الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة (الكافرون)
سورة (الكافرون) مكّيّة، وهي أربعة وتسعون حرفا، وستّ وعشرون كلمة، وستّ آيات. قال صلى الله عليه وسلم:[من قرأها فكأنّما قرأ ربع القرآن، وتباعدت عنه مردة الشّياطين، وبرئ من الشّرك، ويعافى من الفزع الأكبر]
(1)
،وقال صلى الله عليه وسلم:[مروا صبيانكم فليقرءوها عند المنام فلا يعرض لهم شيء]
(2)
.قال ابن عبّاس: «ليس في القرآن سورة أشدّ لغيظ إبليس من هذه السّورة؛ لأنّها توحيد وبراءة من الشّرك»
(3)
.
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}
{قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (1) لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ} (2)؛نزلت في رهط من المشركين من قريش، منهم الحارث بن قيس السهميّ؛ والعاص بن وائل؛ والوليد بن المغيرة؛ والأسود بن عبد يغوث؛ والأسود بن عبد المطّلب؛ وأمية بن خلف، قالوا: يا محمّد هلمّ فاتّبع ديننا، ونتّبع دينك ونشركك في أمرنا كلّه، تعبد آلهتنا سنة، ونعبد إلهك سنة، فقال:[معاذ الله أن أشرك به غيره] قالوا: فاستلم بعض آلهتنا نصدّقك ونعبد إلهك
(4)
.
(1)
إسناده ضعيف؛ أخرجه الترمذي في الجامع الصحيح: أبواب فضائل القرآن: باب (10): الحديث (2985)،وقال: حسن. وفيه سلمة بن مروان، وهو ضعيف.
(2)
ذكره أيضا الثعلبي في التفسير: ج 10 ص 315.
(3)
ذكره الثعلبي في التفسير: ج 10 ص 315.والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج 20 ص 225.
(4)
في الجامع لأحكام القرآن: ج 20 ص 225؛ قال القرطبي: (ذكره ابن إسحاق وغيره).وأخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (29564)،والحديث (29563) عن ابن عباس.
فأنزل الله تعالى هذه السّورة {(قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ)} أي قل لهم: يا أيّها الكافرون توحيد الله، ليست في حالتي هذه بعابد ما تعبدون من الأصنام،
{وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ} (3)؛أي ولا أنتم عابدون إلهي بجهلكم الإخلاص في عبادة الله،
{وَلا أَنا عابِدٌ؛} فيما استقبل، {ما عَبَدْتُّمْ} (4)؛من الأصنام،
{وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ؛} فيما تستقبلون، {ما أَعْبُدُ} (5)، إلهي الذي أعبده.
وفي هذه القصّة أنزل الله تعالى {قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ}
(1)
،فلمّا نزلت هذه السورة غدا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الحرام وفيه ملأ من قريش، فقام على رءوسهم، ثم قرأها عليهم، فآيسوا منه عند ذلك وآذوه وآذوا أصحابه.
وأما تكرار الكلام فمعناه: لا أعبد ما تعبدون في الحال، ولا أنتم عابدون ما أعبد في الحال، ولا أنتم عابدون ما أعبد في الحال، ولا أنا عابد ما عبدتم في الاستقبال، ولا أنتم عابدون ما أعبد في الاستقبال. وهذا خطاب لمن سبق في علم الله تعالى أنّهم لا يؤمنون.
وقال بعضهم: نزل القرآن بلغة العرب، ومن مذهب العرب التكرار في الكلام على وجه التأكيد حتما للإطماع، كما أنّ من مذهب الاختصار إرادة التخفيف والإيجاز، ومثل هذا كثير في الكلام والأشعار، كما روي أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال:[إنّ بني مخزوم استأذنوني في أن ينكحوا عليّا فتياتهم، فلا آذن، فلا آذن، إنّ فاطمة بضعة منّي، يسوءني ما يسوءها، ويسرّني ما يسرّها]
(2)
.
(1)
الزمر 64/.
(2)
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب القسم والنشوز: باب ذب الرجل الرجل عن ابنته في الغيرة والإنصاف: الحديث (15166).وأوله: [إنّ بني المغيرة استأذنوني] وفيه [فلا آذن، ثمّ لا آذن، ثمّ لا آذن] وإسناده صحيح. ومن طريق أبي الوليد أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب الصلاة: باب الشقاق: الحديث (5278) مختصرا.
وكذلك قال الشاعر:
يا علقمه يا علقمه يا علقمه
…
خير تميم كلّها وأكرمه
وقال:
أخيركم نعمة كانت
…
لكم كم وكم
قوله تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} (6)؛قرأ نافع «(ولي)» بالتحريك، ومعناه: لكم جزاؤكم على عبادة الأوثان، ولي جزائي على عبادة الرّحمن.
وقيل: إن هذه الآية منسوخة بآية السّيف.
آخر تفسير سورة (الكافرون) والحمد لله رب العالمين