الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أجلها شهرا بعد الركوع ينتج معنا أن القنوت في غير النازلة - وليس ذلك إلا قنوت الوتر - إنما هو قبل الركوع، كما قال هو نفسه في الرواية السادسة والسابعة المتقدمتين عنه، ولا يمكن حمل القبلية في قوله هذا إلا على قنوت الوتر، كما لا يخفى على من تتبع مجموع روايات حديث أنس المتقدمة. والله أعلم. وقد يشهد للحديث ما أخرج ابن منده في التوحيد «ق 70/ 2»: أخبرنا أبو عثمان عمرو بن عبد الله البصري قال: حدثنا الفضل بن محمد بن المسيب قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن شيبة المدني الحزامي حدثنا ابن أبي فديك عن إسماعيل بن إبراهيم بن عنبة عن موسى بن عقبة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن الحسن بن علي بن أبي طالب قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقول إذا فرغت من قراءتي في الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت
…
الحديث وزاد في آخره: لا منجا منك إلا إليك. فإن قوله: أن أقول إذا فرغت من قراءتي في الوتر ظاهر قبل الركوع، لكن رواه الحاكم «3/ 172» وعنه البيهقي «3/ 38 - 39» من طريقين آخرين عن الفضل بن محمد بن المسيب الشعراني به بلفظ: إذا رفعت رأسي ولم يبق إلا السجود. فهذا خلاف الرواية الأولى. فالله أعلم.
[إرواء الغليل تحت حديث رقم (426)]
عدم تقييد قنوت الوتر بالنوازل
ولا يخصه بنازلة.
[أصل صفة الصلاة (3/ 969)]
عدم تخصيص قنوت الوتر بالنصف الأخير من رمضان
وكذلك كان لا يخصه بالنصف الأخير من رمضان. والحجة في ذلك: أن الأحاديث الواردة فيه مطلقة غير مقيدة - كما رأيت -، ومثلها حديث الحسن بن علي رضي الله عنه قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر:
«اللهم اهدني فيمن هديت
…
» الحديث.
وهو صحيح الإسناد - كما يأتي -، وهو مطلق أيضاً؛ ليس فيه شيء من القيود.
وقد اعتضدت هذه المُطْلَقات بأعمال الصحابة؛ فقد روى ابن نصر «131» عن عمر، وعلي، وابن مسعود القنوتَ في الوتر في السَّنَةِ كلها.
قال الترمذي: «وهو قول أهل العلم، وبه يقول سفيان الثوري، وابن المبارك، وإسحاق، وأهل الكوفة» .
واعلم أنه إنما قلنا: كان يقنت أحياناً؛ لأننا تتبعنا الأحاديث الواردة في إيتاره صلى الله عليه وسلم وهي كثيرة -؛ فوجدنا أكثرها لا تتعرض لذكر القنوت مطلقاً - كأحاديث عائشة، وابن عباس وغيرهما -، ومقتضى الجمع بينها وبين حديث أُبَيّ وما في معناه أن يقال: إنه كان يقنت أحياناً، ويدع أحياناً، إذ لو كان يقنت دائماً؛ لما خفي ذلك على أكثر الصحابة الذين رووا إيتاره صلى الله عليه وسلم، وذلك يدل على أن القنوت ليس بالأمر الحتم؛ بل هو سنة، وعليه جمهور العلماء من الصحابة، والتابعين، ومن بعدهم، وهو مذهب أبي يوسف، ومحمد؛ خلافاً لأستاذهما أبي حنيفة؛ فإنه قال بوجوبه.
وقد اعترف المحقق ابن الهمام في «فتح القدير» «1/ 306 و 359 و 360» بأن القول بوجوبه ضعيف لا ينهض عليه دليل، «وهذا من إنصافه وعدم تعصبه» . فراجع كلامه في ذلك؛ فإنه نفيس. ومثل هذا التصريح لا تكاد تجده في كتب علمائنا.
هذا، وكون قنوت الوتر قبل الركوع هو مذهب الحنفية، وهو الحق الذي لا ريب فيه؛ إذ لم يصح عنه صلى الله عليه وسلم خلافه، وهو المروي عن عمر بن الخطاب، وابن مسعود في «قيام الليل» «133» .
ورواه الطبراني عن ابن مسعود بسند حسن - كما في «المجمع» «2/ 137» -، وهو في «مصنف ابن أبي شيبة» [2/ 97/6910] بلفظ: عن علقمة: أن ابن مسعود وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقنتون في الوتر قبل الركوع. وسنده حسن أيضاً - كما قال الحافظ في «الدراية» «115» -.