المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[إلى الجارة…معانيها، وأحكامها] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٦

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الرابع والثلاثون باب التّعجّب

- ‌[تعريفه وصيغه - حكم المتعجب منه]

- ‌[همزة (أفعل) و (أفعل) وأحكام هاتين الصيغتين]

- ‌[جرّ ما يتعلّق بصيغتي التعجّب]

- ‌[شروط ما تبنى منه صيغتا التعجب، وكيفية بنائهما من غير المستوفي للشروط]

- ‌الباب الخامس والثلاثون باب «أفعل» التّفضيل

- ‌[تعريفه وصياغته وشروط صياغته]

- ‌[أحكام أفعل التفضيل المجرد من «أل» والإضافة، وأحوال المفضول منه]

- ‌[أفعل المقترن بـ «أل»، أو المضاف إلى معرفة، وما يتعلق بهما]

- ‌[«أفعل» المضاف إلى نكرة وأحكامه]

- ‌[حكم كلمة «أول» صفة لأفعل التفضيل أو مجردة عن الوصفية]

- ‌[متى يرفع «أفعل» التفضيل الظاهر، وعلة ذلك، وأحكامه

- ‌الباب السادس والثلاثون باب اسم الفاعل

- ‌[تعريفه - وزنه من الثلاثي المجرد - الاستغناء ببعض الأوزان عن بعض]

- ‌[عمل اسم الفاعل غير المصغر والموصوف عمل فعله قد يحول «فاعل» للمبالغة إلى الأمثلة الخمسة]

- ‌[إضافة اسم الفاعل المجرّد من «أل» إلى المفعول أو ما يشبه المفعول - إضافة المقرون بالألف واللام - حكم المعطوف على مجرور ذي الألف واللام]

- ‌[اسم المفعول: عمله عمل فعله الذي لم يسم فاعله وشروط عمله وبناؤه]

- ‌الباب السابع والثلاثون باب الصّفة المشبّهة باسم الفاعل

- ‌[تعريفها وشرح التعريف]

- ‌[موازنتها للمضارع من الثلاثي وغيره]

- ‌[أحوال الصفة المشبهة وأحكامها]

- ‌[أقسام معمول الصفة المشبهة وإعرابه]

- ‌[عمل الصفة المشبهة في الضمير]

- ‌[عمل الصفة المشبهة في الموصول والموصوف]

- ‌[بقية أحكام الصفة المشبهة]

- ‌[أحوال الصفة المشبهة بالنسبة إلى الموصوف بها]

- ‌[ردّ الصّفة المشبّهة إلى اسم الفاعل]

- ‌الباب الثامن والثلاثون باب إعمال المصدر

- ‌[علة إعمال المصدر - أحوال إعماله]

- ‌[المصدر العامل نوعان: مقدر بالفعل بالفعل والحرف - مقدر بالفعل وحده]

- ‌[أحكام المصدر العامل وأحكام معموله]

- ‌[أقسام المصدر العامل وأكثر الأقسام إعمالا من الآخر]

- ‌[إتباع مجرور المصدر لفظا أو محلّا ما لم يمنع مانع]

- ‌[عمل اسم المصدر وأحكامه]

- ‌[المصدر الكائن بدلا من الفعل موافقته متعديا والاختلاف في قياسه]

- ‌[المصدر الكائن بدلا من الفعل وأحكام أخرى له]

- ‌الباب التاسع والثلاثون [باب حروف الجرّ]

- ‌[تعريفها - سبب عملها - تقسيمها]

- ‌[من الجارة: معانيها، وأحكامها]

- ‌[إلى الجارة…معانيها، وأحكامها]

- ‌[اللام الجارة: معانيها، وأحكامها]

- ‌[كي الجارة - مساواتها للام]

- ‌[الباء معانيها، وأحكامها]

- ‌[في: معانيها، وما يعرض لها]

- ‌[عن: معانيها، وأحكامها]

- ‌[على: معانيها، وحكم زيادتها]

- ‌[حتى الجارة…معانيها، وأحكامها]

- ‌[الكاف الجارة: معانيها…وأحكامها]

- ‌[مذ، منذ، رب: لغاتها، ومعانيها، وأحكامها]

- ‌[لولا .. حكم الجر بها]

- ‌[لعلّ، ومتى .. هل يجر بهما]

- ‌[مواضع الجر بحرف محذوف، أحكامه، حكم الفصل بين الجار والمجرور]

- ‌الباب الأربعون باب القسم

- ‌[القسم: تعريفه، أقسامه، أساليبه]

- ‌[إضمار الفعل وأحكام لفظ الجلالة في القسم]

- ‌[من أحكام الجملة الاسمية في القسم]

- ‌[الحروف التي يتلقى بها القسم، وأحكامها]

- ‌[تلقي جواب القسم الماضي]

- ‌[توالي القسم والشرط غير الامتناعي]

- ‌[من أحكام أسلوب القسم]

الفصل: ‌[إلى الجارة…معانيها، وأحكامها]

‌[إلى الجارة

معانيها، وأحكامها]

قال ابن مالك: (ومنها: «إلى» للانتهاء مطلقا، وللمصاحبة، وللتّبيين، ولموافقة اللّام، وفي، ومن. ولا تزاد خلافا للفرّاء).

قال ناظر الجيش (1): قال [3/ 184] المصنف: أردت بقولي: (للانتهاء مطلقا) شيئين:

أحدهما: الزمان والمكان كقولك سرت إلى آخر النهار، وإلى آخر المسافة.

والثاني: أن منتهى العمل بها قد يكون آخرا وغير آخر، نحو: سرت إلى نصف النهار، وإلى نصف المسافة. ونبهت بقولي:(وللمصاحبة) على أنها تكون بمعنى مع كقوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ (2) ومَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ * (3). قال الفراء في مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ: * قال المفسرون: من أنصاري مع الله (4) قال: وهو وجه حسن (5)، قال: وإنما تجعل «إلى» كـ «مع» إذا ضممت شيئا إلى شيء، كقول العرب: الذود (6) إلى الذود إبل (7)، فإن لم يكن ضم لم تكن إلى كمع فلا يقال في مع فلان مال كثير: إلى فلان مال كثير (8)، قلت: ومن مجيئها بمعنى (مع)(9) قول الشاعر:

2394 -

برى الحبّ جسمي ليلة بعد ليلة

ويوما إلى يوم وشهرا إلى شهر (10)

ومثله:

2395 -

ولقد لهوت إلى كواعب كالدّمى

بيض الوجوه حديثهنّ رخيم (11)

-

(1) انظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 141).

(2)

سورة النساء: 2.

(3)

سورة آل عمران: 52، وسورة الصف:14.

(4)

،

(5)

معاني الفراء (1/ 218).

(6)

في الأصل: إن الذود.

(7)

مثل يضرب في اجتماع القليل إلى القليل حتى يؤدي إلى الكثير. والذود. قليل الإبل من ثلاثة إلى عشرة مجمع الأمثال (1/ 253).

(8)

معاني الفراء (1/ 218) وراجع: الارتشاف (ص 732)، والمغني (1/ 75)، والهمع (2/ 20).

(9)

من الهامش.

(10)

من الطويل، واستشهد به أبو حيان في التذييل (4/ 11).

(11)

من الكامل وينسب إلى كثير عزة وليس في ديوانه وانظر أمالي الشجري (2/ 268)، والتذييل (4/ 11).

ص: 2911

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومثله:

2396 -

وإنّ امرأ قد عاش سبعين حجّة

إلى مائة لم يسأم العيش جاهل (1)

ومثله قول الآخر:

2397 -

فلم أر عذرا بعد عشرين حجّة

مضت لى وعشر قد مضين إلى عشر (2)

ونبهت بقولي: (وللتبيين) على المتعلقة - في تعجب أو تفضيل بحب أو بغض مبينة لفاعلية مصحوبها كقول الله تعالى: قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ (3)، وكقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وايم الله لقد كان خليقا

للإمارة وإن كان من أحبّ النّاس إليّ» (4) وأشرت بموافقة اللام إلى نحو: وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ (5)؛ فاللام في هذا هو الأصل كقوله تعالى: لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ (6)، وكقوله تعالى:

وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (7) وهَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ (8) ومثل «إلى» من وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ في موافقة اللام «إلى» (المعدية)(9) فعل الهدى كقوله تعالى: وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (10)؛ فإنها موافقة للام الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا (11)، وقُلِ (اللَّهُ)(12) يَهْدِي لِلْحَقِّ (13) وإِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ (14)، ومنه قول عمر رضي الله عنه، لا يمنعنّك قضاء قضيته اليوم فراجعت فيه عقلك وهديت فيه لرشدك أن ترجع إلى الحقّ» (15) وأشرت -

(1) من الطويل قاله كعب بن زهير، أو زهير بن أبي سلمى. راجع ديوانه (ص 257) وانظر في شرح المفصل (9/ 4)، والشعر والشعراء (ص 100)، وعيون الأخبار (1/ 23).

(2)

البيت من الطويل وانظره في التذييل (4/ 11).

(3)

سورة يوسف: 33.

(4)

الكلام عن زيد بن حارثة مولى النبي صلى الله عليه وسلم ينظر البخاري: الإيمان (2) وفضائل الصحابة (17) ومسند ابن حنبل (2/ 20).

(5)

سورة النمل: 33.

(6)

سورة الروم: 4.

(7)

سورة الانفطار: 19.

(8)

سورة آل عمران: 154.

(9)

من الهامش، والأصل: التي هي.

(10)

سورة يونس: 25.

(11)

سورة الأعراف: 43.

(12)

من الهامش، والأصل: أفمن، وهو تحريف.

(13)

سورة يونس: 35.

(14)

سورة الإسراء: 9.

(15)

من رسالة لعمر بن الخطاب بعث بها إلى أبي موسى الأشعري وقد ولاه عمر قضاء البصرة. العقد الفريد (1/ 86)، وفيه «بالأمس» بدل «اليوم» .

ص: 2912

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بموافقة «في» إلى قول الشاعر:

2398 -

فلا تتركنّي بالوعيد كأنّني

إلى النّاس مطليّ به القار أجرب (1)

ومثله قول النمر (2):

2399 -

إذا جئت دعدا لا تتركانني

إلى آل دعد من سلامان أو نهد (3)

أراد: في الناس، و: في آل دعد. ويمكن أن يكون من هذا قوله تعالى:

لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ * (4)، وثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ (5) ومثل موافقة إلى «من» قول ابن أحمر (6):

2400 -

تقول وقد عاليت بالكور فوقها

أيسقى فلا يروي إليّ ابن أحمرا (7)

أي: فلا يروي مني. وزعم الفرّاء أنها زائدة (8)، في قراءة بعضهم فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ (9) بفتح الواو، ونظّرها باللام في قوله تعالى:

رَدِفَ لَكُمْ (10) وأولى من زيادتها أن يكون الأصل «تهوي» فجعل موضع الكسرة فتحة كما يقال في رضي: رضى، وفي ناصية: ناصاه وهي لغة طائية، وعليها قول الشاعر: -

(1) من الطويل للنابغة الذبياني ديوانه (ص 13)، والأشموني (2/ 214)، والخزانة (4/ 137)، والدرر (2/ 13)، والهمع (2/ 20).

(2)

ابن تولب بن زهير العكلى شاعر مخضرم لم يمدح ولا هجا أحدا (ت: نحو 14 هـ)، الجمهرة (ص 109).

(3)

من الطويل وهو في التذييل (4/ 12).

(4)

سورة النساء: 87، وسورة الأنعام:12.

(5)

سورة الجاثية: 26.

(6)

عمرو بن أحمر بن العمرد من قيس، مخضرم، عده ابن سلام في الطبقة الثالثة من شعراء الإسلام.

ابن سلام (ص 580) والمؤتلف (ص 37).

(7)

من الطويل - تقول أي: الناقة. الكور: الرحل، يسقى هنا: يركب، لا يروى: لا يسأم. الدرر (2/ 13)، والهمع (2/ 20).

(8)

المعاني (2/ 78).

(9)

سورة إبراهيم: 37، وهي قراءة علي بن أبي طالب وزيد بن علي، ومحمد بن علي وجعفر ومجاهد. راجع البحر المحيط (5/ 433).

(10)

سورة النمل: 72.

ص: 2913

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

2401 -

نستوقد النّبل بالحضيض ونص

طاد نفوسا بنت على الكرم (1)

أراد: بنيت على الكرم (2). انتهى.

والمعاني التي ذكرها لهذا الحرف الذي هو «إلى» ستة:

أولها: الانتهاء، أي: انتهاء الغاية، وهذه هي عبارة النحويين. وقال سيبويه:

«وأما» إلى فمنتهى الغاية؛ تقول: من مكان كذا وكذا إلى مكان كذا وكذا، وتقول لرجل: إنما انتهائي إليك، أي: أنت غايتي (3)، وقال الفارسي: معناها الغاية (4) وحمله الناس على أن مراده انتهاء الغاية، وابن خروف (5) يذهب إلى أنها قد تدخل على ما يقع فيه ابتداء الفعل وانتهاؤه مستدلّا بقوله تعالى: وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ (6)؛ لأن الأمة المعدودة هي الزمان الذي وقع فيه تأخير العذاب لا الزمان الذي وقع فيه نهاية تأخيره. قال: لأن المعنى: ولئن أخرنا عنهم العذاب أمة معدودة. وأجاب غيره (7) عن ذلك بأن ثم مضافا حذف وهو مراد، التقدير: ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى انقضاء أمة معدودة. قال ابن عصفور:

وإنما وجب أن يقدر أن الأمر كذلك؛ لأن الثابت في كلام العرب أن «إلى» إنما تدخل على ما يكون منتهى لابتداء غاية الفعل (8). انتهى. ثم قد عرفت ما قاله المصنف من أن منتهى العمل بها قد يكون آخرا وغير آخر. وهذه المسألة غير مسألة قولهم: إن المغيّا بـ «إلى» هل هو داخل فيما قبلها أو غير داخل؟ لكن الشيخ (9) حكم بأن مراد المصنف مما ذكره هذه المسألة، وليس مراده ذلك؛ بل هذه المسألة لم يتعرض المصنف إلى ذكرها في هذا الكتاب ولا في بقية وإنما ذكرها غيره. قال ابن عصفور: ما بعد «إلى» غير داخل فيما قبلها إلا أن يقترن بالكلام قرينة تدل على خلاف ذلك نحو قولك: اشتريت الشقة إلى طرفها. -

(1) من المنسرح، وانظر شرح ديوان الحماسة (ص 195)، وشواهد الشافية (ص 44).

(2)

انظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 143).

(3)

الكتاب (4/ 231) بتصرف.

(4)

الإغفال (1/ 507) والإيضاح (ص 251).

(5)

رأيه هذا في التذييل (4/ 11).

(6)

سورة هود: 8.

(7)

هو أبو حيان في التذييل (4/ 11).

(8)

شرح الجمل (1/ 398، 399).

(9)

في التذييل (4/ 11، 12).

ص: 2914

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

هذا ما قاله في المقرب (1)، وقال في شرح الإيضاح (2): وإذا ثبت أن «إلى» تكون لانتهاء غاية الفعل فجائز أن تقع على أول الحد فلا يكون الفعل فيما بعدها، وجائز أن يقع الفعل فيما بعدها ولكن يمتنع أن يجاوز الفعل ما بعدها؛ لأن النهاية غاية وما كان بعده شيء لم يسم غاية. فعلى هذا إذا قلت: سرت إلى الكوفة؛ فجائز أن تكون دخلت الكوفة، وجائز أن تكون بلغتها ولم تدخلها، ولا يجوز أن تكون قد تجاوزتها بالسير، ومما يدل على أن ما بعد «إلى» قد يكون داخلا في الفعل الذي قبلها قول امرئ القيس:

2402 -

وصرنا إلى الحسنى ورقّ كلامنا

ورضت فذلّت صعبة أيّ إذلال (3)

ألا ترى أن مراده أنه قد دخل في الحسنى، وتقول: اشتريت الشقة إلى طرفها، ومعلوم أن طرف الشقة داخل في الشراء [3/ 185] ومما يدل على أنه قد يكون غير داخل فيما قبلها قولك: صمت إلى يوم الفطر، واشتريت المكان إلى الطريق، وإذا عري الكلام عن قرينة تدل على الدخول أو عدمه فأكثر المحققين على أنه لا يدخل؛ لأن استعمالها على أن يكون ما بعدها غير داخل في الفعل الذي قبلها أكثر في كلام العرب. ألا ترى أنك تقول: ذهبت إلى زيد، ودخلت إلى عمرو، ونحو ذلك، وليس ما بعدها داخلا في الفعل الذي قبلها في شيء منه (4). انتهى كلامه.

وقال ابن هشام الخضراوي: قد اختلف النحويون؛ أيدخل ما بعدها فيما قبلها، أم لا؟ فمنهم من منع ذلك، ومنهم من التزمه، ومنهم من فرّق فقال: إن كان من جنس الأول دخل، وإلا فلا، نحو: أبيعك هذه الأرض إلى هذا الحد، وهذه الشجرة إلى تلك الشجرة. فإن قلت: أبيعك هذه الأرض إلى هذه الشجرة؛ لم تدخل في البيع، ودليل هذا قوله تعالى: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ (5) ومنهم من -

(1) المقرب (1/ 199).

(2)

هو من الكتب المفقودة لابن عصفور ويوجد منه أربعون ورقة من أول الكتاب مصورة من تركيا.

(3)

من الطويل. يريد: «ليّنتها بالكلام وغيره» وانظر: ديوانه (ص 32)، والخزانة (4/ 24)، والمحتسب (2/ 260)، والمقتضب (1/ 74).

(4)

مثله في شرح الجمل (1/ 354).

(5)

سورة البقرة: 187.

ص: 2915

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال: هي انتهاء الغاية؛ فقد يصل الفعل لما بعدها ويقف، وقد يباشرها؛ تقول:

سرت إلى الكوفة؛ فقد يصل إليها ولا يدخلها، وقد يجوز أن يكون دخلها ولا يجاوزها، وهو قول الفراء (1)، وهذا أغلب أقوال النحويين وأقربها إلى الصواب، وهو قول أبي علي وسيبويه (2) في كلامه يدخل ما بعد إلى فيما قبلها، وليس عنه نصّ في أنه قد لا يدخل (3) انتهى.

ولا يخفى أن فيه من التنقيح ما ليس في كلام ابن عصفور. ثم قال - أعني ابن عصفور -: «وقد تكون لانتهاء الغاية في الأسماء كما تكون لانتهاء الغاية في الأفعال، وذلك نحو قولك: إنما أنا إليك، أي: أنت غايتي، ومن ذلك قوله تعالى: فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (4) المعنى فأيمانهم إلى الأذقان، أي: مضمومة إلى الأذقان، وعاد الضمير على الأيمان، وإن لم تذكر، من جهة أن الغل لا يكون إلا في اليمين والعنق جميعا؛ فكفى ذكر أحدهما عن الآخر (5).

وثانيها: المصاحبة، أي أنها تكون بمعنى «مع» وقد تقدم استدلال المصنف على ذلك. والمنقول أن كون «إلى» تكون بمعنى «مع» هو مذهب الكوفيين، لكن ابن هشام الخضراوي لما ذكر المسألة قال: هذا قول أهل اللغة وهو مذهب الكوفيين وكثير من البصريين، ثم قال: وقد جعل الأئمة هذا من التضمين وهو نوع من الاتساع لا يقاس؛ وذلك أن الفعل قد يتأول فيه معنى ما يقاربه فيعدّونه تعديته.

وكان قد ذكر أن من الأدلة على أن «إلى» ترد بمعنى «مع» قوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ (6) قال: فـ الرَّفَثُ إفضاء وهو يتعدى بـ «إلى» فكأنه قيل: أحل لكم الإفضاء إلى نسائكم. قال: وكذا قوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ (7) إن شئت جعلته على هذا أي: -

(1) التذييل (4/ 11).

(2)

الكتاب (2/ 383)، (3/ 5، 7، 21، 24)، (4/ 231).

(3)

التذييل (4/ 11) بغير نسبة.

(4)

سورة يس: 8.

(5)

شرح الجمل (1/ 499).

(6)

سورة البقرة: 187.

(7)

سورة النساء: 2.

ص: 2916

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولا تضيفوا أموالهم إلى أموالكم في الأكل، وقد يكون إِلى أَمْوالِكُمْ حالا من أَمْوالَهُمْ على تقدير مضافة إلى أموالكم. قال: وكذا يقال في قولهم: الذود إلى الذود إبل، يقال للذي يرى أنها بمعنى «مع» الذي يقدر عاملا في «مع» ويليق بها يقدر مثله عاملا في «إلى» أي: مضافة إلى الذود، كما يقدر في «مع»:

مجتمعة. قال: وكذا يقال في قول الشاعر:

2403 -

شدخت غرّة السّوابق منهم

في وجوه إلى اللمام الجعاد (1)

التقدير: واصلة إلى اللمام، قال: ولأجل هذا وغيره قال سيبويه بعد أن ذكر أنها لانتهاء الغاية: فهذا أمر «إلى» وأصلها وإن اتسعت (2). قال: وكذا قولهم:

إن فلانا ظريف عاقل إلى حسب ثاقب، قيل: إن «إلى» فيه بمعنى «مع» أي: مع حسب. ونحن نقول: إن «إلى» معناها الأصلي [الإضافة] أي: مضيف ذلك إلى حسب (3). انتهى.

وهذا الذي ذكره من التخريج أشار إليه الجماعة كابن أبي الربيع وابن عصفور وغيرهما، ولا يبعد عن الصواب، وهو أولى من جعل «إلى» بمعنى «مع» وعلى الوجه الثاني من الوجهين اللّذين ذكرهما في قوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ (4) تتخرج الأبيات التي أنشدها المصنف (5) وهي: برى الحبّ جسمي، ولقد لهوت إلى كواعب، وإنّ امرأ قد عاش، وفلم أر عذرا، وأما قوله تعالى:

مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ (6) فقال ابن عصفور: إن مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ ضمّن معنى ما يصل بـ «إلى» فالمعنى: من ينضاف في نصرتي إلى الله؟ وقال ابن أبي الربيع: قال بعض (7) النحاة: إن «إلى» تكون بمعنى «مع» واستدلوا بقوله سبحانه وتعالى:

مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ المعنى: من أنصاري مع الله، وبقوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ، وبقول امرئ القيس: -

(1) شدخت رأسه: كسرتها. اللمام: جمع لمة: الشعر يلم بالمنكب. الجعاد: خلاف المسترسل من الشّعر من الخفيف وهو في التذييل (4/ 11).

(2)

الكتاب (1/ 420)، (4/ 231).

(3)

راجع التذييل (4/ 11، 12).

(4)

سورة النساء: 2.

(5)

المصدر السابق.

(6)

سورة آل عمران: 52.

(7)

يقصد الفراء راجع التذييل (4/ 11).

ص: 2917

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

2404 -

له كفل كالدّعّص لبّده النّدى

إلى حارك [مثل الغبيط المذأّب](1)

أي: مع حارك وهذا كثير فالكوفيين يذهبون إلى أن «إلى» في مثل ذلك بمعنى «مع» . وأما البصريون فيذهبون إلى التضمين وهو الصحيح. فأما قوله سبحانه وتعالى:

وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ (2) فهو من إقامة المسبب مقام السبب، والأصل:

ولا تضيفوا أموالهم إلى أموالكم؛ فيكون ذلك سببا لأكلها، فلما كان المراد ألا يخلط مال اليتيم بماله وأن (يفرده)(3) محافظة على أن يتنمى ولا يتعدى فيه، أتى بـ «إلى» لتدل على هذا المراد، فيعطي على اختصاره ما يعطي لو قال سبحانه:

ولا تضيفوا أموالهم إلى أموالكم؛ فيكون ذلك سببا لأكلها، فهذه فائدة لا تكون مع «مع» ، وأكثر ما يكون هذا التضمين في الكلام الفصيح لإفادة معنى وإحرازه، وإذا تدبرته في كل ما ذكرته وجدتّه. وأما قوله سبحانه: مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ (4) ففي «إلى» هنا فائدة لا تعطيها «مع» ، وذلك أنك إذا قلت: من ينصرني مع فلان؟ لم يعط أن فلانا ينصرك [3/ 186] ولا بد وحده، فقد يقول:

هذا فلان قد قال انصرك وإن وجدت لي معينا، وإذا قلت: من يضيف نصرته إلى نصرة فلان؟ ففلان ناصرك ولا بد، وأنت تطلب من يضيف نصرته إلى نصرته، وهذا المراد في قوله تعالى: مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ أي: من يضيف نصرته إلى نصرة الله، والله تعالى أعلم.

وأما قول امرئ القيس فالتقدير فيه: له كفل مضاف إلى حارك؛ لأن بإضافة حارك إلى هذه الصفة إلى الكفل (حسن)(5) الكفل، فلو كان الكفل والحارك منخفض لكان الفرس قبيحا، وهذا المعنى لا تحرزه «مع»؛ لأنه لو قال: له كفل مع حارك؛ لم يكن فيه إلا أن له عضوين حسنين ليس أحدهما شرطا في رتبة صاحبه. وإذا تأملت ما قلته وأجريته في النظائر، وفي كل ما يأتي من هذا النوع؛ وجدته إن شاء الله تعالى صحيحا (6). انتهى كلامه. وهو كلام حسن صواب. -

(1) ما بين المعقوفين زيادة من الديوان (130) والدعص: قطعة من الرمل مستديرة وجمعه أدعاص ودعصة وهو أقل من الحقف، والحارك: أعلى الكاهل وهو ما بين الكتفين، وانظر البيت - كذلك - في التذييل (4/ 11).

(2)

سورة النساء: 2.

(3)

في الأصل: تفرده.

(4)

سورة آل عمران: 52.

(5)

غير واضحة بالأصل.

(6)

هذا النص كذلك في التذييل (4/ 11)، ولم يعين أبو حيان قائله.

ص: 2918

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وثالثها: التبيين، وهذا المعنى لم يتعرض المغاربة إلى ذكره. ولا شك أنه حق لا مطعن فيه وهو يحقق لك أن «من» الواقعة بعد «أفعل» التفضيل للتبيين.

ورابعها: موافقة اللام، والظاهر إثبات هذا المعنى لها وسيأتي أن اللام تكون بمعنى «إلى» كما في قوله تعالى: سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ (1) والأمثلة التي تقدم ذكرها للمصنف ظاهر فيها ما ذكره غير قوله تعالى حكاية: وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ (2)؛ فإن الشيخ قال: لا يتعين ما ذكره بل «إلى» باقية على معناها من الغاية، أي:

الأمر مضاف إليك ومنته إلى رأيك. قال: وقد قال ابن عصفور: إنها تكون غاية في الأسماء كما تكون في الأفعال نحو: إنما أنا إليك (3). انتهى.

والذي ذكره الشيخ في الآية الشريفة ظاهر، وسيعاد الكلام في شيء مما تقدم عند الكلام على اللام.

وخامسها: معنى «في» . وقد عرفت ما استشهد به المصنف على ذلك. وقال ابن هشام: قال (4) بعضهم «إلى» تكون بمعنى «في» تقول العرب: جلست إلى القوم، أي: فيهم، وقال تعالى: هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى (5)؛ لأن العرب تقول:

هل لك في كذا، وقال طرفة:

2405 -

وإن يلتق الحيّ الجميع تلاقني

إلى ذروة البيت الرّفيع المصمّد (6)

وقال النابغة:

2406 -

فلا تتركنّي بالوعيد كأنّني إلى

النّاس مطليّ به القار أجرب (7)

ثم إنه خرج ذلك جميعه إلا قوله تعالى: هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى؛ فقال في:

جلست إلى القوم: إن تقديره: منضمّا إلى القوم، وفي قول طرفة: إن تقديره: -

(1) سورة الأعراف: 57.

(2)

سورة النمل: 33.

(3)

التذييل (4/ 12)، وشرح الجمل (1/ 354).

(4)

ينظر المغني (ص 75) وما بعدها.

(5)

سورة النازعات: 18.

(6)

من الطويل، وذروة الشيء: أعلاه، وراجع: أمالي الشجري (2/ 268) برواية «الكريم» بدل «الرفيع» والخزانة (4/ 139) وديوان طرفة (ص 30) دار صادر.

(7)

البيت من بحر الطويل وهو للنابغة من اعتذارياته للنعمان. انظر القصيدة والبيت (ص 18) من الديوان. دار صادر.

ص: 2919

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تلاقني آويا إلى ذروة، كقوله تعالى حكاية: سَآوِي إِلى جَبَلٍ (1)، وفي قول النابغة: إن تقديره: منضمّا إلى الناس؛ فـ «منضمّا» حال من الضمير المنصوب والعامل فيها ما في «كأن» من التشبيه، وقيل: ضمنه معنى «مبغض إلى الناس» ؛ لأنه إذا كان بالمنزلة التي ذكر فهو مبغّض إلى الناس. هذا كلامه، ولم أفهم المضمن معنى مبغض ما هو.

وقد أفصح ابن عصفور فقال: إن «مطليّا» في البيت ضمن معنى «مبغّض» ؛ لأن الجمل الأجرب المطلي بالقطران تبغضه الناس ويطردونه خوفا من عدواه، فلما ضمن معنى مبغض أجراه في التعدي بـ «إلي» مجراه (2). وقال في قوله تعالى:

هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى (3). لما كان دعاء موسى عليه الصلاة والسلام لفرعون صار تقديره: أدعوك إلى أن تزكى. وأما البيت الذي أنشده المصنف وهو:

2407 -

إذا جئت دعدا لا

فقيل فيه: إن التقدير كأنني بغيض إلى آل دعد؛ لأن سلامان ونهدا عدوان لآل دعد.

وأما قوله تعالى: لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ (4) فقد خرّج على نحو ما تقدم؛ فقيل: التقدير: مضمومين إلى هذا اليوم. قال ابن هشام: أو يكون التقدير: إلى عرض هذا اليوم، أو حساب هذا اليوم (5).

وسادسها: معنى «من» وقد استدل المصنف على ذلك بما أنشده من قول الشاعر:

2408 -

تقول وقد عاليت بالكور فوقها

أيسقى فلا يروي إليّ ابن أحمرا (6)

وذكر أن التقدير: فلا يروى مني، وقد خرجه ابن عصفور في شرح الإيضاح تخريجا عجيبا إذا تأمل الواقف عليه عرف ما فيه.

وأما ابن هشام فإنه بعد إنشاده البيت المذكور وذكره أنه لابن أحمر يصف ناقته قال: أراد: أيسقى ابن أحمر فلا يروى مني، ضرب السقي والري مثلين لما ينال بها -

(1) سورة هود: 43.

(2)

المغني (ص 75).

(3)

سورة النازعات: 18.

(4)

سورة الأنعام: 12.

(5)

المغني (ص 75) وما بعدها.

(6)

سبق تخريجه.

ص: 2920

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

من المأرب؛ فضمن الري هنا معنى الإشفاق فكأنها تقول: فلا يأوي إليّ. يقال:

أويت إليه أي: أشفقت؛ لأن الأوي انضمام وانعطاف. قال: وهذا من الاتساع الذي ذكره سيبويه (1) رحمه الله تعالى (2) انتهى.

وما ذكره أقرب وأولى مما ذكره ابن عصفور. وقد تبين مما ذكرناه: أن الثابت بالتحقيق لـ «إلى» من المعاني التي ذكرها المصنف ثلاثة وهي: انتهاء الغاية، والتبيين، وموافقة اللام.

واعلم أن غير المصنف ذكر أن «إلى» تجيء بمعنى «عند» قال ابن هشام:

وذلك كثير؛ لأن ما كان عندك فقد انضم إليك، يقال: هو أشهى إليّ من كذا، أي عندي. وقال الراعي (3).

2409 -

ثقال إذا زار النساء خريدة

صناع فقد سادت إليّ الغوانيا (4)

أي: عندي. وقال:

2410 -

لعمرك إنّ المسّ من أمّ خالد

إليّ وإن لم آته لبغيض (5)

يريد بالمس: النكاح، وقال حميد بن ثور (6):

2411 -

ذكرتك لمّا أتلعت من كناسها

وذكرك سبّات إليّ عجيب (7)

أتلعت: رفعت رأسها، يعني غزالة، والسبات: الأوقات، واحدها سبة. وفي الحديث:«إنّ أبغضكم [3/ 187] إليّ المتفيهقون» (8) أي: عندي، وقال تعالى:

فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (9)، وقال تعالى: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ -

(1) الكتاب (1/ 211 - 216).

(2)

المغني (ص 75) وما بعدها.

(3)

عبيد بن حصين من رجال العرب، كان يصف راعي الإبل في شعره (ت: 9 هـ). الأعلام (3/ 34)، وطبقات الشعراء (ص 503).

(4)

البيت من الطويل وامرأة صناع: خلاف الخرقاء، وانظره في التذييل (4/ 13).

(5)

كالسابق بحرا، واستشهادا، ومصادر، ويروى:«جابر» موضع «خالد» .

(6)

شاعر مخضرم عده الجمحي في الطبقة الرابعة من الإسلاميين (ت 30 هـ). راجع الأعلام (2/ 318) والجمحي (495).

(7)

من الطويل وهو في ديوانه (ص 56)، وفي التذييل (4/ 13).

(8)

هو عن جابر رضي الله عنه. وراجع: الترمذي (70)، وابن حنبل (4/ 193، 194) وشرح العمدة (ص 433).

(9)

سورة يس: 8.

ص: 2921

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ (1) أي: عند الله، وهذا كله على تأويل الإضافة بالانضياف؛ لأن من أبغضته قد انضاف إلى خاطرك واشتغل به، وكذلك «الأغلال» قد انضافت إلى «الأذقان» واتصلت بها، وكذلك ما انفرد حكمه بالله قد انضاف إليه على ما يليق به سبحانه فـ «إلى» غير خارجة عن بابها فإنها نهاية إن شاء الله تعالى متصلة. انتهى.

ولم يفصح عن تخريج الشواهد التي أوردها، ولا شك أن معنى أشهى إليّ من كذا: أحب إليّ من كذا، وقد عرفت أن «إلى» المتعلقة بحبّ أو بغض في التفضيل معناها التبيين؛ فعلى هذا «إلى» في قولهم: أشهى إليّ من كذا، كما قال أبو كبير الهذلي (2):

2412 -

ام لا سبيل إلى الشّباب وذكره

أشهى إليّ من الرّحيق السّلسل (3)

على بابها.

لكن المغاربة لم يذكروا هذا المعنى - أعني التبيين - لهذا الحرف، على أن ابن عصفور ذكر أن معنى أشهى إليّ: أحب إليّ، لكنه لم يتعرض إلى معنى «إلى» في هذا التركيب (4)، والظاهر أنها عنده لانتهاء الغاية، وكذا قول الآخر:

2413 -

إليّ وإن لم آته لبغيض

«إليّ» متعلقة فيه بقوله: لبغيض، أي: لبغيض إليّ فهي للبيان على بابها، وكذا يقال في الحديث الشريف أيضا، وقالوا في:

2414 -

سادت إليّ الغوانيا

إن الكلام المذكور ضمن معنى: صارت أحبّ الغواني إليّ؛ لأنها إذا سادت الغواني عنده؛ فقد صارت أحبّهنّ إليه، وأما قول الآخر:

2415 -

وذكرك سبّات إليّ عجيب

-

(1) سورة الشورى: 10.

(2)

عامر بن الحليس من شعراء الحماسة أدرك الإسلام وأسلم. راجع: الأعلام (4/ 17)، والشعر والشعراء (2/ 670).

(3)

من الكامل. وانظر ديوان الهذليين (2/ 89)، والأشموني (2/ 14)، والمغني (ص 75)، الهمع (2/ 20).

(4)

أكثر هذه النصوص لابن عصفور في شرح الإيضاح المفقود له.

ص: 2922