الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رواه البخاري ومسلم، من حديث أيوب، والبخاري أيضاً والترمذي من حديث الليث، كلاهما: عن ابن أبي ليلى، وقال الترمذي: حسن صحيح (1) .
(1) أخرجه البخاري في كتاب الهبة/ حديث (118) ؛ ومسلم في صحيحه، 2/731؛ كتاب الزكاة (باب إعطاء من سأل بفحش وغيظة) ؛ والترمذي في السنن: كتاب الاستئذان: حديث (87)، وقال: حسن صحيح.
9408 -
حدثنا أبو سعيد: مولى بني هاشم، حدثنا عبد الله بن جعفر. قال: حدثتنا أم بكر بنت المسور بن مخرمة، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن المسور بن مخرمة: أنه بعث إليه حسن بن حسن يخطب ابنته فقال له: قل له فليلقني في العتمة، قال: فلقيه فحمد الله المسور وأثنى عليه. وقال: أما بعد والله مامن نسب ولاسبب ولاصهر أحب اليَّ من نسبكم وصهركم، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((فاطمة بضعة مني يقبضني ماقبضها ويبسطني مابسطها وأن الأنساب يوم القيامة تنقطع غير نسبي وسببي وصهري وعندك ابنتها ولزوجتك لقبضتها ذلك)) . قال: فانطلق عاذراً له (1) .
(عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن المسور بن مخرمة)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لايصلي أحدكم وهو يحتبس الأذى)) -يعني البول والغائط-.
9409 -
رواه الطبراني من حديث إبراهيم بن قاسم النوفلي، حدثنا سليمان ابن داود الشاذكوني، حدثنا محمد بن عمر الواقدي، حدثنا محمد بن عبد الله بن أخي الزهري، عن الزهري عنه (2) .
(1) المسند، 4/323.
(2)
المعجم الكبير، 20/20؛ قال الهيثمي، 2/89، فيه الواقدي، وهو ضعيف. قلت: وفيه الشاذكوني متهم بوضع الحديث.
9410 -
حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عروة، عن مروان والمسور ابن مخرمة، يزيد أحدهما على صاحبه: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه، فلما كان بذي الحليفة قلد الهدى وأشعر وأحرم منها وبعث عيناً له بين [يديه] فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا (1) .
9411 -
حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا محمد بن إسحاق بن يسار، عن الزهري، حدثنا محمد بن مسلم بن شهاب، عن عروة بن الزبير: أن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم، قالا: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية يريد زيارة البيت لايريد قتالاً، وساق معه الهدي سبعين بدنة وكان الناس معه سبعمائة رجل فكانت كل بدنة عن عشرة، قال: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بعسفان لقيه بشر ابن سفيان الكعبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذه قريش قد سمعت بمسيرك فخرجت معها العوذ المطافيل قد لبسوا جلود النمور يعاهدون الله أن لاتدخلها عليهم عنوة أبداً، وهذا خالد بن الوليد في خيلهم، قد قدموا إلى كراع الغميم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((لقد أكلتهم الحرب ماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر الناس فإن أصابوني كان الذي أرادوا وإن أظهرني الله عليهم دخلوا في الإسلام وهم وافرون، وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة فماذا تظن قريش والله إني لا أزال أجاهدهم على الذي بعثني الله له حتى يظهره الله أو تنفرد هذه السالفة)) ، ثم أمر الناس فسلكوا ذات اليمين من ظهري الحمض على طريق تخرجه على ثنية المرار والحديبية من أسفل مكة، قال: فسلك بالجيش [تلك الطريق فلما رأت خيل قريش فترة
(1) المسند، 4/323، وقد ذكر في المسند جزء من الحديث وهو بتمامه في الطبراني، 20/9 بشأن الحديبية.
الجيش] قد خالفوا عن طريقهم نكصوا راجعين إلى قريش فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا سلك ثنية المرار بركت ناقته، فقال الناس: خلأت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((ما خلأت وماهو لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة، والله لاتدعوني قريش اليوم إلى خطه يسالوني فيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياها)) ، ثم قال للناس:((انزلوا)) ، فقالوا: يارسول الله ما بالوادي من ماء ينزل عليه الناس، فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم سهماً من كنانته فأعطاه رجلاً من أصحابه فنزل في قليب من تلك القلب فغرزه فيه فجاش بالرواء حتى ضرب
الناس عنه بعطن فلما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بديل ابن ورقاء في رجال من خزاعة، فقال لهم كقوله لبشير بن سفيان فرجعوا إلى قريش، فقالوا: يامعشر قريش، إنكم تعجلون على محمد وإن محمداً لم يأت لقتال إنما جاء زائراً لهذا البيت معظماً لحقه، فاتهموهم، قال محمد بن إسحاق: قال الزهري: وكانت خزاعة في عيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلمها ومشركها لايخفون على رسول الله صلى الله عليه وسلم[شيئاً] كان بمكة، فقالوا: وإن كان إنما جاء لذلك فلا والله لايدخله أبداً علينا عنوة، ولايحدث بذلك العرب، ثم بعثوا إليه مكرز بن حفص بن الأحنف أحد بني عامر بن لؤي فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((هذا الرجل غادر)) فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمه رسول الله بنحو ماكلم به أصحابه.
ثم رجع إلى قريش وأخبرهم بما قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فبعثوا إليه الحلس بن علقمة الكناني وهو يومئذ سيد الأحابش فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((هذا من قوم يتألهون فابعثوا الهدى في وجهه)) فبعثوا الهدى فلما رأى الهجد يسيل عليه من عرض الوادي في قلائده قد أكل أوباره من طول الحبس عن محله رجع ولم يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إعظاماً لما رأى فقال: يامعشر قريش قد رأيت مالايحل صده
الهدى في قلائده قد أكل أوباره من طول الحبس عن محله، فقالوا: اجلس فإنما أنت أعرابي لاعلم لك، فبعثوا إليه عروة بن مسعود الثقفي، فقال: يامعشر قريش إني قد رأيت مايلقى منكم من تبعثون إلى محمد إذا جاءكم من التعنيف وسوء اللفظ وقد عرفتم أنكم والد وإني ولد وقد سمعت بالذي نابكم فجمعت من أطاعني من قومي ثم جئت حتى آسيتكم بنفسي، فقالوا: صدقت ماأنت عندنا بمتهم فخرج حتى أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس بين يديه، فقال: يامحمد جمعت أوباش الناس ثم جئت بهم لبيضتك لتفضها إنها قريش قد خرجت معها العوذ المطافيل قد لبسوا جلود النمور يعاهدون الله أن لاتدخلها عليهم عنوة أبداً وأيم الله لكأني بهؤلاء قد انكشفوا عنك غداً، قال وأبو بكر الصديق خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد فقال: امصص بظر اللات أنحن ننكشف عنه؟ قال: من هذا يامحمد؟ قال: ((هذا ابن أبي قحافة)) ، قال: أم والله لولا يد كانت لك عندي لكافئتك بها ولكن هذه بها ثم تناول لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم والمغيرة بن شعبة واقف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديد، قال: فقرع يده ثم قال: امسك يدك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قبل والله لاتصل إليك، قال: ويحك ما أفظك وأغلظك، قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: من هذا يامحمد؟ قال: ((هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة)) ، قال: اغدر وهل غسلت سوءتك إلا
بالأمس، قال: فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل ماكلم به أصحابه فأخبره أنه لم يأت يريد حرباً، قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رأى مايصنع به أصحابه لايتوضا وضوءاً إلا ابتدروه ولايبسق بساقاً إلا ابتدروه ولايسقط من شعره شيء إلا أخذوه فرجع إلى قريش، فقال: يامعشر قريش، إني جئت كسرى في ملكه، وجئت قيصر والنجاشي في ملكهما والله مارأيت ملكاً مثل قط
محمد في أصحابه، ولقد رأيت قوماً لايسلمونه لشيء أبداً، قروا رأيكم، قال: وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك بعث خراش بن أمية الخزاعي إلى مكة وحمله على جمل له يقال له: الثعلب فلما دخل مكة عقرت به قريش وارادوا قتل خراش فمنعتهم الأحابش حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا عمر ليبعثه إلى مكة، فقال: يارسول الله إني أخاف قريشاً على نفسي وليس بها من بني عدي أحد يمنعني وقد عرفت قريش عداوتي إياها وغلظتي عليها ولكن أدلك على رجل هو أعز مني عثمان بن عفان، قال: فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعثه إلى قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب وأنه جاء زائراً لهذا البيت معظماً لحرمته فخرج عثمان حتى أتى مكة ولقيه أبان بن سعيد بن العاص فنزل عن دابته وحمله بين يديه وردف خلفه وأجاره حتى بلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق عثمان حتى إذا أتى أبا سفيان وعظماء قريش، فبلغهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ماأرسله به رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: واحتبسته قريش عندها، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، أن عثمان قد قتل، قال محمد: فحدثني الزهري أن قريشاً بعثوا سهيل بن عمرو أحد بني عامر بن لؤي فقالوا: أتى محمداً فصالحه ولايكون في صلحه إلا أن يرجع عنا عامه هذا، فوالله لاتحدث العرب عنا أنه دخلها علينا عنوة أبداً، فأتاه سهيل بن عمرو، فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأطالا الكلام
وتراجعا حتى جرى بينهما الصلح، فلما التأم الأمر ولم يبق إلا الكتاب وثب عمر بن الخطاب فأتى أبا بكر، فقال: يا أبا بكر أوليس برسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أو لسنا بالمسلمين؟ أو ليسوا بالمشركين؟ قال: بلى، قال: فعلى مايعطي الذلة في ديننا، فقال: ياعمر الزم غرزة حيث كان، قال: أشهد أنه رسول الله، قال عمر: وأنا أشهد ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أولسنا بالمسلمين؟ أو ليسوا
بالمشركين؟ قال: ((بلى)) ، قال: فعلى مايعطى الذلة في ديننا؟ قال: ((أنا عبد الله ورسوله، لن أخالف أمره ولن يضيعني)) ، ثم قال عمر: مازلت أصوم وأصلى وأتصدق وأعتق من الذي صنعت مخافة كلامي الذي تكلمت به يومئذ حتى رجوت أن يكون خيراً، قال: ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم)) ، فقال سهيل بن عمرو: لا أعرف هذا ولكن أكتب: باسمك اللهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((اكتب: باسمك اللهم، هذا ماصالح عليه محمد رسول الله، سهيل بن عمرو)) ، فقال: لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك، ولكن أكتب: هذا ماصالح عليه محمد بن عبد الله، وسهيل بن عمرو على وضع الحرب عشر سنين يأمن في الناس ويكف بعضهم عن بعض على أنه من أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه بغير إذن وليه رده عليهم، ومن أتي قريشاً ممن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يردوه عليه وإن بيننا عيبة مكفوفة وإنه لا إسلال ولا إغلال وكان في شرطهم حين كتبوا الكتاب: أنه من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه، فتواثبت خزاعة فقالوا: نحن مع عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده، وتواثبت بنو بكر وقالوا: نحن في عقد قريش وعهدهم وإنك ترجع عنا عامنا هذا، فلا تدخل علينا مكة، وإنه إذا كان عام قابل خرجنا عنك فتدخلها بأصحابك وأقمت بها ثلاثاً مع
سلاح الراكب لايدخلها بغير السيوف في القرب فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتب الكتاب إذ جاءه أبو جندل بن سهيل بن عمرو في الحديد قد انقلب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرجوا وهم لايشكون في الفتح لرؤيا رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأوا ما رأوا من الصلح والرجوع وما
يحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفسه دخل الناس من ذلك أمر عظيم حتى كادوا أن يهلكوا فلما رأى سهيل أبا جندل قام إليه فضرب وجهه ثم قال: يامحمد لقد لجت القضية بيني وبينك قبل أن يأتيك هذا، قال:((صدقت)) فقام إليه فأخذ بتلابيبه، قال: وصرخ أبو جندل بأعلا صوته: يامعاشر المسلمين، أتردوني إلى أهل الشرك فتعينوني في ذنبي، قال: فزاد الناس شراً إلى مابهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((ياأبا جندل، اصبر واحتسب فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجاً ومخرجاً إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحاً فأعطيناهم على ذلك وأعطونا عليه عهداً وإنا لن نغدر بهم)) ، قال: فوثب إليه عمر ابن الخطاب مع أبي جندل فجعليمشي إلى جنبه ويقول: ((اصبر يا أبا جندل فإنما هم المشركون وإنما دم أحدهم دم كلب)) ، قال: ويدني قائم السيف منه، قال: يقول: رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه، قال: فضن الرجل بأبيه وبعدت القضية فلما فرغنا من الكتاب، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في الحرم وهو مضطرب، قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((يا أيها الناس انحروا واحلقوا)) ، قال: فما قام أحد، قال: ثم عاد لمثلها، فما قام رجل ثم عاد لمثلها فما قام رجل فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل على أم سلمة فقال:((ياأم سلمة ماشأن الناس؟)) ، قالت: يارسول الله قد دخلهم ماقد رأيت فلاتكلمن إنساناً واعمد إلى هديك حيث كان فانحره واحلق فلو قد فعلت ذلك فعل الناس ذلك، فخرج
رسول الله صلى الله عليه وسلم لايكلم أحداً حتى أتى هديه فنحره ثم جلس فحلق ثم قام الناس ينحرون ويحلقون، قال: حتى إذا كان بين مكة والمدينة في وسط الطريق نزلت سورة الفتح (1) .
(1) المسند، 4/323.
رواه البخاري، وأبو داود، والنسائي من حديث الزهري عن عروة عن المسور ومروان به، وفي كتاب الشهادات عنهما، عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (1) .
(1) أخرجه البخاري في صحيحه: حديث (2731) و (2733) و (4182) ؛ وأبو داود في السنن: حديث (2749) و (2629) .
9412 -
حدثنا يعقوب، حدثنا ابن أخي شهاب، عن عمه، قال: وزعم عروة ابن الزبير أن مروان والمسور بن مخرمة أخبراه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام حين جاءه وفد هوازن مسلمين فسألوا أن يرد إليهم أموالهم وسبيهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((معي ترون وأحب الحديث إليَّ اصدقه فاختاروا إحدى الطائفتين إما السبى وإما المال وقد كنت استأنيت بكم)) وكان أنظرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بضع عشرة ليلة حين قفل من الطائف فلما تبين لهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير راد عليهم إلا إحدى الطائفتين فقالوا: إنا نختار سبينا، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسلمين فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال:((أما بعد: فإن إخوانكم تائبين وإني قد رأيت أن أرد إليهم سبيهم فمن أحب منكم أن يطب ذلك فليفعل ومن أحب أن يكون على حظه حتى نعطيه من أول مايفي الله علينا فليفعل)) ، فقال الناس: طيبنا ذلك لرسول الله، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إنا لاندري من أذن منكم في ذلك فمن لم يأذن، فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاءكم أمركم)) ، فرجع الناس فكلمهم عرفاؤهم ثم رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه أنهم قد طيبوا وأذنوا، هذا الذي بلغني عن سبى هوازن (1) .
(1) المسند، 4/327.
رواه البخاري، وأبو داود، والنسائي من حديث الزهري به (1) .
(1) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الشروط: حديث (115) ؛ وفي الحجج: حديث (175) ؛ وأبو داود في السنن، كتاب الحج: حديث (315) ؛ والنسائي في السنن الكبرى كما في التحفة، 8/372.
9413 -
حدثنا أبو اليمان، أنبأنا شعيب، عن الزهري، حدثني عروة بن الزبير: أن المسور بن مخرمة أخبره: أن عمرو بن عوف الأنصاري وهو حليف بني عامر بن لؤي، وكان قد شهد بدراً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين فأتى بجزيتها وكان النبي صلى الله عليه وسلم صالح أهل البحرين فذكر الحديث يعني مثل حديث معمر (1) . تفرد به.
9414 -
حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة، قال: سمعت الأنصار أن أبا عبيدة قدم بمال من قبل البحرين وكان النبي صلى الله عليه وسلم بعثه على البحرين فوافى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم تعرضوا فلما رآهم تبسم وقال: ((لعلكم سمعتم أن أبا عبيدة بن الجراح قدم وقدم بمال؟)) ، قالوا: أجل يارسول الله، قال:((ابشروا وأملوا خيراً، فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن إذا صبت عليكم [الدنيا] فتنافستموها كما تنافسها من كان قبلكم)) (2) . تفرد به من هذا الوجه.
9415 -
حدثنا روح، حدثنا مالك بن أنس، عن هشام يعني عروة، عن أبيه: أن المسور بن مخرمة أخبره، وحدثنا إسحاق -يعني الطباع-، أخبرني مالك، عن هشام، عن أبيه، عن المسور بن
(1) المسند، 4/327.
(2)
المسند، 4/327.
مخرمة: أن سبيعة الأسلمية نفست بعد وفاة زوجها بليال، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:((قد حللت فانكحي)) (1) .
رواه البخاري، عن يحيى بن قزعة، عن مالك. ورواه النسائي من حديث [عبد الرحمن بن القاسم] وزاد هو وابن ماجة: عن عبد الله بن داود، كلاهما: عن هشام بن عروة به (2) .
(1) المسند، 4/327.
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه: حديث (5320) ؛ والنسائي في السنن، 6/190؛ وابن ماجة في السنن، كتاب الطلاق: حديث (137) .
9416 -
حدثنا حماد بن أسامة، أنبأنا هشام، عن أبيه، عن المسور بن مخرمة: أن سبيعة الأسلمية توفي عنها زوجها وهي حامل فلم تمكث إلا ليال حتى وضعت فلما تعلق من نفاسها خُطبت فاستأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في النكاح فأذن لها أن تنكح فنكحت (1) .
9417 -
حدثنا أبو معاوية، حدثنا هشام، عن أبيه، عن عاصم بن عمرو، عن المسور بن مخرمة، قال: وضعت سبيعة، فذكر الحديث (2) . تفرد به من هذا الوجه.
9418 -
حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، قال الزهري: أخبرني عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة، ومروان بن الحكم يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه. قالا: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زمان الحديبية، في بضع عشرة مائة من أصحابه، حتى إذا كانوا بذي الحليفة قلد رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدى وأشعره، وأحرم بالعمرة وبعث بين يديه عيناً له من خزاعة، بخبره عن قريش، وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى
(1) المسند، 4/327.
(2)
المسند، 4/327.
إذا بغدير الأشطاط قريباً من عسفان أتاه عينه الخزاعي، فقال: إني قد تركت كعب بن لؤي، وعامر بن لؤي قد جمعوا لك الأحابيش، وقال يحيى بن سعيد، عن ابن المبارك، وقال: قد جمعوا لك الأحابيش وجمعوا لك جموعاً وهم مقاتلوك، وصادوك عن البيت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((أشيروا علي؟ أترون أن نميل إلى ذراري هؤلاء الذين أعانوهم، فنصيبهم فإن قعدوا قعدوا موتورين عروبين وإن نجوا)) ، وقال يحيى بن سعيد، عن ابن المبارك ((محزونين وإن يحنون تكن عنقاً قطعها الله أو ترون أن نؤم البيت فمن صدنا عنه قاتلناه؟)) فقال أبو بكر: الله ورسوله أعلم، يانبي الله إنما جئنا معتمرين ولم نجئ نقاتل أحداً، ولكن من حال بيننا وبين البيت قاتلناه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((فروحوا إذاً)) ، قال الزهري: وكان أبو هريرة يقول: مارأيت أحداً قط كان أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الزهري في حديث: المسور بن مخرمة ومروان: فراحوا حتى إذا كانوا ببعض الطريق، قال النبي صلى الله عليه وسلم:((إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة فخذوا ذات اليمين)) فوالله ماشعر بهم خالد حتى إذا هو بعثرة الجيش فانطلق يركض نذيراً لقريش وسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها، بركت راحلته.
وقال يحيى بن سعيد عن ابن المبارك: بركت بها راحلته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((حل حل)) فألحت، فقالوا: خلأت القصواء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((ما خلأت القصوى وماذاك لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل)) ، ثم قال:((والذي نفسي بيده لايسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها)) ثم رجزها فوثبت به، قال: فعدل عنها حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء تربضاً، الناس يتربضه فلم يلبث الناس أن
نزحوه فشكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطش فانتزع سهماً من كنانته ثم أمرهم أن يجعلوه فيه، قال: فوالله مازال يجيش لهم بالرى حتى صدروا عنه، قال: فبينما هم كذلك إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه وكانوا عينه نصح لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل تهامة وقال: إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي نزلوا أعداد مياه الحديبية معهم العوذ المطافيل وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إنا لم نجيء لقتال أحد، ولكنا جئنا معتمرين، وإن قريشاً قد نهكتهم الحرب فأضرب بهم فإن شاءوا ماددتهم مدة ويخلوا بيني وبين الناس فإن أظهر، فإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس دخلوا، وإلا فقد جموا وإن هم أبوا فو الذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي لينفذن الله أمره)) ، قال يحيى عن ابن المبارك:((حتى تنفرد سالفتي)) ، قال:((فإن شاءوا ماددناهم مدة)) ، قال بديل: سأبلغهم ماتقول، فانطلق حتى أتى قريشاً، فقال: إنا قد جئناكم من عند هذا الرجل، وسمعته يقول قولاً فإن شئتم نعرضه عليكم، فقال سفاؤهم: لاحاجة لنا في أن تحدثنا عنه بشيء، وقال ذو الرأي منهم: هات ماسمعته يقول، قال: سمعته يقول كذا وكذا فحدثهم بما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فقام عروة بن مسعود الثقفي، فقال: أي قوم ألستم بالوالد، قالوا: بلى، قال: أولست بالولد، قالوا: بلى، قال:
أفتتهموني؟ قالوا: لا، قال: هل تعلمون إني استنفرت أهل عكاظ فلما بلجوا عليَّ جئتكم بأهلي ومن أطاعني، قالوا: بلى، قال: هذا قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها، ودعوني آته، فقالوا: آتيه، فاتاه، قال: فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له نحواً من قوله لبديل، فقال عروة عند ذلك: أي محمد أرأيت أن استأصلت قومك، هل سمعت
بأحد من العرب اجتاح أصله قبلك وإن تكن الأخرى فوالله لأرى وجوهاً وأرى أوباشاً من الناس خلقاء أن يفروا ويدعوك، فقالو له أبو بكر الصديق: أمصص بظر اللات أنحن نفر عنه وندعه؟ فقال: من ذا؟ قالوا: أبا بكر، قال: أما والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك، وجعل بكلم النبي صلى الله عليه وسلم فكلما كلمه أخذ بلحيته والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النبي صلى الله عليه وسلم ومعه السيف وعليه المقفر، فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية النبي صلى الله عليه وسلم ضرب يده بنصل السيف، قال: أخر يدك عن لحية النبي صلى الله عليه وسلم، فرفع عروة يده فقال: من هذا؟ قالوا: المغيرة بن شعبة، قال: أي غدر أو لست اسعى في غدرتك، وكان المغيرة صحب قوماً في الجاهلية فقاتلهم وأخذ أموالهم ثم جاء فأسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((أما الإسلام فأقبل وأما المال فلستُ منه في شيء)) ، ثم إن عروة جعل يرمق النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فوالله ماتنخم النبي صلى الله عليه وسلم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده وإذا أمرهم ابتدروا أمره وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه وإذا تكلم حفظوا أصواتهم عنده ومايحدون إليه النظر تعظيماً له فرجع إلى أصحابه، فقال: أي قوم والله لو قد وفدت على كسرى وقيصر والنجاشي والله إن رأيت ملكاً قط يعظمه أصحابه مايعظم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم محمداً والله أن ينخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده وإذا أمرهم ابتدروا أمره
وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه فإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنه ومايحدون النظر تعظيماً له وإنه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها، فقال رجل من بني كنانة: دعوني آتيه فلما أشرف على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، قال النبي صلى الله عليه وسلم:((هذا فلان وهو من قوم يعظمون البدن فابعثوها له)) فبعثت له
واستقبله القوم يلبون فلما رأى ذلك، قال: سبحان الله ماينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت [فلما رجع إلى أصحابه، قال: رأيت البدن قد قلدت واشتعرت فلم أر أن يصدوا] فقام رجل منهم يقال له مكرز بن حفص، فقال: دعوني آتيه، فقالوا: آتيه فلما أشرف عليهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم:[ ((هذا مكرز وهو رجل فاجر)) ] فبينا هو يتكلم إذ جاءه سهيل بن عمرو، قال النبي صلى الله عليه وسلم:((سهل لكم من أمركم)) ، قال الزهري في حديثه: فجاء سهيل بن عمرو فقال: هات اكتب بيننا وبينكم كتاباً، فدعا الكاتب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم)) ، فقال سهيل: أما الرحمن الرحيم فوالله ما أدري ماهو، وقال ابن المبارك: ماهو ولكن اكتب: باسمك اللهم كما كنت تكتب، فقال المسلمون: والله لايكتبها إلا باسم الله الرحمن الرحيم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((اكتب: باسمك اللهم)) ، ثم قال:((هذا ماقاضى عليه محمد رسول الله)) ، فقال سهيل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ماصددناك عن البيت ولا قاتلناك ولكن اكتب: محمد بن عبد الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((والله إني لرسول الله وإن كذبتموني، اكتب: محمد بن عبد الله)) ، قال الزهري: وذلك قوله ((لايسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها)) ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((على أن يخلوا بيننا وبين البيت نطوف به)) ، فقال سهيل: والله لايحدث العرب إنا أخذنا ضفطة ولكن لك من العام المقبل فكتب، فقال سهيل: على أنه لايأتيك منا رجل وإن كان على
دينك إلا رددته إلينا، فقال المسلمون: سبحان الله كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلماً فبينما هم كذلك إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف، وقال يحيى عن ابن المبارك: يرسف في قيوده وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه
بين أظهر المسلمين، فقال سهيل: هذا يامحمد أول ما أقاضيك عليه أن ترده إلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إنا لم نقض الكتاب بعد)) ، قال: فوالله إذاً لا أصحالك على شيء أبداً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((فأجزه لي)) ، قال: ما أنا بمجيزه، قال:((قال: ((بلى فافعل)) ، قال: ماأنا بفاعل، قال مكرز: بلى أجزناه لك، فقال أبو جندل: أي معاشر المسلمين أرد إلى المشركين وقد جئت مسلماً ألا ترون ماقد لقيت وكان قد عذب عذاباً شديداً في الله، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: ألست نبي الله؟ قال: ((بلى)) ، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: ((بلى)) ، قال: قلت: فلم نعط الدية في ديننا إذاً. قال: ((إني رسول الله وعبده ولست أعصيه وهو ناصري)) ، قلت: أولست كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: ((بلى)) ، قال:((أفأخبرتك أنك تأتيه العام؟)) قلت: لا، قال:() فإنك آتيه ومتطوف به)) ، قال: فأتيت أبا بكر رضي الله عنه فقلت: ياأبا بكر أليس هذا نبي الله حقاً، قال: بلى. قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل، قال: بلى، قلت: فلم نعطى الدية في ديننا إذاً، قال: أيها الرجل إنه نبي الله ولن يعصى ربه وهو ناصره فاستمسك، وقال يحيى بن سعيد بغرزه وقال تطوف بغرزه حتى تموت فوالله إنه لعلى الحق، قلت: أوليس كان يحدثنا إنا سنأتي البيت ونطوف به، قال: بلى، قال: أفأخبرك أنك آتيه العام؟ قلت: لا.
قال: فإنك آتيه ومتطوف به، قال الزهري: قال عمر: فعملت لذلك أعمالاً، قال: فلما فرغ من قضية الكتاب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه:((قوموا فانحروا ثم احلقوا)) ، قال: فوالله ماقام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد، قام فدخل على أم سلمة فذكر لها مالقي من الناس، فقالت أم سلمة:
يارسول الله، أتحب ذلك؟ أخرج ثم لاتكلم أحداً منهم كلمةً حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك، فقام فخرج ولم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك فنحر هديه ودعا حالقه فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضاً حتى كان بعضهم يقتل بعضاً غماً ثم جاءه نسوة مؤمنات فأنزل الله {يَاأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} (1)
حتى بلغ {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} ، قال:[فطلق] عمر يومئذ إمرأتين كانتا له في الشرك فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان، والأخرى صفوان بن أمية، ثم رجع إلى المدينة فجاءه أبو بصير، رجل من قريش وهو مسلم، وقال يحيى عن ابن المبارك: فقدم عليه أبو نصير ابن أسيد الثقفي، مسلماً مهاجراً فاستأجر الأخنس بن شريق رجلاً كافراً من بني عامر بن لؤي ومولى معه وكتب معهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله الوفاء فأرسلوا في طلبه رجلين، فقالوا: العهد الذي جعلت لنا فيه فدفعه إلى الرجلين فخرجا به حتى بلغا به ذا الحليفة فنزلوا يأكلون ثم ثمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك يافلان هذا جيداً فاستله الآخر، فقال: أجل والله إنه لجيد لقد جربت ثم جربت، فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه فأمكنه منه فضربه به حتى برد وفر الآخر حتى أتى المدينة، فدخل المسجد يعدوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((لقد رأى هذا ذعراً)) ، فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قتل والله صاحبي وإني لمقتول، فجاء أبو بصير فقال: يانبي الله أوفى الله ذمتك قد رددتني إليهم ثم أنجاني الله منهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((ويل أمه مسعر حرب لو كان له أحد)) ، فلما سمع ذلك عرف أنه
(1) سورة الممتحنة، آية (10) ..
سيرده إليهم، فخرج حتى أتى سيف البحر ويتفلت أبو جندل بن سهيل فلحق بأبي بصير فجعل لايخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير حتى اجتمعت منهم عصابة، قال: فوالله مايسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده الله والرحم لما أرسل إليهم فمن أتاه فهو آمن، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم غليهم فأنزل الله {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ} (1)
حتى بلغ {حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم، وحالوا بينهم وبين البيت (2) .
(1) سورة الفتح، آية 24..
(2)
المسند، 4/328.
9419 -
حدثنا يحيى بن سعيد القطان، حدثنا عبد الله بن المبارك، حدثنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم، قالا: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية في بضع عشرة مائة فذكر الحديث ومن ههنا ملصق بحديث الزهري، عن القاسم بن محمد، قال: وقال أبو بصير المعامري ومعه سيفه: إني أرى سيفك هذا ياأخا بني عامر جيداً، قال: أجل، قال: أرني أنظر إليه، قال: فأعطاه إياه فاستله أبو بصير ثم ضرب العامري حتى قتله وفر المولى يجمز قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل، زعموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد يط الحصى من شدة سعيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه:((لقد رأى هذا ذعراً)) ، فذكر نحواص من حديث عبد الرزاق، قال: فلما رأى ذلك كفار قريش ركب نفر منهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: أيها تفنى مدتك شيئاً ونحن نُقْتل وتُنهب أموالنا وإنا نسألك أن
تدخل هؤلاء الذين أسلموا منا صلحك وتمنعهم وتحجز عنا قتالهم ففعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنزل الله {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ} فقرأ حتى بلغ {حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} (1) .
(حديث آخر)
(1) سورة الفتح، آية (24) .
9420 -
رواه ابن ماجة، عن أحمد بن سعيد الداري، عن الحسين وافد، عن هشام بن سعيد، عن الزهري، عن عروة، عن المسور: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لاطلاق قبل نكاح، ولاعتق قبل ملك)) (1) .
وفي المواعظ للنسائي من طريق الأوزاعي، عن الزهري، عن عروة، عن المسور أنه قال: لقد وارت القبور أقواماً لو رأوني جالساً معكم لاستحييت (2) .
(حديث آخر عنه)
يأتي إن شاء الله تعالى
في الجزء الثامن والخمسون
ولله الحمد والمنة
(1) سنن ابن ماجة: حديث (2049) .
(2)
السنن الكبرى للنسائي كما في التحفة، 8/383.
رب يسر
(حديث آخر عن عروة عن المسور بن مخرمة)
9421 -
قال الطبراني: حدثنا هاشم بن مرثد الطبراني، حدثنا محمد بن إسماعيل ابن عياشن عن أبيه، حدثني محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم الزهري، عن عروة، عن المسور بن مخرمة، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه فقال: ((إن الله بعثني رحمة للناس كافة فأدوا عني يرحمكم الله ولاتختلفوا كما اختلف الحواريون على عيسى فإنه دعاهم إلى مثل ماأدعوكم إليه فشكا عيسى بن مريم إلى الله فأصبحوا وكل رجلٍ منهم يتكلم بكلام القوم الذين وجه إليهم، فقال لهم عيسى: هذا أمر قد عزم الله لكم عليه فأمضوا وافعلوا)) ، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ونحن يارسول الله نؤدى عنك، فبعث عبد الله بن حذاقة إلى كسرى، وبعث سليط ابن عمرو إلى هوذة بن علي صاحب اليمامة، وبعث العلاء بن الحضرمي إلى المنذر ابن ساوي صاحب هجر، وبعث عمرو بن العاص إلى ملكي عمان، وبعث دحية إلى قيصر، وبعث شجاع بن وهب إلى المنذر بن الحارث بن أبي شمر الغساني، وبعث عمرو بن أمية إلى النجاشي، قال: فرجعوا كلهم قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عمرو ابن العاص فإنه توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالبحرين (1) .
(1) المعجم الكبير، 20/8.
9422 -
حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي، سمعت النعمان، عن الزهري، عن علي بن حسين، عن المسور بن مخرمة: أن علياً خطب ابنة أبي جهل فوعد بالنكاح فأتت فاطمة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت له: إن قومك يتحدثون أنك لاتغضب لبناتك وهذا على ناكحاً ابنة أبي جهل، قال المسور: فقام النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته حين تشهد ثم قال: ((أما بعد فإني أنكحت أبا العاص بن الربيع فحدثني فصدقني وإن فاطمة بنت محمد بضعة مني وأنا أكره أن يفتنوها وإنها والله لاتجمع ابنة رسول الله وابنة عدو الله عند رجل واحداً)) . أبداً قال: فترك عليُّ الخطبة (1) .
9423 -
حدثنا يعقوب -يعني ابن إبراهيم-، حدثنا أبين عن الوليد بن كثير، حدثني محمد بن عمرو، حدثني ابن حلحلة الدؤلي: أن ابن شهاب حدثه: أن علياً ابن الحسين حدثه: أنهم حين قدموا المدينة من عند يزيد بن معاوية مقتل حسين بن علي لقيه المسور بن مخرمة فقال: هل لك إليَّ من حاجة تأمرني بها. قال: فقلت له: لا. قال: هل أنت معطى سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني أخاف أن يغلبك القوم عليه، وأيم الله إن أعطيتنيه لأتخلص إليه أبداً حتى تبلغ نفسي، إن علي بن أبي طالب خطب ابنة أبي جهل على فاطمة فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس في ذلك على منبره هذا وأنا يومئذ محتلم فقال:((إن فاطمة بضعة مني وأنا أتخوف أن تفتن في دينها)) ، قال: ثم ذكر صهراً من بني عبد شمس فأثنى عليه في مصاهرته إياه فأحسن. قال: ((حدثني فصدقني ووعدني فوفى لي وإني لست أحرم حلالاً ولا
(1) المسند، 4/326 بهذا الإسناد مع اختلاف في اللفظ.