الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الواقعة الخ) هذا الحديث ليس بموضوع، وقد رواه البيهقي، وغيره لم يذكر في فضائل
السور حديثاً غير موضوع من أوّل القرآن إلى هنا غيره وغير ما مرّ في سورة يس والدخان، ومناسبته للسورة ذكر الرزق فيها ومعناه واضح تصت السورة بحمد الملك العلام، والصلاة والسلام على أفضل الرسل، وصحبه الكرام.
سورة
الحديد
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله: (مدنية الخ) فيها اختلاف، ولا عبرة بقول النقاس إنها مدنية بإجماع المفسرين،
وقد قال ابن عطية: لا خلاف في أنّ بعضها مدني وبعضها مكي، وصدرها يشبه المكي، واختلف في عدد آياتها أيضا فقيل: ثمان وقيل: تع وعشرون. قوله: (إشعارا بأنّ من شأن ما أسند الخ (كلام المصنف كما قاله بعض الفضلاء محتمل لوجهين الأوّل أنّ الاستمرار مستفاد من المجموع حيث دل الماضي على الاستمرار إلى زمان الأخبار والمضارع على الاستمرار في الحال، والاستقبال فيشمل جميع الأزمنة، والثاني، وهو الظاهر المفهوم من الكشاف وشروحه أنّ كل واحد منها يدل على الاستمرار لعموم المقتضي، وصلوح اللفظ لذلك حيث جرد كل منها عن الزمان، وأوثر على الاسم لما في المضارع من الاستمرار التجدّدي، والماضي من التحقق وعموم المقتضي ما أشير إليه بقوله: لأنه دلالة جبلية لاستدعاء الإمكان إلى واجب وجوده يستند إليه، ووجوب الوجود يستدعي التبعيد عن النقائص في ذاته، وصفاته وأفعاله وأسمائه وارتباط فاتحة هذه السورة بخاتمة ما قبلها ظاهر ومنه يعلم وجه التعبير بالأمر في {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [سورة الأعلى، الآية: ا] أيضاً وكان عليه أن يذكره. قوله: (من شأن ما أسند إليه الخ) المشتر في أسند للتسبيح، وضمير إليه لما الموصولة، وضمير تسبيحه لله وتفكيك الضمائر إذا اتضحت القرينة، وأمن الليس لا ضير فيه خصوصاً في عبارات المصنفين، وقوله: لأنه أي تسبيح ما في السموات، والأرض. قوله:(دلالة جبلية لا تختلف الخ) عدم اختلافها في الحالات شامل للاستمرار الثبوتي، والتجددي وإن كان ظاهره الثاني، ولذا قيل: إنّ تخصيصه هنا لغلبة التجدد على ما في السموات والأرض، وقوله: ومجيء المصدر في قوله: سبحان الذي أسرى بعبده مطلقاً عن الدلالة على أحد الأزمنة، وعن ذكر المسبحين المذكورين هنا. قوله:(يشعر بإطلاقه الخ) يحتمل أنّ المراد أنه يشعر بكونه مطلقا على استحقاقه الخ، وأنّ على صلة الإطلاق، والباء صلة الإشعار، وأنّ الباء للاستعانة أو السببية، وعلى متعلقة بيشعر لأنه بمعنى يدل أي يدل بواسطة إطلاقه عن التعرض للفاعل، والزمان
وضمير يشعر للمصدر أو المجيء، وهذا أقرب وإن ادّعى بعض العصريين تعصبا منه على المحشي تعين الأوّل فتأمّل. قوله:(وإنما عدى باللام الخ (قيل عليه حق العبارة عطف قوله إشعارا بأو الفاصلة لأنّ قوله: مثل نصحت له يدل على أنّ اللام صلة أو زائدة، وقوله: لأجل الله يدل على أنها تعليلية، وبينهما تناف يتعسر أو يتعذر توفيقه، وهو غير وارد على المصنف لأنّ التمثيل بما ذكر لدخول اللام على مفعول المتعدي بنفسه على أحد الأفوال فيه من أنه متعد بنفسه، واللام مزيدة فيه أو غير زائدة لتأويله، والثالث أنه يتعذى ولا يتعذى وهو على ما يقتضيه الظاهر، والتوجيه المذكور بناء على التحقيق، والنظر الدقيق فلا تنافي بينهما، وقوله: معدى بنفسه لأنّ التضعيف فيه لتعدية سبح بمعنى بعد إلى المفعول كما في قوله: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [سورة الأعلى، الآية: ا] وهو المعروف في الاستعمال، وقوله: إيقاع الفعل إشارة إلى أنّ سبح نزل منزلة اللازم ومعناه أوقع وأحدث التسبيح كما في الكشاف لا محذوف المفعول كما توهم. قوله: (لأجل الله وخالصاً لوجهه الخ) قيل: الإخلاص يستلزم الإدراك فهو ادّعائي، وأمّا اعتبار التغليب فيأباه كون الدلالة جبلية كما مرّ، وفيه بحث وكلامه في الكشاف لا يخلو أيضاً من الإشكال فتدبر. قوله:(حال الخ) فإنّ كونه تعالى غالباً على الإطلاق على جميع ما سواه، وكون أفعاله المتقنة محكمة البناء على أساس الحكم منشأ لأن ينزهه عن جميع النقائص كل الموجودات لأنه إنما ينشأ من النظر في مصنوعاته الدالة على قدرته، وبديع حكمته، وقوله: فإنه
الموجد الخ بيان للحصر الدال عليه تقدم الجار، والمجرور ولام الاختصاص، وقوله: استئناف أي بياني أو نحويّ، وقوله: من الأحياء، والإماتة إشارة إلى أنه تذييل، وتكميل لما قبله. قوله:(تامّ القدرة (إشارة إلى أن صيغة فعيل للمبالغة في الكيف إذ المبالغة في الكمّ تفهم من قوله على كل شيء، وقيل: إنه من التنكير دون الصيغة، وفيه نظر. قوله: (من حيث إنه موجدها ومحدثها) فسر الأوّل في الكشاف بالقديم الذي كان قبل كل شيء، والآخر بالذي يبقى بعد هلاك كل شيء، ولما كانت الأوّلية، والتقدم ذاتية، وزمانية وهو تعالى قبل الزمان، ومنزه عن الزمان كما ينزه عن المكان فتقدمه ذاتي إذ هو الموجد لجميع الموجودات التي من جملتها الزمان فسره بما ذكر وجعله ذاتياً، وغير عبارة الكشاف الموهمة، والسبق الذاتي هنا سبق على الزمان وعلى كل سابق بالزمان، وقوله: سائر الموجودات إمّا باقيها، وهو الظاهر أو جميعها لأنّ الموجودات هنا الممكنة وهي ما سواه تعالى. قوله: (الباقي
بعد فنائها ولو بالنظر إلى ذاتها مع قطع النظر عن غيرها (يعني أنّ أبدية بقائه، وفناء كل موجود سواه لا ينافي كون بعض الموجودات إذا أوجدها الله تعالى لا تفني كالجنة، والنار ومن فيهما كما هو مقرر مبين بالآيات، والأحاديث لأن المرإد أنها فانية في حد ذاتها، وإن كانت بالنظر إلى استنادها لموجدها باقية غير فانية كما مرّ تحقيقه في قوله: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [سورة الرحمن، الآية: 26] وأيضا فناء كل ممكن بالفعل ليس بمشاهد، والذي يدل عليه الدليل إنما هو إمكانه فالبعدية في مثله بحسب التصوّر، والتقدير. قوله: (تبتدأ منه لأسباب وتنتهي إليه المسببات) يعني أوّليته بمعنى أنّ الأسباب كلها لوجود الأشياء كلها منه لأنه موجدها إذ هو مسبب الأسباب، وكونه: آخر الانتهاء المسببات كلها إليه فالأوّلية ذاتية، والآخرية بمعنى أنه إليه المرجع والمصير بقطع النظر عن البقاء، وأنه ثابت بأمر آخر، وبهذا الاعتبار فارق ما قبله. قوله:(أو الأول خارجاً والآخر دّهناً) يعني أوّليته في الخارج لأنه أوجد الأشياء كلها فهو متقدّم عليها في نفس الأمر الخارجي وآخر بحسب التعقل لأنه يستدل عليه بالموجودات الدالة على الصانع القديم كما قالوا ما رأيت شيئاً إلا رأيت الله بعده، وقال حجة الإسلام في القصد الأقصى الأوّل يكون أوّلاً بالإضافة إلى شيء، والآخر آخرا بالإضافة إلى شيء وهما متنافيان فلا يتصوّر كون شيء واحد من وجه واحد وبالإضافة إلى شيء واحد أولاً، وآخرا فاذا نظرت إلى سلسلة الموجودات فالله تعالى بالإضافة إليها أوّل لأنها استفادت الوجود منه، وهو موجود بذاته غير مستفيد للوجود من غيره فإذا نظرت في منازل السالكين فهو آخر ما ترتقي إليه درجات العارفين، وكل معرفة مرقاة لمعرفته، والمنزل الأقصى معرفة الله فهو آخر بالإضافة إلى السلوك أوّل بالإضافة إلى الوجود فمنه المبدأ واليه المصير. قوله:(الظاهر وجوده الخ) فالباطن بمعنى الخفي، والظهور باعتبار أدلة وجوده والخفاء باعتبار الوقوف على كنهه وحقيقة ذاته فإنهم متفقون على أنه لا يعلم كنه ذاته سواه فلا دليل فيه الآية على أنه لا يرى في الآخرة كما لا يرى في الدنيا كما توهمه الزمخشريّ، واليه يومئ كلام المصنف رحمه الله، وقوله: تكتنهها أي تعلم كنهها وهو بهذا المعنى صحيح قال إمام اللغة الأزهريّ في تهذيبه: الكنه نهاية الشيء وحقيقته يقال: اكتنهت الأمر اكتناها إذا بلغت كنهه اهـ، وتبعه في القاموس فلا عبرة بما في شرح المفتاح من أنّ قولهم: لا يكتنه كنهه أي لا يبلغ نهايته كلام مولد. قوله: (أو الغالب على كل شيء الخ)
فالظاهر بمعنى الغالب من قولهم ظهر عليهم إذا قهرهم وغلبهم، والباطن بمعنى العالم بما في باطن كل شيء ولم يرتض هذا الزمخشريّ لفوات التقابل فيه، ولأنّ بطته بمعنى علم باطنه غير ثابت في اللغة، وأمّا توجيهه فإنّ القدوة كثيراً ما تذكر مع العلم لكونه من شرائطها كقوله:{وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} [سورة إبراهيم، الآية: 4] ولما كان ما قبله، وما بعده في بيان القدرة تبادر ذلك في الجملة هنا فتدبر، وقوله: والواو الأولى الخ يريد أنّ الواو الأولى، والثالثة عطفت مفرداً على مفرد وأمّا الواو الثانية فإنها عطفت مجموع أمرين على مجموع آخر، وهذه الواو في المفردات كالواو العاطفة قصة على قصة في الجمل لأنها لو عطفت الظاهر وحده على أحد الأوّلين لم يحسن لعدم التناسب بينهما، والمجموع مناسب للمجموع في الاشتمال على أمرين متقابلين. قوله:(يستوي عنده الظاهر والخفي) هو من صيغة المبالغة فإنها ليست في الكمّ لأنّ قوله بكل شيء يغني عنه فهو بحسب الكيفية، وقؤة العلم
لاستواء المعلومات عنده كما قال تعالى: {يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} [سورة ادبقرة، الآية: 77] ولذا قدم ما يسرّون فافهم. قوله: (كالبذور) تمثيل وخصه لظهوره وقوله: كالأمطار إشارة إلى أنّ السماء هنا بمعنى جهة العلو، وقوله: لا ينفك علمه، وقدرته الخ. فالمعية غير مكانية بل معنوية بمعنى ما ذكر وهو تمثيل، وقيل: مجاز مرسل بعلاقة السببية وقوله: فيجازيكم إشارة إلى أنّ الاطلاع عليه كناية عن الجزاء. قوله: (ولعل تقديم الخلق) في هذه الآية بقوله: خلق السموات الخ. على العلم في قوله: يعلم ما يلج الخ مع أنّ الخلق، والإيجاد من صفات الأفعال المتأخرة عن العلم الذي هو من صفات الذات فكان المناسب العكس إلا أنه عدل عنه لأنه دليله، والدليل من شأنه التقدّم على المدلول لتوقفه عليه، وتقدّم رتبته لأنا نستدل بخلقه، وايجاده المصنوعات المتقنة على أنه عالم. قوله:(ذكره مع الإعادة) أي مع ذكر المعاد هنا الدال عليه قوله، والى الله ترجع الأمور كما ذكره قبلى مع أمور المبدأ من الأحياء، والإماتة الواقعين في الدنيا لأنه كالمقدمة لهما لأنّ اختصاص ملك جميع الأشياء به وكونه متصرّفاً فيها يصحح الأحياء، والإماتة، ويوجب كونه مرجعا للأمور دون غيره، ودلالته على الإبداء ظاهرة، وعلى الإعادة لأنّ من خلقها يقدر على إعادتها كما قال:{أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم} [سورة يس، الآية: 81] . قولى: (فهي في الحقيقة له لا لكم) فالخلافة إمّا عمن له التصرّف الحقيقي،
وهو الله وهو المناسب لقوله: له ملك السموات والأرض، أو عمن تصرّف فيها قبلهم ممن كانت في أيديهم فانتقلت لهم فالحث على الإنفاق، وتهوينه على الأوّل ظاهر لأنه أذن له في الإنفاق من ملك غيره، ومثله: يسهل إخراجه، وتكثيره، وعلى الثاني أيضا لأنّ من علم أنه لم يبق لمن قبله علم أنه لا يدوم له أيضا فيسهل عليه الإخراح:
وما المال والأهلون إلا ودإئع ولا بد يوما أن تردّ الودائع
قوله: (وعد فيه مبالغات) بينها بقوله: جعل الجملة اسمية لدلالتها على الدوام، والثبات
الأبلغ من غيره، وكان الظاهر أن تكون فعلية في جواب الأمر فيقال يعطوا أجراً كبيرا مثلاً، والجعل مصدر مبدل من قوله: مبالغات بدل اشتمال، واعادة ما ذكر إذ الظاهر أن يقال: فمن ذلك فله أجر كبير فاعيدا اهتماماً، واعتناء بهما وتنكير الأجر يفيد التعظيم كوصفه بأنه كبير، وهذا الوعيد فيه ترغيب لهم لا يخفى. قوله:(وبناء الحكم على الضميرا لما كان المتبادر من هذه العبارة أن يجعل الضمير مبتدأ مخبراً عنه بجملة، ونحوها ليتكرّر الإسناد وليس ما نحن فيه كذلك قيل: المراد أنه حكم بأنّ الأجر الكبير لهم بتقديم الضمير، وقيل: إنّ الضمير محكوم عليه معنى لا لفظا لأنّ محصل المعنى هم مختصون بأجر كبير. قوله: (وما تصنعون غير موّمنين الخ) يعني أنّ جملة لا تؤمنون حال، والعامل فيها معنى الفعل في مالكم كما قرّره النحاة، وفصله الرضي في باب المفعول معه، وما قيل من أنه لا منع من جعله حالاً من المجرور في لكم، والعامل متعلق الظرف كلام فاسد لأنهم إنما اتفقوا على أنّ العامل فيه معنى الفعل المفهوم من الجار والمجرور إذ المراد به ما يصنع لأنّ المعنى يقتضيه والمسؤول عنه في مالك، وما بالك وما شأنك وأمثاله هو الحال لأن معنى مالك قائماً لم قمت، ولا يؤدي هذا المعنى إلا ما يصنع بالقيام، ولو كان التقدير ما استقرّ لك في حال القيام كنت سائلا عما صدر منه في قيامه، وليس بمراد وذو الحال على كل حال هو الضمير، وكلامه يوهم أنه غيره على ما ذهب إليه المصنف رحمه الله فافهم، وقوله: ما لك قائماً إشارة لما قرّرناه. قوله: (حال من ضمير لا تؤمنون (فهي حال متداخلة، وقوله: أفي عدّر الخ إشارة إلى أنّ المسؤول عنه مضمون الحال كما قرّرناه، ولام لتؤمنوا صلة يدعو أو تعليلية، والى الأوّل ذهب المصنف رحمه الله كما أشار إليه بقوله: يدعوكم إليه فاللام بمعنى إلى لأنه يتعدى بها وباللام. قوله: (قبل ذلك) القبلية مأخوذة من جعله حال من أحد ضميري يدعو لتخالف الفعلين في الاستقبال، والمضيّ وفي نسخة قيل بالمثناة التحتية مجهول القول، وبعده وذلك الخ بالواو، وهي صحيحة أيضا لكن المعنى مختلف فيهما، والنسخة الأولى أصح رواية ودراية، وقوله: بنصب الأدلة الخ يعني أنه تعالى لما نصب الأدلة على وجوب الإيمان وخلق فيهم قوّة النظر فيها كان كأنه أخذ عنهم مواثيق، وعهوداً على الإيمان بما جاءتهم به الرسل، وهو المراد بقوله:{وإذ أخذ ربك} الخ على أحد الوجوه وفيه قول آخر ويصح حمل ما هنا عليه كما قيل، وقد مرّ تفصيله
فالكلام حينئذ تمثيل، وقوله: من مفعول يدعوكم أو من فاعله أيضا، وكونه من عطف الحال على الحال مع التخالف في الاسمية، والفعلية خلاف الظاهر، ولذا لم يتعرّض له المصنف رحمه الله مع ذكر الزمخشري له. قوله:(بموجب مّا) وفي نسخة لموجب مّا باللام، وموجب بالكسر أو الفتح أي بدليل مّا أو بمقتضى دليل مّا وما مزيدة للتعميم، وقوله: فإنّ هذا الخ بيان لمحصل الجواب بناء على أنّ ما قبله دليل الجواب، ولو لم يؤوّله بما ذكر تناقض قوله: لا تؤمنون، وقوله: إن كنتم مؤمنين ولذا قال الواحدي في تفسيره إن كنتم مؤمنين بدليل عقليّ أو نقليّ فقد بان وظهر لكم على يدي محمد ببعثه، وإنزال القرآن عليه فما قيل إنّ قوله فإنّ الخ تعليل للحكم الشرطي لا تقدير للجواب فإنه المتقدم عليه بعينه أو ما يدل عليه فهذا لا يوافق مذهب البصريين، ولا الكوفيين غفلة عن المراد، وقيل: المعنى إن كنتم مؤمنين بموسى، وعيسى فإنّ شريعتهما تقتضي الإيمان بمحمد لمجر أو إن كنتم مؤمنين بالميثاق المأخوذ عليكم في ظهر آدم عليه الصلاة والسلام في عالم الذر. قوله:(من ظلمات الكفر الخ) هو إشارة إلى أنّ الظلمات مستعار للكفر، والنور للإيمان فلذا ذكره مضافا إضافة لجين الماء، وقوله: حيث نبهكم الخ هو من صيغتي المبالغة في رؤوف ورحيم والرسل، والآيات من قوله: هنا هو الذي ينزل على عبده، والحجج العقلية من أخذ الميثاق على ما مرّ في تفسيره. قوله:) في ألا تنفقوا) إشارة إلى أن أن مصدرية لا زائدة كما ذهب إليه بعضهم، وأنّ المصدر المؤوّل في محل نصب أو جرّ على القولين لأنّ قبله حرف جرّ مقذر، وهو في وقد مرّ الكلام عليه في البقرة في، وما لنا ألا نقاتل وقوله: فيما الخ يشير به إلى أنّ سبيل الله كل خير يقرّبهم إليه فهو استعارة تصريحية. قوله: (ودلّه ميراث الخ) هذا من أبلغ ما يكون في الحث على الإنفاق لأنه قرنه بالإيمان أولاً لما أمرهم به، ثم وبخهم على ترك الإيمان مع سطوع براهينه، وعلى ترك الإنفاق في سبيل من أعطاه لهم مع أنهم على شرف الموت، وعدم بقائه لهم إن لم ينفقوه.
فوله: (يرث كل شيء فيهما) جعل ميراثهما مجازا أو كناية عن ميراث ما فيهما لأنّ أخذ الظرف يلزمه أخذ المظروف، ولم يعممه لأنّ هذا يكفي في توبيخهم إذ لا علامة لأخذ السماء، والأرض هنا فلا غبار عليه حتى ينقض، وقوله: وإذا كان كذلك الخ. بيان لاتصال هذه الآية بما قبلها. قوله: (بيان لتفاوت المنفقين الخ) قوّة اليقين من إنفاق ما عندهم اتكالاً ملى الله قبل كثرة الغنائم، وعلمهم بما في الشهادة من سعادة الدارين، وتحرّي وقت الحاجة لشدّة احتياج الإسلام، والمسلمين إذ ذاك، وقوله: بعد الحث على الإنفاق أي مطلقا، وهو يان لارتباطه بما قبله، وتوطئة لما بعده من كونه استطراداً لعدم سبق ذكره في هذه السورة، وقوله: دلالة ما بعده يعني قوله: من الذين أنفقوا من بعد والتقدير، وغيره فهو اكتفاء لأنّ الاستواء يقتضيه، وقوله: فتح مكة فتعريفه للعهد أو للجنس ادعاء، وقوله: إذ عز الخ يومئ إله، وقيل: إنه فتح الحديبية وقد مرّ وجه تسميته فتحاً في سورة الفتح، وإفراد ضمير أنفق وقاتل رعاية للفظ من، والجمع في أولئك رعاية لمعناه ووضع اسم الإشارة البعيد فيه موضع الضمير للتعظيم، والإشعار بأنّ مدار الحكم هو إنفاقهم قبل الفتح ومنه يعلم التفاوت بين الإنفاق بعده، وقبله وعدمه أيضا والتقييد بالظرف لا يأباه كما توهم لأنه يعلم التزاما وإن لم يفعل فاعل يستوي ضمير الإنفاق كما قيل فإنه تعسف كما بينه في الدر المصون. قوله:(من كد الفتح) إشارة إلى المضاف المقدر وأخره لأنّ القتال كان بعده، ولو قدمه كان أحسن، وقوله: وعد الله كلا إشارة إلى أنه مفعول مقدم، وقوله: المثوبة أي الثواب، وقدره كذلك لتأنيث وصفه، وقوله: كل وعده إشارة إلى العائد المحذوف، وقوله: ليطابق الخ لأنهما اسميتان لا فعلية، واسمية كما في القراءة المشهورة، وهي قراءة ابن عامر والمعطوف عليه أولئك أعظم الخ. وفيها حذف العائد من خبر المبتدأ والبصريون قالوا: إنه لا يجوز إلا في العر، وهذه القراءة ظاهرة في الردّ عليهم إلا أن يدعوا أنه خبر مبتدأ مقدر أي أولئك كل، وجملة وعد صفة كل بتقدير العائد، وحذفه من الصفة ليس ضرورة عندهم فلذا تكلفوا هذا التوجيه مع ركاكته وزيادة الحذف فيه، والصحيح ما ذهب إليه ابن مالك من أنه في غير كل، وما ضاهاها في الافتقار، والعموم فإنه فيها مطرد لكن ادّعى فيه الإجماع، وهو محل نزاع.
قوله: (والآية نزلت في أبي بكر رضي الله تعالى عنه الخ)
المراد بكونه أوّل من أنفق من الرجال فلا يرد خديجة رضي الله عنها أو هو أوّل مطلقاً لاختصاصه بمجموع ما ذكر بعده، وهو الأظهر، وكونها نزلت في أبي بكر رضي الله عنه ذكره الواحدفي في أسباب النزول عن الكلبي، وأيده بحديث آخر أسنده عن ابن عمر قال بينا النبيّ صلى الله عليه وسلم جالس وعنده أبو بكر عليه عباءة قد خلها بخلال على صدره إذ نزل عليه جبريل عليه الصلاة والسلام فاقرأه من الله السلام فقال: محمد ما لي أرى أبا بكر عليه عباءة قد خلها على صدره بخلال قال: يا جبريل أنفق ماله قبل الفتح عليّ قال: فأقرئه من الله السلام، وقل له: يقول لك ربك أراض عني في فقرك هذا أم ساخط فالتفت إليه النبيّ صلى الله عليه وسلم، وقال:" يا أبا بكر هذا جبريل يقرئك من الله السلام، ويقول لك ربك: أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط " فبكى أبو بكر رضي الله عنه وقال: أعلى ربي أغضب أنا عن ربي راض أنا عن ربي وأض قيل: والأظهر ما في الكشاف من أنّ المراد بهم السابقون الأوّلون من المهاجرين، والأنصار الذين قال فيهم النبيّ صلى الله عليه وسلم:" لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مدّ أحدهم، ولا نصيفه " وأيد بأنه المناسب لقوله تعالى: {أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ} لكن الصديق يدخل فيهم دخولاً أوّلياً، وأمّا الاختصاص به فلا يوافقه والذي نقله الطيبي عن الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم:" لا تسبوا أصحابي فلو أق أحدا أنفق مثل أحد ذهباً الخ " وفي الكشف أنه على هذا لا يختص بالسابقين الأوّلين وردّ بأنّ خطاب لا تسبوا، وأحدكم يقتضي الحضور والوجود، ولا بد من مغايرة المخاطبين للنهي عن سبهم فهم السابقون الكاملون في الصحبة.
(قلت) إذا صح نزولها في الصدّيق فكل هذا مطروح على الطريق فإنه رضي الله عنه أنفق
قبل الفتح، وقبل الهجرة جميع ماله، وبذل نفسه معه كما أشار إليه المصنف رحمه الله، وبلغ في ذلك إلى ما لم يبلغه أحد من الصحابة، ولذا قال مجتي:" لبس أحد أمق علئ بصحبتة من أ. ممط بكر " وخصوص السبب لا يدل على تخصيص الحكم فلذا قال أولئك ليشمل غيره ممن
اتصف بذلك، وكونه أكمل أفراده يكفي لنزولها فيه، والخطاب في قوله: لا تسبوا ليس للحاضرين، ولا للموجودين في عصره صلى الله عليه وسلم بل لكل من يصلح للخطاب كما في قوله:{وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ} [سورة الأنعام، الآية: 27] الآية والمقام، لا يتحمل أكثر من هذا، وسيأتي فيه كلام في قوله:{وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى} [سورة الليل، الآية: 17] . قوله: (من ذا الذي الخ أليس الاستفهام على حقيقته بل هو للحث عليه، والمعنى أن من ينفق ماله فيما يرضى الله رجاء لما عند. من الفضل، والثواب رابح في عاقبته مصيب فيما قصده، وقوله: فإنه كمن يقرضه الخ تعليل لما قبله مع الإشارة إلى أنّ القرض مجاز عن حسن إنفاقه مخلصماً في أفضل جهات الإنفاق، وذلك إمّا بالتجوّز في الفعل فيكون استعارة تبعية تصريحية أو في مجموع الجملة فيكون استعارة تمثيلية، كما مرّ في سورة البقرة، ولكونها أبلغ اختارها في الكشف، وأما كون كلام الزمخشريّ هنا غير نص فيها فأمر سهل، والباء في قوله: بالإخلاص للملابسة، والمصاحبة وتحرّى معطوف عليه. قوله: (يعطي أجره أضعافاً اله كما مرّ في البقرة وقوله: أضعافا إما منصوب بيضاعفه، أو حال من أجره، وأما كونه مفعولاً ثانيا ليعطي فركيك لأنه يقتضي أنّ الأجر نفسه معطى، والتجوّز غير مقصود فيه وما بعده لا يأباه كما توهم. قوله: (وذلك الأجر المضموم إليه الأضعاف الخ) إشارة إلى أنّ الأجر كما زاد كمه زاد كيفه، وجملة له أجر كريم حالية لا معطوفة على قوله: فيضاعفه، ولو عطف فالمغايرة ثابتة بين الضعف،. والأجر نفسه كما في الكشف، وكريم بمعنى محمود مرضيّ كما مرّ، وقوله: كريم في نفسه يعني ليس أجر هنا مغايرا لما مرّ بل معناه أنه هو في نفسه كريم فجعل من باب التجريد كقوله: أو يموت كريم فتدبر. قوله:) على جواب الاستفهام باعتبار المعنى الخ) إشارة إلى ما قاله أبو عليّ الفارسيّ أنّ السؤال لم يقع عن القرض، وأنما وقع عن فاعله وأنما ينصب في جواب الفعل المستفهم عنه لكن من قرأبه حمله على المعنى قيل وهو ممنوع لأنه ينصب بعد الفاء في جواب الاستفهام بالأسماء، وإن لم يتقدم فعل نحو: أين بيتك فأزورك ومن يدعوني فأستجيب له، وهذا ناشئ من عدم الوقوف على مرادهم، والمسألة مبسوطة في شرح التسهيل فإنه نقل فيه من غير خلاف أنه يشترط فيه أن لا يتضمن وقوع الفعل احترازا من نحو لم ضربت زيدا فيجازيك لأنّ الضرب قد وقع فلا يمكن سبق مصدر مستقبل منه قالوا، ومن أمثلة ما لا يتضمن
الوقوع هذه الآية، ونحو من يدعوني فأستجيب له فإنّ المسؤول عنه بحسب اللفظ، وإن كان
هو الفاعل لكنه في المعنى إنما هو الفعل إذ ليس المراد أنّ الفعل قد وقع السؤال عن تعيين فاعله كقولك من جاءك اليوم إذا علمت أنه جاءه جاء لم تعرفه بعينه، وأنما أورد على هذا الأسلوب للمبالغة في الطلب حتى كان الفعل لكثرة دواعيه قد وقع وأنما يسأل عن فاعله ليجازي اهـ ما في شرح التسهيل فلذا ذهب الأكثر إلى رفعه على القياس نظراً لظاهره المتضمن للوكوع، ومن نصبه نظر إلى المعنى، وأنّ السؤال عن الفعل إنما عدل عنه لما ذكروه فما ذكر من الردّ خطأ ناشئ من عدم الوقوف على مرادهم، والعجب إنما هو من المعرب لا ممن تبعه فتدبر. قوله:(ظرف لقوله وله) يعني أنه متعلق به، والعامل الجار والمجرور أو متعلقه، وقوله: ما يوجب فتدبر. قوله: (ظرف لقوله وله) يعني أنه متعلق به، والعامل الجار والمجرور أو متعلقه، وقوله: ما يوجب نجاتهم، وهدايتهم بالنصب عطفاً على نجاتهم لا بالرفع عطفاً على ما يوجب، وإن صح أيضاً إلا أنّ الأوّل أولى لمن عنده نور، وإن كان كلام الإمام يقتضي خلافه فإنّ الاقتداء به هنا غير لازم، وكلامه مجمل محتاج إلى التنوير فالظاهر أنه لا يعني أق المراد بالنور نور معنويّ على أنّ نجاتهم منصوبة، والضمير المستتر عائد على ما بل نور حسيّ خصت به تلك الجهات لأن منها أخذت صحف الأعمال فجعل الله معها نوراً يعرف به أنهم من أصحاب اليمين، ونجاتهم فاعل يوجب، ومفعوله ضمير محذوف يعود على ما، والمعنى نور توجبه نجاتهم، وهدايتهم لأن الله جعله علامة لذلك، وليس المراد به صحائف أعمالهم كما توهم، وفي التفسير الكبير المراد به النور الحسي كما نقل عن ابن مسعود، وغيره وقيل المراد ما يكون سبباً للنجاة، وقيل المراد به الهداية إلى الجنة اهـ، وليس في كلام المصنف تخليط، وجمع بين القولين. قوله:(لآنّ السعداء الخ) بيان لوجه اختصاصهما بالنور لا أنّ المراد بالنور صحائف الأعمال كما توهم، وقوله: يقول لهم من يتلقاهم الخ يعني أنه بتقدير القول، والمقدر إمّا معطوف على ما قبله أو حال أي، ويقول الخ أو مقولاً لهم. قوله:(أي المبسر به الخ) أوّل التبشير ليصح الحمل، وما بعده من تقدير المضاف لا يغني عن التأويل المذكور لأنّ التبشير ليس عين الدخول فلا فرق إلا أنّ المبشر به على الأوّل عين، وعلى هذا معنى، وقد قيل البشارة لا تكون بالأعيان، وفيه نظر. قوله:(الإشارة إلى ما تقدّم الخ) هذا على أنه من كلام الله لا من كلام الملائكة المتلقاة لهم، وكذا إن كان من كلامهم، ولا يلزم على هذا كون الإشارة للجنات بتأويل ما ذكر أو لكونها نوراً كما قيل. قوله:(انتظرونا الخ) كان طلب
الانتظار منهم لرجاء شفاعتهم لهم أو دخولهم الجنة معهم لأنه قبل تبين حالهم، وقوله: أو انظروا إلينا فهو على الحذف، والإيصال لأنّ النظر بمعنى مجرّد الرؤية يتعدى بإلى فإن أريد التأمّل تعدّى بفي، وقوله: فإنهم تعليل ليقول فيهما، وقوله: فيستضيؤون الخ صريح في أنّ النور حسيّ فيؤيد ما ذهبنا إليه، وفوله: أنظرونا بفتح الهمزة، وكسر الظاء من الإنظار وهو التمهيل، وإلاتئاد من التؤدة بمعناه أيضا ولذا فسره به المصنف وضمير يستضيؤون للمنافقين والمنافقات على التغليب، وما عداه للمؤمنين والمؤمنات تغليبا أيضا. قوله:(على أنّ اتئادهم الخ) يعني أنّ اتئاد المؤمنين، وتمهلهم ليلحق المنافقون بالمؤمنين إذا تمهلوا أو اتأدوا رجاء لما مرّ كأنه إمهال للمنافقين فوضع أنظرونا الذي هو بمعنى المهلة، وإنظار الدائن المديون موضع اتئاد الرفيق في مشيه، وتوقفه ليلحقه رفيقه على سبيل الاستعارة بعد تشبيه الحالة بالحالة مبالغة في العجز واظهار الافتقار. قوله:(نصب منه) هو محصل المعنى، وأصله أخذ قبس أي جذوة من النار، وقوله: إلى الدنيا لأنها صارت بمضيها كأنها خلفهم، وقوله: بتحصيل الخ متعلق بالتمسوا، والمراد بالنور النور السابق على ما فسرناه به، وقوله: فإنه يتولد منها أي هي السبب فيه قريبا أو بعيداً، ولو قال فإنه منها يتولد بالتقديم المفيد للحصر كان أولى، وقوله: نورا آخر إثارة إلى أنه غير النور السابق، وليس بمعناه كما في الوجهين قبله، وقوله: أو هو تهكم الخ كذا في النسخ معطوفا بأو والفرق بيته وبين ما قبله أنه لا يقصد فيه وراء معين كما في الوجوه السابقة، ولو قال وهو تهكم ليكون عائد الجميع الوجوه كان أحسن، وقوله: من المؤمنين أو الملائكة أي التهكم، والتخييب صادر منهم فهم القائلون، وقوله: يدخل فيه المؤمنون فيكون باعتبار ثاني الحال، وبعد الدخول لا حين الضرب كما قيل. قوله: (كامتداد
العمر) فإنه من أدانيهم الفارغة، وقوله: هي أولى بكم أي أحق من النجاة، وهو بيان لحاصل المعنى. قوله:
(كقول لبيد) العامري الشاعر المشهور، وهو من قصيدته المشهورة التي هي إحدى المعلقات السغ وأوّلها:
عفت الدياومحلها فمقامها بمنى تأبد غولها فرجامها
ومنها في تشبيه ناقته بالبقرة الوحثية في نفرتها، وسرعة عدوها:
وتسمعت رز الأنيس فراعها عن ظهر غيب والأنيس سقامها
فعدت كلا الفرجين تحسب أنه مولى المخافة خلفها وأمامها
حتى إذا يئس الرماة فأرسلوا غضفا دواجن قافلاً أعصامها
إلى آخر القصيدة، وقوله: فعدت بالعين المهملة في سرحها من عدا يعد، وإذا أسرع في السير، والذي في شروح الكشاف بالمعجمة، وهما متقاربان معنى أي عدت البقرة الوخية لما نفرت لفزعها من الصياد لا تدري أذلك الصائد خلفها أم قدامها فتحسب كلا جانبيها من الخلف، والإمام أحرى، وأولى بأن يكون فيه الخوف والفرج موضع المخافة أي كلا الموضعين الذي يخاف منه في الجملة أو ما بين القوائم فما بين اليدين فرج وما بين الرجلين فرج، وهو بمعنى السعة، والانفراج، وفسره بالقدام، والخلف توسعاً أو بمعنى الجانب والطريق فعل بمعنى مفعول لأنه مفروج مكشوف، وضمير أنه راجع لكلا باعتبار لفظه، وخلفها وأمامها إمّا بدل من كلا، وامّا خبر مبتدأ محذوف أي هما خلفها، وأمامها وفيه وجو. أخر لا تخلو من ضعف، والشاهد في قوله: مولى المخافة فإنه بمعنى مكان أولى، وأحرى بالخوف. قوله:(وحقيقتة) أي حقيقة مولاكم هنا محراكم بالحاء، والراء المهملتين أي المحل الذي يقال فيه إنه أحرى، وأحق بكم من قولهم هو حريّ بكذا أي خليق، وحقيق وجدير به كلها بمعنى، وليس المراد أنه اسم مكان من الأولى على حذف الزوائد كما توهم وسترى معناه عن قريب. قوله:(كقولك هو مئنة الكرم الخ) يعني أنّ مولاكم اسم مكان لا كغيره من أسماء الأمكنة فإنها مكان للحدث بقطع النظر عمن صدر عنه وهذا محل للفضل على غيره الذي هو صقه فهو ملاحظ فيه معنى أولى لا أنه مشتق منه كما أنّ المئنة مأخوذة من أن التحقيقية، وليست مشتقة منه إذ لم يذهب أحد من النحاة إلى الاشتقاق من اسم التفضيل كما لم يقل أحد بالاشتقاق من الحرف، ومئنة الكرم وصف له به على طريق الكتابة الرمزية في قولهم الكرم بين برديه كما في شروح الكشاف. قوله:(أو مكانكم عما قريب) ما زائدة وعن بمه شى بعد أو للمجاوزة، ولا
يخفى أنّ وضع اسم المكان لاتصاف صاحبه بمأخذ اشتقاقه، وهو فيه وهذا ليس كذلك لأنّ الولي، والقرب صفة الزمان أو صفتهم قبل الدخول فيه فهو من مجاز الجوار أو الكون أو الأول فتأمّله فإنه لم يصف من الكدر، ولذا قيل: إنه لو فسر بمكان قربهم من الله على التهكم لم يبعد. قوله: (أو ناصركم الخ) فالمعنى لا ناصر لكم إلا النار كما أتا معنى البيت لا تحية لهم إلا الضرب على التهكم كما فصلناه في سورة البقرة، والمراد نفي الناصر، وقوله: متوليكم أي المتصرفة فيكم كتصرفكم فيما أوجبها، واقتضاها من أمور الدنيا فالتصرف استعارة ل! حراق والتعذيب لا مشاكلة لبعدها هنا، وقوله: النار هو المخصوص بالذم المقدر هنا. قوله: (ألم يأت وقته) لأنّ الأنا الوقت كما في قوله: {غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} [سورة الأحزاب، الآية: 53] وآن يئيئ كحان يحين لفظاً ومعنى، وقوله: ألما بالهمزة ولما النافية الجازمة كلم والفرق بينهما مفصل في النحو، وقوله: ففتروا أي كان فيهم فترة وكسل عما كانوا عليه قبل الهجرة من المجاهدة النفسية، والخشوع فعلى هذا المقصود هنا الحث على العود إلى حالهم الأوّل، واللام متعلقة بمحذوف للتبيين كما قاله أبو البقاء. قوله:(عطف أحد الوصفين الخ) بناء على أنّ ذكر الله ككلام الله بمعنى القرآن، وكذا ما نزل من الحق ت تحدا والعطف لجعل تغاير الوصفين كتغاير الذاتين كما في قوله:
إلى الملك القرم وابن الهمام
وقوله: ويجوز أن يراد بالذكر الخ توجيه آخر لأنه على هذا يظهر تغايرهما حقيقة، وما
نزل حينئذ معطوف على ذكر أو على الله، وأنزل مبني للفاعل. قوله:(عطف على تض ح الخ) قرئ
بالغيبة جريا على ما قبله، وبتاء الخطاب على الالتفات، ويحتمل أن يكون منصوبا معطوفا على تخشع في القراءتين، وأن يكون مجزوماً ولا ناهية، وهو ظاهر على قراءة الخطاب، ويجوز ذلك في الغيبة أيضاً، ويكون انتقالاً إلى نهي أولئك المؤمنين عن تشبههم بمن تقدّمهم نحو لا يقم زيد وعلى النفي هو في المعنى نهي أيضا وروش! مصغر أحد رواة القرا آت
المتواترة. قوله: (فطال الخ الو قدمه استغنى عن إعادة قوله: فقست قلوبهم، وما بينهم وبين أنبيائهم لبعد العهد بهم، وقرئ الأمدّ أي بتشديد الدال، وهو رواية عن ابن كثير وقوله: من فرط القسوة كأنه يؤخذ من كون الجملة حالية فتأمّل. قوله: (تمثيل لإحياء القلوب الخ) أي استعارة تمثيلية ذكرت استطراداً لإرشادهم إلى إزالة ما يقسي قلوبهم بالإنجاء إلى الله الذي أحيا موات الجمادات بالنبات فإنه هو القادر على إحياء تلك القلوب الميتة بذكره، وتلاوة كلامه فالمستعار له ما يمن به من الخشوع وزوال القسوة، وعلى الوجه الثاني المستعار له إحياء الأموات، والمقصود منه الترغيب في الخشوع بذكر الإماتة، والإحياء، والزجر لأنه إذا أحيا الموتى فكيف لا يرد قلوبكم إلى حالها الأولى فهما على الوجه الثاني، وقيل: إنه لف ونشر مرتب فالترغيب ناظر لإحياء القلوب القاسية، والزجر لإحياء الأموات، ولا بعد فيه أيضا. قوله:(كي تكمل عقولكم) إفادة لعل التعليل مرّ في البقرة، وفسر العقل بكماله لثبوت أصله، وفيه إيماء إلى أنه بمنزلة العدم قبله، وقوله: إن المصدقين الخ خفف صادهما ابن كثير وأبو عمرو، وثقلها باقي السبعة فعلى الأوّل هو من التصديق أي صدّقوا الرسول فيما جاء به كقوله:{وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ} وصدق به، وعلى الثاني من الصدقة، وهو أنسب بقوله: أقرضوا، وقد قيل: الأوّل أرجح لأنّ الإقراض يغني عنه. قوله: (عطف على معنى الفعل الخ) يعني أنه معطوف على اسم الفاعل لأنه صلة لأل حال محل الفعل فهو في مفاه كأنه قيل: الذين صدّقوا وأقرضوا، وهذا مختار الزمخشري تبعاً لأبي عليّ الفارسيّ وغيره، وقد ردّ بأنه يلزمه الفصل بين أجزاء الصلة بأجنبيّ، وهو المصدقات المعطوف على المصدّقين قبل تمام الصلة ولا يجوز عطفه على المصدقات لتغاير الضمائر تذكيرا وتأنيثاً، وفيه نظر وأجيب عنه بوجوه منها أنه محمول على المعنى إذ هو في معنى الناس الذين تصدّقوا، وتصدقن وأقرضوا فهو معنى معطوف على الصلة من غير فاصل، ولا يخفى أنه لا محصل له إلا إذا قيل إنّ أل الثانية زائدة لثلا يعطف على صورة جزء الكلمة وفيه بعد، ومنها أنّ المصدّقات منصوب بمقدر، وهو مع معموله معترض فلا يضر الفصل به، والمصدقين شامل للمصدّقات تغليباً ثم خصصن يالذكر حثالهن على الصدقة كما ورد في الحديث: " يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكق كثر أهل
النار " وقيل عليه إنه تخريج للكلام المعجز على خلاف الظاهر، ومنها أنه معطوف على مجموع صلة المصدقين، والمصدقات لجعلهما بمنزلة شيء واحد قصد العطف عليه ولا يخفى بعده، ونبؤ المقام عنه، والقول بأنّ أقرضوا معترض بين اسم إن، وخبرها أظهر، وأسهل. قوله:(لأنّ معناه الذين أصدقوا أو صدّقوا (على القراءتين كما مرّ، وهو أقرب إلى الجواب الأوّل وقوله، وهو على الأوّل أي على التصدق ذكره بعد. مع أنّ المراد بالإقراض التصدق أيضا لما فيه من إفادة أنّ المعتبر الإخلاص المستفاد من قوله: قرضا حسنا فإنّ حسنه بكونه من أطيب ماله خالصا لوجهه. قوله: (معناه الخ (ما مرّ راجع للمعنى والقراءة، وهو إشارة إلى ما في هذه السورة، وما في سورة الفرقان ولذا قال غير أنه لم يجزم أي كما جزم ثمة ولو حذفه كان أولى إذ لا مقتضى للجزم هنا، وقوله: إلى ضمير المصدر أي القرض أو التصدق كما صرّح به المعرب، وليس المراد ضمير هذا الفعل المجهول فإنه صرح به الجاثية في قوله: ليجزي قوما بأنه ضعيف فمن توهم أنه المراد هنا، وأنه معارض لما مرّ، ثم وفق بينهما فقد وهم كما لا يخفى، والذي أوقعه فيه تفسير بعضهم له بتضاعف الأقراض فتأمّل. قوله: (أولئك عند الله) أي في حكمه وعلمه، وقوله: بمنزلة الصديقين فهو تشبيه بليغ، وعند ربهم ليس متعلقا بالشهداء على هذا وقوله: أو هم المبالغون فهو على ظاهره، وقوله: فإنهم الخ بيان لوجه المبالغة فيه، وقوله: والقائمون بالشهادة تفسير للشهداء على الوجه الثاني، وضمير لهم للرسل، وقوله: يوم القيامة تفسير لقوله: عند الله على هذا
الوجه، دماشارة إلى تعلقه بالشهداء على هذا، وقوله: الذين استشهدوا معطوف على الأنبياء، ولما أبقاه في الأوّل على ظاهره لزم أنه تشبيه بليغ إذ ليس بمجرّد الإيمان ينال درجة الصديقين، والشهداء، ولذا أوّله على الثاني فافهم فإنّ بعضهم لم يقف على مراده فقال ما قال، وفيه الجمع بين معنيي المشترك على الأخير. قوله:(مثل أجر الصدّيقين الخ) هذا على الوجه الأوّل، وأنّ ما قبله من التشبيه البليغ،
وقوله: ولكن من غير تضعيف الخ. دفع لما يقال إنه كيف يتوهم ما ذكر مع التفاوت الكثير بأنّ المراد مساواة أجر هؤلاء مع أضعافه لأجر أولئك بدون الأضعاف فيندفع المحذور كما أشار إليه بقوله: ليحصل التفاوت، وقوله: أو الأجر الخ فالضمائر كلها للذين آمنوا، وعلى ما قبله الضميران هنا للشهداء والصديقين، وما قبلهما للذين آمنوا وإذا لم يكن في تفكيك الضمائر لبس جاز، وفيه نظر وأنما أوّله بأنّ المراد به الموعودان ليفيد الأخبار إذ بعد الإضافة لا فائدة في قوله لهم، ونظيره ما في قوله: ومن خواصه الإسناد إليه. قوله: (فيه دليل الخ الا حاجة إلى الاستدلال بهذا مع صريح آيات كثيرة فيما ذكره، ووجه إشعار التركيب بالاختصاص على ما مرّ في أولئك على هدى من ربهم مع ما في اسم الإشارة المتوسط مع تعريف الطرفين، وأنّ استحقاقهم لذاك بما تميزوا به من الكفر والكذب الذي صار بمنزلة المحسوس فيهم، وقوله: والصحبة الخ يشير إلى أنّ معنى الخلود مستفاد من الصحبة العرفية، وقد عرفت أنه لا حاجة إليه. قوله: (حقر أمور الدنيا (ليس المراد أنّ فيه مضافا قبل الحياة الدنيا بل إنّ الحياة الدنيا عبارة عما فيها من الأمور، وقوله: أعني وفي نسخة، وهي والمراد به تخصيص المحقر منها فإن ما يوصل منها للنور المذكور لا يخفى ودخل فيه المباج، وقوله: بأن متعلق بحقر، وقوله: أمور خيالية الخ من قوله لهو، ولعب فإنّ مثله مما يتلهى به، وتشتغل بمثله الصبيان كذلك وقوله، ثم قرر عطف على قوله حقر الخ والعدد بفتح العين الكثرة، والعدد بضمها جمع عذة، وهو ما يعد ويذخر ونحوه. قوله: (وهو تمثيل الخ) أي قوله: كمثل الخ تمثيل للحياة الدنيا، وقوله: في سرعة تقضيها السرعة مأخوذة من تشبيه جميع ما فيها من السنين الكثيرة بمدة نبت غيث وأحد فإنه في أقل من سنة فلا وجه لما قيل الأولى طرج السرعة فإن ثم لا تناسبه. قوله: (أعجب به الحراث) جمع حارث ككافر، وكفار وهو تفسير للكفار بالحراث لأنه يقال للحارث كافر بمعنى ساتر لستره ما بذره في الأرض، وأنما فسره به لأن التخصيص بالكفار لا وجه له
بحسب الظاهر. قوله: (أو الكافرون الخ) بإبقاء الكفار على ظاهره وتخصيصهم بالإعجاب لأنهم لقصور نظرهم على هذه الدار يعجبهم ما فيها، ولا ينظرون لغيرها، والمؤمن لا ينظر إليه لعلمه بفنائه فإذا نظر إليه أعجب بقدرة موجده، ولذا قال أبو نواس في النرجس:
عيون من لجين شاهدات بأنّ الله ليس له شريك
والفرق بين الوجهين أن في الأوّل إثبات الإعجاب للمؤمن بخلاف الثاني، وليس المراد بالمؤمن الكامل حتى تختل المقابلة إذ المراد أنه من شأنه ذلك، وإن غفل بعضهم عنه أحياناً فتأمل، والحطام ما يبس وتكسر وتفسير هاج بيب! فيه تسمح، وكذا قول الراغب: إنه بمعنى اصفر فانّ حقيقته أنه يتحرّك إلى أقصى ما يتأتى له وقوله، ثم عظم معطوف على قوله: حقر أوّلاً. قوله: (تنفيرا عن الانهماك الخ) كان ينبغي تأخيره إلى قوله ثم أكد الخ عن قوله: {وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ} فإنّ المفيد للحث، والتأكيد إنما هو قوله:{وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} الخ حتى قيل: إنه من الناسخ وقد يقال: إن ما ذكره يعلم مما ذكر دلالة والتزاما وما بعده مؤكد لمنطوقه ومفهومه فتدبر ثم إنه قابل العذاب والشدّة بالمغفرة والرضوان أو قابل العذاب الشديد بشيئين إشارة إلى غلبة الرحمة وأنه من باب لن يغلب عسر يسرين. قوله: (لمن أقبل الخ) تفسير لمجموعه أو الإقبال تفسير للمتاع، وعدم طلب الآخرة بها للغرور، والمضمار موضع طراد الخيل، وهو المراد وقد يطلق على غايته وأصله مكان تضمر فيه الخيل، وقوله: مسارعة المسابقين إشارة إلى أنه استعارة، ويجوز أن يكون مجازاً مرسلاً مستعملاً في لازم معناه، وأنما لزم ذلك لأنّ اللازم أن يبادر من يعمل ما يدخله الجنة لا أن يعمله أو يدخلها سابقا على آخر، وقوله: موجباتها بناء على وعد من لا يخلف الميعاد، والا فلا إيجاب عندنا
كما سيصرّح به. قوله: (عرضها كعرضهما) أي لو ألصق أحدهما بالآخر، وقوله: وإذا كان العرض الخ يعني أنّ العرض أقصر الامتدادين فإذا كان موصوفا بالسعة دل على سعة الطول بالطريق الأولى فالاقتصار عليه أبلغ من ذكر الطول معه، وقوله: وقيل المراد به البسطة أي السعة، والامتداد، ولذا وصف به الدعاء، ونحوه مما ليس من ذوي الأبعاد، وأتا تفسيرها بالطول فغير صحيح هنا.
قوله: (فيه دليل على أنّ الجنة مخلوقة (أي موجودة الآن لقوله: أعدت بصيغة الماضي، والتأويل خلاف الظاهرة، وقد صرّح بخلافه في الأحاديث الصحيحة، وقوله: وأنّ الإيمان الخ لجعلها معدة للمؤمنين من غير ذكر عمل، وهو رد على المعتزلة والخوارج،! ثمادخال العمل في الإيمان المعدى بالباء غير مسلم، وقوله: في استحقاقها بضمير المؤنث للجنة كما هو في النسخ المعروفة فمن قال إنه مذكر، وتكلف لتأويله بأنه راجع للمؤمن المفهوم مما قبله أو للجنة بتأويل ما ذكر، ونحوه أتى بما أغنى الله عنه. قوله: (ذلك الموعود (من الجنة وإعدادها للمؤمنين وغيره مما فهم مما قبله، وليى الإشارة للجنة كما توهم حتى يقال حق التأويل ما وعد لأنها موعودة لا موعود أو يقال التذكير باعتبار الخبر، وقوله: من غير إيجاب من جعله فضلاً، وهو ردّ على من يوجب على الله ثواب المطيع كما تفرّر في الأصول، وقوله: فلا يبعد إشارة إلى أنه تذييل لإثبات ما ذيل به، وقوله: عاهة هي ما يصيب الزرع ونحوه، والآفة ما يعرض من المؤلم غير الأمراض كالجرج، والكسر وبه تصح المقابلة. قوله:) والضمير للمصيبة الخ) هذا هو الظاهر، وكونها للجميع، وأو لمنع الخلو تكلف ما لا داعي له، وقوله: إنّ ثبته فالإشارة إلى المصدر المفهوم من متعلق الظرت، وقوله: أثبت وكتب لكيلا الخ قيل: لو قال أخبر، وأعلم كان أولى وأنسب بقوله: فإنّ من علم الخ لأنّ تهوينه من الإعلام لا من الكتابة ولا يخفى أنه غني عن اللوح وما فيه عالم بكل ما كان، وما يكون فالإثبات فيه إنما هو لإعلام الملائكة، والرسل بجفاف قلم القضاء فذكره كناية عنه، وهو المراد لا الاكتفاء بالسبب المفضي إلى الإعلام فتأمّل. قوله:(فإنّ من علم أنّ الكل مقدّر الخ (كون الكل مقدراً لأنه لا قائل بالفرق فلا يرد أنّ المذكور هنا المصائب دون النعم، وغيرها فكيف يعلم منه الكل، وليس في النظم اكتفاء كما توهم، وقوله: ليعادل ما فاتكم في إسنادهما لشيء واحد، وكون الفاعل فيهما متحداً راجعا للنعم، والعائد مرفوع فيهما بخلاف القراءة الأخرى كما لا يخفى. قوله: (وعلى الأول) أي القراءة الأولى ترك فيها التعادل للنكتة المذكورة، وهو أنّ الفوات، والعدم
ذاتيّ لها فلو خليت ونفسها لم تبق وأما إيتاؤها بالإيجاد والبقاء فهو لاستنادها إليه تعالى كما مرّ تحقيقه في قوله: كل شيء هالك الخ وهذا لا ينافي الإمكان لأنها لو كان مقضي العدم ذاتيا لها كانت ممتنعة فالمراد أنها ممكنة فلا بد لوجودها من سبب، وعدم السبب سبب للعدم والمراد من تخليتها، وطباعها عدم سبب وجودها فتدبر. قرله:) والمراد به نفي الأسى (والحزن الذي يتضمن الجزع، وعدم التسليم! لأمر الله، وأما الحزن الطبيعي فلا يضرّ كما أن الفرج، والسرور بما أنعم الله به من غير بطر كذلك، وقوله: ولذلك أي لكون المراد ما ذكر لا مطلقاً وقوله: إذ قل الخ أيمما لا يسلم من الفرح والحزن أحد ولذا ورد في الحديث: " إنّ العين لتدمع لما لما مات إبراهيم ابق النبيّ-كت. قوله: (بدل من كل مختال (أي بدل كل من كل، وقوله: فإن المختال الخ بيان لوجه كونه بدل كل من كل مع تغايرهما ظاهراً، وقوله: خبره محذوف تقديره يعرضون عن الإنفاق فيما الله غنيّ عنه وقيل: إنه خبر مبتدأ مقدر، ولا يصح كونه نعتا لمختال كما قيل، وقوله: عنه وعن إنفاقه بيان لمتعلقه المقدر وقوله: محمود في ذاته بيان لأنه تعالى غنيئ عنه، وعن شكره وتقرّبه له، وقوله: وفيه تهديد أي لمن تولى، وقوله: لمصلحة المنفق لا لما يعود عليه تعالى فإنه الغنيّ المطلق، وقوله: فإنّ الله الغنيئ أي بدون هو كما وقع في بعض النسخ بغير هو. قوله: (بالحجج والمعجزات) راجع إلى كل من تفسيري الرسل، ولذا ذكرهما في الكشاف مع اقتصاره على الأوّل لأن رسل الملائكة ترسل بالمعجزات كإرسالها بالقرآن لنبينا صلى الله عليه وسلم، ولغيره أيضاً للأخبار بأنّ له معجزة كذا فلا اعتراض على الزمخشري، وقيل: إن فسر الرسل بالملائكة يفسر البينات بالحجج، وإن فسر بالأنبياء يفسر البينات بكل منهما أو بما يعمهما فتأمّل. قوله تعالى:)
{وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ} (إن كان مرجع الضمير الرسل بمعنى الملائكة فلا إشكال فيه إلا أنه كان ينبغي الاقتصار عليه كما في الكشاف إذ على الثاني يحتاج إلى تأويل بتقدير متعلق لقوله معهم أو جعله حالاً من الكتاب، والحال حينئذ مقدرة أو لاتصاله
به جعلت مقارنة تسمحاً، ولا يخلو من تكلف فما في الكشاف أولى، وقوله: ليبين الخ قيل إنه إشارة إلى جمعه لتكميل القوتين النظرية، والعملية، والظاهر أنه لبيان المناسبة بينه، وبين الميزان المحسنة لعطفه عليه كما أشار إليه بقوله: لتسوي به الحقوق، وقوله: يقام به العدل تفسير لقوله: {لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} وفيه إشارة إلى أنّ الباء للتعدية فلا حاجة لأخذها من خارج الكلام. قوله: (وإنزاله إنزال أسبابه) ولو بعيدة وهو جواب عن أنّ الميزان لم ينزل من السماء بأنّ أسبابه كالمطرقة، ونحوها على قول منها أو المطر المنبت للكتان والقطن، والخشب الذي هو مادته، وأمر الناس باتخاذه مع تعليم كيفيته منها وهذا على تسليم أنه لم ينزل حقيقة، وقوله: وقيل الخ منع له مع سنده وقوله: يراد به العدل الخ جواب آخر، وهو أنه مجاز عن العدل، ونزوله من السماء نزول الكتاب المتضمن له، والوحي الآمر به، والباء حينثذ للتعدية أيضاً، ويجوز أن تكون للسببية، وهو المناسب لقوله: ليقام به الخ فتأمّلى. قوله: (ويدفع به الأعداء) أي يدفع الحكام بالعدل عن الناس أعداءهم لإنصافهم منهم، وأخذ حقوقهم واقامة الحدود عليهم، وما قيل في تفسيره إنّ الظلم يفضي إلى هجوم الأعداء، ولذا قيل الملك يبقى مع الكفر ولا يبقى مع الظلم بعيد في نفسه. قوله:(كما قال وأنزلنا الحديد الخ) إشارة إلى دفع ما يتوهم من أنّ الجمل المتعاطفة لا بد فيها من المناسبة، وانزال الكتاب لا يناسب إنزال الحديد فكان الظاهر ترك عطفه بأنّ بينهما مناسبة تامّة لأن المقصود ذكر ما يتمّ به انتظام أمور العالم في الدنيا حتى ينالوا السعادة في الأخرى، ومن هداه الله من الخواص العقلاء ينتظم حاله في الدارين بالكتب، والشرائع المطهرة، ومن أطاعهم وقلدهم من العامة بإجراء قوانين الشرائع العادلة بينهم، ومن تمرّد وطغى وقسا يضرب بالحديد الرادّ لكل مريد، والى الأوّلين أشار بقوله: أنزلنا الكتاب، والميزان فجمعهم، وأتباعهم في جملة واحدة، والى الثالث أشار بقوله:{وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ} فكأنه قال أنزلنا ما يهتدي به الخواص، وما يهتدي به أتباعهم، وما يهتدي به من لم يتبعهم فهي حينئذ معطوفة لا معترضة لتقوية الكلام كما توهم إذ لا داعي له وليس في الكلام ما يقتضيه بل فيه ما ينافيه قال العتبي في أوّل تاريخه: كان يختلج في صدري أنّ في الجمع بين الكتاب، والميزان، والحديد تنافراً وسألت عنه فلم أحصل على ما يزيح العلة وبنقع الغلة حتى أعملت التفكر فوجدت الكتاب قانون الشريعة، ودستور الأحكام الدينية يتضمن جوامع الأحكام، والحدود قد حظر فيه التعادي، والتظالم ودفع التباغي، والتخاصم وأمر بالتناصف، والتعادل، ولم يكن يتم إلا بهذه الآية فلذا جمع الكتاب، والميزان وأنما تحفظه العامة على اتباعها بالسيف، وجذوة عقابه، وعذب عذابه، وهو الحديد الذي وصفه الله بالبأس الشديد فجمع بالقول الوجيز معاني كثيرة الشعوب متدانية الجنوب محكمة المطالع مقوّمة
المبادي، والمقاطع اهـ وأنما نقلناه على ما فيه من الطول لأنه أحسن ما فيه من الفصول. قوله:(فإن آلات الحروب الخ) إشارة إلى أنّ السياسة العامة متوقفة عليه فلذا عطف على ما قبله مما يتضمن العدل، والسياسة، وقوله: باستعمال الأسلحة متعلق بينصره لبيان ارتباطه بما قبله، وقوله: والعطف أي في قوله وليعلم الخ، وقوله: فإنه حال الخ توجيه لدلالة ما قبله، وهو قوله: فيه بأس شديد، ومنافع فإنها جملة حالية محصلها لينتفعوا به، وشمتعملوه في الجهاد وليعلم الله الخ، وحذف المعطوف عليه إيماء إلى أنه مقدّمة لما ذكر، وهو المقصود سنه، والجملة الحالية ظرفية على أنّ المرفوع فاعل لقوله: فيه لاعتماده على ذي الحال لا اسمية لئلا ينافي ما مرّ مرارا من أنها لا بد فيها من الواو، وقد مرّ ما فيه في سورة الأعراف فتذكره، وقوله: أو اللام صلة لمحذوف أي أنزله ليعلم الخ، والجملة معطوفة على ما قبلها فحذف المعطوف، وأقيم متعلقه مقامه وقد وقع في بعض النسخ معطوفاً بالواو أو أصح كما لا يخفى وقيل: قوله وليعلم معطوف على قوله: {لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} وهو قريب بحسب اللفظ بعيد بحسب المعنى. قوله: (حال من المستكن) أو من البارز كما مرّ تحقيقه في البقرة، وقوله: بأن استنبأناهم
أي جعلناهم أنبياء، وأصل الاستنباء طلب الخبر كما قال ويستنبؤنك أحق هو، وهو تفسير لجعل النبوّة فيهم كما أنّ قوله: وأوحينا الخ بيان لجعل الكتب فيهم، وقوله: وقيل الخ مرّضه لأنه خلاف الظاهر، وإن كان الكتاب ورد بمعنى الكتابة في اللغة. قوله: (خارجون الخ (لأنّ أصل معنى الفسق الخروج، ثم خص بخروج مخصوص، وهو الخروج من ربقة الإيمان وطريق الهداية المستقيم فهو مساو للضلال، وتبيين المقالة فيه أن يقال: فمنهم مهتد ومنم ضال فعدل عنه لأنّ ما ذكر أبلغ في الذمّ لأنّ الخروج عن الطريق المستقيم بعد الوصول إليها بالتمكن منها ومعرفتها أبلغ من الضلال عنها، ولو قيل ومنهم الخ لم يفهم غلبة أهل الضلال على غيرهم فليست المبالغة لجعلهم محكوما عليهم بالفسق كما قيل فتدبر. قوله: (أرسلنا رسولاً بعد رسول (البعدية معنى التقفية لأنّ أصله أن يكون خلف قفاه، وقوله: والضمير لنوح
الخ) فالمعنى قفينا على آثار نوح، وابراهيم ومن أرسلا إليهم من قومهما برسلنا ومن أرسلوا إليهم من أقوامهم فاكتفى بذكر الرسل عنهم كما اكتفى بذكر نوح، وابراهيم عن ذكر من أرسلا إليه. قوله:(أو من عاصرهما الخ) قيل عليه لو عاصر رسول نوحا فإمّا أن يرسل إلى قومه كهارون مع موسى، أو إلى غيرهم كلوط مع إبراهيم، ولا مجال للأوّل لمخالفته للواقع وصرح به المصنف رحمه الله أيضاً في تفسير قوله، وقوم نوح لما كذبوا الرسل، ولا إلى الثاني إذ ليس على الأرض غير قومه ولا يخفى أنه توجيه لجمع الضمير وكون لوط مع إبراهيم كاف فيه وإن كان الكلام موهماً لخلافه وقوله: فإن الرسل المقفى بهم من الذرية ولو عاد الضمير عليهم لزم أنهم غيرهم أو اتحاد المقفي والمقفى به وتخصيص الذرّية الراجع إليه ضمير آثارهم بالأوائل منهم خلاف الظاهر من غير قرينة تدل عليه. قوله: (وأمره أهون من أمر البرطيل الخ) البرطيل بكسر الباء، وقد تفتح حجر مستطيل، واستعماله بمعنى الرشوة مولد مأخوذ منه بنوع تجوّز فيه كما بينه أهل اللغة يعني انّ البرطيل بكسر الباء عربيّ ففتح فائه إذا سمع فيه غير هين لأنّ فعليلاً بالفتح ليس من أبنية العرب فالعدول فيه عن سنن ألفاظهم غير سهل بخلاف إنجيل فإنه أعجمي على الصحيح المشهور فالعدول فيه عن أوزانهم سهل لأنهم يتلاعبون به، ولأنه ليس من كلامهم في الأصل حتى يلتزم فيه أوزانهم، والإنجيل كتاب عيسى عليه الصلاة والسلام، ويكون بمعنى مطلق الكتاب وقيل هو عربيئ من نجلت بمعنى استخرجت لاستخراج الأحكام منه، وقوله: فعالة أي بالفتح مصدر كالشجاعة. قوله: (وابتدعوا رهبانية (يعني أنه منصوب بمقدر يفسره ما بعده على نهج الاشتغال فجملة ابتدعوها لا محل لها من الإعراب، وقول ابن الشجري أنه يشترط في منصوبه أن يكون مختصا يجوز وقوعه مبتدأ على فرض تسليمه هو موصوف معنى كما يؤخذ من تنوين التعظيم، وكونه بمعنى أمر منسوب للرّهبان، وفوله: رهبانية مبتدعة على أنّ ابتدعوها في محل نصب صفة رهبانية، وهو معطوف على ما قبله من مفعول الجعل فلذا قال على أنها من المجعولات بناء على أنّ أفعال العباد مخلوقة لله، ولا ضير في اجتماع قادرين على مقدور واحد عندنا أهل الحق ولمخالفتها لمذهبهم قالوا: هنا ما قالوا كما بين في الكشاف وشروحه، وفي مغني اللبيب لا بد من تقدير مضاف هنا مما في القلوب أي وحب رهبانية، وهو غير ما ذهب إليه المصنف رحمه الله لكن قوله: بعده تبعا لصاحب الانتصاف إنما لم يحمل أبو عليّ الآية على ذلك لاعتزاله لا يخلو من الخلل، وليس هذا محل الكلام عليه، وقوله: وهي المبالغة الخ كونها بهذا المعنى في القلوب يحتاج لتقدير، أو تأويل
كما أشرنا إليه. قوله: (كأنها منسوبة إلى الرهبان) والنسبة إلى الجمع على خلاف القياس فيحتاج إلى أن يقال إنه لما اختص بطائفة مخصوصة أعطى حكم العلم فنسبت له كالأنصار، وعلى قول الراغب أنّ رهبانا بالضم مفرد أيضا الأمر واضح، ولذا تردّد المصنف رحمه الله فيه، وقيل: إنه لاحتمال أق الضم من تغييرات النسب كدهرفي. قوله: (استثناء منقطع) قدمه لأنه أنسب بقوله: ابتدعوها كما أشار إليه بقوله: لكنهم ابتدعوها، ثم صرح به بعده فلا تكون مفروضة عليهم من الله، وقوله: ما تعبدناهم بها أي جعلناها عبادة لهم سواء كانت فرضا أو مندوباً وأصل معنى تعبده صيره عبدا، وعلى هذا معناه صيره عابدا، وفي ثبوته بهذا المعنى كلام، وقوله: يخالف قوله: ابتدعوها فإنه يقتضي أنهم لم يؤمروا بها أصلاً إلا
أن يقال الأمر وقع بعد ابتداعها أو يؤوّل ابتدعوها بأنهم أوّل من فعلها بعد الأمر، وقوله: أتوا بها أوّلاً تفسير لقوله: استحدثوها، وقوله: من تلقاء أنفسهم أي من جانب أنفسهم أو من ألقاء أنفسهم ذلك لهم. قوله: (فما رعوها جميعاً) إمّا تأكيد للضمير أو لقوله حق رعايتها مقدما عليه فعلى الأوّل هو إشارة إلى أنّ منهم من رعاها، وعلى الثاني رعوا بعض حقوقها، وقوله: بضم التثليث متعلق بالنفي، والتثليث قولهم بأن الإله ثلاثة، والاتحاد قولهم: إنّ الله متحد بعيسى حال فيه، والسمعة الرياء وهو غالب عليهم، وقوله: نحوها أي المذكورات، واليها متعلق بضم، وقوله: من المتسمين أي الذين لهم سمة، وعلامة تدل على اتباع عيسى عليه الصلاة والسلام، وقوله: بالرسل المتقدّمة فالمراد مؤمنو أهل الكتاب. قوله: الإيمانكم بمحمد صلى الله عليه وسلم وإيمانكم بمن قبله)
بيان لتحقق النصيبين لهؤلاء على أنّ المراد مطلق أهل الكتاب مع أنّ الملل الأولى منسوخة، والمنسوخ لأثواب في العمل به فإن كان الخطاب للنصارى فملتهم غير منسوخة قبل ظهور الملة المحمدية، ومعرفتهم بها فلا يحتاج إلى جواب عنه بما ذكر، وأنما لم يرتض به قيل لأنها نزلت فيمن أسلم من اليهود كما ورد في الأحاديث الصحيحة كعبد الذ بن سلام وأضرابه ولذا بنى تفسيره أوّلاً عليه، ولأنه لا دليل على التخصيص هنا، والمراد من لم يؤمن منهم فلا يحتاج قوله: آمنوا إلى تأويل اثبتوا، ونحوه كما في الكشاف. قوله:(أو الهدى الخ) فالنور استعارة تصريحية، وقوله: يسلك به إشارة إلى وجه الشبه فيه، والجار في قوله: لئلا الخ متعلق بالأفعال الثلاثة قبله على التنازع أو يقدر كفعل، وأعلمهم ونحوه، ولا مزيدة فإنه يجوز زيادتها مع القرينة كثيرا، واختاره على عدم الزيادة لما فيه من التكلف الآتي، وقوله: ليعلموا جمعه لظهور أنه ضمير أهل الكتاب، وقد قيل إنه كان عليه أن يفرد الضمير أو يؤخره عن قوله: أهل الكتاب، ولكنه أمر سهل. قوله:(والمعنى أنه لا ينالون شيئاً الخ) على أنّ المقدّر ضمير الشأن، وفي نسخة أنهم على أنّ المحذوف ضميرهم، وهو الأولى كما ذكره في المغني، وقوله: مما ذكر من فضله يعني في النصيبين من الأجر وما معه، وقوله: برسوله يعني به محمداً صلى الله عليه وسلم، وقوله: أو لا يقدرون الخ. على أنّ الفضل عامّ في كل فضل، وقوله: لأنهم لم يؤمنوا صريح فيما مرّ من أنّ المراد من لم يؤمن منهم، وقوله: وهو أي نيل ما ذكر، وقوله: على شيء ليس عاماً حتى يكون فضلا في غير محزه بل تنوينه للتحقير، وقوله تعالى:{يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء} خبر ثان أو هو الخبر، وما قبله حال لازمة أو استئناف. قوله:(والمعنى لئلا يعتقد أهل الكتاب الخ) فضمير يقدرون والمقدر على أحد الوجهين للنبيّ صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، وفي الوجه السابق لأهل الكتاب وعدم قدرتهم عليه أنهم لا ينالونه كما في أحد الوجهين أولآ ونفى النفي المراد به إثبات علمهم بنيل الرسول والمؤمنين لفضل الله، ورحمته. قوله: (فيكون وأنّ الفضل عطفاً الخ الا على أن لا يقدوون لفساد المعنى فالمعنى لئلا يعتقد أهل الكتاب أنّ النبيّ، والمؤمنين به لا يقدرون على شيء من فضل الله، ولا ينالونه بل هم الذين يقدرون على حصر فضل الله، واحسانه على أقوام معينين أي فعلنا ما فعلنا لئلا يعتقدوا، ولأنّ الفضل بيد الله فهو
من عطف الغاية على الغاية، وهو دفع لما أورد على عدم الزيادة من أنه غير ممكن لأنه يقتضي أن يكون المعنى لئلا يعلموا أنّ الفضل بيد الله، وهو باطل. قوله:(وقرئ ليلا) أي بلام مكسورة بعدها ياء ساكنة، ثم لام مخففة وألف، وقوله. ثم أبدلت أي اللام الثانية المدغمة التي كانت نوناً، ثم قلبت وأنما أبدلت لثقل توالي الأمثال كما فعلوا في قيراط، ودينار فإنّ أصله قرّاط ودنار فأبدل أحد المثلين فيه ياء للتخفيف، وهذا وإن لم يكن كلمة واحدة بوزن فعال فإنّ أهل الصرف شرطوا فيه أن يكون اسماً جامداً بوزن فعال إلا أنهم شبهوه به، وقوله: وقرئ ليلا أي بفتح اللام مع الإبدال كما في اسم المرأة بعينه، وقوله: على أنّ الأصل الخ فأصل لام الجرّ الفتح كما سمع عن بعض العرب فتحها، وكذا كل حرف مفرد على قول النحاة لكنها كسرت لتناسب حركتها عملها، وقوله عن النبيّ صلى الله عليه وسلم الخ هو حديث موضوع، وقوله: كتب المراد رزقه الله الأمن من سوء الخاتمة، والا لم يكن ظاهرا تمت السورة بحمد الله، ومنه والصلاة والسلام على أفضل رسله الكرام، وعلى آله وصحبه الأئمة الأعلام.