الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والقول للأجير أنه وصّل كتابًا استؤجر على إيصاله لآخر، زاد في المدونة: في أمد يبلغ في مثله؛ لأنه ائتمنه عليه، وعليه دفع كرائه، وترك المصنف القيد للعلم به.
والقول للأجير في أنه استصنع فيه، وقال ربه: بل هو وديعة عندك، وإنما قبل لعسر الإشهاد على الصانع.
أو خولف الأجير في الصفة، كما لو صبغ الثوب أسود أو خاطه قميصًا، وقال ربه: إنما أمرتك بأحمر أو جبة مثلًا، أو خولف الأجير في مقدار الأجرة، كقوله: بعشرة، وربه: بخمسة مثلًا، فالقول للأجير مع يمينه، إن أشبه ما قال، وحاز المصنوع تحت يده.
مفهومه: إن لم يشبه لم يكن القول قوله، وهو كذلك.
قال في التوضيح: ويحلف المالك إن أشبه، فإن أتيا بما لا يشبه فللصانع أجر مثله.
تنبيه:
حاز: بالحاء المهملة، وأجاز الشارح كونه بالجيم من الجواز؛ احترازًا عما لو ادعى الأجير ما لا يجوز فلا يصدق.
لا كبناء، فليس القولة قول الصانع؛ لعدم حوزه؛ إذ الحائز له ربه.
ويجوز في (بناء) كسر الموحدة وتخفيف النون وفتحها وتشديد النون.
ولا في رده -أي: ليس القول للصانع في رد المصنوع لربه- وإذا لم يقبل في رده فلربه، أي: القول قوله في الصورتين، لكن في أولاهما إن أشبه.
ثم بالغ في عدم قبول قول الصانع في الرد ولو أقبضه بغير نية مشيرًا للخلاف فيه بقوله: ولو كان قبضه بلا نية؛ لأنه مقبوض على الضمان كالرهن، وأما مع النية فالضمان مطلقًا، وإن ادعاه -أي: الاستصناع صباغ مثلًا- في ثوب بيده، وقال ربه: سرق مني أبيض، وأراد ربه أخذه؛ لأنه
مخير فيه وفي تضمينه للصانع، أخذه ودفع للصانع قيمة الصبغ بيمين على رب الثوب أنه لم يستصنعه، ومحل يمينه إن زادت دعوى الصانع عليها، أي: على قيمة الصنعة.
ومفهوم الشرط: إن كانت دعواه مثل قيمتها أو أقل دفع ذلك للصانع بغير يمين.
وإن اختار رب الثوب حين خير أولًا تضمينه فإن دفع الصانع قيمته أبيضر فلا يمين على واحد منهما، ولا كلام لصاحبه، وإلا بأن أبي الصانع من دفع قيمته أبيض حلفا: رب الثوب أولًا أنه ما استصنعه، وحلف الصانع أنه استصنعه، واشتركا: صاحب الثوب بقيمة أبيض، والصانع بقيمة صبغه؛ لأن كلًّا منهما مدع على الآخر، لا إن تخالفا بالخاء المعجمة في لت السويق، فقال اللات: أمرتني أن ألته بعشرة، وقال ربه: ما أمرتك بشيء، لم يتحالفا بالحاء المهملة، ولم يشتركان فيه، وبهذا خالفت التي قبلها، ويقال لصاحب السويق: إن شئت فأغرم له ما قال، وهو العشرة، وخذ سويقك ملتوتًا، فإن فعل فواضح.
وإن أبي من دفع ما قال اللآت فمثل سويقه غير ملتوت، ولا يلزمه دفعه ملتوتا، وهذا قول غير ابن القاسم في المدونة.
والقول له -أي: الأجير- وللجمال بيمين من كل في عدم قبض الأجرة، إن ادعاه كل على الآخر، سواء بلغا الغاية، وإن لم يبلغا الغاية، وهي المكان الذي تعاقدا إليه.
زاد في المدونة: إن كانت الأحمال بيده أو بعد تسليمها للمكتري بالقرب كيوم أو يومين.
وأما مع الطول فأشار إليه بقوله: إلا لطول بعد التسليم فلمكتريه -أي: القول له- بيمين، إلا أن يقيم الجمال بينة أنه لم يقبض.
وإن تخالفا في المسافة واتفقا على قدر الأجرة بأن قال الجمال: أكريتك بمائة لبرقة، وقال المكتري: بل بها لإفريقية حلفا، كل على
دعواه، أو فسخ العقد إن عدم السير جملة، أو قل، بحيث لا ضرر على الجمال في رجوعه، ولا على المكتري في صرخ متاعه، إن لم ينقد الكراء، وإن نقد عند مالك في المدونة.
وأشار بالمبالغة لقول غيره فيها: إن انتقد الجمال وكان يشبه ما قال فقوله، وإلا بأن كان اختلافهما بعد سير كثيرًا أو بلوغهما المسافة فكفوت المبيع، إذا قبضه المشتري، وفات بيده فالقول قوله، ووزانه هنا أن القول قول المكتري؛ لقبضه المنفعة لشبه قوله فقط.
وتحصيل هذه المسألة على قول ابن القاسم أنها على أربعة أوجه:
- إما أن يكون المشبه قول المكتري.
- أو المكري فقط.
- أو يشبها معًا.
- أو لا يشبها معًا.
فأشار للوجه الأول بقوله: (وإلا فكفوت المبيع)، وللوجه الثاني بقوله: وللمكري، وهو الجمال في اختلافهما في المسافة فقط، بأن قال الجمال حين وصولهما لبرقة: هنا انتهت المسافة، وقال المكتري بل لإفريقية، فالقول للجمال إن أشبه قوله فقط.
وأشار للوجه الثالث بقوله: أو أشبها معًا، وانتقد المكتري الكراء، بأن دفعه للجمال.
وهذان الوجهان الثاني والثالث يقبل فيهما قول الجمال إذا استقل قوله بالأشبه أو أشبها، وترجح قوله بالنقد فقط، الأولى قيد في المسافة احترازًا عما لو أخلفا فيها وفي الأجرة معًا، وفقط الثانية احترازًا عما لو أشبه المكتري وحده، وهو الوجه الأول، وعما لو أشبه قولهما معًا.
ثم ذكر قسيم قوله: (انتقد)، وهو تمام الوجه الثالث بقوله: وإن لم ينتقد مع شبه قولهما حلف المكتري ولزم الجمال ما قال من بقية
المسافة، إلا أن يحلف الجمال أيضًا على ما ادعى من المسافة بعد حلف المكتري، فله -أي: الجمال- حصة المسافة المنتهى إليها وهي برقة على دعوى المكتري وفسخ الباقي، وهذا كله مع الاشتباه.
وأشار للوجه الرابع وهو انتقاد الشبهة من الجانبين بقوله: وإن لم يشبها حلفا، وفسخ العقد، وحوسب الجمال بكراء المثل فيما مشى من المسافة، ودفعه للجمال، وكل من نكل منهما قضي عليه للآخر.
وإن تخالفا في المسافة والأجرة معًا، بأن قال الجمال: أكريتك للمدينة بمائة وبلغاها وقال المكتري: بل لمكة بأقل كخمسين، فإن نقده المكتري الخمسين فالقول للجمال فيما يشبه؛ لأنه اجتمع له شيئان: النقد ودعوى الشبه في المسافة التي بلغاها؛ لأنه ائتمنه، ونحوه لابن القاسم في المدونة.
وحلفا فيحلف الجمال ما أكريتك إلا للمدينة بمائة، ويحلف المكتري: إنما اكتريت منك لمكة بخمسين، وفسخ العقد بينهما فيما بقي.
وإن لم ينقد للجمال شيئًا فالقول للجمال في المسافة أنها للمدينة، ولا يقبل قوله أنها بمائة، والقول للمكتري في حصتها مما ذكر من الكراء كونه خمسين، ولا يقبل في أنه لمكة؛ لأن بلوغ المسافة المدعاة يرجح قول مدعيها، وعدم النقد يرجح قول المكتري بعد يمينهما على ما ادعاه كل منهما.
وإن أشبه قول المكري وهو الجمال فقط دون المكتري فالقول له -أي: الجمال- بيمين، فيأخذ ما حلف عليه، وهو المائة، وإن أقاما بينتين تشهد كل بينة لمن أقامها بدعواه قضي بأعدلهما، وهو يشمل صورتين:
- ما إذا كانتا عدلتين: واحدا أزيد عدالة.
- وما إذا كانت إحداهما عدلة فقط.
وإلا بأن تساوتا سقطتا عند ابن القاسم، وصارا كما لا بينة لهما.
وإن قال المكتري لأرض أو دار مثلًا: اكتريت منك عشرًا بخمسين،