المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[أحوال الصفة المشبهة بالنسبة إلى الموصوف بها] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٦

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الرابع والثلاثون باب التّعجّب

- ‌[تعريفه وصيغه - حكم المتعجب منه]

- ‌[همزة (أفعل) و (أفعل) وأحكام هاتين الصيغتين]

- ‌[جرّ ما يتعلّق بصيغتي التعجّب]

- ‌[شروط ما تبنى منه صيغتا التعجب، وكيفية بنائهما من غير المستوفي للشروط]

- ‌الباب الخامس والثلاثون باب «أفعل» التّفضيل

- ‌[تعريفه وصياغته وشروط صياغته]

- ‌[أحكام أفعل التفضيل المجرد من «أل» والإضافة، وأحوال المفضول منه]

- ‌[أفعل المقترن بـ «أل»، أو المضاف إلى معرفة، وما يتعلق بهما]

- ‌[«أفعل» المضاف إلى نكرة وأحكامه]

- ‌[حكم كلمة «أول» صفة لأفعل التفضيل أو مجردة عن الوصفية]

- ‌[متى يرفع «أفعل» التفضيل الظاهر، وعلة ذلك، وأحكامه

- ‌الباب السادس والثلاثون باب اسم الفاعل

- ‌[تعريفه - وزنه من الثلاثي المجرد - الاستغناء ببعض الأوزان عن بعض]

- ‌[عمل اسم الفاعل غير المصغر والموصوف عمل فعله قد يحول «فاعل» للمبالغة إلى الأمثلة الخمسة]

- ‌[إضافة اسم الفاعل المجرّد من «أل» إلى المفعول أو ما يشبه المفعول - إضافة المقرون بالألف واللام - حكم المعطوف على مجرور ذي الألف واللام]

- ‌[اسم المفعول: عمله عمل فعله الذي لم يسم فاعله وشروط عمله وبناؤه]

- ‌الباب السابع والثلاثون باب الصّفة المشبّهة باسم الفاعل

- ‌[تعريفها وشرح التعريف]

- ‌[موازنتها للمضارع من الثلاثي وغيره]

- ‌[أحوال الصفة المشبهة وأحكامها]

- ‌[أقسام معمول الصفة المشبهة وإعرابه]

- ‌[عمل الصفة المشبهة في الضمير]

- ‌[عمل الصفة المشبهة في الموصول والموصوف]

- ‌[بقية أحكام الصفة المشبهة]

- ‌[أحوال الصفة المشبهة بالنسبة إلى الموصوف بها]

- ‌[ردّ الصّفة المشبّهة إلى اسم الفاعل]

- ‌الباب الثامن والثلاثون باب إعمال المصدر

- ‌[علة إعمال المصدر - أحوال إعماله]

- ‌[المصدر العامل نوعان: مقدر بالفعل بالفعل والحرف - مقدر بالفعل وحده]

- ‌[أحكام المصدر العامل وأحكام معموله]

- ‌[أقسام المصدر العامل وأكثر الأقسام إعمالا من الآخر]

- ‌[إتباع مجرور المصدر لفظا أو محلّا ما لم يمنع مانع]

- ‌[عمل اسم المصدر وأحكامه]

- ‌[المصدر الكائن بدلا من الفعل موافقته متعديا والاختلاف في قياسه]

- ‌[المصدر الكائن بدلا من الفعل وأحكام أخرى له]

- ‌الباب التاسع والثلاثون [باب حروف الجرّ]

- ‌[تعريفها - سبب عملها - تقسيمها]

- ‌[من الجارة: معانيها، وأحكامها]

- ‌[إلى الجارة…معانيها، وأحكامها]

- ‌[اللام الجارة: معانيها، وأحكامها]

- ‌[كي الجارة - مساواتها للام]

- ‌[الباء معانيها، وأحكامها]

- ‌[في: معانيها، وما يعرض لها]

- ‌[عن: معانيها، وأحكامها]

- ‌[على: معانيها، وحكم زيادتها]

- ‌[حتى الجارة…معانيها، وأحكامها]

- ‌[الكاف الجارة: معانيها…وأحكامها]

- ‌[مذ، منذ، رب: لغاتها، ومعانيها، وأحكامها]

- ‌[لولا .. حكم الجر بها]

- ‌[لعلّ، ومتى .. هل يجر بهما]

- ‌[مواضع الجر بحرف محذوف، أحكامه، حكم الفصل بين الجار والمجرور]

- ‌الباب الأربعون باب القسم

- ‌[القسم: تعريفه، أقسامه، أساليبه]

- ‌[إضمار الفعل وأحكام لفظ الجلالة في القسم]

- ‌[من أحكام الجملة الاسمية في القسم]

- ‌[الحروف التي يتلقى بها القسم، وأحكامها]

- ‌[تلقي جواب القسم الماضي]

- ‌[توالي القسم والشرط غير الامتناعي]

- ‌[من أحكام أسلوب القسم]

الفصل: ‌[أحوال الصفة المشبهة بالنسبة إلى الموصوف بها]

[أحوال الصفة المشبهة بالنسبة إلى الموصوف بها]

قال ابن مالك: (فصل: إذا كان معنى الصّفة لسابقها رفعت ضميره، وطابقته في إفراد وتذكير، وفروعهما ما لم يمنع من المطابقة مانع، وكذلك إن كان معناها لغيره ولم ترفعه فإن رفعته جرت في المطابقة مجرى الفعل المسند إليه، وإن أمكن تكسيرها حينئذ مسندة إلى جمع فهو أولى من إفرادها، وتثنّى وتجمع جمع المذكّر السّالم على لغة «يتعاقبون فيكم ملائكة» وقد تعامل غير الرّافعة ما هي له، إن قرن بـ «أل» معاملتها إذا رفعته).

قال ناظر الجيش: مقصود المصنف من هذا الكلام: أن يبين أحوال الصفة بالنسبة إلى الموصوف بها، من مطابقتها له في الإفراد وما يقابله، والتذكير وما يقابله. وعدّ هذا مخصوصا بالصفة المشبهة، بل هذا الذي ذكره شامل لكلّ صفة جرت على موصوف ولذلك لم يتعرض لذكر شيء من ذلك في باب النعت، وعادته في بقية تصانيفه أن يذكره ثمّ.

فالصفة إما أن يكون معناها لموصوفها الجارية هي عليه، أو لسببيّ موصوفها، وإذا كان معناها للسببيّ فإمّا أن

ترفعه أو لا ترفعه فهي ثلاثة أقسام، فإن كان معناها لموصوفها، أو لسببيّ موصوفها، ولم ترفعه، وجب في القسمين أن يرفع ضمير الموصوف، وأن تطابقه في إفراد، أو تثنية، أو جمع، وفي تذكير، أو تأنيث، تقول - فيما معناه لموصوفه -: مررت برجل حسن، وبرجلين حسنين، وبرجال حسنين أو حسان، وبامرأة حسنة، وبامرأتين حسنتين، ونساء حسنات، أو حسنيات، أو حسان (1).

وتقول - فيما معناه لسببيّ موصوفه، ولم يرفع السببي -: مررت برجل حسن الغلام، أو: حسن غلاما، ورجلين حسني الغلمان، وبرجال حسني الغلام، أو حسنين غلمانا، أو حسانا الغلمان، أو حسان غلمانا، وبامرأة حسنة الغلام، أو حسنة غلاما، وبامرأتين حسنتي الغلمان، أو حسنتين غلمانا، وبنساء حسنات الغلمان، أو حسنات غلمانا، أو حسان الغلمان، أو حسان غلمانا، فجيء - في الأول - بالصفات مطابقة لما قبلها، ونوي معها ضمائر موافقة؛ لأنّ معناها لما جرت هي عليه، وجيء - في الثاني - بها مطابقة لما قبلها أيضا، وإن كان معناها -

(1) ينظر شرح المصنف (3/ 100).

ص: 2806

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ليس لما جرت هي عليه، وإنّما هو لما بعدها؛ لأنّها لم ترفعه، إنّما رفعت ضمائر ما قبلها؛ فجرت مجرى ما هي لما قبلها معنى ولفظا.

وإلى هذين القسمين أشار بقوله: إذا كان معنى الصفة لسابقها إلى قوله: ولم ترفعه، ولما كان من الصفات ما لا يطابق ما قبله لأمر يرجع إلى ذات الصّفة، من حيث الاستعمال، أشار إلى ذلك بقوله: ما لم يمنع من المطابقة مانع واحترز به من صفة وقع فيها الاشتراك مطلقا، كـ:«جنب» ، ومثله:«أفعل من» والمصدر الموصوف به الأفصح فيه، ومن صفة اشترك فيها المذكر والمؤنث، نحو: ثيّب وربعة، ومثلهما: جريح وصبور. قال المصنف: (ومما يخصّ المذكر أو المؤنث لفظا ومعنى، أو لفظا لا معنى، أو معنى لا لفظا). انتهى.

وهذا إنما يتأتى على مذهب الكسائيّ والأخفش؛ لأنهما هما اللذان يجريان المذكّر في الأقسام الثلاثة على المؤنث، والمؤنث على المذكر، وإذا أجريا فلا مطابقة، وأما غيرهما فلا يجري؛ فلا يحتاج إلى الاحتراز من ذلك على رأيه.

وإن كان [3/ 159] معنى الصفة لسببيّ موصوفها ورفعته - وهذا هو الحكم الثالث - فالحكم أنها تجري في المطابقة مجرى الفعل المسند إلى ذلك السببيّ المرفوع بها، إذا وقع موقعها، فقد تطابق كما في: مررت برجل حسن غلامه، وبامرأة حسنة جاريتها، وقد لا تطابق، كما في: مررت برجل حسنة جاريته وبامرأة حسن غلامها، وبرجلين حسن غلامهما، وحسنة جاريتاهما، وبرجال حسن غلمانهم، وحسنة جواريهم، وبامرأتين حسن

غلامهما، وحسنة جاريتاهما، وبنساء حسن غلمانهنّ وحسنة جواريهن؛ لأنك تفرد الفعل إذا أوقعته موقع هذه الصفات عن ضمير التثنية والجمع، وتلحقه علامة التأنيث مع المؤنث، فعوملت الصفات معاملته في ذلك ولم يخرجوا عن هذا الأصل إلا في صورة واحدة، وهي ما إذا كان السببي المرفوع جمعا وأمكن تكسير الصفة المسندة إليه؛ فإنّ تكسير الصفة - إذ ذاك - جائز وهو أولى من إفرادها، كقولك: مررت برجال حسان غلمانهم، واحترز بإمكان التكسير من صفة لا يمكن تكسيرها، فيتعين الإفراد.

قال الشيخ: فيكون الإفراد فيه أحسن (1)، وليس بجيد وذلك كصيغة «فعّال» ، -

(1) ينظر كلام الشيخ أبي حيان في: التذييل والتكميل (4/ 894).

ص: 2807

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كـ «شرّاب» ، وفعّال؛ كـ «حسّان» في الكثير الحسن، وفعيل؛ كـ «فسيق» ، ومفعول؛ كـ:«مضروب» فيقال: مررت برجال شرّاب غلمانهم وفسيق عبدهم، وقد كان المصنف غير محتاج إلى هذا الاحتراز؛ لأنّ ما لا يمكن كسره لا يكسر، قال الله تعالى: خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ (1)، وقرئ خاشعا (2)، و «خشّع» أكثر كلام العرب.

ونقل الشيخ كلاما كثيرا عن النحاة في هذا الموضع، ثمّ قال: وتلخص أنّ في الصفة - إذا كانت مما تجمع بالجمعين وكان المعمول جمعا - ثلاثة مذاهب (3):

أحدها: أنّ التكسير أولى من الإفراد وهو نصّ سيبويه في بعض نسخ كتابه (4) ومذهب المبرد (5).

والثاني: العكس وهو مذهب الجمهور واختيار الأستاذ أبي عليّ (6) وشيخنا أبي الحسن الأبّذي (7).

والثالث: أنّ الصفة إن كانت تابعة لجمع كان التكسير أولى من الإفراد، وإن كانت تابعة لمفرد أو مثنى كان الإفراد أحسن من التكسير (8). انتهى. -

(1) سورة القمر: 7.

(2)

في كتاب السبعة (ص 617، 618): (قرأ ابن كثير ونافع وعاصم وابن عامر خشعا أي بجمع التكسير، وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي «خاشعا» بألف). انتهى.

وفي تحبير التيسير (ص 182): (أبو عمرو ويعقوب وحمزة والكسائي وخلف «خاشعا» بفتح الخاء وألف بعدها، وكسر الشين مخففة ونصب على الحال) انتهى. وينظر النشر (3/ 3190) لابن الجزري أيضا.

(3)

ينظر: التذييل والتكميل (4/ 897 - 899).

(4)

قال سيبويه في الكتاب (2/ 43) ما نصه: (واعلم أن ما كان يجمع بغير الواو والنون نحو: حسن وحسان؛ فإن الأجود فيه أن تقول: «مررت برجل حسان قومه» وما كان يجمع بالواو والنون نحو:

منطلق ومنطلقين؛ فإن الأجود فيه أن يجعل بمنزلة الفعل المقدم فتقول: «مررت برجل منطلق قومه» ).

اهـ (وينظر: التذييل (4/ 898).

(5)

يراجع مذهب المبرد في التذييل (4/ 898، 899) أيضا.

(6)

في التوطئة للشلوبين (ص 267): (وكان التكسير أجود من الإفراد إن أمكن، نحو: مررت برجال حسان آباؤهم، هذا قول بعضهم والصواب أن الإفراد أحسن من التكسير، وإنما قال: «إن أمكن»؛ لأن من الصفات ما لا يكسر نحو: مررت بفرس معلم فارسه) اهـ.

(7)

أشير إلى مذهب الأبذي في ارتشاف الضرب (3/ 205) تحقيق د/ مصطفى النماس (2/ 368)، والتذييل والتكميل (4/ 899).

(8)

ينظر: التذييل والتكميل (4/ 899).

ص: 2808

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

واعلم أنّ من لغته أن يقدم على الفاعل علامة تثنية وجمع، فيقول: مررت برجلين حسنا غلامهما، وبرجال حسنوا غلمانهم، فإنه يقول: مررت برجلين حسنين غلاماهما، وبرجال حسنين غلمانهم، وإلى هذا أشار بقوله: وتجمع جمع المذكر السالم على لغة «يتعاقبون فيكم ملائكة» (1)، وأشار بقوله: وقد تعامل غير الرافعة إلى آخره؛ إلى أنّ الصفة إذا كان معناها لسببيّ موصوفها ولم ترفعه كان معمولها مقرونا بـ «أل» وقد يعامل معاملتها إذا رفعته - في عدم المطابقة لما قبلها - فيقال: مررت برجل حسنة العين، كما يقال: حسنة عينه.

قال المصنف (2): حكى ذلك الفراء في سورة ص وَالْقُرْآنِ (3). قال (4):

والعرب تجعل الألف واللام خلفا من الإضافة فيقولون: مررت برجل حسنة العين، قبيح الأنف، والمعنى: حسنة عينه، قبيح أنفه (5)، قال المصنف: فعلى هذا يقال:

مررت برجل حسان الغلمان، وبرجل كريمة الأم، وبامرأة كرام الآباء، وكريم الأب، كما يقال: مررت برجل حسان غلمانه، وبرجل كريمة أمه، وبامرأة كرام آباؤها، وكريم أبوها، ومنه قول الشاعر:

2253 -

أيا ليلة خرس الدّجاج (6) شهدتها

ببغداد ما كادت عن الصّبح تنجلي (7)

-

(1) ينظر الحديث بهذه الرواية وروايات أخرى في: البخاري باب (16) من كتاب المواقيت، وباب (23، 33) من كتاب التوحيد، وموطأ مالك

حديث (82) من كتاب السفر، وابن حنبل (2/ 257).

(2)

شرح المصنف (3/ 101).

(3)

سورة ص: 1.

(4)

يعني: قال الفراء.

(5)

هذا الكلام بنصه في معاني القرآن (2/ 480)، والتذييل والتكميل (4/ 900).

(6)

صحة ذلك أن يقال: خرساء دجاجها، يراجع: شرح المصنف (3/ 101)، والتذييل والتكميل (4/ 901).

(7)

البيت من الطويل، ولم ينسب لقائل معين.

اللغة: ليلة خرس، أي: لم يسمع فيها صوت، وفي اللسان مادة «خرس»: خرس خرسا فهو أخرس، وسحابة خرساء لا رعد فيها.

والشاهد فيه قوله: «خرس الدجاج» ؛ حيث إنّ العرب تجعل الألف واللام خلفا من الإضافة، فخرس الدجاج على معنى: خرساء دجاجها، كما يقال: مررت برجل حسنة العين؛ والمعنى: حسنة عينه، ولذلك تعامل الصفة والمعمول بـ «أل» في الجر والنصب معاملتهما، والمعمول مضاف إلى الضمير في الرفع، فشبه ثم جمع الصفة، وجعلها على حسب الثاني. ويجوز أن يقول: خرساء الدجاج، لكنه حمله على المعنى من لفظ الدجاج حيث كان جمع دجاجة.

ينظر الشاهد أيضا: مجمع الأمثال (2/ 165)، وأمالي المرتضي (1/ 434)، وشرح الصفار (171 / أ).

ص: 2809

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فقال: خرس الدجاج، كما يقال: خرس دجاجها.

ومثله قول الآخر:

2254 -

فناجت به غرّ الثّنايا مفلجا

وسيما جلا عنه الظّلال موشّما (1)

أراد: فما غرّ الثنية، فجمع مع الألف واللّام، كما يجمع مع الضمير إذا قيل:

فناجت به فما غرّا ثناياه.

ومثله قول الآخر في وصف عقاب يأوي إلى قبّة:

2255 -

حجن المخالب لا يغتاله الشّبع (2)

فقال: حجن المخالب كما كان يقول: حجن مخالبها، ثم بدأ، بعد هذا أراد المصنف أن يستدلّ على مجيء «أل» خلفا من الضمير في غير باب الصفة المشبهة فقال (3): ومن وقوع الألف واللام خلفا عن الضمير في غير هذا الباب

قول الله تعالى: فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى (4)، فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى (5)، ومنه قول الأعشى:

2256 -

وأمّا إذا ركبوا فالوجو

هـ في الرّوع من صدأ البيض حمّ (6)

-

(1) البيت من الطويل، ولم ينسب لقائل معين.

والشاهد فيه قوله: «غر الثنايا» حيث خلفت الألف واللام الإضافة إلى الضمير فجمع الصفة المشبهة كما يجمع مع الضمير، فمعناه: فناجت به فما غرّا ثناياه، وكان قياسه: أغر الثنايا.

ينظر الشاهد في شرح المصنف (3/ 101)، والتذييل والتكميل (4/ 901)، ومنهج السالك (ص 358).

(2)

البيت من البسيط ولم ينسب لقائل معين.

اللغة: حجن المخالب: من قولهم: صقر أحجن المخالب، أي: معوجها، لا يغتاله الشبع: أي لا يغتاله فقد الشبع.

والشاهد فيه: قوله: «حجن المخالب» ؛ حيث جمع الصفة المشبهة، مع الإضافة إلى ما فيه الألف واللام، كما يقال: حجن مخالبها.

ينظر الشاهد في: التذييل والتكميل (4/ 901)، ومنهج السالك (ص 358).

(3)

الكلام الآتي من شرح المصنف، وينظر أيضا في: التذييل والتكميل (4/ 902).

(4)

سورة النازعات: 39.

(5)

سورة النازعات: 41.

(6)

البيت من المتقارب، ونسبه ابن مالك للأعشى وليس هذا البيت في ديوانه ط. دار صادر بيروت، وفي الديوان قصيدة بهذا الوزن وهذه القافية، ولعله سقط من هذه القصيدة.

حم: من الحمم مصدر الأحم والجمع الحم، وهو الأسود من كل شيء، والاسم الحمة.

ص: 2810

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أي: فوجوههم (1)، وقول الآخر:

2257 -

ولكن نرى أقدامنا في نعالكم

وآنفنا بين اللّحى والحواجب (2)

أي: بين لحاكم، وقول ذي الرمّة:

2258 -

تخلّلن أبواب الخدور بأعين

غرابيب والألوان بيض نواصع (3)

أي: وألوانهنّ.

قال: وقد سوّى سيبويه بين: ضرب زيد ظهره وبطنه، وضرب زيد الظهر والبطن، وبين: مطرنا سهلنا وجبلنا، ومطرنا السهل والجبل (4) فالظاهر من قوله أنه موافق لقول -

- والشاهد فيه قوله: «فالوجوه» ؛ حيث وقعت «أل» خلفا من الضمير، والتقدير: وجوههم، وهذا في غير باب الصفة المشبهة.

ينظر الشاهد في: شرح المصنف (3/ 102)، والتذييل والتكميل (4/ 902)، واللسان «حمم» .

(1)

وتقدير هِيَ الْمَأْوى: هي مأواه.

(2)

البيت من الطويل، وقد نسب لبعض بني عبس، وقد روي في حماسة أبي تمام، بشرح مختصر التبريزي (1/ 128):

وإنا نرى أقدامنا في نعالهم

وآنفنا بين اللحى والحواجب

اللغة: آنفنا: جمع أنف، وفي معاني القرآن للفراء (2/ 408): ومعناه: ونرى آنفنا بين لحاكم وحواجبكم في الشبه.

والمعنى: أنه يرى أقدامهم آنفهم تشبه أقدامهم وآنفهم للقرابة، وأنه يرقّ لهم لذلك؛ حيث هم قومه.

والشاهد في البيت قوله: «اللحى والحواجب» حيث وقعت «أل» خلفا من الضمير، في غير باب الصفة المشبهة، فتقديره: لحاكم، وحواجبكم، ينظر الشاهد في: معاني القرآن للفراء (2/ 408)، ومجمع الأمثال (1/ 288)، والتذييل والتكميل (4/ 902).

(3)

البيت من الطويل وقائله: ذو الرمة.

اللغة: تخللن: بأعينهن من وراء الستور، غرابيب: سود، يريد: سود الأعين، بيض نواصع: شديدات البياض.

والشاهد في البيت قوله: «والألوان» ، حيث خلفت «أل» الضمير في غير باب الصفة المشبهة، والتقدير: وألوانهن.

ينظر الشاهد في: ديوان ذي الرمة (2/ 129)، وشرح المصنف (3/ 102)، والتذييل والتكميل (4/ 902).

(4)

في الكتاب (1/ 158) في باب من الفعل، يبدل فيه الآخر من الأول:(فالبدل أن تقول: ضرب عبد الله ظهره وبطنه، وضرب زيد الظهر والبطن، وقلب عمرو ظهره وبطنه، ومطرنا سهلنا وجبلنا، ومطرنا السهل والجبل) اه. وينظر أيضا: التذييل والتكميل (4/ 903).

ص: 2811

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الفراء (1)، وليس هذا على تقدير «منه» ؛ إذ لو كان كذلك لاستوى وجود الألف واللام وعدمها، كما استويا في مثل: البر الكر (2) بستين، فكان يجوز أن يقال: ضرب زيد ظهر وبطن، ومطرنا سهل وجبل، كما جاز أن يقال: البرّ كرّ بستّين، والسمن منوان بدرهم؛ لأنّ البعضية مفهومة مع عدم الألف واللام، كما هي مفهومة مع وجودهما.

ومن الاستغناء عن الضمير بالألف واللام قوله تعالى: مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ (3) أي: مفتحة لهم أبوابها (4). انتهى.

وقال الشيخ: وهذه نزعة كوفية (5).

وتقدم الردّ على هذه المذاهب وقد تأول الفارسيّ قوله: «خرس الدجاج» ؛ على أنّ الليلة لطولها كالجمع، فكأنّ كلّ جزء ليلة (6)، كقولهم:[3/ 160] ثوب أخلاق (7)، ويحكى عن الأصمعي أنّ العرب تقول: ليلة خرس (8)؛ إذا لم يسمع فيها صوت، ثم خفّف بسكون العين، فهو مفرد وصف به مفرد (9). انتهى.

والأدلة التي أوردها المصنف دالة على صحّة هذا الاستعمال فوجب القبول، على أنّ الشيخ حكى في ذلك خلافا بين النحويين (10)، ثمّ قال: وينبغي ألّا يمنع ذلك، لكن في القياس على ما سمع منه نظر.

(1) معاني القرآن للفراء (2/ 408).

(2)

الكر: كيل معروف، والجمع أكرار وهو ستون قفيزا، والقفيز: ثمانية مكاكيك، والمكوك: صاع ونصف، ينظر: المصباح المنير «كرر» .

(3)

سورة ص: 50.

(4)

ينظر هذا في: شرح المصنف (3/ 103).

(5)

ينظر: معاني القرآن للفراء (2/ 408) ويقصد بقوله: «نزعة كوفية» : قول الكوفيين بأن «أل» تخلف الضمير.

(6)

ينظر: التذييل والتكميل (4/ 904)، وفي شرح الصفار (1/ 171) (أخرجه الفارسي على أن يكون جعل كلّ جزء من الليلة ليلة، فجعل كل ليلة خرساء، ثم جمع فقال: ليلة خرس، كما قالوا:

ثوب أسمال، وبرمة أعشار؛ لأن كل جزء منها كل، فهذا وجه) اه. وينظر أيضا: منهج السالك (3/ 356).

(7)

خلق الثوب - بضم اللام - إذا بلي، فهو خلق - بفتحتين - وأخلق لغة. ومثل «ثوب أخلاق» في هذا: برمة أعشار، وبرد أسمال.

(8)

خرس - بضم الأول والثاني - بوزن «عنق» .

(9)

ينظر ما حكي عن الأصمعي في: كتاب المذكر والمؤنث لابن الأنباري (ص 686) ط. بغداد (1978 م) ومنهج السالك (ص 358).

(10)

يراجع هذا الخلاف بين النحويين في: التذييل والتكميل (ص 904، 905).

ص: 2812