المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[أحكام أفعل التفضيل المجرد من «أل» والإضافة، وأحوال المفضول منه] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٦

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الرابع والثلاثون باب التّعجّب

- ‌[تعريفه وصيغه - حكم المتعجب منه]

- ‌[همزة (أفعل) و (أفعل) وأحكام هاتين الصيغتين]

- ‌[جرّ ما يتعلّق بصيغتي التعجّب]

- ‌[شروط ما تبنى منه صيغتا التعجب، وكيفية بنائهما من غير المستوفي للشروط]

- ‌الباب الخامس والثلاثون باب «أفعل» التّفضيل

- ‌[تعريفه وصياغته وشروط صياغته]

- ‌[أحكام أفعل التفضيل المجرد من «أل» والإضافة، وأحوال المفضول منه]

- ‌[أفعل المقترن بـ «أل»، أو المضاف إلى معرفة، وما يتعلق بهما]

- ‌[«أفعل» المضاف إلى نكرة وأحكامه]

- ‌[حكم كلمة «أول» صفة لأفعل التفضيل أو مجردة عن الوصفية]

- ‌[متى يرفع «أفعل» التفضيل الظاهر، وعلة ذلك، وأحكامه

- ‌الباب السادس والثلاثون باب اسم الفاعل

- ‌[تعريفه - وزنه من الثلاثي المجرد - الاستغناء ببعض الأوزان عن بعض]

- ‌[عمل اسم الفاعل غير المصغر والموصوف عمل فعله قد يحول «فاعل» للمبالغة إلى الأمثلة الخمسة]

- ‌[إضافة اسم الفاعل المجرّد من «أل» إلى المفعول أو ما يشبه المفعول - إضافة المقرون بالألف واللام - حكم المعطوف على مجرور ذي الألف واللام]

- ‌[اسم المفعول: عمله عمل فعله الذي لم يسم فاعله وشروط عمله وبناؤه]

- ‌الباب السابع والثلاثون باب الصّفة المشبّهة باسم الفاعل

- ‌[تعريفها وشرح التعريف]

- ‌[موازنتها للمضارع من الثلاثي وغيره]

- ‌[أحوال الصفة المشبهة وأحكامها]

- ‌[أقسام معمول الصفة المشبهة وإعرابه]

- ‌[عمل الصفة المشبهة في الضمير]

- ‌[عمل الصفة المشبهة في الموصول والموصوف]

- ‌[بقية أحكام الصفة المشبهة]

- ‌[أحوال الصفة المشبهة بالنسبة إلى الموصوف بها]

- ‌[ردّ الصّفة المشبّهة إلى اسم الفاعل]

- ‌الباب الثامن والثلاثون باب إعمال المصدر

- ‌[علة إعمال المصدر - أحوال إعماله]

- ‌[المصدر العامل نوعان: مقدر بالفعل بالفعل والحرف - مقدر بالفعل وحده]

- ‌[أحكام المصدر العامل وأحكام معموله]

- ‌[أقسام المصدر العامل وأكثر الأقسام إعمالا من الآخر]

- ‌[إتباع مجرور المصدر لفظا أو محلّا ما لم يمنع مانع]

- ‌[عمل اسم المصدر وأحكامه]

- ‌[المصدر الكائن بدلا من الفعل موافقته متعديا والاختلاف في قياسه]

- ‌[المصدر الكائن بدلا من الفعل وأحكام أخرى له]

- ‌الباب التاسع والثلاثون [باب حروف الجرّ]

- ‌[تعريفها - سبب عملها - تقسيمها]

- ‌[من الجارة: معانيها، وأحكامها]

- ‌[إلى الجارة…معانيها، وأحكامها]

- ‌[اللام الجارة: معانيها، وأحكامها]

- ‌[كي الجارة - مساواتها للام]

- ‌[الباء معانيها، وأحكامها]

- ‌[في: معانيها، وما يعرض لها]

- ‌[عن: معانيها، وأحكامها]

- ‌[على: معانيها، وحكم زيادتها]

- ‌[حتى الجارة…معانيها، وأحكامها]

- ‌[الكاف الجارة: معانيها…وأحكامها]

- ‌[مذ، منذ، رب: لغاتها، ومعانيها، وأحكامها]

- ‌[لولا .. حكم الجر بها]

- ‌[لعلّ، ومتى .. هل يجر بهما]

- ‌[مواضع الجر بحرف محذوف، أحكامه، حكم الفصل بين الجار والمجرور]

- ‌الباب الأربعون باب القسم

- ‌[القسم: تعريفه، أقسامه، أساليبه]

- ‌[إضمار الفعل وأحكام لفظ الجلالة في القسم]

- ‌[من أحكام الجملة الاسمية في القسم]

- ‌[الحروف التي يتلقى بها القسم، وأحكامها]

- ‌[تلقي جواب القسم الماضي]

- ‌[توالي القسم والشرط غير الامتناعي]

- ‌[من أحكام أسلوب القسم]

الفصل: ‌[أحكام أفعل التفضيل المجرد من «أل» والإضافة، وأحوال المفضول منه]

[أحكام أفعل التفضيل المجرد من «أل» والإضافة، وأحوال المفضول منه]

قال ابن مالك: (ويلزم «أفعل» التّفضيل عاريا الإفراد والتّذكير وأن يليه أو معموله المفضول مجرورا بـ «من» وقد يسبقانه ويلزم ذلك إن كان المفضول اسم استفهام أو مضافا إليه، وقد يفصل بين «أفعل» و «من» بـ «لو» وما اتّصل بها ولا يخلو المقرون بـ «من» في غير تهكّم من مشاركة المفضّل في المعنى، أو تقدير مشاركته وإن كان «أفعل» خبرا حذف للعلم به المفضول غالبا ويقلّ ذلك إن لم يكن خبرا ولا تصاحب «من» المذكورة غير العاري إلّا وهو مضاف إلى غير معتدّ به أو ذو ألف ولام زائدتين، أو دالّ على عار متعلّق به «من» أو شاذّ).

ــ

ومن النّادر قراءة الآية (1): سيعلمون غدا من الكذاب الأشر (2) وكما ندر ردّ الهمزة في التفضيل نذر سقوطها

في التعجّب، فقيل: ما خيره، بمعنى: ما أخيره، وما شرّه، بمعنى: ما أشرّه، وشذّ حذف همزة «أحبّ» في التفضيل، كقول الأحوص:

2090 -

وزادني كلفا بالحبّ أن منعت

وحبّ شيء إلى الإنسان ما منعا (3)

قال ناظر الجيش: اعلم أنّ لـ «أفعل» التّفضيل استعمالات ثلاثا لا يتجاوزها وهي أن تقرن به «من» ومجرورها، ويعبّر عنه بالعاري أي عن اللام والإضافة، وأن تباشره اللام، وأن يضاف.

وقد تكلم المصنف على المقرون بـ «من» هنا إلى آخر هذا الفصل وتكلم في الفصل الذي يليه على الاستعمالين الآخرين. والسبب في أنّ «أفعل» التفضيل لا يتجاوز ثلاثة الاستعمالات أنّ الغرض منه إفادة الزيادة في موصوفه على غيره -

(1) نسبت القراءة المذكورة في البحر المحيط (8/ 180) لقتادة وأبي قلابة، وفي المحتسب (2/ 299):

(الأشر - بتشديد الراء - هو الأصل المرفوض؛ لأن أصل قولهم: هذا خير منه، وهذا شر منه: هذا أخير منه وهذا أشر منه) اهـ.

(2)

سورة القمر: 26.

(3)

سبق تخريج هذا الشاهد.

والشاهد فيه هنا قوله: «وحبّ شيء» حيث حذف همزة أفعل التفضيل من «حبّ» شذوذا وهو نادر لا يقاس عليه، ولم يوجد في السعة إلا في «خير وشرّ» .

ص: 2660

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فقصد إلى ذكر الغير ليوفر ما يقتضيه معناه وذلك لا يحصل إذا تجرد عن هذه الثلاثة؛ لأنك إذا قلت: زيد أشرف لم يفهم من هو الذي زاد عليه هو في الشرف، فإذا أتيت بـ «من» أو أضفته علم المفضل عليه، وإذا أتيت باللام كقولك: زيد الأشرف، فالتعريف هو تعريف العهد وهو لا يكون معهودا، إلا على الصفة المذكورة، فإذا عرفته بالعهد فهو المعهود الذي قد عرف من هم المفضل عليهم هو ولا يجمع بين «من» واللام أو الإضافة، فلا يقال: زيد الأفضل من عمرو، ولأنهم لم يأتوأ بـ «من» إلا لما ذكرناه، من بيان المفضّل عليه وقد علم أنّ اللام تفيد ذلك، فلم يكن للجمع بينهما معنى.

وأيضا فإنّ معنى التعريف باللام أن يجعله للمعهود المفضل على من عهد تفضيله عليه بمعنى «من» تفضيله على من ذكر بعدها دون من سواه فيصير المعنى - عند الاجتماع - تفضيله باعتبار المعهود ولا باعتبار المعهود وذلك

تناقض، وأيضا فإنّ «من» تشعر باحتياجه ونقصانه، واللام تشعر باستغنائه وكماله. فلو جمع بينهما لكان كالجمع بين النقيضين.

قال المصنف (1): ويلزم «أفعل» التفضيل الإفراد والتذكير إذا كان عاريا أي:

غير مضاف ولا مشفوع بحرف التعريف، فيقال: زيد أكرم من عمرو، وهما أكرم من بشر، وهم أشجع من غيرهم، وهند أجمل من دعد، وبنتاهما أصلح، والأمّهات أشفق من الأخوات (2)، ويلزم العاري أيضا أن يذكر بعده المفضول، مقرونا بـ «من» متصلة به كما رأيته من الأمثلة المذكورة آنفا، أو مفصولا بين «من» وبينه بمتعلق به، فصاعدا، كقوله تعالى: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ (3).

وكقول الشّاعر: -

(1) شرح التسهيل لابن مالك (3/ 53).

(2)

في التذييل والتكميل (4/ 707، 708): (إنّما كان بلفظ واحد مع «من»؛ لأن الغرض إنما هو تفضيل كرم زيد على كرم عمرو، فهو في المعنى إخبار عن المصدر؛ فوجب التذكير لغلبته على المصدر، فرفض فيه «فعلى») اهـ. وهذه أيضا علة عدم تثنيته وجمعه.

(3)

سورة الأحزاب: 6.

ص: 2661

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

2091 -

فلأنت أسمح للعفاة بسؤلهم

عند الشّصائب من أب لبنينا (1)

وكقوله:

2092 -

ما زلت أبسط في غصن الزمان يدا

للناس بالخير من عمرو ومن هرم (2)

ويجب تقديم «من» والمفضول (3) إن كان اسم استفهام، أو مضافا إليه، نحو:

ممّن أنت أحلم؟ ونحو: ممّن أنت أعلم؟ ومن أيّ الرّجال أنت أكرم؟ وممّ قدّك أعدل؟ ومن وجه من وجهك أجمل؟

ذكر أصل هذه المسألة أبو عليّ في التّذكرة (4) وهي من المسائل المغفول عنها.

فإن كان المفضول غير ذلك لم يجز تقديمه إلّا في نادر من الكلام، كقول ذي الرّمّة:

2093 -

ولا عيب فيها غير أنّ سريعها

قطوف وأن لا شيء منهنّ أكسل (5)

وكقول الآخر: -

(1) هذا البيت من الكامل، ولم ينسب لقائل معين، والشصائب: الشدائد، شصب - بكسر الشين المثلثة، وبعدها صاد مهملة ثم باء موحّدة - وهو الشّدّة، من: شصب الأمر: اشتدّ، وشصب العيش يشصب - بالضم - شصوبا، وأشصب الله عيشه.

والشاهد في البيت: الفصل بين اسم التفضيل «أسمح» والمفضول، بجارّين ومجرورين وظرف.

ينظر الشاهد في: شرح المصنف والتذييل والتكميل (4/ 708) وهو في الارتشاف (3/ 53).

(2)

البيت من البسيط، ولم أهتد إلى قائله.

والشاهد فيه: الفصل بين اسم التفضيل العاري من «أل» ومن الإضافة وهو «أبسط» وبين المفضول بثلاثة جار ومجرور، وتمييز.

ينظر الشاهد في: التذييل والتكميل (4/ 807)، ومنهج السالك (ص 409)، وشرح المصنف (3/ 54).

(3)

أي: يجب تقديمها على «أفعل» .

(4)

التذكرة من كتب أبي علي الفارسي المفقودة، ينظر هذا الكلام في شرح المصنف.

(5)

هذا البيت من الطويل. اللغة: ولا عيب فيها: أي: لا عيب حاصل فيها، أي: في النساء المذكورة فيما قبل، وغير منصوب على الاستثناء. قطوف: متقارب الخطو، وهذا من تأكيد المدح بما يشبه الذم.

والشاهد في البيت قوله: «منهنّ أكسل» حيث قدّم المجرور بـ «من» على «أفعل» التفضيل، وهو «أكسل» المرفوع على الخبريّة. وتقديم معمول «أفعل» التفضيل في الإخبار نادر وقليل؛ لأن «أفعل» التفضيل من العوامل غير المتصرفة في نفسها، فلا يتصرف في معمولها. ينظر الشاهد في: ديوان ذي الرمة (ص 641)، والعيني (4/ 44)، والأشموني (3/ 52)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص 189).

ص: 2662

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

2094 -

فقالت لنا أهلا وسهلا وزوّدت

جنى النّحل بل ما زوّدت منه أطيب (1)

وقد يفصل «أفعل» و «من» بـ «لو» وما اتصل بها كقول الشّاعر:

2095 -

ولفوك أطيب لو بذلت لنا

من ماء موهبة على خمر (2)

ولا بدّ من كون المفضول مشاركا للمفضّل فيما ثبت فيه التفضيل فيقال: الخبز أغذى من السويق، والعسل أحلى من التّمر، ولا يقال: الخبز أغذى من الماء، ولا:

الماء أروى من الخبز؛ فإن ورد لفظ تفضيل دون ظهور مشاركة قدّرت المشاركة بوجه ما، كقولهم في البغيضين: هذا أحبّ إليّ من هذا، وفي الشرّين: هذا خير من هذا، وفي الصّعبين: هذا أهون من هذا، وفي القبيحين: هذا أحسن من هذا، بمعنى: أقل بغضا، وأقل شرّا، وأقلّ صعوبة، وأقلّ قبحا ومنه قوله تعالى: قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ (3).

[3/ 124] وقول الرّاجز:

2096 -

أظلّ أرعى وأبيت أطحن

الموت من بعض الحياة أهون (4)

-

(1) البيت من الطويل وقائله الفرزدق.

اللغة: أهلا وسهلا: أي: أتيتم أهلا، ومكانا سهلا، جنى النّحل: شهده، والمراد شبيهه.

والشاهد فيه قوله: «منه أطيب» حيث قدم المجرور بـ «من» على أفعل التفضيل مع أنه غير استفهام وهو قليل، فالاستشهاد مبنيّ على أنّ «منه» متعلق بـ «أطيب» .

ينظر الشاهد في: النقائض (2/ 612)، وشرح ابن يعيش (2/ 60)، والهمع (2/ 104)، والدرر (2/ 137)، والأشموني (3/ 52)، وديوان الفرزدق ط. الصاوي (ص 32)، وشرح العمدة (ص 427)، وشرح الكافية (2/ 433).

(2)

البيت من الكامل، ونسب لأبي ذؤيب الهذلي، خويلد بن خالد، أحد المخضرمين، أسلم، ومات في سنة (26 هـ).

اللغة: أطيب: أعذب، بذلت: سخوت، موهبة: هي السحابة، أو نقرة الشجرة، يجمع فيها ماء السحاب، كما في الاشتقاق.

والشاهد فيه قوله: «أطيب» فإنه «أفعل» تفضيل، وقد فصل بينه وبين «من» الجارة للمفضول بـ «لو» ينظر الشاهد أيضا في: الهمع (2/ 104)، والدرر (2/ 137)، والأشموني (3/ 46).

(3)

سورة يوسف: 33.

(4)

هذا البيت من الرّجز، ولم أهتد إلى قائله.

والشاهد فيه قوله: «أهون» ؛ حيث إنه «أفعل» تفضيل، لا تظهر فيه المشاركة بين المفضل، والمفضل عليه؛ لأن المفضل هنا الموت، ولذلك تقرر المشاركة بوجه ما، فكأنه يريد: أهون صعوبة عنده. -

ص: 2663

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومثله قول الآخر:

2097 -

عجيّز لطعاء دردبيس

أحسن من منظرها إبليس (1)

ومن الملحق بالتهكم قول الآخر:

2098 -

لأكلة من أقط بسمن

ألين مسّا في حوايا البطن

من يثربيّات قذاذ خشن (2)

ومنه قول الشّاعر:

2099 -

الحزم والقوّة خير من

الإدهان والفكّة والهاع (3)

-

- كما يصلح البيت شاهدا على تقديم المفضل عليه «من بعض الحياة» على اسم التفضيل «أهون» على ما في الشواهد السابقة. ينظر الشاهد في: شرح الألفية للشاطبي (4/ 93)، والتذييل والتكميل (4/ 714).

(1)

هذا بيت من الرجز، ولم أهتد إلى قائله.

اللغة: اللطعاء: التي قد انتثر مقدم فيها، أي: سقطت أسنانها، والدردبيس: العجوز المسنة.

والشاهد هنا:

«أحسن من منظرها إبليس» ؛

إذ تقدّر المشاركة في «أحسن» بأقل قبحا.

ينظر الشاهد في: شرح المصنف (3/ 55)، والتذييل والتكميل (4/ 714).

(2)

وهذا الرجز لمرداس، كما جاء في كتاب القلب والإبدال، ضمن الكنز اللغوي (ص 55).

اللغة: أكلة: لقمة. أقط: شيء يتخذ من اللبن فيصير جبنا معقودا، قذاذ - جمع أقذ -: السهم الذي لا ريش عليه. خشن: جمع أخشن بمعنى: خشن.

والشاهد فيه: يجيء أفعل التفضيل مجرّدا من «أل» والإضافة، واقترن المفضل عليه بـ «من» لكن الأسلوب للتهكم؛ ولذلك احترز به من

مشاركة المفضل عليه للمفضل في المعنى، لكنه لا يخلو المقرون بـ «من» في غير تهكم من مشاركة المفضل في المعنى. ينظر الشاهد أيضا في: العيني (4/ 46)، ومنهج السالك (ص 409)، والتذييل والتكميل (4/ 713)، واللسان «خشن» .

ويستشهد بذلك أيضا على الفصل بين اسم التفضيل والمفضول في قوله:

ألين مسّا - في حوايا البطن -

من يثربيّات

(3)

هذا البيت من السريع، وقائله أبو قيس بن الأسلت الأنصاري، رئيس الأوس في حرب حاطب قبل الإسلام، بين بطون الأوس والخزرج كلها، وكان قد هجر الراحة، لقيادة هذه الحرب، ثمّ جاء إلى امرأته فأنكرته لشحوبه ثم عرفته من كلامه، فقال القصيدة التي منها هذا الشاهد، وأولها:

قالت ولم تقصد لقيل الخنا

مهلا فقد أبلغت أسماعي

تنظر ترجمة هذا الشاعر في خزانة الأدب (3/ 109، 110) تحقيق هارون.

اللغة: الإدهان - من المداهنة -: وهي مثل النفاق والمخادعة، والفكة: الحمق، والهاع: الحرص.

والشاهد فيه: كالذي قبله؛ أنّ «أفعل» التفضيل المجرد من «أل» ومن الإضافة للتهكم هنا لذلك لم يشارك المقرون بـ «من» المفضل في المعنى.

ص: 2664

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وممّا تقدّر فيه المشاركة قول بعضهم: الصّيف أحرّ من الشّتاء، وله توجيهات:

أحدها: أن يكون من «أحرّ القتل» بمعنى: استحرّ، أي اشتدّ، فكأنّه قيل:

الصيف أشدّ احترارا من الشتاء؛ لأنّ حروبهم في الصّيف كانت أكثر من حروبهم في الشتاء (1)، ويمكن أن يشار بذلك إلى أنّ الشّتاء يتحيّل فيه على الحرّ بموقيات البرد وأنّ الصيف لا يحتاج فيه إلى تحيّل، فحرّه أشدّ من حرّ الشتاء (2)، ويمكن أن يشار بذلك إلى «حرّ الأمر» جدّ، وأنّه في الصيف أشدّ منه في الشتاء (3). وزعم بعض العلماء أنه يقال: العسل أحلى من الخلّ، وهذا موجه بثلاثة أوجه:

أحدها: أن يكون قائل هذا أسمى العنب خلّا، لمآله إليه، كما سمّي خمرا في قوله تعالى: إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً (4).

الثاني: أن يكون «أحلى» من: حلي بعيني، إذا حسن منظره.

الثالث: أن يكون هذا قد وضع «أحلى» موضع «أطيب» لأنّ الخلّ يتأدّم به، فله من الطيب نصيب، لكنّه دون طيب العسل (5).

ويكثر حذف المفضول إذا دلّ عليه دليل، وكان «أفعل» خبرا، كقوله تعالى:

أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ (6)، ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ وَأَدْنى أَلَّا تَرْتابُوا (7)، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ (8)، وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ (9)، إِنَّما عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ (10)، وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلًا (11)، أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (12)، فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً (13).

وهو كثير، ومنه قول الشاعر: -

(1)،

(2)

،

(3)

هذه توجيهات ثلاثة.

(4)

سورة يوسف: 36.

(5)

تنظر هذه الأوجه الثلاثة في: شرح المصنف (3/ 56) والتذييل والتكميل (4/ 713)، وفي المساعد لابن عقيل (2/ 171)، تحقيق بركات: (

أو أراد بالخلّ العنب كما يسمّى العنب خمرا، والتهكم لا يمتنع) اهـ.

(6)

سورة البقرة: 61.

(7)

سورة البقرة: 282.

(8)

سورة آل عمران: 36.

(9)

سورة آل عمران: 118.

(10)

سورة النحل: 95.

(11)

سورة الكهف: 46.

(12)

سورة مريم: 73.

(13)

سورة مريم: 75.

ص: 2665

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

2100 -

إذا المرء علبي ثم أصبح جلده

كرحض غسيل فالتّيمّن أروح (1)

أي: فدفنه على اليمين أروح له، وقد يحذف المفضول، وأفعل ليس بخبر، فمن ذلك قوله تعالى: فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى (2).

ومن ذلك قول الشاعر:

2101 -

دنوت وقد خلناك كالبدر أجملا

فظلّ فؤادي في هواك مضلّلا (3)

أي: دنوت أجمل من البدر، وقد خلناك مثله.

ومثله:

2102 -

ليلقك من أرضاك قدما أجدّ في

مراضيه فالمسبوق إن زاد سابق (4)

ومثله قول رجل من طيئ:

2103 -

عملا زاكيا توخّ لكي تج

زى جزاء أزكى وتلفى حميدا (5)

-

(1) هذا البيت من الطويل للنابغة الجعدي واسمه قيس بن عبد الله وقيل: حيان بن قيس. الديوان (ص 218) طبعة دمشق.

اللغة: علبى: تشنجت علباؤه، وهي العصبة في العنق، وفي اللسان «علب»: علبى الرجل: انحط علباواه كبرا، كرحض: أي كثوب رحض: غسل حتى خلق، وينظر: اللسان «رحض» ، فالتيمّن:

فالموت. وفي اللسان «يمن» يقال: تيمن فلان تيمنا إذا مات، والأصل فيه: أنه يوسد عينه إذا مات في قبره، يريد هذا الشاعر أنّه إذا انتهى في الهرم إلى هذا الحد فالموت أروح له.

والشاهد في «أروح» ؛ حيث إنه أفعل تفضيل وقع خبرا، حذف المفضول بعده للعلم به.

(2)

سورة طه: 7.

(3)

البيت من الطويل ولم ينسب لقائل معيّن. اللغة: الخطاب للمؤنث، مضللا: خبر ظل.

والشاهد في البيت قوله: «أجملا» ؛ حيث هو تفضيل، حذف منه «من» والمفضول، والتقدير: أجمل من البدر، وأكثر ما تحذف «من» والمفضول في «أفعل» التفضيل - إذا كان خبرا لا حالا كما في هذا البيت. ينظر الشاهد في: العيني (4/ 50)، والأشموني (3/ 46)، وشرح المصنف (3/ 57).

(4)

هذا البيت من الطويل ولم ينسب لقائل معين.

والشاهد فيه: قوله: «أجدّ» ؛ حيث إنه «أفعل» تفضيل، حذفت منه «من» والتقدير: أجدّ في مراضيه من غيرك، وأكثر ما تحذف «من» في «أفعل» التفضيل إذا كان خبرا.

ينظر البيت في: شرح المصنف (3/ 57)، والتذييل والتكميل (4/ 717).

(5)

هذا البيت من الخفيف وقد نسب لرجل من طيئ لم يحدّد اسمه.

والشاهد في قوله: «أزكى» فإنه «أفعل» تفضيل وقع صفة وحذف بعده (من) والمفضول، والتقدير: -

ص: 2666

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أي: لكي تجزى جزاء أوفى من العمل الزّاكي.

ومثله قول الآخر:

2104 -

تروّحي أجدر أن تقيلي

غدا بجنّتي بارد ظليل (1)

أي ترّوحي، وأتي مكانا أجدر مكانا بأن تقيليه، أي: تقيلي فيه، وهذا أغرب من الذي قبله، لكثرة الحذف فيه.

ولا توجد «من» جارّة للمفضول، إلا و «أفعل» عار من الإضافة، والألف واللّام، وندر إيقاع «من» بعد مضاف إلى ما لا اعتداد بذكره، والإشارة بذلك إلى قول الشّاعر:

2105 -

نحن بغرس الوديّ أعلمنا

منّا بركض الجياد في السّدف (2)

أراد: أعلم منّا، فأضاف، ناويا إطراح المضاف إليه كما تدخل الألف واللام في -

- أزكى من العمل الزاكي، وهذا قليل ولا يكثر الحذف إلا إذا كان «أفعل» خبرا.

ينظر الشاهد في: شرح المصنف (3/ 57)، والتذييل والتكميل (4/ 717)، والارتشاف برقم (1011)(ص 1087)، ومنهج السالك (ص 408)، والتذييل والتكميل (4/ 717).

(1)

هذا البيت من الرجز وقائله: أحيحة بن الجلّاح. وقبله في المحتسب (1/ 212):

ترّوحي يا خيرة الفسيل

اللغة: الخطاب - على رأي العيني - للفسيل بفتح الفاء وهو صغار النّخل، تروحي: من تروح النبت إذا طال، والمعنى: طولي يا فسيل، وكنى بالقيلولة عن النموّ والزهو بكونها في جنتي بارد ظليل.

والشاهد فيه قوله: «أجدر» فإنه «أفعل» تفضيل، واستعمل بغير ذكر «من» وهو قليل لكونه صفة لمحذوف ولم يقع خبرا؛ إذ التقدير: وأتي مكانا أجدر أن تقيلي فيه من غيره.

ينظر الشاهد في: شرح المصنف (3/ 57)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص 187)، والأمالي الشجرية (1/ 343)، والأشموني (3/ 46)، وشرح التصريح (2/ 103).

(2)

هذا البيت من المنسرح، وفي المقاصد النحوية (4/ 55) إنه لسعد القرقرة من أهل هجر، وهو في ديوان قيس بن الخطيم (ص 236) ط.

دار صادر بيروت.

اللغة: الودي - بفتح الواو وكسر الدال وتشديد الياء - جمع ودية، وهي النخلة الصغيرة وروي «الورد» بدل «الودي» ، السدف - بفتح المهملتين السين والدال، وبعدهما فاء - الصبح وإقباله.

والشاهد في البيت: قوله: «أعلمنا» الواقع خبرا لـ «نحن» استشهد به على الجمع بين الإضافة و «من» ، وفي هامش ديوان قيس بن الخطيم:(إنها لغة يمنية معروفة) اهـ.

ينظر الشاهد في: اللسان «سدف» ، ومقاييس اللغة (3/ 148)، وشرح المصنف (3/ 57)، والتذييل والتكميل (4/ 719)، ومنهج السالك (ص 4094)، والأشموني (3/ 47).

ص: 2667

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بعض الامكنة، وينوى سقوطها.

وندر إيقاع «من» في قول الشاعر:

2106 -

ولست بالأكثر منهم حصى

وإنّما العزّة للكاثر (1)

وفيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أن يكون من المعتاد وقوعها بعد العاري، والألف واللام زائدتان.

والثّاني: أن تكون متعلّقة بـ «أكثر» مقدرا، مدلولا عليه بالموجود المصاحب للألف واللام، كأنه قال: ولست بالأكثر، وأكثر منهم حصى (2)، وهذا التقدير شبيه بما يقال في قوله تعالى: وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (3) أي: كانوا زاهدين فيه من الزاهدين.

والثالث: أن تكون «من» للتبيين، كأنّه قال: ولست بالأكثر من بينهم وإلى ما فيه من الأوجه أشرت بقولي: (ولا تصاحب «من» المذكورة غير العاري)(4) إلى آخر الكلام، والله تعالى أعلم. هذا آخر كلام المصنف، ونتبعه الإشارة إلى أمور:

الأول: ذكر شواهد على بعض المسائل المذكورة، ذكرها غير المصنف:

منها: شاهد الفصل، بين «أفعل» وبين ما هو معمول لـ «أفعل» ، قال الله تعالى: قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ (5).

وقال الشاعر: -

(1) هذا البيت من السريع، وجعله العيني من الرجز وهذا غير صحيح وقائله الأعشى المشهور، يهجو علقمة بن علاثة، ويمدح عامر بن الطفيل في المنافرة التي جرت بينهما، والمعنى: بم تزعم العزة، ولست بالأكثر منه عددا والعزة لصاحب الكثرة.

والشاهد في البيت قوله: «بالأكثر منهم» ؛ حيث جمع فيه بين الألف واللام و «من» وأجيب بزيادة «ال» أو على تقدير: بالأكثر بأكثر منهم، والمحذوف بدل من المذكور، أو: أنّ «من» لبيان الجنس، أو هي بمعنى «في» أي: فيهم.

من مراجع الشاهد: ديوان الأعشى (ص 94)، واللسان «حصى» ، والخصائص (1/ 185)، والأشموني (3/ 47).

(2)

ينظر هذا التقدير في التذييل والتكميل (4/ 719).

(3)

سورة يوسف: 20 - يعني التقدير في الآية الكريمة.

(4)

ينظر: شرح المصنف (3/ 58).

(5)

سورة يوسف: 33.

ص: 2668

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

2107 -

ألين مسّا في حوايا البطن

من يثربيات قذاذ خشن (1)

وقال آخر:

2108 -

وسبع الدّار أشجع حين يبلى

لدى الهيجاء من ليث بغاب (2)

وليعلم أنّ الفصل قد حصل في الشواهد التي ذكرها المصنف، والتي ذكرها غيره بشيئين وبثلاثة أيضا، وكذا بأربعة أشياء في البيت الذي أنشده المصنّف وهو:

2109 -

ما زلت أبسط في غضن الزّمان يدا

للنّاس بالخير من عمرو ومن هرم (3)

ومنها: شاهد سبق «من» ومجرورها «أفعل» قال الشاعر:

2110 -

إذا سايرت أسماء يوما ظعينة

فأسماء من تلك الظّعينة أملح (4)

وقال آخر:

2111 -

ولولا النّهى أنبأتك اليوم أنّني

من الطّابن الطبّ المجرّب أعلم (5)

وقال آخر: -

(1) سبق تحقيق هذا الشاهد قريبا في هذا الباب.

(2)

هذا البيت من الوافر وقائله كثير بن عبد الرّحمن بن أبي جمعه، صاحب عزّة، من خزاعة.

تنظر ترجمته في: الشعر والشعراء (1/ 510) والخزانة (5/ 621). وقد نسب هذا البيت في: منهج السالك (409) لكثير عزة، وليس في ديوانه تحقيق د/ إحسان عباس ط. بيروت (1391 هـ). ومن مراجع الشاهد أيضا: التذييل والتكميل (4/ 708).

(3)

سبق تخريجه قريبا أول شرح هذا المتن.

(4)

هذا البيت من الطويل، وقائله: جرير بن عطية الخطفي.

اللغة: سايرت: من المسايرة. أسماء: اسم امرأة، ظعينة: الهودج، سواء كانت فيه امرأة أو لم تكن.

ومراده من في الهودج، أملح: أفعل تفضيل من: ملح الشيء، أي: حسن.

والشاهد في البيت: تقديم «من» ومجرورها على «أملح» في غير استفهام.

ينظر الشاهد في ديوان جرير (ص 835)، والنقائض (1/ 500)، والعيني (4/ 52)، وشرح التصريح (2/ 103)، والتذييل والتكميل (4/ 709)، وشرح الأشموني (3/ 52).

(5)

هذا البيت من الطويل ولم ينسب لقائل معين.

اللغة: الطابن: من الطبن بالتحريك أي الفطنة وفي اللسان «طبن» رجل طبن: فطن حاذق عالم بكل شيء وكذلك طابن، الطب: الطبيب من الوصف بالمصدر.

والشاهد في البيت: تقديم «من» ومجرورها على اسم التفضيل «أعلم» في غير الاستفهام وهو قليل شاذ.

ينظر الشاهد في: منهج السالك (ص 413)، والتذييل والتكميل (4/ 709).

ص: 2669

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

2112 -

فقلت لها: لا تجزعي وتصبّري

فقالت بحقّ: إنّني منك أصبر

فقلت لها: والله ما قلت باطلا

وإنّي بما قد قلت لي منك أبصر (1)

إلّا أنّ قوله:

2113 -

بل ما زوّدت منه أطيب

ليس فيه دليل على التقديم صريحا، لاحتمال أن يعلق «منه» بـ «زودت» .

ومنها: شاهد حذف المفضول، إذا وقع خبرا، قال الشاعر:

2114 -

فخرت بنو أسد بمقتل مالك

فخرت بنو أسد عتيبة أفضل (2)

أي: من الجماعة [3/ 125] الذين قتلوا به، وقال آخر:

2115 -

إذا ما ستور البيت أرخين لم يكن

سراج لنا إلّا ووجهك أنور (3)

وقال آخر:

2116 -

وما مسّ كفّ من يد طاب ريحها

من النّاس إلّا ريح كفّك أطيب (4)

-

(1) البيتان من الطويل ولم ينسبا لقائل بعينه. ومعناهما وضح وروي «أخبر» بدل «أبصر» في نهاية البيت الثاني.

والشاهد في قوله: «منك أصبر ومنك أبصر» ؛ حيث تقدمت «من» ومجرورها على «أفعل» في غير الاستفهام. وذلك قليل وشاذ.

ينظر: المساعد على تسهيل الفوائد (2/ 168)، والتذييل والتكميل (4/ 709)، ومنهج السالك (ص 413).

(2)

هذا البيت من بحر الكامل وقائله هو مالك بن نويرة في ذؤاب بن ربيعة حين قتل عتبة بن الحارث بن شهاب وفخر بنو أسد بذلك مع كثرة من قتلت بنو يربوع منهم.

وقال المبرد بعد ذكر البيت: فإنما معناه: أفضل ممّن قتلوا.

والشاهد في البيت: قوله: «أفضل» استشهد به على حذف المفضول بعده لوقوعه خبرا.

ينظر الشاهد في: الكامل للمبرد (2/ 48)، والخزانة (8/ 246)، والتذييل والتكميل (4/ 715).

(3)

هذا البيت من الطويل ولم ينسب لقائل معين.

والشاهد في قوله: «أنور» ؛ حيث إنّه اسم التفضيل وقع خبرا وحذف بعده المفضول، والتقدير: أنور من غيره.

وينظر البيت في: معاني القرآن للفراء (2/ 83)، والزاهر لابن الأنباري (1/ 124)، وشرح القصائد السبع لابن الأنباري أيضا (ص 467)، والأزهية للهروي (ص 239)، والخزانة (8/ 244)، والدرر (1/ 86).

(4)

هذا البيت من الطويل، ولم أقف على نسبة له لقائل معين. وهو بهذه الرواية في: الأزهية للهروي (ص 239). والشاهد فيه: حذف المفضول بعد «أطيب» الواقع خبرا للعلم به، ينظر الشاهد أيضا في: شرح القصائد السبع الطوال (ص 467)، والتذييل والتكميل (4/ 715).

ص: 2670

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأمر الثّاني: ذكروا لوجوب الإفراد والتذكير في العاري عن اللام والإضافة عللا:

إحداها: أنّ الغرض من قولنا: زيد أكرم من عمرو، إنّما هو تفضيل كرم زيد على عمرو فهو في المعنى إخبار عن المصدر والمصدر لا يؤنث ولا يثنّى ولا يجمع (1).

ثانيها: أنّه يشبه «أفعل» المتعجّب به لفظا، ومعنى فلم يجز فيه ما لم يجز في ذلك.

ثالثها: أنّ «من» المذكورة بعد «أفعل» هي من تمامه، فهي كجزء منه، والاسم لا يثنّى جزء منه ولا يجمع، ولا يؤنث، وأقول: إنّني لم أتحقّق من هذه العلل الثلاث شيئا.

الأمر الثّالث: قد عرف أنّ تقديم «من» ومجرورها على «أفعل» واجب في نحو: ممّن أنت أفضل؟ وممّ قوامك أعدل؟

قال الشيخ (2): وينبغي أن ينبه على سبقه أيضا ما كان «أفعل» خبرا عنه، نحو ما مثل به، ونحو: ممن كان زيد أفضل؟ وممّن ظننت زيدا أفضل؟ لئلا يتوهم أنه يجوز توسيطهما بين المخبر عنه والخبر، وهو لا يجوز فلا يقال: زيد ممن أفضل؟

ولا: كان زيد ممّن أفضل؟ ولا: ظننت زيدا ممّن أفضل؟ وقد عرفت أنّ الفصل بـ «لو» وما اتّصل بها قد وقع بين أفعل و «من» .

قال الشيخ (3): وقد جاء الفصل بالمنادى قال جرير:

2117 -

لم نلق أخبث يا فرزدق منكم

ليلا وأخبث بالنّهار نهارا (4)

الأمر الرابع: ناقش الشيخ المصنف في قوله: ولا يقال: الخبز أغذى من الماء، -

(1) ينظر: التذييل والتكميل (4/ 707)، وشرح التسهيل للمرادي (193 / ب).

(2)

التذييل والتكميل (4/ 710).

(3)

ينظر: المرجع السابق (4/ 711)، وهذا من الفصل بين «أفعل» و «من» بغير المعمول.

(4)

هذا البيت من الكامل وقائله هو جرير بن عطية الخطفي الشاعر المشهور يهجو الفرزدق، وهو في:

ديوانه (1/ 522)، وفي الدرر (2/ 138)، وفي الخزانة (8/ 263) بلفظ «لم ألق» .

والشاهد فيه قوله: «أخبث» فإنّه «أفعل» تفضيل وقد فصل بينه وبين «من» الجارة للمفضول بالمنادى وهو في قوله: «يا فرزدق» .

وفي البيت شاهد آخر وهو: حذف «من» من «أفعل» التفضيل لتقدّم ما يدل عليها أعني في قوله:

وأخبث في النهار، فإنّ الأصل: وأخبث منكم فحذف «من» لدلالة «من» عليه في قوله:

لم ألق أخبث يا فرزدق منكم.

وينظر الشاهد أيضا في منهج السالك (ص 409)، والتذييل والتكميل (4/ 711)، والهمع (2/ 104)، وشرح التسهيل للمرادي (193 / ب).

ص: 2671

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فقال: بل ذلك جائز، والماء في لغة العرب يغذو قال الشاعر:

2118 -

كبكر مقاناة البياض بصفرة

غذاها نمير الماء غير المحلّل (1)

وأقول: ما ذكره المصنف هو الحقّ، فإنهم نصّوا على أنّ الماء لبساطته لا يغذو، وأمّا قول الشّاعر:«غذاها نمير الماء» فمجاز، أطلق على الماء أنّه غاذ؛ للعلاقة التي بينه وبين الغاذي حقيقة، وهي التناول. ثمّ قد علمت أنّ المصنف وجه ما أجازه بعض العلماء من أن يقال: العسل أحلى من الخلّ بالثّلاثة الأوجه التي تقدم ذكرها، فلقائل أن يقول: إذا كان الأمر كما ذكره - من أنّ الخل أريد به العنب، أو أنّ «أحلى» أوقع موقع «أطيب» ؛ لأنّ الخلّ يتأدّم به فله من الطيب نصيب - لم يخالف أحد في جوازه، نعم، إن كان هذا المثال ورد عن العرب أفاد فيه هذا التخريج.

الأمر الخامس: قد عرف أنّ المصنف أشار بقوله: أو تقدير مشاركته إلى أنّ المشاركة تقدّر بوجه ما فيما لا مشاركة فيه، كقولهم في البغيضين: هذا أحبّ إليّ من هذا، إلى آخر ما ذكره.

وأقول: إننّي لم يظهر لي في الأمثلة التي ذكرها أنّها من هذا القبيل، أعني من قبيل ما تقدّر فيه المشاركة بوجه ما؛ لأنّ من مدلول الوصف المذكور منها منتف عن المفضّل والمفضّل عليه، فلو وجد في أحدهما دون الآخر اتّجه أن يقال: تقدر المشاركة بينهما في مدلول الوصف المذكور، والأمر ليس كذلك وإنّما ارتكب المجاز في الأمثلة المذكورة فوصف كلّا من المفضّل والمفضّل عليه بنقيض ما هو لهما، على -

(1) هذا البيت من بحر الطويل وقائله هو امرؤ القيس من معلقته المشهورة والبيت في ديوان امرئ القيس (ص 43) ط. دار صادر. ويجوز خفض «البياض» بالإضافة أو نصبه على التشبيه بالمفعول به.

اللغة: بكر: ما لم يسبقه مثله من كل صنف: مقاناة: خلط من قانيت بين الشيئين إذا خلطت أحدهما بالآخر، وبكر المقاناة: أول بيضة تبيض النعام، وكل لون صفرة في بياض فهو مقاناة. نمير الماء: عذب الماء، والنمير: النامي في الجسد، غير محلل: لم يحلل عليه أحد فيعكره.

والمعنى: أنّ لون العشيقة كلون بياض النعّام فهو بياض خالطته صفرة يسيرة وهو أحسن ألوان النساء عند العرب كما أنّ هذه العشيقة حسنة الغذاء إذ غذاها نمير عذب لم يكدر بكثرة الحلول عليه من الناس.

والشاهد فيه: «غذاها نمير الماء» استشهد به على أنّ الماء يغذو عند العرب فهو أكثر تأثيرا في الغذاء لفرط الحاجة إليه ودليل ذلك أنّ امرأ القيس عبّر عن ذلك بأنّ غذاءها نمير صاف لم يحلل عليه أحد.

ينظر الشاهد أيضا في: مقاييس اللغة (2/ 22)، وشرح القصائد السبع الطوال (ص 70)، والتذييل والتكميل (4/ 712).

ص: 2672

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

سبيل المجاز، فصار الوصف ثابتا لهما مجازا، وإذا كان كذلك فليست المشاركة ثابتة بينهما تقديرا، والسّبب في العدول عن الحقيقة أنّ ارتكاب المجاز في هذه الأمثلة، فيه إشعار بميل المتكلم إلى أحد الأمرين، ولو أتى بحقيقة الكلام ما أشعر بذلك، بل ربّما يشعر بخلافه.

الأمر السادس: قد أشعر قول المصنّف: وإن كان أفعل خبرا حذف للعلم به المفضول غالبا أنّ المفضول قد لا يحذف مع كون «أفعل» واقعا خبرا، والمفضول معلوم، لكنّه لم يمثل لذلك ومثاله قوله تعالى: وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً قُلْ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ (1).

وشمل قول المصنف: خبرا خبر المبتدأ وخبر «كان» وخبر «إنّ» وما في مفعولي «ظننت» ، قال الشاعر:

2119 -

سقيناهم كأسا شربنا بمثلها

ولكنّهم كانوا على الموت أصبرا (2)

أي: منا، وقال الله تعالى: تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً (3).

قال الشيخ: فإن كان «أفعل» التفضيل في موضع الفاعل، أو في موضع اسم «إنّ» ففي ذلك خلاف؛ أجاز البصريون حذف المفضول للعلم، ومنعه الكوفيون، ومثال ذلك: جاءني أفضل، وإنّ أكبر الله (4).

قال: وزعم الرماني أنّه لا يجوز الحذف إلّا في الخبر، ولا يجوز في الصّفة، ولا شكّ أنّ السماع يردّ هذا القول. وقد تقدّم ذكر الشواهد على ذلك (5). -

(1) سورة الجمعة: 11.

(2)

هذا البيت من الطويل وقائله النابغة الجعدي واسمه قيس بن عبد الله، وقيل: حيان بن قيس، وهو في ديوانه (ص 72) ط. دمشق (1384

هـ).

والشاهد فيه هو: حذف المفضول بعد «أصبرا» ؛ لوقوع اسم التفضيل خبرا لكان وحذف للعلم به والتقدير: أصبر منّا.

وينظر الشاهد أيضا في: أمالي الزجاجي (ص 9)، والتذييل والتكميل (4/ 716)، والهمع (2/ 104)، والدرر (2/ 137).

(3)

سورة المزمل: 20.

(4)

ينظر: التذييل والتكميل (4/ 718). ولمراجعة مذهب البصريين والكوفيين ينظر: المرجع السابق الصفحة نفسها.

(5)

وهذه الشواهد هي: قوله تعالى: فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى [طه: 7]. وقول الشاعر: -

ص: 2673

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأمر السابع: تقدّم ذكر الأوجه الثلاثة التي ذكرها المصنف في تخريج قول الشاعر:

2120 -

ولست بالأكثر منهم حصى

وأنّ منها أن تكون «من» للتبيين.

قال الشيخ: فيكون ذلك نظير قول الشاعر:

2121 -

أعكرم إن كانت بعينك كمنة

فعندي لعينيك الأمضّ من الكحل (1)

قال الشيخ: وإذا كان «أفعل» التفضيل مصوغا ممّا يتعدى بـ «من» يعدّى بها، مجرّدا أو مضافا، ومع «أل» (2)، قال الكميت:

2122 -

فهم الأقربون من كلّ خير

وهم الأبعدون من كلّ ذام (3)

وأقول: هذا واضح، لا يحتاج إلى التنبيه عليه.

ثمّ قال (4): ويجمع بينها وبين «من» الداخلة على المفضول، إذا جرّد تقول:

زيد أقرب من كلّ خير من عمرو، وإذا جمع بينهما فيجوز تقديم «من» الداخلة على المفضول، على «من» الذي يتعلق «أفعل» به، فتقول: زيد أقرب من عمرو -

-

دنوت وقد خلناك كالبدر أجملا

......

إلخ وكذلك الشواهد الشعرية الثلاثة التي ذكرها ناظر الجيش بعدها.

(1)

هذا البيت من البحر الطويل، وقائله عبد الله بن الزبير الأسدي.

اللغة: كمنة: ظلمة، وفي القاموس «كمن» والكمنة بالضّم - ظلمة في البصر أو جرب وحمرة فيه والفعل كسمع وغني، الأمض من الكحل: الذي يلذع بحدته، وفي المصباح المنير مادة «مضض»:

(والكحل يمض العين بحدته أي: يلذع مضيضا) اهـ.

والشاهد في قوله: «الأمضّ من الكحل» ؛ حيث جاءت «من» للتبيين. ينظر البيت أيضا في: منهج السالك لأبي حيان (ص 409)، والتذييل والتكميل (4/ 720).

(2)

ينظر: التذييل والتكميل (4/ 720).

(3)

هذا البيت من المديد، وقائله هو الكميت بن زيد الأسدي كما نسبه أبو حيان في المرجع السابق الصفحة وهو من قصيدة للكميت في مدح بني هاشم وآل البيت النبوي الكريم رضي الله عنهم. وروي «ذم» بدل «ذام» والذم والذام واحد وهو العيب.

والشاهد في قوله:

«الأقربون من كلّ خير» ،

و

«الأبعدون من كل ذام» ؛

حيث إن «أفعل» التفضيل فيهما مصوغ مما يتعدى بـ «من» ولذلك عدّى بها هنا وجمع بين «أل» فيهما وبين «من» .

وينظر الشاهد أيضا في: ديوان الكميت (1/ 60)«أل» د/ داود سلوم ط. بغداد مكتبة الأندلس (1969 م) حاشية الصبان (3/ 47).

(4)

يعني: قال الشيخ أبو حيان.

ص: 2674