المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌سورة البروج سورة البروج مكّيّة، وهي أربعمائة وثمانية وخمسون حرفا، ومائة - تفسير الحداد المطبوع خطأ باسم التفسير الكبير للطبراني - جـ ٦

[أبو بكر الحداد]

فهرس الكتاب

- ‌سورة الأحقاف

- ‌سورة محمّد صلى الله عليه وسلم

- ‌سورة الفتح

- ‌سورة الحجرات

- ‌سورة ق

- ‌سورة الذّاريات

- ‌سورة الطّور

- ‌سورة النّجم

- ‌سورة القمر

- ‌سورة الرحمن

- ‌سورة الواقعة

- ‌سورة الحديد

- ‌سورة المجادلة

- ‌سورة الحشر

- ‌سورة الممتحنة

- ‌سورة الصّفّ

- ‌سورة الجمعة

- ‌سورة المنافقون

- ‌سورة التّغابن

- ‌سورة الطّلاق

- ‌سورة التّحريم

- ‌سورة الملك

- ‌سورة ن (القلم)

- ‌سورة الحاقّة

- ‌سورة المعارج

- ‌سورة نوح

- ‌سورة الجنّ

- ‌سورة المزّمّل

- ‌سورة المدّثّر

- ‌سورة القيامة

- ‌سورة الدّهر

- ‌سورة والمرسلات

- ‌سورة النّبأ

- ‌سورة النّازعات

- ‌سورة عبس

- ‌سورة التّكوير

- ‌سورة الانفطار

- ‌سورة المطفّفين

- ‌سورة انشقّت (الانشقاق)

- ‌سورة البروج

- ‌سورة الطّارق

- ‌سورة الأعلى

- ‌سورة الغاشية

- ‌سورة الفجر

- ‌سورة البلد

- ‌سورة الشّمس

- ‌سورة اللّيل

- ‌سورة الضّحى

- ‌سورة ألم نشرح

- ‌سورة والتّين

- ‌سورة العلق

- ‌سورة (القدر)

- ‌سورة لم يكن

- ‌سورة الزّلزلة

- ‌سورة العاديات

- ‌سورة القارعة

- ‌سورة التّكاثر

- ‌سورة العصر

- ‌سورة الهمزة

- ‌سورة الفيل

- ‌سورة قريش

- ‌سورة الماعون

- ‌سورة الكوثر

- ‌سورة (الكافرون)

- ‌سورة النّصر

- ‌سورة تبّت (المسد)

- ‌سورة الإخلاص

- ‌سورة الفلق

- ‌سورة النّاس

الفصل: ‌ ‌سورة البروج سورة البروج مكّيّة، وهي أربعمائة وثمانية وخمسون حرفا، ومائة

‌سورة البروج

سورة البروج مكّيّة، وهي أربعمائة وثمانية وخمسون حرفا، ومائة وتسع كلمات واثنتان وعشرون آية. قال صلى الله عليه وسلم:[من قرأ البروج أعطي من الأجر بعدد كلّ يوم جمعة وكلّ يوم عرفة يكون في دار الدّنيا عشر حسنات]

(1)

.

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ} (1)؛أي ذات النّجوم. وقيل: ذات القصور على ما روي [إنّ في السّماء قصورا يسكنها خلق من خلق الله]

(2)

.والأظهر: أن البروج هاهنا منازل الكواكب السّبعة، سميت بروجا لارتفاعها وسعتها، وهي اثنا عشر من الحمل إلى الحوت، تسير الشّمس في كلّ برج ثلاثين يوما وبعض يوم، ويسير القمر في كلّ برج يومين وثلث يوم، فذلك ثمانية وعشرون يوما ثم يستتر في ليلتين.

قوله تعالى: {وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ} (2)؛هو يوم القيامة، وعد أهل السّماوات والأرض أن يصيروا إلى ذلك اليوم لفصل القضاء.

قوله تعالى: {وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} (3)؛قيل: إن الشاهد النبيّ صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى {وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً}

(3)

،والمشهود يوم القيامة كما قال تعالى {وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ}

(4)

.

(1)

تقدم.

(2)

أخرجه الطبري عن ابن عباس في جامع البيان: الأثر (28515)،وعن الضحاك في الأثر (28516).

(3)

النساء 41/.

(4)

هود 103/.

ص: 470

وقيل: الشاهد جميع الأنبياء كما قال تعالى {وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً}

(1)

والمشهود جميع الأمم. ويقال: الشاهد يوم الجمعة، والمشهود يوم عرفة كما قال صلى الله عليه وسلم:

[خير الأيّام يوم الجمعة وهو الشّاهد، والمشهود يوم عرفة، والموعود يوم القيامة]

(2)

.ويقال: الشاهد يوم النّحر، والمشهود يوم الجمعة.

قوله تعالى: {قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ} (4)؛هذا جواب القسم، تقديره:

لقد قتل أصحاب الأخدود، والمعنى: قتلتهم النار. والأخدود: شقّ يشقّ في الأرض، جمعها أخاديد. ويجوز أن يكون معنى (قتل):لعن على الدّعاء عليهم.

وقصّة ذلك ما روي: أنّ رجلا من النّصارى كان أجّر نفسه من يهوديّ ليعمل له عملا، فرأت ابنة المستأجر النّور في البيت لقراءة الأجير الإنجيل، فذكرت ذلك لأبيها فرمقه حتّى رآه، فسأله عن ذلك فلم يجبه، فلم يزل به حتّى أخبره أنّه على دين عيسى، وكان ذلك قبل مبعث نبيّنا صلى الله عليه وسلم، فتابعه هو وسبعة وثمانون إنسانا من بين رجل وامرأة.

فأخبر ملك اليهود واسمه يوسف بن ذي نؤاس الحميريّ، فخدّ لهم في الأرض وأوقد فيه النّار، وطرح فيه النّفط والقصب والقطران، وعرضهم على اليهوديّة، فمن أبى منهم أن يتهوّد دفعه في النّار، ومن رجع عن دين عيسى تركه.

وكان في آخرهم امرأة معها صبيّ رضيع، فلمّا رأت النّار صدّت، فقال لها الصّبيّ: يا أمّاه قفي فما هي إلاّ غميضة، فصبرت فألقيت في النّار، وارتفعت النّار أربعين ذراعا، فأحرقت اليهود الّذين كانوا حول الأخدود.

قال ابن عبّاس: (كانوا يطرحونهم في النّار، فمن أبى منهم ضربوه بالسّياط حتّى ألقوهم جميعا في النّار، فأدخل الله أرواحهم الجنّة قبل أن تصل أجسامهم إلى النّار).

(1)

النحل 35/.

(2)

أخرجه الطبري بألفاظ عديدة في جامع البيان: الحديث (28521) عن أبي هريرة بألفاظ، والحديث (28526) عن علي رضي الله عنه موقوفا. وأخرجه الطبراني في المعجم الأوسط: ج 2 ص 53: الحديث (1091).وذكره ابن أبي حاتم في التفسير: الرقم (19204).

ص: 471

وعن وهب بن منبه: (أن رجلا كان على دين عيسى، فوقع في نجران فدعاهم فأجابوه، فسار إليه ذو نؤاس اليهوديّ بجنوده من حمير، وخيّرهم بين النار واليهوديّة، فخدّ لهم الأخاديد وحرّق اثنى عشر ألفا).وقال الكلبيّ: (كان أصحاب الأخدود سبعين ألفا).

وروي: أن اليهود لمّا ألقوا من كان على دين عيسى، كان معهم امرأة معها ثلاثة أولاد أحدهم رضيع، فقال لها الملك: ارجعي عن دينك وإلاّ ألقيتك وأولادك في النار، فأبت. فأخذ ابنها الأكبر فألقاه في النار، ثم قال لها: ارجعي عن دينك، فأبت.

فأخذ ابنها الثاني فألقاه في النار، ثم قال لها: ارجعي عن دينك، وأخذ الطفل منها ليلقيه في النار، فهمّت بالرّجوع عن دينها، فقال لها الطفل: يا أماه لا ترجعي عن الإسلام واصبري فإنّك على الحقّ، فألقي الطفل وأمّه في النار، فذلك قوله تعالى:

{(قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ)} الأخدود: هي الحفر المشقوقة في الأرض مستطيلة وجمعها أخاديد، يقال: خددت في الأرض؛ أي شققت فيها حفرة طويلة، وعن عطيّة قال:

(خرجت عنق من النّار فأحرقت الكفّار عن آخرهم).

قوله تعالى: {النّارِ ذاتِ الْوَقُودِ} (5)؛أي ذات الحطب والنفط. قيل:

أراد بالوقود أبدان الناس،

وقوله تعالى: {إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ} (6)؛جمع قاعد مثل شاهد وشهود، وكان الكفار قعودا على شفير الأخدود على الكراسي.

قوله تعالى: {وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ} (7)؛أي وهم على ما يفعله الجلاوزة الذين كانوا يلقون المؤمنين في النار شهود؛ أي حضور يرون ذلك منهم.

قوله تعالى: {وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} (8)؛ فيه بيان ما لأجله قصدوا إحراق المؤمنين، ومعناه: وما طعنوا وما أنكروا عليهم شيئا إلاّ إيمانهم بالله المنيع بالنّقمة ممّن عصاه، المستحقّ للحمد على كلّ حال، والمعنى: ما علموا منهم عيبا وما وجدوا لهم جرما ولا رأوا منهم سوءا إلاّ من أجل أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد،

{الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ،} الذي له القدرة على أهل السّماوات والأرض، {وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} (9)؛أي عالم بجزاء كلّ عامل بما عمل.

ص: 472

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ؛} أي إنّ الذين أحرقوا وعذبوا المؤمنين، {ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا؛} من ذلك، {فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ؛} في الآخرة، {وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ} (10)؛الذي أصابهم في الدّنيا، يقال: فتنت الشيء إذا أحرقته، ومنه قوله تعالى:{يَوْمَ هُمْ عَلَى النّارِ يُفْتَنُونَ}

(1)

.وقيل: أراد بالفتنة الامتحان، وهو قولهم للمؤمنين: إن رجعتم عن الإيمان وإلاّ قذفناكم في النار، وهذا هو الإكراه، وهو من أعظم الفتن في باب الدّين.

وفي الآية تنبيه على أنّ هؤلاء الكفّار لو تابوا بعد الكفر والقتل لقبلت توبتهم، وفيه دليل أيضا على أنّ الأولى بالمكره على الكفر أن يصبر على ما خوّف به، وإن أظهر كلمة الكفر كالرّخصة له في ذلك، ولو صبر حتى قتل كان أعظم لأجره، لأنه تعالى أثنى على الذين قتلوا في الأخدود، وبيّن أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار.

قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَهُمْ جَنّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ} (11).

قوله تعالى: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ} (12)؛ابتداء كلام من الله، ويقال إنّه جواب القسم المذكور في أوّل السّورة، ويقال: جواب القسم محذوف؛ تقديره:

والسّماء ذات البروج لتبعثنّ يوم القيامة ولتجزون على أعمالكم. والبطش في اللغة:

هو الأخذ بالعنف على سبيل القدرة والقوّة، وفيه تخويف لكلّ من أقام على الكفر.

قوله تعالى: {إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ} (13)؛أي يخلق الخلق أوّلا من النّطفة ويعيدهم بعد الموت خلقا جديدا،

{وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ} (14)؛أي هو كثير التّجاوز والسّتر على عباده، كثير المحبّة للمؤمنين بإحسانه عليهم.

وقوله تعالى:

{ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} (15)؛أي ذو التّشريف. والمجيد في اللغة: هو العظيم الكريم لما يكون فيه من الخير، قرأ حمزة والكسائي وخلف «(المجيد)» بالخفض نعتا للعرش، وقرأ غيرهم بالرفع.

قوله تعالى: {فَعّالٌ لِما يُرِيدُ} (16)؛أي يفعل ما يشاء لا يدفعه دافع، ولا يمنعه مانع.

(1)

الذاريات 13/.

ص: 473

قوله تعالى: {هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ} (17)؛أي هل بلغك-يا محمّد -حديث الجموع من الكفّار كيف فعلوا؟ وكيف فعل الله بهم؟ وهذا استفهام بمعنى التقرير.

ثم بيّن أولئك الجنود فقال تعالى: {فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ} (18)؛وإنما خصّ فرعون وثمود بالذّكر وهم بعض الجنود؛ لاختصاصهم بكثرة العدد والعدد.

قوله تعالى: {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ} (19)؛معناه: بل هؤلاء المشركون في تكذيب بك وبما أنزل إليك عن ما أوجب الاعتبار بفرعون وثمود، كأنه تعالى يقول: قد ذكرنا أمثال من قبلكم من المكذّبين وما حلّ بهم من النّقمة؛ ليعتبروا ويرتدعوا، فلم يفعلوا بل هم في تكذيب.

قوله تعالى: {وَاللهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ} (20)؛أي وعلم الله محيط بهم، وقدرته مشتملة عليهم،

{بَلْ؛} هذا الذي أتى به محمّد، {هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ} (21) أي شريف كريم ليس كما يزعمون أنه سحر وشعر وكهانة أو أساطير الأوّلين،

ولكنّه؛ {فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} (22)؛عند الله وهو أمّ الكتاب.

قرأ نافع «(محفوظ)»

(1)

بضمّ الظاء، نعت القرآن، وقرأ الباقون بالخفض على نعت اللّوح، فمن جعل قوله تعالى (محفوظ) للقرآن فمعناه محفوظ من الزّيادة والنّقصان والتبديل والتغيّر؛ لأنه معجز لا يقدر أحد أن يزيد فيه، وعن ابن عبّاس أنه قال:«إنّ في صدر اللّوح: لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، ودينه الإسلام، ومحمّد عبده ورسوله، فمن آمن بالله عز وجل وصدّق وعبده واتّبع رسوله، أدخله الجنّة» .

قال: «واللّوح من درّة بيضاء، طولها ما بين السّماء والأرض، وعرضها ما بين المشرق والمغرب، حافّتاه الدّرّ والياقوت، ودفّتاه ياقوتة حمراء، قلمه نور وكلامه نور معقود بالعرش، وأصله في حجر ملك محفوظ من الشّياطين»

(2)

،وبالله التوفيق.

آخر تفسير سورة (البروج) والحمد لله رب العالمين

(1)

نقله الطبري في جامع البيان: النص (28569).

(2)

أخرجه أيضا الثعلبي في الكشف والبيان: ج 10 ص 175.ونقله القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج 19 ص 298.

ص: 474