الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال في الثوري:
3140 -
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا أبو كريب، ثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن جعفر عن عمران، عن أنس، قال: خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما لامني فيما نسيت، ولا فيما صنعت، فإن لامني بعض أهله قال:"دعوه فما قدر فهو كائن"
(1)
.
وقال بعده:
3141 -
حدثنا أبو محمد بن حيان، ثنا أبو علي بن إبراهيم، ثنا محمد بن الهيثم العكبري، ثنا حامد بن يحيى، ثنا عبد الرزاق، قال: رأيت في كتاب سفيان بن سعيد، أخبرني جعفر - يعني ابن سليمان البصري -، عن ثابت، عن أنس، قال: خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فكان بعض أهله إذا قال لي شيئًا، قال:"دعوه فما قدر سيكون"
(2)
.
باب في قدر سِنّه ووفاته صلى الله عليه وسلم
-
3142 -
حدثنا أبو بكر بن خلاد، ثنا الحارث بن أبي أسامة، ثنا روح بن عبادة، ثنا زكريا بن إسحاق، ثنا عمرو بن دينار، عن ابن عباس، قال: مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاث عشر، وبالمدينة عشر، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين
(3)
.
وقال في وكيع:
3143 -
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا عبيد بن غنام، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة
(1)
أخرجه أحمد (3/ 231)، وابن أبي عاصم في السنة (355).
(2)
أخرجه مسلم (2330/ 81)، وأبو داود (4774)، والترمذى في سننه (2015)، والدارمي (1/ 31).
(3)
أخرجه البخاري (3903)، ومسلم (2351/ 117)، والترمذي في سننه (3652)، وأحمد (1/ 370، 371)، والبغوى في شرح السنة (3840).
ثنا وكيع، عن سفيان، عن خالد الحذاء، عن عمار بن أبي عمار، عن ابن عباس، قال: بُعث النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين، وأقام بمكة خمس عشرة، وبالمدينة عشرًا، وقبض وهو ابن خمس وستين
(1)
.
3144 -
حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر بن الهيثم الأنباري، ثنا محمد بن أحمد بن أبي العوام، ثنا محمد بن جعفر المدائني، ثنا سلام بن سليم، عن عبد الملك بن عبد الرحمن، عن الحسن العرني، عن الأشعت بن طلق، عن مرة، عن عبد الله بن مسعود، قال: اجتمعنا في بيت أمنا عائشة، فنظر إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فدمعت عيناه فتشدد، فنعى إلينا نفسه حين دنا الفراق، فقال:"مرحبا بكم، حياكم الله، جمعكم الله، نصركم الله، رفعكم الله، نفعكم الله، وفقكم الله، قبلكم الله، هداكم الله، سلمكم الله، أوصيكم بتقوى الله، وأوصى الله بكم أن لا تعلوا على الله في عباده وبلاده، فإن الله قال لي ولكم: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: 83].: {أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ (60)} [الزمر: 60] " قلنا: يا رسول الله، متى أجلك؟ قال:"قد دنا الأجل والمنتهى إلى الله تعالى وإلى سدرة المنتهى، والجنة المأوى، والفردوس الأعلى". قلنا: يا رسول الله، من يغسّلك؟ قال:"رجال أهل بيتي الأدنى فالأدنى" قلنا: يا رسول الله، ففيم نكفنك؟ قال:"في ثيابي هذه إن شئتم، أو يمنية، أو بياض مصر" قلنا: يا رسول الله، من يصلى عليك؟ وبكينا، قال: "مهلًا غفر الله لكم، وجزاكم عن نبيكم خيرًا، إذا غسلتموني وكفنتموني فضعوني عند شفير قبري ثم اخرجوا عني ساعة، فإن أول من يصلي عليّ خليلي وحببيي جبريل، ثم ميكائيل، ثم إسرافيل، ثم ملك الموت مع ملائكة كثيرة، ثم ادخلوا عليّ فصلوا عليّ وسلموا تسليمًا، ولا تؤذوني بباكية ولا برنة، ولا بصيحة، وليبدأ بالصلاة عليّ رجال أهل بيتي، ثم نساؤهم، ثم أنتم، واقرؤا أنفسكم السلام كثيرًا، ومن كان غائبًا من أصحابي فاقرؤه مني السلام كثيرًا، ألا وأني أشهدكم أني قد سلمت على كل من دخل في الإسلام، وعلى كل من
(1)
أخرجه مسلم (2353/ 121 - 123)، والترمذي في سننه (3650 - 3651)، والإمام أحمد في المسند (1/ 223، 359)، والطبراني في المعجم الكبير (12843)، والبيهقى في الدلائل (7/ 240).
تابعني على ديني من اليوم الى يوم القيامة". قلنا: يا رسول الله، فمن يدخل قبرك؟ قال: "رجال أهل بيتي مع ملائكة كثيرة يرونكم من حيث لا ترونهم"
(1)
.
3145 -
حدثنا القاضي أبو أحمد بن أحمد، ثنا الحسن بن علي بن زياد، ثنا عبيد بن إسحاق، ثنا كامل، عن حبيب بن أبي ثابت، عن يحيى بن جعدة، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما بعث الله نبيًا إلا عاش نصف عمر ما عاش النبي الذي كان قبله"
(2)
.
قلت: هذا حديث موضوع، لأن سيدنا إبراهيم الخليل عاش بمكة مائة سنة، وكان بعده إسماعيل.
3146 -
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا محمد بن أحمد بن البراء، ثنا عبد المنعم بن إدريس بن سنان، عن أبيه، عن وهب بن منبه، عن جابر بن عبد الله، وابن عباس، قالا: لما نزلت: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: 1] إلى آخر السورة، قال محمد النبي صلى الله عليه وسلم:"يا جبريل نفسي قد نعيت". قال جبريل: {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: 4، 5]، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالًا أن ينادي بالصلاة جامعة، فاجتمع المهاجرون والأنصار إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم خطب خطبة وجلت منها القلوب، وبكت منها العيون، ثم قال:"أيها الناس، أى نبي كنت لكم؟ ". فقالوا: جزاك الله من نبى خيرًا، فقد كنت لنا كالأب الرحيم، وكالأخ الناصح المشفق، أديت رسالات الله، وأبلغتنا وحيه، ودعوت إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة
(1)
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 28): رواه البزار وقال: "روى هذا عن مرة، عن عبد الله من غير وجه، وعبد الرحمن لم يسمع هذا من مرة، إنما أخبره عن مرة، ولا نعلم رواه عن عبد الله غير مرة" قلت: رجاله رجال الصحيح، غير محمد بن إسماعل بن سمرة وهو ثقة، ورواه الطبراني في الأوسط بنحوه، إلا أنه قال قبل موته بشهر، وذكر في إسناده ضعفاء منهم أشعث بن طلق، قال الأزدي: لا يصح حديثه والله أعلم.
(2)
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (7/ 245).
وفي إسناده عبيد بن إسحاق، قال ابن عدي: عامة حديثه منكر.
الحسنة، فجزاك الله عنا أفضل ما جزى به نبيًا عن أمته. فقال لهم:"يا معاشر المسلمين أنا أنشدكم الله وبحقي عليكم، من كانت له قبلي مظلمة فليقم فليقتص مني قبل القصاص في يوم القيامة". فلم يقم إليه أحد، فناشدهم الثانية، فلم يقم إليه أحد، فناشدهم الثالثة:"معاشر المسلمين من كانت له قبلى مظلمة فليقم فليقتص منى قبل القصاص في يوم القيامة" قيل: فقام من بين المسلمين شيخ كبير يقال له عكاشة بن محصن، فتخطى المسلمين حتى قام بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: فداك أبي وأمي، لولا أنك ناشدتنا مرة بعد أخرى ما كنت بالذي أتقدم على شيء منك، كنت معك في غزاة، فلما فتح الله علينا ونصر نبيه وكنا في الانصراف حاذت ناقتي ناقتك، فنزلت عن الناقة ودنوت منك لأقبل فخذك، فرفعت القضيب فضربت خاصرتي، فلا أدري أكان عمدًا منك أم أردت ضرب الناقة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا عكاشة أعيذك بجلال الله أن يتعمدك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالضرب، قم يا بلال انطلق إلى بيت فاطمة وائتني بالقضيب الممشوق" فخرج بلال من المسجد ويده على أم رأسه وهو ينادى: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي القصاص من نفسه، فقرع الباب على فاطمة. فقال: يا ابنة رسول الله ناوليني القضيب الممشوق، فقالت فاطمة: يا بلال، وما يصنع أبي بالقضيب، وليس هذا يوم حج ولا يوم غزاة؟ فقال. يا فاطمة، ما أغفلك عمَّا فيه أبوك، إن رسول الله يودع الدين، ويفارق الدنيا، ويعطي القصاص من نفسه، قالت فاطمة: يا بلال، ومن الذي تطيب نفسه أن يقتص من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ يا بلال إذًا فقل للحسن والحسين يقومان إلى هذا الرجل فيقتص منهما ولا يدعانه يقتص من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودخل بلال المسجد ودفع القضيب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم القضيب إلى عكاشة، فلما نظر أبو بكر وعمر إلى ذلك قاما: فقالا: يا عكاشة ها نحن بين يديك فاقتص منا ولا تقتص من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم:"امض يا أبا بكر، وأنت يا عمر فامض، فقد عرف الله تعالى مكانكما ومقامكما" فقام علي بن أبي طالب، فقال: يا عكاشة أنا في الحياة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تطيب نفسي أن تضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا ظهري وبطني اقتص مني
بيدك واجلدني مائة، ولا تقتص من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"يا علي اقعد فقد عرف الله مقامك ونيتك"، وقام الحسن والحسين فقالا: يا عكاشة أليس تعلم أنَّا سبطا رسول الله صلى الله عليه وسلم فالقصاص منا كالقصاص من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم:"اقعدا يا قرة عيني لا نسي الله لكما هذا المقام". فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا عكاشة اضرب إن كنت ضاربًا" فقال: يا رسول الله: ضربتني وأنا حاسر عن بطني، فكشف عن بطنه صلى الله عليه وسلم وصاح المسلمون بالبكاء، وقالوا: أترى عكاشة ضاربًا بطن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما نظر عكاشة إلى بياض بطن النبي صلى الله عليه وسلم كأنه القباطي لم يملك أن أكب عليه، فقبل بطنه وهو يقول: فداك أبي وأمي، ومن تطيق نفسه أن يقتص منك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"إما أن تضرب وإما أن تعفو" فقال: قد عفوت عنك رجاء أن يعفو الله عني يوم القيامة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"من أراد أن ينظر إلى رفيقي في الجنة فلينظر إلى هذا الشيخ". فقام المسلمون فجلعوا يقبلون ما بين عينيه ويقولون: طوبى لك، طوبى لك، نلت درجات العلا ومرافقة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فمرض رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه، فكان مريضًا ثمانية عشر يومًا يعوده الناس، وكان صلى الله عليه وسلم ولد يوم الاثنين، وبُعِث يوم الاثنين، وقُبض في يوم الاثنين، فلما كان يوم الأحد ثقل في مرضه، فأذن بلال بالأذان، ثم وقف بالباب، فقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله، الصلاة يرحمك الله، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت بلال، فقالت فاطمة: يا بلال، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم مشغول بنفسه، فدخل بلال المسجد، فلما أسفر الصبح قال: والله لا أقيمها أو استأذن سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع، وقام بالباب وقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله، الصلاة يرحمك الله، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت بلال، فقال: ادخل يا بلال إن رسول الله مشغول بنفسه، مر أبا بكر يصلي بالناس، فخرج ويده على أم رأسه وهو يقول: واغوثاه بالله وانقطاع رجائي، وانقصام ظهري، ليتني لم تلدني أمي، واذ ولدتني ليتني لم أشهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا
اليوم، ثم قال: يا أبا بكر، ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك أن تصلي بالناس، فتقدم أبو بكر للناس - وكان رجلًا رقيقًا - فلما نظر إلى خلو المكان من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتمالك أن خر مغشيًا عليه، وصاح المسلمون بالبكاء، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ضجيج الناس، فقال:"ما هذه الضجة؟ " فقالوا: ضجة المسلمون لفقدك يا رسول الله، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب والعباس، فاتكأ عليهما فخرج إلى المسجد، فصلى بالناس ركعتين خفيفتين، ثم أقبل بوجهه المليح عليهم فقال:"معشر المسلمين استودعتكم الله، أنتم في رجاء الله وأمانه، والله خليفتي عليكم، معاشر المسلمين عليكم باتقاء الله وحفظ طاعته من بعدي، فإني مفارق الدنيا، هذا أول يوم من الآخرة، وآخر يوم من الدنيا" فلما كان في يوم الاثنين اشتد به الأمر وأوحى الله إلى ملك الموت أن اهبط إلى حبيبي وصفيّي محمد صلى الله عليه وسلم في أحسن صورة، وارفق به في قبض روحه، فهبط ملك الموت، فوقف بالباب شبه أعرابي فقال: السلام عليكم يا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، أأدخل؟ فقالت عائشة لفاطمة: أجيبي الرجل، فقالت فاطمة: آجرك الله في ممشاك يا عبد الله، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشغول بنفسه، فنادى الثانية، فقالت عائشة: يا فاطمة أجيبي الرجل، فقالت فاطمة: آجرك الله في ممشاك يا عبد الله، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم مشغول بنفسه، ثم عاد الثالثة فقال: السلام عليكم يا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، أأدخل، فلا بد من الدخول، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت ملك الموت فقال:"يا فاطمة، من بالباب؟ " فقالت: يا رسول الله، إن رجلًا بالباب يستأذن في الدخول فأجبناه مرة بعد أخرى، فنادى في الثالثة صوتًا اقشعر منه جلدي وارتعدت فرائصي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"يا فاطمة أتدرين من بالباب؟ هذا هادم اللذات، ومفرق الجماعات، هذا مرمل الأزواج، ومأتم الأولاد، هذا مخرب الدور، وعامر القبور، هذا ملك الموت، ادخل يرحمك الله يا ملك الموت". فدخل ملك الموت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا ملك الموت جئتني زائرًا أم قابضًا؟ ". فقال: زائرًا وقابضًا، وأمرني الله أن لا أدخل عليك إلا بإذنك، ولا أقبض روحك إلا بإذنك فإن أذنت وإلا رجعت إلى ربي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا ملك
الموت، أين خلفت حبيبي جبريل؟ " قال: خلفته في السماء الدنيا والملائكة يعزونه فيك، فما كان أسرع من أتاه جبريل فقعد عند رأسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا جبريل هذا الرحيل من الدنيا، فبشرني ما لي عند الله". قال: أبشرك يا حبيب الله إني تركت أبواب السماء قد فتحت، والملائكة قد قاموا صفوفًا صفوفًا بالتحية والريحان، يحيون روحك يا محمد، قال:"لوجه ربي الحمد، فبشرني يا جبريل" قال: أبشرك أن أبواب الجنة قد فتحت، وأنهارها قد اضطردت وأشجارها قد تدلت، وخورها قد تزينت لقدوم روحك يا محمد. قال:"لوجه ربي الحمد، فبشرني يا جبريل" قال: أبواب النيران قد أطبقت لقدوم روحك يا محمد، قال:"لوجه ربي الحمد، فبشرني يا جبريل" قال: أنت أول مسمع وأول مستمع في القيامة، قال:"لوجه ربي الحمد، فبشرني يا جبريل". قال جبريل: عما تسألنى يا حبيبى؟ قال: "أسألك عن همي وغمي، من لقراء القرآن من بعدي، من لصوام رمضان من بعدي، من لحجاج بيت الله من بعدي، من لأمتي المصطفاه من بعدي؟ " قال: أبشر يا حبيب الله، فإن الله عز وجل يقول: قد حرمت الجنة على جميع الأنبياء والأمم حتى تدخلها أنت وأمتك يا محمد، قال:"الآن طابت نفسي، ادن يا ملك الموت فانته لما أمرت". فقال علي: يا رسول الله، إذا أنت قُبضت فمن يغسّلك، وفيما نكفنك، ومن يصلي عليك، ومن يدخلك القبر؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"يا علي أما الغسل فاغسلني أنت، وابن عباس يصب عليك الماء، وجبريل ثالثكما، فإذا أنتم فرغتم من غسلي فكفنوني في ثلاثة أثواب جدد، وجبريل يأتني بحنوط من الجنة، فإذا أنتم وضعتموني على السرير فضعوني في المسجد وأخرجوا عني فإن أول من يصلي عليَّ الرب عز وجل من فوق عرشه، ثم جبريل، ثم ميكائيل، ثم إسرافيل، ثم ملائكة زمرًا زمرًا، ثم ادخلوا فقوموا صفوفًا صفوفًا لا يتقدم عليَّ أحد". فقالت فاطمة: اليوم الفراق فمتى ألقاك؟ فقال لها: "يا بنية تلقيني يوم القيامة عند الحوض وأنا أسقي من يرد على الحوض من أمتي". قالت: فإن لم ألقاك يا رسول الله؟ قال: "تلقيني عند الميزان وأنا أشفع لأمتي". قالت فإن لم ألقاك يا رسول الله؟ قال: "تلقيني عند الصراط وأنا أنادي: رب سلم أمتي من النار" فدنا ملك الموت عليه السلام يعالج قبض روح رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما بلغ الروح إلى الركبتين قال النبي عليه السلام: "أوه". فلما بلغ الروح
إلى السرة قال النبي عليه السلام: "واكرباه". قالت فاطمة: كربي لكربك اليوم يا أبتاه، فلما بلغ الروح إلى الثندوة قال النبي صلى الله عليه وسلم:"يا جبريل ما أشد مرارة الموت". فولى جبريل وجهه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا جبريل، كرهت النظر إليّ؟ ". فقال جبريل: يا حبيبي من تطيق نفسه أن ينظر إليك وأنت تعالج سكرات الموت، فقُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فغسله علي بن أبي طالب، وابن عباس يصب عليه الماء، وجبريل عليه السلام معهما، وكفن بثلاث أثواب جدد، وحمل على السرير، ثم أدخلوه المسجد ووضعوه في المسجد وخرج الناس عنه، فأول من صلى عليه الرب من فوق عرشه - تعالى وتقدس -، ثم جبريل، ثم ميكائيل، ثم إسرافيل، ثم الملائكة زمرًا زمرًا، قال علي رضي الله عنه: لقد سمعنا في المسجد همهمة فلم نر لهم شخصًا فسمعنا هاتفًا يهتف وهو يقول: ادخلوا رحمكم الله فصلوا على نبيكم، فدخلنا فقمنا صفوفًا كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكبرنا بتكبير جبريل، وصلينا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاة جبريل، ما تقدم منا أحد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودخل القبر علي بن أبي طالب وابن عباس وأبو بكر الصديق، ودفن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما انصرف الناس قالت فاطمة لعلي: يا أبا الحسن، دفنتم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. قالت: كيف طابت أنفسكم أن تحثوا التراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما كان في صدوركم لرسول الله صلى الله عليه وسلم الرحمة، أما كان معلم الخير؟ قلنا: بلى يا فاطمة، ولكن أمر الله الذي لا مرد له، فجعلت تبكي وتندب وهي تقول: يا أبتاه، الآن انقطع عنا جبريل، وكان جبريل يأتينا بالوحي من السماء
(1)
.
قال أبو نعيم: ابن عباس المذكور في هذا هو الفضل بن عباس.
(1)
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (3/ 54)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 34): وفيه عبد المنعم بن إدريس، وهو كذاب ووضاع.
وانظر تنزيه الشريعة للآجري (2/ 327).
وقال في أحمد:
3147 -
حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا مرحوم بن عبد العزيز، حدثني أبو عمران الجوني، عن يزيد بن بابنوس، عن عائشة أن أبا بكر دخل على النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته فوضع فمه بين عينيه، ووضع يده على صدغيه، وقال: وانبياه، واخليلاه، واصفياه
(1)
.
3148 -
حدثنا أبو بكر بن خلاد، ثنا أحمد بن إبراهيم بن ملحان، ثنا يحيى بن بكير، حدثني الليث بن سعد، عن عقيل، عن ابن شهاب، أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن ابن عباس، أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه حين تُوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر يكلم الناس، فقال: اجلس يا عمر فأبى عمر أن يجلس، فقال: اجلس يا عمر، فتشهد أبو بكر، فقال: أما بعد، فمن كان منكم يعبد محمدًا، فإن محمدًا قد مات، ومن كان منكم يعبد الله فإن الله حي لا يموت، وإن الله عز وجل قال:{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا} [آل عمران: 144] قال: والله لكان الناس لم يعلموا أن الله تعالى أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر فتلاها معه الناس، فما نسمع بشرًا من الناس إلا يتلوها.
قال ابن شهاب: أخبرني سعيد بن المسيب، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعرقت حتى ما تقلني رجلاي، وحتى أهويت إلى الأرض، وعرفت حين سمعته تلاها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات
(2)
.
3149 -
حدثنا حبيب بن الحسن، ثنا محمد بن يحيى المروزي، ثنا أحمد بن محمد بن أيوب، ثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، قال: قال ابن شهاب الزهرى، حدثني عبيد الله بن عتبة، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرًا ما أسمعه يقول: "إن الله لم يقبض نبيًا حتى يخيره"
(1)
أخرجه أحمد (6/ 31، 219)، وابن سعد في الطبقات (2/ 2/ 52)، وأبو يعلى (48).
(2)
أخرجه البخارى (4454).