الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فألّف له التحصيل، وهو كالمختصر منه، وإن تغيّر الترتيب بعض تغير. والكتابان مشهوران فى الآفاق، سائران على أيدى الرّفاق. وله كتاب تعليل القراءات السبع، وهو كتاب جميل، ذاكرات به بعض أدباء عصرنا فقال: هو عندى أنفع من الحجة لأبى علىّ الفارسىّ. فقلت له: وهو صغير الحجم؟ فقال: إلا أنه كثير الفوائد، حسن الاختصار، يصلح للمبتدى والمنتهى، وإنّ الواقف على كتاب الحجة إذا نظر إلى «1» أبى علىّ على مألك، وما تصرف به القول فيها صدّ؟؟؟
عن النظر فى شىء بعده «2» .
44 - أحمد بن فارس بن زكريا أبو الحسين [1]
المقيم بهمذان «3» . من أعيان أهل العلم، وأفراد الدهر، وهو بالجبل كابن لنكك «4» بالعراق، يجمع إتقان العلماء وظرف الكتاب والشعراء، وله كتب بديعة، ورسائل
[1]. ترجمته فى بغية الوعاة 153، وتاريخ ابن كثير 11: 535، وتلخيص ابن مكتوم 15 - 16، وابن خلكان 1: 35 - 36، ودمية القصر 257 والديباج المذهب 36 - 37، وروضات الجنات 64 - 65، وسلم الوصول 112، وشذرات الذهب 3: 132 - 133، والفلاكة والمفلوكين 108 - 110، وطبقات ابن قاضى شهبة 1: 230 - 232، وطبقات المفسرين 5، والفهرست 80، وكشف الظنون 1064، والمستفاد 20 - 21 ومعجم الأدباء 4: 80 - 98، والنجوم الزاهرة 4: 212 - 213، ونزهة الألباء 392 - 396، واليتيمة 3: 365 - 371.
مفيدة وأشعار جيدة، وتلامذة كثيرة «1» ، منهم بديع الزمان الهمذانىّ. وكان شديد التعصب لآل العميد، وكان الصاحب بن عبّاد يكرهه لأجل ذلك. ولما صنّف للصاحب كتاب الحجر، وسيّره إليه فى وزارته قال: ردّوا الحجر من حيث جاء، وأمر له بجائزة ليست سنية.
ولابن فارس شعر جميل، ونثر نبيل، فمن شعره:
سقى همذان الغيث لست بقائل
…
سوى ذا وفى الأحشاء نار تضرّم
ومالى لا أصفى الدعاء لبلدة
…
أفدت بها نسيان ما كنت أعلم
نسيت الذى أحسنته غير أنّنى
…
مدين وما فى جوف بيتى درهم
وله أيضا:
وقالوا كيف حالك قلت خير
…
تقضّى حاجة وتفوت حاج
إذا ازدحمت هموم الصّدر قلنا
…
عسى يوما يكون لها انفراج
نديمى هرّتى وأنيس نفسى
…
دفاتر لى ومعشوقى السّراج
وله أيضا:
وصاحب لى أتانى يستشير وقد
…
أراد فى جنبات الأرض مضطربا
قلت اطلّب أى شىء شئت واسع ورد
…
منه الموارد إلّا العلم والأدبا
وذكره أبو الحسن الباخرزىّ وسجع له فقال: «2» «أبو الحسين بن فارس: إذا ذكرت اللغة فهو صاحب مجملها، لا؛ بل صاحبها المجمل [لها] «3» ، وعندى أن تصنيفه ذلك من أحسن ما صنّف فى معناها، وأن مصنفها إلى أقصى غاية من الإحسان تناهى».
ورأيت ترجمة لأحمد بن فارس فى بعض تصانيف المتأخرين، وقد لقفها من أماكن متعددة، فنقلتها على صورتها وهى:
«أحمد بن فارس بن زكريا بن محمد بن حبيب أبو الحسين الرازىّ- وقيل القزوينىّ الزهراوىّ الأشتاجردىّ. واختلفوا فى وطنه؛ فقيل كان من قزوين، ولا يصح ذلك؛ وإنما قالوه لأنه كان يتكلم بكلام القزاونة. وقيل كان من رستاق الزهراء، من القرية المدعوّة كرسف جياناتاذ.
كان واسع الأدب، متبحرا فى اللغة العربية، فقيها شافعيا، وكان يناظر فى الفقه، وكان ينصر مذهب مالك بن أنس. وطريقته فى النحو طريقة الكوفيين، وإذا وجد فقيها أو متكلما أو نحويا كان يأمر أصحابه بسؤالهم إياه، ويناظره فى مسائل من جنس العلم الذى يتعاطاه، فإن وجده بارعا جدلا جرّه فى المجادلة إلى اللغة، فيغلبه بها، وكان يحث «1» الفقهاء دائما على معرفة اللغة ويلقى عليهم مسائل، ذكرها فى كتاب سماه كتاب فتيافقيه العرب، ويخجلهم بذلك؛ ليكون خجلهم داعيا إلى حفظ اللغة ويقول: من قصّر علمه عن اللغة وغولط غلط».
قال أبو عبد الله الحميدىّ: «2» سمعت أبا القاسم سعد بن على بن محمد الزّنجانىّ «3» يقول:
كان أبو الحسين أحمد بن فارس الرازىّ من أئمة أهل اللغة فى وقته محتجّابه فى جميع
الجهات غير منازع، منجبا فى التعليم، ومن تلاميذه بديع الزمان الهمذانى وغيره.
وأصله من همذان، ورحل إلى قزوين إلى أبى الحسن إبراهيم بن على بن إبراهيم ابن سلمة بن فخر، الإمام الفقيه الجليل الأوحد فى العلوم، فأقام هنالك مدة، ورحل إلى زنجان «1» إلى أبى بكر أحمد بن الحسن بن الخطيب رواية ثعلب، ورحل إلى ميانج. «2»
ومن شيوخه أحمد بن طاهر بن المنجّم أبو عبد الله. وكان أبو الحسين بن فارس يقول عن أبى عبد الله هذا: إنه ما رأى مثله، ولا رأى هو مثل نفسه.
واستوطن أبو الحسين الرّىّ بأخرة، «3» وكان سبب ذلك أنه حمل إليها من همذان، ليقرأ عليه مجد الدولة أبو طالب بن فخر الدولة، فسكنها واكتسب مالا، وبلغ ذلك «4» بتعليمه من النجابة مبلغا مشهورا.
وكان ابن فارس كريم النفس جواد اليد، لا يكاد يردّ سائلا حتى يهب ثيابه وفرش بيته، ومن رؤساء أهل السنة المجوّدين «5» على مذهب أهل الحديث، وتوفّى بالرّى فى سنة خمس وتسعين وثلاثمائة. ودفن مقابل مشهد القاضى علىّ بن عبد العزيز الجرجانىّ رحمهما الله تعالى.
أنشد أبو الفتح سلم بن أيوب الفقيه الرازىّ بصور قال: أنشدنى أبو الحسين ابن فارس لنفسه:
إذا كنت تأذى بحرّ المصيف
…
ويبس الخريف وبرد الشتا
ويلهيك حسن زمان الربيع
…
فأخذك للعلم قل لى متى
وله مقطعات متعددة من الشعر، توجد فى كتب من صنّف أخبار الشعراء.