الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
193 - الحسن بن صافى بن عبد الله بن نزار بن أبى الحسن النحوىّ البغداذىّ ملك النحاة [1]
كان أبوه لرجل يسمى حسين الأرموىّ «1» . ولد الحسن بالجانب الغربىّ من مدينة السلام بشارع دار الرقيق، فى سنة تسع وثمانين وأربعمائة. ثم انتقل إلى الجانب الشرقىّ، واشتغل بالعلم، فقرأ علم الكلام على أبى عبيد الله محمد بن أبى بكر القيروانىّ (مغربىّ قدم بغداذ، وأقام بها)، والأصول على أبى الفتح أحمد بن على بن برهان، والخلاف «2» على أسعد بن أبى نصر الميهنىّ «3» ، والنحو على أبى الحسن علىّ بن [أبى] زيد الفصيحى.
[1]. ترجمته فى إشارة التعيين 14 - 15، وبغية الوعاة 220 - 221، وتاريخ أبى الفدا 3: 54، وتاريخ ابن كثير 12: 272، وتلخيص ابن مكتوم 56 - 57، وابن خلكان 1:
134 -
135، والحلل السندسية 102 - 104، وخريدة القصر 1: 88 - 92، وروضات الجنات 221 - 222، وشذرات الذهب 4: 227، وطبقات ابن قاضى شهبة 1: 302 - 304، وطبقات الشافعية 4: 210 - 211، وكشف الظنون 624، 628، 815، 1170، 1849، 1787، ومختصر تاريخ ابن عساكر 4: 166 - 170، ومرآة الجنان 3: 386، ومسالك الأبصار ج 4 مجلد 2: 316 - 322، ومعجم الأدباء 8: 122 - 139، والنجوم الزاهرة 6:68.
برع فى النحو حتى صار أنحى أهل طبقته، وكان فهما ذكيا فصيحا، له نظم ورصف حسن؛ إلا أنه كان عنده عجب بنفسه، وتيه بعلمه. لقّب نفسه «ملك النحاة» ، وكان يسخط على من يخاطبه بغير ذلك.
وخرج عن بغداذ بعد العشرين وخمسمائة، وسكن واسطا مدّة، وأخذ عنه جماعة من أهلها أدبا كثيرا، ووصفوه وأثنوا عليه بالفضل والمعرفة مع خرق فيه، وصار منها إلى شيراز وكرمان، وتنقل فى البلاد سنين؛ حتى استقرّ به الحال بدمشق، فسكنها إلى حين وفاته، وله شعر، منه:
حنانيك «1» إن جاءتك يوما خصائصى
…
وهالك أصناف الكلام المسخّر
فسل منصفا عن قالتى غير جائر
…
يجبك بأنّ الفضل للمتأخّر «2»
توفى أبو نزار النحوىّ بدمشق يوم الثلاثاء من شوال سنة ثمان وستين وخمسمائة، ودفن يوم الأربعاء تاسعه بمقبرة الباب الصغير.
ومن شعره عند مقامه بواسط «3» وارتحاله عنها؛ يتشوّقها:
أراجع لى عيشى الفارط
…
أم هو عنى نازح شاحط!
ألا وهل تسعفنى أوبة
…
يسمو بها نجم المنى الهابط
أرفل فى مرط «4» ارتياح وهل
…
يطرق سمعى: «هذه واسط» «5» !
يا زمنى عد لى فقد رعتنى
…
حتى عرانى شيبى الواخط «1»
كم أقطع البيداء فى ليلة
…
يقبض ظلّى خوفها الباسط
أأرقب الراحة أم لا وهل
…
يعدل يوما دهرى القاسط «2» !
أيا ذوى الودّ أما اشتقتم
…
إلى إمام جأشه رابط «3»
وهل عهودى عندكم غضّة
…
أم أنا فى ظنى إذا غالط
لتهنكم ما عشتم واسط
…
إنى لكم يا سادتى غابط
وله أيضا:
الحشّ «4» والبرم «5» الكثير
…
منظوم ذلك والنثير
ودخان عود الهند والشمع
…
المكفّر «6» والعبير
ورشاش ماء الورد قد
…
عرفت «7» به تلك النحور
ومثالث العيدان يسعد
…
حسنها بمّ وزير «8»
وتخافق النايات يقلق
…
بينها الطبل القصير
والشرب بالقدح الكب
…
ير يحثّه القدح الصغير
أحظى إلىّ من الأبا
…
عر والحداة بها تسير
للعبد أن يلتذّ فى
…
دنياه والله الغفور
كتب إلىّ محمد بن هبة الله بن مميل الشيرازىّ: أخبرنا أبو القاسم على بن الحسن بن هبة الله الدمشقىّ «1» من كتابه: «الحسن بن أبى الحسن، واسم أبى الحسن صافى، مولى حسين الأرموىّ التاجر، أبو نزار البغداذىّ المعروف بملك النحاة.
ذكر لى أنه ولد ببغداذ سنة تسع وثمانين وأربعمائة، فى الجانب الغربىّ بشارع دار الرقيق، ثم نقل إلى الجانب الشرقىّ، إلى جوار حريم الخلافة، وهناك قرأ العلوم، وسمع الحديث من الشريف أبى طالب الزينبىّ، وقرأ المذهب على أحمد الأشنهىّ «2» .
وأصول الدين على أبى عبد الله القيروانىّ، وأصول الفقه على أبى الفتح بن برهان، وعلم الخلاف على أسعد الميهنىّ، والنحو على أبى الحسن على بن [أبى] زيد الفصيحىّ الأستراباذىّ، وقرأ الفصيحىّ على عبد القاهر الجرجانىّ».
«وكان صحيح الاعتقاد كريم النفس. ذكر لى أسماء مصنفاته: الحاوى فى النحو، مجلّدتان. العمد فى النحو، مجلدة. المنتخب فى النحو، مجلّدة، وهو كتاب نفيس. المقتصد فى التصريف، مجلدة ضخمة. أسلوب الحق فى تعليل القراءات العشر وشىء من الشواذ، مجلدتان. التذكرة السّفرية، انتهت إلى أربعمائة كرّاسة. العروض، مختصر محرّر. مصنف فى الفقه على
مذهب الشافعىّ، سمّاه الحاكم، مجلدتان. مختصر فى أصول الفقه مختصر فى أصول الدين. ديوان مجموع من شعره «1» .
أنبأنا محمد بن محمد بن حامد «2» فى كتابه «3» - وذكر ملك النحاة هذا- فقال: «أحد الفضلاء المبرّزين؛ بل واحدهم فضلا، وماجدهم نبلا، وكبيرهم قدرا، ورحيبهم صدرا. قد غلبت عليه سمة ملك النحاة، وشهدت بفضله خلّانه والعداة، سمح البديهة فى المقاصد النبيهة، عزيز النفس كثير الأنفة عن المطامع الدنية بالمطالب النّزيهة، والمراتب الوجيهة. ولقد كانت نجابته للنّحاة بضاعة وافية، وبراعة يراعته للكفاة كافية، يأخذ القلم فيمشق الطّرس «4» فى عرضه نظما يعجز، ونثرا يعجب، ونكتا ترقص. ونتفا تطرب. طاف بلاد العجم، ولقى كرماء كرمان، ووصل فى سنة إحدى وأربعين إلى أصفهان، وسافر إلى دمشق، فأقام بها إلى آخر عمره فى رعاية نور الدين محمود بن زنكى «5» رحمه الله».
«وكان مطبوعا متناسب الأحوال والأعمال، يحكم على أهل التمييز بحكم ملكه فيقبل ولا يستثقل؛ يقول: [هل] «6» سيبويه إلا من رعيّتى وحاشيتى! ولو عاش