك في حجره، وفضّلك على أولاده، وقد كان أبوه مات وهو في بطن أمّه، وماتت أمّه وهو ابن سنتين، ومات جدّه وهو ابن ثماني سنين.

وقوله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدى} (7) أي ضالاّ عن علم النبوّة، وأحكام الشّريعة غافلا عنها، فهداك إليها، دليله قوله تعالى:{وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ}

(1)

،وقوله تعالى {ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ}

(2)

.ولا يجوز أن يقال في معناه: إنه عليه السلام كان على دين قومه، فهداه الله؛ لأنه تعالى لا يختار للرّسالة من كفر.

وقيل: معناه: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان ضلّ في صغره عن قومه في شعاب مكّة، فوجده أبو لهب فردّه على جدّه. وقيل: معناه: وجدك ضائعا بين قوم ضوالّ لا يعرفون حرمتك، فهداهم الله تعالى إلى معرفة قدرك.

قوله تعالى: {وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى} (8) أي ووجدك فقيرا فأغناك بمال خديجة والغنائم، وذلك أنّها كانت تبذل مالها للنبيّ صلى الله عليه وسلم. والعيلة في اللغة: الفقر، يقال: عال الرجل إذا كثر عياله وافتقر، قال الشاعر

(3)

:

وما يدري الفقير متى غناه

وما يدري الغنيّ متى يعيل

وحذف الكاف من قوله تعالى (فآوى، فأغنى، فهدى) لمشاكلة رءوس الآي؛ ولأن المعنى معروف، قال مقاتل:«وكلّ فصل من هذه الفصول قراءة جبريل عليه السلام على النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو يقول: [بلى يا رب] ثمّ قال: [يمنّ عليّ ربي وهو أهل المنّ، يمنّ عليّ ربي وهو أهل المنّ]»

(4)

.

(1)

يوسف 3/.

(2)

الشورى 52/.

(3)

أحيحة بن الجلاح الأوسي، شاعر جاهلي (ت 129 ق. هـ).

(4)

أخرجه مقاتل بن سليمان في التفسير: ج 3 ص 495 بغير إسناد. وفي الدر المنثور: ج 8 ص 544؛ قال السيوطي: (أخرجه ابن مردويه والديلمي عن ابن عباس).

ص: 517

وعنه صلى الله عليه وسلم قال: [سألت ربي مسألة وددت أنّي لم أسألها قطّ، قلت: يا رب اتّخذت إبراهيم خليلا، وكلّمت موسى تكليما، وسخّرت لداود الجبال يسبحن، وأعطيت سليمان كذا وكذا.

فقال الله تعالى: ألم أجدك يتيما فآويتك؟ قلت: بلى يا رب، قال: ألم أجدك ضالاّ فهديتك؟ قلت: بلى يا رب، قال: ألم أجدك عائلا فأغنيتك؟ قلت: بلى يا رب، قال: ألم أشرح لك صدرك؟ قلت: بلى يا رب، قال: ألم أرفع لك ذكرك فلا أذكر إلاّ وتذكر معي؟ قلت: بلى يا رب، قال: ألم أوتك ما لم أوت نبيّا قبلك خواتيم سورة البقرة؟ قلت: بلى يا رب، قال: ألم اتّخذك حبيبا كما اتّخذت إبراهيم خليلا؟ قلت: بلى يا رب]

(1)

.

قوله تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ} (9)؛وهذا حثّ للنبيّ صلى الله عليه وسلم على محاسن الأخلاق ليقتدي به الناس، ويجدّوا في سلوك طريقته. ومعنى قهر اليتيم: أن يقهره على ماله، وأن يظلمه بقول أو فعل. وفي قراءة ابن مسعود «(فلا تكهر)» بالكاف

(2)

،ومعناه: الزجر والاتعاظ. وتخصيص اليتيم لأنه لا ناصر له غير الله. وفي الحديث: [اتّقوا ظلم من لا ناصر له غير الله]

(3)

.

وعن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: [من ضمّ يتيما فكان في مئونته ونفقته كان له حجابا من النّار يوم القيامة، ومن مسح برأس يتيم كان له بكلّ شعرة حسنة]

(4)

.وقال صلى الله عليه وسلم:

(1)

أخرجه الطبراني في المعجم الكبير: ج 11 ص 259:الحديث (12289).وفي المعجم الأوسط: ج 4 ص 390:الحديث (3664).وفي مجمع الزوائد: ج 8 ص 254؛قال الهيثمي: (رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط).وأخرجه الحاكم في المستدرك: كتاب التفسير: الحديث (399)،وقال: حديث صحيح الإسناد.

(2)

أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (29058).

(3)

هو معنى حديث أبي هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [دعوة المظلوم تحمل على الغمام، وتفتح لها أبواب السّماوات، ويقول الرّبّ تبارك وتعالى: وعزّتي لأنصرنّك ولو بعد حين]. صحيح ابن حبان: الحديث (874) بإسناد حسن.

(4)

أخرجه ابن عدي في الكامل: ج 4 ص 221:عن أنس رضي الله عنه. ضعيف جدا، فيه سليمان بن عمرو، كذاب.

ص: 518

[إنّ اليتيم إذا بكى اهتزّ لبكائه عرش الرّحمن، فيقول الله: يا ملائكتي من أبكى هذا اليتيم الّذي غيّبت أباه في التّراب؟ فتقول الملائكة: ربّنا أعلم، فيقول: يا ملائكتي أشهدكم أنّ كلّ من أسكته وأرضاه أن أرضيه يوم القيامة]

(1)

.قال: «فكان عمر إذا رأى يتيما مسح على رأسه وأعطاه شيئا» .

قوله تعالى: {وَأَمَّا السّائِلَ فَلا تَنْهَرْ} (10)؛وهو الزجر بالصّياح في الوجه، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:[إذا سأل السّائل فلا تقطعوا عليه مسألته حتّى يفرغ منها، ثمّ ردّوا عليه بوقار ولين أو ببذل يسير أو بردّ جميل، فإنّه قد يأتيكم من ليس بإنس ولا جانّ، ينظرون كيف صنعكم فيما خوّلكم الله]

(2)

.وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم متى يباح أن يردّ الفقير؟ فقال: [إذا رددته ثلاثا تلطّفا فلا يذهب، فلا بأس أن تزبره]

(3)

.

وكان الحسن يقول: «أراد بالسّائل في هذه الآية سائل العلم لا تردّه خائبا» .

وقال يحيى بن آدم في هذه الآية قال: «إذا جاءك طالب العلم فلا تنهره» .وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [لا يمنعنّ أحدكم السّائل أن يعطيه إذا سأل، وإن رأى في يديه قلبين من ذهب]

(4)

.وعن إبراهيم بن أدهم قال: «نعم القوم السّؤّال، يحملون زادنا إلى الآخرة، يجيء السّائل إلى باب أحدكم فيقول: هل توجّهون إلى أهليكم شيئا» .

(1)

ذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج 20 ص 101.وأخرجه ابن عدي في الكامل: ج 3 ص 142،وفيه حسين بن أبي جعفر، منكر الحديث، ضعيف.

(2)

ذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج 20 ص 101.

(3)

أخرجه الطبراني في الأوسط: ج 5:الحديث (4830) عن أبي هريرة رضي الله عنه. وفي مجمع الزوائد: ج 3 ص 99؛قال الهيثمي: (رواه الطبراني في الأوسط وفيه ضرار بن صرد، وهو ضعيف، وقال أبو حاتم: صدوق يكتب حديثه ولا يحتج به).

(4)

في مجمع الزوائد: ج 3 ص 101 - 102؛قال الهيثمي: (رواه البزار وفيه الحسن بن علي الهاشمي النوفلي، وهو ضعيف، وقال ابن عدي: هو أقرب إلى الضعف منه إلى الصدق).وأسنده ابن عدي في الكامل: ترجمة الحسن: الرقم (452/ 83):ج 3 ص 164،وهو كما نقل الهيثمي. والقلب-بالضم والسكون-:السّوار.

ص: 519

قوله تعالى: {وَأَمّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (11)؛أي حدّث الناس بما أنعم الله عليك من النبوّة والإسلام، وذلك أنّ من شكر النّعم التحدّث تعظيما للمنعم.

ويقال: إن الشّكر على مراتب، فالمرتبة الأولى: أن تعلم أنّ النعمة من الله، والثانية: أن تؤدّي عليها حقوق الله، والثالثة: أن تعترف بذلك وتخبر الناس بها، والرابعة:

الاستظهار بها على معصية الله.

وفي الحديث: [إذا أنعم الله على عبد أحبّ أن يرى أثر نعمته عليه]

(1)

،وقال صلى الله عليه وسلم:[من أعطي خيرا فلم ير عليه، سمّي بغيض الله معاديا لنعمة الله]

(2)

.قال صلى الله عليه وسلم:

[من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير، ومن لم يشكر النّاس لم يشكر الله، والتّحدّث بالنّعمة شكر]

(3)

.

آخر تفسير سورة (الضحى) والحمد لله رب العالمين

(1)

في مجمع الزوائد: ج 5 ص 132؛قال الهيثمي: (عن عمران بن حصين

رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد ثقات).

(2)

أخرجه الثعلبي في الكشف والبيان: ج 10 ص 231 عن بكر عن عبد الله المزني. والحديث مرسل.

(3)

عن النعمان بن بشير. في مجمع الزوائد: ج 5 ص 213؛قال الهيثمي: (رواه عبد الله بن أحمد والبزار والطبراني ورجالهم ثقات).وأخرجه الإمام أحمد في المسند: ج 4 ص 278 و 375.

ص: 520