الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وولد لأبى الأسود عطاء وأبو حرب؛ فأما عطاء «1» فكان على شرط أبيه بالبصرة، ثم بعج «2» العربية هو ويحيى بن يعمر العدوانى بعد أبى الأسود؛ ولا عقب لعطاء.
وأما أبو حرب فكان عاقلا شجاعا، ولّاه الحجّاج جوخا «3» ، وقال له: أما والله لو أدركت أبا الأسود لقتلته؛ لأنه كان شيعيّا. فقال: أصلح الله الأمير! أو يأتى عليه عفوك «4» كما أتى عليه عفو من قبلك. قال: وذاك. فلم يزل على جوخا إلى أن مات الحجّاج. فولد أبو حرب جعفرا؛ فكان أسرى إخوته؛ وله عقب بالبصرة.
ومات أبو حرب؛ وهو اسمه، سنة تسع ومائة «5» .
أخبار منثورة من أخبار أبى الأسود
كان لأبى الأسود جار سوء- لعن الله الجار السوء وأباده وكاده، ونقصه ولا زاده، وأساء له البدء والإعادة، ولا أعاده، وقرّب إبعاده، وأنجز إيعاده، وسلب عنه السيادة، وسعادة الشهادة؛ يا ذا الجلال والإكرام، استجب دعائى عاجلا غير آجل- وكان جار أبى الأسود من بنى جندل بن يعمر بن حلبس بن نفاثة ابن عدىّ بن الدّئل، وكان هذا الجار قد أولع برمى أبى الأسود بالحجارة؛ كلما أصبح وكلما أمسى، فشكا أبو الأسود ذلك إلى قومه وغيرهم، فكلّموا جاره، فكان
فيما اعتذر به إليهم أن قال: إن الله يرميه لقطيعته الرحم وسرعته إلى الظلم. فقال أبو الأسود: والله لا أجاور رجلا يقطع رحمى، ويكذب على ربّى، ولو رمانى الله لأصابنى.
فباع داره واشترى دارا له فى هذيل، فقال له قومه: يا أبا الأسود، بعت دارك: فقال لم أبع دارى وإنما بعت جارى؛ فأرسلها مثلا، ولذلك قيل:«الجار قبل الدار» . ومن أبى الأسود أخذ مالك قوله: «تركت الدار من سوء الجوار» .
وقال أبو الأسود فى ذلك:
رمانى جارى ظالما برميّة
…
فقلت له: مهلا فأنكر ما أتى
وقال: الذى يرميك ربّك جازيا
…
بذنبك والأذناب «1» تعقب ما ترى
فقلت له: لو أن ربى برمية
…
رمانى لما أخطا إلهى ما رمى
جزى الله شرا كل من نال سوءة
…
وينحل فيها ربّه الشّرّ والأذى «2»
قال: وخاصمت امرأة أبى الأسود أبا الأسود إلى زياد فى ولدها- وكان أبو الأسود طلّقها، فقالت له: أنا أحقّ بولدى، فقال أبو الأسود: أنا أحق بولدى؛ حملته قبل أن تحمله، ووضعته قبل أن تضعه.
فقالت: صدق- أصلحك الله- حمله خفّا وحملته ثقلا، ووضعه شهوة ووضعته كرها، فقال زياد: خصمتك «3» ؛ هى أحقّ بولدها ما لم تتزوّج.
وقال أبو الأسود: ما غلبنى قط إلّا رجل أخذت منه ثوبا بعشرين، ومررت بجماعة سألونى عنه، فقلت: أخذته بأربعين، فلما وفّيت الرجل العشرين قال: ما آخذ إلّا أربعين، وهؤلاء الشهود عليك! وقال ابن دأب «1»: بلغنى أن معاوية قال لأبى الأسود الدّؤلىّ: إن عليا- كرّم الله وجهه- أراد أن يدخلك فى الحكومة؛ فعزمت عليك إلّا أخبرتنى أىّ شىء كنت تصنع فى ذلك؟ قال: كنت آتى المدينة؛ فأجمع ألفا من المهاجرين وألفا من الأنصار؛ فإن لم أجدهم أتممتهم من أبنائهم، وأستحلفهم بالله الذى لا إله إلا هو: المهاجرون أحقّ بها أم الطّلقاء؟ فقال معاوية: إذن والله لا يختلف عليك اثنان.
وفى الصّدق نجاة حس
…
ين لا ينجيك إحسان «2»
وقال الزبير بن بكّار: بلغنى أن أبا الأسود الدّؤلىّ قال لرجل هنّأه بتزويج: باليمن والبركة، وشدّة الحركة، والظفر عند المعركة.
ورأى عبيد الله بن أبى بكرة القاضى «3» على أبى الأسود الدّؤلىّ جبّة رثّة، فقال له:
يا أبا الأسود، ما تملّ هذه الجبّة! فقال: ربّ مملول لا يستطاع فراقه! فوجّه إليه بمائة ثوب، فأنشأ أبو الأسود يقول:
كسانى ولم أستكسه «4» فشكرته
…
أخ لك يعطيك الجزيل وناصر «5»
وإن أحقّ الناس إن كنت شاكرا
…
بشكرك من أعطاك والعرض وافر