الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الموصلىّ الأديب الطارئ على المغرب حكاية «1» ظريفة، وكان صاعد يتّهم بالكذب فيما يذكره من اللغة، ويأتى به من الغرائب.
وذلك أنه لما ورد صاعد دانية «2» وافدا على الأمير الموفّق- وكان يوصف بسرعة الجواب فيما يسأل عنه، ويتّهم فيما يجاوب به- قال بشّار للموفّق: أيها الأمير، أتريد أن أفضح أبا العلاء بحضرتك فى حرف من الغريب لم يسمع قط؟
فقال له الموفّق: الرأى لك ألّا «3» تتعرّض له، فإنه سريع الجواب، وربما أتى ما تكره؛ فأبى إلا أن يفعل.
فلما اجتمعوا عنده، واحتفل المجلس قال بشار: أبا العلاء! قال: لبيك، قال: حرف من الغريب، قال: قل، قال: ما الجرنفل فى كلام العرب؟ ففطن «4» له أبو العلاء، فأطرق، ثم أسرع فقال: هو الذى يفعل بنساء العميان- لا يكنى، ولا يكون الجرنفل جرنفلا [حتى]«5» لا يتعدّاهنّ إلى غيرهن. فحجل بشّار وانكسر، وضحك من كان حاضرا، وتعجّب. وقال له الموفّق: قد خشيت عليك مثل هذا!
154 - بكر بن حبيب السّهمىّ [1]
وهو والد عبد الله المحدّث. كان عالما بالعربية فى طبقة أبى عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر، وهو أكبر من الخليل بن أحمد، ولم يكن له شهرته.
[1]. ترجمته فى بغية الوعاة 202، وتلخيص ابن مكتوم 45، وطبقات الزبيدىّ 23، ومعجم الأدباء 7: 86 - 90. والسهمىّ: منسوب إلى سهم بن عمرو بن ثعلبة، وهو بطن من باهلة.
واختلف عيسى بن عمر وأبو عمرو بن العلاء فى سطر «1» وسطر، وكانا عند بلال ابن أبى بردة «2» ، فأرسلوا إلى بكر بن حبيب السهمىّ فحكّموه، فقال: سطر (مخفف) أفصحهما «3» ، ومن قال: سطرا (بالتخفيف) جمعه على سطور، ومن قال سطرا (بالتحريك) جمعه على أسطار.
وكان بكر بن حبيب سهميا، من سهم باهلة. قال بكر: عرضت لى حاجة إلى بلال ابن أبى بردة، فأتيته فيها، وكان يحسد على الفصاحة، فطاولنى الكلام، فجعلت لا أزيده على المطاولة إلا فصاحة، فقال لى يابكر: لجاد ماتخذك أهلك! فقلت:
أصلح الله الأمير! أرادوا جمال أمرى، وقضاء حاجتى. وسألته الحاجة، فقال: والله لا ترجع بها، فقلت: أصلح الله الأمير! لو علمت لحضّجت «4» حضجات أبى شيخ ابن العرق الفقيمىّ- وكان لحّانا- قال: فلقينى أبو شيخ، فقال: يا أخا باهلة، أما وجدت أحدا يضرب به المثل غيرى! هلا ضربت المثل بابن عمك عمير بن سلم حين يقرأ: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا
الظالّون.
وقال ابن أبى إسحاق لبكر بن حبيب «5» : ما ألحن فى شىء، فقال له: لا تفعل.
قال: فخذ علىّ كلمة، فقال: هذه «6» ، قل: كلمه. وقربت منه سنّورة، فقال اخسى، فقال له: أخطأت؛ إنما هو اخسئ «7» .