الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا يعرف الفرق بين أبي بكر الصديق وبين مسيلمة الكذاب، أما علم أن مسيلمة يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويصلي ويصوم، أما علم أن غلاة الرافضة الذين أحرقهم علي يقولونها وكذلك الذين يقذفون عائشة ويكذبون القرآن، وكذلك الذين يزعمون أن جبريل غلط وغير هؤلاء ممن أجمع أهل العلم على كفرهم منهم من ينتسب إلى الإسلام ومنهم من لا ينتسب إليه كاليهود وكلهم يقولون لا إله إلا الله وهذا بين عند من له أقل معرفة بالإسلام من أن يحتاج إلى بيان، وإذا كان المشركون لا يقولونها فما معنى باب حكم المرتد الذي ذكره الفقهاء من كل مذهب؟ هل الذين ذكروهم الفقهاء وجعلوهم مرتدين لا يقولونها هذا الذي ذكر أهل العلم أنهم أكفر من اليهود والنصارى، وقال بعضهم من شك في كفر أتباعه فهو كافر وذكرهم في "الإقناع" في باب حكم المرتد وإمامهم ابن عربي، أيظنهم لا يقولون لا إله إلا الله 1.
1- الرسائل الشخصية - الرسالة العشرون ص 136، والدرر السنية في الأجوبة النجدية 2/23.
الفرع الرابع: نواقض لا إله إلا الله:
إن صرف أي نوع من أنواع العبادة وهي الدعاء، النذر، الذبح، الخوف، الرجاء، التوكل، المحبة، الاستغاثة، الاستعانة الاستعاذة..الخ لغير الله يناقض كلمة لا إله الله لأن كلمة لا إله إلا الله تنفي العبودية عن غير الله تعالى وتثبتها له وحده لا شريك له.
بينما صرف أي نوع من أنواع العبادة ينفيها عن الله تعالى ويثبتها لمن صرفت له من المعبودات من دون الله وهو الشرك بعينه الذي قال فيه عز وجل: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} 1.
1-جزء من الآية 65 من سورة الزمر.
ففي الآية دلالة على إحباط عمل وخسران من صرف العبادة لغيرالله.
ولقد عم هذا البلاد وطمّ مما حدا الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله إلى أن يحمل لواء الحسبة قائلا: الذي ننهى عنه في الحرمين والبصرة والحسا هو الشرك بالله"1، الذي يناقض كلمة لا إله إلا الله.
وقال رحمه الله مفصلا في الأمر والنهي:"فإن الله تبارك وتعالى أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم إلينا على حين فترة من الرسل فهدى الله به إلى الدين الكامل والشرع التام وأعظم ذلك وأكبره، وزيدته هو إخلاص الدين الله بعبادته وحده لا شريك والنهي عن الشرك وهو أن لا يدعى أحد من دونه من الملائكة والنبيين فضلا عن غيرهم، فمن ذلك أنه لا يسجد إلا لله ولا يركع إلا له ولا يدعى لكشف الضر إلا هو ولا لجلب الخير إلا هو ولا ينذر إلا له ولا يحلف إلا به ولا يذبح إلا له وجميع العبادات لا تصلح إلا له وحده لا شريك له، وهذا معنى قول لا إله الله فإن المألوه هو المقصود المعتمد عليه وهذا أمر هين عند من لا يعرفه كبير عظيم عند من عرفه، فمن عرف هذه المسألة عرف أن أكثر الخلق قد لعب بهم الشيطان وزين لهم الشرك بالله وأخرجه في قالب حب الصالحين وتعظيمهم"2.
كما قال رحمه الله: "فمعلوم ما قد عمت به البلوى من حوادث الأمور التي أعظمها الإشراك بالله والتوجه إلى الموتى وسؤالهم النصر على الأعداء وقضاء الحاجات وتفريج الكربات التي لا يقدر عليها إلا رب الأرض والسماوات، وكذلك التقرب إليهم بالنذور وذبح القربان والاستعانة بهم في كشف الشدائد
1-الرسائل الشخصية- الرسالة الحادية والثلاثون ص 204، والدرر السنية في الأجوبة النجدية 8/81.
2-
الرسائل الشخصية- الرسالة التاسعة عشرةص124، السنية في الأجوبة النجدية 1/21.
وجلب الفوائد إلى غير ذلك من أنواع العبادة التي لا تصلح إلا لله"1.
وقال أيضا رحمه الله منكرا لتلك الصور الشركية: " فصار ناس من الضالين يدعون ناسا من الصالحين في الشدة والرخاء مثل عبد القادر الجيلاني2 وأحمد البدوي3 وعدي بن مسافر4، وأمثالهم من أهل العبادة والصلاح فأنكر عليهم أهل العلم5 غاية الإنكار وزجرهم عن ذلك، وحذرهم غاية التحذير والإنذار من جميع المذاهب الأربعة في سائر الأقطار والأمصار"6.
ويضيف رحمه الله مبينا خطورة شرك عبادة القبور فيقول: "فإن الشرك بقبر الذي يعتقد نبوته أو صلاحه أعظم من الشرك بخشبة أو حجر على تمثاله، لهذا تجد قوما كثيرا يتضرعون عندها، ويتعبدون بقلوبهم عبادة لا يعبدونها في المسجد ولا في السحر فهذه المفسدة هي التي حسم النبي صلى الله عليه وسلم مادتها حين نهى عن الصلاة في المقبرة مطلقا"7.
1-الرسائل الشخصية- الرسالة السابعة عشرة ص111، والدرر السنية في الأجوبة النجدية1/57.
2-
هو أبو محمد عبد القادر بن أبي صالح عبد الله بن جكني دوست الجيلي أو الجيلاني الحنبلي- من نسبت إليه بعد وفاته الطريقة القادرية المبتدعة- ولد بجيلان سنة "1471هـ" وقدم بغداد شابا فتفقه على بعض الشيوخ، توفي فيها سنة "561هـ". " سير أعلام النبلاء 20/349والأعلام 4/47" كلاهما بتصرف.
3-
تقدمت ترجمته في ص "52" هـ "5".
4-
عدي بن مسافر بن إسماعيل الهكاري، من ذرية مروان بن الحكم الأموي، من شيوخ المتصوفين، ينتسب إليه الطريقة العدوية، ولد في بعلبك عام 467 هـ وجاور بالمدينة أربع سنوات، وبنى زاوية في جبل الهكارية " بالموصل" فانقطع للعبادة وتوفي ودفن بها عام 557هـ وانتشرت طريقته في أهل السواد والجبال، وغالى أتباعه " العدوية" في اعتقادهم فيه، وأحرق قبره "سنة817هـ" فاجتمع " العدوة" عليه واتخذوه قبلة لهم! الأعلام 4/221 بتصرف.
5-
للاستزادة في معرفة كلام أهل العلم بهذا الصدد يراجع مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين 1/346.
6-
الرسائل الشخصية- الرسالة الحادية عشرة ص 65، والدرر السنية في الأجوبة النجدية8/54.
7-
المسائل التي لخصها شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب من فتاوى ابن تيمية ص 102- ن دار عالم الكتب- الرياض ط/1" 1408هـ-1988م".
عن أبي مرثد الغنوي1 رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا تصلوا إلى القبور ولاتجلسوا عليها"2.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: " نهى نبي الله صلى الله عليه وسلم أن يبنى على القبور أو يقعد عليها أو يصلى عليها"3.
وما أبلغ ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في تعليقه على هذا الموضوع حيث قال: " فإذا كان صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة التي تتضمن الدعاء لله وحده خالصا عند القبور لئلا يفضي ذلك إلى نوع من الشرك بربهم فكيف إذا وجد ما هو نوع الشرك من الرغبة إليهم سواء طلب منهم قضاء الحاجات وتفريج الكرباه4 أو طلب منهم أن يطلبوا ذلك من الله تعالى"5ا. هـ.
لهذا بوب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتابه الفريد " التوحيد الذي هو حق الله على العبيد" بابا بعنوان" باب ما جاء في التغليظ في من عبد الله عند قبر رجل صالح فكيف إذا عبده"6 وذلك سدا لذريعة الشرك.
وإنه لمن المضحك المبكي " في آن واحد" أن كثيرا من المزارات التي يزعم عبَّادها
1-هو: كناز بن الحصين أبو مرثد الغنوي، بدري، مات سنة "12هـ" " الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة 1/149 ت:4676 باختصار".
2-
أخرجه مسلم في صحيحه ك-: جنائز- ب: النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه ح:98-2/668.
3-
أخرجه أبو يعلى " مسند أبي يعلى الموصلي- مسند أبي سعيد الخدري ح:47 "1020"، 2/297، حققه وخرج أحاديثه حسين سليم أسد- ن دار المأمون للتراث- دمشق ط/1"1404هـ-1984م"، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: رجاله ثقات 3/61، وقال الألباني: إسناده صحيح" تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد" ص 31 هـ"1" – ن المكتب الإسلامي ط/3"1398هـ".
4-
الصواب: الكربات.
5-
اقتضاء الصراط المستقيم 2/771.
6-
كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد- الباب التاسع عشر ص 39 ن مكتبة الكور- الرياض ط/1"1413هت-1993م".
أن فيها فلانا وفلانا بعد ما فحصت وجدت فيها عظام الكلاب والحمير وجثث اليهود والنصارى، وهناك مزارات أخرى خالية من كل شيء كما هو واقع في مزار الحسين في مصر، فلا حسين ولا جسده ولكن المشركين لا يعقلون1.
أيضا المشهد الذي بسفح جبل لبنان الذي يقال أنه قبر نوح عليه السلام فإن أهل المعرفة يقولون إنه قبر بعض العمالقة، وقبر أبي بن كعب بدمشق اتفق العلماء على أنهما كذب ومن العلماء من قال إنهما للنصرانيين2.
فليت شعري أي غواية شيطانية بعد هذه الغواية ولكن الضلال هو مصير من سلك طريق الشرك قال تعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} 3.
وكثير ممن وقعوا في هذا الشرك يبررون شركهم بحبهم لمن أشركوهم مع الله في العبادة من المشايخ والصالحين لدينهم وصلاحهم وهذا من مداخل الشيطان على الإنسان وتزيينه للباطل، قال تعالى:{وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ} 4.
نعم للمشايخ حقهم، وحقهم احترامهم وإكرامهم والإحسان إليهم والذب عنهم مما لا يليق بهم وما أشبه ذلك، وليس من الاحترام أن ترفع شخصا إلى
1-انظر العقيدة السلفية في مسيرتها التاريخية وقدرتها على مواجهة التحديات القسم الخامس ص 66 لمحمد المغراوي –ن دار المنار- الخرج.
2-
انظر القول النفيس في الرد على المفترى داود بن جريجيس ص 202 تأليف العالم الرباني والمجدد الثاني الشيخ عبد الرحمن ابن حسن بن الإمام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان رحمهم الله –ن دار الهداية – الرياض "شوال 1405هـ".
3-
جزء من الآية 33 من سورة الرعد.
4-
جزء من الآية 24 من سورة النمل.