الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
136 - إسحاق البغوىّ النحوىّ الكوفىّ [1]
من أصحاب الكسائىّ؛ أخذ عنه طرفا وافرا من نحو نحاة الكوفة، وله بينهم ذكر.
137 - إسحاق بن إبراهيم الموصلىّ أبو محمد [2]
أحد العلماء باللغة والغريب وأخبار الشعراء وأيام الناس، وكان شاعرا مجيدا، وقد روى من العلم والأخبار قطعة حسنة. يروى عنه مصعب بن عبد الله الزبيرىّ «1» ، والزبير بن بكّار «2» وغيرهما من رواة العلم أخبارا عجيبة.
فأما نسبه؛ فإنه قال: نحن فرس، من أهل أرّجان «3» ، وموالينا قوم من الجنظليّين «4» ، كانت لهم ضياع عندنا.
[1]. ترجمته فى بغية الوعاة 192، وتلخيص ابن مكتوم 40، وطبقات الزبيدىّ 95. والبغوىّ:
منسوب إلى بغشور- ويقال لهابغ- على غير قياس، وهى من بلاد خراسان.
[2]
ترجمته فى الأغانى 5: 49 - 134، وتاريخ بغداد 6: 338 - 345، وتاريخ ابن كثير. 1: 314 - 315، وتلخيص ابن مكتوم 40، وابن خلكان 1: 65 - 66، وسلم الوصول 174: 175، وشذرات الذهب 2: 82 - 84، والفهرست 140 - 141، واللآلى 137 - 138، ومختصر تاريخ ابن عساكر 2: 414 - 427، ومسالك الأبصار ج 6 مجلد 1: 168 - 197، ومعجم الأدباء 6: 5 - 58، والنجوم الزاهرة 2: 288، ونزهة الألباء 227 - 232.
وقولهم: الموصلىّ أنه لما نشأ وأدرك صحب الفتيان، واشتهى الغناء وطلبه، فاشتدّ عليه أخواله فى ذلك، وبلغوا منه، فهرب منهم من الكوفة إلى الموصل، فأقام بها نحوا من سنة، فلما رجع إلى الكوفة قال إخوانه من الفتيان: مرحبا بالفتى الموصلىّ، فلصق به هذا الاسم «1» .
وهو من بيت شرف وقدر فى العجم «2» ، وانتقل جدّه ماهان «3» إلى الكوفة، ومات فى الطاعون الجارف «4» ، وخلف ولده إبراهيم صبيا، ابن سنتين أو ثلاث، وأخوين أكبر منه. وولد إسحاق سنة خمسين ومائة، ومات سنة خمس وثلاثين ومائتين، وكانت سنة خمسا وثمانين سنة.
قال أحمد بن يحيى النحوىّ: رأيت لإسحاق الموصلى ألف جزء من لغات العرب سماعه، وما رأيت اللغة فى منزل أحد قطّ أكثر منها فى منزل إسحاق، ثم فى منزل ابن الأعرابىّ.
وقال إسحاق بن إبراهيم: قال لى الأصمعىّ ونحن نريد الرقّة «1» مع الرشيد:
كم حملت معك من كتبك؟ قلت: خفّفت، فحملت ثمانية عشر صندوقا، فقال لى: أو هذا تخفيف! هذا نهاية التثقيل.
وقال عمر بن شبّة: ما رأيت مثل إسحاق بن إبراهيم قطّ، قال: وسألته عمّا عنده من الكتب فقال: عندى مائة قمطر.
وقال أحمد بن أبى خيثمة: كان «2» أبى ويحيى بن معين يجلسان بالعشيّات إلى مصعب الزبيرىّ، وكنت أحضر، فمرّبنا رجل على حمار فاره «3» ، فسلّم ووقف، فقالوا له: إلى أين يا أبا الحسن؟ قال: إلى من يملأ أسماعنا علما وأكمامنا دنانير، فقال له يحيى: من هو؟ قال: إسحاق الموصلىّ. قال يحيى: ذلك والله أصحّ الناس سماعا، وأصدقهم لهجة «4» ، فسألت عن الرجل، فإذا هو المدائنىّ «5» .
ومدح إسحاق الرشيد يوما بشعر؛ منه:
وآمرة بالبخل قلت لها اقصرى
…
فذلك شىء ما إليه سبيل
وكيف أخاف الفقر أو أحرم الغنى
…
ورأى أمير المؤمنين جميل
فقال: لا كيف إن شاء الله، ثم التفت إلى الفضل بن الربيع، فقال: أبا العباس «6» ، أعطه مائة ألف درهم، فلله درّ أبيات تأتينا بها، ما أحكم أصولها، وأحسن
فصولها! فقلت: كلام أمير المؤمنين أحسن من شعرى، فقال: أحسنت والله! يا فضل، أعطه مائة ألف أخرى.
ودخل «1» إسحاق الموصلىّ على يحيى بن «2» أكثم، فتفاوضا فى الحديث، إلى أن قال إسحاق ليحيى: أيها القاضى، أما ترى ظلم الناس لى؛ ينسبوننى إلى الغناء وحده، وهو أقلّ آلاتى، وإن كان من العلوم النّفيسة الشريفة، ولا يذكروننى بسائر ما أعلمه من اللغة والحديث والشعر وأيام الناس، وغير ذلك من سائر العلوم! فقال له يحيى:
الجواب فى هذا على أبى عبد الرحمن العطوىّ «3» ، فقال أبو عبد الرحمن- وكان حاضرا- وما أنا وهذا! قال: أقسمت عليك لما أجبته فيما أحب أن يعلمه من هذا الأمر! فقال له أبو عبد الرحمن: أخبرنى عنك، إذا قيل: من أفقه الناس؟
فما تظنهم يقولون؟ إسحاق أفقه من أبى محمد يحيى ومن بشر المريسىّ «4» ؟ قال: أبو محمد وبشر «5» . [قال]: فإذا قيل: من أعلم الناس بالحديث؟ يقولون: علىّ بن المدينىّ «6»
ويحيى «1» بن معين أو إسحاق؟ قال: بل هذان. قال: فإذا قيل: من أعلم الناس بالشعر؟ يقال: الأصمعى وابن الأعرابىّ أو إسحاق؟ قيل: بل هما. قال: فإذا قيل: من أعلم الناس بالغناء؟ أيجوز أن يقول قائل: فلان أعلم من إسحاق؟ قال:
لا. قال: فبهذا صرت أولى أن تذكر به.
وفضائل إسحاق كثيرة جدا. وجالس الرشيد والأمين والمأمون والمعتصم والواثق، وبقى إلى صدر أيام المتوكل، ومدحه. وعمى إسحاق قبل أن يموت بسنتين. وتوفى فى شوّال سنة ست وثلاثين ومائتين- عفا الله عنه، وتجاوز عن سيئاته «2» .