الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
57 - أحمد بن محمد أبو حامد الخارزنجىّ البشتىّ [1]
ذكره الحافظ أبو عبد الله بن «1» البيع فى تاريخ نيسابور، فقال: «إمام أهل الأدب بخراسان فى عصره بلا مدافعة، ولما حجّ بعد الثلاثين والثلاثمائة شهد له أبو عمر الزاهد ومشايخ العراق بالتّقدمة. وكتابه المعروف بالتكملة البرهان فى تقدّمه وفضله.
سمع الحديث من أبى عبد الله محمد بن إبراهيم البوسنجىّ وأقرانه، وبلغنى أنه حدّث. توفّى فى رجب سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة.
سمعت أبا حامد الخارزنجىّ يقول فى قول الله عز وجل: وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا
بالتشديد مُتْرَفِيها
: فيها ثلاث لغات: أمّرنا، وآمرنا، وأمرنا (بالتخفيف)، فمن قرأ أمّرنا (بالتشديد) يقول: كثّرنا، ومن قرأ آمرنا (بفتح الألف والمد) يريد شاورنا، ومن قرأ أمرنا (بالتخفيف) يقول من الأمر».
وذكره أبو منصور الأزهرىّ «2» فقال: «وممن ألّف فى عصرنا هذا فصحّف وغيّر، وأزال العربية عن وجهها رجلان: أحدهما يسمى أحمد بن محمد البشتىّ، ويعرف بالخارزنجىّ، والآخر يكنى أبا الأزهر البخارىّ «3» . فأما البشتىّ، فإنه ألّف كتابا سماه
[1]. ترجمته فى الأنساب 1184، وبغية الوعاة 169 - 170، وتلخيص ابن مكتوم 18، وروضات الجنات 61 وسلم الوصول 143، وطبقات ابن قاضى شهبة 1: 247 - 248، واللباب 1: 335، ومعجم الأدباء 4: 203 - 208. والخارزنجىّ، بسكون الراء وفتح الزاى وسكون النون: منسوب إلى خارزنج، وهى قرية بنواحى نيسابور. والبشتىّ، بضم الباء وسكون الشين: منسوب إلى بشت، وهى من نواحى نيسابور أيضا.
التكملة، أومأ إلى أنه كمّل بكتابه كتاب العين المنسوب إلى الخليل بن أحمد.
وأما البخارىّ فإنه سمّى كتابه الحصائل، وأعاره هذا الاسم، لأنه قصد تحصيل ما أغفله الخليل «1» .
ونظرت فى أول كتاب البشتىّ، فرأيته أثبت فى صدره الكتب المؤلّفة التى استخرج كتابه منها، فعدّدها وقال:
منها للأصمعىّ: كتاب الأجناس، وكتاب النوادر، وكتاب الصفات، وكتاب اشتقاق الأسماء، وكتاب فى السّقى والموارد «2» ، وكتاب فى الأمثال، وكتاب ما اختلف لفظه واتّفق معناه.
وقال: ومنها لأبى عبيدة: كتاب النوادر، وكتاب الخيل، وكتاب الدّيباج. ومنها لابن شميل: كتاب معانى الشعر، وكتاب غريب الحديث، وكتاب الصفات.
قال: ومنها مؤلفات أبى عبيد: المصنّف، والأمثال، وغريب الحديث.
ومنها مؤلفات ابن السّكّيت: كتاب الألفاظ، وكتاب الفروق، وكتاب الممدود والمقصور، وكتاب إصلاح المنطق، وكتاب المعانى، وكتاب النوادر.
وقال: ومنها لأبى زيد: كتاب النوادر بزيادات أبى مالك.
ومنها: كتاب الصفات لأبى خيرة.
ومنها كتب لقطرب، وهى الفروق، والأزمنة، واشتقاق الأسماء.
ومنها النوادر لأبى عمرو الشيبانىّ، والنوادر للفرّاء. ومنها:
النوادر لابن الأعرابىّ.
قال: ومنها: نوادر الأخفش، ونوادر اللّحيانىّ، والنوادر لليزيدىّ.
ومنها: لغات هذيل لعزيز بن الفضل الهذلىّ.
قال: ومنها كتب أبى حاتم السّجزىّ.
ومنها: كتاب الاعتقاب لأبى تراب.
ومنها: نوادر الأعاريب الذين كانوا مع ابن طاهر بنيسابور، رواها عنهم أبو الوازع محمد بن عبد الخالق. كان عالما بالنحو والغريب، صدوقا، يروى عنه أبو تراب وغيره.
قال أحمد بن محمد البشتىّ: استخرجت ما وضعته فى كتابى من هذه الكتب.
ثم قال: ولعل بعض الناس يبتغى العنت بتهجينه والقدح فيه، لأنى أسندت ما فيه إلى هؤلاء العلماء من غير سماع.
قال: وإنما إخبارى عنهم إخبار «1» عن صحفهم، ولا يزرى ذلك على من عرف الغثّ من السمين، وميّز بين الصحيح والسقيم، وقد فعل مثل ذلك أبو تراب صاحب كتاب الاعتقاب، فإنه روى عن الخليل بن أحمد، وأبى عمرو بن العلاء، والكسائىّ، وبينه وبين هؤلاء فترة، وكذلك القتيبىّ، روى عن سيبويه والأصمعىّ وأبى عمرو، وهو لم ير منهم أحدا».
قال الأزهرىّ: «قلت أنا: قد اعترف البشتىّ بأنّه لا سماع له فى شىء من هذه الكتب، وأنه نقل ما نقل إلى كتابه «1» [من صحفهم «2»]، واعتلّ «3» بأنه لا يزرى ذلك بمن عرف الغثّ من السمين. وليس كما قال، لأنه اعترف بأنه صحفىّ، «4» [والصّحفىّ]«5» إذا كان رأس ماله صحفا قرأها، فإنه يصحّف فيكثر؛ وذلك أنه يخبر عن كتب لم يسمع «6» بها، ودفاتر لا يدرى: أصحيح ما كتب فيها أم لا! وإنّ أكثر ما قرأنا من الصّحف الّتى لم تضبط بالنقط «7» الصحيح، ولم يتولّ تصحيحها أهل المعرفة لسقيمة لا يعتمد عليها «8» إلا جاهل.
وأما قوله: إن غيره من المصنّفين رووا فى كتبهم عمّن لم يسمعوا منه، مثل أبى تراب والقتيبىّ «9» فليس رواية هذين الرجلين عمّن لم يرياه حجة له، لأنهما وإن كانا لم يسمعا من كلّ من رويا عنه فقد سمعا من جماعة من الثقات المأمونين؛ فأما أبو تراب فإنه شاهد أبا سعيد الضّرير سنين كثيرة، وسمع منه كتبا جمّة، ثم رحل إلى هراة، فسمع من شمر بعض كتبه. هذا، سوى ما سمع من الأعراب الفصحاء لفظا، وحفظه عن أفواههم خطابا، فإذا ذكر رجلا لم يره، ولم يسمع منه سومح فيه، وقيل: لعلّه حفظ ما رأى له فى الكتب من جهة سماع ثبت له، فصار قول من لم يره تأييدا لما كان سمعه من غيره، كما يفعل علماء المحدّثين، فإنهم إذا صحّ لهم فى الباب حديث رواه لهم الثقات أثبتوه واعتمدوا عليه، ثم ألحقوا به ما يؤيّده من الأخبار التى أخذوها إجازة.
وأما القتيبىّ فإنه رجل سمع من أبى حاتم السّجزىّ كتبه، «1» ومن الرّياشىّ سمع «2» فوائد جمة- وكانا من المعرفة والإتقان بحيث يثنى بهما الخناصر «3» - وسمع من أبى سعيد الضّرير، وسمع كتب أبى عبيد، وسمع من ابن أخى الأصمعىّ، وهما «4» من الشهرة وذهاب الصّيت والتأليف الحسن بحيث يعفى لهما عن خطيئة غلط، ونبذ «5» زلّة تقع فى كتبهما، ولا يلحق بهما [رجل من أصحاب الزّوايا، لا يعرف إلا بقريته، ولا يوثق بصدقه ونقله الغريب الوحشىّ من نسخة إلى نسخة، ولعلّ النسخ التى نقل عنها ما نسخ كانت سقيمة. والذى ادّعاه»
] البشتىّ من تمييزه بين الصحيح والسقيم، ومعرفته الغثّ من السمين دعوى» «7» .
قال الأزهرىّ: «وبعض ما قرأت من كتابه دلّ على ضدّ دعواه. وأنا ذاكر لك حروفا صحّفها، وحروفا أخطأ فى تفسيرها، من أوراق يسيرة كنت تصفّحتها من كتابه لأثبت عندك أنه مبطل فى دعواه، متشبّع بما لا يفى به.
فممّا عثرت عليه من الخطأ فيما ألّف وجمع: أنه ذكر فى باب العين والثاء أن أبا تراب أنشد: «8»
إن تمنعى صوبك صوب المدمع
…
يجرى على الخدّ كضيب الثّعثع
فقيده البشتىّ «الثّعثع» ، بكسر الثاءين [بنقطه «9»]، ثم فسر «ضيب الثّعثع» أنه شىء له حبّ يزرع، فأخطأ فى كسر الثاءين، وفى تفسيره إياه.
والصواب أنه «الثّعثع» ، بفتح الثاءين، وهو اللؤلؤ. قال ذلك أبو العباس أحمد بن يحيى، ومحمد بن يزيد المبرّد، رواه عنهما أبو عمر الزاهد. قالا: وللثعثع فى العربية وجهان آخران لم يعرفهما البشتىّ، وهذا أهون، وقد ذكرت الوجهين الآخرين فى موضعهما من باب العين والثاء.
قال: وأنشد البشتىّ: «1»
فبآمر وأخيه «2» مؤتمر
…
ومعلّل وبمطفئ الجمر
قال البشتىّ: سمى أحد أيام العجوز «آمرا» ، لأنه يأمر الناس بالحذر منه، قال:
وسمّى اليوم الآخر «مؤتمرا» لأنه يأتمر الناس، أى يؤذنهم» «3» .
قال الأزهرىّ: «قلت: وهذا خطأ محض؛ لا يعرف فى كلام العرب ائتمر بمعنى آذن، وفسّر قول الله عز وجل: إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ
على وجهين:
أحدهما: يهمّون بك، والثانى: يتشاورون فيك. وائتمر القوم، وتآمروا؛ إذا أمر بعضهم بعضا، وقيل لهذا مؤتمر؛ لأن الحىّ يؤامر بعضهم بعضا للظّعن والمقام، فجعلوا المؤتمر نعتا لليوم، والمعنى: أنه مؤتمر فيه، كما قالوا: ليل نائم، أى ينام فيه، ويوم عاصف، أى تعصف فيه الريح، ومثله قولهم: نهاره صائم، إذا كان يصام فيه. ومثله كثير فى كلامهم.
وذكر فى باب العين واللام: أبو عبيد عن الأصمعىّ: أعللت الإبل، فهى عالّة، إذا أصدرتها ولم تروها.
قلت: وهذا تصحيف منكر، والصواب أغللت الإبل (بالغين)، وهى إبل غالّة، أخبرنى المنذرىّ عن أبى الهيثم عن نصير الرازىّ قال: صدرت الإبل غالّة وغوالّ، وقد أغللتها، من الغلّة والغليل، وهو حرارة العطش. وأما أعللت الإبل وعللتها فهما ضدّ أغللتها، لأن معنى أعللتها وعللتها أن تسقيها الشّربة الثانية، ثم تصدرها رواء، «1» وإذا علّت الإبل فقد رويت، ومنه قولهم: عرض علىّ سوم عالّة «2» .
وقد فسّر فى موضعه.
وروى البشتىّ فى باب العين والنون، قال الخليل: العنّة: الحظيرة، وجمعها العنن، وأنشد «3»:
ورطب يرفّع فوق العنن
قال البشتىّ: العنن هاهنا: حبال تشدّ ويلقى عليها لحم القديد» «4» .
قال الأزهرىّ: «قلت: والصواب فى العنّة والعنن ما قاله الخليل- إن كان قاله- وقد رأيت حظرات «5» الإبل فى البادية تسوّى من العرفج والرّمث «6» فى مهبّ الشّمال كالجدار المرفوع قدر قامة لتناخ الإبل فيها، وهى تقيها برد الشّمال، ورأيتهم يسمونها عننا، لاعتنانها مغترضة فى مهبّ الشّمال، فإذا يبست هذه الحظرات فنحروا جزورا نشروا لحمها المقدّد فوقها فيجفّ عليها. ولست أدرى عمّن أخذ
ما قاله فى العنّة إنه الحبل الممدود، ومدّ الحبل من فعل الحاضرة. ولعل قائله رأى فقراء الحرم يمدّون الحبال بمنى، فيعلّقون عليها لحوم الهدى والأضاحى التى يعطونها، ففسّر قول الأعشى بما رأى. ولو شاهد العرب فى باديتها لعلم أن العنّة هى الحظار من الشّجر.
وأنشد أحمد البشتىّ:
يا ربّ شيخ «1» منهم عنّين
…
عن الطّعان وعن التّجفين
قال البشتىّ فى قوله «عن التجفين» : هو من الجفان؛ أى لا يطعم فيها».
قال الأزهرىّ: «قلت: والتّجفين فى هذا البيت من الجفان والإطعام فيها خطأ، والتّجفين ها هنا [كثرة] «2» الجماع، ورواه أبو العباس عن ابن الأعرابىّ.
قال: وقال أعرابىّ: «أضوانى دوام التّجفين» ، أى أنحفنى وأهزلنى «3» الدّوام على الجماع. ويكون التّجفين فى غير هذا الموضع نحر الناقة وطبخ لحمها وإطعامه فى الجفان. يقال: جفّن فلان ناقته؛ إذا فعل ذلك.
وذكر البشتىّ: أن عبد الملك بن مروان قال لشيخ من غطفان: صف لى النساء، فقال: خذها ملسّنة «4» القدمين، مقرمدة الرّفغين. قال البشتىّ: المقرمدة: المجتمع قصبها، «5» وذلك لالتفاف فخذيها».
قال الأزهرىّ: «قلت: وهذا باطل، ومعنى المقرمدة الرّفغين: الضّيّقتهما، وذلك لالتفاف فخذيها [واكتناز بادّيها] «6» . وقيل فى قول النابغة يصف ركب امرأة:
رابى المجسّة بالعبير مقرمد
إنه الضّيّق، وقيل: هو المطلىّ بالعبير، كما يطلى الحوض بالقرمد إذا ضرّج.
ورفغا المرأة: باطنا أصول فخذيها.
وقال البشتىّ فى كتاب العين والباء: أبو عبيد: العبيبة: الرائب من الألبان».
قال الأزهرىّ: «قلت: وهذا تصحيف قبيح، وإذا كان المصنّف لا يميّز بين العين والغين استحال ادّعاؤه التمييز بين السقيم والصحيح. وأقرأنى أبو بكر الإيادىّ عن شمر لأبى عبيد فى كتاب المؤلّف: «1» الغبيبة (بالغين المعجمة):
الرائب من اللبن. وسمعت العرب تقول للّبن البيّوت: «2» [فى السقاء]«3» إذا راب من الغد: غبيبة، ومن قال عبيبة (بالعين) فى هذا فهو تصحيف فاضح.
وروينا لأبى العباس عن ابن الأعرابىّ أنه قال: الغبب: أطعمة النّفساء (بالغين معجمة)، واحدها غبيبة. قال: والعبب (بالعين): المياه المتدفّقة. وقال غيره: العبيبة (بالعين): لبن يقطر من المغافير» «4» .
قال الأزهرىّ: «وقال البشتىّ فى باب العين والهاء والميم: العوهج، الحية فى قول رؤبة: «5»
حصب الغواة العوهج المنسوسا «6»
قال الأزهرىّ: «قلت: وهذا تصحيف دالّ على أن صاحبه أخذ عربيّته من كتب سقيمة، ونسخ غير مضبوطة ولا صحيحة، وأنه كاذب فى دعواه الحفظ
والتمييز. والحيّة يقال «1» له: العومج (بالميم)، ومن صيّره العوهج (بالهاء) فهو جاهل ألكن، وهكذا روى الرواة بيت رؤبة. وقيل للحية: عومج لتعمّجه فى انسيابه؛ أى لتلوّيه. ومنه قال الشاعر يشبّه زمام البعير بالحية فى انسيابه «2» :
تلاعب مثنى حضرمىّ «3» كأنه
…
تعمّج شيطان بذى خروع قفر
وقال فى باب العين والقاف والزاى، قال يعقوب بن السّكّيت: يقال: قوزع الديك، ولا يقال قنزع. قال البشتىّ: معنى قوله قوزع الديك: أنه نفش برائله «4» ، وهى قنازعه».
قال الأزهرىّ: «قلت: غلط فى قوله قوزع؛ أنه يعنى «5» تنفيشه قنازعه، ولو كان كما قال لجاز فنزع، وهذا حرف لهج به عوامّ أهل العراق وصبيانهم، [يقولون: فنزع الديك؛ إذا فرّ من الديك الذى يقاتله] «6» ، وقد وضع أبو حاتم هذا الحرف فى باب المذال»
المفسد، وقال: صوابه قوزع. وكذلك ابن السّكّيت وضعه فى باب ما يلحن فيه العامة «8» .
وروى أبو حاتم عن الأصمعىّ أنه قال: العامة تقول للديكين إذا اقتتلا فهرب أحدهما: فنزع الديك، وإنما يقال: قوزع الديك إذا غلب، ولا يقال قنزع».
قال الأزهرىّ: «قلت: وظنّ البشتىّ بحدسه وقلة معرفته أنه مأخوذ من القنزعة، فأخطأ فى ظنه، وإنما قوزع «فوعل» ، من قزع يقزع؛ إذا خفّ فى عدوه؛ كما يقال قونس، وأصله قنس».
قال الأزهرىّ: «وقال البشتىّ فى باب العين والضاد: العيضوم: المرأة الكثيرة الأكل.
قلت: وهذا تصحيف قبيح، دالّ على قلة مبالاة المؤلف إذا صحّف، والعيصوم (بالصاد) هو «1» الصواب، وكذلك رواه أبو العباس أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابىّ. وقال فى موضع آخر: هى العصوم، والمرأة إذا كثر أكلها قيل لها: عصوم وعيصوم؛ لأن كثرة أكلها يعصمها من الهزال «2» .
وقال فى باب العين والضاد مع الباء: يقال: مررت بالقوم أجمعين أبضعين (بالضاد). وهذا [أيضا «3»] تصحيف فاضح، يدلّ على أن قائله غير مميّز ولا حافظ كما زعم.
أخبرنى أبو الفضل المنذرىّ، عن أبى الهيثم الرازىّ أنه قال: العرب تؤكد الكلمة بأربع تواكيد، فتقول: مررت بالقوم أجمعين أكتعين أبصعين أبتعين.
هكذا رواه بالصاد، وكذلك رواه أبو العباس عن ابن الأعرابىّ؛ قال: وهو مأخوذ من البصع؛ وهو الجمع. وقرأته فى غير كتاب من كتب حذّاق النحويين، هكذا بالصاد».
قال الأزهرىّ: «وقال فى باب العين والقاف مع الدال. قال: يعقوب ابن السّكّيت: يقال لابن المخاض حين يبلغ أن يكون ثنيّا: قعود «4» وبكر، وهو من الذكور كالقلوص من الإناث.
قال البشتىّ: ليس هذا من القعود التى يقتعدها الراعى، فيركبها ويحمل عليها زاده وأداته، وإنما هو صفة للبكر إذا بلغ الإثناء.
قلت: أخطأ البشتىّ فى حكايته كلام ابن السّكّيت، ثم أخطأ فيما فسره من كيسه «1» فى قوله إنه غير القعود التى يقتعدها الراعى من وجهين آخرين؛ فأما يعقوب بن السّكّيت فإنه قال: يقال لابن المخاض حتى يبلغ أن يكون ثنيّا قعود وبكر، وهو من الذكور كالقلوص من الإناث. فجعل البشتىّ «حتى» «حين» ، ومعنى حتى إلى، وهو انتهاء الغاية، وأحد الخطأين من البشتىّ فيما قال كيسه تأنيثه القعود [ولا يكون القعود «2»] عند العرب إلا ذكرا، والثانى أنه لا قعود فى الإبل تعرفه العرب غير ما فسّره ابن السّكّيت. ورأيت العرب تجعل [القعود «3»] البكر من الإبل حين يركب، أى يمكّن ظهره من الركوب، وأقرب ذلك أن يستكمل سنتين إلى أن يثنى، فإذا أثنى سمّى جملا. والبكر والبكرة بمنزلة الغلام والجارية اللّذين لم يدركا، ولا تكون البكرة قعودا.
وقال ابن الأعرابىّ فيما أخبرنى المنذرىّ عن ثعلب عنه: البكر: قعود مثل القلوص فى النوق إلى أن يثنى. وهكذا قال النّضر بن شميل فى كتاب الإبل».
قال الأزهرىّ: «قلت: وقد ذكرت لك هذه الحروف التى أخطأ فيها، والتقطتها من أوراق قليلة؛ لتستدلّ بها على أن الرجل لم يف بدعواه، وذلك أنه ادّعى معرفة وحفظا يميّز بهما الغثّ من السمين، والصحيح من السقيم، بعد اعترافه أنه استنبط كتابه من صحف قرأها. فقد أقرّ أنه صحفىّ، لا رواية له ولا مشاهدة،