الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة القارعة
سورة القارعة مكّيّة، وهي مائة واثنان وخمسون حرفا، وستّ وثلاثون كلمة، وإحدى عشرة آية. قال صلى الله عليه وسلم:[من قرأها ثقّل الله موازينه يوم القيامة]
(1)
.
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}
{الْقارِعَةُ} (1)؛القارعة من أسماء القيامة، سميت بذلك؛ لأنّها تقرع القلوب بالأهوال والأفزاع. والمعنى: ستأتيك القارعة، ويقال: إنّ القارعة هي الصيحة العظيمة،
وقوله تعالى: {مَا الْقارِعَةُ} (2)،تفخيم لأمر القيامة،
{وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ} (3)،تقديره: القارعة ما هي؟ وأيّ شيء هي؟ وما أعلمك ما هي لو لم أعلمك؟ وهذا كما يقال: وأيّ فقيه؟
قوله تعالى: {يَوْمَ يَكُونُ النّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ} (4)؛ معناه: يوم يموج الناس بعضهم في بعض حين يخرجون من قبورهم، كالجراد الكثير المتفرّق الذي يدخل بعضه في بعض، ويركب بعضه بعضا يعني الغوغاء، وهي صغار الجراد، نظيره قوله تعالى:{يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ}
(2)
وسمي الجراد فراشا؛ لأنه يتفرش حين يتفرّق، ويقال: الفراش ما يطير حول السّراج من البقّ ونحوه، وإنما شبّه الناس يومئذ بالفراش؛ لأنّهم يذهبون في ذلك اليوم على وجوههم لا يدرون من أين يجيئون، ولا أين يذهبون.
قوله تعالى: {وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ} (5)؛ معناه: تصير في ذلك اليوم بعد القوّة والشدة كالصّوف، والمنفوش: المندوف، وذلك أوهى ما يكون من الصّوف.
(1)
هو بعض الحديث في فضائل السور عن أبي، بإسناد واه.
(2)
القمر 7/.
قوله تعالى: {فَأَمّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ} (6)؛يعني بالطّاعات والحسنات،
{فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ} (7)؛أي ذات رضى يرضاها الله، وقيل: معنى (راضية) أي مرضيّة.
قوله تعالى: {وَأَمّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ} (9)؛ أي خفّت من الأعمال الصالحة فمسكنه ومأواه الهاوية، يأوي إليها، كما يأوي الولد إلى أمه. وقيل: يهوي على أمّ رأسه في النار دركة من دركات النار.
واختلفوا في كيفيّة وزن الأعمال، فقال بعضهم: توزن صحائف الحسنات في كفّة، وصحائف السيّئات في كفّة. وقال بعضهم: يخلق الله من الحسنات نورا يكون علامة للحسنات، فتوضع في كفّة الحسنات، ويخلق من السيّئات ظلمة تكون علامة للسيّئات، فتوضع في كفّة السيّئات.
واختلفوا فيمن يزن الميزان، قال بعضهم: يتولاّه ملك من الملائكة موكّل بالموازين. وقال بعضهم: يتولاّه جبريل فيقف بين الكفّتين ويزن الأعمال، فمن رجحت حسناته على سيّئاته نادى بصوت يسمعه أهل الموقف: الآن فلان بن فلان، سعد سعادة لا شقاء بعدها أبدا، ومن رجحت سيّئاته على حسناته نادى الملك بصوت يسمعه أهل الموقف: الآن فلان بن فلان، شقي شقاوة لا سعادة بعدها أبدا.
قوله تعالى: {وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ} (10)؛أي ما أعلمك-يا محمّد- ما الهاوية لو لم أعلمك؟ وهذه الهاء تسمى هاء السّكت.
وقوله تعالى:
{نارٌ حامِيَةٌ} (11)؛تفسير للهاوية؛ ومعناه: نار قد تناهت حرارتها منتهاها.
ويروى: «أنّ الفضيل بن عياض كان كلّما افتتح هذه السّورة قطعته العبرة من شدّة الهول، ففارق الدّنيا وما ختمها» .
آخر تفسير سورة (القارعة) والحمد لله رب العالمين