الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[المصدر العامل نوعان: مقدر بالفعل بالفعل والحرف - مقدر بالفعل وحده]
قال ابن مالك: (والغالب إن لم يكن بدلا من اللّفظ بفعله تقديره به بعد «أن» المخفّفة، أو المصدريّة، أو «ما» أختها).
ــ
المعدود لا يعمل، لما تقدم أنّ المحدود والمثنّى لا يعملان، وأما المؤكّد، والمبين؛ فقد علمت كيف نصّ على عدم عملهما، إلّا أنّ ذلك يشكل في المبيّن، بقولنا:
ضربت ضرب الأمير اللصّ، ونبّه المصنف بقوله: عمل فعله على أنّ حكم المصدر - في اللزوم والتعدّي، إمّا بحرف، أو بنفسه، إلى واحد أو أكثر، وفي رفع الفاعل - حكم فعله، وأمثلة ذلك واضحة وستأتي في مسائل الباب.
قال ناظر الجيش: المصدر العامل نوعان:
أحدهما: يقدر بالفعل، وحرف مصدريّ.
والآخر: يقدّر بالفعل وحده، وهو الآتي بدلا من فعله.
أمّا الثاني: فيأتي الكلام عليه في الفصل، آخر الباب. وأما الأول: فهو المقصود الآن بالذّكر، ولذلك قيّده بقوله: إن لم يكن بدلا من اللفظ بفعله.
قال المصنف (1): وشرط تقديره بفعله، بـ «أن» المخففة أو المصدرية أو «ما» أختها؛ احترازا من المصدر المؤكّد، والمبين النوع والهيئة. انتهى. ثم المقدّر بـ «أن» المخفّفة؛ يجوز نصبه، وحضوره، واستقباله، وكذا المقدر بـ «ما» المصدرية، وأما المقدر بـ «أن» الناصبة؛ ولا يكون إلّا ماضي المعنى ومستقبله، وأما تقدير المخفّفة دون الناصبة، أو الناصبة دونها؛ فبحسب الحال.
فالمصدر الواقع بعد ما فيه معنى العلم يقدّر بـ «أن» المخفّفة؛ لأنّه موضع غير صالح لـ «أن» الناصبة، نحو: علمت ضربك زيدا، تقديره: علمت أن قد ضربت زيدا، والمصدر الواقع بعد «لولا» نحو: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ * (2)، أو بعد فعل إرادة، أو كراهة، أو خوف، أو طمع، أو شبه ذلك؛ يقدّر بـ «أن» ، الناصبة، نحو: أرجو نصر الله المسلمين،
وخذلانه الكافرين، فمثال مضيّ المقدّر -
(1) ينظر شرح المصنف (3/ 109).
(2)
سورة البقرة: 251، سورة الحج:40.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بـ «أن» المخفّفة قول الشاعر:
2284 -
علمت بذلك بالمعروف خير يد
…
فلا أرى فيك إلّا باسطا أملا (1)
ومثال حضوره قول الآخر:
2285 -
لو علمت إيثاري الّذي هوت
…
ما كنت منها مشفيا على القلت (2)
ومثال استقباله قول الآخر:
2286 -
لو علمنا أخلافكم عدة السّلم
…
عدمتم على النّجاة معينا (3)
ومثال مضيّ المقدّر بـ «ما» قوله تعالى: فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ (4)، وقول الشاعر:
2287 -
وعذّبه الهوى حتّى براه
…
كبري القين بالسّفن القداحا (5)
-
(1) البيت من البسيط، ولم ينسب لقائل معين.
والشاهد فيه قوله:
فقد استشهد به على أن المصدر يقدّر بـ «أن» المخففة، والفعل للمضي في البيت، ويروى:«بسطك» بدل «بذلك» ينظر: التذييل والتكميل (4/ 930).
ينظر الشاهد في: الهمع (2/ 92)، والدرر (2/ 223)، ومعجم شواهد العربية (ص 421).
(2)
البيت من الرجز، ولم ينسب لقائل معين.
اللغة: مشفيا من أشفى عليه: أشرف، وينظر القاموس مادة الشفاء، وفي اللسان «قلت»: والقلت - بفتح القاف واللام وبعدهما تاء مثناة فوقية ساكنة - من قولهم: أصبح على قلت، وأمسى على قلت، بمتحركات، أي: أشرف على هلاك، أو على خوف.
والشاهد في البيت قوله:
على أن المصدر «إيثاري» يقدر بـ «أن» المخففة، والفعل دال على الحضور.
ينظر الشاهد في: الهمع (2/ 93)، والدرر (2/ 123).
(3)
البيت من الخفيف، ولم ينسب لقائل معين.
والشاهد فيه: مجيء المصدر مقدرا بـ «أن» المخففة، والفعل دال على الاستقبال.
ينظر الشاهد في: الهمع (2/ 92)، والدرر (2/ 123).
(4)
سورة البقرة: 200.
(5)
البيت من الوافر، ونسب في أمالي القالي (1/ 162) لقيس بن ذريح، المشهور بقيس ليلى، أو مجنون ليلى، وليس في ديوانه ط. الحلبي سنة (1358 هـ - 1939 م).
اللغة: القين: العبد والحداد، والسفن - محركة -: كل ما ينحت به الشيء، وقطعة خشنة يسحج بها القدح، حتى تذهب عنه آثاره المبراه، كما في القاموس.
الشاهد في البيت قوله: «كبري القين بالسفن القداحا» ؛ حيث إن المصدر مقدر بـ «ما» المصدرية، -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقال الآخر:
2288 -
مدمن الخمر سوف يأخذه
…
باريه أخذه ثمود وعادا (1)
ومثال حضوره قوله تعالى: تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ (2)، ومنه قول الفرزدق:
2289 -
وددت - على حبّي الحياة - لو انّها
…
يزاد لها في عمرها من حياتنا (3)
ومثال مضيّ المقدّر بـ «أن» الناصبة:
2290 -
أمن بعد رمي الغانيات فؤاده
…
بأسهم ألحاظ يلام على الوجد (4)
ومثال استقباله قول الفرزدق:
2291 -
فرم بيديك هل تسطيع نقلا
…
جبالا من تهامة راسيات (5)
وسيبويه قدّر الحرف بـ «أنّ» الثّقيلة، المسندة إلى ضمير الشّأن؛ لأنّه يعمّ أن -
- والفعل دال على المضي.
ينظر الشاهد في: شرح المصنف (3/ 110)، والتذييل والتكميل (4/ 930).
(1)
البيت من الخفيف، ولم ينسب لقائل معين.
وروي في شرح المصنف (3/ 111): «البغي» بدل «الخمر» .
والشاهد في البيت قوله: «أخذه ثمود وعادا» ؛ حيث إن المصدر هنا مقدر بـ «ما» المصدرية، والفعل دال على الماضي.
ينظر الشاهد في شرح المصنف (3/ 111)، والتذييل والتكميل (4/ 931).
(2)
سورة الروم: 28.
(3)
البيت من الطويل، وقد نسبه أبو حيان أيضا للفرزدق، وليس في ديوان الفرزدق، والبيت في ديوان جميل بن معمر المعروف بجميل بثينة (ص 120) ط. المؤسسة العربية - بيروت - ونسب لجميل في أمالي القالي (2/ 2244)، وهو أيضا في ديوان المجنون قيس ليلى (ص 63) ط. الحلبي (1358 هـ)، ونسب في الحماسة البصرية (2/ 138) لعبد الله بن الدمينة.
والشاهد في البيت قوله: «حبّي الحياة» ؛ حيث إن المصدر هنا مقدّر بـ «ما» المصدرية، والفعل الدال على الحضور. ينظر الشاهد أيضا في شرح المصنف (3/ 111)، والتذييل والتكميل (4/ 931).
(4)
البيت من الطويل، ولم ينسب لقائل معين.
والشاهد فيه: تقدير المصدر بأن المصدرية، والفعل دال على الماضي.
ينظر الشاهد في شرح المصنف (3/ 111)، والتذييل والتكميل (4/ 931)، والهمع (2/ 92).
(5)
البيت من الوافر، وقائله - كما ذكر - الفرزدق الشاعر الأموي المشهور، من قصيدة يهجو بها جريرا، والبيت في ديوانه (1/ 109)، ومع ذلك يقول صاحب الدرر:(لم أعثر على قائل هذا البيت).
والشاهد في البيت قوله: «نقلا جبالا» على أنّ المصدر يقدر بـ «أن» والفعل الدال على المستقبل. -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تكون الصّلة ماضية، وحالا، فيقدر في الماضي من: أنّه ضرب زيد عمرا، وفي المضارع من: أنّه يضرب؛ لأنّه يصلح للحال، والاستقبال (1).
[3/ 164] وقد ناقش الشيخ المصنف، في جعله المصدرية قسيمة المخففة، قال:
لأنّ المخففة مصدرية أيضا؛ لأنّها مخففة من الثقيلة والثقيلة مصدرية (2)، وهي مناقشة صحيحة (3).
قال المصنف (4): وليس تقدير المصدر العامل بأحد الأحرف الثلاثة شرطا في عمله، ولكنّ الغالب أن يكون كذلك، ومن وقوعه غير مقدّر لأحدهما قول العرب: سمع أذني زيدا يقول ذلك، وقول أعرابي:«اللهمّ إنّ استغفاري إياك مع كثرة ذنوبي لملوم، وإنّ تركي الاستغفار مع علمي بسعة عفوك لعجز» وقول الشاعر:
2292 -
عهدي بها الحيّ الجميع وفيهم
…
قبل التفرّق ميسر وندام (5)
وقول الآخر:
2293 -
ورأي عينيّ الفتى أخاكا
…
يعطي الجزيل فعليك ذاكا (6)
-
- ينظر الشاهد في: شرح المصنف (3/ 110)، والتذييل والتكميل (4/ 931)، والهمع (2/ 92)، والدرر (2/ 13).
(1)
ينظر: الكتاب (1/ 189).
(2)
في التذييل والتكميل (4/ 932): (وجعله المصدرية قسيمة المخففة ليس بجيد؛ لأن المخففة مصدرية
…
) إلخ.
(3)
نقل المرادي في شرح التسهيل اعتراض أبي حيان هذا على المصنف، موافقا شيخه أبا حيان.
(4)
ينظر: شرح المصنف (3/ 111).
(5)
البيت من الكامل، وقائله لبيد بن ربيعة العامري، وهو في ديوانه (ص 170).
اللغة: الجميع: المجتمعون، ميسر: القمار على ما يذبح من الجزر، ندام: جمع نديم، أو ندمان، و «عهدي»:
مبتدأ، سد الحال مسد خبره، وهو جملة «وفيهم
…
ميسر وندام» كما تقول: «جلوسك متكئا
…
».
والشاهد في البيت: نصب الحي بـ «عهدي» وليس هذا المصدر مقدرا بأحد حروف المصدر الثلاثة، والفعل، أي بـ «أن» المخففة، أو المشددة، أو «ما» والفعل، ويستشهد به أيضا على عمل المصدر «عهد» وهو غير منون.
ينظر الشاهد في: الكتاب (1/ 190)، وشرح المفصل لابن يعيش (6/ 26)، والتذييل والتكميل (4/ 927)، واللسان «حضر» والدرر (1/ 78).
(6)
البيت من الرجز، وقائله رؤبة بن العجاج، وهو في ديوانه (ص 181).
اللغة: الجزيل: العطاء العظيم، و «رأي»: مبتدأ، وجملة «يعطي الجزيل» جملة حالية، سدت مسد خبر «رأي» . -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقول الآخر:
2294 -
لا رغبة عمّا رغبت فيه
…
منّي فأنقصيه أو زيديه (1)
ومن أمثلة سيبويه: من ظنّك زيدا أميرا (2)، وذكر سيبويه - في باب ما جرى من المصادر مجرى الفعل المضارع -: عجبت من ضرب زيد عمرا، ثمّ قال: كأنه قال: عجبت من أنه يضرب زيد عمرا (3)، ولم يقدر - في الباب - بغير «أنّ» الثقيلة، وإذا ثبت أنّ عمل المصدر غير مشروط بتقدير حرف مصدريّ، أمكن الاستغناء عن إضماره في نحو: له صوت صوت حمار (4)، يعني عن إضمار فعل ناصب «صوت حمار» فيكون «صوت» الأول هو العامل فيه. انتهى.
وظاهر كلامه: أنّ المصدر يقدر في المواضع التي مثّل بها، بالفعل وحده، دون الحرف لقوله: وليس تقدير المصدر العامل بأحد الأحرف الثلاثة شرطا في عمله، ولا أعلم ما المانع من تقدير الحرف مع الفعل؟.
ويحتمل أن يكون مراده أنّ المصدر - في هذه الأمثلة - لا يقدر بالفعل جملة، ولكنّه استغنى بذكر الحرف؛ لأنه كاللازم له، فإذا انتفى انتفى، وتكون العلّة في عدم تقدير الفعل: أنّ الفعل لا يقع فيما مثل به؛ لأنّه لا يكون مبتدأ، ولا اسم «إنّ» واسم «لا» لكن يقال: إذا قدّرنا الفعل لا نقدّره وحده، إنّما نقدّره بحرف مصدريّ، فيصحّ وقوعه في نحو الأمثلة المذكورة.
وما برحت أستشكل هذا الموضع من كلام المصنّف، حتى وقفت على كلام الشيخ، فوجدته قد قال: ليس الأمر كما زعم المصنف: بل كلّها تتقدر بحرف مصدريّ، والفعل كما يتقدّر ضربي زيدا قائما، وكذلك إنّ استغفاري ولا رغبة. -
- ينظر الشاهد في: الكتاب (1/ 191)، والهمع (2/ 93)، والأشموني (1/ 220)، والدرر (2/ 124).
(1)
البيت من السريع، ولم ينسب لقائل معين.
والشاهد فيه قوله:
حيث إن المصدر العامل هنا - وهو رغبة - لم يشترط في عمله أن يتقدر بحرف مصدري والفعل.
ينظر الشاهد في: شرح المصنف (3/ 111)، والتذييل والتكميل (4/ 928)، ومنهج السالك (ص 315).
(2)
ينظر: الكتاب (1/ 125)، والتذييل والتكميل (4/ 928).
(3)
ينظر: الكتاب (1/ 189)، والتذييل والتكميل (4/ 928).
(4)
ينظر هذا القول في: الكتاب (1/ 355، 356).