الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لم يعطف لقصد اجتماع الوصفين في موصوف واحد ولجمع الصفتين القبيحتين أظهر على الوجوه ما ذكر وقوله من قرأ
الخ حديث موضوع. تمت السووة والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى اكه وصحبه.
سورة
التكوير
ويقال {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} ولا خلاف في كونها مكية وإمّا آياتها فثمان أو تسع وعشرون على قول فيها.
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله: (لفت من كورت العمامة الخ) يعني أنه مجاز عن رفعها أي إزالتها من مكانها، وقوله: لأنّ الثوب الخ بيان لعلاقة اللزوم فيه والمانع من حمله على الحقيقة كونها من الأجرام التي لا تلف كالثياب، وأمّا كونه كريا غير منبسط فأهل الشرع لا يثبتونه فلا وجه له كما أنه لا وجه لما قيل من أنه لا مانع من حمله على حقيقته. قوله:(أو لف ضوؤها) عطف على قوله: رفعت، وهذا إمّا على أنّ الشمس مجاز عن الضوء فإنه شائع في العرف أو هو بتقدير مضاف، ويجوز أن يجعل من التجوّز في الإسناد، وقوله: فذهب انبساطه فلف الضوء مجاز عن ذهابه كما مرّ إمّا للزومه له فإنّ الثوب إذا أريد رفعه لف أو على الاستعارة التبعية بتشبيهه بالجواهر والأمور النفيسة التي إذا رفعت لفت في ثوب فلا وجه لادعاء تعذر الاستعارة هنا كما في الكشف وقد جوز فيها أن تكون مكنية أيضا، ولم يذكر المصمنف رحمه الله تعالى ما في الكشاف على هذا من جعل لف ضوئها عباوة عن إزالتها لأنها ما دامت باقية فضياؤها منبسط لأنّ مآله لغيره من الوجوه فيكون قليل المفاد لا لأنّ الله قادر على أن يطمس نورها مع بقائها كما قيل فإن مراده اللزوم العادي لا العقلي حتى يرد عليه بما لا ينكره عاقل. قوله:(أو ألقيت عن فلكها) عطف على لفت، وهو على هذا استعارة أو مجاز مرسل أو مكنى كما مر، ومعنى كون المطعون مجتمعاً ضم يديه ورجليه كما يشاهد فيمن ضرب بشدة أو طعن وقوله، والتركيب أي هذه الحروف والمادّة في جميع معانيها لا تخرج عن هذين المعنيين، وقوله: وارتفاع الشمس الخ هذا ليس بواجب بالاتفاق، ووجه الأولوية ما ذكر، وقيل: الأولى كونه مبتدا لأنّ التقدير على خلاف الأصل. قوله: (انقضت) بالقاف بمعنى سقطت ونزلت ومنه انكدار الصقر إذا نزل بسرعة على ما يأخذ. كما ذب الشعر المذكور، وهو من الكدر ضدّ الصفاء
والكدرة في اللون، والكدورة في الماء والعيش كما قاله الراغب: وما ذكره من أرجوزة للعجاج مدح بها عمر بن معمر التميمي، ومنها:
إذا الكرام ابتدروا الباع بدر تقضي البازي إذا البازي كسر
داني جناحيه من الطود فمر أبصرخربان فضاء فانكدر
يصفه بالكرم وانه لحرصه على السبق للمكارم يسرع إليها إسراع بازر أي صيدا فانقض
عليه وابتدروا بمعنى بادروا، والباع الذراع وقد رمد اليدين وهو مجاز هنا عن الإحسان كما يسمى يداً، وهو منصوب بنزع الخافض وكسر بمعنى ضم جناحيه للنزول، والطود الجبل وخربان بكسر الخاء المعجمة وسكون الراء المهملة والباء الموحدة جمع خرب بفتحتين، وهو ذكر الحبارى وهي طائر معروف وفي الشعر هنا مبالغة بديعة ليس هذا محلها، والنجوم لا تشمل الشمس حتى يكون تعميماً بعد تخصيص كما قيل. قوله:(أو أظلمت من كدرت الماء الخ) يعني أنه استعارة فشبه ذهاب ضوئها بتكدير الماء المذهب لصفائه ورونق منظره، وقوله: عن وجه الأرض متعلق بسيرت لأنه بمعنى أزيلت على الاستعارة أو المجاز المرسل أيضا وقوله: أو في الجو وهو ما بين الأرض والسماء فتسييرها رفعها أو نسفها كقوله: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} [سورة النمل، الآية: 88] . قوله: (النوق الخ (أي قرب وضمع حملها وقوله: جمع عشراء كنفساء يجمع على نفاس ولا نظير لهما، وقوله: تركت مهملة أي لا راعي لها ولا طالب لها وهو إمّا بعد البعث، أو قبيل قيام الساعة حيث لا يلتفت أحد إلى ما كان عنده وخص العشار لأنها أنفس أموالهم، وقوله: أو السحائب فهو استعارة
بتشبيه السحابة المتوقع مطرها بالناقة العشراء القريب وضع حملها وهي استعارة لطيفة مع المناسبة التامّة بينه وبين ما قبله فإن السحب تنعقد على رؤوس الجبال، وترى عندها ولا ينافيه كونه مناسباً لما بعده على الأوّل فإنه معنى حقيقي مرجح بنفسه وتعطيلها على هذا مجاز أيضاً بمعنى عدم ارتقاب مطرها لأنهم في شغل عنه. قوله:(وقرئ بالتخفيف الم يذكر كونه مجهولاً أو معلوما وظاهره إنه مجهول كالقراءة المشهورة، وكذا هو مصرح به عن بعضهم إلا أن المعرب نقل عن الرازي في اللوامح إنه غلط، وأنما هو عطلت بفتحتين بمعنى تعطلت لأنّ تشديده للتعدية يقال: عطلت الشيء وأعطلته فعطل، وهذه القراءة مروية عن ابن كثير ولم يذكرها في النشر فكأنها لم تصح عنده، ثم إنه أجيب عما ذكر بأنه إذا صحت الرواية بالأول فيحتمل أنه ورد متعديا على أنّ فعلت بمعنى أفعلت أو هو على الحذف والإيصال كما قيل فليحرّر. قوله: (جمعت) فالحشر بمعناه اللغوي، وهو جمعها وليس هذا الجمع للحشر كما
قيل لأنه يكون مع ما بعده مكررا بل هو قبيل النفخة الأولى حين تخرج نار تفر الناس والأنعام منها حتى تجتمع. قوله: (أو بعثت للقصاص الأنه صح في الحديث أنّ الوحوس والطيور وسائر الحيوان تبعث، ويقتص لبعضها من بعض ولها من غيرها ثم تعود ترابا كما ذكره المصنف رحمه الله تعالى، وقيل: يبقى منها ما يسرّ به الناس كالطيور المؤنسة المألوفة. قوله: (أو أميتت (هذا بناء على القول بأنها لا تحشر فإنها تفنى وهذا كناية عن العدل التامّ وأجحفت بتقديم الجيم على الحاء يعنى استأصلتهم، وأهلكتهم لا بمعنى أفقرتهم كما ترهم وتشديد حشرت للتكثير، وقوله: أحميت أي غاضت مياهها وظهرت النار في مكانها، ولذا ورد أنّ البحر غطاء جهنم، وقوله: بتفجير الخ أي تتصل وتصير بحرا واحدا، وقوله: من سجر التنور هو على الوجهين ولبعض المتأخرين هنا كلام رأينا تركه أهتم من تسويد وجه الصحف به. قوله: (قرنت بالآبدان الخ) على أن التزوي! بصعنى جعل الشيء زوجا أي مقارنا والنفوس على الأوّل بمعنى الأرواح وعلى ما بعده بمعنى الذوات، وقوله: ونفوس الكافرين الخ هذا في جهنم، وقوله: أو كل عطف على المستتر في قرنت للفصل، وقوله: بشكلها هو في الموقف فالأنبياء مع الأنبياء والأولياء مع الأولياء وهكذا. قوله: (لئد البنات) كتعد أي تقتلها بالدفن، وقوله: أو لحوق العار بالحاء المهملة والقاف مصدر لحق وما في بعض النسخ من ضبطه بلام جارة للخوف ضد إلا من تحريف لاحتياجه لتكلف بتقدير ما لا قرينة عليه، ولحوق العار بوطء الرجال لهن وهو من جهل الجاهلية والوأد القتل، وقيل: إنه مقلوب من آده بمعنى أثقله لأنها تثقل بالتراب، وهو قول لبعض أهل اللغة كما في درر المرتضى فلا وجه للاعتراض عليه بأنه ادعاء للقلب من غير داع له. قوله:(تبكيتاً لوائدها) التبكيت التوبيخ وأنما أوّله لأنه لا ذنب لها حتى تسأل عنه فكان الظاهر سؤال قاتلها لا لأنها صغيرة فإنها تحشر عاقلة وادّعا أنّ الأصل سئل عنها تكفف، والتبكيت قرره الطيبي بأن المجني عليه إذا سئل بمحضر الجاني ونسبت له
الجناية دون الجاتي بعث ذلك الجاني على التفكر في حاله وحال المجني عليه فيرى براء ساحته، وانه هو المستحق للعقاب والعذاب وهذا استدراج على طريق التعريض، وهو أبلغ ص التصريح والمراد بالاستدراح سلوك طريق توصل إلى المطلوب بسؤال غير المذنب ونسبة الذنب له حتى يبين من صدر عنه ذلك كما سئل عيسى دون الكفرة، وهو فن من البديع بديع. قوله (وقرئ سألت أي خاصمت) وسألت من الله أو من القاتل لها، وقوله: على الأخبار عنها على القراءتين فإنه لو لم يخبر عنها لقيل على القراءة الأولى قتلت بكسر التاء وعلى الثانية قتلت بضمها، وفي الكشاف نقلا عن ابن عباس أنّ هذه الآية دليل على أنّ أطفال المشركين لا يعذبون، وعلى أن التعذيب لا يستحق إلا بالذنب وإذا بكت الله الكافر ببراءة الموؤودة م! الذنب فما أقبح به وهو اك ي لا يظلم مثقال ذرة أن يكرّ عليها بعد هذا التبكيت ليفعل بها ما ينسى عنده فعل المبكت من العذاب الشديد السرمد انتهى، قيل: وهو استدلال بدلالة النص كدلالة منع التأفيف على منع الشتم، ونحوه وليس مبنيا على التحسين والتقبيح كما توهم وأجيب بمنع الدلالة لأنه لا يقابل حال الخالق بحال المخلوق، ولا يستقبح منه ما يستقبح منهم كما أنّ الذمي المخلد في النار يستحق قاتله الذم والعقاب، وفي الكشف بعد تسليم قاعد
التحسين والتقبيح فإشارة الآية إلى أن باعثهم على القتل لم يكن الذنب لا إلى أنّ الذنب أعنى ما تستحق به الموؤودة التعذيب معدوم من كل وجه، وفيه أنها غير مكلفة فكيف يكتب عليها الذنب انتهى، وفيه خلل من وجوه إمّا كونه مبنياً على التحسين والتقبيح فمما لا شبهة فيه وكيف ينكره ودلالة النص متفزعة على ذلك وجوابه مصرّح بذلك والمنع مبني عليه كما صرّح به في الكشف وأيضا فإن ما أورده على صاحب الكشف غير وأرد لأنه مصرج بأن المراد ما يستحق به العذاب، ولو بغير طريق التكليف، وهو إلزام لهم على مذهبهم والصحيح في الجواب عنه ما قيل إنّ تعذيب بني آدم أخذا من حقه في الدنيا، إنما يستحق بذنبه على الوجه الذي شرع فحين لم يكن للموؤودة ذنب يجوز أن يخاصم قاتلها فإمّا تعذيب الله فليس كذلد فيجوز أن يعذبهم تبعاً انتهى. قوله:(فرقت بين أصحابها) والمفرق صحف الأعمال، أصحف أخرى فيها شقيّ أو سعيد ونحوه كما روي في بعض الآثار إذا كان يوم القيامة تطاير! صحف من تحت العرش فيقع في يد المؤمن صحيفة فيها جنة عالية، وفي يد الكافر صحيفه فيها سموم وحميم، وقوله: للمبالغة في النشر بمعنييه، وهو ما يقابل الطيّ أو الجمع والتطا-
التفرق، وهذا مخصوص بالمعنى الثاني وقوله: كما يكشط الخ إشارة إلى أنه استعارة لمعنى أزيلت وقوله: اعتقاب أي إبدال كل من الأخرى، وقوله: إيقادا شديدا هو معنى التسعر وضعا، وقوله: وقرأ الخ هي رواية عن هؤلاء وروي عنهم التخفيف أيضا. قوله تعالى: ( {عَلِمَتْ نَفْسٌ} الخ) معنى علمها إنها تشاهدها على ما هي عليه في الحقيقة فإن كانت صالحة ترى في أحسن صورة وإلا ترى في أشنع هيثة كما قرّره بعض المفسرين. قوله: (ست منها في مبادي قيام الساعة الخ) قيل هو على التفسير الأول لحشرت، وعلى الثالث إذا أريد الإماتة في الدنيا عند النفخة الأولى، وقيل الظاهر أنّ المراد به ما بين النفختين لظهور أنّ الست الأولى ليست قبل النفخة الأولى وإلا لعدّت من الأشراط، فإن قلت قد ثبت أنّ موت الناس والخلائق إلا بعض الملائكة بعد النفخة الأولى فكيف يتصوّر تعطيل العشار وحشر الوحوس بزوال وحشتها من الدهشة قلت قد قيل: إنه لم يثبت وقوع الموت في ابتداء تلك النفخة، فيحتمل أن يحصل في ابتدائها دهشة تؤدي لتعطيل النوق وحشر الوحوس، ثم تؤدي تلك الدهشة لهلاك الكل وقال بعض فضلاء العصر يكفي في صحة الكلام جريانه على أحد الوجوه في تينك الخصلتين، وهو أن يكون تعطيل العشار بمعنى تعطيل السحاب وأن يكون حشر الوحوس بمعنى إماتتها ولا يلزم إجراء الكلام على جميع الوجو.، ثم قال: إنّ الأظهر أن المراد بما قبل فناء الدنيا مجموع ما قبل النفخة الأولى وما بعدها إلى النفخة الثانية فإنّ جميعه من مبادي الساعة ويكون بعض الست قبل الأولى، وهو تعطيل العشار وحشر الوحوس على وجهين والبعض الآخر فيما بعدها ولا يلزم عدّها في الأشراط مستقلة لأنها من آثاو بعضها، وقد قيل عليه أيضاً إنّ كونه بين النفختين مخالف لما قاله في سورة النبأ من أنّ الدنيا تنتهي عند النفخة الأولى فتدبر، وقوله: لأنّ المراد الخ أي هو زمان ممتد وقعت فيه تلك الأمور وعلمه النفوس إذا أحضرت. قوله: (ونفس في معنى العموم) لأنّ النكرة قد تعم في الإثبات وذكر العلامة له نكتة وأنه من استعمال ما يدل على القلة والخصوص في الكثرة والعموم كما ترد قد ورب للتكثير، وهو من العكس في كلامهم كأنه تهويل لذلك اليوم واظهار لكبرياء الله وعظمته حتى كان جميع النفوس البشرية في جنب ما خلقه من الأجرام العظام أمور قليلة، ونفوس حقيرة وقيل: إنه إذا علمت نفس من النفوس ما أحضرت من خير أو شر لزم كل نفس ذات بصيرة رجاء، أو خوف أن تكون هي تلك النفس ففي النكرة تقليل ادعائي حينئذ. قوله:(تمرة خير من جرادة) قاله ابن عمر رضي الله عنهما لبعض أهل الثأم، وقد سأله عن المحرم إذا قتل جرادة أيتصدق بتمرة فدية لها فقال: ذلك يعني لا يلزمه شيء، ولذا قال: واعجبا لأهل الشام لا يبالون بدم الحسين ويستفتون في
قتل الجرادة، وهي هنا عامّة في الإثبات، ولذا ساغ الابتداء بها ولا حاجة لتأويله بالنفي أي لم تجهل، لا تساوي تمرة جرادة حتى تعم وشموغ الابتداء بها فإنه تكلف وفي شرح المفتاح إن تمرة لا عموم فيها والعموم، إنما جاء من تساوي نسبة الجزء إلى أفراد الجنس وكأنه نظر إلى منافاة العموم للوحدة والإفراد وهي إنما تنافي العموم الشمولي فتدبر. قوله:
(بالكواكب الرواجع الخ) النيران الشمس والقمر خصا بذلك لزيادة نورهما على نور غيرهما من الكواكب وما عداهما من السيارة هي الخمسة المسماة بالمتحيرة لأنها رجعت إلى الجهة التي تتحرك نحوها، وذلك بسبب التداوير التي تلك الكواكب مركوزة فيها لأنها غير محيطة بالأرض فحركة نصفها العالي مخالفة لحركة نصفها السافل فإذا تحرّك العالي للمشرق تحرّك السافل للمغرب، وبالعكس، وحركات الأفلاك التي فيها التداوير إذا وافقت حركة النصف الذي فيه الكواكب كان الكوكب مستقيماً سريع السير بمجموع الحركتين، اواذا خالفتها زادت حركة النصف على حركة الفلك فيكون راجعاً عن صوب حركته والشمس ليس لها تدوير على الأصح فلا رجعة لها، والقمر لسرعة حركة فلكه الحامل لتدويره لم تزد حركة تدويره عليه، ولذا سميت هذه متحيرة لأنّ لها رجعة واقامة واستقامة كما تقرّر في الهيئة، وقوله: ولذلك أي لكون المراد السيارة خاصة دون الثوابت. قوله: (السيارات التي تختفي تحت ضوء الشمس (لصغر حجمها بالنسبة إليها وسميت سيارة لأنّ سيرها محسوس بخلاف الثوابت، وقوله: من كنس الوحش الخ فهو في الأصل مجاز بطريق التشبيه، ثم صار بالغلبة في الاستعمال حقيقة ومعنى الكناس ما ذكره المصنف رحمه الله. ءقوله: (أقبل ظلامه أو أدبر) - فهو من الأضداد عند المصنف رحمه الله وقال الراغب: في مفرداته العسعسة والعساس رقة الظلام وذلك في طرفي الليل، ل! فهو من المشترك المعنوي عنده وليس من الأضداد، وقوله: وسعسع- قال صاحب القاموس في كتابه تحبير الموشين فيما يقال: بالسين والشين تشعشع الشهروتسعسع إذا ذهب أكثره، وكذا في القاموس ولم يذكره في الليل كغيره لكن صاحب الكشاف وكفى به ذكره في صفة الليل، ولم يجعله بمعنى أقبل ولا مقلوباً من الأوّل فالظاهر اختصاصه بمعنى الأدبار فقول المصنف رحمه الله إذا أدبر تفسير لسعسع وحده وليس من الأضداد كالأوّل، وأنما أعاد عسعس معه لبيان أنهما بمعنى واحد كما يشهد له كلام أهل اللغة ومن لم يقف على مراده قال: على هذا إنه لا يناسب ذكره في سياق كونه من الأضداد والأظهر تقديمه فتنبه. قوله تعالى: ( {وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} ) مناسبته لقرينه ظاهرة على التفسيرين لأنّ ما قبله إن كان للإقبالط فهو أوّل الليل، وهذا أوّل النهار وإن كان للأدبار فهذا ملاصق له فبينهما مناسبة الجوار فلا وجه لما قيل من أنه على الأوّل
أنسب. قوله: (أي أضاء) بيان لحاصل المعنى المراد منه في كلامهم قال العجاج:
حتى إذا الصبح لهاتنفسا وانجاب عنهاليلهاوعسعسا
لكنه وقع في النسخ هنا اختلاف ففي بعضها غرّته أي أوّله على الاستعارة من غرّة الفرس
وفي بعضها غبرته بالمعجمة والباء الموحدة، ثم راء مهملة وتاء تأنيث ويصح أن يقرأ مرفوعاً ومنصوبا حينئذ، وهو أيضا استعارة بتشبيه أجزاء الظلام مع الفجر لاختلاطه بالنور بغبار مرتفع في الجوّ على هاتين النسختين، ووقع بعدهما عند إقبال روح ونسيم بعند الظرفية وفي نسخة عبر من العبارة بالعين المهملة بعدها باء موحدة، ثم راء مهملة ويعقبها عن الجارة الحرفية وهذا كله مصرّج به في الحواشي لكن الأخير مسلك من يعتمد عليه من المحشين، والمعنى عليها مختلف من وجه وتفصيله ما ذكره الإمام من أنه إشارة لتكامل الصبح ولا تكرار فيه وفي كيفية التجوّز قولان أحدهما أنه إذا أقبل الصبح أقبل بإقباله روح ونسيم فجعل ذلك نفسا له على المجاز، وقيل: تنفس الصبح والثاني إنه شبه الليل المظلم بالمكروب المحزون الذي جلس بحيث لا يتحرّك، واجتمع الحزن في قلبه فإذا تنفس وجد راحة فهاهنا لما طلع الصبح كأنه تخلص من ذلك الحزن فعبر عنه بالتنفس اهـ فعلى الأوّل فيه استعارة مصرحة بجعل ما يهب معه من النسيم نفساً للطفه وللاستراحة به وأسند إلى الصبح مجازاً لمقارنته له ففيه استعارة مصرحة، وتجوّز في الإسناد ولو جعل مكنية وتخييلية حسن بأن يشبه الصبح بماس وآت من مسافة بعيدة، ويثبت له التنفس المراد به هبوب نسيمه مجازاً على طريق التخييل في قوله:{يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ} [سورة البقرة، الآية: 27] وعلى هذا ينزل كلام المصنف رحمه الله على النسخة الأولى والثالثة، وأما الوجه الثاني الذي اختاره واستحسنه فلا يخفى ما فيه من التعسف، بل لا يصح ما لم يقدر فيه مضاف أي تنفس ليله أو يشبه
طلوع الصبح في نفسه بالتنفس، ولا يخفى حاله والنسخة الثانية فيها ميل له فتأمّل. قوله:(فإنه قاله عن الله) أي نقله لأنّ قول الرسول قول مرسله وأنما ينسب إليه لأنه واسطة فيه، وتفسيره بالقرآن هو الظاهر وجعله للأخبار عن الحشر تعسف، ومعنى كريم عزيز عند الله أو متعطف كما مرّ في السورة السابقة، ولذا لم يتعرّض له المصنف رحمه الله هنا، وقوله: كقوله شديد القوى وقد مرّ تفسيره، وبيان قوته على تحمل أعباء الرسالة وعلى كل ما يؤمر به على ما مرّ من قصة المؤتفكة. قوله:(عند الله ذي مكانة) أي مرتبة وشرف قرب لأنّ المكان والمنزل تزاد فيه الهاء إذا نقل للمرتبة المعنوية غير المحسوسة، ولما كان علو المكانة بعلو الممكن قال عند ذي العرش ليدل على عظم منزلته عند الله، وأنه مطاع أمره في الملأ الأعلى على ما حققه الزمخشريّ واليه أشار المصنف رحمه الله بقوله: مطاع في ملائكته فلم يهمله كما توهم. قوله:
(وثم الخ) هي إشارة إلى المكان وإذا اتصل بما قبله فهو بيان لا طاعة الملائكة له، وإذا اتصل بما بعده فهو لأمانته عندهم، وقوله: قرى ثم بضم الثاء وهي عاطفة، وقوله: تفضيلاً لها لدلالتها على التراخي الرتبي، وقوله: سائر الصفات تعريفه للعهد والمراد الصفات المذكورة هنا، وقوله: كما تبهته الكفرة من البهتان أي كما تقول الكفرة في حقه ذلك بطريق الكذب، والبهتان وفي قوله: صاحبكم تكذيب لهم بالطف وجه إذ هو إيماء إلى أنه نشأ بين أظهركم من ابتداء أمره إلى الآن فأنتم أعرف به، وبانه أتم الخلق عقلَا وأرجحهم نبلاً وأكملهم، وأصفاهم ذهنا فلا يسند له الجنون إلا من هو مركب من الحمق والجنون ولله در البحتري في قوله:
إذا محاسني اللاقي أذل بها كانت ذنوبي فقل لي كيف أعتذر
قوله: (واستدل الخ (المستدل هو الزمخشري وزبدته ما قرّره المصنف رحمه الله فلا وجه للنزاع فيه والقول بأنه لم يقصد الموازنة، وقوله: إذ المقصود الخ بيان وتعليل لضعفه ونفي قوله: إنما يعلمه بثر مأخوذ من كونه قول: رسول كريم عند ذي العرش فإنه دال على أنّ المتلقي منه ملك لا بشر، وقوله: افترى على الله كذبا مأخوذ من أنه أوصله إليه ملك مؤتمن عند الملائكة فكيف يكون ما بلغه كذباً على الله، وقولهم أم به جنة نفيه معلوم من قوله: وما صاحبكم بمجنون فوصفه بما ذكر للدلالة على نفي ما أسندوه له لا للإطراء في وصف جبريل دون النبيّ صلى الله عليه وسلم مع أنه لو سلم ذلك كان مدحا بليغا في حقه لأنّ الملك إذا أرسل لأحد من هو معزز معظم مقرّب لدبه دل على أنّ المرسل إليه بمكانة عنده، ليس فوقها مكانة كما لا يخفى وما قيل من أنه يكفي لأداء هذا المقصود لقول رسول كريم أو ملك كريم، فالزيادة فضول تعد لكنة عند البلغاء إلا أنه كلام على السند الأخص والأسلم أن يقال في الجواب إنّ الكلام مسوق لحقية المنزل، وصدق ما فيه من أحوال القيامة وأهوالها كما تدل عليه الفاء الشبية في قوله: فلا أقسم، وهو يقتضي وصف الآني به دون المنزل عليه فلذا اقتصر على نفي ما بهت به، وأنّ الأظهر أن يتلو يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون أن حقيق بأن يقال له:
سارت مشرقة وسرت مغربا شتان بين مشرق ومغرب
والحرّ تكفيه الإشارة والمسألة معروفة في الأصول. قوله: (بمطلع الشمس الأعلى) أراد
به وسط السماء فإنه أعلى مكان تطلع منه في كل يوم، وقيل هو رأس السرطان والأعلى صفة مطلع. قوله:(من الظنة وهي التهمة) بضم التاء وفتح الهاء ما يتوهم به وعليه وتسكين الهاء لا يجوز إلا في ضرورة شعرية، وقول الفاضل ابن كمال في شرحه لمفتاحه أنه بسكون الهاء لا بفتحها غلط مته، وتقديم قراءة الظاء المشالة لا يسئل عنه لأنه سؤال دوري فإن سلم ذلك فوجهه أنه أنسب بالمقام لاتهام الكفرة له بما مرّ ونفي التهمة أولى من نفي البخل وأيضا التهمة تتعدى بعلى دون البخل فيما قيل، لا لأنّ نفي المحقق أولى من نفي المقدر كما قيل إذ لا وجه لتفضيل بعض القراآت المتواترة على بعض، ولا طائل في البحث عنه أيضا. قوله:(بالضاد من الضن) بالكسر والفتح قال في النثر، وهو كذلك في جميع المصاحف ولا ينافي هذا قول أبي عبيدة إنّ الضاد والظاء في الخط القديم لا يختلفان إلا بزيادة رأس إحداهما على الأخرى زيادة يسيرة قد تثتبه وهو كما قال: ويعرفه