الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحقة إلا بهدم هذه الأشياء المبتدعة والخرافات1 لذلك كان هدف الإمام محمد بن عبد الوهاب الأول القضاء على كل ما ينافي التوحيد من مظاهر الشرك الوثنية2 فشمر رحمه الله عن ساعديه بعد أن تعاضد مع أمير العيينة عثمان بن معمر وأشهر احتسابه على المنكرات الشركية لإزالة الأوثان ومظاهر الشرك التي كانت على نوعين:
1-انظر تاريخ المملكة العربية السعودية ص 136: سيد محمد إبراهيم- ن دار وهدان- القاهرة.
2-
انظر أسس الحركة الوهابية رد على مقال للدكتور محمد البهي في نقد الوهابية ص 15 للدكتور محمد خليل هراس- ن دار الكتاب العربي –بيروت- ط/مطابع الغد.
الفرع الأول: قطع الأشجار المعظمة المتبرك بها:
قال الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: " لا يجوز إبقاء مواضع الشرك بعد القدرة على إبطالها يوما واحدا فإنها شعائر الكفر، وهي أعظم المنكرات"1.
عن أبي واقد الليثي2 رحمه الله: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى حنين مر بشجرة للمشركين يقال لها ذات أنواط يعلقون عليها أسلحتهم، قالوا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سبحان الله هذا كما قال قوم موسى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} 3 والذي نفسي بيده لتركبن سنن من كان
1-مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب- القسم الرابع مختصر زاد المعاد ص 273.
2-
هو: صالح بن محمد بن زائدة أبو واقد الليثي، قال ابن معين وغيره: ليس بذاك، كان صاحب ليل- أي تهجد والله أعلم- وتأله وجهاد " الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة 1/498 ت:2359 باختصار".
3-
جزء من الآية 138 من سورة الأعراف
قبكلم" 1.
واستشهد الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب بكلام الطرطوشي2 بعد أن ساق حديث أبي واقد الليثي الذي عزاه الطرطوشي للبخاري3 قائلا: " فانظر رحمكم الله أينما وجدتم سدرة يقصدها الناس، وينوطون بها الخرق فهي ذات أنواط فاقطعوها"4.
ومن فضل الله تعالى ورحمته أن غيب عن عقول وأعين الصحابة رضوان الله تعالى عليهم الشجرة التي تمت تحتها بيعة الرضوان.
عن سعيد بن المسيب رحمه الله عن أبيه رضي الله عنه قال: " لقد رأيت الشجرة
1-أخرجه الترمذي في سننه وقال: هذا حديث حسن صحيح- أ: الفتن ب: لتركبن سنن من كان قبلكم ح: 2271،3/321، وصحح إسناده الألباني في تخريجه لمشكاة المصابيح 3/1489 ح:5408هـ "2" كما صححه في صحيح سنن الترمذي2/235، ح: 1771، وأخرجه بنحو أحمد في مسنده " مسند الإمام أحمد بن حنبل وبهامشه منتخب كنز العمال مسند الأنصار حديث أبي واقد الليثي 5/217"، وابن أبي عاصم في السنة 1/37 ح:76، وصححه الألباني في تخريجه للسنة المسمى ظلال الجنة في الموضع نفسه.
2-
هو أبو بكر محمد بن الوليد بن محمد بن خلف بن سليمان الأندلسي الطرطوشي نسبة إلى طرطوشة، وهي مدينة في آخر بلاد المسلمين بالأندلس على ساحل البحر، وهي في شرق الأندلس، الفقيه المالكي، الزاهد المعروف بابن أبي رندقة.. ولد سنة إحدى وخمسين وأربعمائة تقريبا وتوفي ثلث الليل الأخير من ليلة السبت لأربع بقين من جمادى الأولى سنة عشرين وخمسمائة " وفيات الأعيان وأنباء الزمان 3/393-395 بتصرف".
3-
الذي وجدته أن الحديث أخرجه الترمذي وأحمد وابن أبي عاصم كما تقدم، أمارواية البخاري التي ربما قصد إليها الطرطوشي، فليس فيها ذكر قصة، وهي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم:"لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم، قلنا اليهود والنصارى؟ قال: فمن" صحيح البخاري- ك: الأنبياء ب: ما ذكر عن بنبي إسرائيل 4/206، وك: الاعتصام ب: قول النبي صلى الله عليه وسلم لتتبعن سنن من كان قبلكم 7/126، والله أعلم بالصواب.
4-
الرسائل الشخصية- الرسالة الحادية عشرة ص70، والدرر السنية في الأجوبة النجدية 8/57، وانظر كلام الطرطوشي بكتاب الحوادث والبدع ص18، حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه بشير محمد عيون- ن مكتبة المؤيد- الطائف- ط/2"1413هـ-1991م" دمشق- بيروت.
ثم أتيتها بعد فلم أعرفها قال محمود 1 ثم أنسيتها بعد"2.
وعن طارق بن عبد الرحمن قال انطلقت حاجا فمررت بقوم يصلون قلت: ما هذا المسجد؟ قالوا: هذه الشجرة حيث بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان، فأتيت سعيد بن المسيب فأخبرته فقال سعيد: حدثني أبي أنه كان في من بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة قال: فلما خرجنا من العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها، فقال سعيد:" إن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لم يعلموها وعلمتموها انتم؟ فأنتم أعلم"3.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: " رجعنا من العام المقبل فما اجتمع منا اثنان على الشجرة التي بايعنا تحتها، كانت رحمة من الله"4.
وعن سعيد بن المسيب رحمه الله عن أبيه رضي الله عنه أنه كان ممن بايع تحت الشجرة فرجعنا إليها العام المقبل فعميت علينا"5.
بينما جاء في الأثر عن عبد الله بن عون6 عن نافع قال: كان الناس يأتون الشجرة التي يقال لها شجرة الرضوان فيصلون عندها، قال: فبلغ ذلك عمر بن
1-هو: غيلان أبو أحمد المروزي شيخ البخاري ومسلم"عمدة القاري شرح صحيح البخاري 17/219" للشيخ العلامة بدر الدين محمد العيني عنيت بنشره وتصحيحه والتعليق عليه شركة من العلماء بمساعدة إدارة الطباعة المنيرية-ن دار إحياء التراث العربي- بيروت – لبنان.
2-
أخرجه البخاري في صحيحه- ك: المغازي- ب غزوة الحديبية 5/185.
3-
المصدر السابق- الموضع نفسه.
4-
المصدر السابق 4/61 ك: الجهاد ب: البيعة في الحرب.
5-
المصدر السابق ك: المغازي – ب: غزوة الحديبية 5/195.
6-
هو: عبد الله بن عون بن ارطبان المزني، مولاهم أبو عون الخزار البصري، رأى أنس بن مالك، ثقة، مات سنة إحدى وخمسين ومائة "انظر تهذيب التهذيب 5/346-349 ت:"600" عبد الله بن عون: للإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني –ط/1 1 بمطبعة مجلس دائرة النظاميسة الكائن في الهند سنة 1326هـ".
الخطاب رضي الله عنه فأوعدهم فيها وأمر بها فقطعت1.
ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله أن الحكمة من خفاء تلك الشجرة هي: "أن لا يحصل بها افتتان لما وقع تحتها من الخير، فلو بقيت لما أمن تعظيم الجهال لها حتى ربما أفضى بهم إلى اعتقاد أن لها قوة نفع أو ضر كما نراه الآن وشاهداً في ما هو دونها، وإلى ذلك أشار ابن عمر بقوله: " كانت رحمة من الله" أي كان خفاؤها عليهم بعد ذلك رحمة من الله تعالى"2اهـ.
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: " فمن الأنصاب ما قد نصبه الشيطان للمشركين من شجرة أو عمود أو وثن أو قبر أو خشبة أو عين ونحو ذلك والواجب هدم ذلك كله ومحو أثره"3.
وذلك سداً لذريعة الشرك وحماية لجناب التوحيد.
لهذا نجد الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بادر بكل بسالة إلى
1-أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 2/100- ن دار صادر- بيروت، وابن أبي شيبة في الكتاب المصنف الأحاديث والآثار بلفظ:" بلغ عمر بن الخطاب أن ناساً يأتون الشجرة التي بويع تحتها، قال فأمر بها فقطعت": 2/375، وابن أبي وضاح في البدع والنهي عنها بلفظ:"إن الناس كانوا يأتون الشجرة فقطعها عمر": ص43، تحقيق محمد أحمد دهان- ن دار البصائر- دمشق ط/2"1400هـ-1980م" وصحح إسناده الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه: فتح الباري شرح صحيح البخاري 7/448، إلا أن الإمام أحمد بن حنبل قال: نافع عن عمر منقطع: تهذيب التهذيب 10/412- ت: "742" نافع الفقيه مولى ابن عمر، لذلك قال الألباني: رجاله كلهم ثقات لكنه منقطع بين نافع وعمر فلعل الواسطة بينهما عبد الله بن عمر رضي الله عنهما....وخفاء الشجرة على الصحابة كما في حديث البخاري نص على أن الشجرة لم تبق معروفة المكان حتى يمكن قطعها من عمر، فدل ذلك على ضعف رواية القطع الدال عليه الانقطاع الظاهر فيها نفسها: تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد ص 137 هـ"2" باختصار.
2-
فتح الباري شرح صحيح البخاري 6/118.
3-
إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان 1/209.
قطع دابر الشرك المجسد في الأشجار التي كان يتبرك بها كثير من الناس.
قال المؤرخ ابن غنام رحمه الله:
" أمر الشيخ محمد الأمير عثمان بهدم القبب
…
وقطع الأشجار التي كانت الخلق لها في كل ساعة منتابة فبادر عثمان لذلك وامتثل، وخرج الشيخ معه وجماعتهم على عجل وخرجوا بالمعاول والكل للأجر آمل
…
وخر ما في العارض من مُعبدات الأشجار كشجرة قريوه وأبي دجانة والذيب فلم يكن أحد إلى التبرك بهما1 ينيب ولم تسألها من لم تتزوج مثل العادات زوجا حبيب2 وليس هذا في تلك الأزمان بغريب وليس وقوع أقبح منه بعجيب، وكان الشيخ رحمه الله تعالى هو الذي باشر قطع شجرة الذيب بيده مع بعض أصحابه فنال من ربه جزيل أجره وثوابه، وقطع شجرة قريره ثنيان بن سعود ومشاري بن سعود وأحمد بن سويلم وجماعة سواهم فأدركوا من الفوز مناهم"3أهـ.
وقال ابن بشر رحمه الله: " وكان فيها4 أشجار تعظم وتعلق عليها فبعث إليها سرا من يقطعها بأجرة من ماله، فقطعت، وفي البلد شجرة هي أعظمهن عندهم، وذكر لي أن الشيخ خرج إليها بنفسه سرا يريد قطعها فوجد عندها راعي غنم أهل البلد فأراد ان يمنعها منه أو أنه خاف أن ينم عليه، فأعطاه
1-لعل الصواب أن يقول بها لأن الضمير يعود على جمع لا مثنى.
2-
الصواب أن يقول: حبيبا.
3-
تاريخ نجد المسمى روضة الأفكار والأفهام لمرتاد حال الإمام وتعداد غزوات ذوي الإسلام 1/30
4-
أي في العيينة.