المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أراد أنه اختص بالأربعة المذكورة، ونبينا صلى الله عليه وسلم - حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي - جـ ٨

[الشهاب الخفاجي]

الفصل: أراد أنه اختص بالأربعة المذكورة، ونبينا صلى الله عليه وسلم

أراد أنه اختص بالأربعة المذكورة، ونبينا صلى الله عليه وسلم لغلبته عليهم، وسكت عن ذكر خاتمتهم لأنه المقصود هنا ولك أن تقول إنّ هذا من إيجازه البديع، وهو جار على القولين أما على الأوّل فلأنه لم يرد الحصر فيمن ذكر بدليل قوله مشاهيرهم، وكاف التشبيه في قوله: كنوح الخ. وأمّا على الثاني فيصح الحصر لأنّ اشتهارهم بذلك يخصه بهم عند الإطلاق كما في الأعلام الغالبة حيث اختصت بمن اشتهر بها حتى صارت كالعلم الوضعيّ. قوله. (اجتهدوا) جملة مستأنفة لبيان وجه التسمية، وهم على هذا خمسة كما قيل:

أولو العزم نوح والخليل الممجد وموسى وعيسى والنبيّ‌

‌ محمد

قوله: (كنوح الخ الما كان البلاء معهوداً، وغير معهود بواسطة، وبدونها ممتدا، وغير

ممتد أشار إلى ما ابتلاهم الله به من أنواعه والذبيح إسماعيل أو إسحاق كما مز، وقوله. والبصر تقدم أن الصحيح إنه لم يعم، وأنما ضعف بصره، وقوله: لم يضع لبنة على لبنة أي لم يبن بناء قط، وما ذكره من قصة موسى تقدم بيانه، وفي قوله استقصروا الخ إشارة إلى أن لبثهم المراد به مدّة عمرهم أو مكثهم في الدنيا. قوله:(بلاغ) قرئ بالرفع، والنصب والجرّ، ومعناه إمّا التبليغ أو الانقياد أو الكفاية فعلى الرفع هو خبر مبتدأ مقدر تقديره هذا الذي الخ. كما أوضحه المصنف، وقوله: أي كفاية الخ على التقديرين فالوجوه أربعة. قوله: (ويؤيده (أي يؤيد إنه بمعنى التبليغ إنه قرئ بصيغة الفعل من التبليغ على أنه أمر له فإنه قرئ به أو فعل ماض من التفعيل فإنه قراءة أيضاً، وكلاهما من الشواذ، وتاييده ظاهر لأنه من التبليغ. قوله:) وقيل

بلاغ) في قراءته بالرفع مبتدأ خبره قوله لهم السابق فيوقف على قوله ولا تستعجل، ويبتدئ بقوله لهم بلاغ، وما بينهما من التشبيه معترض بين المبتدأ والخبر وهو ضعيف جدّاً لما فيه من الفصل، ومخالفة الظاهر لأنّ الظاهر تعلق لهم بتستعجل، ولهذا مرضه المصنف، وقوله: وقت يبلغون إليه لأنّ البلاغ، والبلوع يكون بمعنى الانتهاء إلى أقصى الأمر، والمنتهى زمانا كان أو مكاناً كما قاله الراغب: وقوله كانهم الخ إشارة إلى أنه معترض للتأكيد فإنّ استقصارهم للماضي لما شاهدوه من الهول الحاصل، وقوله: بلغوا لو قدر أمراً على وفق القراءة السابقة كان أحسن كما قيل. قوله: (الخارجون الخ) تقدّم أنّ أصل معناه الخروج عن الطاعة، وفي يهلك لغات تقدمت، وقوله من قرأ الخ حديث موضوع، وخص الرملة لأنها معنى الأحقاف كما مرّ تمت سورة الأحقاف بحمد الله ومنه، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وا-له وصحبه أجمعين.

سورة محمد صلى الله عليه وسلم

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله: (وهي مدنية (على الأصح، ولا إجماع فيه كما قاله ابن عطية فإنه روى خلافه عن

ابن عباس، وبعض الصحابة فلا وجه لدعوى الإجماع، وقيل إلا قوله، وكأين من قرية الخ، وقوله: وآيها جمع آية سبع بالباء التحتية، وفي نسخة تسع بالتاء الفوقية، وهو الأصح كما في كتاب العدد للداني، وقيل: أربعون، والخلاف في قوله: حتى تضع الحرب أوزارها، وقوله: لذة للشاربين. قوله: (امتنعوا عن الدخول في الإسلام) صد صدودا وصدا لازم، ومتعدّ وأصده لغة فيه، والى الأوّل أشار بقوله: امتنعوا، وقوله: سلوك طريقه الضمير للدخول أو للإسلام، وهو الأظهر لا لله لبعده، وقوله: أو منعوا الناس إشارة إلى الثاني، وعلى الوجهين اتصاله بما قبله في آخر السورة ظاهر، وهو أنه كالمؤكد لقوله: كفروا عليهما لا على البدل فقط كما قيل إذ لا وجه له. قوله: (كالمطعمين يوم بدر (من المشركين فإنهم بإعانتهم لمن أتى لمنع المسلمين عن الجهاد، والغنائم كانوا صادّين بأنفسهم، وأموالهم فصدهم أعظم من صذ غيرهم ممن كفر، وصدّ عن السبيل، وخص بدرا والمراد به الكبرى لأنها أوّل وقعة فيها القتل، والفداء فلا غبار عليه إنما الكلام فيهم فالذي رويناه في سيرة ابن سيد الناس أنّ أوّل من نحر لهم حين خرجوا من مكة أبو جهل لعنه الله نحر عشرا من الإبل، ثم صفوان

ص: 38

بن أمية تسعا بعسفان، ثم سهيل بن عمرو بقديد عشرا، ثم شيبة بن ربيعة، وقد ضلوا الطريق تسعاً ثم عتبة ابن ربيعة عشرا، ثم مقيس الجمحي بالإبواء تسعا، ثم العباس عشرا، والحرث بن عامر تسعا، وأبو البحتريّ على ماء بدر عشرأ، ومقيس تسعا ثم شغلتهم الحرب فأكلوا من أزوادهم، ونقل المحشي أنهم ستة نبيه ومنبه بن الحجاج وعتبة، وشيبة ابنا ربيعة وأبو جهل، والحرث ابنا هشام وضم إليهم مقاتل عامر بن نوفل، وحكيم بن حزام وزمعة بن الأسود، وأبا سفيان بن حرب وصفوان بن أمية، والعباس، وقال إنهم أطعموا الأحابيش استظهارا على عداوة النبيئءيخيلى، واعترض على عد أبي سفيان فيهم، وهو كان مع العير، ولا يخفى أنّ المراد بيوم بدر زمن وقعتها فيشمل ما أطعم في الطريق، وفي مذتها حتى انقضت فلا يرد ما ذكر إن صحت الرواية، وهو كلام آخر، وشياطين قريش العتاة من كفارهم. قوله:) أو عام في جميع من كفر (

تردّد في عمومه ولم يتردّد في عموم مقابله لظهور الفرق بينهما، وإن ظنه بعض خفيا لأنّ التردد على تفسيره الثاني، وليس كل كافر وقع منه الصدّ عن ذلك أمّا من ذكر من الكفار فصدر ذلك منه بخلاف المؤمنين الموصوفين بما ذكر فانه ظاهر في العموم. قوله:(جعل) بصيغة المجهول أو المعلوم، وفاعله ضمير مستتر يرجع إلى الله للعلم به من السياق، وقوله: محبطة بالكفر على الوجهين، وإن كان في اقتصاره على الكفر ما يوهم أنه على الأوّل ففيه إيماء لترجيحه، وقوله: مغلوبة مغمورة فيه فيه أنه إن أراد به إحباطها، وعدم نفعها تكرّر مع ما قبله، والا فلا معنى لغلبته عليه إن لم يكن محبطاً، وقوله: أو ضلالاً معطوف على قوله: ضالة أي معنى أضل أعمالهم صيرها ضلالا أي غير هدى، ولو قيل على هذا ضالة على أنه إسناد مجازي صح، وقوله: يقصدوا به أي بما ذكر، ولذا ذكره ولو قال بها بضمير الأعمال كان أظهر. قوله:(أو أبطل الخ) فإضافة الأعمال للعهد أو المراد بها على الأوّل محاسن الأعمال وعلى هذا المكايد وصدهم، واضلالها من ضل إذا غاب فتجوز به عن الإبطال، وهو معطوف على جعل، وقوله: بنصر الخ متعلق به على اللف، والنشر المرتب. قوله:(يعم الخ الأن الموصول من صيغ العموم ولا داعي للتخصيص هنا كما في الأوّل كما نبهناك عليه، وقوله: تخصيص الخ، أي خص بالذكر مع دخوله فيما قبله لما ذكر من النكات، على هذا فالمراد بما نزل القرآن أو الدين، والمراد أحكامه الفرعية، والإيمان به التصديق بحقيته من عند الله، ولو أريد به كل ما نزل عليه من الوحي بالشريعة الأصلية، والفرعية لم يكن كذلك، ووجه إفادته للتعظيم قرّرناه في عطف جبريل، والدلالة على أنه لا يتم بدونه لأنه يفيد بعطفه أنه أعظم أركانه لأفراده بالذكر ويلزم منه ما ذكر، وقوله: مما يجب أي من بين كل ما يحب الإيمان به، وقوله: ولذلك أي لكونه الأصل الذي لا يتم بدونه أو للإشعار بما ذكر أكده لأنه مقتض للاعتناء به. قوله:) اعتراضاً) اي بين المبتدأ وخبره، وقوله: على طريقه اختلف في مرجع هذا الضمير فقيل هو للتخصيص، وكان هذا طريق التخصيص لتعريف المسند، وحقيته مرفوع مبتدأ خبره قوله: بكونه ناسخاً، وقيل المعنى على طريق القرآن وبيان حاله، وحقيته بكونه ناسخاً لا ينسخ ثابتا غير متغير فحقيته بالجرّ عطفا على مجرور على، ولا يخفى أنّ الأوّل هو المراد،

ولو قيل الضمير للاعتراض صح أي هو اعتراض وارد على طريق الاعتراض، وهو تأكيد لما اعترض فيه كما مرّ مرارا، وفسر الحقية بما ذكر ليتم الحصر بالنسبة لغيره من الكتب أو الأديان، والحق على هذا بمعنى الثابت في الواقع، ونفس الأمر فهو أخص منه بمعنى المقابل للباطل، ويكون وقوعه في مقابلته ظاهرا أيضا، ولا-س د. عليه أنّ ذكر الباطل بعده يقتضي تفسيره بما يقابله كما قيل، وقوله: سترها لأنه أصل معناه والمراد إزالتها لا أنها بقيت مستورة، والبال يكون بمعنى الحال، والشأن، وقد يخص! بالشأن العظيم كقوله صلى الله عليه وسلم:" كل أمر ذي بال "، ويكون بمعنى الخاطر القلبيّ، ويتجوّز به عن القلب، ولو فسر به هنا كان حسناً أيضا وقد فسره السفاقسي بالفكر لأنه إذا صلح قلبه، وفكره صلحت عقيدته، وأعماله. قوله:(إشارة إلى ما مرّ) توجيه لأفراده باعتبار ما ذكره، وقوله: خبره بأنّ الخ لا خبر مبتدأ مقدّر كما في الكشاف أي الأمر ذلك لأنه كما قيل ارتكاب للحذف من غير داع له فيكون الجار، والمجرور في محل نصسب على الحالية كما في التقريب، والعامل فيه معنى الإشارة، وليس ظرفا لغوا، وقوله: بسبب الخ، إشارة إلى أنّ الباء سببية.

ص: 39

قوله: (وهذا تصريح بما أشعر به ما قبلها) أي ما قبل هذه الجملة أو العلة والسببية لكن المناسب لقوله: هذا أن يقول ما قبله بتذكير الضمير كما قيل لكنه جنح إلى أنّ هذا إشارة إلى الكلام المذكور، وأنه تصريح بما قبل هذه السببية، والمراد أنّ البناء على الموصول يشعر بالعلية فالإتيان بياء السببية في الخبر تصريح بما علم بطريق الإيماء، والإشارة. قوله:(ولذلك يسمى) أي عند أهل المعاني تفسيرا لأنه صرّح به فيما علم ضمنا كقول الزمخشري رحمه الله تعالى في شعر له:

به فجع الفرسان فوق خيولهم كما فجعت تحت الستور العوائق

تساقط من أيديهم البيض حيرة وزعزع من أجيادهن المخانق

ففيه تفسير على طريق اللف، والنشر كما في الآية، وهو من محاسن الكلام. قوله:

(مثل ذلك الضرب) المثل المذكور بعده على ما مرّ تفصيله في البقرة، وقوله: يبين قد مز تحقيقه، وقوله: أحوال الفريقين فالمثل هنا بمعنى القصة والحال العجيبة، وضمير أمثالهم لفريقي المؤمنين، والكافرين أو للناس كلهم والأوّل ناظر إلى الوجه الأوّل، والثاني إلى الثاني من العموم في الفريقين فيشمل جميع الناس. قوله:(أو يضرب أمثالهم الخ) يعني أنّ حقيقة المثل كلام شبه مضربه بمورده، وهو غير موجود هنا فاما أن يكون بمعنى الحال والصفة أو بمعنى التمثيل، والتشبيه بأن جعل اتباع الباطل مثلا لعمل الكفار، وإتباع الحق مثلاً لعمل المؤمنين، والإشارة في قوله كذلك إما لما تضمنته الآية الثانية، أو لما تضمنته الآية الأولى، وذلك لأنه ليس ثمة اتباع الباطل، واتباع الحق حقيقة بل ارتكاب الباطل فشبه عمل الكافر باتباع الباطل بمعناه المعروف أو الشيطان في الإيصال إلى الهلاك وعمل المؤمن باتباع الحق بمعناه المعروف أو الله فالتمثيل مستعار لتشبيه حالي المؤمنين، والكافرين أو هو مجاز مرسل أريد به مطلق التشبيه، وقوله: مثلاً بمعنى تشبيها. قوله: (وقدم المصدر) أي على مفعول الفعل، وهو الرقاب لا على الفعل إذ لا وجه له، وقوله: وأنيب منابه أي في نصب المفعول، وهو الرقاب قبل الإضافة إليه، وهذا أحد قولي النحاة في المفعول في نحو قوله:

فندلا زريق المال ندل الثعالب

هل هو منصوب به أو بالفعل المقدّر ثم أضيف إلى مفعوله، وقوله: ضما إلى التأكيد بالمصدر الاختصار بحذف الفعل، وتنوين المصدر. قوله:(والتعبير به) يشير إلى أنّ ضرب الرقاب مجاز مرسل عن القتل مطلقاً لما ذكره من النكات، وفيه أيضاً إشارة إلى غلبتهم عليهم، وتمكنهم منهم، وقوله: بأشنع صورة أي القتل لأنّ ضرب الرقبة فيه إطارة الرأس التي هي أشرف أعضائه، ومجمع حواسه، وبقاء البدن ملقى على هيثة منكرة. قوله: (كثرتم قتلهم (الثخن كالغلظ يكون في نحو الحبل، والبر عبارة عن كثرة طاقاته، وفي المائعات حالة قريبة من الجمود تمنعه من سرعة السيلان فأثخان العدوّ إيقاع القتل بهم بشدة، وكثرة مستعار من ثخن المائعات لمنعه عن الحركة فهذا تفسير له لا إشارة لتقدير المضاف فيه كما قيل فإن كان بمعنى الإكثار فقط من ثخن الحبل، ونحوه ففيه مضاف مقدر لكنه لا يعرف الأثخان في الاستعمال بهذا المعنى فتدبر، والضمائر راجعة إلى الكل لكن المراد نسبة ما للبعض للجميع إذ المثخن لا

يشد، ولا يمن عليه ولا يفدى. قوله:(بالفتح والكسر ما يوثق به) أي يشذ، ويربط ومنه الميثاق، والظاهر أنّ ما يوثق به بالكسر لأنه المعروف في الآلة كالركاب، والحزام، وهو اسم ا-لة على خلاف القياس نادر، وأمّا بالفتح فمصدر كالخلاص فالمراد أنه أيضا أطلق على ذلك، ولو مجازا فهو تفسير له على القراءتين، وقوله: تمنون منا فهو مفعول مطلق لفعل مقدر، وقوله: والإطلاق المراد به الاسترقاق، وفي نسخة، وهو الإطلاق فيكون تفسيراً للمن والاسترقاق غير مذكور لأنه معلوم مما بعده، وقوله: ثابت أي لم ينسخ، وقوله: فدا كعصا أي بالفتح والقصر، وقول أبي حاتم أنّ القصر غير جائز لا عبرة به فإنه فيه أربع لغات الفتح، والكسر مع المدّ، والقصر، ولغة خامسة البناء مع الكسر كما حكاه الثقات. قوله:) آلاتها الخ (يعني أنّ الأوزار كالأحمال، وزنا ومعنى استعير لما ذكر استعارة تصريحية أو مكنية بتشبيهها! انسان يحمل حملاً على رأسه أو ظهره، وأثبت له ذلك تخييلا وكلام الكشاف له أميل، وكونها أحمال المحارب أضيفت لها تجوّزاً في النسبة الإضافية، وتغليبا لها على

ص: 40

الكراع يأباه إسناد الوضع للحرب، ولذا لم يلتفتوا له، وكون إسناده مجازيا أيضا، وإن صح خلاف المتبادر مع أنه يذهب رونق الكلام فتدبر، والكراع اسم للخيل لأنها تخبط كراعها في الدفع عن نفسها؟ ومما يفسره قول الأعشى:

وأعددت للحرب أوزارها رما حاطوا لا وخيلا ذكورا

قوله: (أي تنقضي الحرب الخ) على أنه تمثيل أو مجاز متفرع على الكناية عن انقضائها

كما كني بقوله:

فألقت عصاها واستقرّت بها النوى

عن انقضاء السفر، والإقامة، وهو المراد فيما قبله، وأنما يخالفه في طريق الإفادة، وقوله: آثامها على أنها جمع وزر بمعنى إثم، وهو هنا الشرك، والمعاصي، وتضع بمعنى تترأ مجازاً، واسناده للحرب مجازا، وبتقدير مضاف أي أهلها، ومرضه لأنّ إضافة الأوزار بمعنى الآثام إلى الحرب غير ظاهر الصحة. قوله: (وهو غاية للضرب الخ (والمعنى اضربوا أعناقهم

حتى تنقضي الحرب وليس هذا بدلاً من الأوّل، ولا تأكيداً له لأن حتى الأولى الداخلة على إذا الشرطية ابتدائية كما مرّ تحقيقها في سورة الأنعام، وقوله: للمن والفداء أي لهما معا، وقوله: للمجموع من قوله: فضرب الرقاب الخ وهو على مذهب المصنف رحمه الله ظاهر، وأما عند الحنفية فمخصوص بحرب بدر على أنّ تعريفه للعهد أو منسوخ كما مز، وقوله: بزوال شوكتهم متعلق بالنفي أي حتى تزول قوّتهم، وقدرتهم على المحاربة فيعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون لأنه لا يكف عن القتال بدونه، وأمّا بعد نزول عيسى عليه الصلاة والسلام فترفع الجزية أيضا. قوله:) الآمر الخ (فهو مبتدأ مقدر أو مفعول لفعل مقدر وذلك إشارة إلى ما تقدم في الحرب، وما يتبعها، وقوله: ولكن أمركم بالقتال الخ. يعني أنه تعالى قدر ما ذكر مع أنه لو أراد أهلكهم فلم يدع على الأرض منهم دياراً لكنه له فيما يشاء، ويختار حكمة بالغة فلذلك ابتلى المؤمنين بالكفار ليجاهدوهم فينالوا الثواب، ويخلد في صحف الدهر ما لهم من الفضل الجسيم، وابتلى الكفار بالمؤمنين ليعجل لهم بعض انتقامه فيتعظ به بعض منهم ممن هداه الله فيكون ذلك سببا لإسلامه، والجار والمجرور متعلق بأمركم الذي قدره. قوله: (يضل أعمالهم (قراءة الجمهور على أنه فعل من أضل مبنيا للفاعل، ونصب أعمالهم، وقرئ مبنيا للمفعول، ورفع أعماله وقرئ بفتح الياء من ضل ورفع أعمالهم، والكل ظاهر لفظا ومعنى، وقوله: سيهديهم إلى الثوأب أي يوصلهم إلى ثواب تلك الأعمال من النعيم المقيم، والفضل العظيم والمراد بتثبيت هدايتهم بعدما دفع به أن هؤلاء مهديون فهو تحصيل للحاصل الوعد بأنه يحفظهم ويصونهم عما يورث الضلال. قوله:) عرفها لهم في الدنيا الخ (إشارة إلى اًن هذه الجملة حالية بتقدير قد ويجوز أن تكون مستأنفة كما قاله أبو البقاء، ثم أشار إلى أنه إن كان ا! مراد بالتعريف ما كان بالتوصيف في الدنيا فالمراد منه أنه تعالى لم يزل يمدحها لهم حتى عشقوها فاجتهدوا فيما يوصلهم لها فهذا هو المراد منه كما قيل:

أشتاقه من قبل رؤيته كما تهوى الجنان بطيب الأ-خبار

وقيل:

والأذن تعشق قبل العين أحيانا

وإنن كان معرفتها في الآخرة فهو إلهام الله صلى الله عليه وسلم لكل أحد أن يعرف منزله فيها فيتوجه له كما

هو حالهم في منازلهم في هذه الدار، وورد في الأثر أنّ حسناته تكون دليلاً له إلى منزله فيها وقوله: من العرف بفتح العين، وهو معروف أو تعريفها تمييزها بحدها، ومفرزة بضم الميم بزنة اسم المفعول من أفرزه إذا فصله، وميز.. قوله:(إن تنصروا دينه ورسوله أليس على تقدير مضاف فيه بل هو إشارة إلى أنّ نصرة الله فيه تجوّز في النسبة فنصرته نصرة رسله وجنده وتأييد دينه إذ هو المعين الناصر وغيره المعان المنصور، وقوله: ويثبت أقدامكم كناية عن القوّة، والدوام وهو المراد بالقيام في عبارة المصنف رحمه الله أيضاً لكنه ذكره تلميحا، ومجاهدة الكفار من جملة حقوق الإسلام فهي من عطف الخاص على العام أفردها لأنها هي المقصودة هنا إذ ما تقدّم كله في أمر الجهاد. قوله: (فعثورا لهم وانحطاط) أي هو دعاء بأن يعثر فيسقط لأنّ التعس في الأصل السقوط على الوجه كالكبّ، والنكس السقوط على الرأس، وضده الانتعاس فهو قيام من سقط، ووقع فيقال في الدعاء على الشخص العاثر تعسا له فإذا دعوا له قالوا: لعا له والجار، والمجرور وبعده متعلق بمقدر للتبيين كما في سقيا له، ولعا بلام وعين مهملة بعدها ألف مقصورة، وهو

ص: 41

منصوب بفتحة مقدرة، ومعناه انتعاشا، واقامة، وفيه كلام في الرضمي، وغيره وليس هذا محله، وهو نقيض تعسا. قوله:(قال الأعشى) يصف ناقة في قصيدة مسطورة في ديوانه منها:

كلفت مجهولة نفسي وشايعني همي عليها إذاما آلهالمعا

بذات لوث عفرناة إذا عثرت فالتعس أولى لها من أن أقول لعا

واللوث بفتح اللام، والثاء المثلثة القوّة، وناقة عفرناة قوية بفتح العين المهملة، والفاء، وسكون الراء المهملة، وبعدها نون، وألف ثم تاء تأنيث والمعنى حملت نفسي قطع بادية مجهولة الإعلام، وتابعني مؤيداً لي عزمي، وهمتي بناقة قوية لا تعثر، ولو عثرت كان الدعاء عليها أولى من الدعاء لها. قوله:(وانتصابه) على المصدر بفعل من لفظه يجب إضماره لأنه للدّعاء كسقيا فيجري مجرى الأمثال إذا قصد به ذلك وفي الكشاف: المعنى فقال تعسا لهم أو فقضى أي قدر لهم تعساً فعلى القول الأوّل هو مفعول مطلق، وعلى الثاني مفعول به، وانما

دعاه لذلك أنّ جملته خبر عن قوله الذين، وهو لإنشاء الدعاء، والإنشاء لا يقع خبراً بدون تأويل فإمّ أن يقدر معه قول أو يجعل خبراً بتقدير قضى، ومن لم يقف على مراد. قال ما ذكره المصنف أولى فإنّ لفظ المصدر يدل على فعله فالوجه أن يكون هو المضمر لا قال، وقضى كما قاله الزمخشريّ، والأوّل هو ما قاله المصنف بعينه. قوله:(والجملة خبر الذين كفروا الأنه مبتدأ في محل رفع فالفاء داخلة في حيز الموصول لتضمنه معنى الشرط، وقد علمت أن الدعاء الإنشائيّ يكون خبراً بلا تأويل. قوله: (أو مفسرة لناصبه (فالذين في محل نصسب بفعل مقدر أي أتعس الله الذين كفروا تعسا أو التقدير تعسهم الله فإنه يقال تعسه، وأتعسه كما ذكره السفاقسي، وهو كقولهم زيداً خير عالم على أنّ عامل المصدر مفسر لناصبه، والفاء زائدة في الكلام على توهم الشرط كما في قوله: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [سورة المدثر، الآية: 3] وقيل: يقدر مضارعا معطوفاً على قوله: يثبت أي يتعس الذين الخ، والفاء للعطف فالمراد إتعاس بعد إتعاس أو للدلالة على أنّ حق المفسر أن يذكر عقب المفسر كالتفصيل بعد الإجمال، وقد مرّ ما فيه في سورة النور فانظره. قوله: (وأضل أعمالهم عطف عليه) أي على الفعل المقدر الناصب لقوله تعسا فينبغي تقدير. ماضيا لا مضارعاً كما توهم، وهو جار على الوجهين. قوله. (لما فيه (يتعلق بكرهوا بيان لعلة تعسهم وضلالهم بكراهتهم القرآن وما تضمنه من الأصول، والفروع وقوله: وهو أي ما ذكر بقوله ذلك الخ. تخصيص لسبب تعسهم، وضلالهم بكراهة القرآن، وما فيه بعد تعميمه إذ جعل سببه مطلق الكفر لأنّ الموصول، والصلة يقتضي التعليل بالمأخذ كما مرّ مراراً، وقوله: وتصريح إشارة إلى أنه علم مما قبله لدخوله في الكفر دخولاً أوليا. قوله: (كرره (لأن قوله أضل أعمالهم بمعنى أبطلها، وأحبطها، وقوله: يلزم الكفر لتفريعه عليه بالفاء. قوله: (دمر دلّه عليهم) معنى دمره أهلكه، ودمر عليه أهلك ما يختص به من المال والنفس فالثاني أبلغ لما فيه من العموم لجعل مفعوله نسيا منسيا فيتناول نفسه، وكل ما يختص به من المال ونحوه، والإتيان بعلى لتضمنه معنى أطبق عليه أي أوقعه عليهم محيطاً بهم أو هجم الهلاك كما حققه شراح الكشاف، واليه أشار المصنف إلا أنه كان عليه أن يوجه ذكر الاستعلاء معه لأن استأصل لا يتعدى بعلى، وكلامه موهم له لكن لما كان العذاب المطبق مستأصلاً كان فيه إيماء له في الجملة. قوله:(أمثال تلك العاقبة وقوله: لأنّ التدمير) راجع للأخيرين من العقوبة، والهلثة، وهو المراد من السنة لكن كونها مرجعاً بخصوصها من غير قرينة في غاية البعد، وجمع الأمئال

لأنّ لكل منهم مثل عاقبة السابقين ففيه مبالغة، وزيادة تهديد، وقوله: فيدفع العذاب إشارة إلى أنه بمعنى الناصر كالذي قبله فاندفع التناقض بين الآيتين كما بينه المصنف لعدم توارد النفي، والإثبات على محل واحد لأنه في المنفي بمعنى الناصر، والمثبت بمعنى المالك. قوله تعالى: ( {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا} الخ الما كان الثاني في مقابلة هذا ووجه التقابل فيه غير ظاهر في بادئ النظر قال الطيبي طيب الله ثراه: إنّ قوله يتمتعون، ويأكلون في مقابلة قوله عملوا الصالحات لما فيه من الإيماء إلى أنهم عرفوا أنّ نعيم الدنيا خيال باطل، وظل زائل فتركوا الشهوات، وتفرغوا

ص: 42

للصالحات فكانت عاقبتهم النعيم المقيم في مقام كريم، وهؤلاء غفلوا عن ذلك فرتعوا في دنياهم كالبهائم حتى ساقهم الخذلان إلى مقرهم من درك النيران فتقابله واقع في أحسن موقع، وفيه مقابلة أدق مما قيل إنه من الاحتباك فذكر الأعمال الصالحة، ودخول الجنة أو لا دليل على حذف الأعمال الفاسدة، ودخول النار ثانيا والتمتع والمثوى ثانياً دليل على حذف التمتع، والمثوى أوّلاً. قوله:(حريصين الخ) هو وجه الشبه، وقوله: مثوى لهم كقوله: {إِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} [سورة التربة، الآية: 49] وقوله: على حذف المضاف هو أهل بقرينة قوله: أهلكناهم أو هو على المجاز بذكر المحل، وارادة الحال، وقوله: دهاجراء أحكامه الخ بالجرّ عطف على حذف المضاف يعني إنه حكم على القرية بأنها أشدّ قوّة، وأنها مخرجة له، وهو وصف لأهلها، وهذا الحكم بحسب الظاهر، وإن كان في الواقع على المضاف المحذوف، ومنه يعلم وجه كونه مجازا بالنقص لكن الفرق بينه، وبين المجاز العقلي دقيق جدّاً قوله:(والإخراج الخ) يعني أنه مجاز عقليّ كقوله: أقدمني البلد حق لي عليك والخلاف فيه معروف فعند المتقدّمين لا فاعل له حقيقي، وعند صاحب التلخيص الفاعل هو الله، وليس هذا الخلاف مبنياً على خلق أفعال العباد كما حقق في حواشي الحفيد على شرح التلخيص فمن توهمه فقد وهم، والتسبب لأنّ أهل مكة لم يخرجوه، ولكن أحبوه، وهموا به فكانوا بذلك سببا لإخراجه حين أذن الله له في الهجرة عنها. قوله: (وهو كالحال المحكية (لأنّ المتفرّع على الإهلاك عدم النصرة في الماضية لا في الحال، والاستقبال كما هو المتبادر من اسم الفاعل فمقتضى الظاهر أن يقال فلم يكن لهم نصر فعدل عنه كما في قوله:

{فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} [سورة يس، الآية: 9] لتصوير الماضي بصورة الحال، وقال كالحال لأنّ اسم الفاعل ليس كالفعل إذ هو قد يقصد به الثبوت، وإذا لم يعمل قيل إنه حقيقة في الماضي كما حقق في الأصول الفرعية. قوله تعالى:( {أَفَمَن كَانَ} الخ) الاستفهام لإنكار استوائهما، وقوله: على بينة أي ثابت قائم عليها، وقوله: حجة تفسير بينة، وقوله: وهو القرآن تفسير للحجة وذكره لرعاية الخبر، وقوله: كالنبيّ الخ تفسير لمن، ولم يخصه بالنبيّ كما في الكشاف لأنه لا داعي له وقوله: كالشرك بيان لسوء العمل لأنه بمعنى العمل السيئ وقوله: في ذلك الإشارة لسوء العمل، وقوله: لا شبهة لهم بيان لاتباع الهوى فيه، ولمقابلته لما قبله من الثبات على الحجة، والبينة. قوله:(أي فيما قصصنا عليك صفتها العجيبة) تفسير للمثل كما مرّ واشارة إلى أنّ مثل الجنة مبتدأ له خبر مقدر مقدم، وهو مختار سيبويه كما فصلناه في أوّل سورة المائدة، والنور ولذا قابله بقوله: وقيل الخ، وترجيح الأوّل لما مرّ فتذكره، وقوله: وتقدير الكلام الخ هذا، وإن كان تقديرا قبل الحاجة إليه حتى قيل إنّ الثاني أرجح منه، ولذا اقتصر عليه الزمخشري إلا أنه يرجحه أنه لما أنكر التسوية بين من وضح برهان ما ادعاه، ومن قال بحسب ما اشتهى هواه كان مقتضاه أن ينكر استواء سكان الجنان، وأهل النيران، ولذا قدمه المصنف ولم يعبأ بما ذكره هذا القائل. قوله: (أو أمثل الجنة الخ الما كان جعل الجنة مثلا لأهل النار غير ظاهر أشار إلى أنه إما على تقدير في الأوّل أو الثاني ليكونا على نمط واحد، وعلى كليهما فمثل مقدر في الثاني إمّا مع مضاف آخر أو لا، وأشار بقوله: أمثل إلى أن قوله مثل الجنة، وإن كان في صورة الإثبات هو في معنى الإنكار، والنفي لانطوائه تحت حكم كلام مصدر بحرف الإنكار، وانسحاب حكمه عليه، وهو قوله: أفمن كان الخ وليس في اللفظ قرينة على هذا، وإنما هو من السياق، وأنّ فيه جزالة المعنى. قوله: (فعرّي الخ (جواب سؤال مقدر تقديره إذا كان المعنى على ما ذكر فلم ترك ذكر الهمزة فيه، وهو نادر بأنه ترك لإبرازه في صورة التسليم، ومثله يدل على الإنكار بأبلغ وجه، وقوله: يجري مثله صفة استغناء وهو مضارع معلوم أو مجهول أو هو مصدر مجرور ومعناه أنه ترك فيه حرف الإنكار الذي هو نفي معنى، وأتى به مثبتا والمقصود نفيه أيضا، وهذا أعني قوله: يجري مثله مماثل لقوله: أفمن كان على بينة الخ فما اعتبر فيه يعتبر في هذا، وهو المصحح للتعرية، والمرجح ما أشار إليه بقوله: تصويراً الخ يعني أن التعرية عن حرف الإنكار لأجل أن تصوّر مكابرة من سوى بين

المتمسك بالبينة، والتابع للهوى بصورة مكابرة من سوى بين الجنة، والنار فحذف حرف الإنكار وجعل الأوّل كالثاني يحقق هذا التصوير بخلاف ما لو ذكر حرف الإنكار، وقيل: أمثل الخ فإنه

ص: 43

لا دلالة فيه على المماثلة، والتصوير المذكور قال في الانتصاف هذه النكتة التي ذكرها لا ينوّرها إلا التنبيه على أنّ في الكلام محذوفا لا بد من تقديره إذ لا معادلة بين الجنة، وبين الخالد في النار إلا على تقدير مثل ساكن الجنة فبه يقوم وزن الكلام وتتعادل كفتاه ومن هذا النمط قوله تعالى:{أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ} [سورة التوبة، الآية: 9] فإنه لا بد من تقدير محذوف مع الأوّل أو الثاني ليتعادل القسمان وبهذا الذي قدرته تنطبق أجزاء الكلام فيكون المقصود تنظير بعد التسوية بين المتمسك بالبينة، والراكب للهوى ببعد التسوية بين المنعم في الجنة، والمعذب في النار على الصفات المتقابلة المذكورة في الجهتين، وهو من وادي تنظير الشيء بنفسه باعتبار حالتين إحداهما أوضح في البيان من الأخرى فإن المتمسك بالبينة هو المنعم في الجنة الموصوفة، والمتبع للهوى هو المعذب في النار المنعوتة ولكن أنكر التسوية بينهما باعتبار الأعمال أوّلاً، وأوضح ذلك باعتبار التسوية بينهما باعتبار الجزاء ثانيا اهـ، وليس ما ذكر مخصوصا بالوجه الثالث، وأنه إشارة إلى ارتضائه كما توهم فإنه اقتصر فيه عليه لقربه، وللاتكال على علم غيره بالمقايسة نعم ما ذكر بيان لوجه التعرية لا لحذف ما حدّف فلا وجه لذكره فتدبر وقوله: تصويراً تعليل لقوله يجري مثله واستغناء تعليل للتعري فلا حاجة لجعل التقييد بالثاني بعد التقييد بالأوّل كما قيل فإن قلت ما وجه المبالغة فيه، والأبلغية التي ذكرها الشيخان هنا، وما وجه الانتظام فيه قلت هذا شيء أومؤوا إليه، ولم يصرّحوا به، وكأن وجهه أنه لما ترك فيه حرف الإنكار كان في إثباته إشارة إلى التهكم به، والى تخطئة من توهمه، وهو كالبيان، والبرهان على ما قبله حتى قيل لا يستوي ذو الحجة البينة والأهوية القبيحة البينة حتى تستوي الجنة، والنار فتأمل. قوله:(وهو) أي الخبر وهو قوله كمن هو خالد على الوجه الأوّل، وهو كون مثل مبتدأ خبره مقدر أي فيما قصصشا الخ. قوله:(استئناف لشرح المثل (أي هو استئناف بيانيئ في جواب سؤال تقديره ما مثلها أي صفتها، وهو على الوجه الأوّل أي تقدير الخبر في قوله مثل الجنة، والمبتدأ في قوله: كمن هو خالد فلا يرد عليه قول الطيبي إنه يلزم وقوع الاستئناف قبل مضي خبر الجملة السابقة الذي هو مورد السؤال اللهمّ إلا أن يقدر للجملة الأولى خبر وللثانية مبتدأ كما قاله أبو البقاء. قوله: (أو حال من العائد المحذوف) وهو الضمير المقدر في الصلة العائد على التي بمعنى الجنة أي وعدها المتقون أو وعد المتقون إياها أي مستقزة فيها أنهار على أق

الظرف حال وأنهار فاعله لا مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية حال لعدم الواو فيها، ولا فعلية لأنه خلاف الظاهر، وقد جوّز فيه الحالية على نهج قوله ملة إبراهيم حنيفاً، وفيه نظر، وفي الكشاف تجويز كونه داخلا في حكم الصلة كالتكرير لها ألا ترى إلى صحة قولك التي فيها أنهار يريد كما قاله التفتازاني إنها صلة بعد صلة كالخبر والحال، والصفة وهو متضمن لتفصيلها، ولو حمل على البدلية كان أولى، ولذا ترك العاطف فتدبر. قوله:(أو خبر لمثل (على أنّ الخبر، وإن كان جملة من المبتدأ كخبر اسم الإشارة فلا يحتاج إلى رابط، وقد تقدم مثله في سورة يس، وأنّ جريان مثله في الاسم الظاهر الذي ليس بقول لم يذكره النحاة، والمعنى مثل الجنة وصفتها مضمون هذا الكلام. قوله:) وآسن) بوزن فاعل كآجن بمعنى متغير الطعم، والريح لطول مكث ونحوه، وماضيه أسن بالفتح من باب ضرب، ونصر وبالكسر من باب علم كما حكاه أهل اللغة، وقوله على معنى الحدوث خبر بعد خبر لقوله: آسن اسم فاعل لأنه يدل على الحدوث أو حال من الضمير المستتر في الخبر، ويقابله قراءة ابن كثير أسن بوزن حذر صفة مشبهة أو صيغة مبالغة فتدل على الثبوت. قوله:(لم يصر قارصاً ولا خازرا) أي حامضاً، والقارص بالقاف، والراء والصاد المهملتين نوع من الحموضة كأنها تقرص لسان الشارب بقبضه، والخازر بخاء معجمة، وزاي وراء من الخزر، وهو نوع من الحموضة أشذ منه بلذعه. قوله:(لذيذة لا يكون فيها كراهة) فهو صفة مشبهة كصيغته، ومذكرها لذ أو هو مصدر بتقدير مضاف أو بجعلها عين اللذة مبالغة على التجوّز فيه أو في الإسناد كما هو معروف في أمثاله، والغائلة بالغين المعجمة الآفة، والمكروه فغائلة الريح بمعنى رائحة مكروهة، وغائلة السكر إزالة العقل، وما يترتب عليه، والخمار

ص: 44

بالضم صداعه والعلة على أنه مفعول له، والمعنى ما هو إلا لأجل اللذة لا صداع، ولا آفة من آفات خمور الدنيا فيه. قوله:(لم يخالطه الشمع) بفتح الميم، والعامّة تسكنها، وهو إما لحن أو لغة رديئة، وهو تفسير للتصفية فإنه معناها المعروف فلا وجه لما قيل إنه من قرينة المقام، والعطف على ما ليس من ألبان الدنيا، وخمورها، والمراد تصفيته مما يخالفه حتى يكون خالصاً. قوله:(وفي ذلك) أي في قوله فيها أنهار الخ، وقال لما يقوم الخ دون أن يقول تمثيل لا شربة الجنة، وإن كان أخصر لأن ما ذكر ليس من الأشربة المعهودة في الدنيا لكنها تشبهها بحسب الصورة، وقوله: بأنواع الخ متعلق بقوله تمثيل، وقوله: ينقصها من النقص المعنوي، وهو الاتصاف بما لا يحمد فيها كتغير اللون، والريح، وينغصها بالغين المعجمة أي يكدرها، وفي نسخة بالقاف فقط، وما يوجب

غزارتها أي كثرتها، وهو جعلها جارية جري الأنهار من قوله أنهار، وكذا استمرارها فإنه حال أنهار الدنيا أو هو من الاسمية.

قوله: (صنف الخ (يعني أنّ الجارّ، والمجرور صفة مبتدأ مقدر، وقوله على هذا القياس

أي قيالى! ما مرّ من أنها مجرّدة عن كل منقص منغص دائمة كثيرة، وقيل: تقديره زوجان كقوله: {فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ} [سورة الرحمن، الآية: 52] وقوله: عطف على الصنف المحذوف أي على لفظ مصنف الذي هو مبتدأ مقدر، وقوله: لهم مغفرة إنما قدره لأن العطف يقتضي كون المغفرة لهم في الجنة وهي سابقة عليها فإمّا أن يعطف على المقدر بدون قيده، وهو قوله فيها، وهو خلاف الظاهر أو تجعل المغفرة عبارة عن أثرها من التنعيم أو مجازاً عن رضوان الله، وقوله: كمن هو خالد مرّ إعرابه. قوله: (مكان تلك الأشربة (إشارة إلى أنه تهكم بهم، وقوله ما الذي الخ إشارة إلى أنّ ذا اسم موصول هنا بمعنى الذي كما تقرّر في النحو، والمراد بالساعة الزمان الحاضر لأن تعريفها للعهد الحضوري كما في قوله الان، ويجوز أن يريد ما هو قبيله، وقوله: استهزاء علة لقالوا فإن الاستفهام يفيده بطريق المجاز أو هو استفهام فهو على حقيقته. قوله:) وآنفاً (اسم فاعل على غير القياس أو بتجريد فعله من الزوائد لأنه لم يسمع له فعل ثلاثيّ بل استأنف، وأتنف كما أشار إليه المصنف وقوله، وهو ظرف قاد الؤمخشرفي: إنه اسم للساعة التي قبل ساعتك التي أنت فيها من الأنف بمعنى المتقدم لتقدمها على الوقت الحاضر، وهو معنى قول المصنف مؤتنفا بمعنى مبتدأ ومتقدماً، وهو لا ينافي كونه اسم فاعل كما في بادئ فإنه اسم فاعل غلب على معنى الظرفية في الاستعمال كقولهم: بادئ بدء فلا عبرة بقول أبي حيان يتعين نصبه على الحالية، وانه لم يقل أحد من النحاة إنه يكون ظرفا أو هو بمعنى زمان الحال، وهو الموافق لقوله أوّلاً الساعة بحسب الظاهر المتبادر منه أو المراد به الحال التي أنت فيها من آخر الوقت الذي يقرب منك، وقو! هـ: قرئ أنفا أي بزنة حذر وهي قراءة ابن كثير. قوله: (فلذلك استهزؤوا الخ! أي على اللف والنشر لتفسيري قوله: ماذا

قال آنفا لأنّ الإشارة لهؤلاء المارّ ذكرهم، وقوله: والذين اهتدوا يحتمل الرفع والنصب، وهدى إمّا مفعول ثان لأنّ زاد قد يتعذى لمفعولين، وهو الظاهر، ويحتمل أن يكون تمييزاً وقوله: زادهم الله على أنّ الفاعل ضمير يعود على الجلالة السابقة وهو الظاهر، وقوله: أو قول الرسول معطوف على الله فالضمير يعود على قولهءسنرو المفهوم من قوله: يستمعون إليك، وماذا قال ولكونه خلاف الظاهر أخره ولأنه واقع في مقابلة طبع القلوب فالأولى أن يتحد الفاعل فيهما، وأمّا كون الإسناد مجازياً فلا بأس به بل هو أبلغ إذا كانت قرينته ظاهرة، وكونه لاسنهزاء المنافقين بعيد جداً، ولذا تركه وإن ذكره الزمخشريّ، وقوله: بالتوفيق الخ هو عاثم لكل ما وفقوا له حتى استماع قول الرسول. قوله:) بين لهم ما يتقون الخ) فال الشارح الطيبي: إنّ هذه السورة روعي فيها التقابل، وآتاهم تقواهم في مقابلة اتبعوا أهواءهم فالظاهر أنه ليس من ارتكاب الهوى، والتشهي بل هو أمر حق مبني على أساس قوفي فيكون ببيان الله، أو إعانته فالإيتاء مجاز عن البيان أو الإعانة أو هو على حقيقته والتقوى مجاز عن جزائها لأنها سببه أو فيه مضاف مقدر، وهذا لا يخالف مذهب أهل الحق كما توهم ولو فسر بخلق التقوى فيهم كان أظهر، وقوله: فهل ينتظرون تفسير لينظرون. قوله: (كالعلة له (أي لما قبله من الانتظار لأن ظهور أمارات الشيء سبب لانتظاره، وإنما قال كالعلة لأنّ المقصود البدل، وبغتتها

ص: 45

لا تناسب مجيء أشراطها إلا بتأويل فتأمّل. قوله:) شرط مستأنف (فالوقف على الساعة، وقوله: جزاؤه فأنى الخ لم يجعله قوله فقد جاء أشراطها لأنه غير ظاهر، وهو كما أشار إليه متصل بإتيان الساعة اتصال العلة بالمعلول، ولذا قال لأنه الخ، وقوله: أماراتها تفسير لقوله: أشراطها لأنه جمع شرط بالفتح، وهو العلامة وقوله: والمعنى أي على قراءة الشرط، وقوله: كمبعث النبيّ الخ هو مصدر أو اسم زمان، وهو لكونه خاتم الرسل، وشريعته آخر الشرائع كانت بعثته علامة للساعة كما ورد في الحديث:" بعثت أنا والساعة كهاتين " وانشقاق القمر من علاماتها لقوله: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ} [سورة القمر، الآية: ا] وسيأتي بيانه، وقوله: فكيف جواب الشرط، وقوله: وحينئذ لا يفرغ له أي لا يتفرّغون للتذكر، ولا ينفعهم إذا جاءتهم، وفي قوله إذا إشارة إلى أنّ للشك في الأصل، ومجيثها متيقن فهي بمعنى إذا، والشك تعريضا بهم،

وأنهم في ريب منها أو لأنها لعدم تعيين زمانها أشبهت المشكوك فيه، وإذا جاءتهم باعتبار الواقع فلا تعارض بينهما كما توهم في النظرة الحمقاء، ولا حاجة إلى القول بأنها متمحضة للظرفية، وفيه إشارة إلى أنّ مجرّد جواز الوقوع كاف في التنبيه والتذكير قبل مجيئها فكيف مع القطع، وقوله: لا يفرغ الخ فعل مجهول من الفراغ، وهو المراد من الجواب وأنى لهم ذكراهيم مبتدأ، وخبر وإذا جاءتهم اعتراض بينهما. قوله:(أي إذا علمت سعادة المؤمنين الخ) يعني أن هذه الفاء فصيحة في جواب شرط مقدر معلوم مما مرّ من أوّل السورة إلى هنا من حال الفريقين وقو! ء: فأثبت ا! خ إلثارة إلى أنه صلى الله عليه وسلم! الم بوحدانيته فأمره مؤوّل بالثبات، وهو أيضاً معلوم لكنه تذكير له بما أنعم الله عليه توطئة لما بعده، وجعل الأمر بالاستغفار كناية عما يلزمه من التواضع، وهضم النفس، والاعتراف بالتقصير لأنه معصوم أو مغفور لا مصرّ ذاهل عن الاستغفار، والتحقيق أنه توطئة لما بعده من الاستغفار لذنوب المؤمنين فتأمّل. قوله:(ولذنوبهم) تفسير لحاصل المعنى، وتوطئة لما سيأتي وقوله، والتحريض الخ فطلب الغفران على ما قبله الدعاء بالمغفرة وهو ظاهر لأنه طلب لها، وعلى هذا طلب سبب المغفرة كأمرهم بالتقوى، ونحوه وفيه جمع بين الحقيقة، والمجاز وهو جائز عنده، وقوله: وفي إعادة الجار الخ أي مع أن العطف على الظاهر لا يلزم فيه ما ذكر، وقوله: وحذف المضاف هو ذنوب، وقوله: إشعار بفرط احتياجهم لتعليق الاستغفار بذواتهم كأنها عين الذنوب، وكثرتها من التعليق بالذات، وعدم ذكرها، وقوله: فإنّ الخ هذا هو الجواب في الحقيقة يعني أعيد الجار لأنّ ذنوبهم جنس آخر غير ذنب النبيّ صلى الله عليه وسلم فإنّ ذنوبهم معاص كبائر، وصغائر وذنبه ترك الأولى، وقوله: فإنّ الذنب تعريفه للعهد أي المذكور في الآية مضافاً للكاف، وهو ما صدر عنه، وفي عبارته نوع ركاكة لكن مرإده ظاهر. قوله:(فإنها مراحل الخ) بيان لوجه تخصيص المتقلب بمعنى محل الحركات بالدنيا فإنّ كل أحد دائما متحرّك فيها نحو معاده غير قار كما في الآخرة، ولذا خص المثوى بالعقبى، وهي الآخرة وبين وجهه أيضاً بقوله: فإذا دار إقامتكم وقوله: فاتقوا الله الخ إشارة إلى أنّ المراد من علم الله بممرّهم، ومقرهم تحذيرهم من جزائه، وعقابه على طريق الكناية. قوله:(هلا الخ) يعني لولا هنا تحضيضية لا امتناعية، وقوله: مبينة لا تشابه فيها هذا هو أحد معاني المحكم، وتكون بمعنى غير منسوخة وبه فسره الزمخشريّ لأنّ

آيات القتال كذلك إلى يوم القيامة، وقوله: الأمر به فالأمر بالذكر ذكر خاص. قوله: (وقيل نفاق الأنه اشعمل بمعناه في صفة المنافقين كما مرّ في سورة البقرة، ومرضه هنا قيل لأنّ قوله الذين آمنوا يأباه لأنّ المنافقين كفرة فإن جعل بحسب ما يظهر من حالهم للناس بقرينة لعنهم بعده فلا بأس به، والقول بأنه على تقدير الإفساد، وقطع الرحم، وأنّ الفسقة من غير تعيين قد يلعنون خلاف الظاهر فلا يصلح مرجحا فأعرفه، وقوله نظر المغشيّ الخ شبه نظرهم بنظر المحتضر الذي لا يطرف بصره. قوله: (فويل لهم) تفسير للمراد منه، وبيان لحاصل معناه، وقوله: أفعل من الولي الخ اختلف فيه بعد الاتفاق على أنّ المراد به التهديد، والوعيد على أقوال فذهب الأصمعي إلى أنه فعل ماض بمعنى قارب، وقيل قرّب بالتفعيل كما سيأتي في سورة القيامة ففاعله ضمير يرجع لما علم منه أي قارب هلاكهم، واكثر أنه اسم تفضيل من الولي بمعنى القرب، وقال أبو عليّ: إنه اسم تفضيل من الويل

ص: 46

والأصل أويل فقلب فوزنه أفلع وردّ بأنّ الويل غير متصرف، وأنّ القلب خلاف الأصل، وفيه نظر وقد قيل إنه فعلى من آل يؤول كما سيأتي، وقال ابرضي: إنه علم للوعيد وهو مبتدأ لهم خبره، وقد سمع فيه أولاة بتاء تانيث، وهو كما قيل يدل على أنه ليس بأفعل تفضيل، ولا أفعل فعلى، وأنه علم وليس بفعل بل مثل أرمل وأرملة إذا سمي بهما فلذا لم ينصرف، ولا اسم فعل لأنه سمع فيه أولاة معربا مرفوعاً، ولو كان اسم فعل بني، وفيه أنه لا مانع من كون أولاة لفظاً آخر بمعناه فلا يرد شيء منه عليهم أصلا كما جاء أوّل أفعل تفضيل واسم ظرف كقبل، وسمع فيه أوّلة كما نقله أبو حيان فلا يرد النقض به كما لا يخفى. قوله:(الدعاء عليهم بأن يليهم المكروه) هذا إذا كان من الولي بمعنى القرب، ومعنى يليهم يتصل بهم ويلزمهم، وقوله: يؤول إليه أمرهم أي يرجع إلى المكروه، وهذا إذا كان من آل فهو في الأصل دعاء عليهم بأن يرجع أمرهم إلى الهلاك، والمراد أهلكم الله ففيه لف ونشر مرتب. قوله: (استئناف الا متصل بما قبله على تقدير لهم طاعة على أحد الأقوال فيه، وهو على هذا إمّا خبر مبتدأ مقدر أي أمرهم الخ أو مبتدأ خبره مقدر وهو خيراً وأمثل أو نحوه، وإذا كان حكاية لقولهم قبل الأمر بالجهاد فلا يقدر فيه، إلا بحسب الأصل أي أمرنا طاعة، ونحوه، وقوله: جد من الجد وهو الاجتهاد. قوله: (وعامل الظرف محذوف القيام قرينة السياق عليه، وهو جواب إذا على القول بأنه هو العامل فيها،

وتقديره ناقضوا ما مرّ عنهم أو نكصوا وجبنوا، ونحوه وكذا إذا قيل العامل صدقوا لأنّ جملة فلو صدقوا جوابها، ولا يضر اقترانها بالفاء، ولا عمل ما بعدها فيما قبلها كما صرحوا به، وقوله من الحرص الخ هو لف ونشر على تفسيري المرض السابق. قوله:(فهل يتوقع منكم (يعني أنّ الاستفهام يدخل على الخبر للسؤال عن مضمونه، وعسى وإن كان إنشائياً مؤوّل بالخبر أي يتوقع، وينتظر والمتوقع كل من يقف على حالهم لا الله تعالى إذ لا يصح منه تعالى، وقوله: أمور الناس مفعول توليتم المقدر على أنه من الولاية، ولذا فسره بقوله: تأمرتم من الإمارة وما بعده على أنه من التولي بمعنى الإعراض عن الإسلام بناء عى تفسير المرض الأوّل، وعلى الثاني تفسير باً لإعراض عن امتثال أمر الله في القتال فالإفساد عدم معونة المسلمين، وقطع الأرحام بذلك أيضا، وقد مز ما له وما عليه، وقوله: تناحرا بالحاء المهملة تفاعل من النحر بمعنى الذبح، والمراد به التخاصم الشديد والحرص، وهو منصوب على أنه مفعول له أو ظرف على معنى في، والتغاور بالغين المعجمة تفاعل من الغارة. قوله: (والمعنى (يعني على المختار في تفسير المرض، وحرصهم على الدنيا من قوله نظر المغشي الخ، وقوله: يتوقع إشارة إلى تأويله بالخبر، وقوله: من عرف إشارة إلى أنه لا يصح على الله فهو مؤوّل بهذا وقوله: لغة الحجاز هي إلحاق الضمائر به كما في سائر الأفعال المتصرفة، وتميم لا تلحقها به، وتلتزم دخولها على أن، والفعل فعلى الأوّل يقال الزيدان عسيا أن يقوما، وعلى الثاني كسى أن يقوما. قوله:) وإن توليتم اعتراض (هذا هو الظاهر، والجواب محذوف يدلّ عليه ما قبله، وهو أظهر من الحالية التي توهمها بعضهم أولى فإنّ الشرط بدون الجواب لم يعهد وقوعه حالاً في غير أن الوصلية، وهي لا تفارق الواو، وقوله: توليتم أي مجهولاً، وقوله: تقطعوا من القطع معطوف على توليتم أي قرئ من الثلاثي أو من التفعل، وهو لازم، وأرحامكم منصوب بنزع الخافض أي في أرحامكم، وقراءة الأصل من التفعيل وقوله: سبيله أي إلى لممبيله. قوله. (يتصفحونه (التصفح التاً مّل لا مطلق النظر كما في القاموس فإنه غير

مناسب هنا، وما فيه الخ عطف تفسير لأنّ المراد بتأمّله تأمّل ما فيه مما ذكر فإن قلت لم غاير بين الفعلين ولم يقل أصمّ آذانهم أو أعماهم قلت: لأنه إذا ذكر الصمم لم يبق حاجة إلى ذكر الآذان، وإن كان مثله يضاف إلى العضو، والى صاحبه فيقال عىب زيد، وعينه ومثله لا يكفي في بيان النكتة كما توهم لأنّ السؤال باق وأمّا العمى فلشيوعه في البصر، والبصيرة حتى قيل إنه حقيقة فيهما فإذا كان المراد أحدهما حسن تقييده، وما قيل لا يلزم من ذهاب الأذن ذهاب السماع فلذا لم يتعرّض له، ولم يقل أعماهم لأنه لا يلزم من ذهاب الأبصار من العين ذهاب الأبصار لا معنى له، ولا طائل تحته. قوله: (لا يصل إليها ذكر الخ (يعني

ص: 47

إنه تمثيل لعدم وصول التذكير، وانكشاف الأمور، ولكونه في قوّة ما ذكر تكون أم واقعة بين متساويين كأنه قيل: أفلا يتدبرون القرآن إذ وصل لهم أم لم يصل لهم فتكون أم متصلة على مذهب سيبويه، وهو الظاهر لا أنه بيان لما يتفرع على أفعال القلوب، ولذا قال بعده، وقيل أم منقطعة الخ إشارة إلى ترجيح الاتصال بالتأويل المذكور، وقوله: ومعنى الهمزة لتقديرها ببل، وهمزة عند الجمهور. قوله:(قلوب بعض منهم (بمن التبعيضية إشارة إلى أن تنكيره للتبعيض أو التنويع كما قيل، وقيل إنه اسم مفعول من الإبهام صفة بعض لا جار، ومجرور، وإن كان هو المتبادر لأنّ تعريف القلوب سواء كان باللام أو الإضافة يفيد كون المراد قلوب بعض منهم، وأنما الفرق بين تعريفها، وتنكيرها بالتعيين، والإبهام ولا يخفى أنه لا فرق بينه، وبين ما يليه، وقوله: لإبهام أمرها في القساوة أي لشدته حتى كأنه لا يمكن معرفته، والوقوف على حقيقته فيها وقوله، ونكرها أي كونها منكرة من بين القلوب لا تناسب شيئاً منها حتى لا تعد من القلوب، وتوله كأنها الخ لف ونشر مرتب فمبهمة ناظر لإبهام أمرها، ومنكرة لفرط جهالتها ونكرها، وقيل إنّ فرط جهالتها سرى إليها فكانت مجهولة، ولا يخفى ما فيه من التكلف من غير داع، وليس في الكلام ما يدلّ عليه. قوله: (وإضافة الأقفال الخ (يعني أنّ القلوب لا أقفال لها في الحقيقة كالأبواب، والخزائن، والصناديق فكان ينبغي أن لا تضاف لها فأجاب بأن المراد بها ما يمنع الوصول إليها مجازاً، وهو أمر خاص بها فلذا أضيفت لها ليفيد ذلك االاختصاص المميز لها عما عداها، وللإشارة إلى أنها لا تشبه الأقفال المعروفة إذ لا يمك! فتحها أبداً، وقوله: على المصدر بكسر الهمزة على الأفعال. فوله:) إلى ما كانوا عليه الض (تفسير لقوله: على أدبارهم لأنه بمعنى الرجوع إلى خلف، والسول بفتحتين كما هو بف! مط

القلم في النسخ الاسترخاء استعير للتسهيل أي لعده سهلا هينا حتى لا يبالي به كأنه شبه بإرخاء ما كان مشدودا. قوله: (وقيل حملهم على الشهوات) يعني أن التفعيل للحمل على معنى المصدر كغرّبه إذا حمله على الغربة فسوّله حمله على سؤله، وهو ما يشتهيه ويتمناه فالسؤال بمعنى المسؤول، وما ذكره توطئة لما ذكره الزمخشري لا توجيه للاشتقاق، ودفع للاعتراض كما توهم، واليه أشار بقوله، وفيه أن السول الخ يعني أنّ السؤل بمعنى المتمني المسؤول من السؤال فهو مهموز والتسويل واوي فكيف يصح ما ذكر، والحاصل أنه لا يناسبه لا لفظا، ولا معنى فإنّ هذا واوي، وذاك مهموز، والتسويل التزيين، والمسؤول المشتهي، والمتمني فقول ابن السكيت أنه مشتق منه خطأ. قوله:(ويمكن رده بقولهم هما يتساولان (يعني أنّ السول من السؤال! ، وله استعمالان فيكون مهموزاً، وهو المعروف ومعتلا يقال: سال يسال كخاف يخاف، وقالوا: منه يتساولان بالواو فيجوز كون التسويل من السول على هذه اللغة أو هو على المشهورة خفف بقلب الهمزة واوا ثم التزم تخفيفه، وكم من عارض يلتزم ويستمرّ حتى يصير كالأصليّ كما قرّروه في تدير وتجيز، وفي جمع عيد على أعياد إلى غير ذلك من نظائره، وأمّا عدم المناسبة المعنوية فأشار إليها المصنف أوّلاً بقوله: حملهم على الشهوات فعلى هذا القول يكون هذا معناه، وهو صحيح واضح، وقوله: وقرئ سوّل أي ببناء المجهول، والتوجيه ما ذكر، ويحتمل تقديره سول كيده فحذف، وقام الضمير مقامه فارتفع قيل، وهو أولى لأنه تقدير في وقت الحاجة. قوله: (ومدّ لهم في الآمال والأماني) بالتخفيف، والتشديد ومعنى المد فيها توسيعها، وجعلها ممدودة بنفسها أو زمانها بأن يوسوس له بأنك تنال! في الدنيا كذا ويكون ذلك في الآخرة، ونحوه مما لا أصل له حتى يعوقه عن العمل، وقوله: أمهلهم الله على أنّ الفاعل ضمير عائد على اسمه تعالى، ولما فيه من التفكيك أيده بقراءة يعقوب أملى بصيغة المضارع المتكلم فإنّ ضميرها لله بلا مرية، والأصل توافق القرا آت إلا أن يجعل مجهولاً من مزيده سكن آخره للتخفيف كما قيل. قوله:(فتكون الواو للحال) يعني في قراءة يعقوب، ويقدر له مبتدأ لئلا يكون شاذاً كقمت، وأصك وجهه، ويحتمل أنه على تقدير عود الضمير دلّه أيضاً، وقوله: وهو أي المفعول القائم مقام الفاعل ففيه استخدام، والمعنى أمهل الشيطان لهم أي جعل من

المنظرين إلى يوم القيامة لأجلهم ففيه بيان لاستمرار ضلالهم، وتقبيح حالهم لا وجه لما قيل إنه لا معنى له، وقوله: أو لهم أي القائم مقامه لفظ لهم

ص: 48

وهو الجار والمجرور، والمعنى مذ لهم في أعمارهم. قوله:(في بعض أموركم) أي شؤونكم، وأحوالكم فالأمر واحد الأمور، وقوله: أو في بعض الخ على أنه واحد الأوامر ضد النهي، وقوله: كالقعود الخ قيل إنه لف ونشر على ترتيب الوجوه الثلاثة في تفسير الذين، وفيه بحث ظاهر، وقوله في الخروج الخ إشارة إلى قوله تعالى:{لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ} [سورة الحشر، الآية: 11] وقوله: والتظافر في بعض النسخ بالظاء المشالة المعجمة تفاعل من الظفر، وهو الغلبة، وفي بعضها بالضاد المعجمة، وهو قريب منه إذ معناه التعاون، والتعاضد ومنه المضفيرة في الشعر لالتفاف بعضها ببعض، وقوله: أفشاه أي أظهره لتفضيحهم. قوله: (فكيف يعملون ويحتالون) فبعده فعل مقدر أو التقدير كيف حالهم، وقوله: ألمحذوف إحدى تاءيه فأصله تتوفاهم وقوله: تصوير الخ بيان لفائدة قوله: يضربون الخ، وهي جملة حالية يعني أنّ هذا التقييد تصوير، وابراز له بما يخافون منه، ويجتنبون عن القتال، والجهاد لأجله فإن ضرب الوجو.، والأدبار في القتال، والجهاد مما يخشى، ويجتنب. قوله:(ذلك إشارة إلى التوفي الخ) ولما كان اتباع ما أسخط مقتضياً للتوجه له ناسب ضرب الوجه، وكراهة رضوانه مقتضية للإعراض ناسب ضرب الدبر ففيه مقابلة بما يشبه اللف، والنشر وقوله من الكفر، وكتمان الخ على أن القائلين اليهود، وقوله: وعصيان الأمر على أنهم المنافقون ويندرج فيه الوجه الأخير، وكذا قوله ما يرضاه من الإيمان الخ. ففيه لف ونشر على الترتيب، وقوله: لذلك إشارة إلى ما تفيد. الفاء في قوله: فأحبط من تفرّعه على ما قبله، واحباط العمل بالكفر مما لا خلاف فيه، وأنما الكلام في الإحباط بالكبائر كما هو مذهب المعتزلة، وتفصيله في الكلام، وفي الكشاف، وشروحه هنا. قوله:(يبرز) أي يظهر، وفسر. به لاختصاص الخروج بالأجسام، والحقد العداوة لأمر يخفيه المرء في قلبه، وقوله: لعرّفناكهم إشارة إلى أنّ الرؤية علمية، ولو جعلت بصرية على أن

المعنى تعرفهم معرفة متفرعة على رؤيتهم جاز، وقد كانت في الأوّل متفرّعة على تعريف الله فلا يقال عطف المعرفة عليه يقتضي أنها بصرية. قوله:(بعلاماتهم) إشارة إلى أنه في معنى الجمع لعمومه بالإضافة لكنه أفرد للإشارة إلى أنّ علاماتهم متحدة الجنس فكأنها شيء واحد، وقوله: جواب قسم محذوف، والجملة معطوفة على الجملة الشرطية، وأنما جعله جواب قسم للتأكيد لأنه يحسن في جواب القسم دون جواب لو. قوله:(ولحن القول أسلوبه الخ) يعني أنه أسلوب من أساليبه مطلقا أو المائلة عن الطريق المعروفة كأنه يعدل عن ظاهره من التصريح إلى التعريض، والإبهام، ولذا سمي خطأ الإعراب به لعدوله عن الصواب وليس من استعمال المطلق في المقيد كما قيل لأنه حقيقة عرفية فيه إلا أن يريد في غيره، أو في أصله، وما ذكر تمثيل لا حصر حتى يقال إن ما في الكشاف ما يشمل الكناية بأقسامها، والتلميح أولى مع أنه محل نظر. قوله:(فيجازيكم على حسب قصدكم) لأنّ ذكر علمه يكون كناية عن مجازاته كما مرّ، والمجزى عليه ما قصده، ونواه في كلامه، وسائر أفعاله لا ما عرّض أو ورّى به، وقوله:" إذ الأعمال " الخ هو من الحديث الصحيح المشهور ومعنى كونها بالنيات أنه يجازي عليها بحسب النية، وهو كقوله صلى الله عليه وسلم:" وإنما لكل امرئ ما نوى وليس أحدهما انسب من الآخر في هذا المقام " كما قيل. قوله: (بالأمر بالجهاد) كما يدلّ عليه نعلم المجاهدين، وسائر التكاليف الخ من قوله الصابرين فلذا قدره ليقابل ما بعده، وقوله: على مشاقها أي التكاليف. قوله: (ما يخبر به الخ) على أنّ المراد مطلق ما يخبر به عما عملوه، ولما كان البلاء يناسب الأعمالط قيل الأحسن أن يجعل كناية عن بلاء الأعمال، وإن كان حسن الخبر، وقبحه باعتبار ما أخبر به عنه فماذا تميز الخبر الحسن عن القبيح فقد تميز المخبر به عنه، ويصح أن يريد الكناية مما ذكر أو المراد ما يخبر به عن الإيمان، والموالاة على أنّ إضافته للعهد، وقوله على تقدير ونحن نبلو

على أنه مستأنف، وهم يقدرون فيه مبتدأ كما مرّ، ويصح أن يكون منصوبا سكن للتخفيف وهو خلاف الظاهر، وقوله: قريظة أي بنو قريظة والنظير قبيلتان من اليهود الذين كانوا حوالى المدينة، والمطعمون مرّ تفسيرهم وتعيينهم، ويوم بدر وقعته، وأيام العرب شاعت في الوقائع، وتبين الهدى لهم علمهم يصدق الرسول في وما جاء به

ص: 49

بإعجاز القرآن، ومعجزاته كما كانوا يقرون به فيما بينهم.

قوله: (وحذف المضاف) ، وهو رسوله لتعظيمه بجعل مضرّته، وما يلحقه كالمنسوب دثه

فيدل على التعظيم باتحاد الجهة، وكذا التفظيع أي عده فظيعا عظيماً مهولاً حيث نسبه إلى الله ظاهراً، وقوله: وسيحبط السين للاستقبال لأنه في القيامة أو هي لمجرّد التأكيد على أنها حابطة الآن أي باطلة، وبين أنّ المراد ببطلانها عدم ترتب الثواب عليها، وقوله: بذلك أي الصدّ والكفر، والشقاق، ولا تثمر لهم إلا القتل كما وقع لبني قريظة، وأكثر قريش من المطعمين أو الجلاء كما وقع لبني النصير. قوله:(بما أبطل به هؤلاء الخ) توطئة للردّ على الزمخشري حيث استدلّ بالآية على مذهبه من أنّ الكبيرة الواحدة تبطل مع الإصرار الأعمال، ولو كانت بعدد نجوم السماء بأنه لا دليل فيها لأنه لما نهاهم عن إبطال الأعمال بعد الأمر بطاعة الله، ورسوله دلّ ذلك على أنّ المراد بالمحيط عدم طاعته ظاهراً أو باطنا بالكفر والنفاق، وهو ليس بمحل اختلاف أو المراد ب! بطال أعمالهم تعقيبها بما يبطلها كتعقيب العمل بالعجب به أو الصدقة بالمن، والأذى لأنه المتبادر منه، وللتصريح به في آيات، وآثار آخر فيحمل عند الإطلاق عليه كما أشار إليه في الكشف فلا وجه لما قيل لا دلالة في النظم على إحباط أعمال هؤلاء بمثلى العجب والرياء والمن، والأذى فتدبر، وقوله: وليس فيه دليل أي كما زعمه الزمخشري. قوله: (عام في كل من مات الخ) هذا إنما يتمشى إذا أريد بالصذ عدم الدخول في الإسلام كما مرّ في أوّل السورة والا فالعموم مع التخصيص به محل نظر، والقليب بئر طرح فيها قتلى بدر من المشركين، والدلالة بالمفهوم المذكورة بناء على مذهبه في الاستدلال به. قوله تعالى:( {فَلَا تَهِنُوا} ) الفاء فصميحة في جواب شرط مفهوم مما قبله أي إذا علمتم أنه تعالى مبطل أعمالهم، ومعاقبهم فهو خاذلهم في الدنيا، والاخرة فلا تبالوا بهم ولا تظهروا ضعفا، وقوله:

ولا تدعوا إشارة إلى أنه مجزوم بالعطف على النهي، والخور بخاء معجمة وواو مفتوحة، وراء مهملة بزنة حسن ضعف القلب، واظهار العجز. قوله:(ويجوز نصبه بإضماو أن) بعطف المصدر المسبوك على مصدر متصيد مما قبله كقوله:

لا تنه عن خلق وتأتي مثله

وقوله: ولا تدعوا أي بالتشديد فإنه يقال: اذعوا بمعنى دعوا كما مرّ واعادة لا هو ما في الكشاف، وما قيل إنها قراءة السلمي، ولم يعد فيها لا محل نظر فانها قراءة شاذة وقد يكون مثله رواية فيها، أو شهادة النفي غير مسموعة. قوله:(الأغلبون) فانّ العلوّ بمعنى الغلبة مجاز مشهور، وقوله: ناصركم فإنه لا يتصوّر في حقه المعية الحقيقية فيحمل في كل مقام على ما يلائمه. قوله تعالى: ( {وَلَن يَتِرَكُمْ} الخ) قيل إنه معطوف على قوله معكم، وهي وإن لم تقع استقلالاً حالاً لتصديرها بحرف الاسنقبال المنافي للحال كما صرّح به النحاة لكنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في غيره فإن عطف على الجملة المصدرة بحرف الاستقبال فلا إشكال قيل، والمانع في مثله مخالفته للسماع، والا فلا مانع من كونها حالاً مقدّرة أو تجرّد لن لمجرّد النفي المؤكد، وفيه بحث. قوله:(ولن يضيع أعمالكم) بيان لمحصل المعنى المراد مته، وحقيقته أفردته ممن قرب منه بصداقة أو قرابة نسبية كما بينه المصنف أخذاً من الوتر بمعنى الفرد أي جعلته، وترا منه فهو متعد لمفعولين لتضمينه معنى السلب، ونحوه مما يتعذى لاثنين بنفسه، وفي الصحاح إنه من الترة، وانه محمول على نزع الخافض كأنه نقضه منه أو هو نظير دخلت البيت، وهو سديد أيضاً، ويجوز أن يكون متعديا لواحد، وأعمالكم بدل من ضمير الخطاب أي لن يفرد أعمالكم من ثوابها، وكلام المصنف محتمل لما ذكر، وهو أقرب لتعديه لواحد. قوله:(من قريب أو حميم) أي صديق بيان لقوله متعلقا بزنة المفعول، وقوله: من الوتر بفتح الواو مصدر، وبجوز كسرها والأول هو الأصح، وقوله: شبه به أي بالوتر إشارة إلى أنّ الاستعارة تبعية وقع التشبيه، والتصرّف في المصدر فشبه تعطيل العمل عن الثواب بالوتر أي قتل من ذكر، ويلزمه بطريق التغ تشبيه آخر، وقد جوّز فيه المكنية بأن يشبه العمل بلا ثواب بمن قتل قريبه، وحميمه ويتركم تخييلية، وقرينة لها، وتعطيل الثواب عدم ترتبه على العمل، وقوله: وأفراده عطف تفسير على تعطيل. قوله: (جميع أموالكم) إشارة إلى إفادة الجمع المضاف للعموم، وهو معطوف على الجزاء، والمعنى أن تؤمنوا لا يسألكم الجميع أي

ص: 50