الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخاتمة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، أحمده جل وعلا حمداً يليق بجلاله وبعظيم سلطانه حمداً لا ينبغي لأحد سواه على تيسيره وتوفيقه لي في إعداد هذه الرسالة، وعونه جل وعلا حتى فرغت منها بعد رحلة طويلة وممتعة.
هذا وقد توصلت إلى النتائج التالية:
أولاً:
لقد تدهورت أحوال المسلمين في القرن الثاني عشر الهجري خاصة الحالة الدينية منها حتى كادت أن تتردى بهم إلى الجاهلية الأولى لولا رحمة الله عز وجل الذي هيأ لهذه الأمة المجدد الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.
فلقد هب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بالاحتساب على الشركيات وسائر المنكرات بكل بسالة وثبات رغم غربته في قومه مما يؤكد على أن قوة المحتسب الحقيقية تكمن في قوة إيمانه ويقينه بالله عز وجل واعتصامه بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
ثانياً:
إن الظروف الأسرية التي نشأ فيها المجدد المحتسب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله من حفظ لكتاب الله عز وجل منذ نعومة أظفاره، وانشغاله بطلب العلم وارتحاله في سبيله هيأته إلى حد كبير للمهمة السامية التي تحملها بعدئذ.
مما يبين أثر التربية الصحيحة والتوجيه السليم في محيط الأسرة على توجُّهات وسلوك الأبناء بوجه عام والمتميزين منهم بوجه خاص.
ثالثاً:
إن احتساب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لم يكن خبط عشواء ولا أماني جاشت بها مشاعره! إنَّما كان احتسابه رحمه الله يسير على منهج علمي راسخ نابع من قواعد أصولية مقننة في فقه إنكار المنكر قعّدها العلماء من قبل، ثم قررها رحمه الله بشكل نظري في أقواله ورسائله.
الأمر الذي يؤكد على أهمية العلم الشرعي خاصة ما يتعلق بفقه الاحتساب للمحتسب قبل شروعه فيه حتى لا ينهى عن معروف يظنه منكراً أو يأمر بمنكر يخاله معروفاً.
رابعاً:
كانت المرحلة الحاسمة في احتساب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تمثلت في قيامه بالحسبة العملية على المنكرات التي كانت متفشية في عصره رحمه الله، فكانت بمثابة قارب النجاة الذي نقل فيه المسلمين بفضل الله تعالى إلى شاطئ الأمان بعد أن كادت تغرقهم أمواج الأهواء في بحر المنكرات المظلم.
وما سلامة العقيدة وتحكيم الشريعة الإسلامية والأمن والاستقرار الذي أنعم الله تعالى به علينا في هذه البلاد إلا بعض ثمرات احتساب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله الذي أيده الله بمؤسس الدولة السعودية الأولى الأمير الإمام محمد بن سعود رحمه الله فلقد أجرى الله على يديهما خيراً عظيماً لا زلنا ننعم به.
وأسأل الله أن يديم هذه النعمة على هذه البلاد حتى يوم المعاد.
خامساً:
ما أنعم الله به على الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله من تمكين
وعزة وسؤدد ليس إلَاّ جزاءً لما تميزت به حسبته رحمه الله من نصرة للتوحيد، وذلك مصداقاً لقوله تعالى:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} 1.
وأذيل هذه الخاتمة بالتوصيات التالية:
1-
أوصي نفسي وكل محتسب وداعية بل كل مسلم بتقوى الله عز وجل في السر والعلن، والاعتصام بالكتاب والسنّة والانشغال بطلب العلم النافع والالتفاف حول العلماء الأعلام.
2-
أن يهتم المحتسب حين تسلحه بالعلم الشرعي بفقه إنكار المنكر ليتمثل صفات المحتسب ويعرف شروط الاحتساب ودرجاته وأصوله قبيل مباشرته الأمر والنهي.
3-
أن تكون الأولوية في الاحتساب للجانب العقدي وذلك بالأمر بتحقيق التوحيد والنهي عن كافة صور الشرك، فما أصاب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب من خير وعز وتمكين إلَاّ لنصرته للتوحيد ومحاربته للشرك.
4-
تحقيق الشمولية في الاحتساب فلا يعني الاهتمام بالتوحيد إهمال بقية جوانب الدين من العبادات والمعاملات والآداب بل لابد من إيفاء جميع النواحي حقها في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالإسلام دين التوازن والشمولية والاعتدال.
1 سورة النور آية 55.
5-
القراءة في سير الأبطال الذين سطَّر لهم التاريخ أعمالهم المشرِّفة بأحرف من نور أمثال الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله للاقتداء بهم والسير على خطاهم في طريق الهدى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وختاماَ أسأل الله عز وجل أن يمن علي بتمام الإخلاص والمتابعة، وأن يجعل هذه الرسالة عملاً صالحاً وعلماً نافعاً ينتفع به في حياتي وبعد مماتي.
وصلى الله وسلم على نبينا المصطفى وعلى آله وصحبه أجمعين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.