المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[أحكام المصدر العامل وأحكام معموله] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٦

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الرابع والثلاثون باب التّعجّب

- ‌[تعريفه وصيغه - حكم المتعجب منه]

- ‌[همزة (أفعل) و (أفعل) وأحكام هاتين الصيغتين]

- ‌[جرّ ما يتعلّق بصيغتي التعجّب]

- ‌[شروط ما تبنى منه صيغتا التعجب، وكيفية بنائهما من غير المستوفي للشروط]

- ‌الباب الخامس والثلاثون باب «أفعل» التّفضيل

- ‌[تعريفه وصياغته وشروط صياغته]

- ‌[أحكام أفعل التفضيل المجرد من «أل» والإضافة، وأحوال المفضول منه]

- ‌[أفعل المقترن بـ «أل»، أو المضاف إلى معرفة، وما يتعلق بهما]

- ‌[«أفعل» المضاف إلى نكرة وأحكامه]

- ‌[حكم كلمة «أول» صفة لأفعل التفضيل أو مجردة عن الوصفية]

- ‌[متى يرفع «أفعل» التفضيل الظاهر، وعلة ذلك، وأحكامه

- ‌الباب السادس والثلاثون باب اسم الفاعل

- ‌[تعريفه - وزنه من الثلاثي المجرد - الاستغناء ببعض الأوزان عن بعض]

- ‌[عمل اسم الفاعل غير المصغر والموصوف عمل فعله قد يحول «فاعل» للمبالغة إلى الأمثلة الخمسة]

- ‌[إضافة اسم الفاعل المجرّد من «أل» إلى المفعول أو ما يشبه المفعول - إضافة المقرون بالألف واللام - حكم المعطوف على مجرور ذي الألف واللام]

- ‌[اسم المفعول: عمله عمل فعله الذي لم يسم فاعله وشروط عمله وبناؤه]

- ‌الباب السابع والثلاثون باب الصّفة المشبّهة باسم الفاعل

- ‌[تعريفها وشرح التعريف]

- ‌[موازنتها للمضارع من الثلاثي وغيره]

- ‌[أحوال الصفة المشبهة وأحكامها]

- ‌[أقسام معمول الصفة المشبهة وإعرابه]

- ‌[عمل الصفة المشبهة في الضمير]

- ‌[عمل الصفة المشبهة في الموصول والموصوف]

- ‌[بقية أحكام الصفة المشبهة]

- ‌[أحوال الصفة المشبهة بالنسبة إلى الموصوف بها]

- ‌[ردّ الصّفة المشبّهة إلى اسم الفاعل]

- ‌الباب الثامن والثلاثون باب إعمال المصدر

- ‌[علة إعمال المصدر - أحوال إعماله]

- ‌[المصدر العامل نوعان: مقدر بالفعل بالفعل والحرف - مقدر بالفعل وحده]

- ‌[أحكام المصدر العامل وأحكام معموله]

- ‌[أقسام المصدر العامل وأكثر الأقسام إعمالا من الآخر]

- ‌[إتباع مجرور المصدر لفظا أو محلّا ما لم يمنع مانع]

- ‌[عمل اسم المصدر وأحكامه]

- ‌[المصدر الكائن بدلا من الفعل موافقته متعديا والاختلاف في قياسه]

- ‌[المصدر الكائن بدلا من الفعل وأحكام أخرى له]

- ‌الباب التاسع والثلاثون [باب حروف الجرّ]

- ‌[تعريفها - سبب عملها - تقسيمها]

- ‌[من الجارة: معانيها، وأحكامها]

- ‌[إلى الجارة…معانيها، وأحكامها]

- ‌[اللام الجارة: معانيها، وأحكامها]

- ‌[كي الجارة - مساواتها للام]

- ‌[الباء معانيها، وأحكامها]

- ‌[في: معانيها، وما يعرض لها]

- ‌[عن: معانيها، وأحكامها]

- ‌[على: معانيها، وحكم زيادتها]

- ‌[حتى الجارة…معانيها، وأحكامها]

- ‌[الكاف الجارة: معانيها…وأحكامها]

- ‌[مذ، منذ، رب: لغاتها، ومعانيها، وأحكامها]

- ‌[لولا .. حكم الجر بها]

- ‌[لعلّ، ومتى .. هل يجر بهما]

- ‌[مواضع الجر بحرف محذوف، أحكامه، حكم الفصل بين الجار والمجرور]

- ‌الباب الأربعون باب القسم

- ‌[القسم: تعريفه، أقسامه، أساليبه]

- ‌[إضمار الفعل وأحكام لفظ الجلالة في القسم]

- ‌[من أحكام الجملة الاسمية في القسم]

- ‌[الحروف التي يتلقى بها القسم، وأحكامها]

- ‌[تلقي جواب القسم الماضي]

- ‌[توالي القسم والشرط غير الامتناعي]

- ‌[من أحكام أسلوب القسم]

الفصل: ‌[أحكام المصدر العامل وأحكام معموله]

[أحكام المصدر العامل وأحكام معموله]

قال ابن مالك: (ولا يلزم ذكر مرفوعه، ومعموله كصلة، في منع تقدّمه، وفصله، ويضمر عامل فيما أوهم خلاف ذلك، أو يعدّ نادرا).

ــ

أي: أن أستغفرك، ولا أن أرغب، وكذلك: متى ظنّك؟ أي: متى أن تظنّ؟ (1) لكن ذكر صاحب البسيط ما يقوّي ما أشار إليه المصنف، فقال: اختلفوا في تقدير الفعل: هل من شرطه تقديره بالحروف الساكنة أو لا؟ (2)، ومن لم يقدر الحرف قال: إنما نقدره حيث يكون المصدر مطلوبا لشيء متقدّم؛ لأنّ الفعل وحده لا يكون معمولا للأول فيحتاج إلى تقدير الحرف، أما الذي ابتدئ فلا يحتاج إليه قبل، وهذا أصحّ للقياس والسّماع؛ أما القياس فمن حيث إنّ الفعل إذا قدّر بـ «أن» كان معناه المصدر، فلم يقع المصدر موقع الفعل، وإنّما وقع موقع نفسه، وأما السّماع فإنّا نجوز: ضربي زيدا قائما، ولو قلت: أن أضرب زيدا قائما لم يكن كلاما إلا بخير، وإنّما كان الحال خبرا - مع ظهور المصدر - لصحّة كون الحال كالزمان، والزمان يكون خبرا عن المصادر فإذا خرج عن لفظه لم يكن ذلك (3). انتهى، وفيه نظر.

قال ناظر الجيش: هاتان مسألتان:

الأولى:

أنّه لا يلزم ذكر مرفوع المصدر فالمصدر الصالح للعامل قد يجاء به دون مرفوع، ودون معمول آخر، وقد يجاء به دون مرفوع، كائنا معه معمول آخر.

فالأول: نحو قوله تعالى: وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ (4).

والثّاني: قوله تعالى: أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيماً (5).

وإنّما خصّ المرفوع بجواز الاستغناء عنه مع المصدر؛ لأنّ الاستغناء عن غير -

(1) ينظر: التذييل والتكميل (4/ 929)، وفي النقل تصرف يسير.

(2)

في المرجع السابق الصفحة نفسها: (وليس من شرطه ذلك، فمنهم من يقدر نفس الفعل، ومنهم من يقدره بـ «أن» ومن لم يقدره) اهـ.

(3)

هذا الكلام إلى هنا من أول كلام صاحب البسيط ينظر في: التذييل والتكميل (4/ 929)، وشرح التسهيل للمرادي (204 / أ)، والمساعد لابن عقيل (2/ 229 - 231) تحقيق د/ محمد كامل بركات.

(4)

سورة الزمر: 7.

(5)

سورة البلد: 14، 15.

ص: 2834

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المرفوع جائز، مع كلّ عامل ليس من النواسخ، وإنّما قال: ذكر مرفوعه ولم يقل:

ذكر فاعله؛ ليعمّ الفاعل، ونائبه، واسم «كان» .

قال المصنف (1): جاز أن يستغنى عن مرفوع المصدر، دون مرفوع الفعل، وما أشبهه ممّا ليس مصدرا؛ لأنّ الفعل لو ذكر دون مرفوع لكان حديثا عن غير محدّث عنه.

وكذا ما يعمل عمله، من صفة، أو اسم فعل، فإنّه لا يعمل إلا وهو بنفسه واقع موقع الفعل، ومؤدّ معناه، فاستحق ما يستحقّه الفعل من مرفوع، يحدّث به عنه ظاهرا، أو مضمرا؛ فلو خلا عنه لكان في تقدير فعل، خلا من مرفوع، وليس كذلك المصدر؛ لأنّه إذا عمل العمل المنسوب إليه بإجماع، لم يكن إلا في موضع غير صالح للفعل، فجرى مجرى الأسماء الجامدة، في عدم تحمل الضّمير، وجاز أن يرفع ظاهرا؛ لكونه أصلا لما لا يستغني عن مرفوع، ولضعف سبب اقتضائه الرفع عدمت - في غير تردّد - مصاحبته مرفوعا، إن لم يكن مضافا، حتى قال بعض النحويين: إنّها لا تجوز إلا في الشعر، والصحيح جوازها مطلقا، لكنّ استعمالها في النثر قليل، ومن ذلك قول النّبي صلى الله عليه وسلم:«بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلّا الله، وأنّ محمّدا رسول الله، وإقام الصّلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحجّ البيت لمن استطاع إليه سبيلا» والتقدير: وأن يحجّ البيت، فـ «من» في موضع رفع فاعل بـ «حجّ البيت» . انتهى.

والمنقول عن الفراء أنه لا يجوز أن يتلفظ بالفاعل مع المصدر المنوّن (2)، وقال:

إنّه لم يحفظ من كلامهم (3)، وقد ردّ عليه البصريّون ذلك مستدلين بقول الشاعر:

2295 -

حرب تردّد بينهم بتشاجر

قد كفّرت آباؤها أبناؤها (4)

-

(1) ينظر الكلام الآتي في شرح المصنف (3/ 112).

(2)

في معاني القرآن للفراء (2/ 404): (ولا يصلح أن يذكر الفاعل بعد المفعول به فيما ألغيت منه الصفة، فمن قال: عجبت من سؤال نعجتك صاحبك؛ لم يجز له أن يقول: عجبت من دعاء الخبز الناس؛ لأنك إذا أظهرت مرفوعا فإنما رفعته بنية «أن فعل» أو «أن يفعل» فلا بد من ظهور الباء، وما أشبهها من الصفات، فالقول في ذلك أن تقول: عجبت من دعاء بالخير زيد، وعجبت من تسليم على الأمير زيد، وجاز في النعجة؛ لأن الفعل يقع عليها بلا صفة، فتقول: سألت نعجة، ولا تقول: سألت بنعجة، فابن على هذا) اهـ.

(3)

ينظر هذا في التذييل والتكميل (4/ 939)، ومنهج السالك (ص 312)، وشرح التسهيل للمرادي (204 / ب).

(4)

البيت من الكامل وهو للفرزدق، ينظر ديوانه ط. صاوي (ص 8)، وليس في ط. دار صادر بيروت -

ص: 2835

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[3/ 165] قالوا: التقدير: يتشاجر أبناؤها، قد كفّرت آباؤها، أي: لبست الدروع.

قال الشيخ (1): ولا حجّة فيه، بل ظاهر أنّ قوله:«آباؤها أبناؤها» ، مبتدأ وخبر، أي: آباؤها في ضعف الحلوم مثل أبنائها، ألا ترى أنّ قبله ما يدلّ على هذا المعنى، وهو قوله:

2296 -

هيهات، قد سفهت أميّة رأيها

فاستجهلت حلماؤها سفهاؤها (2)

إذ التقدير: حلماؤها مثل سفهائها، فكذلك يكون تقدير: آباؤها أبناؤها (3)، قال: والذي ينبغي أن يعول عليه مذهب الفرّاء؛ لأنّه سامع لغة، وقد نفى ذلك على لسانهم، وليس في لفظ سيبويه ما يدلّ على أنّ ذلك محكيّ عن العرب، فيحتمل أن يكون ما مثّل به رأيا منه. انتهى.

وهذا من الشيخ وقوف مع الظاهر، ومثل سيبويه لا يقدم على ذلك، والحقّ ما قاله المصنف.

المسألة الثانية:

أنّ معمول المصدر يتنزل منه منزلة الصلة من الموصول، في أمرين، منع تقدمه عليه، وفصله منه بأجنبي، وأنّه إن ورد ما يوهم خلاف ذلك أضمر له عامل، أو عدّ نادرا؛ والعلة في ذلك كونه ينحلّ حرف مصدري والفعل، وليس لمعمول المصدر حكم الصّلة من كلّ وجه؛ لأنّه قد خالفهما بجواز الاستغناء عنه (4)، والذي ورد ممّا يوهم تقديم

المعمول قول تميم العجلاني (5): -

- والشاهد في البيت: جواز ظهور الفاعل بعد المصدر المنون، ردّا على الفراء الذي لا يجيز ذلك، والتقدير عند البصريين: يتشاجر أبناؤها. ينظر الشاهد في: اللسان «كفر» ، والحماسة البصرية (1/ 85).

(1)

ينظر: التذييل والتكميل (4/ 939).

(2)

هذا البيت من الكامل، وهو للفرزدق. ينظر في تخريجه ما في البيت السابق:

حرب تردد بينهم بتشاجر

قد كفرت آباؤها أبناؤها

(3)

هذا الكلام منقول من التذييل والتكميل (4/ 939) بتصرف يسير.

(4)

هذا الكلام منقول بتصرف من التذييل والتكميل (4/ 941).

(5)

هو تميم بن مقبل بن حنيف بن العجلان، يمتد نسبه إلى عامر بن صعصعة، وهو شاعر مخضرم معمر، عاش مائة وعشرين سنة، أسلم، ولكنه ظل يبكي الجاهليين.

تنظر ترجمته في: طبقات الشعراء لابن سلام (ص 52، 53)، وخزانة الأدب (1/ 231) ومقدمة ديوانه (ص 5).

ص: 2836

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

2297 -

لقد طال عن دهماء لدّي وعذرتي

وكتمانها أكني بأمّ فلان (1)

وقول عمر بن أبي ربيعة:

2298 -

ظنّها بي ظنّ سوء كلّه

وبها ظنّي عفاف وكرم (2)

وقوله:

2299 -

طال عن آل زينب الإعراض

للتّعدّي، وما بنا الإبغاض (3)

وقول الآخر:

2300 -

وبعض الحلم عند الجه

لـ للذّلّة إذعان (4)

-

(1) البيت من الطويل. اللغة: دهماء: امرأة تميم في الجاهلية، وقبل إسلامه، وكانت تحت أبيه، فتزوجها، كعادة العرب، في تزوج نساء أبيها في الجاهلية، فلما أسلم فرق الإسلام بين تميم وبينها، ولكنه ظل يحن إليها.

والشاهد في البيت قوله: «طال عن دهماء لدّي» ؛ حيث تقدم على المصدر «لدي» معموله وهو «عن دهماء» ويوهم هذا تقديم معمول المصدر عليه، فيؤول بإضمار عامل يفسره المصدر، والتقدير: طال لدي عن دهماء لدي.

ينظر الشاهد في: ديوان تميم (ص 344) ط. دمشق سنة (1381 هـ) تحقيق د/ عزة حسن، وشرح المصنف (3/ 113)، والتذييل والتكميل (4/ 941)، ومنهج السالك (ص 323).

(2)

البيت من الرمل، وقائله عمر بن أبي ربيعة، وهو في ديوانه (ص 196) ط. الهيئة المصرية العامة للكتاب (1978 م)، وفي الديوان «فاحش» بدل «كله» .

والشاهد فيه قوله: «وبها ظني» حيث تقدم ما يوهم أنه معمول المصدر، وهو (بها) فأضمر عامل يفسره المصدر، والتقدير: وظني بها ظن عفاف. ينظر الشاهد أيضا في: شرح المصنف (3/ 113)، والتذييل والتكميل (4/ 941).

(3)

البيت من الخفيف، وقائله عمر بن أبي ربيعة، وهو في ديوانه المشار إليه في الشاهد السابق (ص 118)، وروي في الديوان «من» بدل «عن» والبيت أيضا في ديوان العرجي (ص 67).

والشاهد في البيت قوله: «عن آل زينب الإعراض» فقد تقدم ما يوهم أنه معمول المصدر، فيضمر عامل تقديره: طال الإعراض عن آل زينب الإعراض.

ينظر الشاهد أيضا في: شرح المصنف (3/ 114)، والتذييل والتكميل (4/ 941).

(4)

البيت من الهزج، قائله سهل بن شيبان.

والشاهد فيه: كسابقه، فـ «إذعان» مصدر، و «للذلة» معمول يضمر له عامل، والتقدير:

إذعان للذلة إذعان. ينظر الشاهد أيضا في: الهمع (2/ 93)، والأشموني (2/ 291)، والدرر (2/ 124).

ص: 2837

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال المصنف: «قلنا في هذه الأبيات إن تعلق ما تقدم بمصدر آخر محذوف، لدلالة الموجود عليه، كأنّه قيل: لدّي عن دهماء لدي وظن بها ظن، وطال الإعراض عن آل زينب، الإعراض، وبعض الحلم عند الجهل إذعان للذلّة إذعان، ويكون هذا التقدير نظير قولهم في: وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (1): إنّ تقديره: وكانوا زاهدين فيه من الزاهدين (2)، ونظير قولهم في: «أينما تميلها» :

إنّ تقديره: أينما تميلها الريح تميلها تمل، ولنا أن نجعل ما تقدم متعلقا بنفس المصدر الموجود، إما على نية

التقديم والتأخير، وإمّا على أنّ ذلك استبيح في المصدر، وإن لم يستبح مثله في الموصول المحض كما استبيح استثناؤه من معمول لا دليل عليه، وإن لم يستبح مثله في صلة الموصول، والذي ورد ممّا يوهم الفصل قوله تعالى:

إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ (8) يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ (3) فإنّ ظاهره أنّ (يوم) منصوب بـ (رجعه) ولا يجوز ذلك لاستلزامه الفصل بخبر (إن) الذي هو (لقادر) فيقدر له عامل يدلّ عليه المصدر، أي يرجعه يوم تبلى السّرائر (4).

وممّا يوهم الفصل قول الشّاعر:

2301 -

فهنّ وقوف ينتظرن قضاءه

بضاحي عذاة أمره وهو ضامز (5)

-

(1) سورة يوسف: 20.

(2)

في الكشاف للزمخشري (2/ 309): (وقوله: (فيه) ليس من صلة (الزاهدين) لأن الصلة لا تتقدم على الموصول، ألا تراك لا تقول: وكانوا زيدا من الضاربين، وإنما هو بيان، كأنه قيل:

في أي شيء زهدوا؟ فقال: زهدوا فيه) اهـ.

(3)

سورة الطارق: 8، 9.

(4)

ينظر: شرح المصنف (3/ 114)، وشرح الكافية (2/ 1020)، تحقيق د/ عبد المنعم هريدي، وفي الكشاف للزمخشري (4/ 241):(يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ منصوب بـ (رجعه،) ومن جعل الضمير في (رجعه) للماء .. نصب الظرف بمضمر) اهـ.

وفي المساعد لابن عقيل (2/ 233): (فظاهر نصب (يوم) بـ (رجعه) وقد فصلا بـ (لقادر) فيضمر عامل في (يوم،) أي: يرجعه يوم تبلى السرائر، أو يقال: يحتمل في المصدر المنسبك ما لا يحتمل في الموصول، إذ هو غير صريح في الموصولية) اهـ.

(5)

البيت من الطويل وقائله: الشماخ بن ضرار الذبياني، من قصيدة جيدة، والبيت في ديوانه (ص 177).

اللغة: قضاءه: أمر الحمار الوحشي، ووقوفه، ضاحي: بارز، ظاهر من الأرض للشمس، عذاة: أرض كريمة، أمره: مفعول به للمصدر قضاءه، ضامز: ساكت، ممسك عن النهاق. -

ص: 2838

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فالجارّ متعلّق بنفس المصدر، ولو علّقناه بالفعل قبله لزمه منه الفصل بين المصدر ومفعوله (1)، وكذا قول الشاعر:

2302 -

المنّ للذّمّ داع بالعطاء فلا

تمنن فتلفى بلا حمد ولا مال (2)

فالمعنى على أنّ الباء الجارة للعطاء متعلقة بالمن، أي: المنّ بالعطاء داع للذّمّ، إلّا أنّ ذلك ممنوع في الإعراب، لاستلزامه فصلا بأجنبي، بين مصدر ومعموله، وإخبارا عن موصول، قبل تمام صلته، فتعلق الباء بمحذوف، كأنّه قيل: المنّ بالذّمّ داع المن بالعطاء، فالمنّ الثاني بدل من الأول فحذف، وبقي معموله دليلا عليه، ويجوز أن يكون «بالعطاء» متعلقا بـ «لا تمنن» أو بفعل من معناه، مضمر يدلّ عليه الظاهر (3).

قال المصنف: وأنشد الشجريّ:

2303 -

ليت شعري إذا القيامة قامت

ودعا للحساب أين المصيرا؟ (4)

وجعل التقدير: ليت شعري المصير أين هو؟ فحذف المبتدأ، وفصل المصدر -

- والمعنى: وقفت حمر الوحش عطشى تنتظر ورود الماء بإشارة وقضاء فحلها، واقفة في أرض كريمة خصبة، وهو ساكت، انتظار مجيء الليل، حيث لا يشرب الحمر نهارا، خشية الصياد.

والشاهد في البيت: تعلق «بضاحي» بالمصدر «قضاءه» لا بـ «ينتظرن» ، ولا بـ «وقوف» ؛ لئلا يفصل بين المصدر ومفعوله بالأجنبي.

ينظر الشاهد في: ابن الشجري (1/ 191)، وشرح المصنف (3/ 114).

(1)

لمراجعة ذلك ينظر: التذييل والتكميل (4/ 942)، والحلل لابن السيد (ص 164).

(2)

البيت من البسيط، ولم ينسب لقائل معين. والشاهد فيه: إيهام الفصل بأجنبي، وهو أن الباء الجارة لـ «العطاء» متعلقة بـ «المن»؛ ليكون التقدير: المن بالعطاء داع للذم، وعليه مدار المعنى، وينظر منع هذا التقدير والتخلص منه في شرح الكافية (2/ 1023) تحقيق د/ عبد المنعم هريدي. وينظر الشاهد أيضا في: شرح الأشموني (2/ 92).

(3)

هذا الكلام في شرح الكافية (2/ 1021) تحقيق د/ عبد المنعم هريدي مع تصرف يسير في النقل هنا.

(4)

البيت من الخفيف، ولم ينسب لقائل معين. وروي:«ودعا بالحساب» وروي: «ودعي بالحساب» في شرح القصائد السبع الطوال (ص 295)، والإفصاح للفارقي (ص 181).

والمعنى: ليتني أشعر المصير أين هو؟ إذا قامت القيامة ودعي للحساب.

والشاهد في البيت: أن ابن الشجري جعل «المصير» منصوبا بالمصدر «شعري» و «أين» : خبر مبتدأ محذوف تقديره: ليت شعري المصير أين هو؟ فحذف المبتدأ وفصل المصدر مما عمل فيه، وجعل المصنف «المصير» منصوبا بعامل محذوف، تقديره: أين يصير المصير، وذلك أسهل

عنده من تقدير ابن الشجري، لكنه متعين عند أبي حيان.

ينظر الشاهد في: شرح المصنف (3/ 115)، والتذييل والتكميل (4/ 943)، وأمالي ابن الشجري (1/ 32).

ص: 2839