المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[رد الصفة المشبهة إلى اسم الفاعل] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٦

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الرابع والثلاثون باب التّعجّب

- ‌[تعريفه وصيغه - حكم المتعجب منه]

- ‌[همزة (أفعل) و (أفعل) وأحكام هاتين الصيغتين]

- ‌[جرّ ما يتعلّق بصيغتي التعجّب]

- ‌[شروط ما تبنى منه صيغتا التعجب، وكيفية بنائهما من غير المستوفي للشروط]

- ‌الباب الخامس والثلاثون باب «أفعل» التّفضيل

- ‌[تعريفه وصياغته وشروط صياغته]

- ‌[أحكام أفعل التفضيل المجرد من «أل» والإضافة، وأحوال المفضول منه]

- ‌[أفعل المقترن بـ «أل»، أو المضاف إلى معرفة، وما يتعلق بهما]

- ‌[«أفعل» المضاف إلى نكرة وأحكامه]

- ‌[حكم كلمة «أول» صفة لأفعل التفضيل أو مجردة عن الوصفية]

- ‌[متى يرفع «أفعل» التفضيل الظاهر، وعلة ذلك، وأحكامه

- ‌الباب السادس والثلاثون باب اسم الفاعل

- ‌[تعريفه - وزنه من الثلاثي المجرد - الاستغناء ببعض الأوزان عن بعض]

- ‌[عمل اسم الفاعل غير المصغر والموصوف عمل فعله قد يحول «فاعل» للمبالغة إلى الأمثلة الخمسة]

- ‌[إضافة اسم الفاعل المجرّد من «أل» إلى المفعول أو ما يشبه المفعول - إضافة المقرون بالألف واللام - حكم المعطوف على مجرور ذي الألف واللام]

- ‌[اسم المفعول: عمله عمل فعله الذي لم يسم فاعله وشروط عمله وبناؤه]

- ‌الباب السابع والثلاثون باب الصّفة المشبّهة باسم الفاعل

- ‌[تعريفها وشرح التعريف]

- ‌[موازنتها للمضارع من الثلاثي وغيره]

- ‌[أحوال الصفة المشبهة وأحكامها]

- ‌[أقسام معمول الصفة المشبهة وإعرابه]

- ‌[عمل الصفة المشبهة في الضمير]

- ‌[عمل الصفة المشبهة في الموصول والموصوف]

- ‌[بقية أحكام الصفة المشبهة]

- ‌[أحوال الصفة المشبهة بالنسبة إلى الموصوف بها]

- ‌[ردّ الصّفة المشبّهة إلى اسم الفاعل]

- ‌الباب الثامن والثلاثون باب إعمال المصدر

- ‌[علة إعمال المصدر - أحوال إعماله]

- ‌[المصدر العامل نوعان: مقدر بالفعل بالفعل والحرف - مقدر بالفعل وحده]

- ‌[أحكام المصدر العامل وأحكام معموله]

- ‌[أقسام المصدر العامل وأكثر الأقسام إعمالا من الآخر]

- ‌[إتباع مجرور المصدر لفظا أو محلّا ما لم يمنع مانع]

- ‌[عمل اسم المصدر وأحكامه]

- ‌[المصدر الكائن بدلا من الفعل موافقته متعديا والاختلاف في قياسه]

- ‌[المصدر الكائن بدلا من الفعل وأحكام أخرى له]

- ‌الباب التاسع والثلاثون [باب حروف الجرّ]

- ‌[تعريفها - سبب عملها - تقسيمها]

- ‌[من الجارة: معانيها، وأحكامها]

- ‌[إلى الجارة…معانيها، وأحكامها]

- ‌[اللام الجارة: معانيها، وأحكامها]

- ‌[كي الجارة - مساواتها للام]

- ‌[الباء معانيها، وأحكامها]

- ‌[في: معانيها، وما يعرض لها]

- ‌[عن: معانيها، وأحكامها]

- ‌[على: معانيها، وحكم زيادتها]

- ‌[حتى الجارة…معانيها، وأحكامها]

- ‌[الكاف الجارة: معانيها…وأحكامها]

- ‌[مذ، منذ، رب: لغاتها، ومعانيها، وأحكامها]

- ‌[لولا .. حكم الجر بها]

- ‌[لعلّ، ومتى .. هل يجر بهما]

- ‌[مواضع الجر بحرف محذوف، أحكامه، حكم الفصل بين الجار والمجرور]

- ‌الباب الأربعون باب القسم

- ‌[القسم: تعريفه، أقسامه، أساليبه]

- ‌[إضمار الفعل وأحكام لفظ الجلالة في القسم]

- ‌[من أحكام الجملة الاسمية في القسم]

- ‌[الحروف التي يتلقى بها القسم، وأحكامها]

- ‌[تلقي جواب القسم الماضي]

- ‌[توالي القسم والشرط غير الامتناعي]

- ‌[من أحكام أسلوب القسم]

الفصل: ‌[رد الصفة المشبهة إلى اسم الفاعل]

[ردّ الصّفة المشبّهة إلى اسم الفاعل]

قال ابن مالك: (وإذا قصد استقبال المصوغة من ثلاثيّ على غير فاعل ردّت إليه ما لم يقدّر الوقوع، وإن قصد ثبوت معنى اسم الفاعل عومل معاملة الصّفة المشبّهة، ولو كان من متعدّ إن أمن اللبس، وفاقا للفارسيّ، والأصحّ أن يجعل اسم مفعول المتعدّي إلى واحد من هذا الباب مطلقا، وقد يفعل ذلك بجامد لتأوّله بمشتقّ، ولا تعمل الصّفة

المشبهّة في أجنبيّ محض، ولا تؤخّر عن منصوبها).

قال ناظر الجيش: هذا الكلام مشتمل على خمس مسائل:

الأولى:

أنه إذا كانت الصفة المشبهة مصوغة من فعل ثلاثيّ، وهي على غير زنة فاعل، كـ: شريف، وشجاع، وحسن، وفرح، وما أشبهها، وقصد استعمال معناها حولت إلى وزن فاعل، فتقول: شارف، وشاجع، وحاسن، وفارح، ومقتضى كلام المصنّف أنّه لا يجوز التحويل إلى صيغة فاعل إلّا إذا قصد الاستقبال، وقال - في الشرح -: قال الفراء (1): العرب تقول - لمن لم يمت -: إنك مائت عن قليل، ولا يقولون - لمن قد مات -: هذا مائت، وإنّما يقال في الاستقبال، وكذا يقال: هذا سيد قومه، فإذا أخبرت أنه سيسودهم قلت: هذا سائد قومه عن قليل، وكذا الشريف والمطمع وأشباههما إذا قصد بهما الاستقبال صيغت إلى «فاعل» (2). انتهى.

فوقف المصنف مع ظاهر قول الفراء في شرط الاستقبال، وقال الإمام بدر الدّين - في شرح الألفية - (3): إذا قصد بالصفة المشبهة معنى الحدوث حولت إلى بناء اسم الفاعل، واستعملت كلّ استعماله، كقولك: زيد فارح أمس، وجازع غدا، -

(1) ينظر قول الفراء الآتي في: معاني القرآن (2/ 72)، (2/ 232)، وفي النقل تصرف يسير.

(2)

ينظر: شرح المصنف (3/ 103) وبعد ذلك قوله: (وإلى هذا أشرت بقولي: وإذا قصد استقبال المصوغة من ثلاثي على غير فاعل ردت إليه صيغة فاعل) اه.

(3)

الكلام الآتي من شرح الألفية لابن الناظم (ص 173)، ولفظه «لو» بدل «إذا» .

ص: 2813

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال الشّاعر:

2259 -

وما أنا من زرء وإن جلّ جازع

ولا بسرور بعد موتك فارح (1)

فلم يقيد ذلك باستقبال ولا غيره، قال المصنف - بعد كلامه المتقدم -: «ومن هذا الردّ - يعني ردّ غير فاعل إلى فاعل - قوله تعالى: فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ (2)، وعلى هذا المعنى قراءة بعض السلف:

(إنك مائت وإنهم مائتون)(3) والمعنى - على قراءة الجماعة - إنك وإياهم، وإن كنتم أحياء فأنتم في عداد الموتى؛ لأنّ ما هو كائن فكأنّه قد كان (4)، وعلى هذا نبّهت بقولي:(ما لم يقدّر الوقوع)(5)». انتهى.

يعني أنه إذا قصد الاستقبال ردّت إلى صيغة فاعل ما لم يقدر الوقوع فإن الصفة لا تردّ، كما في: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (6)، ثمّ قال (7): ومن الردّ إلى «فاعل» بقصد الاستقبال قول الحكم بن صخر: -

(1) البيت من الطويل، وقائله: أشجع السلمي، من شعراء العصر العباسي، وقيل: هو لمطيع بن إياس، يرثي يحيى بن زياد، ولعل هذه النسبة أصحّ؛ لأن أشجع السلمي من المولدين الذين لا يحتج بشعرهم.

اللغة: الرزء: المصيبة.

والمعنى: مصيبتي فيك عظيمة، لست أجزع لما يصيبني بعدها، وإن عظم، ولا أفرح بما أنال من المسرات. اه.

والشاهد في قوله: «فارح» ؛ حيث ردت الصفة المشبهة «فرح» ردت إلى فاعل، على صيغة اسم الفاعل، واستعملت استعماله؛ لإفادة معنى الحصول في المستقبل.

ينظر الشاهد في: العيني (3/ 574)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص 172)، والتذييل والتكميل (4/ 907)، منهج السالك (ص 350).

(2)

سورة هود: 12.

(3)

سورة الزمر: 30.

(4)

في البحر المحيط (7/ 425): وقرأ ابن الزبير، وابن أبي إسحاق، وابن محيصن، وعيسى، واليماني، وابن أبي غوث، وابن أبي عبلة:(إنك مائت وهم مائتون) وهي تشعر بحدوث الصفة.

(5)

من شرح المصنف (3/ 103).

(6)

وهذه قراءة الجمهور، في البحر المحيط (7/ 425):(والجمهور: (ميت) و (ميتون،) وهي تشعر بالثبوت واللزوم) اه.

وقال الدماميني في شرحه على التسهيل (3/ 32): وهذه القراءة، وهي قراءة السبعة، أبلغ من قراءة بعضهم:(إنك مائت وإنهم مائتون) اه.

(7)

الكلام الآتي من شرح المصنف (3/ 103).

ص: 2814

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

2260 -

أرى النّاس مثل السّفر والموت منهل

له كلّ يوم وارد ثمّ وارد

إلى حيث يشقي الله من كان شاقيا

ويسعد من في علمه هو ساعد (1)

ومثله قول قيس بن العيزارة:

2261 -

فقلت لهم شاء رغيب وجامل

فكلّكم من ذلك المال شابع (2)

المسألة الثانية:

أنه إذا قصد معنى اسم الفاعل عومل معاملة الصفة المشبهة، وهذه كأنها عكس المسألة الأولى؛ لأنه في الأولى إذا لم يقصد الثبوت تحول الصيغة إلى صيغة «فاعل» ، وتعامل معاملته، إمّا مع قصد الاستقبال، أو مطلقا، على ما تقدّم من كلام المصنف وولده في الثانية، يقصد بالصيغة الدالة على الحدوث معنى الثبوت، فيترتب على ذلك أحكام الصفة المشبهة، فعلى هذا إذا قصد ثبوت معنى اسم الفاعل ساغت إضافته إلى ما هو فاعل في المعنى، ونصبه إياه على التمييز إن كان نكرة، وعلى التشبيه به إن كان معرفة، فتقول: زيد قائم الأب، وقائم الأب، وقائم أبا، قال ابن رواحة:

2262 -

تباركت إنّي من عذابك خائف

وإنّي إليك تائب النّفس ضارع (3)

-

(1) البيتان من الطويل، وقائلهما الحكم بن صخر، كما هنا، وكما في شرح المصنف (3/ 105)، وكما في التذييل والتكميل (4/ 907).

والشاهد في قوله: «شاقيا، وساعد» ؛ حيث ردت الصفة، وهي:«شقي، وسعيد» ، إلى وزن «فاعل» ، لقصد الاستقبال؛ لأن الصفة مصوغة من ثلاثي.

ينظر الشاهد أيضا في: تعليق الفرائد للدماميني (3/ 32).

(2)

البيت من الطويل، وقائله قيس بن العيزارة من شعراء بني هذيل، وعيزارة أمه، وبها يعرف، وهو قيس بن خويلد، أخو بني صاهلة، تنظر ترجمته في ديوان الهذليين (3/ 76).

اللغة: الرغيب: الكثير، أي: خذوا مالي، ودعوني، وجامل: جمع جمال.

والشاهد في البيت قوله: «شابع» ؛ حيث ردّت الصفة المشبهة من الثلاثي «شبع» إلى وزن فاعل، لقصد استقبال الصفة.

ينظر الشاهد في: شرح المصنف (3/ 103)، والتذييل والتكميل (4/ 908)، وتعليق الفرائد للدماميني (3/ 32).

(3)

سبق تحقيق هذا الشاهد قريبا. -

ص: 2815

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال رجل من طيئ:

2263 -

ومن يك منحلّ العزائم تابعا

هواه فإنّ الرّشد منه بعيد (1)

هذا إذا كان متعديا فقد جوز المصنف فيه ذلك أيضا، بشرط السلامة من اللبس، قال: فيقال: زيد ظالم العبيد خاذلهم، وراحم الأبناء ناصرهم، إذا كان له عبيد ظالمون خاذلون، ثمّ قال: قال أبو عليّ في التذكرة: من قال: زيد الحسن عينين؛ فلا بأس أن يقول: زيد الضارب أبوين، والضارب الأبوين، والضارب الأبوان، والأبوان فاعل على قولك: الحسن الوجه، ومثله: الضارب الرجل، إذا أردت الضارب رجله (2).

قال المصنف: هكذا قال أبو عليّ، ولم يقيد بأمن اللّبس، والأصحّ (3) أن جواز ذلك متوقف على أمن اللبس، إلّا أنه قال: ويكثر أمن اللبس في اسم فاعل غير المتعدي. انتهى.

فدلّ هذا الكلام منه على أن قوله - في المتن -: إن أمن اللبس، لا يرجع إلى المتعدي فقط، بل إلى اسم الفاعل مطلقا، ولا يتصور لي وجود اللبس في اللازم؛ لأنّ اللبس إنما جاز حصوله في المتعدّي لأن له منصوبا، فربما يظنّ أنّ المعمول المقرون به هو مفعوله الأصلي، إذا لم يكن قرينة تبين أنه غيره، وأما اللازم فلا يتأتّى فيه ذلك، وأنشد المصنف شاهدا على المصوغ من متعدّ: -

- والشاهد فيه - هنا -: «تائب النفس ضارع» ؛ حيث قصد ثبوت معنى اسم الفاعل، ولذلك يعامل معاملة الصفة المشبهة حيث أمن اللبس؛ لأن اسم الفاعل فيهما مصوغ من غير المتعدي، فيضاف اسم الفاعل - هنا - إلى ما هو فاعل في المعنى، أو ينصب على التشبيه به؛ لأنه معرفة، ولو كان نكرة نصب على التمييز.

(1)

سبق تحقيق هذا الشاهد قريبا.

والشاهد فيه - هنا - قوله: «منحلّ العزائم» على أنّ الصفة المشبهة «منحل» موازنة للمضارع كـ: منطلق اللسان، مع أنها صيغت من فعل لازم، ولذلك أمن اللبس، و «منحل» اسم فاعل قصد به ثبوت معناه، فعومل كالصفة المشبهة.

(2)

التذكرة من كتب أبي علي المفقودة، ولمراجعة ما قاله فيها ينظر: شرح المصنف (3/ 105)، والتذييل والتكميل (4/ 909)، ومنهج السالك (ص 358).

(3)

في شرح المصنف (3/ 104)، والتذييل والتكميل (4/ 909):«والصحيح» .

ص: 2816

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

2264 -

ما الرّاحم القلب ظلّاما وإن ظلما

ولا الكريم بمنّاع وإن حرما (1)

فقال الشيخ (2): عبارة المصنف في المتعدّي مطلقة، والقول في ذلك: إنّه إن تعدّى بنفسه إلى أكثر من واحد فلا

خلاف أنّه لا يجوز تشبيهه، فإذا قلت: مررت برجل معطى أبوه درهما، أو معلم أبوه زيدا قائما؛ لا يجوز: معطى الأب درهما، ولا: معلم الأب زيدا قائما، وإن تعدّى [3/ 161] لواحد بحرف جر فجوزه الأخفش، وصححه ابن عصفور (3)، فتقول: مررت برجل بارّ الأب بزيد، بنصب «الأب» أو بجرّه، ويستدل بقولهم: هو حديث عهد بالوجع (4)، فـ «الوجع» متعلق بـ (حديث) وهو صفة مشبهة، ومنع ذلك الجمهور فقالوا:

«بالوجع» متعلق بـ (عهد) لا بالصفة (5).

وإن تعدّى إلى واحد بنفسه فمنعه الأكثرون (6)، وأجازته طائفة، وفصل آخرون، فقالوا: إن حذف المفعول اقتصارا جاز، وإلّا لم يجز، وهو اختيار ابن عصفور، وابن أبي الربيع، قال: وهو تفضيل حسن؛ لأنه إن لم يحذف المفعول، أو حذف اختصارا فهو كالمثبت، فيكون الوصف - إذ ذاك - مختلف التعدّي والتشبيه، وهو واحد، وذلك لا يجوز (7). انتهى.

وتمثيل المصنف، والمثال الذي ذكره عن أبي عليّ والبيت الذي أنشده يشعر بأنه لا يجوز إلا فيما تعدّى إلى واحد بنفسه، وقد حذف اقتصارا، ونقل الشيخ عن الصّفار أنه أنشد: -

(1) البيت من البسيط، ولم ينسب لقائل معين، وفي العيني (3/ 618):(ما الراحم القلب بذي ظلم، وليس بذي منع، وليس المراد به المبالغة) اه.

والشاهد فيه: «ما الراحم القلب» ؛ فقد قصد ثبوت المعنى في اسم الفاعل المصوغ من المتعدي، فعومل معاملة الصفة المشبهة.

ينظر الشاهد في: شرح التصريح (2/ 71)، والأشموني (2/ 202)، والدرر (2/ 136).

(2)

الكلام الآتي في التذييل والتكميل (4/ 910، 911)، والنقل هنا بتصرف.

(3)

لمراجعة رأي الأخفش وابن عصفور ينظر: منهج السالك (ص 358)، والتذييل والتكميل (4/ 910).

(4)

ينظر: الكتاب (1/ 197)، وشرح الصفار (173 / أ)، والتذييل والتكميل (4/ 910).

(5)

ينظر: منهج السالك (ص 358)، والتذييل والتكميل (4/ 910).

(6)

ينظر: منهج السالك (ص 358)، وشرح التسهيل للمرادي (203 / أ)، والتذييل والتكميل (4/ 911).

(7)

أي: انتهى كلام الشيخ أبي حيان، وهو في التذييل والتكميل (4/ 910، 911).

ص: 2817

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

2265 -

الحزن بابا والعقور كلبا (1)

وقال: هو من: عقر الرجل غيره، وعقر كلبه غيره فتكون الصفة متعدية، وحذف مفعولها رأسا، ولم يرد، ثم شبهت، ولا خلاف في تشبيه هذا، وإنّما الخلاف فيما يتعدّى عند ذكر مفعوله (2).

المسألة الثالثة:

أنّ اسم مفعول الفعل المتعدّي إلى واحد يصحّ أن يجعل من هذا الباب، وعنى بقوله: مطلقا أنه يرفع السببيّ، وينصبه، ويجرّه، بشروطه المعتبرة على ما تقرر في غير اسم المفعول، فيجيء فيه ما هو قويّ وما هو ضعيف.

قال المصنف (3): وأقل مسائل الصفة استعمالا نحو: حسن وجهه، وحسن وجهه، وحسن وجه، ولها مع ذلك تطابق في مسائل اسم المفعول ونظير حسن وجهه قول الشاعر:

2266 -

تمنى لقاي الجون مغرور نفسه

... البيت المتقدم الإنشاد

ونظير «حسن وجهه» قول الآخر:

2267 -

لو صنت طرفك لم ترع بصفاتها

لمّا بدت مجلوّة وجناتها (4)

ونظير «حسن وجه» قول الآخر:

2268 -

بثوب ودينار وشاة ودرهم

فهل أنت مرفوع بما ههنا رأس (5)

قال الشيخ: قول المصنّف: (والأصح) يدلّ على خلاف في المسألة، ولا نعلم أحدا منعها (6). -

(1) سبق تحقيق هذا الشاهد قريبا.

والشاهد فيه: «العقور كلبا» ؛ فقد استعمل الصفة المشبهة، وهي من المتعدي الذي حذف مفعوله، ولا خلاف في هذا، وإنما الخلاف فيما يتعدى، وذكر مفعوله.

(2)

ينظر: التذييل والتكميل (4/ 912).

(3)

ينظر الآتي في: شرح المصنف (3/ 105).

(4)

البيت من بحر الكامل وهو لعمرو بن لجأ التميمي في القرى.

وشاهده: قوله: «مجلوة وجناتها» ؛ حيث إن هذا يشبه: «هذا حسن وجهه» بالنصب، والبيت في:

التصريح (2/ 72)، والدرر (2/ 134)، والمساعد (2/ 18).

(5)

سبق الاستشهاد به قريبا.

(6)

ينظر: التذييل والتكميل (4/ 913).

ص: 2818

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المسألة الرابعة:

أنه قد يؤول الجامد بمشتقّ، فيعامل معاملة الصفة المشبهة، فيقال: وردنا منهلا عسلا ماؤه، أو عسل الماء، ونزلنا بقوم أسد أنصارهم، وأسد الأنصار، ومررنا بحيّ أقمار نساؤهم، وأقمار النساء، على تأويل «عسل» بـ «حلو» ، و «أسد» بـ «شجعان» ، و «أقمار» بـ «حسان» (1) ومنه قول الشاعر:

2269 -

فراشة الحلم فرعون العذاب

وإن تطلب نداه فكلب دونه كلب (2)

فعامل «فراشة» و «فرعون» معاملة «طائش» و «مهلك» ومثله قول الآخر:

2270 -

فلولا الله والمهر المفدّى

لأبت وأنت غربال الإهاب (3)

فعامل «غربال» معاملة «مثقب» .

قال المصنف: وأكثر ما يجيء هذا الاستعمال في أسماء النسب، كقولك:

مررت برجل هاشميّ أبوه، تميمة أمّه، وإن أضفت قلت: هاشميّ الأب، تميميّ -

(1) ينظر: شرح المصنف (3/ 105)، والتذييل والتكميل (4/ 913).

(2)

البيت من البسيط، وقائله الضحاك بن سعيد، أو سعيد بن العاص، أو رجل من ولده، كما في معجم الشواهد (ص 45).

اللغة: فراشة الحلم: بمعنى طائش، فرعون: بمعنى مهلك، أو أليم العذاب، كلب - بكسر اللام -: داء يصيب الكلب، يشبه الجنون، فإذا عض هذا الكلب إنسانا صار مثله.

والشاهد في البيت: تضمن الجامد فيه وهو «فراشة» معنى طائش، و «فرعون» معنى «مهلك» أي تأويلهما بمشتق، وإعطاؤهما حكم الصفة المشبهة فأضيفا إلى المعمول.

ينظر الشاهد في: الأشموني (3/ 16)، وشرح التصريح (2/ 72)، والهمع (2/ 101)، والدرر (2/ 136).

(3)

البيت من الوافر، ونسب لعفيرة بن طرافة الكليبية، كما في الوحشيات (ص 8) كما نسب لمنذر ابن حسان في المقاصد النحوية للعيني (3/ 140)، ونسب في معجم الشواهد العربية (ص 63) لحسان بن ثابت، وليس في ديوانه.

اللغة: المهر المفدى: القوي الجري، غربال: الآلة المعروفة، والمراد: مثقب الجلد من وقع الأسنة.

والشاهد في البيت قوله: «غربال الإهاب» فإنّ «غربال» جامد مضمن معنى المشتق، تأويله: مثقب الجلد، أو مخرق، فأجري الصفة المشبهة، وأضاف «غربال» إلى معموله، الذي هو فاعل في المعنى.

وفي الأشموني (3/ 16): (ولو رفع بها أو نصب جاز، والله أعلم) اه.

ينظر الشاهد في: الخصائص (2/ 221)، والأشباه والنظائر (1/ 307)، والهمع (2/ 101)، والدرر (2/ 136).

ص: 2819

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأمّ، وكذلك ما أشبهه (1).

المسألة الخامسة:

أنّ معمول الصفة لا يكون أجنبيّا محضا، وأنّ منصوبها لا يتقدم عليها، وقد تقدم الكلام على هذين الحكمين في أوائل الباب، على أنّ المصنف لم يتعرض إلى شرح ذلك، ولا الشيخ أيضا، إما لوضوحه، وإما لأنه غير ثابت في الأصل.

وختم الشيخ الباب بمسألة: وهي: أنهم اختلفوا في تشبيه الفعل اللازم بالفعل المتعدّي كما شبّه وصفه بوصفه، فأجاز ذلك بعض المتأخرين، فتقول: زيد تفقأ الشحم، أصله: تفقأ شحمه (2)؛ فأضمرت في «تفقأ» ، ونصبت «الشحم» ؛ تشبيها بالمفعول به، واستدل بما روي في الحديث:«كانت امرأة تهراق الدماء» (3) ومنع من ذلك الأستاذ أبو علي، وقال: لا يكون ذلك إلا في الصفات، وأسماء الفاعلين والمفعولين (4). وقد تأولوا الأثر على أنه على إسقاط حرف الجرّ، أو على إضمار فعل، أي: بالدماء، أو: يهريق الله الدماء منها، قال: وهذا هو الصحيح (5).

(1) ينظر: شرح المصنف (3/ 105).

(2)

ينظر التذييل والتكميل (4/ 915)، وفي منهج السالك (ص 368) توضيح لهذه المسألة حيث قال:

(فرع نختم به هذا الباب، وهو: هل تغفل العرب هذا النوع، والتشبيه بالفعل اللازم، فتشبه بالفعل المتعدي، كما شبهت الوصف باسم الفاعل المتعدي؟ في ذلك خلاف؛ ذهب بعض المتأخرين إلى أن العرب تفعل ذلك فأجاز:

زيد تفقأ الشحم، والتقدير عنده: زيد تفقأ شحمه، ثم جعل الضمير فاعلا، ونصب «الشحم» تشبيها بالمفعول به، واستدل على هذا بقولهم - في الأثر - «كانت امرأة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تهراق الدماء» ، على التشبيه بالمفعول، وكان الأستاذ أبو علي يذهب إلى أن النصب على التشبيه بالمفعول لا يكون في الأفعال، وإنما يكون في الصفات، وأسماء الفاعلين والمفعولين على الشروط المذكورة ويتأول الحديث على حذف حرف الجر) اهـ.

(3)

هذا جزء من حديث شريف، سبق تخريجه وهو في التذييل والتكميل (4/ 107، 915).

(4)

يراجع قول الأستاذ أبي علي في التذييل والتكميل (4/ 915).

وفي ارتشاف الضرب (1108): (ومنع من ذلك الأستاذ أبو علي، وهو الصحيح؛ إذ لم يثبت ذلك من لسان العرب، ولا حجة في: «تهراق الدماء» - إن صح -؛ لاحتماله التأويل) اهـ.

(5)

في منهج السالك (ص 368): (والذي يظهر لي ما ذكر، وأن هذا لا يكون في الأفعال، ويدل على ذلك أنك لا تقول: زيد حسن الوجه، ولا: تصبب العرق؛ فإن ادعى أنه يقال هذا فقد ادعى ما لم يسمع، وإنما قاله بالقياس على ما جاء في الأثر - «تهراق الدماء» - وقد مضى تأويله، ولا تقوم الحجة بمتأول، ويكون هذا بمنزلة: ذهبت به، وأذهبته) اهـ.

ص: 2820