الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي نسخة البساطي (وجبت)، فجعل البساطي أن فاعل (تعين) يعود للشهادة بالتزكية، فقال: كأن لا يكون معه غيره أو معه ولكنه غائب، أو حاضر غير مقبول أو مقبول ويقول: إن فعل فلان فعلت.
[مسألة: ]
وندب تزكية سر معها، أي: مع شهادة العلانية، فيتجنب مجتمعهما، كما صرح به الباجي وغيره؛ لأن العلانية قد تشابه بالمداهنة، فإن اقتصر على العلانية جاز، وهو مذهب المدونة، خلافًا لابن الماجشون.
وأما تزكية السر منفردة فتقبل اتفاقًا من متعدد، فلا يكفي في الندب واحد، ولا تقبل في تزكية العلانية إلا اثنان، ويجوز للشاهد التعديل، وإن لم يعرف الاسم الذي عدل صاحبه؛ لأنه للمسمى على أي لفظ كان اسمه.
تنبيه:
أطلق المؤلف، وقيده المتيطي بما إذا كان مشهورًا بكنية أو بلقب ولا يعرف له اسم، ورب مشهور بكنيته أو لقبه ولا يعرف له اسم، كأشهب بن عبد العزيز اسم مسكين، وسحنون بن سعيد اسمه عبد السلام. انتهى. أي: وإن لم يقيد بذلك، إلا فيبعد مع طول العشرة عدم معرفة الاسم.
[قبول التعديل أو الجرح: ]
أو لم يذكر السبب الذي عدل بسببه؛ لأنه قد يعسر التعبير عنه، فيسقط، بخلاف سبب الجرح: بفتح الجيم، لا بد من ذكره؛ لاختلاف العلماء، فربما اعتمد فيه على ما لا يقتضه، كما وقع لبعضهم أنه جرح شخصًا، فسئل عن سببه، فقال: رأيته يبيع، ولا يرجح في الميزان (1).
= الحط: وعكس هذه المسألة إن شهد الشاهد بحق وأنت تعلم جرحته فهل يجوز لك أن تجرحه؟ ذكر ابن رشد فيه قولين، ورجح أنه لا يشهد بجرحته".
(1)
قال السيوطي في تدريب (1/ 299، وما بعدها) في النوع الثالث والعشرون، وهو في صفة من تقبل روايته ومن ترد وما يتعلق به من الجرح والتعديل: "وفيه مسائل:
إحداها: أجمع الجماهير من أئمة الحديث والفقه على أنه يشترط فيه أي: من يحتج =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= بروايته أن يكون عدلًا ضابطًا لما يرويه وفسر العدل بأن يكون مسلمًا بالغًا عاقلًا فلا يقبل كافر ومجنون مطبق بالإجماع ومن تقطع جنونه وأثر في زمن إفاقته وإن لم يؤثر قبل قاله ابن السمعاني ولا صغير على الأصح وقيل يقبل المميز إن لم يجرب عليه الكذب سليمًا من أسباب الفسق وخوارم المروءة على ما حرر في الشهادات من كتب الفقه وتخالفها في عدم اشتراط الحرية والذكورة، قال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} وقال: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} وفي الحديث: "لا تأخذوا العلم إلا ممن تقبلون شهادته". رواه البيهقي في المدخل من حديث ابن عباس مرفوعًا وموقوفًا.
وروي أيضًا من طريق الشعبي عن ابن عمر عن عمر قال: "كان يأمرنا أن لا نأخذ إلا عن ثقة".
وروى الشافعي وغيره عن يحيى بن سعيد قال: سألت ابنا لعبد اللَّه بن عمر عن مسألة فلم يقل فيها شيئًا. فقيل له: إنا لنعظم أن يكون مثلك ابن إمامي هدى تسأل عن أمر ليس عندك فيه علم. فقال: أعظم واللَّه من ذلك عند اللَّه وعند عن عرف اللَّه وعند من عقل عن اللَّه أن أقول بما ليس لي فيه علم أو خبر عن غير ثقة.
قال الشافعي: وقال سعيد بن إبراهيم: لا يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا الثقات. أسنده مسلم في مقدمة الصحيح. وأسند عن ابن سيرين: "إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم" وروى البيهقي عن النخعي قال: كانوا إذا أتوا الرجل ليأخذوا عنه نظروا إلى سمته وإلى صلاته وإلى حاله ثم يأخذون عنه وفسر الضبط بأن يكون متيقظًا غير مغفل حافظًا إن حدث من حفظه ضابطًا لكتابه من التبديل والتغيير إن حدث منه ويشترط فيه مع ذلك أن يكون عالمًا بما يحيل المعنى إن روى به.
الثانية: تثبت العدالة للراوي بتنصيص عالمين عليها وعبارة ابن الصلاح معدلين وعدل عنه لما سيأتي: أن التعديل إنما يقبل من عالم أو بالاستفاضة والشهرة فمن اشتهرت عدالته بين أهل العلم من أهل الحديث أو غيرهم وشاع الثناء عليه بها كفى فيها أي: في عدالته ولا يحتاج مع ذلك إلى معدل ينص عليها كمالك والسفيانين والأوزاعي والشافعي وأحمد بن حنبل وأشباههم.
قال ابن الصلاح: هذا هو الصحيح في مذهب الشافعي وعليه الاعتماد في أصول الفقه وممن ذكره من أهل الحديث والخطيب. ومثله بمن ذكر وضم إليهم الليث وشعبة وابن المبارك ووكيعًا وابن معين وابن المديني ومن جرى مجراهم في نباهة الذكر واستقامة الأمر فلا يسأل عن عدالة هؤلاء وإنما يسأل عن عدالة من خفي أمره وقد سئل ابن حنبل عن إسحاق بن راهويه فقال مثل إسحاق يسأل عنه وسئل ابن معين عن أبي عبيد فقال: مثلي يسأل عن أبي عبيد أبو عبيد يسأل عن الناس. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال القاضي أبو بكر الباقلاني: الشاهد والمخبر إنما يحتاجان إلى التزكية إذا لم يكونا مشهورين بالعدالة والرضى وكان أمرهما مشكلًا ملتبسًا ومجوزًا فيهما العدالة وغيرها قال: والدليل على ذلك أن العلم بظهور سيرهما واشتهار عدالتهما أقوى في النفوس من تعديل واحد واثنين يجوز عليهما الكذب والمحاباة وتوسع الحافظ أبو عمر بن عبد البر فيه فقال: كل حامل علم معروف العناية به فهو عدل محمول في أمره أبدًا على العدالة حتى يتبين جرحه ووافقه على ذلك ابن المواق من المتأخرين لقوله صلى الله عليه وسلم: "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين" رواه من طريق العقيلي من رواية معان بن رفاعة السلامي عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري مرفوعًا.
وقوله: هذا غير مرضي والحديث من الطريق الذي أورده مرسل أو معضل وإبراهيم هو الذي أرسله قال فيه ابن القطان: لا نعرفه البتة ومعان أيضًا ضعفه ابن معين وأبو حاتم وابن حبان وابن عدي والجوزجاني نعم وثقة ابن المديني وأحمد وفي كتاب (العلل) للخلال أن أحمد سئل عن هذا الحديث فقيل له: كأنه موضوع؟ فقال: لا، هو صحيح، فقيل له: ممن سمعته؟ فقال: من غير واحد قيل: من هم؟ قال: حدثني به مسكين إلا أنه يقول عن معان عن القاسم بن عبد الرحمن ومعان لا بأس به. انتهى.
قال ابن القطان: وخفي على أحمد من أمره ما علمه غيره قال العراقي: وقد ورد هذا الحديث متصلًا من رواية علي وابن عمر وابن عمرو وجابر بن سمرة وأبي أمامة وأبي هريرة وكلها ضعيفة لا يثبت منها شيء وليس فيها شيء يقوي المرسل.
قال ابن عدي: ورواه الثقات عن الوليد بن مسلم عن إبراهيم العذري ثنا الثقة من أصحابنا أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فذكره ثم على تقدير ثبوته إنما يصح الاستدلال به لو كان خبرًا ولا يصح حمله على الخبر لوجود من يحمل العلم وهو غير عدل وغير ثقة فلم يبق له محمل إلا على الأمر ومعناه أنه أمر للثقات بحمل العلم لأن العلم إنما يقبل عنهم والدليل على ذلك أن في بعض طرقه عند ابن أبي حاتم ليحمل هذا العلم بلام الأمر.
وذكر ابن الصلاح في فوائد رحلته أن بعضهم ضبطه بضم الياء وفتح الميم مبنيًّا للمفعول ورفع العلم وفتح العين واللام من عدوله وآخره تاء فوقية فعولة بمعنى فاعل أي: كامل في عدالته أي: إن الخلف هو العدولة والمعنى إن هذا العلم يحمل أي: يؤخذ عن كل خلف عدل فهو أمر بأخذ العلم عن العدول والمعروف في ضبطه فتح ياء يحمل مبنيًّا للفاعل ونصب العلم مفعوله والفاعل عدوله جمع عدل.
الثالثة: يعرف ضبطه أي: الراوي بموافقة الثقات المتقنين الضابطين إذا اعتبر حديثه بحديثهم فإن وافقهم في روايتهم غالبًا ولو من حيث المعنى فضابط ولا تضر مخالفته =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= لهم النادرة فإن كثرت مخالفته لهم وندرت الموافقة اختل ضبطه ولم يحتج به في حديثه.
فائدة:
ذكر الحافظ أبو الحجاج المزي في الأطراف أن الوهم تارة يكون في الحفظ وتارة يكون في القول وتارةً في الكتابة، قال: وقد روى مسلم حديث: "لا تسبوا أصحابي" عن يحيى بن يحيى وأبي بكر وأبي كريب ثلاثتهم عن أبي معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة ووهم عليهم في ذلك إنما رووه عن أبي معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد كذلك رواه عنهم الناس كما رواه ابن ماجه عن أبي كريب أحد شيوخ مسلم فيه قال: والدليل على أن ذلك وقع منه في حال كتابته لا في حفظه أنه ذكر أولًا حديث أبي معاوية ثم ثنى بحديث جرير وذكر المتن وبقية الإسناد ثم ثلث بحديث وكيع ثم ربع بحديث شعبة ولم يذكر المتن ولا بقية الإسناد عنهما بل قال عن الأعمش بإسناد جرير وأبي معاوية بمثل حديثهما فلولا أن إسناد جرير وأبي معاوية عنده واحد لما جمعهما في الحوالة عليهما.
الرابعة: يقبل التعديل من غير ذكر سببه على الصحيح المشهور؛ لأن أسبابه كثيرة فيثقل ويشق ذكرها لأن ذلك يحوج المعدل إلى أن يقول لم يفعل كذا لم يرتكب كذا فعل كذا وكذا فيعدد جميع ما يفسق بفعله أو بتركه وذلك شاق جدًّا ولا يقبل الجرح إلا مبين السبب لأنه يحصل بأمر واحد ولا يشق ذكره ولأن الناس مختلفون في أسباب الجرح فيطلق أحدهم الجرح بناءً على ما اعتقده جرحًا وليس بجرح في نفس الأمر فلا بد من بيان سببه لينظر هل هو قادح أو لا؟
قال ابن الصلاح: وهذا ظاهر مقرر في الفقه وأصوله وذكر الخطيب أنه مذهب الأئمة من حفاظ الحديث كالشيخين وغيرهما.
ولذلك احتج البخاري بجماعة سبق من غيره الجرح لهم كعكرمة وعمرو بن مرزوق واحتج مسلم بسويد بن سعيد وجماعة اشتهر الطعن فيهم.
وهكذا فعل أبو داود وذلك دال على أنهم ذهبوا إلى أن الجرح لا يثبت إلا إذا فسر سببه ويدل على ذلك أيضًا أنه ربما استفسر الجارح فذكر ما ليس بجرح وقد عقد الخطيب لذلك بابًا روى فيه عن محمد بن جعفر المدائني قال: قيل لشعبة: لم تركت حديث فلان؟ قال: رأيته يركض على برذون فتركت حديثه. وروى مسلم بن إبراهيم أنه سئل عن حديث صالح المري فقال: وما تصنع بصالح؟ ذكروه يومًا عند حماد بن سلمة فامتخط حماد.
وروي عن وهيب بن جرير قال: قال شعبة: أتيت منزل المنهال بن عمرو فسمعت صوت الطنبور فرجعت فقيل له: فهلا سألت عنه إذ لا يعلم هو؟ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وروينا عن شعبة قال: قلت للحكم بن عتيبة: لم لم ترو عن زاذان؟ قال: كان كثير الكلام وأشباه ذلك.
قال الصيرفي: وكذا إذا قالوا: فلان كذاب لا بد من بيانه لأن الكذب يحتمل الغلط كقوله: كذب أبو محمد ولما صحح ابن الصلاح هذا القول أورد على نفسه سؤالًا فقال: ولقائل أن يقول: إنما يعتمد الناس في جرح الرواة ورد حديثهم على الكتب التي صنفها أئمة الحديث في الجرح والتعديل وقلما يتعرضون فيها لبيان السبب بل يقتصرون على مجرد قولهم فلان ضعيف وفلان ليس بشيء وهذا حديث ضعيف أو حديث غير ثابت ونحو ذلك واشتراط بيان السبب يفضي إلى تعطيل ذلك وسد باب الجرح في الأغلب الأكثر.
ثم أجاب عن ذلك بما ذكره المصنف في قوله وأما كتب الجرح والتعديل التي لا يذكر فيها سبب الجرح فإنا وإن لم نعتمدها في إثبات الجرح والحكم به ففائدتها التوقف فيمن جرحوه عن قبول حديثه لما أوقع ذلك عندنا من الريبة القوية فيهم فإن بحثنا عن حاله وانزاحت عنه الريبة وحصلت الثقة به قبلنا حديثه كجماعة في الصحيحين بهذه المثابة كما تقدمت الإشارة إليه.
ومقابل الصحيح أقوال:
أحدها: قبول الجرح غير مفسر ولا يقبل التعديل إلا بذكر سببه لأن أسباب العدالة يكثر التصنع فيها فيبنى المعدل على الظاهر نقله إمام الحرمين والغزالي والرازي في المحصول.
الثاني: لا يقبلان إلا مفسرين حكاه الخطيب والأصوليون لأنه كما قد يجرح الجارح بما لا يقدح كذلك يوثق المعدل بما لا يقتضي العدالة كما روى يعقوب الفسوي في تاريخه قال: سمعت إنسانًا يقول لأحمد بن يونس: عبد اللَّه العمري ضعيف قال: إنما يضعفه رافضي مبغض لآبائه، لو رأيت لحيته وهيئته لعرفت أنه ثقة فاستدل على ثقته بما ليس بحجة لأن الحسن الهيئة يشترك فيه العدل وغيره.
الثالث: لا يجب ذكر السبب في واحد منهما إذا كان الجارح والمعدل عالمين بأسباب الجرح والتعديل والخلاف في ذلك بصيرًا مرضيًّا في اعتقاده وأفعاله وهذا اختيار القاضي أبي بكر ونقله عن الجمهور واختاره إمام الحرمين والغزالي والرازي والخطيب وصححه الحافظ أبو الفضل العراقي والبلقيني في محاسن الاصطلاح.
واختار شيخ الإسلام تفصيلًا حسنًا فإن كان من جرح مجملًا قد وثقه أحد من أئمة هذا الشأن لم يقبل الجرح فيه من أحد كائنًا من كان إلا مفسرًا لأنه قد ثبتت له رتبة الثقة فلا يزحزح عنها إلا بأمر جلي فإن أئمة هذا الشأن لا يوثقون إلا من اعتبروا حاله في دينه ثم في حديثه ونقدوه كما ينبغي. وهم أيقظ الناس فلا ينقض حكم أحدهم إلا =