الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
130 - إسماعيل بن القاسم بن هارون بن عيذون أبو علىّ القالىّ المعروف بالبغداذىّ [1]
نزيل مصر. الإمام الفاضل، الراوى النحوىّ اللغوىّ العلّامة. أصله ومولده بمناز «1» كرد من إرمينية، ودخل إلى بغداذ فى طلب العلم؛ فى صحبة أهل قاليقلا «2» ، فأكرموا، وأكرم معهم، لموضعهم من الثّغر «3» ، وعرف فى بغداذ بالقالىّ.
وأدرك المشايخ ببغداذ كابن الأنبارىّ، وابن درستويه، وابن دريد، ومن فى عصرهم، وأكثر الرواية عن مشايخ الوقت، وخرج إلى الأندلس إلى عبد الرحمن
[1]. ترجمته فى إشارة التعيين 4 - 5، والأنساب 439 ب، وبغية الملتمس 216 - 218، وبغية الوعاة 198، وتاريخ علماء الأندلس 1: 65 - 66، وسلم الوصول 199، وشذرات الذهب 3: 18، وطبقات الزبيدىّ 130 - 133، وطبقات ابن قاضى شهبة: 1 - 275 - 277، وفهرست ابن خير 395، وكشف الظنون 165، 216، 1383، 1447، 1462، 1740، 1778، واللآلى 1: 4، ومرآة الجنان 2: 359، والمزهر 2: 420، 448، 465، ومسالك الأبصار ج 4 مجلد 2: 238 - 239، ومعجم الأدباء 7: 25 - 33، ومعجم البلدان 7: 17، ونفح الطيب 4: 70 - 75. و «عيذون»، ضبطه ابن خلكان بفتح العين وسكون الياء وضم الذال. وفى الأصل، «عبدون» ، تحريف.
الناصر الأموىّ «1» ، فأكرمه وقدّمه «2» ، وصنّف له ولولده الحكم المستنصر «3» ، وبثّ علومه هناك.
قرأ على ابن درستويه كتاب سيبويه أجمع، واستفسره جمعه، وناظره فيه، ودقّق النظر، وكتب عنه تفسيره، وعلّل العلّة، وأقام عليها الحجّة، وأظهر فضل البصريين على الكوفيين، ونصر مذهبه على من خالفه من البصريّين أيضا، وأقام الحجّة.
قال أبو علىّ: وقرأ معى الكتاب أجمع أبو جعفر بن أبى محمد بن درستويه تعليما ورواية.
وله أوضاع كثيرة أملاها عن ظهر قلبه، منها كتابه فى الأخبار والحكايات المعروف بالنوادر والأمالى أملاه ظاهرا من قلبه فى الأخمسة بجامع الزّهراء «4»
بقرطبة، وارتجل تفسير ما فيه، وهذا الكتاب غاية فى معناه، وهو أنفع الكتب؛ لأنّ فيه الخبر الحسن، والمثل المتصرّف، والشعر المنتقى فى كل معنى، وفيه أبواب من اللّغة مستقصاة، وليست توجد فى شىء من كتب اللغة مستقصاة مثل ما هى فى هذا الكتاب، وفيه القلب والإبدال مستقصى، وفيه تفسير الإتباع، وهو ممّا لم يستيقظ إليه أحد، إلى فوائد فيه كثيرة «1» .
ومنها كتابه فى المقصور والممدود، بناه على التّفعيل ومخارج الحروف من الحلق، مستقصى فى بابه، لا يشذّ عنه شىء من معناه، لم يوضع له نظير، ومنها كتابه فى الإبل ونتاجها، وما تصرّف معها، ومنها كتابه فى حلى الإنسان والخيل وشياتها.
ومنها كتابه فعلت وأفعلت، ومنها كتابه فى مقاتل الفرسان، ومنها كتابه فى تفسير القصائد والمعلّقات، وتفسير إعرابها ومعانيها، إلى كتب كثيرة.
وارتجل جميعها، وأملاها عن ظهر قلب كلّها.
وألّف كتاب البارع فى اللغة، فبناه على حروف المعجم، وجمع فيه كتب اللغة، وعزا كلّ كلمة من الغريب إلى ناقلها من العلماء، واختصر الإسناد عنهم، وهو يشتمل على خمسة آلاف ورقة، ولا يعلم أحد من العلماء المتقدّمين والمتأخرين ألّف مثله فى الإحاطة والاستيعاب، وتوفى قبل أن ينسخه، فاستخرج «2» من المسوّدة، وأظنه لم يتم.
قال الزّبيدىّ: «1» «وسألت أبا على عن مولده ونسبه، فقال: أنا إسماعيل ابن القاسم بن عيذون بن هارون بن عيسى بن محمد بن سليمان، مولى عبد الملك بن مروان، ولدت بمنازكرد «2» من ديار بكر سنة ثمان وثمانين ومائتين، ورحلت إلى بغداذ سنة ثلاث وثلاثمائة، فأقمت بالموصل، وكتبت عن أبى يعلى الموصلىّ وغيره، ثم دخلت بغداذ سنة خمس وثلاثمائة، فأقمت بها إلى سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة أكتب الحديث، فممن كتبت عنه: أبو بكر عبد الله بن أبى داود السّجستانىّ، وأبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد، وأبو عمر محمد بن يوسف بن يعقوب القاضى، وأبو القاسم عبد الله محمد بن عبد العزيز البغوىّ المعروف بابن بنت منيع، وإبراهيم بن عبد الصّمد بن موسى الهاشمىّ من ولد الإمام، «3» وأحمد بن إسحاق البهلول القاضى، وأبو عبد الله الحسين القاضى، وأبو عبيد أخوه القاسم ابنا إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الضّبىّ المعروف بالمحاملىّ. «4» وأبو بكر بن يوسف بن يعقوب بن البهلول الأزرق الكاتب، وأبو بكر أحمد [بن محمد]«5» البستنبان، «6» وابن قطن الإسكافىّ، وأبو سعيد الحسن «7» بن على بن زكريا بن يحيى العدوىّ.
قال: وسمعت الأخبار واللغة من أبى بكر محمد بن دريد الأزدىّ البصرىّ، وأبى بكر محمد بن القاسم الأنبارىّ، وأبى عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة المعروف
بنفطويه، ومن أبى بكر محمد بن السّرىّ النحوىّ، ومن أبى بكر محمد بن شقير النحوىّ، ومن أبى إسحاق إبراهيم بن السرىّ بن سهل الزّجّاج النحوىّ، ومن أبى الحسن على بن سليمان بن الفضل الأخفش، ومن أبى بكر محمد بن أبى الأزهر، ومن أبى محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه أخذت منه كتاب سيبويه عن المبرّد، ومن أبى جعفر أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة أخذت منه كتب أبيه، ومن أبى بكر أحمد بن محمد بن موسى بن مجاهد المقرئ قرأت عليه القرآن بحرف أبى عمرو ابن العلاء غير مرة، وأخذت كتابه فى القراءات السبع وغير ذلك، ومن أبى عمر محمد بن عبد الواحد المطرّز غلام ثعلب، حدّثنا عن ثعلب، ومن أبى بكر محمد بن عبد الملك التّاريخىّ، ومن أحمد بن يحيى المنجّم الأديب النديم أخذت منه كتب أبيه وغير ذلك، ومن الطوسىّ على بن الحسن بن على بن نصر أخذت منه كتاب الزّبير بن بكّار فى النسب، ومن الدّمشقىّ أحمد بن سعيد، ذكرلى أنه سمع منه.
قال أبو علىّ: وخرجت من بغداذ سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، ثم دخلت إلى الأندلس سنة ثلاثين وثلاثمائة، ثم دخلت إلى قرطبة فى شعبان لثلاث بقين منه سنة ثلاثين وثلاثمائة».
قال الزّبيدىّ: «وسألت أبا علىّ: لم قيل له القالىّ؟ فقال: لمّا انحدرنا إلى بغداذ كنا فى رفقة فيها أهل قاليقلا، فكانوا يحافظون لمكانهم من الثّغر، فلما دخلت بغداذ تنسّبت «1» إلى قاليقلا، وهى قرية من منازكرد، ورجوت أن أنتفع بذلك عند العلماء، فمضى علىّ القالىّ. وتوفّى فى ربيع الآخر سنة ست وخمسين وثلاثمائة بقرطبة، ودفن بمقبرة متعة، وصلّى عليه أبو عبيد الجبيرىّ»
».
وكان مولده سنة ثمانين ومائتين، وقيل سنة ثمان وثمانين.
وشوهد بخط ولده ما مثاله: ابتدأ أبى- رحمه الله تعالى- بعمل كتاب البارع فى رجب سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة، ثم قطعته علل وأشغال، ثم عاود النظر فيه بأمر أمير المؤمنين وتأكيده عليه، فعمل فيه من سنة تسع وأربعين وثلاثمائة، فأخذه بجدّ واجتهاد، وكمل له، وابتدأ بنقله، فكمل لنفسه إلى شوّال سنة خمس وخمسين وثلاثمائة كتاب الهمز، وكتاب الهاء، وكتاب العين، ثم اعتلّ فى هذا الشهر.
وتوفّى إلى رحمة الله إسماعيل بن القاسم بن عيذون بن هارون بن عيسى بن سليمان البغداذىّ ليلة السبت لسبع خلون من جمادى الأولى سنة ست وخمسين وثلاثمائة، ومولده سنة ثمان وثمانين ومائتين فى جمادى الآخرة، ودخل قرطبة لثلاث بقين من شعبان سنة ثلاثين وثلاثمائة، وكان وصوله إلى بجاية «1» فى رجب من هذا العام. وكان مولده بمنازكرد من ديار بكر فى التاريخ المذكور، ورحل إلى بغداذ سنة ثلاث وثلاثمائة، وأقام بالموصل، ودخل بغداذ سنة خمس وثلاثمائة، وخرج إلى الأندلس من بغداذ سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة.
وكان يعرف بالقالىّ، وكان يقول- رحمه الله: لما خرجنا من بلدنا كان فى جملتنا جماعة من قاليقلا، وكانت معهم خيل، فكلّما دخلنا بلدا حافظ أهله أهل قاليقلا، وكانت معهم دوابّ، فأراد بعض العمال أخذها منهم، فلما انتسبوا إلى قاليقلا تركوها، ورأيت الناس يعظّمونهم، فلما دخلت بغداذ انتسبت إلى قاليقلا، ورجوت أن ينفعنى ذلك عند العلماء، فلم انتفع بذلك، وعرفت بالقالىّ.