الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك، ثم وجد الأرادب زادت زيادة تشبه تفاوت الكيل أو نقصت كذلك، أو زاده المكري ذلك المقدار، فلا شيء في ذلك. وكلام المؤلف يحتمل التقررين معًا، واللَّه اعلم.
* * *
فصل
في كراء الحمام والدار والعبد والأرض واختلاف المتكاريين، جاز كراء حمَّام وما أشبهه كفرن، ومعمل فروخ.
وجاز كراء دار غائبة وربع وحانوت وأرض.
وظاهره: ولو كانت الغيبة بعيدة، كاكترائه دارًا بمصر وهو بمكة برؤية سابقة، أو بوصف، كبيعها -أي: الحمام أو الدار- وفي بعض النسخ كبيعهما، أو نصفها مثلًا مشاعًا، أو نصف عبد أو دابة، ولا خصوصية للنصف؛ إذ هو وغيره من الأجزاء سواء.
وجاز كراء الدار شهرًا على شرط إن سكن منه يومًا فأكثر لزم الشهر كله؛ ولهذا الشرط شرط أشار له بقوله: إن ملك المكتري البقية من الشهر للسكنى فيها أو لكرائها، إن خرج منها، وإلا لم يجز بحال، ونحوه في المدونة.
وقول الشارح: (إن ملك الكري) غير ظاهر.
وجاز لمن اكترى شهرًا أو سنة عدم بيان الابتداء، وحمل على أن أول ذلك يكون من حين العقد؛ إذ لو لم يحصل ذلك لفسد العقد؛ لأن الكراء لا يجوز على سنة غير معينة.
وجاز كراء الدار ونحوها مياومة ومشاهرة ومساناة، كأكريتها منك كل يوم أو كل شهر بكذا، وصح العقد، ولم يلزم لهما، أي: للمتعاقدين فيما ذكر من الشهر ونحوه، سواء سكن بعضه أو لا عند ابن القاسم وروايته عن
مالك في المدونة، واختاره ابن يونس، وروى مطرف وابن الماجشون لزومها في الأقل مما سمي من شهر ونحوه، واختاره اللخمي.
ثم استثنى من عدم اللزوم قوله: إلا بنقد في يوم أو شهر ونحوهما فقدره، أي: يلزم قدر ما نقد فقط، فلو قال: كل يوم مثلًا بدرهم ودفع له عشرة دراهم لزمه عشرة أيام.
ولما كانت الوجيبة عندهم هي اللازمة شبهها بما يلزم، فقال: كوجيبة (1)، واقتصر فيها على ذكر أربعة ألفاظ ذكرها ابن رشد:
أولها: التسمية، وأشار لها بقوله: بشهر كذا مثلًا، أو سنة كذا.
وثانيها: الإشارة، وأشار لها بقوله: أو هذا الشهر، وهذه السنة.
والثالث: التنكير دون إضافة للمنكر، وأشار له بقوله: أو شهرًا، أي: اكتريها شهرًا.
والرابع: لوقت (2) كذا، وإليه أشار بقوله: أو إلى كذا، وفي كون سنة أو شهر بكذا وجيبة فتلزم كالمعين، وهو تأويل ابن لبابة والأكثر، أو غير وجيبة، فلا تلزم، وهو تأويل أبي محمد صالح، تأويلان.
وجاز كراء أرض مطر عشرًا إن لم ينقد، أي: بشرط عدم النقد، لا شرط النقد، ولا مع السكوت، ومفهومه: إن شرط لم يجز، ويفسد العقد.
(1) قال في اللسان (6/ 4766): "أَبو عمرو الوَجِيبةُ أَن يُوجِبَ البَيْعَ ثم يأْخذَه أَوَّلًا فأَوَّلًا وقيل على أَن يأْخذ منه بعضًا في كل يوم فإِذا فرغ قيل اسْتَوْفى وَجِيبَتَه وفي الصحاح فإذا فَرَغْتَ قيل قد استَوفيْتَ وَجِيبَتَك، وفيَ الحديث: "إِذا كان البَيْعُ عن خِيار فقد وَجَبَ" أَي: تَمَّ ونَفَذ يقال وجب البيعُ يَجِبُ وجوبًا وأَوْجَبَه إِيجابًا أي: لَزِمَ وأَلْزَمَه يعني إِذا قال بعد العَقْد اخْتَرْ رَدَّ البيع أو إِنْفاذَه فاختارَ الإِنْفاذَ لزِمَ وإِن لم يَفْتَرِقا".
(2)
قال في المنح (8/ 25): "الرابع قوله أكري لوقت كذا وإن سمى الكراء دون تعيين مدته كاكترى الشهر بكذا أو كل شهر بكذا وفي كل شهر بكذا أو في لفظ السنة كذلك فالكراء غير لازم. اهـ.
فعند ابن رشد اللزوم في المنكر غير المضاف فقرر به تت كلام المصنف ولم يتنبه لمنافاته ما بعده والكمال للَّه تعالى".
ثم بالغ على الفساد مع حصول النقد بقوله: ولو نقد سنة واحدة من العشرة، ونحوه في المدونة، إلا الأرض المأمونة التي كالنيل والمعينة، بفتح الميم وكسر العين، وهي التي تسقي بالمعين الثابتة والآبار المعينة، فيجوز النقد فيها.
وكالنيل: يحتمل التمثيل، ويحتمل التشبيه، وإنما قال: يجوز مع قوله قبل وجاز ليبين أن بعض ما حكم له بالجواز قد يجب النقد فيه؛ ولذا قال: ويجب -أي: يقضي به- لرب الأرض على المكتري في مأمونه النيل إذا رويت؛ لعدم احتياجها للسقي فيما يستقبل، وبريها يكون المكتري قابضًا لما اكترى، وأما أرض السقي والمطر فلا يجب على المكتري نقد الكراء فيها حتى يتم الزرع ويستغني عن الماء، قاله ابن رشد.
وخرج بمأمونة: الري غير مأمونته، كالمرتفعة التي لا يبلغها النيل غالب؛ لعلو أرضها.
وجاز كراء قدر من فدادين من أرضك التي بموضع كذا، إن عين موضعه أو تساوت في نفسها وفي الأغراض، وأما إن اختلفت فلا يجوز حتى يسمي موضعه، واحترز بالقدر من جزء معين كربع أو نصف مثلًا، فلا يشترط تعيينه منفردًا.
وجاز كراء أرض على شرط أن يحرثها المكتري ثلاثًا، ثم يزرعها أو على أن يزبلها إن عرف، هذا كقول المدونة: من اكترى أرضًا على أن يكريها ثلاث مرات ويزرعها في الكراب الرابع جاز، وكذا على أن يزبلها بشيء معروف.
الصقلي وغيره: يريد إذا كانت مأمونة؛ لأن زيادة الكراب والتزبيل منفعة تبقى في الأرض، إن لم يتم زرعه، فإن نزل في غير المأمونة ولم يتم زرعه نظر كم يزيد كراؤها لزيادة ما اشترط على معتاد حرثها، وهو عندنا حرثه على كرائها دون ما اشترطت زيادته على المعتاد، فيرجع بالزائد؛ لأنه كنقد اشترط فيها، ولو تم زرعه فيها كان عليه كراء مثلها، بشرط تلك الزيادة؛ لأنه كراء فاسد، قاله التونسي.
وجاز كراء أرض استؤجرت أولًا سنين ماضية لذي شجر غرسها الماء هذا المستأجر سنين مستقبلة، تلي السنين الأولى.
فسنين مستقبلة: معمول لجاز، وفي كلامه تقديم وتأخير، أي: وجاز كراء أرض اكترت سنين ماضية سنين مستقبلة لصاحب شجر غرسها بها في السنين الماضية، وهذا كقول المدونة: وإن اكتريت أرضًا سنين مسماة فغرست بها شجرًا إن انقضت المدة وفيها شجرك فلا بأس أن تكريها من ربها سنين مستقبله.
وأما جعل الشارح سنين الأولى مستقبلة، والثانية بدل منها، فغير جلي، مع أنه ساق ما في المدونة، وإن تبعه البساطي.
ثم بالغ بقوله: وإن كان الشجر لغيرك بأن اكتريتها سنين وأكريتها لمن غرسها، ثم انقضت مدة الكراء وفيها غرسه، فلك أن تكريها من ربها سنين تلي الأولى، ثم إن أرضاك الغارس، وإلا قلع غرسه، ونحوه في المدونة.
لا زرع أي: لا إن كان الذي في الأرض زرعًا لغيرك، فلا يجوز لك أن تكتريها بسنين، بل يجوز أن تكريها المدة التي يحتاجها الزرع.
وجاز شرط كنس مرحاض في دار ونحوها على المكتري؛ لأنه معروف وجهه، ويدل كون الشرط على المكتري قوله: أو مرمة: بفتح الميم.
عياض: هي البناء والإصلاح، يجوز اشتراطه على المكتري عند الاحتياج إليه. ونحوه في المدونة.
وجاز اشتراط تطيين الدار على المكتري. المغربي: وهو جعل الطين على سقفها وسطوحها، وهو الطري.
ولما كان ظاهر المدونة أنه زايد على الكراء، وأنها قيدت بكونه منه، اعتبر المصنف القيد، فقال: من كراء وجب، بأن كان على النقد في