المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفرع الثالث: بدعة التصوف: - احتساب الشيخ محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله)

[مرفت بنت كامل بن عبد الله أسرة]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌‌‌الفصل التمهيدي: مجتمع الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه اللهوحياته

- ‌الفصل التمهيدي: مجتمع الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

- ‌المطلب الأول: الأحوال السياسية

- ‌المطلب الثاني: الأحوال الدينية:

- ‌المطلب الثالث: الأحوال الاجتماعية:

- ‌المطلب الرابع: الأحوال العلمية:

- ‌المبحث الثاني: ترجمة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

- ‌المطلب الأول: مولده ونسبه ونشأته:

- ‌الفرع الأول: مولده رحمه الله:

- ‌الفرع الثاني: نسبه رحمه الله:

- ‌الفرع الثالث: نشأته رحمه الله:

- ‌المطلب الثاني: رحلته لطلب العلم وشيوخه رحمه الله:

- ‌بين يدي الرحلة:

- ‌الفرع الأول: الرحلة الاولى:

- ‌الفرع الثاني: الرحلة الثانية:

- ‌الفرع الثالث: شيوخه رحمه الله:

- ‌المطلب الثالث: تلاميذه ومؤلفاته وثناء العلماء عليه رحمه الله:

- ‌الفرع الأول: تلاميذه رحمه الله:

- ‌الفرع الثاني: مؤلفاته رحمه الله:

- ‌الفرع الثالث: ثناء العلماء عليه رحمه الله:

- ‌المطلب الرابع: وفاته ومرثياته رحمه الله:

- ‌الفرع الأول: وفاته رحمه الله:

- ‌الفرع الثاني: مرثياته رحمه الله:

- ‌الفصل الأول: الحسبة في فكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

- ‌المبحث الأول: صفات المحتسب عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

- ‌المطلب الأول: الإخلاص

- ‌المطلب الثاني: العلم والعمل:

- ‌المطلب الثالث: الحكمة:

- ‌المطلب الرابع: الأناة والتثبت:

- ‌المطلب الخامس: الرفق:

- ‌المطلب السادس: الصبر

- ‌المبحث الثاني: شروط الاحتساب عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

- ‌المطلب الأول: أن يكون المنكر ظاهرا

- ‌المطلب الثاني: ألا يؤدي إنكار المنكر إلى منكر أكبر منه:

- ‌المطلب الثالث: ألا يكون الإنكار في مسائل الاجتهاد

- ‌المبحث الثالث: درجات الاحتساب عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

- ‌المطلب الأول: التغيير باليد

- ‌المطلب الثاني: الإنكار باللسان:

- ‌المطلب الثالث: الإنكار بالقلب:

-

- ‌الفصل الثاني: الحسبة العملية للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

- ‌المبحث الأول: احتسابه في جوانب العقيدة

- ‌المطلب الأول: احتسابه في توحيد الألوهية:

- ‌الفرع الأول: فحوى توحيد الألوهية:

- ‌الفرع الثاني: معنى كلمة لا إله إلا الله:

- ‌الفرع الثالث: مقتضى لا إله إلا الله:

- ‌الفرع الرابع: نواقض لا إله إلا الله:

- ‌الفرع الخامس: تكفير المناقضين لكلمة لا إله الله:

- ‌المطلب الثاني: احتسابه في توحيد الأسماء والصفات:

- ‌المطلب الثالث: احتسابه في توحيد الربوبية:

-

- ‌المطلب الرابع: احتسابه بإزالة الأوثان:

- ‌الفرع الأول: قطع الأشجار المعظمة المتبرك بها:

- ‌الفرع الثاني: هدم القباب المبنية على قبور المعظمين:

-

- ‌الملطلب الخامس: احتسابه على أهل البدع:

- ‌الفرع الأول: بدعة بناء القباب على القبور:

- ‌الفرع الثاني: بدعة الاحتفال بالمولد النبوي:

- ‌الفرع الثالث: بدعة التصوف:

- ‌المطلب السادس: احتسابه على الموالاة والمعاداة:

- ‌المطلب السابع: احتسابه على السحر والتنجيم والكهانة:

- ‌الفرع الأول: السحر:

- ‌الفرع الثاني: التنجيم:

- ‌الفرع الثالث: الكهانة ونحوها:

- ‌المطلب الثامن: احتسابه على التمائم والرقى:

- ‌الفرع الأول: التمائم:

- ‌الفرع الثاني: الرُّقى:

- ‌المبحث الثاني: احتسابه في العبادات:

- ‌المبحث الثالث: احتسابه في المعاملات

- ‌المطلب الأول: احتسابه على الوقف على الأولاد:

- ‌المطلب الثاني: احتسابه على بعض صور الربا:

- ‌المطلب الثالث: احتسابه على الرشوة:

- ‌المطلب الرابع: احتسابه على العشور والمكوس:

- ‌المبحث الرابع: احتسابه في الحدود

- ‌المطلب الأول: احتسابه برجم المرأة الزانية:

- ‌المطلب الثاني: احتسابه بقتال المخالفين للعقيدة الصحيحة:

- ‌المبحث الخامس: احتسابه في الآداب والسلوك

- ‌المطلب الأول: احتسابه في التأدب مع آل البيت:

- ‌المطلب الثاني: احتسابه على الغناء:

- ‌مدخل

- ‌الفرع الأول: احتسابه على الغناء المصاحب للمعازف:

- ‌الفرع الثاني: احتسابه على الغناء المجرد عن المعازف:

- ‌الخاتمة

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌الفرع الثالث: بدعة التصوف:

مع ما فيه من طلب الغوث والمدد من غير الله1.

1-راجع ص "219" هـ-"4" من هذا البحث.

ص: 302

‌الفرع الثالث: بدعة التصوف:

يرجع أصل المسمى التصوف إلى عدة أمور منها: لباس الصوف، وصوفة القفا1، وأهل الصفة، وأهل الصفاء، والصفوة من خلق الله، والصف المقدم بين يدي الله تعالى2.

والتصوف طريقة كان ابتداؤها الزهد الكلي ثم ترخص المنتسبون إليها بالسماع والرقص فمال إليهم طلاب الآخرة من العوام لما يظهرونه من التزهد، ومال إليهم طلاب الدنيا لما يرون عندهم من الراحة واللعب3.

وللصوفية منهج في العبادة يخالف منهج السلف، فهم يقصرون العبادة على المحبة، ويغالون في أوليائهم وشيوخهم4 ويغالون بترك الحلال تعبدا ويتنطعون في العبادات5.

ولهم رؤساء ضالون مضلون من أبرزهم ابن عربي الملقب بالشيخ الأكبر،

1-وهي الشعرات النابتة في مؤخر القفا: تلبيس إبليس ص 163 بتصرف.

2-

انظر الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ص 129 لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه الدكتور عبد الرحمن بن عبد الكريم اليحيى- ن دار طويق- الرياض ط/1" 1414هـ" باختصار.

3-

تلبيس إبليس ص 161.

4-

لمزيد من التفصيل انظر حقيقة التصوف وموقف الصوفية من أصول العبادة والدين ص 22-49 لفضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان- ن دار العاصمة- الرياض ط/1"1شوال 1412هت".

والصوفية في ميزان الكتاب والسنة ص 5-23 إعداد الشيخ محمد بن جميل زينو- ن دار المحمدي- جدة – ط/1" 1415هـ-1995م".

5-

انظر ما أنا عليه وأصحابي دارسة في أسباب افتراق الأمة ومقومات وحدتها الشرعية والكونية من خلال حديث الافتارق ص 35 لأحمد سلام- ن دار ابن حزم- بيروت لبنان ط/1"1415هـ-1995م".

ص: 302

يعتبر تفسه خاتم الأولياء، وهو رئيس مدرسة وحدة الوجود1 القائلة بأنه لا شيء سوى هذا العالم وأن الإله أمر كلي لا وجود له إلا في ضمن جزئياته2 فهو عنده يجمع بين النقيضين في ذاته وبين الضدين في صفاته، فهو الوجود الحق وهو العدم الصرف، وهو الخالق وهو المخلوق، وهو عين كل كائن، وصفاته عين صفات كل موجود وكل معلوم، هو المؤمن وهو الكافر، هو الموحد الخالص التوحيد وهو المشرك الأصم الوثنية هو الجماد وهو الحيوان وهو الملاك، وهو الشيطان..تلك هي بعض ذاتيات رب ابن عربي3 4 -العياذ بالله-.

ومما حدى بالعلماء الأفذاذ إلى تكفيره5.

وقد استدل الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله بكلام صاحب الإقناع في تكفير الصوفية في معرض احتسابه عليهم فقال: " وقال أيضا في أثناء الباب: ومن اعتقاد أن لأحد طريقا إلى الله غير متابعة محمد صلى الله عليه وسلم، أو لا يجب عليه اتباعه أو أن لغيره خروجا عن اتباعه، أو قال أنا محتاج إليه في علم الظاهر دون علم

1-انظر الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة ص 343: إعداد ونشر الندوة العالمية للشباب الإسلامي- الرياض ط/2"1409هـ-1989م".

2-

مصرع التصوف أو تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي ص 22 للعلامة برهان الدين البقاعي، تحقيق وتعليق عبد الرحمن لوكيل- ن رئاسة غدارة البحوث العلمية والإفتاء- الرياض "1415هـ" وقف لله تعالى.

3-

هو: محمد بن علي بن محمد ابن عربي، أبو بكر الحاتمي الأندلسي المعروف بمحي الدين بن عربي الملقب بالشيخ الأكبر، فيلسوف، ولد في مرسية " بالأندلس" سنة "560هت-1165م" قدوة القائلين بوحدة الوجود، أنكر عليه أهل الديار المصرية شطحات صدرت عنه، له العديد من المؤلفات في التصوف وتوفي سنة "638هـ-1240م"" انظر الأعلام 6/281".

4-

هذه هي الصوفية ص 34 لعبد الرحمن الوكيل- ن دار الكتب العلمية ط/2"1399هـ-1979م" بتصرف.

5-

انظر مصرع التصوف ص 137، وانظر أقوال أهل العلم القاضية بتكفيره بالمرجع نفسه ص 52 وص 124. والبداية والنهاية في التاريخ 13/149. والسماع والرقص ص 83 لشيخ الإسلام ابن تيمية- ن مكتبة عبد العزيز السلفية- الإسكندرية- مطبعة المدني- القاهرة، وميزان الاعتدال في نقد الرجال 3/259 ت 7984 للذهبي، تحقيق علي البجاوي- ن دار الباز- مكة المكرمة- دار المعرفة- بيروت ط/1"1382هـ-1963م".

ص: 303

علم الشريعة دون علم الحقيقة أو قال إن من العلماء من يسعه الخروج عن شريعته كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى كفر في هذا كله1، ولو تعرف من قال هذا الكلام فيه وجزم بكفرهم وعلمت ما هم عليه من الزهد ولعبادة وأنهم عند أكثر أهل زماننا من أعظم الأولياء لقضيت العجب2".

كما احتسب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله على أحد المتأثرين بابن عربي الصوفي في جملة احتسابه على سليمان بن سحيم فقال رحمه الله:

"ولا يخفاك أني عثرت على أوراق عند ابن عزاز3 فيها إجازات4 له من عند مشايخه، وشيخ مشايخه رجل يقال له عبد الغني، ويثنون عليه في أوراقهم، ويسمونه العارف بالله، وهذا اشتهر عنه أنه على دين ابن عربي الذي ذكر العلماء أنه أكفر من فرعون، حتى قال ابن المقرئ الشافعي: من شك في كفر طائفة ابن عربي فهو كافر، فإذا كان إمام دين ابن عربي والداعي إليه هو شيخهم ويثنون عليه أنه العارف بالله فكيف يكون الأمر؟ "5اهـ.

وكذا ابن الفارض6 رأس من رؤس أهل الاتحاد7.

1-انظر الاقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل 4/298.

2-

الرسائل الشخصية- الرسالة الحادية عشرة ص 68، والدرر السنية في الأجوبة النجدية 8/56.

3-

لم أجد له ترجمة.

4-

الإجازة: أن يأذن الشيخ لغيره بأن يروي عنه مروياته أو مؤلفاته " الباعث الحثيث شرح اختصار علم الحديث للحافظ ابن كثير ص 121 هـ- "1" تأليف أحمد محمد شاكر – ن دار الكتب العلمية- بيروت- لبنان". " وألفية السيوطي في علم الحديث ص 130 هـ"2" بتصحيح وشرح احمد محمد شاكر- ن دار المعرفة- بيروت – لبنان".

5-

الرسائل الشخصية- الرسالة الحادية عشرة ص 72، والدرر السنية في الأجوبة النجدية 8/58.

6-

هو: عمر بن علي بن مرشد بن علي الحمودي الأصل، المصري الموالد والدار والوفاة، ولد سنة "576هـ-1181م" أشهر المتصوفون، في شعره فلسفة تتصل بما يسمى " وحدة الوجود" مات سنة "632هـ-1235م". "الأعلام 5/55 باختصار".

7-

انظر مصرع التصوف أو تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي ص 56.

ص: 304

وقد رماه بالزندقة نحو من أربعين عالما1.

وقد احتسب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب على أتباع ابن عربي وابن الفارض من متصوفة زمانه فقال رحمه الله:

"من أعظم الناس ضلالا متصوفة في معكال2 وغيره مثل ولد موسى بن جوعان وسلامة بن مانع3 وغيرهما يتبعون مذهب ابن عربي وابن الفارض، وقد ذكر أهل العلم أن ابن عربي من أئمة أهل مذهب الاتحادية، وهم أغلظ كفرا من اليهود والنصارى فكل من لم يدخل في دين محمد صلى الله عليه وسلم، ويتبرأ من دين الاتحادية فهو كافر بريء من الإسلام، ولا تصح الصلاة خلفه، ولا تقبل شهادته، والعجب كل العجب أن الذي يدعي المعرفة يزعم أنه لا يعرف كلام الله، ولا كلام رسوله بل يدعي أني أعرف كلام المتأخرين مثل الإقناع وغيره وصاحب الإقناع قد ذكر أن من شك في كفر هؤلاء السادة والمشايخ فهو كافر4، سبحان الله، كيف يفعلون أشياء في كتابهم أن من فعلها كفر، ومع هذا يقولون نحن أهل المعرفة وأهل الصواب وغيرنا صبيان جهال،

1-انظر تحذير العباد من أهل العناد ببدعة الاتحاد ص 192 للشيخ الإمام العالم العلامة الحافظ إبراهيم بن عمر بن حسن بن أبي بكر البقاعي الشافعي ضمن: " مصرع التصوف"، كما حذر منه الذهبي انظر ميزان الاعتدال 3/241 ت 6173.

2-

معكال: بلدة عامرة قديمة منذ أكثر من سبعة قرون كانت تشكل مع بلدة مقرن ما يعرف بالرياض في القرن الثاني عشر. واسم معكال قديم يعود إلى عصور الجاهلية

تعتبر معكال التطور التاريخي لمدينة حجر التي اختفى اسمها وحل معكال ومقرن محلها وكونت في القرن الثاني عشر مدينة الرياض الحالية" معجم مدينة الرياض ص 227 تأليف خالد بن أحمد السليماني ط/1"1404هـ-1983م" والآن هي حي من أحياء مدينة الرياض الجنوبية. " انظر معجم اليمامة 2/380" يحده من الشمال دخنة ومن الجنوب منفوحة ومن الشرق البطحاء ومن الغرب نخل جري. " انظر معجم مدينة الرياض ص 230".

3-

لم أجد له ترجمة.

4-

انظر الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل 4/300.

ص: 305

والصبيان يقولون اظهروا لنا كتابكم، ويأبون عند إظهاره أما في هذا ما يدل على جهالتهم وضلالتهم؟ "1 اهـ.

ويشتد الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله للغاية في إنكاره على من ينتحل مذهب ابن عربي وابن الفارض حتى يصل به الإنكار إلى درجة الهجر!.

فيقول رحمه الله:

" وأما الاتحادي ابن عربي صاحب الفصوص2 المخالف للنصوص وابن الفارض الذي لدين الله محارب وبالباطل للحق معارض، فمن تمذهب بمذهبهما فقد اتخذ مع غير الرسول سبيلا، وانتحل طريق المغضوب عليهم والضالين المخالفين لشريعة سيد المرسلين، فإن ابن عربي وابن الفارض ينتحلان نحلا تكفرهما، وقد كفرهم كثير من العلماء العاملين فهؤلاء يقولون كلاما أخشى المقت من الله في ذكره فضلا عمن انتحله، فإن لم يتب إلى الله من انتحل مذهبهما وجب هجره وعزله عن الولاية إن كان ذا ولاية من إمامة أو غيرها، فإن صلاته غير صحيحة لا لنفسه ولا غيره"3اهـ.

وذلك من باب هجر المبتدع، الذي جاءت به الشيعة الإسلامية فيقول رحمه الله في شأن هجر أهل البدع:

"ورأى هجر أهل البدع ومباينتهم حتى يتوبوا، وأحكم عليهم بالظاهر وأكل سرائرهم إلى الله، وأعتقد أن كل محدثة في الدين بدعة"4اهـ.

1-الرسائل الشخصية- الرسالة الثامنة والعشرون ص 189، والدرر السنية في الأجوبة النجدية 8/72.

2-

الصواب:: الفصوص، وهو كتاب فصوص الحكم الذي اشتمل على أشياء ظاهرها كفر صريح. " انظر: البداية والنهاية في التاريخ 13/149".

3-

الرسائل الشخصية- الرسالة الثامنة والعشرون ص 193.

4-

المرجع السابق الرسالة الأولى ص 11، والدرر السنية في الأجوبة النجدية 1/30.

ص: 306

وعلل ذلك بقوله رحمه الله: " هجران أهل البدع والمعاصي الظاهرة وترك السلام عليهم، تحقيرا لهم وزجرا"1.

والأصل في هجر المبتدع قوله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ} 2.

قال القرطبي رحمه الله: "وإذا ثبت تجنب المعاصي كما بينا فتجنب أهل البدع والأهواء أولى"3.اهـ.

وهجر المبتدع من أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة وقد كثرت أقوالهم في هذا الباب وإليك واحدا منها:

قال الإمام إسماعيل الصابوني4 رحمه الله في سياق بيانه لعقيدة السلف وأصحاب الحديث: ويبغضون أهل البدع، الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه، ولا يحبونهم، ولا يصحبونهم، ولا يسمعون كلامهم، ولا يجالسونهم، ولا يجادلونهم في الدين ولا يناظرونهم، ويرون صون آذانهم عن سماع أباطيلهم التي إذا مرت بالآذان وقرت في القلوب ضرت، وجرت إليها من

1-القسم الرابع من مؤلفات الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب مختصر زاد المعاد للإمام ابن القيم ص 295.

2-

جزء من الآية 140 من سورة النساء.

3-

الجامع لأحكام القآن 5/418.

4-

هو: إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد بن إسماعيل، أبو عثمان الصابوني، مقدم أهل الحديث في بلاد خراسان، ولد بنسابور سنة "373هـ-983م"، لقبه أهل السنة فيها بشيخ الإسلام، كان فصيح اللهجة، واسع العلم، عارفا بالحديث والتفسير، يجيد الفارسية إجادته العربية، من مؤلفاته: عقيدة السلف، الفصول في الأصول، توفي بنيسابور سنة "449هـ-1057م"" الأعلام 1/317 بتصرف".

ص: 307

الوسواس والخطرات الفاسدة ما جرت"1 اهـ.

وآثار السلف في هذا الباب مستفيضة أذكر بعضا منها على سبيل المثال:

قال يحيى بن أبي كثير2 رحمه الله: " إذا رأيت المبتدع في طريق فخذ في غيره"3.

وقال إسحاق ابن إبراهيم بن هانئ النيسابوري رحمه الله: سألت أبا عبد الله – أحمد بن حنبل- عن رجل مبتدع، داعية يدعو إلى بدعة، أيجالس؟ قال: لا يجالس ولا يكلم، لعله أن يرجع"4.

ويذكر النووي رحمه الله أن هجران أهل البدع والفسوق ومنابذي السنة مع العلم يجوز دائما والنهي عن الهجران فوق ثلاثة أيام5 إنما هو في من هجر لحظ نفسه ومعايش الدنيا، أما أهل البدع ونحوهم فهجرانهم دائما6.

ولا يقطع الهجر إلا رجوع المبتدع وتوبته عن بدعته.

1- عقيدة السلف وأصحاب الحديث أو الرسالة في اعتقاد أهل السنة وأصحاب الحديث والأئمة ص 298 للإمام إسماعيل الصابوني تحقيق د. ناصر الجديع- ن دا العاصمة ط/1"1415هـ".

2-

هو: يحيى بن أبي كثير الإمام أبو نصر اليمامي الطائي مولاهم ،، أحد الأعلام، كان من العباد العلماء الأثبات، مات سنة "129هـ". " الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة 2/3730 ت: 6235 باختصار".

3-

أورده الذهبي في سير أعلام النبلاء 6/29، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة وأصحاب الحديث والأئمة بلفظ:" إذا لقيت صاحب بدعة" 1/137 ع: 259، والآجري في الشريعة ص 64، وابن بطة في الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرقة المذمومة بلفظ: "

فخذ في طريق آخر" 2/474 ع:490،491،492،493، وأبو نعيم في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء 3/69.

4-

مسائل الإمام أحمد بن حنبل ع:1855،2/153.

5-

لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث فمات دخل النار" أخرجه أبو داود في سننه ك" الأدب ب: في من هجر أخاه المسلم ح 4914،5/215، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 3/928 ح:4106.

6-

صحيح مسلم بشرح النووي 13/106- الحاشية، بتصرف يسير.

ص: 308

قال الخطابي1 رحمه الله: " تحريم الهجرة بين المسلمين أكثر إنما هو فيما تكون بينمهما من قبل عتب موجدة، أو لتقصير يقع في حقوق العشرة ونحوها، دون ما كان من ذلك في حق الدين، فإن هجرة أهل الأهواء والبدعة دائمة على مر الأوقات والأزمان، وما لم تظهر منهم التوبة والرجوع إلى الحق"2اهـ.

وقد جمع بعضهم أسماء من كان يزجر بالهجر من الصحابة والتابعين فمن بعدهم وذكر منهم: عثمان بن عفان، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وعائشة أم المؤمنين، وحفصة أم المؤمنين، وعمار بن ياسر رضي الله عنه، وسعيد ابن المسيب، وطاووسا ووهب بن منبه، والحسن البصري، وابن سيرين، وسفيان الثوري رحمهم الله، وخلقا إلى أن ختم بالنووي، فإنه كان يزجر بالهجر ويراه3.

وقد عزا الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تشديد السلف في معاداة أهل البدع والضلالة إلى أمرين:

"الأول: غلظ البدعة في الدين في نفسها، فهي عندهم أجل من الكبائر4، ويعاملون أهلها بأغلظ مما يعاملون به أهل الكبائر، كما تجد في قلوب الناس أن الرافضي عندهم ولو كان عالما عابدا أبغض وأشد ذنبا من السني المجاهر بالكبائر.

1- هو: حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البستي، أبو سليمان، فقيه محدث من أهل بست " من بلاد كابل" من نسل زيد بن الخطاب، ولد سنة "319هـ-931م" وتوفي سنة " 388هـ-998م". " الأعلام 2/272 باختصار".

2-

مختصر سنن أبي داود 7/5 للحافظ المنذري ومعالم السنن لأبي سليمان الخطابي وتهذيب الإمام ابن قيم الجوزية، بتحقيق أحمد شاكر، ومحمد حامد فقي- ن دار المعرفة- بيروت لبنان- ط"1400هـ-1980م".

3-

هجران أهل البدع أو " الزجر بالهجر" ص 39 تأليف جلال الدين السيوطي – ن دار السلف – الرياض- ط/1"1415هـ-1995م" بتصرف.

4-

لعله يقصد الكبائر من دون الإشراك بالله، وإلا فالاحتساب على الشرك أجل عندهم منه على البدعة والله أعلم.

ص: 309

الثاني: أن البدع تجر إلى الردة الصريحة، كما وجد من كثير من أهل البدع"1 اهـ.

وموضوع هجر المبتدع يجب أن يفهم ضمن منهج أهل السنة والجماعة بمراعاة مقاصده وأحكامه وضوابطه الشرعية المبنية على جلب المصالح ودرء المفاسد2 فإن الشرع الشريف يزن الواقعات والأحوال الداخلة تحت قاعدته العامة " الولاء والبراء" بميزان قسط وقسطاس مستقيم، وسطا عدلا بين جانبي الإفراط والتفريط، فلا تزيد عن حدها ولا تنتقص عنه، فتلتقى العقوبة للمبتدع بالهجر مع مقدار بدعته باعتبارات مختلفة، وما يحف بذلك من أحوال تنزل على قاعدة رعاية المصالح وتكثيرها ودرء المفاسد وتقليلها3، فإذا كانت البدعة مكفرة وجب هجره، وإذا كانت دون ذلك فإننا نتوقف في هجره إن كان في هجره مصلحة فعلناه، وإن لم يكن فيه مصلحة اجتنبناه4، فإن هجر المسلم شأنه خطير، عن أبي خراش السلمي5 رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:" من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه"6.

1- مؤلفات الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب- القسم الأول- العقيدة والآداب الشرعية ص 314.

2-

الآثار الواردة عن أئمة السنة في أبواب الاعتقاد من كتاب " سير أعلام النبلاء" للإمام الذهبي جمعا وتخريجا، ودراسة 2/745، إعداد الدكتور: جمال بن أحمد بشير بادي- ن دار الوطن- الرياض- ط/1"1416هـ".

3-

هجر المبتدع ص 40 لبكر أبو زيد- ن دار ابن الجوزي الدمام- الأحساء- ط/ 2"1410هـ-1989م"، بتصرف يسير.

4-

المجموع الثمين ص 31 من فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين- ن دار الوطن- الرياض- ط/1"1410هـ".

5-

هو: حدرد بن أبي حدرد أبو خراش السلمي، صحابي روى عنه أبو داود.، " الكاشف في من له رواية في الكتب الستة 1/315 ت:957".

6-

أخرجه أبو داود في سننه ك: الأدب ب: فيمن يهجر أخاه المسلم ح: 4915، 5/215، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 3/928 ح:4107.

ص: 310

وفي ذلك يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:

و"

ما صح عن العلماء من أنه لا يكفر أهل القبلة، فمحمول على من لم تكن بدعته مكفرة، لأنهم اتفقت كلمتهم على تكفير من كانت بدعته مكفرة"1 اهـ.

ويقول الشاطبي2 رحمه الله مفرقا بين البدعة المكفرة وغيرها: " الاختلاف من جهة كونها كفرا وعدمه فظاهر

لأن ما هو كفر جزاؤه التخليد في العذاب – عافانا الله- وليس كذلك ما لم يبلغ حكم سائر الكبائر مع الكفر في المعاصي، فلا بدعة أعظم وزرا من بدعة تخرج عن الإسلام، كما أنه لا ذنب أعظم من ذنب يخرج عن الإسلام"3اهـ.

لذلك يجزم الإمام أحمد بن حنبل بوجوب الهجر في هذه الحال فقال: " ويجب هجر من كفر، أو فسق ببدعته، أو دعا إلى بدعة مضللة، أو مفسقة، على من عجز عن الرد عليه، أو خاف الاغترار به والتأذي، دون غيره، وقيل يجب هجره مطلقا وهو ظاهر كلام أحمد رضي الله عنه السابق، وقطع ابن عقيل به في معتقده، قال: ليكون ذلك كسرا له واستصلاحا"4 اهـ.

والصوفية من أكفر المبتدعة فهم أولى بالهجر من غيرهم، ولقد حذر منهم السلف الصالح.

عن عبد الرحمن بن مهدي وذكر الصوفية، فقال: " لا تجالسوهم، ولا

1- رسالة في الرد على الرافضة ص 20، تحقيق الدكتور ناصر بن سعد الرشيد- ن مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي- مكة المكرمة.

2-

هو: إبراهعيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي الشهير بالشاطبي، أصولي حافظ، من أئمة المالكية، توفي سنة "790هـ-1388م"" الأعلام 1/75 باختصار".

3-

الاعتصام 1/174 باختصار يسير.

4-

الآداب الشرعية والمنح المرعية 1/268.

ص: 311

أصحاب الكلام عليكم بأصحاب القماطر1 فإنما هم بمنزلة المعادن مثل الغواص هذا يخرج درة، وهذا يخرج قطعة ذهب"2.

وقال ابن عقيل: ما على الشريعة أضر من المتكلمين والمتصوفين، فهؤلاء يفسدون العقول بتوهمات شبهات العقول، وهؤلاء يفسدون الأعمال، ويهدمون قوانين الأديان، قال: وقد خبرت طريق الفريقين غاية هؤلاء الشك، وغاية هؤلاء الشطح، والمتكلمون عندي خير من الصوفية لأن المتكلمين قد يردون الشك، والصوفية يوهمون التشبيه والإشكال والثقة بالأشخاص الضلال3 اهـ.

على الرغم مما لدى المعتزلة من الزيغ والضلال والانحراف عن منهاج أهل السنة والجماعة والإحداث في دين رب العالمين، إلا أن بدعة الصوفية الكفرية القائلة بالحلول والاتحاد أشد وبالا وأعظم ضلالا.

ومثلما اشتد الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب في إنكاره على الصوفية ومن تأثير بأفكارهم الهدامة ينبغي على المسلمين عامة ورجال الحسبة بصفة خاصة أن يشتدوا في الإنكار عليهم وعلى غيرهم من المبتدعة، كل حسب استطاعته، والله المستعان.

1- القماطر: جمع قِطمر وهي: ما تصان فيه الكتب " لسان العرب 5/3740- مادة قطمر".

2-

أورده ابن بطة في الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة 2/472 ع:483.

3-

الآداب الشرعية والمنح المرعية 1/235 بتصرف يسير، تلبيس إبليس ص 275.

ص: 312