المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثالث: الإنكار بالقلب: - احتساب الشيخ محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله)

[مرفت بنت كامل بن عبد الله أسرة]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌‌‌الفصل التمهيدي: مجتمع الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه اللهوحياته

- ‌الفصل التمهيدي: مجتمع الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

- ‌المطلب الأول: الأحوال السياسية

- ‌المطلب الثاني: الأحوال الدينية:

- ‌المطلب الثالث: الأحوال الاجتماعية:

- ‌المطلب الرابع: الأحوال العلمية:

- ‌المبحث الثاني: ترجمة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

- ‌المطلب الأول: مولده ونسبه ونشأته:

- ‌الفرع الأول: مولده رحمه الله:

- ‌الفرع الثاني: نسبه رحمه الله:

- ‌الفرع الثالث: نشأته رحمه الله:

- ‌المطلب الثاني: رحلته لطلب العلم وشيوخه رحمه الله:

- ‌بين يدي الرحلة:

- ‌الفرع الأول: الرحلة الاولى:

- ‌الفرع الثاني: الرحلة الثانية:

- ‌الفرع الثالث: شيوخه رحمه الله:

- ‌المطلب الثالث: تلاميذه ومؤلفاته وثناء العلماء عليه رحمه الله:

- ‌الفرع الأول: تلاميذه رحمه الله:

- ‌الفرع الثاني: مؤلفاته رحمه الله:

- ‌الفرع الثالث: ثناء العلماء عليه رحمه الله:

- ‌المطلب الرابع: وفاته ومرثياته رحمه الله:

- ‌الفرع الأول: وفاته رحمه الله:

- ‌الفرع الثاني: مرثياته رحمه الله:

- ‌الفصل الأول: الحسبة في فكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

- ‌المبحث الأول: صفات المحتسب عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

- ‌المطلب الأول: الإخلاص

- ‌المطلب الثاني: العلم والعمل:

- ‌المطلب الثالث: الحكمة:

- ‌المطلب الرابع: الأناة والتثبت:

- ‌المطلب الخامس: الرفق:

- ‌المطلب السادس: الصبر

- ‌المبحث الثاني: شروط الاحتساب عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

- ‌المطلب الأول: أن يكون المنكر ظاهرا

- ‌المطلب الثاني: ألا يؤدي إنكار المنكر إلى منكر أكبر منه:

- ‌المطلب الثالث: ألا يكون الإنكار في مسائل الاجتهاد

- ‌المبحث الثالث: درجات الاحتساب عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

- ‌المطلب الأول: التغيير باليد

- ‌المطلب الثاني: الإنكار باللسان:

- ‌المطلب الثالث: الإنكار بالقلب:

-

- ‌الفصل الثاني: الحسبة العملية للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

- ‌المبحث الأول: احتسابه في جوانب العقيدة

- ‌المطلب الأول: احتسابه في توحيد الألوهية:

- ‌الفرع الأول: فحوى توحيد الألوهية:

- ‌الفرع الثاني: معنى كلمة لا إله إلا الله:

- ‌الفرع الثالث: مقتضى لا إله إلا الله:

- ‌الفرع الرابع: نواقض لا إله إلا الله:

- ‌الفرع الخامس: تكفير المناقضين لكلمة لا إله الله:

- ‌المطلب الثاني: احتسابه في توحيد الأسماء والصفات:

- ‌المطلب الثالث: احتسابه في توحيد الربوبية:

-

- ‌المطلب الرابع: احتسابه بإزالة الأوثان:

- ‌الفرع الأول: قطع الأشجار المعظمة المتبرك بها:

- ‌الفرع الثاني: هدم القباب المبنية على قبور المعظمين:

-

- ‌الملطلب الخامس: احتسابه على أهل البدع:

- ‌الفرع الأول: بدعة بناء القباب على القبور:

- ‌الفرع الثاني: بدعة الاحتفال بالمولد النبوي:

- ‌الفرع الثالث: بدعة التصوف:

- ‌المطلب السادس: احتسابه على الموالاة والمعاداة:

- ‌المطلب السابع: احتسابه على السحر والتنجيم والكهانة:

- ‌الفرع الأول: السحر:

- ‌الفرع الثاني: التنجيم:

- ‌الفرع الثالث: الكهانة ونحوها:

- ‌المطلب الثامن: احتسابه على التمائم والرقى:

- ‌الفرع الأول: التمائم:

- ‌الفرع الثاني: الرُّقى:

- ‌المبحث الثاني: احتسابه في العبادات:

- ‌المبحث الثالث: احتسابه في المعاملات

- ‌المطلب الأول: احتسابه على الوقف على الأولاد:

- ‌المطلب الثاني: احتسابه على بعض صور الربا:

- ‌المطلب الثالث: احتسابه على الرشوة:

- ‌المطلب الرابع: احتسابه على العشور والمكوس:

- ‌المبحث الرابع: احتسابه في الحدود

- ‌المطلب الأول: احتسابه برجم المرأة الزانية:

- ‌المطلب الثاني: احتسابه بقتال المخالفين للعقيدة الصحيحة:

- ‌المبحث الخامس: احتسابه في الآداب والسلوك

- ‌المطلب الأول: احتسابه في التأدب مع آل البيت:

- ‌المطلب الثاني: احتسابه على الغناء:

- ‌مدخل

- ‌الفرع الأول: احتسابه على الغناء المصاحب للمعازف:

- ‌الفرع الثاني: احتسابه على الغناء المجرد عن المعازف:

- ‌الخاتمة

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌المطلب الثالث: الإنكار بالقلب:

‌المطلب الثالث: الإنكار بالقلب:

لقد أشار الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله إلي هذه الدرجة النهائية من الإنكار في رسالته لسويدي1 قائلا فيها:

"وأنا أرجوا أن يكرمك الله بنصر دينه ونبيه وذلك بمقتضى الاستطاعة ولو بالقلب والدعاء وقد قال صلى الله عليه وسلم: "إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم" 2 3.

قال الإمام ابن حزم رحمه الله: "واتفقوا في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقلوب"4ا. هـ.

لقوله صلى الله عليه وسلم: "

فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" 5.

فالحديث الشريف يدل أنه إن لم يستطع الإنكار بلسانه لوجود مانع كخوف فتنة أو خوف على نفس أو عضو أو مال محترم أو شهر سلاح، فبقلبه ينكره وجوبا بأن يكرهه به ويعزم أنه لو قدر بقول أو فعل فعل، وهذا واجب عينيا على كل أحد بخلاف الذي قبله، فأفاد الخبر وجوب تغيير المنكر بكل

1-هو: عبد الله بن الحسين بن مرعي بن ناصر الدين البغدادي، أبو البركات السويدي الفقيه، المتأدب، من أعيان العراق، وهو أول من عرف بالسويدي من هذا البيت، ولد في كرخ بغداد سنة " 1104هـ-1693م"وتوفي في بغداد سنة "1174هـ-1761م""الأعلام 4/80باختصار".

2-

جزء من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "دعوني ما تركتكم إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا نهيتكم عن شيء فاجتبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" أخرجه البخاري في صحيحه ك: الاعتصام بالكتاب والسنة ب: الإقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم

،9/117.

3-

الرسائل الشخصية- الرسالة الخامسة ص 37- والدرر السنية في الأجوبة النجدية 1/55.

4-

مراتب الإجماع في العبادات والمعاملات والاعتقادات ص 176 لابن حزم ويليه نقد مراتب الإجماع لابن تيمية-ن دار الكتب لعلمية- بيروت "و" دار الباز- مكة – ط/بدون.

5-

تقدم بتمامه راجع ص "9" هـ"3".

ص: 222

طريق ممكن فلا يكفي الوعظ لمن يمكنه إزالته بيده، ولا القلب لمن يمكنه باللسان1، والإنكار بالقلب وهو الكراهية2 أضعف أعمال الإيمان المتعلقة بإنكار المنكر في ذاته لا بالنظر إلى غير المستطيع فإنه بالنظر إليه هو تمام الوسع والطاقة وليس عليه غيره3 فلا يكتفي به إلا من لا يستطيع غيره4.

وفي توضيح معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "ليس وراء ذلك مثقال حبة خردل من إيمان" 5 يقول شييخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " مراده أنه لم يبق بعد هذا الإنكار ما يدخل في الإيمان، حتى يفعله المؤمن بل الإنكار بالقلب آخر حدود الإيمان ليس مراده أن من لم ينكر ذلك، لم يكن معه من الإيمان حبة خردل، ولهذا قال: " ليس وراء ذلك" فجعل المؤمنين ثلاث طبقات، وكل منهم فعل الإيمان الذي يجب عليه، لكن الأول لما كان أقدرهم كان الذي يجب عليه أكمل مما يجب على الثاني، وكان ما يجب على الثاني أكمل مما يجب على الآخر، وعلم بذلك أن الناس يتفاضلون في الإيمان الواجب عليهم بحسب استطاعتهم مع بلوغ الخطاب إليهم كلهم"6 اهـ.

وهنا نكتة حول معنى الحديث ينبغي التفطن لها:

1-فيض القدير شرح الجامع الصغير6/131 بتصرف يسير.

2-

تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي 6/393.

3-

التعليقات السلفية ص 266 لصاحب الفضيلة الأسبتاذ محمد عطاء الله الفوجياني على سنن النسائي للإمام الحافظ أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي – ن، ط المكتبة السلفية- لاهور- باكستان.

4-

بذل المجهود في حل أبي داود 6/171.

5-

سبق تخريجه ص "183" هـ"5".

6-

الإيمان ص 409- ن المكتب الإسلامي- ط/3"1401هـ".

ص: 223

كثير من الناس قد يظن أن الحديث في آخره يعني السلبية إذا ترك كل مسلم المجتمع دون أن يعني بالإصلاح لما فسد به، ولكن ذلك مردود بأن السلبية تعني عدم الاهتمام أصلا بما يجري في المجتمع المسلم، بينما الاستنكار أو الإنكار على ما ظهر من فساد هو أول درجات هذا الاهتمام1 لكن هذا الاهتمام خاضع لمعيار القدرة ويتناسب معه تناسبا طرديا، فكلما زاد معيار القدرة زاد اهتمام المحتسب واشتد في إنكاره، والعكس بالعكس.

يقول الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله عن درجات الإنكار: هو باليد مع القدرة، وباللسان عند عدم المكنة، وبالقلب عند خوف الفتنة والعجز عن القيام بالفريضة وهو أضعفها2.

وسأل إسحاق بن إبراهيم بن هانئ3 الإمام أحمد بن حنبل رحمهما الله: متى يجب على الرجل الأمر والنهي؟ قال: ليس هذا زمان النهي، إذا غيرت بلسانك، فإن لم تستطع فبقلبك، فهو أضعف الإيمان4.

قال ابن مسعود رضي الله عنه: إنها ستكون هنات وهنات5 بحسب امرئ إذا رأى

1-أصول المجتمع الإسلامي ص 203: دكتور جمال الدين محمد محمود- ن الكتاب المصري- القاهرة- دار الكتاب اللبناني- بيروت- ط /1" 1413هـ-1992م" بتصرف.

2-

طبقات الحنابلة 2/279.

3-

هو: إسحاق بن إبراهيم بن هانئ النيسابوري، أبو يعقوب، ولد أول يوم من شهر رمضان سنة ثمان عشرة ومائتين وخدم الإمام أحمد بن حنبل وهو ابن تسعين سنة، نقل عنه مسائل كثيرة ومات ببغداد سنة خمسين وسبعين ومائتين " طبقات الحنابلة 1/108 ت: 121 باختصار".

4-

مسائل الإمام أحمد بن حنبل 2/175 رواية إسحاق بن إبراهيم بن هانئ النيسابوري، تحقيق زهير الشاويش –ن المكتب الإسلامي- بيروت- دمشق- ط/"1400هـ- بيروت".

5-

هنات: جمع هنة وهي: الخصلة من الشر ولا تقال في الخير- جامع الأصول في أحاديث الرسول 10/31.

ص: 224

أمرا لا يستطيع له تغييرا أن يعلم الله أن قلبه له كاره1.

وعن أبي الطفيل رحمه الله قال: قيل لحذيفة رضي الله عنه ما ميت الأحياء؟ قال: من لم يعرف المعروف بقلبه وينكر المنكر بقلبه2.

وبكراهية القلب للمنكر تبرأ ذمة المحتسب إن لم يستطع الإنكار باليد أو اللسان.

عن العرس بن عميرة الكندي رضي الله عنه 3 عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها وقال مرة" أنكرها" كان كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها"4.

قال الشيخ أبو الطيب آبادي رحمه الله في معنى قوله: " كمن غاب عنها"" أي في عدم لحوق الإثم له، وهذا في من يعجز عن إزالتها بيده ولسانه، والأفضل أن يضيف إلى القلب اللسان فيقول: اللهم هذا منكر لا أرتضيه قاله العزيزي"5اهـ.

وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله: " فمن شهد الخطيئة فكرهها في قلبه كان كمن لم يشهدها إذا عجز عن إنكارها بلسانه ويده، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها وقدر على إنكارها ولم ينكرها، لأن الرضا بالخطايا من

1-المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية 3/211 للحافظ ابن حجر- تحقيق الأستاذ المحدث حبيب الرحمن الأعظمي—ن التراث الإسلامي- إدارة الشؤون الإسلامية بوزارة الاوقاف والشؤون الإسلامية في دولة الكويت- ط / طباعة المطبعة العصرية الكويت 1393هـ-1973م.

2-

أخرجه ابن أبي في الكتاب المصنف في الاحاديث والآثار ك: الفتن ب: ما ذكر في فتنة الدجال ح: 19423،15/172- ن الدار السلفية- الهند- ط/1"1402هـ-1982م".

3-

هو: العرس بن عميرة الكندي، صحابي " الكاشف في معرفة من له رواية الكتب الستة 2/17 ت:3767".

4-

أخرجه أبو داود في سننه- ك: الملاحم- ب: الأمر والنهي ح: 4345، 4/515 وحسنه الألباني في تخريج المشكاة 3/25- ح: 5141، صحيح سنن أبي داود 3/820- ح:3651.

5-

عون المعبود شرح سنن أبي داود 11/501 للعلامة أبي الطيب محمد العظيم آبادي مع شرح الحافظ ابن القيم الجوزية، تحقيق عبد الرحمن محمد عثمان- ن دار الفكر- بيروت- المكتبة السلفية- ط/3"1399هـ-1979م".

ص: 225

أقبح المحرمات ويفوت به إنكار الخطيئة بالقلب، وهو فرض على كل مسلم، لا يسقط عن أحد في حال من الأحوال"1اهـ.

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: ما حقيقة الإنكار بالقلب؟ فإن البعض يظن مخطئا أنه ما دام كارها للمنكر فلا بأس عليه بمخالطة فاعله والجلوس معه حال مواقعته للمنكر، أو البقاء في مكان فيه منكر2 مبررا ذلك الفعل بكراهية قلبه لذلك المنكر، وهذا الفعل مخالف لصريح الكتاب والسنة.

قال تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً} 3.

قال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسير هذه الآية: "

فدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر، لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم والرضا بالكفر كفر"4.

وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله: لأنكم رضيتم بكفرهم واستهزائهم، والراضي بالمعصية كالفاعل لها، والحاصل أن من حضر مجلسا، يعصى الله به فإنه يتعين عليه الإنكار عليهم، مع قدرة ، أو القيام مع عدمها"5اهـ.

1-جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جامع الكلم 2/259- ن دارابن الجوزي- ط/1"1415هـ-1995م".

2-

انظر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصوله وضوابطه وآدابه ص 335.

3-

سورة النساء آية 140.

4-

الجامع لأحكام القرآن5/418- ط/دار الكتب المصرية- القاهرة "1356هـ-1937م"

5-

المجموعة الكاملة لمؤلفات الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان 2/199- ن مركز صالح بن صالح الثقافي بعنيزة "1407هـ-1989م"- ن دار المعرفة- بيروت لبنان ط/4"1400هـ" – المطبعة الكبرى الأميرية 0 مصر.

ص: 226

وحديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته الحمام، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام بغير إزار، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر"1.

فدل على تحريم الجلوس في مكان المنكر بدون إنكار له، وأن من علامات الإنكار بالقلب المتضمن لأقل درجات الإيمان مفارقة مكان المنكر. والله أعلم.

"وأخرج ابن جرير عن هشام بن عروة رضي الله عنه قال: أخذ عمر بن عبد العزيز قوما على شراب، فضربهم وفيهم صائم، فقالوا: إن هذا صائم فتلا: {فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ} 2 3.

وهكذا تعتبر هذه المرحلة الإيمانية النهائية، وهي الكراهة أو الإنكار بالقلب الذي يقتضي مفارقة مكان المنكر، حتمية على كل مسلم ومسلمة، ولا رخصة لأحد في تركها البتة.

ولقد فطن الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لهذا فقام في معرض احتسابه على سليمان بن سحيم الذي استخدم فيه التغليظ والتوبيخ كما مر

1-أخرجه الترمذي في سننه- أ: الاستئذان والآداب- ب: ما جاء في دخول الحمام ح:2953،4/199، وقال الترمذي: حديث غريب، وأخرجه الحاكم في مستدركه- ك: الأدب- ب: "لا تجلسوا على مائدة يدار عليها الخمر" 4/288 وقال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث طاووس عن جابر إلا من هذا الوجه، وصححه الألباني في إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل 7/6- ح:1949- ن المكتب الإسلامي- ط/1"1399هـ-1979م".

2-

جزء من الآية 40 من سورة النساء.

3-

جامع بيان في تفسير القرآن 5/212، وانظر الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة الكتاب الأول الإيمان 2/481- ع: 515 تأليف الشيخ الإمام أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري، تحقيق رضا بن نعسان معطي،- ن دار الراية- الرياض ط/2"1415هـ-1994م".

ص: 227

في المطلب السابق، بتوبيخه له على حضوره للمولد وأكله من الطعام المعد لذلك1 لما في الجلوس في أماكن المنكرات على افتراض كراهية القلب لها من مخالفة لمفهوم الإنكار بالقلب الذي يعني اقتران البغض القلبي للمنكر بالمفارقة الجسدية للمكان الذي يتواجد فيه ذلك المنكر.

1-راجع ص "219" هـ "4" من هذا البحث.

ص: 228