الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: العلم والعمل:
العلم بعد الإخلاص أهم ما ينبغي على المحتسب أن يتزود به، فهو المصباح الذي يضيء الطريق لحامله فيبصر من خلال ضوئه طريق الخير وطريق الشر.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: "أي: وليعلم الذين أوتوا العلم النافع الذي يفرقون به بين الحق والباطل، والمؤمنون بالله ورسوله أن ما أوحيناه إليك هو الحق من ربك"2اهـ.
وليس العلم غاية في حد ذاته إنما هو وسيلة مثلى للغاية الحقيقية من خلق الإنسان وهي عبادة الله عز وجل، فالعلم يورث الإيمان والإخبات والخضوع كما في الآية السابقة ويروث الخشية في قوله تعالى:{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} 3 لذلك وجب طلب ذلك العلم.
قال صلى الله عليه وسلم: "طلب العلم فريضة على كل مسلم"4.
1-سورة الحج آية 54.
2-
تفسير القرآن العظيم 5/442.
3-
جزء من الآية 28 من سورة فاطر.
4-
أخرجه ابن ماجة فب سننه في حديث أنس رضي الله عنه بزيادة: "..وواضع العلم عند غير أهله كمقلد الخنازير الجوهر والؤلؤ والذهب" مقدمة ب: فضل العلماء والحث على طلب العلم ح: 224"1/81"، وأورده ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله ص 266- ن دار زمزم- الرياض، والمنذري في الترغيب والترهيب من الحديث الشريف 1/96- ن دار إحياء التراث العربي- بيروت ط/3"1388هـ-1968م"، حسنه العجلوني في كشف الخفاء2/44 كما حسنه شعيب الأرنؤوط وزهير الشاويش في تخريجهما لشرح السنة للبغوي 1/290هـ (1) ، ن المكتب الإسلامي –ط/1"1390هـ-1971م"، بينما صححه الأباني قائلا: صحيح دون قوله: "وواضع العلم...." إلخ، فإنه ضعيف جدا:=
وبعد أن أدركنا أهمية طلب العلم الشرعي بوجه عام ننتقل إلى خصوصة ذلك بالنسبة للمحتسب، وهو ما أكد عليه الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب في بعض رسائله حيث قال في رسالته التي كتبها إلى أحمد بن محمد بن سويلم1 وثنيان بن سعود2.
" الإنسان لا يجوز له الإنكار إلا بعد المعرفة، فأول درجات الإنكار معرفتك أن هذا مخالف لأمر الله"3.
ويتأكد وجوب الطلب لمن يتربص به الخصوم قال الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:
"وقد يكون لأعداء التوحيد علوم كثيرة وكتب وحجج كما قال تعالى: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} 4 فإذا عرفت ذلك وعرفت أن الطريق إلى الله لابد له من أعداء قاعدين عليه أهل فصاحة وعلم وحجج كما قال تعالى: {وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ
…
الآية} 5 فالواجب عليك أن تعلم من دين الله ما يصير ذلك لك سلاحا تقاتل به هؤلاء الشياطين"6.
= "صحيح سنن ابن ماجة باختصار السند 1/44ح: 183"، وانظر صحيح الترغيب والترهيب 1/34 ح: 70 "للحافظ المنذري" اختيار وتحقيق محمد ناصر الدين الألباني- ن المكتب الإسلامي- ط/1- بيروت "1402هـ-1982م"، وصحيح الجامع الصغير وزيادته 3/10 ح:3808.
1-
لم أجد له ترحمة.
2-
لم أجد له ترجمة.
3-
الرسائل الشخصية- الحادي والأربعون ص 284، الدرر السنية في الأجوبة النجدية 7/26.
4-
جزء من الآية 83 من سورة غافر.
5-
سورة الأعراف آية 86.
6-
الرسائل الشخصية- الرسالة الثانية والعشرون ص156، والدرر السنية في الأجوبة النجدية1/50.
لما كان احتساب الجاهل يفسد أكثر مما يصلح فقد حذر الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب من الاحتساب بغير علم في رسالته التي أرسلها إلى مطاوعة1 أهل الدرعية عند ما كان في بلد العيينة فقال:
" ومتى لم تتبين لكم المسألة لم يحل لكم الإنكار على من أفتى أو عمل حتى يتبين لكم خطؤه، بل الواجب السكوت والتوقف، فإذا تحققتم الخطأ بينتموه"2.
وقال رحمه الله في رسالته إلى إخوانه من أهل سدير بسبب أمر جرى بين أهل الحوطة من بلدان سدير3، والتي قرر فيها قاعدة أساسية في الاحتساب:
" وأهل العلم يقولون الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يحتاج إلى ثلاث: أن يعرف ما يأمر به، وينهى عنه، ويكون رفيقاً فيما يأمر به وينهى عنه، صابرا على ما جاء من الأذى، وأنتم محتاجون للحرص على فهم هذا والعمل به فإنَّ الخلل إنَّما يدخل على صاحب الدِّين من قلة العمل بهذا أو قلة فهمه"4.
وقال رحمه الله:
"وفي الحديث: من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر فينبغي أن يكون عليماً فيما يأمر به، عليما فيما ينهى عنه رفيقاً فيما يأمر به، رفيقاً فيما ينهى عنه، حليماً يما يأمر به حليماً فيما ينهى عنه"5.
وهذه القاعدة بعينها قد أصلها بعض علماء السلف رحمهم الله.
1-جمع مطوع: وهي كلمة عامية نجدية يلقب بها الرجل إذا كانت عليه سيما الصلاح وعنده بعض العلم والفقه في الأمور الاجتهادية، ولعل أصلها اللغوي يعود إلى الطاعة.
2-
الرسائل الشخصية – الرسالة الخامسة والثلاثون ص 240، والدرر السنية في الأجوبة النجدية 8/73.
3-
سبق التعريف بها، راجع ص "99"هـ"3".
4-
الرسائل الشخصية- الرسالة الرابعة والأربعون ص 296، والدرر السنية في الأجوبة النجدية 7/25.
5-
مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب- ملحق المصنفات ص 125.
عن أبي الربيع قال: " دخلت على سفيان- أي الثوري- بالبصرة فقلت: يا أبا عبد الله إني أكون مع هؤلاء المحتسبة، فندخل على الحنينين1، ونتسلق عليهم الحيطان، قال: أليس لهم أبواب؟ قلت: بلى، ولكن ندخل عليهم كيلا يفروا، فأنكر ذلك إنكارا شديدا، وعاب فعلنا فقال رجل: من أدخل هذا؟ قلت: إنما دخلت إلى الطبيب أخبره بدائي، فانتفض سفيان قال: إنما هلكنا إذ نحن سقمى فسمونا أطباء، ثم قال: لا يأمر بالمعروف، ولا ينهى عن المنكر إلا من كان فيه ثلاث خصال: رفيق بما أمر، رفيق بما ينهى، عدل بما يأمر، عدل بما ينهى، عالم بما يأمر، عالم بما ينهى"2.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"فلابد من هذه الثلاثة العلم والرفق والصبر، والعلم قبل الأمر والنهي، والرفق معه، والصبر بعده، وإن كان كل من الثلاثة مستصحبا في هذه الأحوال، وهذا كما جاء في الأثر عن بعض السلف ورووه مرفوعا ذكره القاضي أبو يعلى في المعتمد3: " لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا من
1-ربما كان مراده الذين يحنون إلى شيء من ماضي أعمالهم "كتاب الورع ص 154 هـ"3" عن الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه تحقيق الدكتورة زينب إبراهيم القاروط- ن دار الكتب العلمية- بيروت- لبنان-ط/1"1403هـ-1983م".
2-
الأمر بالمعروف والنهي عن لمنكر ص 46 لأبي بكر الخلال، دراسة وتحقيق عبد القادر أحمد عطا- ن دار الكتب العلمية- بيروت- ط/1"1406هـ-1986م"، ودار الباز- مكة المكرمة.
3-
رفعه القاضي أبو يلعى عن أسامة بن زيد رضي الله عنه " كتاب المعتمد في أصول الدين ص 196، حققه وقدم له الدكتور ودبع زيدان حمدان- ن دار المشرق- بيروت- لبنان والمكتبة الشرقية- بيروت- ط/إدارة معهد الآداب الشرقية، وبعد البحث عنه لم أجده إلا عند الديلمي عن أنس بن مالك رضي الله عنه ولم يذكر له إسنادا- بلفظ: " لا ينبغي للرجل أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر حتى يكون فيه ثلاث خصال: رفيق بما يأمر رفيق بما ينهى ، عالم بما ينهى، عدل فيما ينهى" " كتاب فردوس الأخبار بمأثور الخطاب المخرج على كتاب الشهاب 5/269 ح: 7857 تأليف الحافظ شيرويه ابن شهر دار شيرويه الديلمي ومعه تسديد القوس للحافظ ابن حجر العسقرني، قدم له حققه وخرج أحاديثه فواز =
كان فقهيا فيما يأمر به، فقيها فيما ينهى عنه، رفيقا فيما يأمر به، رفيقا فيما ينهى عنه، حليما فيما يأمربه حليما فيما ينهى عنه"1 اهـ.
ورفعه رحمه الله في موضع آخر قائلا: " كما جاء في الحديث: " ينبغي لمن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر أن يكون فقيها فيما يأمر به، فقيها فيما ينهى عنه، رفيقا فيما يأمر به، رفيقا فيما ينهى عنه حليما فيما يأمر به حليما فيما ينهى عنه"2 فالفقه قبل الأمر ليعرف المعروف وينكر المنكر، والرفق عند الأمر ليسلك أقرب الطرق إلى تحصيل المقصود، والحلم بعد الأمر ليصبر على أذى المأمور المنهي، فإنه كثيرا ما يحصل له الأذى بذلك"3.
يتضح لنا مما سبق شدة تأثر شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بمن سبقه من العلماء خاصة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، حيث إن ما قرره من قواعد نظرية في صفات المحتسب ما هي إلا امتداد لما قعده أهل العلم من قبله.
واشتراط العلم في المحتسب أمر في غاية الأهمية، لأنه إن كان جاهلا بالأمر المحتسب فيه فقد يأمر بما ليس بمعروف، وينهى عما ليس بمنكر4 فيفسد من
=أحمد الزمرلي، محمد المعتصم بالله البغدادي- ط/1 بيروت- لبنان "1407هـ-1987م"، وذكره العلامة المتقي الهندي في كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال 3/76 ع: 5561، ضبطه وفسر غربيه الشيخ بكري حياني، صحيحه ووضع فهارسه ومفتاحه الشيخ صفوة السقا- ن مكتبة الرتاث الإسلامي- حلب- مطبعة الثقافة- طلب- ط/1"1394هـ-1974م"، والذي ترجح لي بعد البحث أن النص المذكور من الآثار كما في ص "144" عن سفيان الثوري رحمه الله ولم يثبت صحة رفعه للرسول صلى الله عليه وسلم والله أعلم.
1-
مجموع الفتاوى 28/137، والحسبة في الإسلام ص 84، تحقيق سيد محمد بن أبي سعدة- نمكتبة دار الأرقم- الكويت- ط/1"1403هـ-1983م".
2-
وقد ذكره الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. راجع ص "143" من هذا البحث.
3-
مجموع الفتاوى 15/167.
4-
انظر أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن 6/173: تأليف محمد الأمين بن محمد المختار الجنكي الشنقيطي- ن عالم الكتب- بيروت- ط/بدون.
حيث أراد الإصلاح وفي ذلك يقول ابن حزم: " لا يجوز أن يدعو إلى الخير إلا من علمه ولا يمكن أن يأمر بالمعروف إلا من عرفه، ولا يقدر على إنكار المنكر إلا من ميزه"1 ا. هـ.
والعلم بحسب أهميته على درجات:
أولا: أهم ما على المحتسب تعلمه التوحيد الذي بتعلمه والعمل به وتعليمه تتحقق الغاية من خلق الإنسان المتضمن لها لقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} 2، فهو أول ما دعت إليه الرسل قاطبة وأمرت به أقوامها قال تعالى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} 3.
وهو أهم ما بدأ به مجدد التوحيد الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب حيث ذكر رحمه الله أنَّ معنى قوله تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} 4: "شدة الحاجة إلى تعلم التوحيد، فإذا كان الأنبياء يحتاجون إلى ذلك ويحرصون عليه فكيف بغيرهم؟ ففيها رد على الجهال الذين يعتقدون أنهم عرفوه فلا يحتاجون إلى تعلمه"5.
ولقد أكد على ذلك في بعض رسائله كرسالته التي أرسلها إلى من تصل إليه من أهل العلم الصابرين حيث قال رحمه الله:
1-الأحكام في أصول الأحكام 2/694- ن زكريا علي يوسف- ط/مطبعة العاصمة – القاهرة- دار الاعتصام.
2-
سورة الذاريات آية 56.
3-
جزء من الآية 36 من سورة النحل.
4-
سورة الزمر آية 65.
5-
مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب- القسم الرابع- التفسير ص 345.
"
…
فلا تغفلوا عن طلب التوحيد وتعلمه واستعمال كتاب الله وإجالة الفكر فيه"1.
وقال رحمه الله محتسبا على عبد الرحمن بن ربيعة مطوع أهل ثادق2:
"فإن استقمت على التوحيد وتبينت فيه ودعوت الناس إليه وجاهرت بعداوة هؤلاء خصوصا ابن يحيى لأنه من أنجسهم وأعظمهم كفرا وصبرت على الأذى في ذلك فأنت أخونا وحبيبنا وذلك محل المذاكرة في المسائل التي ذكرت، فإن بان الصواب معك وجب علينا الرجوع إليك، وإن لم تستقم على التوحيد علماً وعملا ومجاهدة فليس هذا محل المراجعة في المسائل، والله أعلم"3.
كما قال رحمه الله أيضا في رسالة جوابية لرجل لم يذكر اسمه في المصادر:
"وإن كانت نفسك عليك عزيزة ولا ترضى لها بالهلاك فالتفت لما تضمنت أركان الإسلام من العلم والعمل خصوصا الشهادتين من النفي والإثبات، وذلك ثابت من كلام الله ورسوله"4.
وجاء في احتسابه رحمه الله على مطاوعة أهل الدرعية ما نصه:
"وإن لم تعلموا وكانت المسألة من الواجبات مثل التوحيد فالواجب عليكم
1- الرسائل الشخصية- الرسالة الثانية والثلاثون ص 271والدرر السنية في الأجوبة النجدية 8/50.
2-
ثادق: بفتح الثاء، فلألف، فدال مكسورة، فقاف
…
وهذا الاسم يطبق على موضعين مشهورين أحدهما واد غرب " القصيم" يسيل في " وادي الرمة"..وهذا هو الذي ذكره الشعراء ورسم له في كتب المنازل والديار..والآخر بلد واقع في إقليم"المحمل" من اليمامة، وهو قاعدة الإقليم. " المعجم اليمامة 1/221 مختصرا"، وتقع مدينة ثادق في وسط منطقة المحمل بمنطقة الرياض، شمال غرب مدينة الرياض بما مسافته حوالي "150"كم " انظر المرجه السابق 1/224، انظر ثادق ص 19: محمد بن عبد الرحمن الموسي- ط/1"1415هـ-1995م"- مطابع الخالد للأوفست- الرياض.
3-
الرسائل الشخصية- الرسالة الرابعة والعشرون ص 167، الدرر السنية في الأجوبة النجدية 8/76.
4-
الرسائل الشخصية- الرسالة الخامسة والعشرون ص 171، الدرر السنية في الأجوبة النجدية 1/72.
أن تطلبوا وتحرصوا حتى تفهموا حكم الله ورسوله في تلك المسألة"1.
ثانيا: كذلك يجب على المحتسب أن يهتم بطلب العلم الشرعي في الفروع من العبادات والمعاملات.
"فإن الفقه في الدين من الأمور الضرورية للمحتسب في عمله"2.
وذلك ليستطيع أن يميز بين المعروف والمنكر، حتى يأمر بالأول وينهى عن الثاني3.
فلا يتأتى عليه الاحتساب حتى يكون لديه " علم بالمنكرات الظاهرة" 4 وبأدلتها الشرعية، فلا يحكم على أمر بأنه منكر إلا إذا قام عليه دليل من كتاب الله أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، أو إجماع المسلمين5 فكما أن من يعالج المريض يحتاج إلى فهم بالمرض والدواء أن يكون طبيبا جيدا6 فكذلك المحتسب يحتاج إلى علم وفهم بأمراض المجتمع وانحرافاته فلا بد من العلم بالأمور الآتية:
1-
أصل الداء والمرض، 2-طبيعته وأعراضه، 3-الدواء الناجح لعلاجه، وبذلك يستطيع أن يحدد الداء والدواء ليصل إلى الغاية المرجوة
1-الرسائل الشخصية- الرسالة الخامسة والثلاثون ص 240.
2-
نظام الحسبة في العراق حتى عصر المأمون نشأته وتطوره ص 98: رشاد عباس معتوق- ن تهامة- ط/1 "1402هـ-1982مط –مطابع دار البلاد.
3-
انظر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ص 106: الدكتور محمد عبد القادر أبو فارس- ن دار الفرقان- عمان ط/ 3" 1404هـ-1982م"، مطبعة النور النموذجية- عمان – الأدرن.
4-
الأحكام السلطانية ص 285 للقاضي أبي يعلى الفراء.
5-
القول البين الأظهر في الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ص 75: تأليف الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي- ن مكتبة دار السلام- الرياض- ط/1"1412هـ".
6-
أصول الدعوة ص 479 تأليف: الدكتور عبد الكريم زيدان- ن مكتبة القدس- بغداد- دار الوفاء- المنصورة- ط/6"1413هـ-1992م"، خاصة بمصر.
لأقصر طريق1، بإذن الله.
ثالثا: من لوازم الاحتساب أيضا أن يتعلم المحتسب كيفية الاحتساب، وهذا ما أشار إليه شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في حديثه عن الرفق في الأمر الآنف الذكر2، كما يتعلم مواقع الحسبة وحدودها ومجالاتها وموانعها ليقتصر على حد الشرع فيها3، فإن إلمامه بالمحيط والظروف والأوضاع الفكرية والاجتماعية التي تحيط بمجال عمله، يمكنه من ممارسته عملية التغير وانتهاج الأسلوب والطريقة المناسبة4، وأهم ما على المحتسب معرفته قبيل احتسابه حال المحتسب عليه "المأمور والمنهي"5.
ومما تجدر الإشارة إليه أن على المحتسب التثبت في الرواية فلا يروي حديثا إلا وقد ثبت لديه صحة نسبته للرسول صلى الله عليه وسلم حتى لا يتخبط في احتسابه من حيث لا يشعر فيأمر بخلاف السنة أو ينهى عن بعضها والعياذ بالله.
ولقد احتسب الشيخ محمد بن عبد الوهاب على محمد بن عباد6 لما
1-انظر مناهج العلماء في الأمر بالمعروف والنهي عن املنكر ص 71 تألأيف: فاروق عبد المجيد حمود السمارائي- ن دار الوفاء جدة- ط/ مطابع دار المطبوعات الحديثة بجدة.
2-
راجع ص 143 من هذا المطلب.
3-
انظر الحسبة والمحتسب في الإسلام ص 79- نصوص جمعها وقدم لها الدكتور نقولا زيادة- ن المطبعة الكاثوليكية بيروت –ط/"1963م".
4-
انظر الأمر بالمعروف والنهي عن النكر ص 44: لجنة التألأيف –ن مؤسسة البلاغ- خواندنيها- ط/1"1405هـ-1985م".
5-
انظر: الحسبة في الإسلام ص 83، وانظر: مجموع الفتاوى 28/136.
6-
هو: محمد بن عباد الدوسري من آل عوسج، ولد في بلدة البير- إحدى قرى المحمل- نشأ فيها ثم انتقل إلى الحوطة سدير، عين قاضيا لبلدة ثرمدا وجلس في القضاء وحتى توفي سنة "1175هـ""علماء نجد خلال ستة 3/812-813 باختصار".
استدل بحديث: "اطلبوا العلم ولو من الصين" 1 قائلا:
"جزمك بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اطلبوا العلم ولو في الصين: فلا ينبغي أن يجزم الإنسان على رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لا يعلم صحته، وهو من القول بلا علم، فلو أنك قلت روي، أو ذكر فلان، أو ذكر في الكتاب الفلاني لكان هذا مناسبا، أما الجزم بالأحاديث التي لا تصح فلا يجوز، فتفطن لهذه المسألة فما أكثر من يقع فيها"2.
وبالجملة فإنه لا بد للآمر بالمعروف والناهي عن املنكر أن يطلب العلم ويلحق بركاب العلماء حتى يجد النور ساطعا في كل فج يسلكه، وحتى يعضد أمره ونهيه بالأدلة الشرعية مما يجعل الحجة معه ومن ثم يكون لأمره ونهيه تأثير في المجتمع3 بإذن الله.
وتمام العلم العمل به فلا قيمة للعلم بلا عمل ولا قيمة للعمل بدون علم.
1أورده ابن عبد البر عن أنس بن مالك بلفظ: "
…
ولو بالصين فإن طلب العلم فريضة على كل مسلم" في جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله ص 27، الخطيب البغدادي في الرحلة في لطلب الحديث ص 72، حققه وعلق عليه نور الدين عتر- ن دار الكتب العلمية- بيروت ط/1"1395هـ-1975م"، وذكره ابن الجوزي في كتاب الموضوعات وقال: هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: 1/215، ضبط وتقديم وتحقيق عبد الرحمن محمد عثمان – ن محمد عبد المحسن صاحب المكتبة لسلفية بالمدينة المنورة ط/1"1386هـ"، والسيوطي في الآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة 1/193، وضعفه السخاوي في المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة ص 86-ح:125، دراسة وتحقيق محمد عثمان الخشت- ن دار الكتاب العربي- بيروت- لبنان- ط/2"1414هـ-1994م"، وذكره الشوكاني في الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ص 272 وقال: إن لفظه مشهور وأسانيده ضعيفة، بتحقيق العلامة عبد الرحمن ابن يحيى المعلمي اليماني- ن المكتب الإسلامي- بيروت- دمشق ط/3"1402هـ" بيروت.
2-
الرسائل الشخصية- الرسالة الثانية ص 18، والدرر السنية في الأجوبة النجدية 1/68.
3-
صفات الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ص 36: الدكتور عبد العزيز بن أحمد المسعود- ن دار الوطن- الرياض- ط/1"1414هـ".
قال الإمام الحسن البصري رحمه الله: " إذا كنت آمرا بالمعروف فكن من أأخذ الناس به إلا هلكت
وإذا كنت ممن ينهى عن المنكر فكن من أنكر الناس به وإلا هلكت"1.
وقد أجمل الإمام ابن الجوزي رحمه الله هذا المعنى بعبارة بليغة قال فيها:
"من لم يعمل بعلمه لم يدر ما معه حامل المسك إذا كان مزكوما فلا حظ له فيما حمل"2.
ولقد نوه الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله إلى هذا المعنى بقوله: "وأن يكون مطابقا للأمر"3 أي أن يكون فعل المحتسب مطابقا لأمره حتى إذا وافته المنية وهو في حال إصلاح نفسه، كان خيرا له من أن يموت وهو ساع لإصلاح غيره دون نفسه فيحاسب على ترك واجبات وفرائض4.
والوعيد في هذا الباب معلوم بالكتاب والسنة قال تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} 5.
فدلت الآية الكريمة على زجر من يأمر الناس بالخير وينسى نفسه من ذلك والله أعلم.
1-الزهد ص 118 للحسن البصري تحقيق د. محمد عبد الرحيم محمد- ط، ن دار الحديث- شارع جوهر القائد أمام جامعة الأزهر، انظر الزهد ص 318 للإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني- الناشر دار الكتب العلمية- بيروت- الطبعة 2"1414هـ-1994م".
2-
كتاب اللطف في الوعظ ص 43 لابن الجوزي- ن دار الكتب العلمية- بيروت- لبنان- ط/1"1405هـ-1984م" بيروت لبنان.
3-
ملحق المصنفات ص 125.
4-
انظر: وشي الحلل في مراتب العلم والعمل" رسالته في فقه الدعوة وتزكية النفوس" ص24: حسين العوايشة –ن دار الهجرة- الثقبة- الرياض- ط/1"1412هـ-1991م" بتصرف يسير.
5-
سورة البقرة آية 44.
ولكن هذا لا يعني أن يتقاعس المحتسب عن احتسابه إذا رأى في نفسه قصورا فذلك من كيد الشيطان له ليصرفه عن طريق الخير الذي يسلكه.
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية السابقة:
" فكل من الأمر بالمعروف وفعله واجب، لا يسقط أحدهما بترك الآخر على أصح قولي العلماء من السلف والخلف. وذهب بعضهم إلى أن مرتكب المعاصي لا ينهى غيره عنها، وهذا ضعيف، وأضعف منه تمسكهم بهذه الآية، فإنه لا حجة لهم فيها، والصحيح أن العالم يأمر بالمعروف، وإن لم يفعله، وينهى عن المنكر وإن ارتكبه ولكنه- والحالة هذه- مذموم على ترك الطاعة وفعله المعصية، لعلمه بها ومخالفته على بصيرة، فإنه ليس من يعلم كمن لا يعلم، لهذا جاءت الأحاديث في الوعيد على ذلك"1 اهـ.
عن أبي وائل2: قال: قيل لأسامة لو أتيت فلانا3 فكلمته، قال: إنكم لترون أني لا أكلمه، إلا أسمعكم إني أكلمه في السر دون أن أفتح باباً لا أكون أول من فتحه ولا أقول لرجل أن كان عليَّ أميراً إنه خير الناس بعد شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا وما سمعته يقول؟ قال سمعته يقول: " يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق4 أقتابه5 في النار فيدور كما يدور
1-تفسير القرآن العظيم 1/122.
2-
هو: عبد الله بن بحير بفتح الموحدة وكسر المهملة، بن ريسان بفتح الراء وسكون التحتانية بعدها مهملة أبو وائل القاص، الصنعاني، وثقه ابن معين واضطرب فيه كلام ابن حبان " تقريب التهذيب 2/403 ت:196".
3-
أي عثمان رضي الله عنه كما في صحيح مسلم ك: الزهد –ب: عقوبة من يأمر بالمعروف ولا يفعله
…
-4/2290.
4-
قال ابن الأثير: الاندلاق خروج الشيء من مكانه، يريد خروج أمعائه من جوفه- النهاية في غريب الحديث والأثر 2/130 مادة:"دلق".
5-
الأقتاب: الأمعاء، واحدها: قتب بالكسر، وقيل هي جمع قتب وقتب جمع قتبة، وهي المعي، المصدر السابق 4/10 مادة " قتب".
الحمار برحاه فيجتمع أهل النار عليه فيقولون أي فلان ما شأنك، أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ قال كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن النكر وآتيه"1.
ففي الحديث دلالة على هول العقوبة التي تنتظر الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر إذا لم يعمل بعلمه والله أعلم.
وقد نقل الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله قول أحد أهل العلم ولم يسمه: " يجب الأمر بالمعروف لمن قدر عليه ولم يخف على نفسه منه ضرراً ولو كان الآمر متلبسا بالمعصية، لأنه في الجملة يؤجر على الأمر بالمعروف ولا سيّما إن كان مطاعا، أما إثمه الخاص به فقد يغفره الله وقد يؤاخذ به، وأما من قال: لا يأمر بالمعروف إلا من ليست فيه وصمة فإن أراد أنه الأولى فجيد وإلا فيستلزم سد باب الأمر إذا لم يكن هناك غيره"2اهـ.
وقال الفقيه السبكي رحمه الله3: " لا يشترط في القيام به- أي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- أن يكون الآمر ممتثلا في نفسه لأنه تعلق به حقان، حق الكف في نفسه، وحق نهي غيره ولا يسقط حق حقا، وهذا لا ينافي أن الكمال أن يكون الآمر عاملاً بما يأمر به مجتنبا ما نهى عنه ليكون
1-أخرجه البخاري في صحيحه- ك بدء الخلق- بب: صفة النار وأنها مخلوقة ح:9،4/147.
2-
فتح الباري شرح صحيح البخاري 13/53.
3-
هو: محمود بن محمد بن أحمد بن حطاب السبكي، أبو محمد، فقيه مالكي أزهري، ولد في " سبك الأحد" من قرى المنوفية سنة "1274هـ- 1858م" وتعلم بالأزهر وتوفي بالقاهرة سنة "1352هـ-1933م"" الأعلام 7/1865 باختصار".
أدعى بالقبول1ا. هـ.
إذن على المحتسب أن يبادر للعلم والعمل معا بهمة عالية قبل شروعه في الاحتساب، فإن وجد في نفسه خللاً فلا يثنيه ذلك عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإنه من كيد الشيطان ليصده عن هذا الخير العظيم، إنما عليه المبادرة إلى إصلاح نفسه بالتوبة والاستغفار وفعل الطاعات والسير قدما في طريق الإصلاح الوعر بعزم الجبال، إصلاح نفسه وإصلاح الآخرين على حد السواء.
روى الخطيب البغدادي رحمه الله2 عن أبي برزة صلى الله عليه وسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مثل الذي يعلم الناس الخير وينسى نفسه مثل الفتيلة تضيء للناس وتحرق نفسها"3.
وقد ورد في تقسيم الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ثمانية أصناف هي:
أولهم: أرباب القلوب والعزائم أخذاً بقوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ} 4 وهم المقصودون بقوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} 5 وهم الصابرون أخذا بقوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ
1-المنهل العذب المورد شرح سنن الإمام أبي داود 3/316 للإمام محمود محمد حطاب السبكي –ن المكتبة الإسلامية- ط/2"1394هـ-1974م".
2-
هو: أحمد بن علي بن ثابت البغدادي، أبو بكر المعروف بالخطيب أحد الحفاظ المؤرخين، مولده في "غربة" بصيغة التصغير- منتصف الطريق بين الكوفة ومكة سنة " 392هـ-1002م" ومنشأه ووفاته ببغداد سنة "463هـ-1072م"" الأعلام 1/172 باختصار".
3-
اقتضاء العلم والعمل ص 49 للخطيب البغدادي حققها محمد ناصر الدين الألباني- ن المكتب الإسلامي ط/5"1404هـ- 1984م"، وصححه الألباني بالموضع نفسه هـ "71".
4-
جزء من الآية 187 من سورة آل عمران.
5-
جزء من الآية110 من سورة آل عمران.
نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا} 1.
وثانيهم: قوم من أهل العلم والعمل متلبسون بكريم الخلق، تاركون لما كره الله، لا تأخذهم في الله لومة لائم، لكن فيهم حدة وصلابة في التعبير،، ففاتهم الرفق الواجب في الأمر والنهي فكانوا دون من قبلهم.
ثالثهم: علماء بما يأمرون، وينهون لكنهم غافلون عن الآفات المفسدة للأمر والنهي، فيغلب عليهم سوء الظن بالمسلمين.
ورابعهم: قوم صلحاء أخيار، ولكنهم لا يعرفون قواعد الأمر والنهي، ومنهم من يكون رفيقا صبورا على الأذى سراً وجهراً، ومنهم من يأمر وينهى بمقتضى الغيرة، ولكنهم لا يصبرون.
وخامسهم: العامة الذين رزقوا حظا من القبول بين الناس يخبطون في الأمر والنهي على غير علم فيفسدون أكثر مما يصلحون.
وسادسهم: وهم في الجهل كسابيقهم إلا أنهم غافلون عن كل ما يأمرون وينهون، مقارفون للمعاصي.
وسابعهم: دون الذين قبلهم وأخس، لأنهم نصبوا أنفسهم للأمر والنهي رياء وسمعة، واكتسابا للمحامد والرفعة، وتزينوا بزي الصالحين، وأخذوا سمتهم وسيلة لنيل مآربهم.
وثامنهم: ليس لهم نية ثابتة صحيحة، فهم يأمرون الضعفاء، ويضعفون عن الأقوياء مع قدرتهم، ويحابى بعضهم الأصحاب وذوي الهيئات لغرض شيطاني
1-جزء من الآية 146 من سورة آل عمران.
مذموم1.
فمن وفقه الله لبلوغ المرتبة الأولى من تلك الأصناف فجاهد نفسه وزكاها حتى أشربت بالإخلاص والعلم والعمل كان هو المحتسب الأمثل: {ذلك فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} 2.
1-الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ص20 لخلال، وهذا التقسيم من كلام المحقق/عبد القادر أحمد عطا.
2-
جزء من الآية 21 من سورة الحديد.