المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأول: الإخلاص - احتساب الشيخ محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله)

[مرفت بنت كامل بن عبد الله أسرة]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌‌‌الفصل التمهيدي: مجتمع الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه اللهوحياته

- ‌الفصل التمهيدي: مجتمع الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

- ‌المطلب الأول: الأحوال السياسية

- ‌المطلب الثاني: الأحوال الدينية:

- ‌المطلب الثالث: الأحوال الاجتماعية:

- ‌المطلب الرابع: الأحوال العلمية:

- ‌المبحث الثاني: ترجمة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

- ‌المطلب الأول: مولده ونسبه ونشأته:

- ‌الفرع الأول: مولده رحمه الله:

- ‌الفرع الثاني: نسبه رحمه الله:

- ‌الفرع الثالث: نشأته رحمه الله:

- ‌المطلب الثاني: رحلته لطلب العلم وشيوخه رحمه الله:

- ‌بين يدي الرحلة:

- ‌الفرع الأول: الرحلة الاولى:

- ‌الفرع الثاني: الرحلة الثانية:

- ‌الفرع الثالث: شيوخه رحمه الله:

- ‌المطلب الثالث: تلاميذه ومؤلفاته وثناء العلماء عليه رحمه الله:

- ‌الفرع الأول: تلاميذه رحمه الله:

- ‌الفرع الثاني: مؤلفاته رحمه الله:

- ‌الفرع الثالث: ثناء العلماء عليه رحمه الله:

- ‌المطلب الرابع: وفاته ومرثياته رحمه الله:

- ‌الفرع الأول: وفاته رحمه الله:

- ‌الفرع الثاني: مرثياته رحمه الله:

- ‌الفصل الأول: الحسبة في فكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

- ‌المبحث الأول: صفات المحتسب عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

- ‌المطلب الأول: الإخلاص

- ‌المطلب الثاني: العلم والعمل:

- ‌المطلب الثالث: الحكمة:

- ‌المطلب الرابع: الأناة والتثبت:

- ‌المطلب الخامس: الرفق:

- ‌المطلب السادس: الصبر

- ‌المبحث الثاني: شروط الاحتساب عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

- ‌المطلب الأول: أن يكون المنكر ظاهرا

- ‌المطلب الثاني: ألا يؤدي إنكار المنكر إلى منكر أكبر منه:

- ‌المطلب الثالث: ألا يكون الإنكار في مسائل الاجتهاد

- ‌المبحث الثالث: درجات الاحتساب عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

- ‌المطلب الأول: التغيير باليد

- ‌المطلب الثاني: الإنكار باللسان:

- ‌المطلب الثالث: الإنكار بالقلب:

-

- ‌الفصل الثاني: الحسبة العملية للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

- ‌المبحث الأول: احتسابه في جوانب العقيدة

- ‌المطلب الأول: احتسابه في توحيد الألوهية:

- ‌الفرع الأول: فحوى توحيد الألوهية:

- ‌الفرع الثاني: معنى كلمة لا إله إلا الله:

- ‌الفرع الثالث: مقتضى لا إله إلا الله:

- ‌الفرع الرابع: نواقض لا إله إلا الله:

- ‌الفرع الخامس: تكفير المناقضين لكلمة لا إله الله:

- ‌المطلب الثاني: احتسابه في توحيد الأسماء والصفات:

- ‌المطلب الثالث: احتسابه في توحيد الربوبية:

-

- ‌المطلب الرابع: احتسابه بإزالة الأوثان:

- ‌الفرع الأول: قطع الأشجار المعظمة المتبرك بها:

- ‌الفرع الثاني: هدم القباب المبنية على قبور المعظمين:

-

- ‌الملطلب الخامس: احتسابه على أهل البدع:

- ‌الفرع الأول: بدعة بناء القباب على القبور:

- ‌الفرع الثاني: بدعة الاحتفال بالمولد النبوي:

- ‌الفرع الثالث: بدعة التصوف:

- ‌المطلب السادس: احتسابه على الموالاة والمعاداة:

- ‌المطلب السابع: احتسابه على السحر والتنجيم والكهانة:

- ‌الفرع الأول: السحر:

- ‌الفرع الثاني: التنجيم:

- ‌الفرع الثالث: الكهانة ونحوها:

- ‌المطلب الثامن: احتسابه على التمائم والرقى:

- ‌الفرع الأول: التمائم:

- ‌الفرع الثاني: الرُّقى:

- ‌المبحث الثاني: احتسابه في العبادات:

- ‌المبحث الثالث: احتسابه في المعاملات

- ‌المطلب الأول: احتسابه على الوقف على الأولاد:

- ‌المطلب الثاني: احتسابه على بعض صور الربا:

- ‌المطلب الثالث: احتسابه على الرشوة:

- ‌المطلب الرابع: احتسابه على العشور والمكوس:

- ‌المبحث الرابع: احتسابه في الحدود

- ‌المطلب الأول: احتسابه برجم المرأة الزانية:

- ‌المطلب الثاني: احتسابه بقتال المخالفين للعقيدة الصحيحة:

- ‌المبحث الخامس: احتسابه في الآداب والسلوك

- ‌المطلب الأول: احتسابه في التأدب مع آل البيت:

- ‌المطلب الثاني: احتسابه على الغناء:

- ‌مدخل

- ‌الفرع الأول: احتسابه على الغناء المصاحب للمعازف:

- ‌الفرع الثاني: احتسابه على الغناء المجرد عن المعازف:

- ‌الخاتمة

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌المطلب الأول: الإخلاص

‌الفصل الأول: الحسبة في فكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

‌المبحث الأول: صفات المحتسب عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

‌المطلب الأول: الإخلاص

.

الفصل الأول: الحسبة في فكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

ويشتمل هذا الفصل على ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: صفات المحتسب عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وفيه ستة مطالب:

المطلب الأول: الإخلاص.

المطلب الثاني: العلم والعمل.

المطلب الثالث: الحكمة.

المطلب الرابع: الأناة والتثبت.

المطلب الخامس: الرفق.

المطلب السادس: الصبر.

المبحث الثاني: شروط الاحتساب عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: أن يكون المنكر ظاهرا.

المطلب الثاني: ألا يؤدي إنكار المنكر إلى منكر أكبر منه.

ص: 131

المطلب الثالث: ألا يكون الإنكار في مسائل الاجتهاد.

المبحث الثالث: درجات الاحتساب عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: التغيير باليد.

المطلب الثاني: الإنكار باللسان.

المطلب الثالث: الإنكار بالقلب.

ص: 132

المبحث الأول: صفات المحتسب عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:

المطلب الأول: الإخلاص:

قبيل أن يباشر المحتسب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا بد له أن يتزود، فالمسير طويل

وخير ما يتزود به في رحلته..الإخلاص.

والإخلاص في اللغة: من خلص الشيء بالفتح وأخلص الشيء اختاره وأخلص لله دينه: أمحضه1 وكل شيء يتصور أن يشوبه غيره، فإذا صفا عن شوبه وخلص سمي خالصا أو يسمى الفعل المصفى إخلاصا2.

أما في الاصطلاح فهو: تجريد قصد القرب إلى الله تعالى عن جميع الشوائب3 وتصفية العمل عن شوائب الكدر4 وعن ملاحظة المخلوقين5 فالإخلاص من عمل القلب6 الذي يراد به وجه الله تعالى لا غيره7 بأن يأتي

1-لسان العرب: 2/1227 مادة: خلص.

2-

تهذيب موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين ص 452 لأبي حامد الغزالي تألأيف: محمد جمال الدين القاسمي، راجعه وحقق أحاديثه طائفة من الجامعين- ن دار ابن القيم- الدمام.

3-

المرجع السابق الموضع نفسه.

4-

دليل الفالحين شرح رياض الصالحين 1/38 محمد بن علان – ن إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد –ط/3-الرياض.

5-

انظر شرح رياض الصالحين 1/38 للإمام النووي، شرحه وحققه الدكتور الحسيني عبد المجيد هاشم –ن دار الكتب الحديثية- مصر- ط/الكيلاني.

6-

انظر فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير 5/476 للإمام الشوكاني- ن دار الفكر.

7-

نزهة المتقين شرح رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين1/18 تأليف: مصطفى سعيد الخن، الدكتور مصطفى البغا محي الدين مستو، على الشربجي، محمد أمين لطفي –ن مؤسسة الرسالة- بيروت ط/1"1397هـ-1977م".

ص: 133

بالعمل خالصا له تعالى لا يشرك له سواه1.

فإذا افترضنا أن العمل الصالح كالجسد، فإن الإخلاص هو روح ذلك الجسد، ولا قيمة للجسد في الحياة إذا فاضت روحه! وهكذا فإن الأعمال التي يستعظمها الناس لا وزن لها عند الله عز وجل إذا فقدت هذه الروح2.

قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} 3.

ففي الآية الكريمة دلالة على اشتراط الإخلاص في العمل الصالح والله أعلم.

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية:

"وهو- أي العمل الصالح- الذي يراد به وجه الله وحده لا شريك له، وهذان ركنا العمل المتقبل لا بد أن يكون خالصا لله صوابا على شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم"4اهـ.

فإذا اختل واحد من هذين الشرطين لم يكن العمل صالحا ولا مقبولا5 وإنما يكون جاعلا له شركا بعبادته إذا رأى بعمله الذي ظاهره أنه لله وهو

1-انظر تفسير المراغي 30/212 تألأيف الأستاذ: أحمد المراغي- ن شركة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر ط/5"1394هـ-1974م".

2-

انظر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ص 356: السيد جلال الدين العمري- ن دار القرآن الكريم- ط/ 1-الاتحاد الإسلامي العالمي للمنظمات الطلابية " 1404هـ-1984م".

3-

سورة الكهف آية 110.

4-

تفسير القرآن العظيم 5/200 للحافظ ابن كثير، تحقيق عبد العزيز غنيم- محمد أحمد عاشور- محمد إبراهيم البنا- ط/ بدون – ن دار الشعب القاهرة.

5-

الإخلاص ص 10: حسين عبيد العوايشة- ن المكتبة الإسلامية- عمان ودار ابن حزم- بيروت – ط/7 "1413هـ-1992م".

ص: 134

مريده به غيره1.

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما الاعمال بالنيات وإنما لكل امرئٍ مانوى فمن كان هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه" 2.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه"3.

فقد دل الحديث الشريف على أن عمل المرائي باطل لا ثواب فيه ويأثم به4 وكذا من يسمع بأعماله.

والفرق بين الرياء والسمعة أنَّ الرياء هو العمل لرؤية الناس، والسمعة العمل لأجل سماعهم، فالرياء يتعلق بحاسة البصر، والسمعة بحاسة السمع5.

وأخرج ابن أبي الدنيا عن عمر بن عبد العزيز- رحمهما الله- قال: " يا معشر المستترين اعلموا أنَّ عند الله مسألة فاضحة، قال تعالى:{فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} 6 7.

1-جامع البيان في تفسير القرآن 16/32 تأليف الإمام: أبي جعفر محمد بن جرير الطبري رحمه الله ن: دار المعرفة- بيروت لبنان- ط/ الرابعة " 1400هـ-1980م" المطبعة الكبرى الأميرية- مصر.

2-

أخرجه البخاري وهو أول حديث في صحيحه 1/2.

3-

أخرجه مسلم في صحيحه ك: الزهد والرقائق ب: من أشرك في عمله غير الله ح: 46-4/2289.

4-

صحيح مسلم بشرح النووي ك: الزهد ب: تحريم الرياء 8/116 بتصرف.

5-

مقاصد المكلفين فيما يتعبد به لرب العالمين أو: النيات في العبادات ص 437 للدكتور عمر الأشقر ص 437 – ن مكتبة الفلاح- الكويت ط/1"1401هـ-1981م".

6-

سورة الحجر الآيتان 92-93.

7-

الإخلاص والنية ص 55 تصنيف ابن أبي الدنيا الحافظ أبي بكر عبد الله بن محمد القرشي، حققه وعلق عليه إياد خالد الطباع- ن دار البشائر دمشق ط/1.

ص: 135

وعن عبد الله الجزري1 رحمه الله قال: كانت العلماء إذا التقوا تواصوا بهذه الكلمات وإذا غابوا كتب بعضهم إلى بعض أنه: من أصلح سريرته أصلح الله علانيته، ومن أصلح ما بينه وبين الله كفاه الله ما بينه وما بين الناس ومن اهتم بأمر آخرته كفاه الله أمر دنياه2.

قيل لبعض الحكماء: من المخلص؟ قال: المخلص الذي يكتم حسناته كما يكتم سيئاته، وقيل لبعضهم: ماغاية الإخلاص؟ قال: ألا تحب محمدة الناس3.

وعن هذه القاعدة العظيمة يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ضمن حديثه عن فوائد قصة آدم وإبليس:

" ومنها4 الشهادة للقاعدة المعروفة في الشريعة أن كل عمل لا يقصد به وجه الله فهو باطل"5.

وأضاف رحمه الله قائلا: ومنها معرفة قدر الإخلاص عند الله وحماية لأهله لقول اللعين6: {إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} 7 فعرف عدو الله أنه لا

1-هو: عبد الله بن محمد بن إسحاق الجزري، أبو عبد الرحمن الأذرمي بفتح الهمزة وسكون المعجمة وفتح الراء الموصلي، ثقة، من العاشرة: تقريب التهذيب 1/446 ت: "590" للحافظ ابن حجر حققه وعلق حواشيه عبد الوهاب عبد اللطيف- ن دار المعرفة- بيروت- لبنان- ط/2"1395هـ-1975م".

2-

الإخلاص والنية ص 54.

3-

تنبيه الغافلين ص 218 تأليف الفقيه الزاهد نصر بن محمد بن إبراهيم السمرقندي، تحقيق عبد العزيز محمد الوكيل- ن دار الشرق جدة 1/21 ط/1-1400هـ-1980م.

4-

أي من فوائد هذه القصة.

5-

مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب- القسم الرابع- التفسير ص 93.

6-

يقصد قوله تعالى على لسان إبليس اللعين.

7-

سورة الحجر آية 40- وسورة ص آية 83.

ص: 136

سبيل له على أهل الإخلاص"1.

كما قال في رسالته التي أرسلها هو والإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود2 سنة "1184هـ" إلى والي مكة الشريف أحمد بن سعيد3 والتي كان مضمونها إرسال طالب علم من طرف الإمام محمد بن عبد الوهاب هو الشيخ عبد العزيز الحصين4 لوالي مكة لمناظرة بعض علمائها أمام الوالي مؤكدا على قضية الإخلاص قبل المناظرة: "

والواجب على الكل منّا ومنكم أن يقصد بعلمه وجه الله"5.

ويتأكد وجوب الإخلاص في حال كون العمل بارزا ظاهرا يراه الناس ويشاهدونه6.

كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لذلك يجب على المحتسب أن يقصد بقوله وفعله وجه الله تعالى وطلب مرضاته، خالص النية لا يشوبه في طويته

1-مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب –القسم الرابع- التفسير ص 93.

2-

تقدمت ترجمته ص "117"هـ"5".

3-

هو: أحمد بن سعيد بن سعد بن زيد بن محسن شريف حسني من أمراء مكة وليها بعد وفاة أخيه مساعد سنة "184هـ"، توفي سنة "1195هـ-1781م" بجدة "الأعلام 1/131 باختصار".

4-

هو: عبد العزيز بن عبد الله بن محمد الحصين الناصري التميمي النجدي الحنبلي، فقيه من أهل الوقف " من قرى الوشم" ولد سنة "1154هـ-1741م" ولي القضاء في الوشم وأرسله الأمير عبد العزيز بن محمد "سنة 1185هـ" إلى والي مكة لمناظرة علمائها وعاد موفقا. أرسله ثانية سنة "1204هـ" ولم يقابله علماؤها، توفي بناحية الوشم سنة " 1237هـ-1822م""المرجع السابق 4/22 بتصرف".

5-

مؤلفات الشيخ محمد عبد الوهاب –القسم الخامس- الرسائل الشخصية- الرسالة الثامنة والأربعون ص 312، والدرر السنية في الأجوبة النجدية 1/42.

6-

انظر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصول وضوابطه وآدابه ص 55: خالد بن عثمان السبت- ن المنتدى الإسلامي- لندن- ط/ "1415هـ-1995م".

ص: 137

رياء ولا سمعة، ويجتنب في رياسته منافسة الخلق، ومفاخرة أبناء الجنس1، وعليه أن يتجرد من حظوظ النفس الأمارة بالسوء من طلب الشهرة وطلب المنزلة في قلوب العامة أو الطمع في تحصيل وظيفة دنيوية، أو شيء من حطام الدنيا الفانيسة أو أن يظهر فضله في دينه أو علمه أو عمله أو عقله على من يأمره وينهاه، ونحو ذلك مما يزينه الشيطان ويكيد به الإنسان ليبطل عمله ويفسد سعيه2 لينشر الله تعالى عليه رداء القبول علم التوفيق، ويقذف له في القلوب مهابة وجلالا ومبادرة إلى قبول قوله بالسمع والطاعة3.

وقد نبه الإمام محمد بن عبد الوهاب على أهمية الإخلاص فقال رحمه الله في المسألة الثانية من مسائل باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله:

"التنبيه على الإخلاص: لأن كثيرا لو دعا إلى الحق فهو يدعو إلى نفسه"4.

وأبرز ما يدل على يده5 فإن الآمر بالمعروف إذا لم يفطن لهذا الجانب فإنه على خطر عظيم لأن الشيطان حريص على أن يفسد عليه عمله6.

1-انظر: نهاية الرتبة في طلب الحسبة ص 7.

2-

انظر تذكرة أولي الغير بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ص 27: الشيخ عبد الله بن صالح القصير- ن دار العاصمة –ط/1- ذو القعدة 1411هـ.

3-

نهاية الرتبة في طلب الحسبة ص 7.

4-

مؤلفات الإمام محمد بن عبد الوهاب –القسم الأول- العقيدة والآداب الإسلامية كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد ص 21.

5-

انظر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ص28: عبد المعز عبد الستار حكيم- ن المكتب الإسلامي- ط/2"1402هـ-1982م"، وحول هذا الموضوع كلام نفيس للإمام ابن القيم رحمه الله فليراجع في كتابه الفوائد ص 195- ندار النفائس- بيروت- ط/1"1399هـ-1979".

6-

انظر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأثرهما في حفظ الأمة 1/259: تأليف الدكتور عبد العزيز بن أحمد المسعود –ط/2"1415هـ-1994م" طبعة خاصة بالمؤلف طبع بعناية مكتبة التوعية الإسلامية.

ص: 138

ولخطورة القضية نجد الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله يحتسب على من يقدح في نية من ظهرت منه غيرة على دين الله عز وجل فقام بالإنكار على المنافقين ضمن رسالته التي أرسلها إلى عبد الله بن سويلم1 الذي غضب على ابن عمه أحمد حين اشتد على المنافقين وإليك بعضا منها:

" بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبد الوهاب إلى عبد الله بن سويلم سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: فقد ذكر لي ابن زيدان2 أنك يا عبد الله زعل3 على أحمد بعض الزعل لما تكلم في بعض المنافقين، ولا يخفاك أن بعض الأمور كما قال تعالى: {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} 4 وذلك أنى لا أعرف شيئا يتقرب به إلى الله أفضل من لزوم طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حال الغربة، فإن انضاف إلى ذلك الجهاد عليها للكفار والمنافقين كان ذلك تمام الإيمان، فإن أراد أحد من المؤمنين أن يجاهد فأتاه بعض إخوانه فذكر له أن أمرك للدنيا5 أخاف أن يكون هذا من جنس الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات6 فأنتم تأملوا تفسير الآية ثم نزلوه على هذه الواقعة"7.

كما بين رحمه الله الأسلوب الأمثل في الاحتساب على من يخشى عليه

1-لم أجد له ترجمة.

2-

لم أجد له ترجمة.

3-

كلمة عامية أريد بها في هذا الموضع معنى: الضيق والضجر.

4-

جزء من الآية 15 من سورة النور.

5-

وهنا موضع الشاهد.

6-

يريد قوله تعالى: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} . سورة التوبة آية 79.

7-

الرسائل الشخصية –الرسالة الثانية والأربعون ص 288، والدرر السنية في الأجوبة النجدية7/3.

ص: 139

الإخلال بالإخلاص ضمن الرسالة نفسها فقال:

"فإذا خاف أحد منكم من بعض إخوانه قصدا سيئا فلينصحه برفق وإخلاص لدين الله وترك والقصد الفاسد ولا يفل عزمه عن الجهاد ولا يتكلم فيه بالظن السيء وينسبه إلى ما لا يليق"1.

وهذا الاحتساب منه رحمه الله له ثمرته اليانعة في الدعوة، لأن اتهام الإنسان المقبل بحماس على الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في نيته قد يصيب همته بشيء من التراخي والفتور، وربما أدى به الحال إلى الإحباط وهذا جل ما يتمناه الشيطان أعاذنا الله منه.

كما أن النوايا أسرار خفية لا يعلمها إلا الله عز وجل، والشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب بكلامه السابق يضع ضابطا جوهريا في قضية الحكم على الآخرين، وهو عدم الحكم على نوايا والسرائر بأي حال من الأحوال لأن علمها عند الله عز وجل.

1-الرسائل الشخصية- الرسالة الثانية والأربعون ص 289، والدرر السنية في الأجوبة النجدية 7/3.

ص: 140