الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[أولًا - محاولة التوفيق: ]
وأشار لذلك بقوله: وإن أمكن جمع بين البينتين جمع، أي: صير للجميع كشهادة إحداهما بأنه أقر لزيد بخمسين، وتشهد الأخرى بأنه أقر له بمائة، فالجمع بينهما باختلاف الزمان.
[ثانيًا - الترجيح وطرقه: ]
وإلا بأن لم يمكن الجمع بينهما، بل تعارضا بكل وجه، كشهادة
= والمقارن للتهديد وما تهديده أشد والمؤكد بالتكرار والفصيح وما بلغه قريش وما دل على المعنى المراد بوجهين فأكثر وبغير واسطة وما ذكر معه معارضة كـ: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها" والنص والقول وقول قارنه العمل أو تفسير الراوي وما قرن حكمه بصفة على ما قرن باسم وما فيه زيادة.
القسم السادس: الترجيح بالحكم وذلك بوجوه؛ أحدها: تقديم الناقل على البراءة الأصلية على المقرر لها وقيل عكسه. ثانيها: تقديم الدال على التحريم على الدال على الإباحة والوجوب. ثالثها: تقديم الأحوط رابعها تقديم الدال على نفي الحد.
القسم السابع: الترجيح بأمر خارجي كتقديم ما وافقه ظاهر القرآن أو سنَّة أخرى أو ما قبل الشرع أو القياس أو عمل الأمة أو الخلفاء الراشدين أو معه مرسل آخر أو منقطع أو لم يشعر بنوع قدح في الصحابة أو له نظير متفق على حكمه أو اتفق على إخراجه الشيخان فهذه أكثر من مائة مرجح وثم مرجحات أخر لا تنحصر ومثارها غلبة الظن.
فوائد:
الأولى: منع بعضهم الترجيح في الأدلة قياسًا على البينات وقال: إذا تعارضا لزم التخيير أو الوقف وأجيب بأن مالكًا يرى ترجيح البينة على البينة ومن لم يرد ذلك يقول: البينة مستندة إلى توقيفات تعبدية ولهذا لا تقبل إلا بلفظ الشهادة.
الثانية: إن لم يوجد مرجح لأحد الحديثين توقف على العمل به حتى يظهر.
الثالثة: التعارض بين الخبرين إنما هو لخلل في الإسناد بالنسبة إلى ظن المجتهد وأما في نفس الأمر فلا تعارض.
الرابعة: ما سلم من المعارضة فهو محكم وقد عقد له الحاكم في علوم الحديث باب وعدَّه من الأنواع وكذا شيخ الإسلام في النخبة قال الحاكم: ومن أمثلته حديث: "إن أشد الناس عذابًا يوم القيامة الذين يشبهون بخلق اللَّه"، وحديث:"لا يقبل اللَّه صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول"، وحديث:"إذا وضع العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالصلاة"، وحديث:"لا شغار في الإسلام" قال: وقد صنف فيه عثمان بن سعيد الدارمي كتابًا كبيرًا".
إحداهما بإقراره بمائة يوم كذا، وتشهد الأخرى بموته قبل ذلك اليوم، فيقضي بالراجحة منهما، والترجيح يحصل بأحد وجوه منها ما أشار له، بقوله:
- رجح بسبب ملك يذكره مع شهادته بالملك، كنسج لشقة شهد أنه نسجها لنفسه، وتشهد الأخرى بمجرد الملك، ونتاج لحيوان تشهد به عنده مع الشهادة له بملكه، كما قيده به أشهب، وتشهد الأخرى بالنتاج عنده، ولم تشهد له بالملك.
وأشار بقوله: إلا بملك من المقاسم لقول المدونة: ولو أن أمة ليست بيد أحدهما، فأتى أحدهما ببينة أنها له، لا يعلمونها خرجت من ملكه بشيء، حتى سرقته له، وأقام الآخر بينة أنها ولدته عنده، لا يعلمونها خرجت عن ملكه بشيء، قضي لصاحب الولادة.
وقيد ابن القاسم هذا بما إذا لم تشهد البينة الأخرى أنه اشتراها من المقاسم، فإن شهدت بذلك كان صاحب المقاسم أحق، إلا أن يدفع الثمن الذي اشتراها به، ولو كانت بيد صاحب النتاج (1).
(1) قال في المنح (8/ 535، وما بعدها): "غ" قوله: والأرجح بسبب ملك كنسج ونتاج، أي إذا ذكرت إحدى البينتين مع الملك سببه من نسج ثوب ونتاج حيوان ونحوهما، كنسخ كتاب واصطياد وحش، ولم تذكر الأخرى سوى مجرد الملك، فترجح ذاكرة السبب على التي لم تذكره، وبنحو هذا فسر ابن عبد السلام كلام ابن الحاجب.
وفي التوضيح كما إذا شهدت إحداهما أنه صاده أو نتج عنده وشهدت الأخرى بالملك المطلق، وفي شهاداتها ولو أن أمة تنازع فيها اثنان وليست بيد أحدهما فأتى أحدهما ببينة أنها له لا يعلمونها خرجت عن ملكه بشيء وأقام الآخر بينة أنها له ولدت عنده لا يعلمونها خرجت عن ملكه حتى سرقت قضي بها لصاحب الولادة.
وقال اللخمي: قال أشهب فيمن أقام بينة في أمة بيد رجل أنها ولدت عنده لا يقضى له بها حتى يقولوا إنه كان يملكها لا نعلم لغيره فيها حقًّا، إذ قد يولد في يدبه ما هو لغيره، وقال ابن القاسم: إنها لمن ولدت عنده وهو أصوب، وتحمل على أنها كانت له حتى يثبت أنها وديعة أو غصب. اهـ.
ومثله في التوضيح عن التونسي. =
- أو تاريخ: معطوف على (سبب)، فتقدم الشهادة به على التاركة له، وعزاه في توضيحه لأشهب، وزاد عنه: إلا أن يكون في شهادة التي لم تؤرخ أن الحاكم قضى بهذا العبد لمن شهدت له، ولم يذكر هذه الزيادة هنا.
أو شهدت إحداهما بالتاريخ مع تقدمه على شهادة تاريخ الأخرى، فالشاهدة بالمقدم مقدمة، كشهادة إحداهما بملكه منذ عام، والأخرى بملكه منذ عامين؛ ففي المدونة: أقضى ببينة أبعد التاريخين، إن عدلت، وإن كانت الأخرى أعدل، ولا أبالي بيد من كانت الأمة منهما، إلا أن يحوزها الأقرب تاريخًا بالوطء والخدمة، والادعاء لها بمحضر الآخر، فقد أبطل دعواه.
= طفى: قرره الشارح بما في التوضيح من شهادة ذات السبب به فقط.
وفيها خلاف والمعتمد ما عليه الشارح تبعًا للتوضيح وذكر نص اللخمي المتقدم وقال عقبه: نقله ابن عرفة وأقره، ولما نقل في توضيحه قول أشهب هذا قال وخالفه التونسي. اهـ.
وضعف قول أشهب غير واحد، فظهر لك أن المعتمد ما عليه الشارح وهو مراد المصنف وإلا لقال ورجح بسبب ملك معه، وما أدري ما الحامل لابن غازي على مخالفة الشارح مع نقله كلام اللخمي ومخالفة التونسي، ولا مستند له إلا تفسير ابن عبد السلام، وقد علمت ضعفه من ضعف ما انبنى عليه.
وإن وافق أحد التأويلين ففي تنبيهات عياض اختلف في تأويل مذهبه في الكتاب في إعمال الشهادة على الحيازة وعلى النسج وعلى النتاج وشبهها وإيجابها الملك هل معناه أن مجرد الشهادة بها يوجب الملك أو حتى يزيدوا أنها ملكه أو يحوزها حيازة الملك.
فذهب بعضهم إلى أنه لا بد من هذا وأنه مراده ومن لم يقل ذلك لم تتم شهادته ولا عارضت بشهادة من شهد بالملك، وعليه تأولها ابن محرز، وهو مذهب سحنون، وقال بعضهم: لم يقل هذا ابن القاسم والشهادة بالولادة أو النسج مغنية عن ذكر الملك وقائمة مقامه عنده.
البناني ما ذكره طفى غير صحيح، والصواب ما قال لغ، ولا دليل له في كلام اللخمي على أنه يفيد الخلاف في بينة السبب بمجردها تفيد الملك، فتقدم على الحوز، وهو قول ابن القاسم أولًا تفيده فلا ينزع بها من يد الحائز وهو قول أشهب، وليس في ذلك ما يدل على أن بينة السبب تقدم على بينة الملك كما ادعاه طفى تبعًا للشارح والتوضيح، ولعل هذا هو الحامل لابن غازي على تقريره، واللَّه أعلم".