الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[لعلّ، ومتى .. هل يجر بهما]
قال ابن مالك: (ويجرّ بـ «لعلّ»، و «علّ» في لغة عقيل، وب «متى» في لغة هذيل).
ــ
لأن الضمير المخفوض لا يكون إلا متصلا، ولا يتصل الضمير إلا بعامله، و «لولا» عنده ليست بعامله، وإنما الضمير عنده مرفوع بالابتداء والابتداء عامل معنوي (1).
وقال ابن عصفور: والذي ذهب إليه الأخفش فاسد؛ لأن وقوع الضمير المتصل موقع المنفصل لا يجوز إلا في ضرورة شعر كقوله:
2689 -
[وما نبالي إذا ما كنت جارتنا]
…
ألّا يجاورنا إلّاك ديّار (2)
يريد: إلا إياك .. فإذا كان وضع المتصل موضع المنفصل قبيحا مع أنهما من قبيل واحد أي: منصوبان؛ فبالأحرى إذا كانا من بابين مختلفين بأن يكون المتصل ضمير خفض، والمنفصل الذي وقع موقع ضمير رفع (3).
قال ناظر الجيش: قال المصنف: روى أبو زيد عن بني عقيل الجرّ بـ «لعل» (4)، وحكى الجر بها أيضا الفراء وغيره (5)، وروى في لامها الأخيرة الفتح، والكسر، وأنشد باللغتين قول الشاعر:
2690 -
لعلّ الله يمكنني عليها
…
جهارا من زهير أو أسيد (6)
وروى الفرّاء (7) أيضا الجرّ بـ «لعلّ» ، وأنشد:
2691 -
علّ صروف الدّهر أو دولاتها
…
يدلننا اللّمّة من لمّاتها
فتستريح النّفس من زفراتها (8)
-
(1) التذييل (4/ 43، 44).
(2)
عجز بيت من البسيط ذكرنا صدره، وانظر: الأشموني (1/ 109)، والتصريح (1/ 98، 192)، والخصائص (1/ 307)، (2/ 195)، وشرح المفصل (3/ 101)، والمغني (ص 441).
(3)
شرح الجمل (1/ 330).
(4)
،
(5)
ينظر: الارتشاف (2/ 469)، والتذييل (7/ 103)، ومعاني الفراء (3/ 9، 235)، والهمع (2/ 33).
(6)
من الوافر، وهو في التصريح (2/ 3).
(7)
في المعاني له (3/ 9، 235) والهامش قبل السابق.
(8)
ينظر: شرح شواهد المغني (1/ 454)، ومعاني الفراء (3/ 9، 235).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأما «متى» فهي في لغة هذيل حرف جر بمعنى «من» ، ومنه قول الشاعر:
2692 -
شربن بماء المزن ثمّ ترفّعت
…
متى لجج خضر لهنّ نئيج (1)
ومن كلامهم: أخرجها متى كمه، أي: من كمه. انتهى.
وقد أنكر بعض الناس الجرّ بـ «لعل» ، ومنهم ابن عصفور وخرج قول الشاعر:
2693 -
[فقلت ادع أخرى وارفع الصّوت جهرة]
…
لعلّ أبي المغوار منك قريب (2)
على أن «لعل» ناصبة لضمير شأن محذوف، وأن «أبي المغوار» مجرور بلام محذوفة و «قريب» صفة لمحذوف التقدير: لعل لأبي المغوار منك جواب قريب (3).
وقال: إنه ارتكب في البيت ضرورتان: حذف ضمير الشأن، والجر بحرف محذوف. ولا يخفى ما في هذا التخريج
مع بعده من التكلف. وإذا نقل الأئمة أن الجر بـ «لعل» لغة لقوم من العرب؛ فكيف يسوغ إنكار ذلك، وقد رواه أبو زيد عن بني عقيل، وكذلك رواه الفراء أيضا كما ذكر المصنف؟!
وقال الشيخ: والصحيح ثبوت ذلك لغة وحكاها الأخفش والفراء (4)، ثم إن الشيخ ذكر (5) احتمالا في ما استدل به على الجر بـ «متى» ، وذلك بأن يكون «متى» في البيت الذي أنشده المصنف، وفي قول الآخر:
2694 -
متى ما تعرفونا تنكرونا
…
متى أقطارها علق مصب طرفا (6)
بمعنى «وسط» فتبقى على ما استقر فيها من الظرفية وإن لم تكن شرطا، ولا استفهاما.
وأقول: ما المحوج إلى هذا التخريج البعيد المتكلف بعد أن ثبت أن ذلك لغة بنقل الأئمة المعتبرين؟!
(1) من الطويل لأبي ذؤيب. ديوان الهذليين (1/ 51).
(2)
عجز بيت من الطويل ذكرنا صدره، وهو لكعب بن سعد الغنوي، وانظر: التصريح (1/ 156، 213)، والدرر (2/ 33)، والعيني (3/ 347)، والمغني (ص 286)، والهمع (2/ 33، 108).
(3)
هو أيضا قول أبي علي الفارسي - راجع: الدرر (2/ 33) والمصادر السّابقة.
(4)
التذييل (7/ 102)، وانظر: الهمع (2/ 33).
(5)
في التذييل (7/ 103).
(6)
هذا البيت أنشده أبو سعيد السكري، قاله أبو حيان في التذييل (7/ 103).