الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بقية أحكام الصفة المشبهة]
قال ابن مالك: (وإن وليها سببيّ غير ذلك عملت فيه مطلقا رفعا ونصبا وجرّا، إلّا أنّ مجرور المقرونة بـ «أل» مقرون بـ «أل» أو مضاف إلى المقرون بها، أو إلى ضمير المقرون بها، ويقلّ نحو: حسن وجهه، وحسن وجهه، وحسن وجه، ولا يمتنع خلافا لقوم).
ــ
قال المصنف (1): ولو استقام الوزن بإضافة في قوله:
2231 -
عز امرؤ بطل
…
...
…
البيت
لجازت.
ولو استقام الوزن بتنوين «وثيرات» لجاز الحكم على «ما» بالرفع، وبالنصب، كما حكم بهما على «من» بعد «بطل» ، وجوز الشيخ جعل «من» في:
2232 -
من كان معتصما
…
...
شرطية، ويكون الجواب محذوفا، وتقديره: لجأ، فلا يكون البيت شاهدا على ما أراد المصنف، وفيه بعد؛ لأنّ المعنى على ما أورده المصنف، من أنّ «من» موصولة، بدليل قوله - في آخر البيت:
2233 -
ولو انّه من أضعف البشر
وإنّما قال المصنف - في المتن -: وقصدت الإضافة؛ احترازا من أن تكون الصفة غير مقرونة بـ «أل» ولا تقصد الإضافة، فلا تجرّ، بل ترفع، أو تنصب، كما تقدم آنفا.
قال ناظر الجيش: قد تقدم أنّ معمول الصفة اثنا عشر نوعا، وقد ذكر حكم ثلاثة منها، وهي الضمير البارز، والموصول، والموصوف، والظاهر أنّ حكم المضاف إلى الموصول وإلى الموصوف؛ حكم الموصول والموصوف، وكأنّ المصنف لم يتعرض إليه؛ لوضوحه، فهذه خمسة أنواع. تبقى سبعة، وهي المقرون بـ «أل» ، نحو: حسن الوجه، والمجرّد نحو: حسن وجه، والمضاف إلى ضمير الموصوف نحو: حسن وجهه، فهذه ثلاثة، والأربعة الباقية كأنّها فروع هذا الثالث، وهي -
(1) شرح التسهيل لابن مالك (3/ 94).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المضاف إلى ضمير المضاف إلى ضمير الموصوف لفظا نحو: برجل حسن شامة خدّه، والمضاف إلى المضاف إلى ضمير الموصوف تقديرا، نحو: برجل حسن شامة الخدّ، والمضاف إلى ضمير مضاف إلى مضاف إلى ضمير الموصوف نحو: بامرأة حسن وجه جارتها جميلة أنفه، والمضاف إلى ضمير معمول صفة أخرى نحو:
برجل حسن الوجنة جميل خالها.
إذا تقرّر هذا فقوله: وإن وليها سببيّ غير ذلك يشمل الأنواع السبعة إلا أنه لم يمثّل في الشرح، ولم يذكر سوى
الثلاثة الأوائل، وسكوته عن الأربعة الباقية يشعر بأنّ حكمها حكم أحد الثلاثة الذي هو فروعه كما تقدّم.
وذكر أنّ الصفة تعمل في ذلك المعمول الرفع والنصب والجرّ، وإنّما قال: مطلقا ليعم الصفة المقرونة بـ «أل» ، والمجردة منها، والمعمول المقرون بـ «أل» والمجرد، والمضاف.
ومن هنا كانت صور مسائل هذا الباب ثماني عشرة صورة: وذلك أنّ الصفة إما مقرونة بـ «أل» أو غير مقرونة بها، وعلى التقديرين؛ معمولها: إمّا مقرون بـ «أل» ، أو مجرد أو مضاف؛ فهذه ستّ صور، ثم إنّ المعمول يتصور فيه الرفع والنصب والجرّ.
فأمثلة المقرونة في الرفع: رأيت الرجل الجميل الوجه، ووجهه ووجه، وأمثلتها في النصب: رأيت رجلا جميلا الوجه، ووجهه، ووجها، وأمثلتها في الجرّ:
رأيت رجلا جميل الوجه، ووجهه، ووجه.
الممتنع من الصور المذكورة صورتان، وهما: الجميل وجهه، والجميل وجه، وبالجرّ فيهما، وإليه الإشارة بقوله: إلا أنّ مجرور المقرونة بـ «أل» مقرون إلخ، وحاصله أنّ الصفة المقرونة بـ «أل» تمتنع إضافتها إلى معمول ليس فيه «أل» ، فلا يضاف إلا إلى معمول مقرون بـ «أل» ، نحو: مررت بالرجل الحسن الوجه، أو مضاف إلى المقرون بها، نحو مررت بالرجل الحسن وجه الغلام، أو مضاف إلى ضمير المقرون بها، نحو: بالرجل الكريم الآباء، الغامر جوده.
ومثل المصنف لهذا، ولما قبله بقوله: رأيت عمرا الكريم حسب الآباء، البيّن سؤددهم، ثم قال (1): ومثل هذا المثال نادر، كقول الشاعر، وأنشد البيت المتقدم، وهو: -
(1) شرح التسهيل لابن مالك (3/ 95).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
2234 -
سبتني الفتاة البضّة المتجرّد
…
... البيت
وهذا هو الذي معمول الصفة فيه مضاف إلى ضمير معمول صفة أخرى، وتقدم أنه أخذ من كلامه في الشرح، ومن هذا الموضع أخذ، وإذا كان الممتنع صورتين، فالصّور الباقية - وهي ست عشرة - كلّها جائزة، لكن ذكر المصنف أنّ ثلاثا منها منها قليلة غير ممتنعة، خلافا [لمن] حكم بامتناعها، وهي: حسن وجه بالجرّ، وحسن وجهه بالنصب، وحسن وجهه بالرفع، وسيأتي الاستدلال على جوازها، وإبطال قول المخالف.
والمراد بالقلة - هنا - الضعف، وبه عبّر في شرح الكافية (1)، وجعل نحو:
حسن وجه، أضعف من الصورتين الأخريين.
وزاد صورة أخرى، حكم بضعفها، لم يذكرها هنا، وهي: حسن الوجه بالنصب، وذكر ابن عصفور صورة حكم بضعفها، وهي: الحسن وجهه بالنّصب، ولا يبعد ذلك؛ لأنّها مثل: حسن وجهه، وقد حكم المصنف بضعفها، إلّا أنّ ابن عصفور أخرج نحو: حسن وجهه، وحسن الوجه - في النصب - في الجائز الضعيف، فيؤخذ من مجموع كلام الرجلين أن الصور الضعيفة خمس وهي:
حسن وجهه بالجرّ، حسن وجهه بالنصب، وهاتان الصورتان متفق على ضعفهما عندهما، وحسن الوجه بالنصب، وحسن وجه بالرفع، عند المصنّف، لا عند ابن عصفور، والحسن وجهه، عنده، لا عند المصنف إذا مشينا على ظاهر كلامه.
ولا يبعد أن يكون حكم: الحسن وجه - بالرفع - حكم: حسن وجه، في الضعف؛ إذ لا فرق، ولهذا منعهما ابن خروف، وقال: لا سبيل إلى جوازهما (2)، فعلى هذا تكون الصور الضعيفة ستّا، والجائز دون قلّة عشر صور، وإن اختلفت مراتبها في الحسن، وهي: الجميل الوجه، ووجهه بالرفع، والجميل الوجه، ووجها بالنصب، والجميل الوجه، خاصة بالجرّ، والجميل الوجه، ووجهه بالرفع [3/ 156] وجميل وجها بالنصب، وجميل الوجه، ووجه بالجرّ، وسيأتي -
(1) ينظر: شرح الكافية (2/ 1070) تحقيق د/ عبد المنعم هريدي.
(2)
ينظر: ما قاله ابن خروف في شرح المصنف (3/ 96)، والتذييل والتكميل (4/ 876)، والدرر اللوامع (2/ 34) نقلا عن أبي حيان.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الاستشهاد على أكثر هذه الصور، وبعد أن عرف ذلك فننبه على أمور:
الأول: إنّما أفرد المصنف السببيّ غير الموصول والموصوف بالذكر، وإن اشترك الكلّ في جواز الرفع والنصب؛ لأنّ السببي غيرهما، لا يجوز جرّه بالصفة المقرونة بـ «أل» إلا إذا قرن هو بها، وأما الموصول والموصوف فلا يجرّان إلّا بالصفة غير المقرونة بـ «أل» ولا يتصور جرّهما بالمقرونة بها؛ لأنّ شرط التجويز في السببيّ غيرهما، وهو اقترانه بـ «أل» لا يتصور فيهما فلما لم يستويا في الحكم بالجرّ عليهما أفرد كلّا بالذكر.
الثاني: جعل المصنف صور هذا الباب - في شرح الكافية (1) - ستّا وثلاثين صورة، وذلك بزيادة مضاف، في الصّور، الثماني عشرة المتقدمة، وكذا مثل بها في شرح هذا الكتاب (2)، وكذا ذكرها الشيخ بدر الدّين ولده - في
شرح الألفيّة (3) - والمقتضي لإيرادها كذلك شيئان:
أحدهما: أنّ بعض الشّواهد إنّما ورد كذلك، كقوله:
2235 -
…
والطّيبون معاقد الأزر (4)
-
(1) ينظر: شرح الكافية (2/ 1020).
(2)
شرح التسهيل لابن مالك (3/ 94، 95).
(3)
شرح الألفية لابن الناظم (ص 174).
(4)
هذا عجز بيت من الكامل لخرنق بكسر الخاء المعجمة وسكون الراء المهملة وكسر النون وبعدها قاف وهي شاعرة جاهلية واسمها: خرنق بنت بدر بن هفان بن مالك من بني قيس بن ثعلبة بن عكابة، وقيل:
هي أخت طرفة بن العبد لأمه، وقيل: هي عمته، وتنظر ترجمتها في خزانة الأدب (5/ 55).
والشاهد فمن قصيدة ترثي زوجها بشر بن عمرو بن مرثد وابنها علقمة حينما قتلا في معركة مع بني أسد وقبل الشاهد:
لا يبعدن قومي الذين هم
…
سم العداة وآفة الجزر
النازلين بكل معترك
…
والطيبون معاقد الأزر
اللغة: الأزر: جمع إزار، وهي الملحفة التي تشد على الوسط، والمعاقد: مواضع عقد الإزار، وطيب المعاقد: كناية عن العفة وأنها أي المعاقد لا تحل لفاحشة.
والشاهد في قوله:
حيث جعله الإمام ابن مالك نظير: الحسن وجه الأب، واستشهد به سيبويه (1/ 202) على نصب معاقد بالصفة «الطيبون» فالمجموع من الصفة المقرونة بـ «أل» يجب نصب ما بعدها ما ثبتت فيها النون وكذلك المثنى.
ينظر الشاهد في: ديوان الخرنق (ص 29)، تحقيق د/ حسين نصار ط. دار الكتب (1969 م)، ومعاني القرآن للفراء (1/ 105)، والإنصاف (2/ 276)، والعيني (3/ 602).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مثلا، فصور ذلك في الأصل ليكون الشاهد مطابقا له عند الاستشهاد.
ثانيهما: أنّ الصفة المقرونة بـ «أل» إضافتها إلى غير المقرون بها، إذا كان مضافا إلى المقرون بها، فلزم أن يصور ذلك في الأصل، ليبتني عليه جواز هذه الصورة، ولمّا كان الحكم لا يتغير بزيادة مضاف، اقتصرت على ذكرها ثماني عشرة؛ لأنه أقرب إلى الضبط، ولأنّه لا يخفى مثل ذلك على المحصل.
الثالث: قسم الشيخ بدر الدين ولد المصنف الصور غير الممتنعة إلى قبيح وضعيف وحسن (1)، قال: فأمّا القبيح فرفع الصّفة مجردة، أو مقرونة بـ «أل» المجرد منها ومن الضمير وهما صورتان حسن وجه، والحسن وجه قال: وهما على قبحهما جائزتان في الاستعمال؛ لقيام السببية في المعنى مقام وجودها في اللفظ، وأمّا الضعيف فهو نصب المجرّدة من «أل» المقرون بها والمضاف إلى ضمير الموصوف، وجرّها المضاف إلى ضمير الموصوف، وهي ثلاث صور: حسن الوجه، وحسن وجهه نصبا، وحسن وجهه جرّا، وأما القويّ فهو في رفع الصفة المجردة من «أل» المقرون بها، والمضاف إلى ضمير الموصوف، ونصبها المجرد من «أل» والإضافة، وجرّها المقرون بـ «أل» والمجرد منها ومن الإضافة، ورفع الصفة المقرونة بـ «أل» المقرون بها، أو المضاف إلى ضمير الموصوف، ونصبهما المقرون بـ «أل» والمضاف إلى الضمير، والمجرد من «أل» ومن الإضافة، وجرها المقرون بـ «أل» فهذه إحدى عشرة صورة - أمثلتها - والصفة غير مقرونة بـ «أل» حسن الوجه، ووجهه بالرفع فيهما، وحسن وجها بالنصب، وحسن الوجه، ووجه بالجرّ فيهما، وأمثلتها - والصفة مقرونة بـ «أل» الحسن الوجه، ووجهه بالرفع فيهما، والحسن الوجه، ووجهه، ووجها بالنصب في الثلاث، والحسن الوجه بالجرّ.
هذا كلام بدر الدّين (2)، وهو موافق لكلام أبيه - في شرح الكافية - إلّا أنّ أباه لم يتعرض لذكر نحو: الحسن وجه، وهو جعلها في رتبة: حسن وجه، وهو الحقّ، وظاهر كلام المصنّف - في الشرح (3) - يشعر بتساويهما وكأنّه إنّما ترك التصريح -
(1) ينظر: شرح الألفية لابن الناظم (ص 448) بتحقيق د/ عبد الحميد السيد طلب.
(2)
شرح الألفية لابن الناظم (ص 175، 176).
(3)
شرح المصنف (3/ 96).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بذلك اتكالا منه على فهم أنّهما سواء.
ولما جعل المصنف نحو: حسن وجه؛ أضعف من الصور المذكورة معه نقله بدر الدين من مرتبة الأضعفية إلى
مرتبة القبح، وقد عرفت أيضا أنّ بدر الدّين لم يوافق ابن عصفور على ضعف نحو: حسن وجهه، بل جعل ذلك في رتبة القوي، وقد جعل أبو عمرو بن الحاجب الأقسام ثلاثة أيضا، لكنّه قال: منها ما هو أحسن؛ وهو ما كان فيه ضمير واحد، وما هو حسن؛ وهو ما كان فيه ضميران، وما هو قبيح؛ وهو ما لا ضمير فيه (1)، فوافقه بدر الدّين في تسمية هذا القسم قبيحا.
وقسم بعضهم الصور الجائزة - وهي الستّ عشرة - إلى قوي، وضعيف، ومتوسط بينهما، قال: فالقويّ: ما كان فيه ضمير واحد، والضعيف: ما عريت فيه الصفة ومعمولها، والمتوسط: ما اجتمع فيه ضميران ضمير في الصفة، وضمير في المعمول.
فالقويّ تسع؛ وهي: حسن وجهه، حسن الوجه، حسن الوجه، حسن وجها، حسن وجه، الحسن وجهه، الحسن الوجه، الحسن الوجه، الحسن وجها.
والضعيف أربع؛ وهي: حسن الوجه، حسن وجه، الحسن الوجه، الحسن وجه.
والمتوسط ثلاث؛ وهي: حسن وجهه، حسن وجهه، الحسن وجهه.
قال الشيخ: وتلقفنا عن شيوخنا أنّ ما تكرر فيه الضمير، أو عري منه فهو ضعيف، وما وجد فيه ضمير واحد فهو قويّ (2).
الأمر الرابع: قال ابن عصفور: الرفع في هذا الباب أحسن من الخفض والنصب؛ لأنه هو الحقيقة، وما عداه مجاز، ثم يليه الخفض؛ لأنها إذا خفضت ما بعدها كانت في اللفظ غير عاملة، فقربت من الأصل، ثمّ النصب، إلّا أن يكون النصب على التمييز، فإنّه في رتبة الرفع، والأصل هذا ما لم يؤدّ الرفع إلى حذف الضمير فإنّه يكون - إذ ذاك - دون الخفض، والأحسن أيضا في معمول هذه الصفة -
(1) ينظر: شرح الإمام الرضي على الكافية في النحو لأبي عمرو بن الحاجب (2/ 210) وما نقله ناظر الجيش عنه صحيح.
(2)
ينظر: التذييل والتكميل (4/ 886)، وقد قال أبو حيان عقب الفقرة المنقولة ما نصه:(إلا ما وقع الاتفاق على منعه وهو: الحسن وجه، والحسن وجهه) وينظر أيضا: منهج السالك لأبي حيان (ص 360).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أن يكون معرفا بالإضافة؛ لأنه يشبه الأصل. انتهى. ثم الجرّ في هذا الباب بالإضافة والنصب على التشبيه بالمفعول به، إن كان المعمول معرفة، وإن كان نكرة جاز نصبه على التشبيه أيضا، والأولى نصبه على التمييز والرفع على الفاعلية، فإن كان المرفوع مضافا إلى ضمير صاحب الصفة فلا كلام، وإن كان مجرّدا من الإضافة إليه
وليس فيه «أل» فالضمير الرابط محذوف على رأي من يجوز هذه الصورة، وإن كان مقرونا بـ «أل» نحو: الحسن الوجه، وحسن الوجه، فمذهب سيبويه رحمه الله تعالى والبصريين أنّ الضمير محذوف، والتقدير منه (1)، ومذهب الكوفيين أنّ «أل» عوض من الضّمير (2)، وحكوا: مررت برجل ظريف الأب بالرفع، وكريم الأخ.
وذهب أبو علي [3/ 157]- في الإيضاح - إلى أنه ليس فاعلا، وأنّ ارتفاعه على البدل، من ضمير مستكنّ في الصفة، على زعمه (3).
وقد أبطل المذهبان، أمّا مذهب الكوفيين فيمحى الضمير مع «أل» قال الشاعر:
2236 -
رحيب قطاب الجيب منها رقيقة
…
بجسّ النّدامى بضّة المتجرّد (4)
-
(1) المقصود بالضمير الرابط المحذوف وتقديره: الحسن الوجه منه ولمراجعة مذهب البصريين وسيبويه ينظر التذييل والتكميل (4/ 878)، والكتاب (1/ 193).
(2)
لمراجعة مذهب الكوفيين في هذا ينظر: التذييل والتكميل (4/ 879)، ومنهج السالك لأبي حيان (2/ 362).
(3)
ما ذهب إليه أبو علي في الإيضاح نقله ناظر الجيش من التذييل والتكميل (4/ 879) بنصه، وقد قال أبو علي الفارسي رحمه الله في الإيضاح (1/ 154) ما نصه:(ولم يستحسنوا: مررت برجل حسن الوجه، ولا: بامرأة حسن الوجه، وأنت تريد «منها» لما ذكرت من أن الصفة يحتاج منها إلى ذكر يعود منها إلى الموصوف، ولو استحسنوا هذا الحذف من الصفة كما استحسنوه في الصلة لما قالوا: مررت بامرأة حسنة الوجه، وأما قوله: جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ: فليس على: مفتحة لهم الأبواب منها، ولا على أن الألف واللام سدتا مسد الضمير العائد من الصفة. ولكن (الأبوب) بدل من الضمير الذي في (مفتحة) لأنك تقول: فتحت الجنان؛ إذا فتحت أبوابها، فصار كقولك: شرب زيد رأسه) اهـ.
(4)
نقلت البيت من التذييل والتكميل (4/ 880) حيث لم أجده في الأصل، والكلام في إبطال مذهب الكوفيين منقول من المرجع والصفحة نفسيهما.
والبيت من الطويل وقائله طرفة بن العبد وهو من معلقته التي مطلعها:
لخولة أطلال ببرقة ثهمد
…
تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد
اللغة: قطاب الجيب: مخرج الرأس منه، بضة المتجرد: ناعمة صافية اللون لما تقري منها.
المعنى: كما قال شارح الديوان: هذه القينة واسعة الجيب لإدخال الندامى أيديهم في جيبها للمسها، ثم قال:(هي رقيقة على جس الندامى إياها، وما يقري من جسدها ناعم اللحم رقيق الجلد صافي اللون) اهـ. -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأيضا لو كانت «أل» عوضا من الضمير هنا لاطرد، فكنت تقول: زيد الغلام حسن، تريد: غلامه، ولا يجوز، فكذلك هنا.
وأما ما ذهب إليه أبو علي، فيما حكاه الفرّاء من قولهم: مررت بامرأة حسن الوجه، وحكى الكوفيون مررت: بامرأة قويم الأنف، برفع الوجه والأنف (1)، ألا ترى أنه لا يجوز أن ينوى في «حسن» ضمير المرأة، والوجه بدل منه؛ لأنّ ذلك يوجب تأنيث الصفة، لتأنيث الضمير، وكذلك: مررت برجل مضروب الأب، لا يجوز رفعه على البدل؛ لأنّه ليس بدل شيء من شيء، ولا بدل بعض من كل؛ إذ ليس إياه، ولا بعضه.
الأمر الخامس: ذكر الشواهد على الصّور الجائزة، وذكر خلاف من خالف في بعضها، والجائز ستّ عشرة صورة، كما تقدم، القويّ منها عشر، كما عرفت، فشاهد «الجميل الوجه» قول الشاعر:
2237 -
لقد علم الأيقاظ أخفية الكرى
…
تزجّجها من حالك واكتحالها (2)
لكنّه زاد مضافا في رواية من رفع، فإنّه يروى بالنصب، والخفض أيضا ومثله دون مضاف:
2238 -
كبكر المقاناة البياض بصفرة
…
... (3)
-
- والشاهد في قوله: «رحيب قطاب الجيب منها» ؛ حيث جمع بين «أل» والضمير مما يبطل مذهب الكوفيين.
ينظر الشاهد في ديوان طرفة بن العبد (ص 30).
(1)
في معاني القرآن للفراء (2/ 408) ما نصه: (والعرب تجعل الألف واللام خلفا من الإضافة فيقولون: مررت على رجل حسنة العين قبيح الأنف، والمعنى: حسنة عينه قبيح أنفه) اهـ.
وما حكاه الفراء أيضا في منهج السالك (2/ 362)، والتذييل والتكميل (4/ 880).
(2)
البيت من الطويل، ونسبه العيني في المقاصد النحوية على هامش الخزانة ط. بولاق (3/ 612) للشاعر المشهور الكميت بن زيد الأسدي.
اللغة: أخفية: جمع خفاء، الكرى: النوم، وأراد: الأيقاظ عيونا، وجعل الأعين في اشتمالها على النوم بمنزلة الخفاء في اشتماله على ما ستر به، تزججها: تدفقها.
والشاهد فيه: جواز الرفع والنصب والجر في معمول الصفة وهو «أخفية الكرى» والنصب على التشبيه بالمفعول أو على التمييز عند
الكوفيين.
ينظر الشاهد في: المحتسب لابن جني (2/ 47)، وسر الصناعة (1/ 43).
(3)
البيت من الطويل لامرئ القيس من معلقته، والشاهد: صدر البيت وهو بتمامه: -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وشاهد «الجميل الوجه» قول الشاعر:
2239 -
وما قومي بثعلبة بن سعد
…
ولا بفزارة الشّعر الرّقابا (1)
وشاهد «الجميل وجها» قول رؤبة:
2240 -
الحزن بابا والعقور كلبا (2)
وشاهد «الجميل الوجه» قول الشّاعر - لكنّه بزيادة مضاف -:
2241 -
لا يبعدن قومي الّذين هم
…
سمّ العداة وآفة الجزر
النّازلون بكلّ معترك
…
والطّيّبون معاقد الأزر (3)
-
-
كبكر المقاناة البياض بصفرة
…
غذاها نمير الماء غير المحلل
اللغة: بكر: ما لم يسبقه مثله من كل صنف، مقاناة: خلط من قانيت بين الشيئين إذا خلطت أحدهما بالآخر، وبكر المقاناة: أول بيضة تبيضها النعامة وكل لون صفرة في بياض فهو مقاناة.
والمعنى: إن لون العشيقة كلون بيض النعام فهو بياض خالطته صفرة يسيرة، وهو أحسن ألوان النساء عند العرب، كما أن هذه العشيقة حسنة الغذاء؛ إذ غذاها نمير عذب لم يعكر بكثرة الحلول عليه من الناس.
والشاهد قوله: «كبكر المقاناة البياض» حيث يجوز خفض «البياض» بالإضافة أو بنصبه على التشبيه بالمفعول به.
ينظر الشاهد في: ديوان امرئ القيس (ص 43) ط. دار صادر بيروت، والمخصص (2/ 325)، اللسان «حلل» و «قنا» .
(1)
سبق تحقيق البيت قريبا.
والشاهد هنا قوله: «الشعر الرقابا» ؛ حيث هو نظير لـ: «الجميل الوجه» .
(2)
البيت من الرجز لرؤبة بن العجاج من قصيدة طويلة بعنوان: «وقال أيضا في مدح المصطفى» وقبل الشاهد:
فذاك وخم لا يبالي السبا
قال العيني (3/ 617) يذم به إنسانا بأنّ بابه مغلق دون الأضياف وأن كلبه عقور.
والشاهد في قوله:
فهو نظير «الحسن وجها» فكما أن الحسن صفة مشبهة نصبت «وجها» وهو مجرد عن الألف واللام والإضافة فكذلك قوله: «الحزن بابا» ، وقوله:«العقور كلبا» ، فإن «الحزن والعقور» صفتان مشبهتان، وقد نصبتا «بابا وكلبا» مع تجردها من الألف واللام.
ينظر الشاهد في: ديوان رؤبة بن العجاج (ص 25) ط. بيروت (1903 م)، والمقتضب (4/ 162)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص 176)، وشرح الأشموني (3/ 14).
(3)
البيتان من الطويل لخرنق بنت هفان وسبق تخريجهما قريبا.
والشاهد هنا قوله:
في أن الصفة المشبهة هنا وهي
مثل «الجميل الوجه» بزيادة مضاف وهو «معاقد» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وشاهد «جميل الوجه» قول الشاعر:
2242 -
ونأخذ بعده بذناب عيش
…
أجبّ الظّهر ليس له سنام (1)
في رواية من رفع «الظّهر» .
وشاهد «جميل وجهه» قوله تعالى: وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ (2)، وشاهد «جميل وجها» قول الشاعر:
2243 -
هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة
…
مخطوطة جدلت شنباء أنيابا (3)
وشاهد «جميل الوجه» البيت المتقدم:
2244 -
ونأخذ بعده بذناب عيش (4)
في رواية من جرّ «الظّهر» . -
(1) البيت من الوافر وقائله النابغة الذبياني من قصيدة يمدح بها النعمان بن الحارث الأصفر والبيت في ديوان النابغة (ص 106) بلفظ:
ونمسك بعده بذناب
…
...
…
البيت
اللغة: بذناب: بجر الذال المعجمة عقب كل شيء، وأجب الظهر: أي: مقطوع السنام.
والمعنى: ونأخذ بعده بطرف عيش قليل الخير بمنزلة البعير المهزول الذي ذهب سنامه وانقطع لشدة هزاله.
والشاهد هنا: «أجب الظهر» : برفع «الظهر» بالصفة المشبهة «أجب» كما يجوز جر الظهر ونصبه وليس موضع الشاهد هنا.
ينظر الشاهد في: معاني القرآن للفراء (2/ 409)، (3/ 24)، والمقتضب (2/ 177)، والدرر اللوامع (2/ 135).
(2)
سورة البقرة: 283.
والشاهد فيها نصب (قلبه) بالصفة (ءاثم) فهي مثل: «جميل وجهه» .
(3)
البيت من البسيط وقائله أبو زبيد الطائي واسمه قرملة بن المنذر (ت 41 هـ) والبيت في ديوان شعره (ص 36) تحقيق د. حمودة القيس ط. المجمع العراقي (1967 م).
اللغة: هيفاء: ضامرة كما في شرح العيني، عجزاء: عظيمة العجز، مخطوطة: موشومة بالخط وهو ما يوشم به، جدلت: مبني للمجهول أي محسنة الخلق، شنباء: صافية الأسنان.
والشاهد قوله: «شنباء أنيابا» : فـ «شنباء» صفة مشبهة نصبت «أنيابا» التي هي محذوفة الألف واللام.
ينظر الشاهد في: كتاب خلق الإنسان (ص 170)، وشواهد العيني (3/ 893)، واللسان «هلب» ، وحاشية الصبان (3/ 130).
(4)
هذا صدر بيت تقدم تخريجه قريبا.
والشاهد في الشطر الثاني:
حيث جر «الظهر» بالصفة «أجب» ، مثل:
«جميل الوجه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وشاهد «جميل الوجه» قول عمرو بن شأس (1):
2245 -
ألكني إلى قومي السّلام رسالة
…
بآية ما كانوا ضعافا ولا عزلا
ولا سيّئي زيّ إذا ما تلبّسوا
…
إلى حاجة يوما مخبّسة بزلا (2)
والضعيف ستّ؛ فشاهد «حسن الوجه» البيت المتقدم:
2246 -
ونأخذ بعده بذناب عيش (3)
في رواية من نصب «الظهر» .
وقد ذكر المصنف في إجازة ثلاث منها خلافا (4)، وهي: حسن وجهه، وحسن وجهه، وحسن وجه، فأما حسن وجهه فمنعها المبرد مطلقا، أي في الكلام والشعر، وأجازها الكوفيّون (5) مطلقا، وسيبويه (6) منع جوازها في غير الشعر، واختار المصنف مذهب الكوفيين واستدلّ بما جاء في الحديث من قوله صلى الله عليه وسلم في -
(1) هكذا (عمرو بن شأس) كما في المقاصد النحوية شرح شواهد الألفية للإمام العيني محمود (3/ 596)، واللسان مادة «ألك» .
(2)
البيتان من الطويل وهما لعمرو بن شأس كما نسبهما ناظر الجيش وأكد ذلك العيني وصاحب اللسان.
اللغة: ألكني: بفتح الهمزة وكسر اللام وسكون الكاف قيل: معناه: بلغني، وقيل: معناها: تحمل رسالتي إليه، وقيل: هو من ألاك يليك إذا أرسل، وزي بكسر الزاي: الهيئة، إلى حاجة: لأجل حاجة، تلبسوا: ركبوا، مخبسة: بضم الميم وفتح الخاء المعجمة وتشديد الباء التحتية مفتوحة وسين مهملة بمعنى مذللة، منصوب بتلبسوا، وهي صفة في الأصل لـ «بذلا» ثم تقدمت وأعربت حالا، بزلا: المسنة.
والشاهد: قوله: «سيّئ زي» ؛ فهو دليل على «حسن وجه» بالإضافة وبتجريد المضاف إليه من «أل» .
والمعنى: وضح الشاعر أنه تغرب عن قومه من بني أسد فحمل رجلا رسالة إليهم مسلما عليهم ومدللا على كونه منهم، بمعرفته ما وصفهم به من القوة على العدو وإقبالهم على الملك بأحس زي.
ينظر البيتان في: الدرر (2/ 64)، وحاشية الصبان (3/ 13).
(3)
سبق تخريج البيت قريبا.
(4)
ينظر: شرح المصنف (3/ 96).
(5)
لمراجعة مذهب المبرد والكوفيين ينظر: شرح الرضي على الكافية (2/ 207، 208)، والتذييل والتكميل (4/ 874).
(6)
قال سيبويه في الكتاب (1/ 199) ما نصه: وقد جاء في الشعر «حسنة وجها» شبهوه بـ: حسنة الوجه، وذلك رديء؛ لأنه بالهاء معرفة كما كان بالألف واللام، وهو من سبب الأول، كما أنه من سببه بالألف واللام.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وصف الدّجال: «أعور عينه اليمنى» (1)، وفي حديث أم زرع:«صفر وشاحها» (2) وفي صفة النبيّ صلى الله عليه وسلم: «شتن أصابعه» وجاء أيضا: شثن الكفين والقدمين طويل أصابعهما (3).
وأنشد سيبويه (4) قول الشمّاخ:
2247 -
أمن دمنتين عرّج الدّهر فيهما
…
بحقل الرّخامى قد عفا طللاهما
أتامت على ربعيهما جارتا صفا
…
كميتا الأعالي جونتا مصطلاهما (5)
وقال أبو حبّة النميري:
2248 -
على أنّني مطروف عينيه كلّما
…
تصدّى من البيض الحسان قبيل (6)
-
(1) هذا الحديث أخرجه البخاري (2/ 255) بهذا اللفظ في كتاب بدء الخلق: والحديث في وصف الدجال من حديث طويل عن سالم ولفظه في صحيح مسلم (2/ 570): «ألا وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى» .
(2)
أخرجه الإمام مسلم في صحيحه (2/ 376) في كتاب فضائل الصحابة، باب ذكر حديث أم زرع وفي النهاية لابن الأثير (2/ 266) مادة «صفر» .
والشاهد في: «صفر شاحها بخفض شاحها» مثل: حسنة وجهها.
(3)
هذا ما أورده أبو علي القالي في الأمالي (2/ 69) في وصف سيدنا علي - كرم الله وجهه - لسيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو علي القالي: (نعت النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضخم الهامة، إلى أن قال: شثن الكفين والقدمين طويل أصابعهما - هكذا - الحديث). انتهى.
(4)
ينظر: الكتاب لسيبويه (1/ 199) تحقيق الأستاذ/ عبد السّلام هارون.
(5)
البيتان من الطويل ونسبتهما للشماخ بن ضرار الذبياني صحيحة فالبيتان في ديوانه (ص 307، 308).
اللغة: دمنتين: ما بقي من آثار الديار، حقل الرخامى: موضع ربعيهما موضع نزولهما، جارتا صفا: أي الأثفيتان، جونتا مصطلاهما: أسود موضع الصلا وهو النار منهما.
الشاهد فيه: «جونتا مصطلاهما» ؛ حيث أضيفت الصفة المشبهة وهي «جونتا» إلى معمول يشتمل على ضمير الموصوف وهذا قليل.
ينظر الشاهد في: الكتاب (1/ 199)، والعيني (3/ 587)، وابن يعيش (6/ 86)، والهمع (2/ 99)، والأشموني (3/ 11)، والدرر اللوامع (2/ 132).
(6)
البيت من الطويل وهو لأبي حبة النميري: واسمه الهيثم بن الربيع - شاعر مجيد متقدم من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، وقد كان فصيحا من ساكني البصرة وكان أبو عمرو بن العلاء يقدمه على غيره. -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
(وقال آخر)(1).
2249 -
تمنّي لقاي الجون مغرور نفسه
…
فلمّا رآني ارتاع ثمّت عرّدا (2)
قال المصنف (3): الضمير في «مصطلاهما» للأثفيتين، المعبر عنهما بجارتين، فوصفهما بسواد أسفلهما، وحمرة أعلاهما.
وزعم المبرد أنّ الضمير عائد على «الأعالي» ، وجاء بلفظ التثنية؛ لأنّ «الأعالي» جمع في اللفظ، مثنّى في المعنى، كما يقال: قلوبكما نورهما الله تعالى، وهذا صحيح في الاستعمال مناف للمعنى؛ لأنّ مصطلى الأثفية أسفلها فإضافته إلى «أعلاهما» بمنزلة إضافة «أسفل» إليه، وأسفل الشيء لا يضاف إلى أعلاه، ولا أعلاه إلى أسفله، بل يضافان إلى ما هما له أسفل وأعلى (4).
وأمّا «حسن وجهه» فلم يذكر المصنف، ولا الشيخ من منعهما، وإنّما قال المصنف: من شواهدهما ما أنشده الكسائيّ:
2250 -
أنعتها إنّي من نعّاتها
…
كوم الذّرى وادقه سرّاتها (5)
-
- تنظر ترجمته في: الشعر الشعراء لابن قتيبة (2/ 778)، وخزانة الأدب (10/ 217).
والشاهد قوله: «مطروف عينيه» ؛ حيث أضيفت الصفة المشبهة إلى ما أضيف إلى ضمير موصوفهما كالشاهد قبله، ومطروف: اسم صار صفة مشبهة لدلالته على الثبوت والدوام.
ينظر الشاهد في: التذييل والتكميل (4/ 874)، ومنهج السالك (ص 364).
(1)
زدت ما بين القوسين لاستقامة المعنى، وهذه الزيادة في التذييل والتكميل (4/ 874).
(2)
البيت من الطويل، ولم أهتد إلى قائله.
اللغة: الجون: في اللسان مادة «جون» كل أخ يقال له جوين وجون، عردا: من عرد الرجل تعريدا أي فر.
والشاهد قوله: «مغرور نفسه» ؛ حيث أنه مثل: «حسن وجهه» في إضافة الصفة المشبهة إلى معمول يشتمل على ضمير الموصوف وأصله «مغرور» اسم مفعول ثم صار صفة مشبهة لدلالته على الثبوت، والدوام ثم أضيف إلى نائبه في المعنى.
ينظر الشاهد في: التذييل والتكميل (4/ 874)، والدرر اللوامع (2/ 135).
(3)
شرح المصنف (3/ 99).
(4)
انتهى ما قاله المصنف ونقله ناظر الجيش من المرجع السابق، الصفحة نفسها.
(5)
البيت من الرجز، ونسبه العيني (3/ 583) على هامش خزانة الأدب ط. الأميرية لعمر ابن لحاء التيمي بالحاء المهملة في لحاء، وقال الشنقيطي في الدرر اللوامع (2/ 135):(ولعله غير الذي كان هاجى جريرا فإن ذلك بالجيم والله أعلم) انتهى، وهذا الشاهد بنصه كما شرح الأشموني (3/ 11). -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال: ومنه قراءة من قرأ: فإنه آثم قلبه (1) بالنّصب (2).
وأمّا «حسن وجه» فمنعها أكثر البصريّين، قال المصنف: وأجاز ذلك الكوفيّون، وبجوازه أقول (3)، ويدلّ على الجواز قول الراجز:
2251 -
ببهمة منيت شهم قلب
…
منجّذ لا ذي كهام ينبو (4)
ومثله ما أنشده الفراء (5) عن بعض العرب:
2252 -
بثوب ودينار وشاة ودرهم
…
فهل أنت مرفوع بما هاهنا رأس (6)
-
- اللغة: أنعتها: أصفها، يعني الإبل، كوم الذرى: عظيمات السنام جمع كوماء، والسرات: جمع سرة، ووادقة: من ودقت السرة إذا دنت من
الأرض لكثرة شحمها وسمنها.
والشاهد قوله: «وادقة سراتها» ؛ فـ «وادقة» اسم فاعل صار صفة مشبهة لدلالته على الثبوت والدوام، ونصبت الصفة المشبهة المضاف إلى ضمير الموصوف وعلامة النصب الكسرة في «سراتها» وهو دليل على جواز: زيد حسن وجهه بالنصب.
ينظر الشاهد في: شرح المصنف (3/ 96)، الصحاح «عقر» ، التذييل والتكميل (4/ 875)، منهج السالك (ص 364).
(1)
و (2) سورة البقرة: 283، وهذا التخريج والقراءة في: البحر المحيط (2/ 357)، ومنهج السالك (364)، والدرر (2/ 135).
(3)
شرح المصنف (3/ 96).
(4)
البيت من الرجز ولم أهتد لقائله.
اللغة: البهمة: بضم الباء الموحدة: الفارس الذي لا يدرى من أين يؤتى؟ من شدة بأسه، والجمع «بهم» ، ويقال أيضا للجيش: بهمة، منيت: على صيغة المبني للمجهول، أي: ابتليت، وشهم بفتح الشين المعجمة وسكون الهاء أي جلد ذكي الفؤاد حديده، منجذ - بالذال المعجمة - أي: مجرب حنكته الأيام والتجارب، وذي كهام: أي غير قليل ومنه: سيف كهام - بفتح الكاف والهاء المخففة - أي: سيف بطيء، ينبو: نبا الشيء إذا تباعد.
والشاهد فيه قوله: «شهم قلب» ؛ فإن «شهم» صفة مشبهة، و «قلب» مرفوع بها وهو دليل على جواز «حسن وجه» بالرفع وهذا ضعيف لعدم رابط في اللفظ بين الصفة والموصوف.
ينظر الشاهد في: منهج السالك (ص 364)، والعيني (32/ 577)، والأشموني (3/ 10)، واللوامع (2/ 133).
(5)
شرح المصنف (3/ 96).
(6)
البيت من الطويل وأنشده الفراء في معانيه (1/ 52)، مع بيتين آخرين وأنشده مرة أخرى في المعاني (2/ 212).
والشاهد قوله: «مرفوع رأس» ؛ حيث إنّ اسم المفعول «مرفوع» تحول إلى صفة مشبهة لدلالته -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وإذا ثبت جواز نحو: حسن وجهه، حسن وجه؛ ثبت جواز الصورتين الباقيتين من الست، وهما: الحسن وجهه، والحسن وجه؛ إذ لا فرق بينهما وبين ما قبلهما.
الأمر السادس: ذكروا أنّ معمول الصفة المشبهة يجوز أنّ يتبع بجميع التوابع، ما عدا الصفة، فإنّ الزجاج زعم أنه لم يسمع من كلامهم، فلا يجوز: جاءني الحسن الوجه الجميل (1)، لكن جاء في الحديث صفة الدجال:«أعور عينه اليمنى» .
قال الشيخ (2): وعلل بعضهم منع ذلك بأنّ معمول الصفة محال أبدا على الأول [3/ 158] فأشبه المضمر؛ لأنّه قد علم أنك لا تعني من الوجوه إلّا وجه زيد، في نحو: مررت بزيد الحسن الوجه، قال: وحكى لى هذا التعليل الشيخ
بهاء الدّين ابن النحاس (3) - رحمه الله تعالى - عن عبد المنعم الإسكندري (4)، من تلاميذ ابن برّي (5).
قال الشيخ بهاء الدّين: وقد كان يظهر لي ما نسبه هذا، وهو أنّ الصفة هي في -
- على الثبوت والدوام، وأتى بعده المعمول مرفوعا وهو «رأس» وهذا دليل على جواز «حسن وجه» بالرفع.
ينظر الشاهد أيضا في: البحر المحيط (6/ 340)، والتصريح (2/ 72)، والهمع (2/ 99)، والدرر (2/ 133، 134).
(1)
لمراجعة ما زعم الزجاج ينظر: التذييل والتكميل (4/ 890)، ومنهج السالك (2/ 366).
(2)
التذييل والتكميل (4/ 490).
(3)
سبقت ترجمته.
(4)
الإسكندري هو عبد المنعم بن صالح بن أحمد بن محمد أبو محمد المصري القرشي التيمي المكي الإسكندري، لازم ابن بري مدة وكان علامة ديار مصر أدبا ونحوا، من مؤلفاته: النوادر والغرائب (ت 633 هـ).
تنظر ترجمته في: طبقات ابن قاضي شهبة (2/ 133)، وبغية الوعاة (2/ 115، 116).
(5)
هو عبد الله بن بري عبد الجبار أبو محمد، المقدسي الأصل، المصري الدار، النحوي اللغوي الفقيه الشافعي كان قيما بالنحو واللغة والشواهد، ثقة، قرأ على الجزولي.
من مصنفاته: اللباب في الردّ على ابن الخشاب، وشرح شواهد الإيضاح، وحواشي على الصحاح، ودرة الغواص (ت 582 هـ).
تنظر ترجمته في: طبقات ابن قاضي شهبة (2/ 24)، وبغية الوعاة (2/ 34).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الحقيقة لـ «الوجه» ، وإن أسندت إلى «زيد» مثلا، وقد تبين «الوجه» بالصفة، فلا يحتاج إلى تبيين».
قال الشيخ: فقلت له: الصفة قد تكون لغير التبيين، كالمدح والذّمّ، وغيرهما، فهلّا جاز أن يوصف بصفات هذه المعاني؟ فقال: أصل الصفة أن تأتي للتبيين، ومجيئها لما ذكرت هو بحقّ الفرع، وإذا امتنع الأصل فأحرى أن يمتنع الفرع (1).
انتهى.
ثمّ التابع للمعمول من توكيد أو عطف أو بدل؛ يكون إعرابه تابعا للفظ المعمول، ولا يجوز الإتباع على الموضع (2).
وأجاز الفراء أن يتبع المجرور على موضعه من الرفع، فأجاز: مررت بالرّجل الحسن الوجه نفسه، وهذا قويّ اليد والرّجل، برفع:«نفسه» ، و «الرّجل» ، مع جرّ المعمول، كأنك قلت: الحسن وجهه، وقوي يده ورجله، وقد صرح
سيبويه بمنع ذلك، وأنه لم يسمع منهم في هذا الباب (3)، وأما أن يعطف على المعمول المجرور نصبا، فنص على أنه لا يجوز، لا تقول: هذا حسن الوجه واليد، وذلك بخلاف اسم الفاعل، فإنّه يجوز فيه ذلك، إمّا عطفا على الموضع، وإمّا على إضمار فعل كما تقدّم في بابه، وأما هنا فلا يجوز، لا على الموضع ولا على إضمار فعل؛ لأنّ الفعل لا يشبّه، إنّما يشبه الوصف، لا فعله، ولا يجوز إضمار صفة تنصب؛ لأن الصفة المشبهة لا تعمل مقدرة كما تقدم، وأجاز البغداديون الخفض في العطف على المنصوب، فتقول: هذا حسن وجها ويدا؛ لأنّ الإضافة كثرت، فكأنّها ملفوظ بها (4).
(1) التذييل والتكميل (4/ 890).
(2)
أي من نصب أو جر كما في المرجع السابق (4/ 891).
(3)
في الكتاب (1/ 160) قال: (فإن قلت: ضرب زيد اليد والرجل؛ جاز على أن يكون بدلا من أن يكون توكيدا، وإن نصبته لم يحسن؛ لأن الفعل إنّما أنفذ في هذه الأسماء خاصة إلى المنصوب إذا حذفت منه حرف الجر، إلا أن تسمع العرب تقول في غيره: وقد سمعناهم يقولون: مطرتهم ظهرا وبطنا).
(4)
لمراجعة إجازة الكوفيين كما هنا ينظر: التذييل والتكميل (4/ 892).