المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فيه وقد أشار إليه المص‌ ‌ن ف بقوله: والإنذار يكفي له الخ - حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي - جـ ٨

[الشهاب الخفاجي]

الفصل: فيه وقد أشار إليه المص‌ ‌ن ف بقوله: والإنذار يكفي له الخ

فيه وقد أشار إليه المص‌

‌ن

ف بقوله: والإنذار يكفي له الخ مع أنه قد يقال: إنه وقع والخسف والحصب بمعنى التذليل وومنه الحصى في وجوههم كما قال:

ولا يقيم على خسف يراد به إلا الأذلان غير الحيّ والوتد

قوله: (علم وقته الأن علمه إجمالاً قد علم من التهديد به، وقوله: لا يطلع عليه هو من

كلمة إنما وفوله: بل الظن الخ هو ناظر إلى كون الموعود به الخسف وقرينه مع أن وقوعه معلق بشرط كالبقاء على الكفر، وقد آمن أكثرهم وهكذا كل وعد ووعيد عند من يقول بأنه خبر لئلا يلزم الكذب إذا تخلف، وأمّا كون الظن بمعنى الطرف الراجح أو هو من قبيل هذا كذا في ظني فتكلف لا حاجة إليه فلا يشكل الأمر بأن قوله:{فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} إخبار بوقوعه فإذا أريد الخسف والحاصب لزم المحذور كما توهم. قوله: (ذا رّلفة) هو منصوب على الحال أو الظرفية وأنما يحتاج إلى التقدير إذا كان بمعنى القرب أما بمعنى القريب فلا وقوله: بأن علتها الكآبة أي ظهر عليها آثارها فإن الكآبة الغم والانكسار والحزن والضمير للوجوه، وقوله: ساءتها الخ إشارة إلى فاعله المقدر ولا يلزم أن يكون فاعلاً حقيقياً. قوله: (تطلبون وتستعجلون الخ) أراد أن طلبهم نفس الاستعجال لا أنه ضمن معناه كما قيل فالباء صلة الفعل كما في قوله: يدعون فيها بكل فاكهة فإذا جعل من الدعوى فالباء سببية أو للملابسة باعتبار ذكره، ويؤيد الأوّل قراءة تدعون بالتخفيف، ولذا قدمه وسيأتي أنه يقال: دعاه إذا استدعاه وفي تهذيب الأزهري مخففا ومشددا وفسره الحسن بتكذبون من قولك يدعي الباطل، ويدعي ما لا يكون، وقال الفراء: يجوز أن يكون تدعون بمعنى تدعون ومن قرأ تدعون مخففا فهو من دعوت أدعو والمعنى هذا الذي كنتم به تستعجلون، وتدعون الله بتعجيله يعني قولهم: إن كان هذا هو الحق من عندك الخ ذكره يونس والزجاج، وقال: يجوز أن يكون يفتعلون من الدعاء من الدعوى. قوله: (فمن يجير الكافرين) أقيم الظاهر مقام الضمير إظهارا لعلته، وقوله: لا ينجيهم لأن الاستفهام الإنكاري نفي معنى وقوله: نتربصى الخ تقدم تفسير.، وقوله: الذي أدعوكم تفسير للضمير ومولى النعم تفسير للرحمن، وقوله: للعلم بذلك أي بكونه المنعم الحقيقي إشارة إلى أن ذكره عقبه لأنه معلوم منه، وقوله: لا يضرّ ولا ينفع إشارة إلى وجه الحصر المستفاد من تقديم عليه وقوله، والإشعار به أي بان غيره لا يضرّ ولا ينفع. قوله:(فستعلمون الخ) هو من

الكلام المصنف وقوله: بالياء ففيه التفات على أحد الوجوه والاحتمالات، وقوله: غائراً إشارة إلى أنه مصدر مؤوّل باسم الفاعل، ووصف به مبالغة والدلاء بالمد جمع دلو. قوله:(جار الخ) إشارة إلى أنه فعيل من معن أو مفعول من عين وكونه سهل المأخذ لوصول الأيدي إليه، وقوله عن النبيّءلمجح! الخ حديث موضوع وقد ورد في فضلها أحاديث كثيرة صحيحة فلو أورد بعضها كان أولى. تمت السورة والحمد لله والصلاة والسلام على سيد الأنام وآله وصحبه الكرام.

سورة ن

لا خلاف في عدد آياتها وكونها مكية إلا أنه قيل باستئناء بعض آياتها.

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله: (من أسماء الحروف) والمراد ما بيناه في أوّل البقرة وقدمه لأنه الظاهر، وقوله:

وقيل الخ وجه تمريضه ظاهر خصوصا إذا أريد به الجنس سواء كان بمعنى الجميع أو الفرد غير المعين فإنه لا معنى للقسم به ولا مناسبة بينه وبين القلم، واليهموت بفتح الياء المثناة التحتية وسكون الهاء وما اشتهر من أنه بالباء الموحدة غلط على ما ذكره الفاضل المحشي، وإذا أريد هذا فوجهه إنه مما خلق أوّلاً قبل الأرض، ثم وضعت عليه كما في المعالم. قوله:) أو الدواة الخ) أنكر الزمخشريّ ورود النون بمعنى الدواة في اللغة أو في الاستعمال المعتد به والردّ عليه إنما يتأتى بإثباته عن الثقات لا بالتشهي وسلامة الأمير، فما قيل من أن المصنف قصد الردّ عليه بقوله: فإن بعض الحيتان الخ على أنه أطلق على الدواة مجازاً بعلاقة المشابهة لا يخفى ما فيه من السماجة فإنه لم يشتهر حتى يصح جعله مشبها به، والنقس بالسين المهملة كالحبر لفظا ومعنى. قوله: (ويؤيد الأول

ص: 225

(أي كونه من أسماء الحروف هنا لأنه لو كان اسم جنس أو علما أعرب منوّنا أو ممنوعاً من الصرف وكتب كما يتلفظ به، وإن كان خط المصحف لا يقاس لأنه لا يرتكب ما أمكن إجراؤه على القياس! ، وكونه بنية الوقف واجراء الوصل مجراه على خلاف الأصل أيضا، ولذا قال: يؤيد دون يدل لهذا الاحتمال وأيضا يحتمل أنه اكتفى ببعض حروف الكلمة كقوله:

قلت لها قفي قالت قاف

وبينه وبين القلم غاية المنافرة. قوله: (الذي خط اللوح) المحفوظ فالتعريف فيه عهدفي، وفيما بعده جنسيّ وقوله: وأخفى ابن عامر الخ الإخفاء لغة الستر، وفي اصطلاح القرّاء صفة

للحرف بين الإظهار والإدغام عار من التشديد مع بقاء الغنة في الحرف الأوّل ومنه ظهر مفارقته للإدغام، والإخفاء للنون يكون مع غير الباء والألف، وغير أحرف الحلق الستة وأحرف يرملون الستة فهو عند خمسة عشر حرفا غير هذه، والنون تدغم مع الغنة وعدمها في حروف يرملون إذا عرفت هذا ظهر لك ما في كلام المصنف من الخلل، وإن حمل قوله: أخفى على معنى أدغم لأنه إخفاء لغوي لا اصطلاحي، وإن كان أولى من إبقائه لأنه أقل فساد أو هو المنقول في كتب الأداء عن هؤلاء أيضا فغير ظاهر إلا أن قوله: إجراء للواو المنفصل الخ لا وجه له فإنه إن أراد انفصالها بحرف آخر فليس بصحيح وإن أراد الانفصال عن الكلمة بأن تكون في كلمة أخرى فليس كونهما من كلمة واحدة شرطا عند أحد من القراء، وقوله: مع حروف الفم يعني الشفوية غير صحيح أيضا سواء أريد بالإخفاء الإدغام أو المعنى المصطلح كما عرفته، وأمّا إرادة ما يعمه ويعم القلب كما قيل فأشد فساداً، والعذر في مثله أقبح من الذنب، وقوله: كص وتوجيهه مفصل فيها. قوله: (على التعظيم الأنه واحد فالتعبير عنه بضمير الجمع تعظيما له وأما على الثاني وأرادة جنس ما به الخط فهو متعدد لكنه ليس بكاتب حقيقة بل هو آلة للكاتب فالإسناد إليه إسناد إلى الآلة مجازاً والتعبير عنه بضمير العقلاء لقيامه مقام العقلاء وجعله فاعلا، وقوله: لأصحابه معطوف على قوله: للقلم فالضمير راجع إلى الكتبة أو الحفظة المفهومين من القلم لا لأنه أريد بالقلم أصحابه تجوّزاً أو بتقدير مضاف معه، وأصحابه المؤمنون، وإذا أريد الحفظة لا يتعين أن يراد بالقلم ما خط اللوح كما توهم، وكونه لما وهي بمعنى من تكلف بارد. قوله: (والمعنى ما أنت الخ) أي انتفى عنك ذلك في حال كونك منعما عليك بأعظم النعم وقريب منه جعل الجار والمجرور متعلقاً بالنفي كالظرف اللغو، والحصافة بالحاء والصاد المهملتين الاستحكام والجزالة، وقد جوّز فيه كونه قسماً متوسطاً في الكلام لتأكيده من غير تقدير جواب أو يقدّر له جواب يدلّ عليه الكلام المذكور كما ذكره في سورة الطور. قوله:(وقيل مجنون) أي العامل في الحال مجنون كما ذكره الزمخشري وقوله: والباء لا تمنع الخ لأنّ معمول المجرور سواء كان بالحرف أو بالإضافة لا يتقدم عليه كما ذكره النحاة لكنها لكونها زائدة هنا لم تعد مانعا، وقوله: وفيه نظر اعتراض عليه فيما اختاره لأنه يقتضي أن انتفاء الجنون عنه في هذه الحالة، وقد لا ينتفي في غيرها وكونها حالاً لازمة كما ذكره المعرب لا يدفع الإيهام ولا يخفى أنه وارد على ما اختاره المصنف أيضا، وقيل في وجه النظر إنه نفي داخل

على مقيد فإئا أن يكون لنفي القيد فقط أو مع المقيد وأما كونه لنفي المقيد فقط فلم يرد في كلامهم فيقتضي نفي الجنون والإنعام عليه، أو نفي الانعام وثبوت الجنون وكلاهما غير صحيح هنا، وقد قيل عليه إنّ المتبادر من نحو ما زيد بقائم ضاحكا نفي القيام في هذه الحالة لا نفي تلك الحالة في غير القيام فيجوز قيامه في غيرها فإذا كان المحكوم به لازما لتلك الحالة لزم من نفيه نفيها والجنون غير لازم للنعمة إلا أن المتبادر في المثال ثبوت القيام مع نفي الحال ولا يمكن اعتباره هنا لأن نفي الجنون في حالة النعمة، وهي لا تنفك عنه فيلزم انتفاء الجنون ضرورة اهـ، ولا يخفى أنه كلام مضطرب لا حاصل له وقد مرّ تحقيقه وأن الجملة الحالية والحال مطلقا إذا وقعت بعد النفي إنما يلزم انتفاء مقارنتها لذي الحال لا نفيها نفسها لأنه لا يلزم من نفي الشيء في حال نفي تلك الحال ألا تراك تقول ما جاءني زيد وقد طلع عليه الفجر فقد نفيت مجيئه مقارنا لطنوعه ولا يقصد نفي طلوعه، وكذا إذا اعتذرت عن ترك زيارة صديق لما في الحال من الضيق فقلت: لا أزورك مملقا ولا أراه يشتبه على أحد حاله، وفي الكتاب المجيد {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}

ص: 226

[سورة الأنفال، الآية ت 33] وقد مرّ لنا فيه كلام في سورة البقرة والأنفال فتذكره وقوله: على الاحتمال يعني احتمال أذى المشركين، والإبلاغ تبليغ أمانة الرسالة وتحمل أعبائها، وقوله: من الناس رد على الزمخشري في جعله غير ممنون عليه من الله لأنه استوجبه بعمله وهو ظاهر. قوله: (ما لا يتحمله أمثالك (يعني من أولي العزم من الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وقوله:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} هي اسم السورة، وهو بدل من القرآن بدل بعض من كل فالعائد مقدر معه ولم يقع هذا في أكثر الروايات قال ابن حجر: وله قصة طويلة وهذا اللفظ رواه الحاكم، وقال السيوطي: هو في رواية البخاري في الأدب أيضاً، وقال العارت بالله المرصفي أرادت تخلقه بأخلاق الله ولكنها لم تصرّج به تأدّبا منها وهو كلام حسن لولا ما في هذه الرواية، ومعنى ما قالته عائشة إن الآية الأولى تضمنت خلقه جمي! إجمالاً. قوله: (والباء مزيدة (أي في المبتدأ كما جوّزه سيبويه وقوله: أو بابكم الجنون فالباء للملابسة، وهذا بناء على أن المصدر يكون على وزن المفعول كما جوّزه بعضهم، وقوله: أي في أيهما الخ إنما أوّله بالفريقين على

أن خطابهءج! ر خطاب لأضته أيضا دفعاً لما يرد عليه قال ابن الحاجب في شرح المفصل: يضعف جعلها غير زائدة بمعنى في والمفتون صاحب الفتنة، والخطاب له ولهم أنه لا يستقيم أن يقال لجماعة وواحد في أيكم زيد فلا بد من تقدير الفريقين فإن قلت هذا بعينه، وارد إذا كان المفتون بمعنى الفتنة أيضاً قلت: ليس كذلك لأنه يصح أن يقال لاثنين بأيهما الفتنة لأنه يصح قيامها بكل واحد منهما فيصح الاستفهام عن محله وصاحب الفتنة لا يستقيم أن يجعل محل الفتنة، اهـ. قوله:(وهم المجانين الخ) توضيح لارتباطه بما قبله حيث ذكر أنه سيعلم المجنون من غيره، وقد ذكرت هذه الجملة مؤكدة بعده مستأنفة لتبيينها فكان الظاهر أن يقال: إنه أعلم بالمجانين والعقلاء فعدل عنه للدلالة على أن الضلال عن سبيله هو الجنون، والاهتداء عين كمال العقل. قوله:(تهييج اله! ييه حيث نهاه عن إطاعتهم وهو أمر لم يقع منه ولا يتصوّر فالمراد حثه على تصميمه في عزمه، ومعاصاتهم بمعنى عصيانهم يقال: عاصاه وعصاه بمعنى، وقوله: تلاينهم أي تعاملهم باللين والمداهنة لهم بترك نهيهم أو موافقتهم فيما هم عليه أحيانا، وقوله: والفاء أي في قوله: فتدهنون للعطف على تدهن وتعقيب مداهنتهم على مداهنته ويكون كل منهما داخلا في حيز التمني على هذا، ولذا فسره بقوله: ودوا التداهن، وقوله: لكنهم الخ توجيه للعطف بالفاء ولا تسامح فيه كما قيل وقوله: وتمنوه تفسير فإنه يقال وذ كذا ويوذ كذا إذا تمناه وهو معنى حقيقي كما في كتاب الفصيح. قوله: (أو للسببية) أي الفاء ليست عاطفة بل داخلة على جملة متسببة على ما قبلها، وقدر المبتدأ ليصح كونها عاطفة وتتضح السببية فيها أي إنهم لتمنيهم أن يداهنهم يداهنوه والفرق بين التقديرين في كلامه من وجهين لأنه على الأوّل المعنى أنهم تمنوا لو تدهن فتترتب مداهنتهم على مداهنتك ففيه ترتب إحدى المداهنتين على الأخرى في الخارج، ولذا قال: حينئذ أي حين إذ داهنتهم ولو فيه غير مصدرية وعلى الثاني لو مصدرية، والترتب ذهني على ودادتهم وتمنيهم ولذا قال الآن. قوله:(على أنه جواب التمني) فالمعنى ليتك تدهن فيدهنوا، وقد خرجت هذه القراءة على أنها عطف على التوهم بناء على أن لو مصدرية فيوهم وقوع أن موقعها ونصب الفعل بها والتمني من، وذوا لو وقيل: جواب لو مقدر أي لو تدهن لسروا بذلك ومفعول وذوا مجذوف، وهو التداهن ولا يخفى ما فيه من التكلف. قوله:(كثير الحلف) فكثرته مذمومة ولو في الحق لما فيه من الجراءة على اسم الله، وطعان بمعنى عياب لأن الطعن يعيب الخلق وقوله: على وجه السعاية

أي الإفساد والضرر، وأصل السعاية أن يمشي بالناس عند الحكام والأثام كالوبال لفظاً ومعنى أو بالمد جمع آثم. قوله:(بعدما عد من مثاليه) بالمثلثة، والباء الموحدة بمعنى القبائح إشارة إلى أن الإشارة لجميع ما قبله لا للأخير فقط، وهي للدلالة على أن ما بعده أعظم في القباحة فبعد هنا كثمّ الدالة على التفاوت الرتبيّ كما مرّ في قوله:{بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [سورة التحريم، الآية: 4] والدعيّ الملحق بقوم ليس منهم كما مرّ في قوله: {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ} [سورة الأحزأب، الآية: 4] والزنمة بفتحات ما يتدلى في حلق المعز والفلقة من أذنه تثق فتترك معلقة فشبه من انتسب لغير أبيه بذلك، والأخنس بالخاء المعجمة والسين المهملة بينهما نون رجل

ص: 227

معروف من العرب، وشريق بالقاف بوزن شريف اسم أبيه وهو من قبيلة تثقيف فالتحق ببني زهرة حتى كان يعد منهم في الجاهلية. قوله:(لآن كان الخ) إشارة إلى أنّ قبل أن المصدرية لام جرّ مقدرة ومستظهراً بمعنى متقؤيا، وقوله: مدلول قال صادق بتقدير مثلها وتقدير كذب لأنّ قوله: هنا مكذب يدل عليه، وقوله: ما بعد الشرط الخ إشارة إلى أنّ إذا هنا شرطية لا ظرفية، وإن صح أيضا لتبادر من السياق، وقيل: لأنّ قوله: قال الخ جواب ولا محوج لإخراجه عنه وفيه أن عدم التقدير محوج له فينبغي جواز الوجهين، وقوله: على الاستفهام، وحيمئذ فلهم فيه الوجوه المعروفة إذا اجتمعت الهمزتان، وقوله: كذب متعلق اللام المقدرة الدال عليه قال: وما بعده يدل عليه لا تطع وقدره لأنّ ما قبل الهمزة لا يعمل فيما بعدها، وقوله على أنّ شرط الغني الخ يعني ليس لتفييد النهي به كما أنّ النهي عن الوأد في قوله:{وَلَا تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ} [سورة الإسراء، الآية: 31] منع عنه غير مقيد بذلك لأنّ النهي عنه في غير ذلك يعلم باً لطريق الأولى فيثبت بدلالة لنص والشرط والعلة في مثله مما

لا مفهوم له كما تبين في الأصول. قوله: (أو أن شرطه للمخاطب الخ) أراد به تطبيق المعنى في القراءتين لإفادة الشرط السببية، وهو بمعنى قريب من التعليل فنزل المخاطب المطيع لما ذكر منزلة من اشترطه كما ذكره المصنف وقوله: شارطاً يساره بيان لحاصل المعنى لا تقدير إعراب حتى يرد عليه أنّ الشرط المحض لا يقع حالاً كما قيل. قوله: (على الأنف) أصل الخرطوم للخنزير والفيل فإطلاقه على أنف الإنسان مجاز كإطلاق المشفر، وقوله: يوم بدر اعترض عليه بأن الوليد بن المغيرة من المستهزئين، وكلهم ماتوا قبل بدر وقد مرّ في سورة الحجر وقوله: يذله الخ يؤيده لفظ الخرطوم والعرب تقول وسمته بميسم السوء يريدون أنه ألصق به من العار ما لا يفارقه كما قال جرير رحمه الله تعالى:

لما وضعت على الفرزدق ميسمي وعلى البعيث جدعت أنف الأخطل

وجدع بالدال المهملة مجهول بمعنى قطع ورغم أصله الصادق الرغام وهو التراب، وقوله: سيما أصله لا سيما فحذفت منه لا وقد قيل: إنه لحن، وقوله: أو يسود وجهه أصل معنى الوسم الكي فتفسيره بسواد الوجه مجاز، ولا وجه لقوله: على الخرطوم حينئذ. قوله تعالى: ( {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ} ) أي أصبناهم ببلية، وقوله: كما بلونا في محل نصب صفة مصدر مقدر أي ابتلاءكما الخ، والصرام بالكسر قطع الثمار بعد استوائها والحصاد والمنجل بكسر الميم معروف وقوله: خفية عن المساكين أي ليخفي عنهم ذلك حتى لا يطلبوا ما كانوا يأخذونه تصدقا قبله. قوله:) ولا يقولون إن شاء الله) الظاهر عطفه على أقسموا فمقتضى الظاهر أن يقال، وما استثنوا والعدول عنه لا يظهر له وجه فلذا فيل: إنه استئناف أو حال لكنه خلاف الظاهر مع أنّ الأحسن ترك الواو، ولو كان حالاً وأصل الاستثناء استفعال من الثني وهو التكرار أو الرجوع، ثم أطلق على إخراج بعض ما دخل في عموم ما قبله سواء كان بألا وأخواتها أو لا كالتقييد بالشرط وتخصيصه بالأوّل اصطلاح فليس المراد أنّ إطلاقه على إن شاء الله ونحوه

يحمله على باب إلا كما يتوهم فإنه ورد في اللغة بهذا المعنى وعليه يحمل كلام المصنف فأعرفه، وقيل: معناه لا يستثنون عما هموا به من منع المساكين. قوله: (غير أن المخرج به الخ) يعني إنك إذا قلت قام القوم إلا زيداً فالمخرج قيام زيد وهو مذكور لدخوله فيما قبله، وإذا قلت افعل كذا أو لا أفعله إن شاء الله فالمعنى إن شاء الله فعله أو عدمه لأنّ مفعول المشيئة مصدر متصيد مما قبله والمقصود إخراج ما لم يشأه الله عما قصد به وهو غير مذكور أو المذكور ما شاءه، ولا يرد عليه الاستثناء المنقطع فتدبر. قوله:(أو لأنّ معنى الخ) مبني الوجه الأوّل على أنّ الاستثناء معناه الإخراج من الكلام مطلقا فإطلاقه عليهما حقيقة لغوية، كما أشار إليه الراغب وغيره والذي اصطلح عليه النحاة تخصيصه بالمخرج بألا وأخواتها ومبني الثاني على أنه حقيقة فيما اصطلح عليه النحاة،! اطلاقه على الثرط المذكور لمشابهته له معنى فلا كلام فيه حيث قيل إنه كيف يخرج كلام الله على اصطلاح النحاة الحادث. قوله: (ولا يستثنون الخ (فهو بمعنى الإخراج الحسي وحينئذ هو معطوف على قوله: ليصر منها ومقسم عليه، او على قوله: مصبحين الحال كما مرّ وهو معنى لا غبار عليه، وقوله: لا كستثنون معطوف على قوله: ولا يقولون إن شاء الله. قوله:

ص: 228

(بلاء طائف (أي محيط بها وطاف بمعنى نزل والبلاء بالمد وطائف صفته، وقيل الطائف ملك اقتلعها وطاف بها حول الكعبة، ثم وضعها بقرب مكة وهي البلدة التي تسمى طائفا كما في القاموس وغيره، وقوله: مبتدأ منه فمن ابتدائية، وقوله: صرم ثماره أي قطع وقوله: باحتراقها واسودادها ليى عطفاً تفسيرياً كما توهم نعم وجه الشبه بين الليل والمحترق الاسوداد، وقوله: سميا أي الليل والنهار، وقوله: كالرمال لأنها تسمى صريما أيضاً إذا كانت منقطعة عن غيرها. قوله: (أي أخرجوا) يعني أنّ أن تفسيرية بمعنى أي واغدوا بمعنى اخرجوا مطلقا أو غدوة، وقوله: أو بأن اخرجوا يعني أن إن مصدرية قبلها حرف جز مقدّر لأنها يجوز أن توصل بالأمر، وقوله: بغدو العدو الخ لأنه يقال غدا عليهم إذا أغار فشبه غدوه لقطع الثمار بغدو الجيش للغارة فيكون استعارة تبعية أو تمثيلية، وهذا بناء على انّ غدا يتعدى بعلى واستشهد له بشاهد وفيه نظر. قوله: " ن كنتم الخ (جوابه مقدر بقرينة ما قبله أي فاغدوا الخ، وقوله: يتسارون أي

سرّاً، وقوله: خفي بفتح الفاء من خفي بمعنى كتم وكسرها، وخفت بالمثناة بمعنى اخفي نفسه وصوته وسمي الخفاس خفدوداً لكونه يخفي بالنهار. قوله:(إن مفسرة الم يجوز فيها المصدرية، وإن لم يكن منها مانع لأنّ طرحها مؤيد لكونها مفسرة، وقوله: على إضمار القول أي ويقولون الخ أو على أعمال يتخافتون فيه لتضمنه معنى القول، وهو المذهب الكوفي فيه وفي أمثاله، وقوله: المبالغة لما فيه من الكناية كما مرّ تحقيقه في أوّل الأعراف وقوله: على نكد بفتح الكاف تفسير للحرد وقوله: لا غير إشارة إلى أنّ تقديمه على متعلقه للحصر ورعاية للفاصلة أيضاً والدر اللبن، وقوله: يتنكدوا على المساكين لو قال: ينكدوا كان أحسن يعني أنهم انعكس عليهم وحل بهم ما نووه للغير. قوله:) أو غدوا الخ (يعني أنهم غدوا للانتفاع واختصاصهم به فلم يحصل لهم غير الحرمان والحصر على الأوّل حقيقي وعلى الثاني ادّعائيّ والنكد ثمة عامّ لنكد المساكين ونكدهم في أنفسهم من غير تهكم بهم، وفي هذا القصر بالنسبة إلى انتفاعهم من خبثهم والنكد خاص بهم وجعل حرمانهم انتفاعا مقدوراً مكسوباً لهم تهكماً فالفرق بين الوجهين من وجوه. قوله: (وقيل الحرد بمعنى الحرد) يعني أنّ الساكن بمعنى المفتوح ومعناه الغيظ أي لم يقدروا على غير إغضاب بعضهم لبعض فهو بمعنى قوله: أقبل بعضهم على بعض يتلاومون، وقوله: حنق بفتحتين الغيظ أو أشده، وهو مضاف لبعضهم ويجوز رفعه على أنه فاعل للمصدر والقصر حقيقي ادّعائي أو إضافيّ كما مرّ، وقوله: وقيل القصد معطوف على الحرد أي قيل: الحرد الساكن بمعنى القصد والسرعة. قوله: (أقبل سيل الخ) أثبت به كون الحرد بمعنى القصد والسرعة، وهو بيت من الرجز وقوله: من أمر الله بخلاف الألف للضرورة كقوله:

ألا لا بارك الله في سهيل

وقال أبو عبيد: إنه في الوقف جائز وقد مرّ تحقيقه، والجنة البستان والمغلة الكثيرة الثمار

والنبات والأشجار ويحرد حرد الجنة أي يقصد جانبها وجهتها وهو محل الاستشهاد، وقوله: بسرعة يشير إلى أنّ معنى كونهم على حرد تلبسهم به فهو حال معنى وقوله: عند أنفسهم وعلى زعمهم إنما قيده به لأن ثمارها هالكة فلا قدرة لهم على جذاذها وقد فنيت وعلى تأويلها بما ذكر فهي حال حقيقة لا مقدرة كما توهم ولا دخل فيه للقول بأنّ القدرة مقارنة للفعل عند أهل السنة أو متقدمة عليه عند المعتزلة فإنه أمر آخر، وقوله: علم للجنة أي قادرين على تلك الجنة وصرامها عند أنفسهم أو مقدّرين ذلك فهو تفسير رابع للحرد إلا أنه بعيد.

تنبيه: ذكر القالي في أماليه للحرد معاني القصد والقلة والمنع والغضب والحقد اهـ.

قوله: (أوّل ما رأوها) فسره به لأنه المراد وإن كان برهان الرؤية ممتدا ليصح مع قوله: بل نحق

محرومون، وقوله: ما هي بها ما نافية أي ليست هي الجنة بعينها أو موصولة والباء ظرفية أي

والبقعة التي هي فيها وهو معطوف على طريق، وقوله: رأيا على أنّ الأوسط بمعنى الخير

والأحسن وما بعده على أنه بمعناه المعروف. قوله: (لولا تذكرونه الخ) يعني أنّ لولا فيه

تحضيضية والمراد بالتسبيح التوبة وذكر الله، وقوله: ويدل على هذا المعنى إنما دل عليه لأنّ

سبحان ربنا ذكر الله، وقوله:{إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ} ندامة واعتراف بالذنب فهو توبة. قوله: (أو

لولا ثستثنون الخ) أي تقولون: إن شاء الله وكان حثهم على قوله، وقوله: لتشاركهما لأن

التسبيح تنزيه له عما لا يليق بجلاله، وهو تعظيم وإن شاء

ص: 229

الله تفويض للأمور إليه وهو تعظيم

وتوقير له فاستعير أحدهما للأخر فمعنى تسبحون تفولون: إن شاء الله وقوله، أو لأنه تنزيه الخ

لأن معنى التعليق أنه لا يقع شيء لا يريده، وهو في المعنى تنزيه فهو حقيقة. قوله: (وقرئ

يبدلنا بالتخفيف (كذا في بعض النسخ، واعترض عليه بأنه مخالف لعادته فإنه يذكر الشواذ

بصيغة المجهول ويقدم المشهور، وليس كما قال: فإنك لو جمعت ما ذكر هذا القائل إنه

مخالف لعادته وجدته ضعفاً لغيره فلا ينبغي تكثير السواد بمثله. قوله: (راجون العفو الخ الما

أضاف الرغبة إلى الله من غير تعيين للمرغوب فيه شمل ما ذكر، وقوله: لانتهاء الرغبة وهو قريب من التضمين أيضا، وقوله:{لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} أي من ذوي العلم والإدراك، وقوله:(لاحترزوا) الخ بيان للجواب المقدّر هنا لأنه ليس قيداً لما قبله إذ لا مدخلية لعلمهم في كون العذاب أكبر. قوله: (في الآخرة الخ الما كان تعالى منزهاً عن المكان فسرت العندية في كل مكان بما يناسبها فهي هنا إمّا عبارة عن الآخرة لاختصاصها به تعالى إذ لا يتصرف فيها غيره أو المراد القرب من عرشه وملائكة قدسه. قوله: (ليس فيها إلا النعيم) الحصر مأخوذ من اختصاص الإضافة والخاص توكيد للحصر أي ليس نعيمها كنعيم الدنيا مشوباً باكدار كما قيل:

خلقت على كدر وأنت تريدها صفوا من الأقذار واكدار

قوله: (التفات فيه تعجب الخ) أي من الغيبة إلى الخطاب لأنّ ضمير لكم للمجرمين، وقوله: إشعار الخ الإشعار من قوله: ما لكم لأنّ معناه أي شيء حصل لكم من خللى الفكر وفساد الرأي لا من المقام فقط كما قيل، وقوله: اختلال ذكر المراد به الفكر فهو بالضم، وفي اعوجاج الرأي استعارة ظاهرة. قوله تعالى:( {أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ} الخ) هو مقابل لما قبله نظراً لحاصل المعنى إذ محصله أفسد عقلكم حتى حكمتم بهذا أم جاءكم كتاب فيه تخييركم وتفويض الأمر إليكم فقوله: فيه متعلق بتدرسون والضمير للكتاب أو هو متعلق بما قبله والضمير للحكم والأمر وتدرسون مستأنف أو حال من الضمير، وقوله: لأنه المدروس يعني أنه مفعوله فهو واقع موقع المفرد فلولا اللام لزم فتح إنّ فلما دخلت علقته عن العمل وحينئذ لا بدّ من تضمين تدرسون معنى العلم ليجري فيه معنى العمل في الجمل والتعليق فتدبر. قوله: (ويجورّ أن يكون حكاية للمدووس الخ) فيكون هذا بعينه لفظ الكتاب من غير تحويل من الفتح للكسر، ولم يبين الضمير فيه وهو على الأوّل للكتاب وأعيد للتأكيد وعلى هذا يعود لأمرهم أو للحكم فيكون محصل ما خط فيه أنّ الحكم والأمر مفوض لهم فسقط ما قيل إنّ الفرق بين هذا وما قبله عسير وأنّ فيه ما ينبو عنه، ولا حاجة لما تكلف من أنه كقول المؤلف ترغيبا في كتابه

إنّ في هذا الكتاب كذا وكذا وكذا إرجاع ضمير فيه ليوم القيامة بقرينة المقام أو للمكان المدلول عليه بقوله: عند ربهم فإنه كله تعسف بارد وإذا كان استئنافا فالضمير للحكم أيضاً، ويجوز الوقف على تدرسون، وقوله: أخذ خيره هو معناه بحسب الاشتقاق ثم عم لأخذ ما يريده مطلقاً. قوله: (عهود مؤكدة الخ) فأريد بالإيمان المعهود وهو من إطلاق الجزء على الكل أو اللازم على الملزوم كما أشار إليه المصنف رحمه الله وقوله: متناهية هو معناه المراد منه وأصله بالغة أقصى ما يمكن فحذف منه اختصار أو شاع في هذا المعنى، وقوله: أحد الظرفين أي لكم أو علينا فهو حال من الضمير المستتر لا من إيمان لتخصيصها بالوصف لأنه بعيد. قوله: (لا نخرج عن عهدتها الخ (بيان للغاية، وقوله: تبلغ ذلك اليوم أي هي يمين مؤكدة لا تنحل إلى يوم القيامة وليس تأجيلا للمقسم عليه كما في الوجه السابق فإنه كقولك له عليّ يوم إلى رمضان كذا فرق بينهما، وقوله: جواب القسم الخ فيه مخالفة ما لكون الإيمان بمعنى العهود ويدفع بأنّ العهد كاليمين من غير فرق فيجاب بما يجاب به القسم فتأمّل. قوله: (قائم يدعيه ويصححه (تفسير للزعيم لأنّ معناه الكفيل أو رئيس القوم الذي يتكلم في أمورهم وهو العريف فلما أريد هنا الثاني جرد للدعوى وتصحيحها وصار معناه ما ذكر من المصحح للدعوى. قوله: (إذ لا أقل من التقليدا لمن شاركهم في قول مثل ما قالوه، وهو معنى قوله: أم لهم شركاء، وقوله: يتشبثوا به وفي نسخة لدعواهم أي يتعلقوا به في إثبات مدعاهم، وقوله: من عقل أي يدل عليه الدليل العقلي كما نبه عليه بقوله: {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [سورة القلم، الآية: 36] وقوله: أو نقل وهو قوله: أم لكم

ص: 230

كتاب فيه، وقوله: يدل عليه راجع لكل منهما لأنّ الدليل إمّا عقليّ أو نقلي، وقوله: لاستحقاق إلى قوله: أو محض الخ وقع في بعض النسخ، وهو تعليل لما ادّعوه من كونهم أحسن حالاً في الآخرة أو لتشبثهم، وقوله: أن يتشبثوا المأخوذ من قوله: أم نجعل المسلمين كالمجرمين لأنّ وصولهم لذلك إما باستحقاق له أو لأن الله وعدهم به ووعد الكريم دين، وهو من قوله:{أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ} [سورة القلم، الآية: 39] ومن لم يفهمه زعم أنّ الوجه تركه، وقوله: أو محض تقليد من قوله: أم لهم شركاء لأنّ المراد من شاركهم في هذه المقالة وسبقهم لها كما مرّ وهو معطوف على عقل وكونه على الترتيب معلوم من تقريرنا له، وقوله: مراتب النظر من الدليل العقلي، ثم النقلي ثم تقليد ممن يعتقد فيه صحة دليله ولم يعد في لنظر

تغليبا كما توهم فليتأمّل. قوله: (تزييفاً) أي إبطالاً وهو مستعار من بيان الناقد للرائج من الزيف المغشوش، والسند هنا ما يستند له من الدليل وما يقرب منه كتقليد من يصح تقليده وليس المراد به مصطلح أهل الجدل وهو ما يدل على المنع فقط، وإن صح هنا بنوع تكلف فيه إذا عرفت هذا من غير تعسف علمت فساد ما هنا لأرباب الحواشي كما قيل: إن في قوله: من عقل الخ لفا ونشراً مرتباً فالأوّل بيان لما يتشبث به عقلاً والثاني لما يتشبث به نقلا، وهو أن يكون لهم كتاب يدرسونه فيه أن لهم ما يشتهون أو أن يكون إيمان بالله عليه تعالى بالغة إلى يوم القيامة، وقوله: أو محض الخ عطف على وعد على أن يكون التقليد من المتشبثات النقلية أو عطف على قوله: أو نقل على أن يكون متشبثا آخر غير مسمى. قوله:) وقيل المعنى الخ (فالمراد بالشركاء على الأوّل من قال: بمثل مقالتهم فشاركهم فيها وعلى هذا الآلهة التي عدوها شركاء في الألوهية، وقوله: يوم يكشف الخ على الثاني متعلق بقوله: فليأتوا وكذا على الأوّل ويجوز تعلقه بمقدر كاذكر أو كان كيت، وكيت وقيل بخاشعة وقيل: ترهقهم. قوله: (وكشف الساق مثل في ذلك) أي في شذة الأمر والخطب فهو استعارة تمثيلية لما ذكر، وقد كان كناية والمراد به يوم القيامة وإنما فرضه في المخدرات الهاربة من العدوّ إذا وقعت الحروب لأنها تصعب عليها كشف ساقها فلا تفعله إلا إذا جدت في الهرب فذهلت عن التستر بذيل الصيانة فالساق ما فوق القدم، وهو والكشف في معناه الحقيقي والفاعل غير منظور إليه أو هو المخدرات كما أشار إليه المصنف رحمه الله. قوله:(أخو الحرب الخ) هو من شعر لحاتم الطائي ومعنى أخو الحرب أنه ملازم لها لا ينفك عنها في الشدائد كما لا ينفك الأخ عن أخيه وقوله: عضت الخ أي إذا اشتدت وكثر الضرب، والطعان صبر لها وأبدى النجدة والضرب والطعن للأقران فسمي صبره وفعله عضا مشاكلة وهو شاهد على أن كشف الساق، وتشميره عبارة عن تفاقم الأمور وإن لم يتصوّر ساق ولا تشمير. قوله:) أو يوم يكشف عن أصل الأمر الخ (فالكشف بمعنى الاظهار واليه أشار بقوله: يصير عيانا والساق بمعنى الحقيقة وأصل الأمر استعارة من ساق الشجرة ففيه استعارة تصريحية وفي الكشف تجوّز آخر أو هو ترشيح له ولا حاجة إلى جعل العوارض كالفروع هنا وساق الشجر أصلها النابت عليه فروعها وساق الإنسان لقيامه عليه جعل كالأصل هنا. قوله: (وتنكيره للتهويل الخ) أي على الوجه الثاني تنكيره

للتعظيم بخلافه على الأوّل فإنه تمثيل لا نظر فيه للمفردات أصلا، وقيل: التهويل على الأوّل والتعظيم على الثاني، وقوله: للساعة المعلومة من ذكر يوم القيامة والحال يعلم من دلالة الحال! وليس المراد حال النزع، ثم إنه قيل. إنّ التاء على البناء للمفعول لا تخلو عن حزازة إذ هو نظير تصرّف عن هند وجعل الفعل للساعة أو الحال على تقدير البناء للفاعل لا المفعول إذ ليس معناه تكشف الساعة عن ساق والكشف عن الساق عبارة عن الشدة أراد أنك إذا قلت كشف الله الساعة عن ساقها لم يستقم لاستدعائه إبداء الساق واذهاب الساعة كما تقول: كشفت عن وجهها القناع فالساعة ليست ستراً على الساق، وأجيب بانها جعلت ستراً مبالغة لأنّ المخدرة تبالغ في الستر جهدها فكأنها نفس الستر فقيل: يكشف الساعة عن ساقها كما تقول كشف زيد عن جهله إذا بالغت في إظهار جهله فكأنه ستر على جهله بستر معايبه فأثبته، وأظهرته حتى لا يخفى على أحد وهذا وجه السؤال والجواب لا ما توهمه، وقيل عليه حاصله أنّ الإذهاب ادعائيئ ولا يخفى ما فيه من التكلف ولا عبرة بما ذكر من المثال المصنوع، وأقل تكلفاً منه جعل عن ساق بدلآمن الضمير المستتر

ص: 231

في الفعل بعد فزع الخافض منه وليس هذا بشيء لأنّ إبدال الجار والمجرور من الضمير المرفوع لا يصح بحسب قواعد العربية فهو ضغث على إبالة وتكلف على تكلف. قوله: (توبيخاً على تركهم السجود الخ) يعني إن كان اليوم يوم القيامة ولا تكليف فيه فالمراد من دعوثهم له التوبيخ على ما فرطوا فيه فان أريد باليوم، وقت النزع قبل خروج الروح في دار التكليف فهو على ظاهره والمراد منه أيضاً التنديم، وإن قلنا إنهم مكلفون بفروع الشريعة أيضاً. قوله:(لذهاب وقته الخ) الأوّل على أنّ المراد يوم القيامة، والثاني على أنه وقت النزع فهو لف ونشر مرتب والاستطاعة في الأصل استدعاء الطواعية وهي الإرادة والقصد ونفيها قد يكون لانتفاء القدرة وقد يكون نفياً للإرادة لوجه ما كالكراهية، وإن كان قادراً كما في قوله:{هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً} [سورة الماثدة، الآية: 112] قاله ابن هشام في تذكرته ومن خطه نقلت وما هنا ناظر له فانه في الأوّل لم تنتف القدرة فيه وأنما انتفى وقت التكليف وفي حالة النزع انتفت القدرة للمرض، وكذا قوله في الدنيا أو زمان الصحة وكدّا قوله: متمكنون الخ لكنه لف ونشر غير مرتب، ومزاحو العلل أي مرفوعة عنهم العلل في الدنيا لأنهم مكلفون فيها فما قيل إنّ كلامه يشعر بأن الاستطاعة المنفية القدرة الشرعية وما بعده يدلّ على أنّ المراد القدرة الحقيقية فيه ثأمّل بل سلامة الأسباب والآلات. قوله:(كله إلئ) أي أتركه وأمره إليّ فإني كاف له وهذا من بليغ الكناية، وقوله: درجة درجة أي درجة بعد

درجة وهذا من الاستفعال فإنه قد يدلّ على التدريج، وقوله: وهو أي الاستدراج والمراد بالأنعام ما يشمل الإمهال وادامة الصحة وزيادة النعم فلا ينافي ما قبله وقوله: لأنهم حسبوه بيان لاستدراجهم للهلاك وكيفيته. قوله: (وإنما سمي إنعامه استدراجاً (أي أطلق مجازا على أنعامه لأجل الاستدراج كيداً لأنّ ذلك الأنعام لما ذكر في صورة الكيد لأن حقيقة الكيد ضرب من الاحتيال، والاحتيال أن تفعل ما هو نفع وحسن معاملة ظاهرا وتريد به ضده وما وقع من سعة أرزاقهم وتطويل أعمارهم إحسان عليهم، ونفع ظاهرا والمقصود به الضرر لما علم من خبث جبلتهم وتماديهم في الكفر والكفران فذلك موقع لهم في ورطة التهلكة، وهو المراد منه. قوله: (اللوح) وأطلق عليه مجازا لأنه محل لصور المغيبات والقرينة قوله: فهم يكتبون، وقوله: ما يحكمون أي به وقوله: في الضجر هو وجه الشبه فهو متعلق بالتشبيه ويجوز تعلقه بما قبله، وقوله: فتبتلي جواب النهي، وقوله: تذكير الفعل أي تداركه، وقوله: وتداركه أي قرئ تداركه بفتح التاء وتشديد الدال وأصله تتداركه فأبدل وأدغم كما هو مبين في التصريف وقوله: على حكاية الحال لأنه حقه أن يعبر عنه بالماضي لمضيه. قوله: (بمعنى لولا إن كان يقال فيه الخ) إنما أوّله بما ذكر لأنه لا يتأتى بحسب الظاهر هنا إرادة الحال مع وجود أن فيه فلا بد من تأويله بما ذكر ليتصوّر كونه حالاً ثم يحكي إذ حكاية الحال أن تقدر أنّ القصة الماضية عبر عنها حال وقوعها بالمضارع الدال على الحال كما هو حقها، ثم حكى بعد المضي فكيف يحكي مع أن التي هي علم الاستقبال، وقيل: إن لولا تقتضي امتناع الثاني لتحقق الأوّل ودخول أن الاستقبالية فيه ينافي تحققه فلذا قدر دخولها هنا على الماضي، وهي لا تخلصه خصوصا لفظ كان فلا تنافي تحققه وهذا يقتضي امتناع دخول لولا على أن المصدرية والمضارع مطلقاً بدون تأويل، ولا تعلق له بحكاية الحال وقد مرّ مثله في تقديره لقوله: أم من هذا الذي يرزقكم. قوله: (الخالية عن الأشجارا لأن كونها ذات أشجار رحمة به لتقيه حر الشمس ونحوه كما مر والمليم والمذموم بمعنى وطرده عن الكرامة والرحمة لأنه بمعنى مستحق وجدير بالذم. قوله: (وهو حال يعتمد عليها الجواب) يعني لولا تقتضي نفي جوابها وهو هنا غير منفي

لثبوته، وأنما المنفي هذه الحال لأنها قيد والمقصود بالنفي والإثبات هو القيد فإذا لم يوجد النبذ على هذه الحالة لم يناف وجوده على غيرها وقوله: استنبأه أي جعله نبياً وكان الظاهر أن يقال: أو استنبأه وقوله: من الكاملين الخ لأنه نبيّ معصوم، وقوله: ما تركه أولى إشارة إلى أنه لم يذنب وأنما ترك الأولى لضجرته. قوله: (وفيه دليل على خلق الأفعال الأن جعله صالحاً بجعل صلاحه، وخلقه فيه وهو من جملة الأفعال ولا قائل بالفرق وهو رد على المعتزلة وتأويل مثله مشهور لكنه بجعله تجوّزا على خلاف الظاهر، والأصل غيره وقوله: أن يدعو على ثقيف

ص: 232