الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[أقسام المصدر العامل وأكثر الأقسام إعمالا من الآخر]
قال ابن مالك: (وإعماله مضافا أكثر من إعماله منوّنا وإعماله منوّنا أكثر من إعماله مقرونا بالألف واللّام، ويضاف إلى المرفوع، أو المنصوب، ثمّ يستوفى العمل، كما كان يستوفيه الفعل، ما لم يكن الباقي فاعلا، فيستغني عنه غالبا، وقد يضاف إلى ظرف، فيعمل بعده عمل المنوّن).
ــ
بما عمله فيه (1) قال: وأسهل من ذلك أن يكون التقدير: أين يصير المصير؟ أو:
أين هو؟ أعني المصير.
قال الشيخ: ما قاله الشجريّ لا يجوز؛ لأنّ «شعري» في: «ليت» شعري إنّما استعملته العرب معلقا عن جملة الاستفهام، ولم تلفظ له بمنصوب، فتجويزهما نصب «المصير» بـ «شعري» خطأ قال (2): وجوز بعضهم تقدّم الجارّ والمجرور والظرف على المصدر، معمولين له، ولم يجوز ذلك إذا صرح بالحرف المصدري والفعل، قال: وعن الأخفش نقل غريب أنه يجيز تقديم المفعول به على المصدر، فتقول: يعجبني عمرا ضرب زيد (3).
قال ناظر الجيش: المصدر المقدّر بحرف مصدري وفعل مضاف، أو منوّن، أو مقرون بالألف واللّام، وجعل المصنف إعمال المضاف أكثر من إعمال غير المضاف، قال (4): لأنّ الإضافة تجعل المضاف إليه كجزء من المضاف، كما يجعل الإسناد الفاعل كجزء من الفعل، ويجعل المضاف كالفعل، في عدم قبول التنوين، والألف واللّام، فقويت بها مناسبة المصدر فكان إعماله أكثر من إعمال عادم الإضافة، وهو المنون، والمقرون بالألف واللّام، إلا أنّ في المنون شبها بالفعل المؤكد بالنّون الخفيفة، استحقّ به أن يكون أكثر إعمالا من المقترن بالألف واللّام. -
(1) ينظر أمالي ابن الشجري (1/ 32)، وقد نسب إليه في التذييل والتكميل (4/ 943).
(2)
في التذييل والتكميل (4/ 943): (وقول المصنف: وأسهل من ذلك دليل على تجويز ما قاله الشجري، وهو لا يجوز .. فتجويزهما أن يكون «المصير» معمولا لـ «شعري» خطأ، وخروج عن لسان العرب) اهـ.
(3)
في التذييل والتكميل (4/ 944): «وقد تساهل بعض النحويين في الجار والمجرور والظرف، فجوز تقديمهما على المصدر المقدر بحرف مصدري والفعل، دون الحرف المصدري والفعل» .
وينظر: أيضا: شرح التسهيل للمرادي (204 / ب)، والمساعد لابن عقيل (2/ 233) تحقيق د/ بركات.
(4)
شرح المصنف (3/ 115).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ومن إعمال المنوّن قوله تعالى: أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيماً (1)، وقوله تعالى: بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ (2) في قراءة من نوّن بِزِينَةٍ ويجوز أن يكون منه قوله تعالى: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ [3/ 166] ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً (3) ومنه قول زياد الأعجم (4):
2304 -
ببذل في الأمور وصدق بأس
…
وإعطاء على العلل المتاعا (5)
وقول الفرزدق:
2305 -
فرم بيديك هل تسطيع نقلا
…
جبالا من تهامة راسيات (6)
ولم يجئ إعمال المقرون باللام إلا في موضع محتمل، وهو قوله تعالى: لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ (7) فيحتمل أن يكون (من) في موضع رفع بـ (الجهر) على تقدير: لا يحبّ الله أن يجهر بالسوء من القول إلّا من ظلم، ويحتمل أن يكون الكلام قد تمّ قبل (إلا) فيكون (من) في موضع نصب على الاستثناء (8)، وممّا جاء في الشعر قول الشاعر: -
(1) سورة البلد: 14، 15، وهي قراءة نافع، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، كما في شرح المصنف (3/ 116) وقرأ باقي السبعة بالفعل في فك وأطعم.
(2)
سورة الصافات: 6، وهي قراءة أبي بكر بن عاصم، وفيه نصب (الكواكب) مفعولا.
(3)
سورة النحل: 73.
(4)
هو زياد بن سلمى، ويقال: زياد بن جابر بن عمرو بن عامر بن عبد القيس، وكانت فيه لكنة، فقيل: الأعجم. تنظر ترجمته في: الشعر والشعراء (1/ 437).
(5)
البيت من الوافر، وقد نسب لزياد الأعجم في شرح المصنف، والتذييل والتكميل.
والشاهد في البيت: إعمال المصدر المنون، مع ذكر الفاعل، و «المتاعا» مفعول لـ «إعطاء» .
ينظر البيت في: شرح المصنف (3/ 116)، ومنهج السالك (ص 311)، والتذييل والتكميل (4/ 9395).
(6)
سبق تخريج هذا الشاهد قريبا في ثنايا هذا الباب.
والشاهد في هذا البيت - هنا -: إعمال المصدر المنوّن، مع عدم ذكر الفاعل - كما في البيت السابق - و «جبالا» مفعول به، وفي عدم ذكر الفاعل كلام كثير. ينظر في: التذييل والتكميل (4/ 936، 937).
(7)
سورة النساء: 148.
(8)
ينظر: الكشاف للزمخشري (1/ 575، 576)، وشرح المصنف (3/ 116) وفي البحر المحيط (3/ 382):(و (بالسوء) متعلق بـ (الجهر،) وهو مصدر معرف بالألف واللام، والفاعل محذوف، وب (الجهر) في موضع نصب، ومن أجاز أن ينوى في المصدر بناؤه للمفعول الذي لم يسم فاعله قدر أن (بالسوء) في موضع رفع) اهـ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
2306 -
لقد علمت أولى المغيرة أنّني
…
كررت فلم أنكل عن الضّرب مسمعا (1)
وقال الآخر:
2307 -
ضعيف النّكاية أعداءه
…
يخال الفرار يراخي الأجل (2)
انتهى كلام المصنف (3) واعلم أن المضاف لا خلاف في إعماله، وأما المنون فنقل عن الكوفيين أنه لا يعمل، وأن العمل إنما هو لعامل مقدر بعده، وأما المعرف بـ «أل» فذكر الشيخ فيه أربعة مذاهب:
أحدها: أنه لا يجوز إعماله، وهو مذهب الكوفيين، والبغداديين، وجماعة من البصريين، منهم ابن السراج (4)، وما ظهر بعده من معمول فهو العامل يفسره المصدر كما قالوا في المنوّن (5). -
(1) البيت من الطويل، وقد نسبه سيبويه (1/ 192، 193) للمرار الأسدي، والمرار - بفتح الميم، وتشديد الراء المهملة الأولى - هو المرار بن سعيد الفقعسي من بني أسد.
اللغة: أولى المغيرة: أولها، المغيرة: الخيل تخرج للغارة، والمراد فرسانها، أنكل: من النكول، وهو الرجوع جبنا وخوفا، مسمع: هو مسمع بن شيبان، أحد بني قيس بن ثعلبة.
والمعنى: لقد علم أول من لقيت من المغيرين أني صرفتهم عن وجوههم، هازما لهم، ولحقت سيدهم مسمعا، فلم أرجع عن ضربه بسيفي.
ينظر الشاهد أيضا في: الحلل (ص 168)، والعيني (3/ 40)، والهمع (2/ 92)، والأشموني (2/ 100، 284)، والدرر (2/ 125).
(2)
البيت من المتقارب، وهو من أبيات سيبويه المجهولة القائل.
اللغة: النكاية: مصدر «نكيت» لازما، ومتعديا، يراخي: يباعد.
يهجو رجلا بأنه ضعيف التأثير في أعدائه يفر؛ ظنّا منه أن الفرار يؤخر الأجل.
والشاهد فيه: كالبيت السابق فإنّ النكاية مصدر معرف بالألف واللام، وقد نصب أعداءه؛ لأن «أل» عاقبت الضمير، والتقدير: ضعيف نكايته أعداءه.
ينظر الشاهد في: المقرب لابن عصفور (1/ 131)، والأشموني (2/ 284)، والدرر (2/ 124).
(3)
ينظر: شرح المصنف (3/ 116).
(4)
ينظر: التذييل والتكميل (4/ 950)، وفي الأصول لابن السراج (1/ 90): (وقال قوم:
إذا قلت: أردت الضرب زيدا؛ إنما نصبته بإضمار فعل؛ لأن الضرب لا ينتصب، وهو عندي قول حسن) اهـ.
(5)
ينظر: منهج السالك (ص 313).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الثاني: أنّه يجوز دون قبح وهو مذهب سيبويه، ونقل عن الفرّاء (1).
الثالث: أنه يجوز على قبح، وهو مذهب الفارسي، وجماعة من البصريين (2).
الرابع: التفضيل بين أن يعاقب الضمير «أل» فيجوز إعماله، أو لا يعاقب، فلا يجوز، وهو مذهب ابن الطراوة (3)، وأبي بكر بن طلحة، فمثال المعاقب:
إنّك والضرب خالدا لمسيء إليه، أي: إنك وضربك خالدا لمسيء إليه، ومثال غير المعاقب: عجبت من الضرب زيدا عمرا، قال (4) وهذا هو المذهب الصحيح، قال: وفي كلام بعض أصحابنا أنّ الكوفيين منهم من يرى أن المصدر لا يعمل، على كل حال، وما وجد بعده من العمل فبفعل دلّ هو عليه، وذكر أن مذهب الزجاج، والفارسي، والأستاذ أبي علي أنّ إعمال المنوّن أقوى، ومذهب الفارسي أنّ الأحسن المضاف، ثم المنوّن (5).
وذهب ابن عصفور إلى أن إعمال المقترن بـ «أل» أقوى من إعمال المضاف في القياس (6)، واختار الشيخ ما اختاره المصنف، من أن إعماله مضافا أحسن من -
(1) ينظر: المساعد لابن عقيل (2/ 234) تحقيق د/ بركات، وفي الكتاب (1/ 192): (وتقول:
عجبت من الضرب زيدا، كما تقول: عجبت من الضارب زيدا، تكون الألف واللام بمنزلة التنوين، وقال الشاعر:
ضعيف النكاية أعداءه
…
يخال الفرار يراخي الأجل
وينظر: التذييل والتكميل (4/ 949)، ومنهج السالك (ص 313).
(2)
ينظر هذا المذهب في: منهج السالك (ص 313)، والتذييل والتكميل (4/ 950)، والمساعد لابن عقيل (2/ 235) تحقيق د/ بركات.
وفي الإيضاح لأبي على الفارسي (1/ 160): (ومثال ما أعمل من المصادر وفيه الألف واللام قولك:
أعجبني الضرب زيدا عمرا، والشتم بكرا خالدا؛ قبيح وأقيس الوجوه الثلاثة في الإعمال الأول - يعني المنون - ثم المضاف، ولم أعلم شيئا من المصادر بالألف واللام معملا في التنزيل) اهـ.
(3)
لمراجعة مذهب ابن الطراوة، وأبي بكر بن طلحة ينظر أيضا: منهج السالك (ص 313)، والمساعد لابن عقيل (2/ 235) تحقيق د/ بركات.
(4)
أي: قال الشيخ.
(5)
ينظر التذييل والتكميل (4/ 944) وفي الإيضاح للفارسي (ص 160): (وأقيس الوجوه في الإعمال الأول، ثم المضاف، ولم أعلم شيئا من المصادر بالألف واللام معملا في التنزيل) اهـ.
وينظر: مذهب الزجاج في الهمع (2/ 93)، ومذهب هؤلاء جميعا في: منهج السالك (ص 310).
(6)
في الشرح الكبير لابن عصفور (2/ 26): (وأما المصدر المعرف بالألف واللام فحكمه حكم -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قسميه، وإعمال المنوّن أحسن من إعمال ذي «أل» إلا أنّ المصنف عبر بالأكثريّة، دون الأحسنية.
قال المصنف: ومن النحويين من يزعم أنّ العمل بعد المقترن بالألف واللّام لفعل مضمر فيقدر في قوله: «عن الضرب مسمعا» : ضربت مسمعا وهو اسم رجل، ويقدّر في:
2308 -
ضعيف النّكاية أعداءه
…
...
ينكي أعداءه، وهذا - مع ما فيه من التكلف مردود بإتيان النصب في مواضع، لا يصلح فيها إتيان فعل كقول كثير:
2309 -
يلوم امرأ في عنفوان شبابه
…
وللتّرك أشياع الضّلالة حين (1)
وكقول الآخر:
2310 -
فإنّك والتّأبين عروة بعد ما
…
دعاك وأيدينا إليه شوارع
لكالرّجل الحادي وقد تلع الضّحى
…
وطير المنايا فوقهنّ أواقع (2)
وأنشد الشيخ - في شرحه - (3) البيتين المتقدمين أوّلا، وهذه الأبيات، وقول أمية ابن أبي عائذ: -
- المصدر المنون، يرفع الفاعل، وينصب المفعول، فتقول: يعجبني الضرب زيد عمرا
…
) إلخ وينظر هذا أيضا في: التذييل والتكميل (4/ 946).
(1)
البيت من الطويل، لكثير عزة، وهو في ديوانه (ص 173) ط. دار الثقافة بيروت سنة (1391 هـ).
والشاهد في البيت قوله: «وللترك أشياع الضلالة حين» أعمل المصدر المعرف بـ «أل» ؛ لأنه عاقب الضمير، فـ «أشياع» منصوب بـ «الترك». والتقدير: ولتركه أشياع. ينظر الشاهد أيضا في: شرح المصنف (3/ 117)، والتذييل والتكميل (4/ 952)، ومنهج السالك (ص 313).
(2)
البيتان من الطويل، ولم ينسبا لقائل معين.
اللغة: التأبين: مصدر «أبّن» ، إذا بكى شخصا، وأثنى عليه بعد موته، عروة: اسم رجل، شوارع:
ممتدة، لكالرجل: خبر «إنك» ، تلع: ارتفع، أواقع: أصله «وواقع» ، فأبدلت الواو همزة.
والمعنى: مثلك في تأبين عروة، وقد امتدت أيدينا لقتله، كمثل من يحدو إبله، وطيور المنايا منقضة عليها، فلا فائدة في التأبين ولا الحداء.
والشاهد فيه - كالبيت السابق - قوله: «والتأبين عروة» ؛ حيث نصب المصدر المحلى بـ «أل» - وهو «التأبين» - المفعول به وهو «عروة» .
ينظر الشاهد في: شرح العيني (3/ 524)، والأشموني (2/ 284)، واللسان «وقع» ، وشرح الكافية (2/ 1014) تحقيق د/ عبد المنعم هريدي.
(3)
التذييل والتكميل (4/ 951).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
2311 -
فأصبحن ينشرن آذانهنّ
…
في الطّرح طرفا يمينا شمالا (1)
وقول عليّ بن أميّة:
2312 -
وداعي الصّباح يطيل الصّياح
…
السّلاح السّلاح فما يستفيق (2)
وقول الأخطل:
2313 -
فإنّك والتّكليف نفسك دارما
…
كشيء مضى لا يدرك الدّهر طالبه (3)
وقول الآخر:
2314 -
فإن لا يكن جسمي طويلا فإنّني
…
له بالفعال الصّالحات وصول (4)
-
(1) البيت من المتقارب، وقائله - كما ذكر - أمية بن أبي عائذ.
والشاهد في البيت قوله: «الطرح طرفا» ؛ حيث نصب المصدر المعرف بـ «أل» المفعول «طرفا» ؛ لأنّ «أل» عاقبت الضمير، والتقدير: في طرحهن طرفا. ينظر الشاهد في: التذييل والتكميل (4/ 951)، ومنهج السالك (ص 314).
(2)
البيت من المتقارب، وقد نسبه أبو حيان - أيضا - لعلي بن أمية. ينظر: التذييل والتكميل (4/ 952).
والشاهد في البيت قوله: «الصياح السلاح» ؛ حيث عمل المصدر المعرف بـ «أل» «الصياح» عمل فعله؛ لأن «أل» فيه عاقبت الضمير، فـ «السلاح» مفعول منصوب بـ «الصياح» والتقدير: صياحه السلاح.
ينظر الشاهد أيضا في: منهج السالك (ص 314).
(3)
البيت من الطويل، وقد نسبه أبو حيان - أيضا - للأخطل، وليس في شعره، نشر د/ أجينوس الميلاني ط. بيروت (1907 م).
وليس - أيضا - في كتاب الأخطل في سيرته وشعره ط. دار الثقافة بيروت.
والشاهد في البيت قوله: «والتكليف نفسك دارما» ؛ حيث نصب المصدر المعرف بـ «أل» «التكليف» المفعول به «نفسك» ، والتقدير: وتكليفك نفسك، وذلك على رأي ابن الطراوة وابن طلحة، وصححه أبو حيان؛ لأن «أل» عاقبت الضمير.
ينظر الشاهد في: التذييل والتكميل (4/ 952)، ومنهج السالك (ص 313).
(4)
البيت من الطويل، وقائله رجل من الفزاريين، وفي هامش أمالي القالي (1/ 38) أنه هذيل بن ميسر الفزاري. وروي:«عظمي» بدل «جسمي» و «بالخصال» بدل «بالفعال» .
والشاهد في البيت قوله: «بالفعال الصالحات» ؛ حيث نصبت المفعول به «الصالحات» بالمصدر المحلى بـ «أل» «الفعال» كما في الأبيات السابقة.
ينظر الشاهد في: حماسة أبي تمام (2/ 34)، وأمالي القالي (1/ 39)، والتذييل والتكميل (4/ 952)، ومنهج السالك (ص 314).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقول الآخر:
2315 -
وقد يحسن التّيميّ عقد لجامه
…
ولا يحسن العقد القلادة بالمهر (1)
وقول الآخر:
2316 -
…
وكيف التّوقّي ظهر ما أنت راكبه (2)
وقول الآخر:
2317 -
قلّ الغناء إذا لاقى الفتى تلفا
…
قول الأحبّة لا يبعد وقد بعدا (3)
أي: قلّ أن يغني قول الأحبّة شيئا إذا لاقى الفتى تلفا، رفع به الفاعل، ونصب به الظّرف، وحذف المفعول المنصوب، وهو «شيئا» . -
(1) البيت من الطويل، وقائله جرير بن عطية، الشاعر الأموي المشهور، والبيت في ديوانه (3/ 596) ط: دار المعارف (1971 م). ولا شاهد في البيت على هذه الرواية؛ لأن المصدر «عقد» غير محلى بـ «أل» ، أما على هذه الرواية التي معنا فالشاهد في البيت قوله:«ولا يحسن العقد القلادة» ؛ حيث نصب المفعول به «القلادة» بالمصدر المحلى بـ «أل» «العقد» لمعاقبة «أل» للضمير، كما في الشواهد السابقة.
ينظر الشاهد أيضا في: التذييل والتكميل (4/ 953)، ومنهج السالك (314).
(2)
هذا عجز بيت من الطويل، وقائله المتلمس الضبعي، وهو في ديوانه (ص 197) تحقيق كامل الصيرفي (1388 هـ) بهذه الرواية:
فإلا تجللها يعالوك فوقها
…
وكيف توقّى ظهر ما أنت راكبه
وعلى رواية الديوان هذه فلا شاهد، لتجرّد المصدر «توقي» من «أل» ونسب هذا البيت للوليد بن عقبة في مجمع الأمثال للميداني (1/ 336) بلفظ «وإلا تحللها» بالحاء المهملة، والعجز بلفظ «وكيف يوقى ظهر» وعلى ذلك لا شاهد فيه أيضا. وعجز البيت يضرب به المثل لمن يمتنع عن أمر لا بدّ له منه.
اللغة: يعالوك: يعلوك، التوقي: التحامي، والحفظ.
والشاهد في البيت قوله:
«وكيف التوقي ظهر ما أنت راكبه» ؛
حيث نصب المفعول به «ظهر» بقوله «التوقي» وهو مصدر محلى بـ «أل» ؛ لأنّ «أل» عاقبت الضمير، على ما سبق.
ينظر الشاهد أيضا في: مجمع الأمثال للميداني (2/ 140)، والتذييل والتكميل (4/ 953)، ومنهج السالك (ص 314)، واللسان مادة «علا» .
(3)
البيت من البسيط، قائله أعرابي - لم يعرف اسمه - مات ابنه وهو غائب.
اللغة: بعد - بكسر العين -: هلك، بعد - بضم العين -: نأى.
والشاهد في البيت: عمل المصدر المعرف بـ «أل» كالأبيات السابقة. وحذف المفعول، على ما ذكره الشارح. ينظر الشاهد في: التذييل والتكميل (4/ 935).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال الشيخ (1): فهذه مصادر معرفة بـ «أل» وهي معاقبة فيها للضمير، فانتصب بعدها المفعول، التقدير: فلم أنكل عن ضربي مسمعا، وضعيف نكايته أعداءه، وفي طرحهنّ طرفا، وصياحه السلاح السلاح، وتركه أشياع، وتكليفك نفسك، وتأبينك عروة، وبفعلي الصّالحات، وعقده القلادة، وتوقيك ظهر، قال:
ولم يرد ما ظاهره رفع الفاعل، بعد المصدر المعرّف بـ «أل» فيما وقفنا عليه، غير بيت واحد وهو قول الشاعر:
2318 -
عجبت من الرّزق المسيء إلهه
…
وللتّرك بعض المحسنين فقيرا (2)
وأنكر بعضهم (3) أن يكون «رزق» - بكسر الراء - مصدرا، وقال: الرزق بمعنى المرزوق كالرعي، والطحن، فإنّ ثبت هذا؛ فينتصب «المسيء» ويرتفع «إلهه» بإضمار فعل يفسره الرزق، أي يرزق المسيء إلهه (4). انتهى.
ونبه المصنف بقوله: ويضاف إلى المرفوع، أو المنصوب، ثمّ يستوفى إلى آخره، على أنّه إذا أضيف المصدر إلى مرفوع، كان في الأصل مبتدأ، لم يجز حذف المنصوب، كما لم يجز حذفه مع الفعل، نحو: عرفت كون زيد صديقك، وكذا إذا أضيفت إلى منصوب، هو في الأصل مبتدأ، أو خبر؛ لا يجوز الاكتفاء به، بل لا بدّ من ذكر الجزء الثاني، كما كان في الفعل، وذلك نحو قولك: عرفت كون صديقك زيد، وتبينت ظنّ عمرو عدوك؛ فيمتنع حذف ما بعد المجرور في ذا وأمثاله، كما يمتنع في الفعل؛ لأنه خبر ومخبر عنه، فإن لم يكن المنصوب بعد الإضافة خبرا، ولا مخبرا عنه، فحذفه جائز، كما كان في الفعل نحو:
فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي (5)، وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ (6)، وَكَذلِكَ -
(1) ينظر: التذييل والتكميل (4/ 953).
(2)
البيت من الطويل، ولم ينسب لقائل معين.
والشاهد فيه قوله: «الرزق المسيء إلهه» ؛ حيث رفع المصدر المعرف بـ «أل» ، ونصب المفعول به «المسيء». ينظر الشاهد في: التذييل والتكميل (4/ 952)، ومنهج السالك (ص 314).
(3)
يعني ابن الطراوة وغيره، كما في التذييل والتكميل (4/ 954).
(4)
أي: انتهى ما ذكره الشيخ أبو حيان، ينظر: التذييل والتكميل (4/ 953، 954).
(5)
سورة التوبة: 111.
(6)
سورة التوبة: 114.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ [3/ 167] الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (1)، وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ (2)، وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ (3).
وذكر المفعول كثير: لقوله تعالى: كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ (4)، وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ * (5)، وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ (6)، عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ (7)، وإن كانت إضافة المصدر إلى منصوب، ليس في الأصل خبرا، ولا مخبرا عنه، استغنى عن ذكر الفاعل بعده، في الكثير الأغلب.
قال المصنف (8): وكذا لم يجئ في القرآن العزيز رفعه بعد الإضافة، إلا في رواية، عن ابن عامر أنّه قرأ: ذكر رحمت ربك عبده زكرياء (9) بضم الدال والهمزة (10)، وجاء الاستغناء عنه كثيرا نحو: وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ (11)، وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ (12)، وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ (13)، إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى (14)، قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ (15).
ومن ذكر الفاعل مرفوعا بعد الإضافة إلى المفعول به قول النّبي صلى الله عليه وسلم: «وحجّ البيت من استطاع إليه سبيلا» (16) فـ «من» في موضع رفع بـ «حج» ويمكن أن يكون مثله: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا (17) على تقدير: -
(1) سورة هود: 101.
(2)
سورة الرعد: 6.
(3)
سورة الروم: 4، 5.
(4)
سورة البقرة: 200.
(5)
سورة البقرة: 251، وسورة الحج:40.
(6)
سورة النساء: 161.
(7)
سورة المائدة: 63.
(8)
ينظر الكلام الآتي في: شرح المصنف (3/ 118).
(9)
سورة مريم: 2.
(10)
في تحبير التيسير لابن الجزري (ص 138): (أبو بكر بن عامر: (زكرياء)) اه وفي تفسير القرطبي: (وقرأ بعضهم: عبده زكريآ بالرفع، وهي قراءة أبي العالية) اهـ.
(11)
سورة البقرة: 85.
(12)
سورة النساء: 20.
(13)
سورة النساء: 104.
(14)
سورة النحل: 90.
(15)
سورة ص: 24.
(16)
هذا جزء من حديث نبوي شريف، أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، في كتاب الإيمان (1/ 26، 27) باب «بني الإسلام على خمس» .
(17)
سورة آل عمران: 97.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولله على الناس أن يحجوا البيت من استطاع (1).
قال المصنف: والمشهور جعل (من) بدلا من (الناس)(2)، وأنشد المصنف شاهدا على رفع المصدر الفاعل بعد الإضافة قول الشاعر:
2319 -
ألا إنّ ظلم نفسه المرء بيّن
…
إذا لم يصنها عن هوى يغلب العقلا (3)
وقول الآخر:
2320 -
أمن رسم دار مربع ومصيف
…
بعينيك من ماء الشّؤون وكيف؟ (4)
وقول الآخر:
2321 -
ردّ إضنائك الغرام الذي كان
…
عذولا ممهّدا لك عذرا (5)
والحاصل: أنّ استعمال المصدر مضافا إلى الفاعل ناصبا بعده المفعول به أكثر من -
(1) في البحر المحيط (3/ 11): (وقال بعض البصريين: (من) موصولة، في موضع رفع، على أنه فاعل بالمصدر الذي هو (حج،) فيكون المصدر
قد أضيف إلى المفعول، ورفع به الفاعل، نحو:
عجبت من شرب العسل زيد، وهذا القول ضعيف من حيث اللفظ والمعنى) اهـ.
(2)
ينظر: شرح المصنف (3/ 118)، والبحر المحيط (3/ 11) والكشاف للزمخشري (1/ 48).
(3)
البيت من الطويل، ولم ينسب لقائل معين.
والشاهد فيه: إضافة المصدر «ظلم» إلى مفعوله «نفسه» ورفع الفاعل بعده، وهو «المرء» .
ينظر الشاهد في: شرح المصنف (3/ 118)، والتذييل والتكميل (4/ 958) ومنهج السالك (ص 318)، وشرح التصريح (1/ 269).
(4)
البيت من الطويل، وقائله الحطيئة، من مطلع قصيدة مدح بها سعيدا بن العاص الأموي، ينظر:
ديوان الحطيئة (ص 81).
اللغة: رسم: مصدر رسمه يرسمه، أي: عفاه، الشؤون: مجاري الدمع، وكيف: سقوط الدمع والقطر.
والمعنى: هل جرت الدموع من أن مربعا ومصيفا تركا أثرا بالدار؟!.
والشاهد في البيت قوله:
حيث أضيف المصدر الذي هو «رسم» إلى المفعول، وارتفع بعده الفاعل، وهو «مربع» ، وما عطف عليه، وفي التذييل والتكميل (4/ 959):
(فـ «مربع» مرفوع بـ «رسم»، و «رسم» مصدر عند أبي علي) اهـ. وينظر الشاهد أيضا في: أمالي ابن الشجري (1/ 351)، وشرح المفصل لابن يعيش (6/ 62).
(5)
البيت من الخفيف، ولم ينسب لقائل معين.
والشاهد فيه قوله: «رد أضنائك الغرام» فقد أضيف «أضناؤك» وهو المصدر إلى المفعول، فارتفع بعده، وهو «الغرام». ينظر الشاهد في: التذييل والتكميل (4/ 958) ومنهج السالك (ص 318).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
استعماله مضافا إلى المفعول، رافعا بعده الفاعل، واعلم أنّ المصدر يضاف إلى الظرف كثيرا، نحو قوله تعالى: تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (1)، فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ (2)، فَصِيامُ شَهْرَيْنِ * (3)، بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ (4).
وذلك مقرر في غير هذا الباب (5)، وإنما المراد هنا أنه - بعد إضافته إلى الظرف يجوز أن يجيء بعده بالفاعل والمفعول معطيين الرفع والنصب، نحو: عرفت انتظار يوم الجمعة زيدا عمرا، وإلى ذلك الإشارة بقوله: فيعمل بعده عمل المنوّن.
قال المصنف (6): ذكر ذلك سيبويه، غير مستشهد بشيء (7)، وقال - في شرح الكافية -: وقد يضاف إلى الظرف؛
توسّعا، فيعمل فيما بعده الرفع، والنصب، كقولك: حبّي يوم عاقل لهو صبا، وهو نظير قولهم: يا سارق الليلة أهل الدّار (8) أشار إلى ذلك سيبويه (9) وغيره، من المحققين (10).
قال الشيخ: ومن منع ذكر الفاعل، والمصدر المنوّن؛ منع هذه المسألة ونحوها (11) اهـ.
(1) سورة البقرة: 226.
(2)
سورة المائدة: 89.
(3)
سورة النساء: 92، سورة المجادلة:4.
(4)
سورة سبأ: 33. وفي التذييل والتكميل (4/ 960، 961): وذلك على حسب التوسع، في أن أجري المصدر في التوسع مجرى الفعل، لا أن ذلك على تقدير الإضافة بـ «في» اهـ.
(5)
يقصد باب الإضافة؛ حيث تقدر الإضافة على معنى «في» .
(6)
انظر: شرح التسهيل (3/ 119).
(7)
ينظر: الكتاب (1/ 177، 193).
(8)
من الرجز، مجهول القائل، لم ينسبه سيبويه في الكتاب (1/ 89، 90، 99)، ولم ينسبه غير سيبويه.
والشاهد فيه: كما ذكره المصنف إضافة المصدر إلى الظرف توسعا، وعمل المصدر فيما بعد الظرف.
ينظر الشاهد أيضا في: معاني القرآن للفراء (2/ 80)، وشرح المفصل لابن يعيش (2/ 45، 46)، والخزانة (1/ 485)، وشرح الكافية الشافية (ص 1018).
(9)
في الكتاب (1/ 99)، إلا أنه ذكر في (1/ 90) أنه لا يجوز إلا في الشعر، قال: (ولا يجوز:
يا سارق الليلة أهل الدار، إلا في الشعر؛ كراهية أن يفصلوا بين الجار والمجرور) اهـ. وينظر: الأشموني (2/ 290).
(10)
ينظر: شرح الكافية (ص 1018) تحقيق د/ عبد المنعم هريدي.
(11)
ينظر: التذييل والتكميل (4/ 961).