الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[اسم المفعول: عمله عمل فعله الذي لم يسم فاعله وشروط عمله وبناؤه]
قال ابن مالك: (يعمل اسم المفعول عمل فعله مشروطا فيه ما شرط في اسم الفاعل، وبناؤه من الثّلاثيّ على زنة «مفعول» ، ومن غيره على زنة اسم فاعله مفتوحا ما قبل آخره ما لم يستغن فيه بـ «مفعول» عن «مفعل» وينوب في الدّلالة لا العمل عن «مفعول» ، بقلّة:«فعل، وفعل، وفعلة» ، وبكثرة:
«فعيل» ، وليس مقيسا، خلافا لبعضهم، وقد ينوب عن «مفعل» ).
قال ناظر الجيش: قال المصنف (1): الهاء من قولي: (يعمل عمل فعله) عائدة على المفعول، فكأنّه قيل: يعمل اسم المفعول عمل فعل المفعول، أي: عمل الفعل الذي لم يسمّ فاعله، فيقال: هذا مذهوب به، ومضروب عبده، ومعطى ابنه درهما، ومعلم أخوه زيدا صديقك (2)، ويشترط في إعماله ما شرط في إعمال اسم الفاعل، من اعتماد على صاحب مذكور، أو منوي، أو على نفي صريح أو مؤول، أو على استفهام موجود أو مقدر، وغير ذلك.
ومن إعماله معتمدا على مقدر قول الشاعر:
2208 -
فهنّ من بين متروك به رمق
…
صرعى وآخر لم يترك به رمق (3)
ومثله:
2209 -
ونحن تركنا تغلب ابنة وائل
…
كمضروبة رجلاه منقطع الظّهر (4)
-
(1) قال المصنف (3/ 88).
(2)
زيد في المرجع السابق الصفحة نفسها: كما يقال: «ذهب به، وضرب عبده وأعطي ابنه درهما، وأعلم أخوه زيدا صديقك.
(3)
البيت من البسيط، وقائله: الأخطل التغلبي، الشاعر الأموي المشهور، وهذا البيت في ديوانه (ص 262)، ط. بيروت (1981 م)، من قصيدة يمدح فيها سلم بن زياد.
والشاهد في البيت قوله: «متروك به رمق» حيث أعمل اسم المفعول «متروك» عمل فعله، فرفع «رمق» نائبا له؛ لأنه معتمد على موصوف مقدر.
وينظر الشاهد أيضا في: شرح المصنف (3/ 88)، ومنهج السالك (ص 341).
(4)
البيت من الطويل، وقائله: تميم بن أبي مقبل بن عوف وهو في ديوانه (ص 107) تحقيق د/ عزة حسن ط. دمشق (1381 هـ). -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وبناؤه من الثلاثي على زنة «مفعول» ، نحو: علم فهو معلوم، ومن الرباعي والخماسي والسداسي على زنة اسم فاعله، مفتوحا ما قبل آخره نحو: مدحرج ومجتذب، ومستفهم ما لم يستغن فيه بـ «مفعول» عن «مفعل» ، كـ: مزكوم ومحموم ومحزون، ومنه: محبوب في الأكثر، وقد نبّهت على ذلك فيما مضى، ومثال «فعل» النائب عن «مفعول»: ذبح، وطرح، وطحن، بمعنى: مذبوح ومطروح، ومطحون، ومثال «فعل»: لفظ، ولقط، ونقض، وقبض، بمعنى:
ملفوظ، وملقوط، ومنقوض ومقبوض، ومثال «فعلة»: أكلة، ومضغة، ولقمة وغرفة وجرية، ومثال «فعيل»: جريح، وكليم، وصريع، وأخيذ، وقتيل، وأسير، ودهين، وخضيب، ولديغ، وغسيل، ودفين، ومقيل.
وهذا - مع كثرته - مقصور على السّماع، وجعله بعضهم مقيسا فيما ليس له «فعيل» بمعنى فاعل، كـ «قتيل» لا فيما له فعيل بمعنى فاعل كـ «عليم» ، وقد يصاغ فعيل بقصد المفعوليّة من «أفعل» ، فمن ذلك قولهم: أعقدت العسل فهو عقيد، وأعلّ الله فلانا، فهو عليل. انتهى كلامه، ويتعلق به الإشارة إلى أمرين:
أحدهما: أنه سيعرف في باب الصفة المشبهة أنّ اسم مفعول المتعدّي إلى واحد يجوز أن يعامل معاملة الصفة المشبهة في الاستعمال، فيقال: مررت برجل مضروب الظّهر (1)، وبرجل مجذوع الأنف، ولا شكّ أنّ الأصل في هذين المثالين: برجل مضروب الظّهر [3/ 150] ومجذوع الأنف، بالرّفع، ثم بنصب الظّهر والأنف على التشبيه بالمفعول به، بعد إسناد اسمي المفعول إلى ضمير الاسم السابق، ثمّ جر الظّهر والأنف، بإضافة الصفة إليهما، كما في نحو: برجل حسن الوجه.
قال الشيخ: فإن كان اسم المفعول (2)، ممّا يتعدّى لاثنين فأكثر فقياس هذا أن -
- اللغة: تركنا تغلب ابنة وائل: أي حجا تغلب.
والشاهد فيه قوله: «كمضروبة رجلاه» ؛ حيث أعمل اسم المفعول فرفع قوله: «رجلاه» لكونه معتمدا على موصوف مقدر، والتقدير: كرجل مضروبة رجلاه.
ينظر الشاهد في: شرح المصنف (3/ 88)، ومنهج السالك (ص 341)، والهمع (2/ 197)، والدرر (2/ 131).
(1)
ينظر ذلك أيضا في: التذييل والتكميل (4/ 846).
(2)
من أول هنا إلى قوله: «الأمر الثاني» ساقط من نسخة دار الكتب المصرية وقد أكملناه من التذييل والتكميل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نقول: مررت برجل مكسو الأب جبّة ومظنون الأخ قائما، ومعلم الغلام عمرا ضاحكا وقد منعوه، والسبب في منع ذلك أنّ الإضافة هي من نصب على الصحيح ورفضوا ذلك؛ لأنه من حيث انتصاب الثاني، أو الثاني والثالث، يكون حكمه حكم اسم مفعول الذي يتعدّى إلى المفعول به، ومن حيث انجرار ما يليه يكون حكمه حكم الصفة المشبهة، ويختلف إذ ذاك حكمه بالنظر إلى المنصوبات، ألا ترى أنه يجوز في ذلك تقديم المنصوب؛ لأنه مفعول به، ويلزم ألا يجوز تقديم ما يلي اسم المفعول لو نصب؛ لأنه معمول الصفة المشبّهة وكلّ ما يجر في باب الصفة يجوز أن ينصب؛ لأنّ الجرّ هو من النّصب.
ولا يوجد في كلامهم عامل ينصب اسمين أحدهما مفعول به، والآخر يشبه بالمفعول به فيتقدم المفعول به عليه ولا يتقدم المشبه بالمفعول به بل ما وجد من ذلك يجوز تقديمه على العامل فإذا قلت: هذا ضارب اليوم زيدا، واتسعت في اليوم فنصبته على التشبيه بالمفعول به فإنه يجوز تقديمه على «ضارب» كما تقدّم «زيدا» عليه، فلمّا كان ذلك مؤديا إلى المنع في باب اسم المفعول المضاف إلى ما بعده، وما بعده منصوب رفض جواز ذلك.
الأمر الثاني: قد فهم من قول المصنف: وينوب في الدلالة لا العمل إلى آخره أنّه لا يجوز بشيء من هذه الألفاظ
الثابتة أن يرفع فلا يقال: مررت برجل ذبح كبشه، ولا: طحن برّه، ولا: برجل كحيل عينه، ولا: برجل قتيل أبوه.
قال الشيخ: وفي كلام ابن عصفور ما يشعر بالجواز، ثم قال: ويحتاج ذلك إلى سماع عن العرب (1)، وقد عرف من قول المصنف:«وليس مقيسا، خلافا لبعضهم أنه لا يقال: ضريب في «مضروب» ولا: عكيم في «معكوم» ، ولا: قويل في «مقول» ولا: بييع في «مبيع» .
وقد استدرك الناس على الإمام بدر الدين ولد المصنف، ذكره الإجماع على أنه لا يقاس على نحو: جريح، وقتيل؛ بأنّ والده قد ذكر أنّ في ذلك خلافا (2).
(1) ينظر التذييل والتكميل: (4/ 849).
(2)
في شرح الألفية لابن الناظم (ص 172): («فعيل» بمعنى «مفعول» كثير في كلام العرب، وعلى كثرته لم يقس عليه بإجماع) اهـ.