الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقبل الحكم بها، قال: ولم يطرأ فسق للمنقول عنه أو عداوة بينه وبين المشهود عليه أو ردة، فإن حدث شيء من ذلك قبل التحمل أو قبل الأداء لبطل شهادته.
تنبيه:
ظاهر كلامه كان الفسق مما يخفى ويكتم كالزنا، أو مما يتجاهر به كالقتل، وهو كذلك.
بخلاف طرو جن أو عمى على الأصل بعد النقل وقبل الأداء، فلا يمنع من النقل عنه، وكذا طروؤه على الفرع بعد الأداء للغوهما في شهادة غير النقل.
وأشار لشرط آخر بقوله: ولم يكذبه -أي: الفرع- أصله قبل الحكم بشهادة الفرع بأن كذبه، وقال: لم أشهده على شهادتي، ولا أديتها عند قاض، أو قال: لا شهادة لي في ذلك، بطلت اتفاقًا؛ إذ هو كرجوعهم عنها قبل الحكم بها (1).
(1) وهذا فرق آخر بين الرواية والشهادة على غير المختار عند المتأخرين؛ إذ في الرواية: "إذا روى ثقة عن ثقة حديثًا ثم نفاه المسمع لما روجع فيه فالمختار عند المتأخرين أنه إن كان جازمًا بنفيه بأن قال ما رويته أو كذب علي ونحوه وجب رده لتعارض قولهما مع أن الجاحد هو الأصل ولكن لا يقدح ذلك في باقي روايات الراوي عنه ولا يثبت به جرحه لأنه أيضًا مكذب لشيخه في نفيه لذلك وليس قبول جرح كل منهما أولى من الآخر فتساقطا؛ فإن عاد الأصل وحدث به أو حدث فرع آخر ثقة عنه ولم يكذبه فهو مقبول صرح به القاضي أبو بكر والخطيب وغيرهما ومقابل المختار في الأول عدم رد المروي واختاره السمعاني وعزاه الشاشي للشافعي وحكى الهندي الإجماع عليه وجزم الماوردي والروياني بأن ذلك لا يقدح في صحة الحديث إلا أنه لا يجوز للفرع أن يرويه عن الأصل فحصل ثلاثة أقوال.
وثم قول رابع: أنهما يتعارضان ويرجح أحدهما بطريقه وصار إليه إمام الحرمين.
ومن شواهد القبول: ما رواه الشافعي عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي معبد عن ابن عباس قال: كنت أعرف انقضاء صلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالتكبير. قال عمرو بن دينار: ثم ذكرته لأبي معبد فقال: لم أحدثك. قال عمرو: قد حدثتنيه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال الشافعي: كأنه نسيه بعدما حدثه إياه والحديث أخرجه البخاري من حديث ابن عيينة.
فإن قال: الأصل لا أعرفه أو لا أذكره أو نحوه مما يقتضي جواز نسيانه لم يقدح فيه ولا يرد بذلك ومن روى حديثًا ثم نسيه جاز العمل به على الصحيح وهو قول الجمهور من الطوائف أهل الحديث والفقه والكلام خلافًا لبعض الحنفية في قولهم بإسقاطه بذلك ومنكرًا عليه رد حديث رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه من رواية ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد زاد أبو داود في رواية أن عبد العزيز الدراوردي قال: فذكرت ذلك لسهيل فقال: أخبرني ربيعة وهو عندي ثقة أني حدثته إياه ولا أحفظه.
قال عبد العزيز: وقد كان سهيل أصابته علة أذهبت بعض عقله ونسي بعض حديثه فكان سهيل بعد يحدثه عن ربيعة عنه عن أبيه ورواه أبو داود أيضًا من رواية سليمان بن بلال عن ربيعة قال سليمان: فلقيت سهيلًا فسألته عن هذا الحديث فقال: ما أعرفه، فقلت له: إن ربيعة أخبرني به عنك قال: فإن كان ربيعة أخبرك عني فحدث به عن ربيعة عني.
فإن قيل: إن كان الراوي معرضًا للسهو والنسيان فالفرع أيضًا كذلك فينبغي أن يسقطا.
أجيب بأن الراوي ليس بناف وقوعه ذاكر والفرع جازم مثبت فقدم عليه.
قال ابن الصلاح: وقد روى كثير من الأكابر أحاديث نسوها بعدما حدثوا بها وكان أحدهم يقول: حدثني فلان عني عن فلان بكذا وصنف في ذلك الخطيب أخبار من حدث ونسي وكذلك الدارقطني من ذلك: ما رواه الخطيب من طريق حماد بن سلمة عن عاصم عن أنس قال: حدثني ابناي عني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكره أن يجعل فص الخاتم مما سواه وروى من طريق بشر بن الوليد ثنا محمد بن طلحة حدثني روح أني حدثته بحديث عن زبيد عن مرة عن عبد اللَّه أنه قال: "إن هذا الدينار والدرهم أهلكا من كان قبلكم وهما مهلكاكم"، ومن طريق الترمذي صاحب (الجامع) حدثنا محمد بن حميد حدثنا جرير قال: حدثنيه علي بن مجاهد عني وهو عندي ثقة عن ثعلبة عن الزهري قال: إنما كره المنديل بعد الوضوء لأن الوضوء يوزن، ومن طريق إبراهيم بن بشار ثنا سفيان بن عيينة حدثني وكيع أني حدثته عن عمرو بن دينار عن عكرمة من صياصيهم قال: من حصونهم ولا يخالف هذا كراهية الشافعي وغيره كشعبة ومعمر الرواية عن الأحياء لأنهم إنما كرهوا ذلك لأن الإنسان معرض للنسيان فيبادر إلى جحود ما روي عنه وتكذيب الراوي له وقيل إنما كره ذلك لاحتمال أن يغير المروى عنه عن الثقة والعدالة بطارئ يطرأ عليه يقتضي رد حديثه المتقدم. =