المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌سورة اللّيل سورة اللّيل مكّيّة، وهي ثلاثمائة وعشرة أحرف، وإحدى وسبعون - تفسير الحداد المطبوع خطأ باسم التفسير الكبير للطبراني - جـ ٦

[أبو بكر الحداد]

فهرس الكتاب

- ‌سورة الأحقاف

- ‌سورة محمّد صلى الله عليه وسلم

- ‌سورة الفتح

- ‌سورة الحجرات

- ‌سورة ق

- ‌سورة الذّاريات

- ‌سورة الطّور

- ‌سورة النّجم

- ‌سورة القمر

- ‌سورة الرحمن

- ‌سورة الواقعة

- ‌سورة الحديد

- ‌سورة المجادلة

- ‌سورة الحشر

- ‌سورة الممتحنة

- ‌سورة الصّفّ

- ‌سورة الجمعة

- ‌سورة المنافقون

- ‌سورة التّغابن

- ‌سورة الطّلاق

- ‌سورة التّحريم

- ‌سورة الملك

- ‌سورة ن (القلم)

- ‌سورة الحاقّة

- ‌سورة المعارج

- ‌سورة نوح

- ‌سورة الجنّ

- ‌سورة المزّمّل

- ‌سورة المدّثّر

- ‌سورة القيامة

- ‌سورة الدّهر

- ‌سورة والمرسلات

- ‌سورة النّبأ

- ‌سورة النّازعات

- ‌سورة عبس

- ‌سورة التّكوير

- ‌سورة الانفطار

- ‌سورة المطفّفين

- ‌سورة انشقّت (الانشقاق)

- ‌سورة البروج

- ‌سورة الطّارق

- ‌سورة الأعلى

- ‌سورة الغاشية

- ‌سورة الفجر

- ‌سورة البلد

- ‌سورة الشّمس

- ‌سورة اللّيل

- ‌سورة الضّحى

- ‌سورة ألم نشرح

- ‌سورة والتّين

- ‌سورة العلق

- ‌سورة (القدر)

- ‌سورة لم يكن

- ‌سورة الزّلزلة

- ‌سورة العاديات

- ‌سورة القارعة

- ‌سورة التّكاثر

- ‌سورة العصر

- ‌سورة الهمزة

- ‌سورة الفيل

- ‌سورة قريش

- ‌سورة الماعون

- ‌سورة الكوثر

- ‌سورة (الكافرون)

- ‌سورة النّصر

- ‌سورة تبّت (المسد)

- ‌سورة الإخلاص

- ‌سورة الفلق

- ‌سورة النّاس

الفصل: ‌ ‌سورة اللّيل سورة اللّيل مكّيّة، وهي ثلاثمائة وعشرة أحرف، وإحدى وسبعون

‌سورة اللّيل

سورة اللّيل مكّيّة، وهي ثلاثمائة وعشرة أحرف، وإحدى وسبعون كلمة، وإحدى وعشرون آية. قال صلى الله عليه وسلم:[من قرأها أعطاه الله حتّى يرضى، وعافاه من العسر، ويسّر له اليسر].

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى} (1)؛أقسم الله بالليل إذا يغشى الأفق، ويعمّ الأشياء كلّها بالظلام،

{وَالنَّهارِ إِذا تَجَلّى} (2)؛أي أضاء، وأنار، وذهب بظلمة الليل،

{وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى} (3)؛وأقسم بخلقة الذكر والأنثى لإبقاء النّسل، وقيل: معناه: ومن خلق الذكر والأنثى.

قوله تعالى: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتّى} (4)؛أقسم الله بهذه الأشياء لما فيها من دلائل وحدانيّة الله على أنّ أعمال العباد في الدّنيا مختلفة، منهم من يريد الدنيا فيجعل سعيه لها، ويعمل في هلاك رقبته، ومنهم من يريد الآخرة ويجعل سعيه لها، ويعمل في فكاك رقبته، وشتّان ما بين العملين.

قوله تعالى: {فَأَمّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى} (5)؛بيّن الله اختلاف سعيهم بقوله: فأمّا من أعطى الحقوق من ماله، واتّقى المعاصي واجتنب المحارم،

{وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى} (6)؛أي أيقن بالخلف في الدّنيا، والثواب في الآخرة، وقيل: معناه:

وصدّق بالجنة،

{فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى} (7)؛فسنوفّقه للعود إلى الطاعة مرّة بعد أخرى لتسهل

(1)

عليه طريق الجنة. وعن أبي الدّرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

[ما من يوم غربت شمسه إلاّ وملكان يناديان: اللهمّ أعط منفقا خلفا، وأعط ممسكا

(1)

في المخطوط: (تسهل).

ص: 511

تلفا]

(1)

.وقال الضحّاك: «معنى قوله تعالى: {(وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى)} ب:لا إله إلاّ الله»

(2)

.وقيل: إنّ هذه الآية نزلت في أبي بكر رضي الله عنه

(3)

.

قوله تعالى: {وَأَمّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى} (8)؛أي بخل بماله، ومنع ما يلزمه من حقوق الله، واستغنى عن ربه، ولم يرغب في ثوابه، فعمل عمل من يستغني عن الله،

{وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى} (9)؛وكذب بثواب المصدّقين في الجنة، وكذب بالتوحيد والنبوّة،

{فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى} (10)؛أي يخذله بمعاصيه ومصيره النار، والمراد به أبو جهل، ويدخل فيه كلّ من عمل مثل عمله.

قوله تعالى: {وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدّى} (11)؛أي ما ينفع هذا الكافر الذي بخل بماله كثرة ماله بعد موته إذا هوى وسقط في هوى النار، لم يؤدّ منه فريضة، ولا وصل منه رحما. وقال مجاهد:«معنى (إذا تردّى):إذا مات»

(4)

،وقال قتادة:«إذا هوى في جهنّم» .

قوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى} (12)؛أي أن نبيّن طريق الهدى من طريق الضّلالة، وأن نبيّن الحقّ من الباطل، وقال الفرّاء: «معناه: من سلك الهدى فعلى الله سبيله لقوله تعالى {وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ}

(5)

)

(6)

{وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى} (13)؛معناه: وإنّ لنا للآخرة، فنعطي منها ما شئنا على ما توجبه الحكمة لمن كان أهلا لذلك، وإن لنا للأولى وهي الدّنيا، فنعطي منها من نشاء.

قوله تعالى: {فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظّى} (14)؛أي خوّفتكم يا أهل مكة إن لم تؤمنوا بالقرآن نارا تتوقّد وتتوهّج. ولا يجوز أن يكون هذا بمعنى الماضي؛ لأنه لو كان ماضيا لقيل: تلظّت.

(1)

أخرجه الطبري في جامع البيان: الحديث (29010).

(2)

أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (29006).

(3)

أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (29011).

(4)

أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (29027).

(5)

النحل 9/.

(6)

قاله الفراء في معاني القرآن: ج 3 ص 271.

ص: 512

قوله تعالى: {لا يَصْلاها إِلاَّ الْأَشْقَى} (15)،أي لا يدخلها ولا يلزمها إلاّ الأشقى في علم الله تعالى،

{الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلّى} (16)؛وهو الكافر الذي كذب بتوحيد الله تعالى والقرآن، وأعرض عن الإيمان.

قوله تعالى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى} (17)؛أي سيباعد عنها التقيّ،

{الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكّى (18) وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى} (19)؛أي لم يفعل مجازاة لبرّ أسدي إليه ولا لمثابة الدّنيا، ولكن أعطى ما أعطى لطلب ثواب الله ورضاه، ولسوف يعطيه الله في الآخرة من الثواب حتى يرضى.

قيل: إنّ قوله {(وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى)} إلى آخر السّورة نزلت في أبي بكر رضي الله عنه، حدّثنا هشام بن عروة عن أبيه: «أنّ أبا بكر رضي الله عنه أعتق سبعة، كلّهم كانوا يعذبون في الله تعالى، وهم: بلال؛ وعامر بن فهيرة شهد بدرا وأحدا وقتل يوم بئر معونة شهيدا. وأمّ عميس وزنيرة، فأصيب بصرها حين أعتقها، فقالت قريش: ما أذهب بصرها إلاّ اللاّت والعزّى! فقالت: كذبوا وثبّتها الله، فردّ الله بصرها. وأعتق النّهديّة وابنتها، وكانتا لامرأة من بني عبد الدّار، ومرّ بجارية بني مؤمّل حيّ من بني عديّ بن كعب، وكانت مسلمة، وعمر بن الخطّاب يعذّبها لترك الإسلام وهو يومئذ مشرك، فاشتراها أبو بكر فأعتقها.

فأمّا بلال فكان لبعض بني جمح مولّدا من مولّديهم وهو بلال بن رباح، وكان اسم أمّه حمامة، وكان صادق الإسلام طاهر القلب، وكان أميّة بن خلف الجمحيّ يخرجه إذا حميت الظّهيرة فيطرحه على ظهره في بطحاء مكّة، ثمّ يأمر بالصّخرة العظيمة، فتوضع على صدره، ويقال له: لا تزال هكذا حتّى تموت أو تكفر بمحمّد وتعبد اللاّت والعزّى، فيقول وهو في ذلك البلاء: أحد أحد.

فمرّ به أبو بكر يوما وهم يصنعون به ذلك، فقال لأميّة بن خلف:(ألا تتّقي الله في هذا المسكين؟ حتّى متى؟) فقال: أنت أفسدته فأنقذه ممّا ترى. فقال أبو بكر: (عندي غلام أسود أجلد منه، وأقوى على دينك أعطيكه به).قال: قد قبلت، قال:(هو لك).فأعطاه أبو بكر غلامه ذلك وأخذ بلالا فأعتقه. فقالوا: لو أبيت أن تشتريه إلاّ بأوقيّة لما منعناك. فقال أبو بكر: (ولو أبيتم إلاّ بمائة أوقيّة لأخذته).

ص: 513

وأمّا النّهديّة وابنتها فكانتا لامرأة من بني عبد الدّار، مرّ بهما أبو بكر وهما يطحنان، وسيّدتهما تقول: والله لا أعتقكما أبدا، فقال لها أبو بكر:(يا أمّ فلان خلّ عنهما)،فقالت: بل أنت خلّ عنهما، أنت أفسدتهما، فقال:(بكم هما؟) قالت: بكذا وكذا، قال:(أخذتهما بذلك وهما حرّتان لله تعالى) ثمّ قال لهما: (قوما واربعا لها طحينها)،قالتا: ألا نفرغ من طحينها ونردّه إليها؟ قال: (ذلك إليكما إن شئتما).

فقال أبو قحافة لأبي بكر: (يا بنيّ إنّي أراك تعتق رقابا ضعافا، فلو أنّك أعتقت رجالا جلادا يمنعونك ويقوّمون دونك؟) فقال أبو بكر: (يا أبه إنّي إنّما أريد الله)،فنزل فيه قوله تعالى:{(فَأَمّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى .. )} إلى قوله: {(وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى)} إلى آخر السّورة»

(1)

.

وعن سعيد بن المسيّب قال: «بلغني أنّ أميّة بن خلف الجمحيّ قال لأبي بكر حين طلب منه أن يعطيه بلالا قال له: لا أبيعه منك إلاّ بغلامك منطاس، وكان مشركا، فراوده أبو بكر على الإسلام فأبى، وكان لمنطاس عشرة آلاف دينارا ومواش وجوار.

فراوده أبو بكر على الإسلام، ويكون ماله له فأبى، فأبغضه أبو بكر، فلمّا قال له أميّة ذلك باعه منه، فقال المشركون: ما فعل أبو بكر ذلك لبلال إلاّ ليد كانت لبلال عنده، فأنزل الله تعالى {(وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى»

{إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى (20) وَلَسَوْفَ يَرْضى} (21)؛بثواب الله في العقبى عوضا عمّا فعل في الدّنيا

(2)

.

آخر تفسير سورة (الليل) والحمد لله رب العالمين

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير: ج 10 ص 3441 مختصرا. وأخرج بعضه الحاكم في المستدرك: كتاب التفسير: الحديث (3997)،وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم.

(2)

أخرجه الثعلبي في الكشف والبيان: ج 10 ص 220.وحكاه القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج 20 ص 89.

ص: 514