الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كالشفاعة لمن ارتضى الخ) المراد بمن ارتضى من اصطفاه واختاره من صفوة
خلقه من المسلمين وأنما فسره لأنّ غير الصواب لا يصدر من الملائكة، ولا يؤذن لأحد فيه. قوله:(والووح ملك موكل على الآرواح الخ) قال في الأحياء: الملك الذي يقال له الروح هو الذي يولج الأرواح في الأجسام فإنه يتنفس فيكون في كل نفس من أنفاسه روح في جسم، وهو حق يشاهده أرباب القلوب ببصائرهم اهـ. قوله:(او جنسها) أي والمراد به جنس الأرواح، وقيامها وهي من المجرّدات بدون الأجسام غير متصوّر، ولذا قيل: تقديره ذوات
الأرواح وفيه نظر، والطاهر أن ضمير جنسها راجع للملائكة لتقدمها في النظم، وفهمها من المقام. قوله:(الكائن لا محالة) تفسير للحق الموصوف به اليوم أو الواقع خبر ذلك اليوم أي هو مما لا يمكن إنكاره، وهذا مؤكد لما قبله، ولذا لم يعطف. قوله: " لى ثوابه) بيان للمراد أو تقدير لمضاف فيه، وهو الأظهر وإنما قدر المضاف فيه قيل: لأنّ الرجوع لذاته تعالى غير مراد لتنزهه عنه، وتعاليه فالمتصوّر الرجوع لحكمه وثوابه ووعده ونحوه كما قيل في قوله:{يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ} [سورة الفجر، الآية: 28] وقيل: لأنّ رجوع كل أحد إلى ربه ليس بمشيئته إذ لا بد منه شاء أم لا والمعلق بالمشيئة الرجوع إلى ثوابه فانّ العبد مختار في الإيمان، والطاعة ولا ثواب بدونهما ولا يرد عليه ما قيل من أنه مناف لمذهب الأشاعرة لأنّ العبد له كسب في أفعاله بمشيئة مقارنة لمشيئة الله لما أوجدها فيه، ويكفي في مثله ذلك كما حقق في محله وقيل إنما قدر الثواب لما مرّ من قوله: للطاغين مآبا فإنّ لهم مرجعاً لله أيضا لكن للعقاب لا للثواب، ولكل وجهة هو موليها. قوله:(وقريه لتحققه) جواب عن سؤال مقدر تقديره إذا فسر بعذاب الآخرة كيف يكون قريبا فإمّا أن يجعل لتحقق وقوعه قريبا لأنّ ما تحقق في المستقبل يجعل قريباً بخلاف ما تحقق في الماضي، ولذا قيل: ما أبعد ما فات، وما أقرب ما هو آت أو يقال: البرزخ داخل في الآخرة، ومبدؤه الموت وهو قريب حقيقة إذ القرب والبعد من الأمور النسبية، قيل: وأنما يحتاج إلى التوجيه لو كان يوم ينظر ظرفا مستقرّاً أي قريبا كائناً يوم الخ إمّا إذا كان لغواً للقرب فلا لأنه في ذلك اليوم قريب لا فاصل بينه وبين المرء، وفيه نظر لأنّ الظاهر جعل المنذر به قريبا في وقت الإنذار لأنه المناسب للتهديد والوعيد إذ لا فائدة في ذكر قربه منهم يوم القيامة فإذا تعلق به فالمراد بيان قرب اليوم نفسه كما في قوله:{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} [سورة القمر، الآية: 1] فتأمّل. قوله: (يرى ما قدّمه من خير أو شرّ) بيان لحاصلى المعنى فلا ينافي كون ما استفهامية أو هو تفسير له على الوجه الراجح، ولذا قدّمه، وتعرض لتفسير. على تقدير أنها استفهامية بقوله: أي ينظر الخ، وقوله: والمرء عامّ لاشترإك الفريقين في النظر، ولما بين حال الكافر بعده وتحسره علم حال غيره فهو كقوله: وورثه أبواه فلأمّه الثلث، ولم يصرّح به لإيهام إنه لا يحيط به الوصف، وقيل: المراد به المؤمن كما نقل عن قتادة وتركه المصنف لما في الكشاف من أنه ظاهر الضعف وإن رجحه الإمام بأنّ بيان حال الكافر بعده يدل على أنّ هذا حال المؤمن. قوله: (وقيل هو الكافر الخ) مرضه لأنّ ما قبله في حال الفريقين عموما فلا وجه للتخصيص، وقوله: إنا أنذرناكم الخ لا يخص الكافرين لأنّ الإنذار عامّ للفريقين أيضا فلا دلالة له على الاختصاص كما يتوهم في بادى النظر، وقوله:
فيكون الكافر الخ لأنه على هذا كان الظاهر عود ضمير للمرء من غير تصريح به لكنه لإفادة لفظ الكافر الذي أقيم مقام الضمير لذلك، وقيل: الكافر إبليس لما شاهد آدم عليه الصلاة والسلام ونسله وما لهم من الثواب تمنى أن يكون ترابا لأنه احنقره لما قال: {خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ} [سورة الأعراف، الآية: 12] وهو كلام حسن ووجه وجيه، وإن بعد من السياق. قوله:(وما موصولة) والعائد مقدر أي ما قدمته وعلى الاستفهامية فالجملة معلق عنها لأنّ النظر طريق للعلم كما بينه النحاة، والمعنى على الثاني ينظر جواب ما قدمته يداه، ومثله: كثير ظاهر. قوله: (وقيل: يحشر سائر الحيوانات الخ) كما اشتهر ذلك وورد في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه لتؤذن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجماء من الشاة القرناء تمت السورة والحمد لله وحده والصلاة والسلام على أعظم مخلوقاته وآله وصحبه وآل بيته.
سورة
النازعات
وتسمى سورة الساهرة والطامّة وهي مكية بالاتفاق وعدد الآيات ما ذكره المصنف رحمه
الله تعالى.
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله: (هذه صفات ملانكة الموت الخ) يعني أن الموصوف واحد فيها وهم ملائكة الموت فالعطف لتغاير الصفات كما مرّ ولو جعلت الموصوفات متعددة على أنّ النازعات ملائكة العذاب، والناشطات ملائكة الرحمة جاز أيضا وجعل النزع للكفار، والنشط لغيرهم لأنّ النزع جذب بشدة والنشط بسهولة ورفق فلاءم ذلك التخصيص، وقوله: ينزعون أي يخرجون بجذب، وقوله: إغراقا الخ أي مبالغة في الغرق فالغرق بمعنى الإغراق كالسلام بمعنى التسليم أو هو الإغراق بحذف الزوائد، وقوله: فإنهم ينزعونها الخ تعليل وبيان للإغراق، وتخصيصه بالكفار لما مرّ من أنه جذب بشدة، وما للمؤمنين نشط لا أنه في الكفار معكوس من الأسفل إلى الأعلى حتى لا يرد أنه لا وجه للتخصيص! كما قيل، وهو منصوب على أنه مفعول مطلق، والمفعول به محذوف. قوله:(أو نفوساً غرقة في الأجساد (فهو مصدر مؤول بالصفة المشبهة، ونصبه على أنه مفعول به على هذا أو صفة للمفعول به، وهو معطوف على قوله: إغراقا، وقيل: على قوله: أرواح الكفار وعلى الأوّل التقابل ظاهر، وأما على الثاني فلأن المراد ينزعون أرواح الكفار من أبدانهم، أو نفوساً غرقة في الأجساد لشدة تعلقها بها بغلبة الصفات الجسمانية فهي بعيدة عن الرقيّ لعالم الملكوت، وهي نفوس الكفار، وهي من المجرّدات، وتتعلق بالبدن بواسطة الروح الحيواني، وهو البخار اللطيف الساري في البدن وبنزعه ينقطع تعلق الروح عن البدن، ومنه يعلم فساد ما قيل من أنهما متحدان لا تقابل بينهما. قوله: (يخرجون أرواح المؤمنين برفق) تفسير للنشط على، وجه يعلم منه وجه اختصاصه بالمؤمنين كما مرّ، وكذا اختصاص السبح أيضا وظاهر هذا أنهم النزع خارج البدن كالواقف، وظاهر ما بعده من السبح والغوص دخولهم فيه لإخراجها فيؤوّل أحدهما كالنشط بأنّ المراد منه السهولة أو السبح بأن المراد مجرّد الاتصال، والظاهر أنّ السبح هو الحركة الاختيارية في الماء فلا ينافي
الغوص فما قيل من أنّ إطلاق السبح على الغوص غير متعارف لا وجه له مع أنه لا ينفك عنه. قوله: (فيسبقون بأرواح الكفار الخ) السبق هنا بمعنى الإسراع مجازا فالعطف بالفاء إشارة إلى عدم التراخي في الاتصال، وقوله: أمر عقابها وثوابها لف ونشر مرتب، وقوله: بأن يهيؤها الخ إشارة إلى أنّ ملائكة العذاب غير ملائكة الموت فإنّ ملائكة الموت تهيؤها وتوصلها الإدراك الألم، واللذة دون تنعيم وتعذيب. قوله:(أو الأوليان) أي الصفتان الأوليان، وهما النازعات والناشطات لملائكة الموت وما بعده لملائكة الرحمة والعذاب فتتغاير الموصوفات كالصفات، وفوله: في مضيها الأظهر أن يقال في مضيهم، ولما حمل السابقات على طوائف غير ملائكة الموت لم يكن السبح إخراج الأرواح بل بمعنى المضي والسرعة في اتصالها لما سيقت له من النعيم والعذاب، فيدبرون أمره أي أمر ما أمروا به من كيفيته وما لا بدّ منه، فلا وجه لما قيل إنّ الأظهر أن يقال: فتدبرونه. قوله: (أو صفات النجوم) معطوف على قوله: صفات الملاثكة، وقوله: فإنها تنزع أي تسير من نزع الفرس إذا جرى، وهذا إشارة إلى أنّ المراد بها على هذا السيارة دون الثوابت وهي شاملة للشمس والقمر لما سيأتي، وقوله: غرقا في النزع أي مجدّة في السير مسرعة، وقوله: بأن تقطع الفلك من قطع المسافر الطريق إذا جاوزها، وهذا بالنسبة لما يبدو للناس في النظرة لأنّ حركتها تبع لحركة الفلك لا مستقلة في قطعه، وقوله: وتنثط الخ تفسير للناشطات على هذا وقوله: يسبحون الخ فيه تسمح وكان الظاهر تسبح، وقوله: كاختلاف الفصول الخ فإنه بحركة الشمس تحصل الفصول الأربعة وبحركة القمر تتميز الشهور والسنين والمواقيت إلى غير ذلك مما جعله الله منوطا بحركة النيرين كأوقات الصلوات والحج والمعاملات المؤجلة. قوله: (حركاتها من المشرق إلى المغرب) فسره به لأنها بحركة الفلك الأعظم تبعاً لأنه يتحرّك كذلك فيتبعه ما فيه ضرورة، وأما حركة الكواكب في منازلها من البروج لأنها حركتها الخاصة بها فغير سريعة وهي بإرادتها من غير قسر لها فلذا أطلق على الأولى نزعا لأنه جذب بشذة، وسميت الثانية نشطاً لأنه برفق كما مرّ وهذا مبني على ما ذكر في الرياضات. قوله: (أو صفات
النفوس الفاضلة) معطوف أيضاً على قوله:
صفات ملائكة فالمراد بالنازعات النفوس المفارقة لأبدانها بالموت، ووصفها بالنزع لأنه يعسر عليها مفارقة البدن بعد الإلفة، ولذا قال صلى الله عليه وسلم:" إق للموت لسكرات " فلا يختص بغير المؤمنين على هذا، وقيل: النزع بمعنى الكف على هذا، وقوله: تنشط من النشاط وهو خفة السوق، وقوله: وتسبح فيها أنث الضمير سواء رجع للعالم أو الملكوت لتاويله بمؤنث وارادة المقارّ ونحوه يعني أنها تتوجه لعالم العقول المجرّدة فترقي الملكوت من مرتبة إلى أخرى بسرعة فتسبق لحظائر القدس بالطهارة من النقائص، وهو مقام القرب من الرب. قوله:(فتصير لشرفها وقوّتها من المدبرات) يحتمل أنّ المراد بالمدبرات الملائكة، وأنّ النفوس بعد الاستكمال ومفارقة البدن ودخولها في الحظائر المقدسة تلتحق بالملائكة، ولذا ألفت المقام الأعلى، وصلحت للخلود أو هو صفة للنفوس المفارقة العالية فإنها بقوتها، وشرفها تصلح للوصف بأنها مدبرة كما قال الإمام إنها بعد المفارقة قد يظهر لها آثار وأحوال في هذا العالم فقد يرى المرء أستاذه بعد موته فيرشده لما يهمه، وقد نقل عن جالينوس أنه مرض مرضا عجز عن علاجه الحكماء فوصف له في منامه علاجه فأفاق وفعله فأفاق، وقد ذكره الغزالي، ولذا قيل: إذا تحيرتم في الأمور فاستعينوا من أصحاب القبور، إلا أنه ليس بحديث كما توهم ولذا اتفق الناس على زيارة مشاهد السلف والتوسل بهم إلى الله وإن أنكر. بعض الملاحدة في عصرنا، والمشتكي إليه هو الله. قوله:(أو حال سلوكها) معطوف على قوله: حال المفارقة والأوّل على أنه من صفات الأرواح بعد الموت، وهذا في الحياة والسلوك في العرف تطهير الظاهر والباطن، بالاجتهاد في العبادة والترقي في المعارف الإلهية، وقوله: فإنها الخ تفسير للنزع على هذا بالحذف من حضيض الهوى إلى أوج التقوى وما بعده ظاهر، وقوله: فتنشط الخ إشارة إلى أنّ فيه ترتبا لكنه وكل إلى فهم السامع. قوله: (حتى تصير من المكملات) بصيغة اسم الفاعل أو المفعول، والظاهر الأوّل لأنه تفسير للمدبرات، وقوله: أو صفات أنفس الغزاة معطوف على قوله: صفات ملائكة، وقوله: أو أيديهم معطوف على قوله: أنفس الغزاة والقسيّ جمع قوس، وقوله: بإغراق السهام أي المبالغة في جذبها للرمي، وقوله: ينشطون بالسهم للرمي أي يرسلونه بعد الجذب من قولهم: نشط العقدة إذا حلها كما في التاح وغير. ومثله يسند لليد وصاحبها، نعم ما بعده إسناد محتاج للتحويل للملابسة فما قيل من أنّ في إسناد النشط وما بعده إلى الأيدي كلاما لا يخلو من القصور أو التقصير، وقوله: يدبرون أمرها الضمير للحرب لأنها مؤنثة. قوله: (فإنها تنزع في أعها نزعاً) يحتمل أنه كقوله:
يجرج في عراقيبها نصلي
أي تمد أعنتها مداً قوياً حتى تلصق الأعنة بالأعناق من غر ارتخاء لها فتصير كأنها انغمست فيها، أو هو مجاز من قولهم: نزع في القوس إذا مذها لأنه يتعدى بفي كما ذكره الأزهري، وتسبح في جريها هو مستعار من سبح في الماء لكنه الحق بالحقيقة لشهرته، وقوله: فتدبر أمر الظفر أسند التدبير إليها مجازاً لأنها سببه، وقوله: وإنما حذف أي جواب القسم، وتقديره لتبعثن أو لتقومن القيامة ونحوه. قوله:) وهو منصوب به) أي ما بعده الدال عليه، وهو قوله: يوم ترجف الراجفة منصوب بالجواب المقدر لأنه ظرف وتقديره ما مرّ وعلى ما فسره به المصنف لا بدّ من اعتبار زمان النفخة الأولى ممتدا فلا يرد أن البعث وقيام الساعة بعد النفخة الثانية ويينهما أريعون سنة فيما قيل: فلا حاجة إلى التعسف، وتكلف جعل يوم مبنياً فاعلا للجواب وتقدير. ليأتين يوم الخ. قوله:(والمراد بالراجفة الخ) فتسميتها راجفة باعتبار الأول ففيه مجاز مرسل وبه يتضح فائدة الإسناد، وانه ليس من قبيل يقوم القائم وتعريفه للعهد فيه وفيما بعده، وقوله: ترجف الإجرام الخ إشارة إلى أنّ الإسناد إليها مجازي لأنها سببه أو التجوّز في الظرف بجعل سبب الرجف راجفا قيل: ولو فسرت الراجفة بالمحركة جاز وكان حقيقة لأنّ رجف يكون بمعنى حرك وتحرك. قوله: (التابعة) من ردفه إذا تبعه ولوقوع ذلك فيها بعد الرجفة الأولى جعلت رادفة لها، وقوله: أو النفخة الثانية تفسير آخر للرادفة، وقوله: في موقع الحال من الرأجفة قيل: وهي حال مقدّرة أو هي مستأنفة كما ذكره المعرب وفي الكشاف فإن قلت: كيف جعلت يوم ترجف ظرفاً للمضمر الذي هو لتبعثن، ولا يبعثون عند النفخة الأولى
قلت: المعنى لتبعثن في الوقت الواسع الذي تقع فيه النفختان، وهم يبعثون في بعض ذلك الوقت الواسع، وهو وقت النفخة الأخرى ودل على ذلك أنّ قوله: تتبعها الرادفة جعل حالاً عن الراجفة، اه، وقيل عليه: إنّ الحال غير متعينه، وعلى تسليم التعين فالحال يجب مقارنتها لذي الحال وحدوث الرادفة بعد انقضاء ايراجفة لا يفيد كونهما في يوم واحد إذ لم يتقارنا فلا بد من جعلها حالاً مقدرة وحينئذ فلا تدل على ما ذكره، ولا يخفى أنه من قلة التدبر فإنه يريد أنهم جعلوا قوله: تتبعها حالاً والأصل فيها المقارنة فلو لم يقدر ذلك الوقت متسعا لما ذهبوا إليه من غير تأويل، وقد عرفت أن جعلها حالاً مقدرة حينئذ لا وجه له. قوله:
(من الوجيف) هو مصدر ومعناه وضعا شدة الاضطراب فلا يلد عليه أنه ليس في الكلام ما يدلّ على الشدة، وقوله: صفة لقلوب فهي مسوغة للابتداء به، وهو نكرة وأما كونه خبرا لأنّ تنوين قلوب للتنويع فمع إلباسه مخالف للظاهر في الابتداء بالنكرة وجعل تنوين التنويع كالوصف معنى تعسف، ولذا لم يلتفتوا له. قوله:(أبصار أصحابها) بتقدير المضاف لأنّ القلوب لا أبصار لها إلا أن تجعل بمعنى البصائر، وهو خلاف الظاهر أو هو تجوز في النسبة الإضافية لأدنى ملابسة فيكون جعل للقلوب أبصاراً ووصف الأبصار بالذل لظهور آثاره عليها، وقوله: ولذلك أي لأنّ المراد وصفها بالذل الناشئ من الخوف أضافها إلى القلوب التي هي محل الخوف ولا يضرّه تقدير المضاف فيه لأنه يكفي لمثله وقوعه كذلك بحسب الظاهر. قوله: (في الحالة الأولى) هو حاصل المعنى المراد منه يعني أنه لما أقسم على تحقق البعث، وقيام الساعة وبين ذلهم فيها وخوفهم ذكر إقرارهم بالبعث والمعاد، وردهم إلى الحياة بعد الموت فالاستفهام لاستغراب ما شاهدوه بعد الإنكار، وهذه الجملة مستأنفة استئنافا بيانياً لما يقولونه إذ ذاك، وقوله: فحفرها بيان لوجه تسميتها حافرة بمعنى محفورة، ثم بين أنّ المراد بالحفر التأثير في الأرض على الاستعارة أو المجاز المرسل بإرادة المطلق من المقيد. قوله:(على النسبة) يعني أنّ حافرة بمعنى محفورة كراضية بمعنى مرضية لتأويله بذات حفر، وذو الشيء صادق بالفاعل والمفعول وهذا بناء على المعروف في أمثاله أو هو على التجوز في الإسناد على ما ارتضاه الخطيب، وقوله: تشبيه القابل بالفاعل هو على مذهب السكاكي من جعل أمثاله استعارة مكنية وتخييلية لأنه بمعنى الطريق وهي قابلة للحفر فشبه القابل للفعل بمن يفعله لتنزيله منزلته فالاستعارة في الضمير المستتر، واثبات الحافرية له تخييل على ما عرف من المذاهب فيه. قوله:(وقرئ في الحفرة (بفتح الحاء وكسر الفاء على أنه صفة مشبهة، وهي شاذة مروية عن أبي حيوة وابن أبي عبلة ومعنى حفرت أسنانه بالبناء للمجهول تغيرت وتآكلت، وقوله: فحفرت بصيغة المعلوم وكسر الفاء مطاوعه، وحفرا بفتحتين مصدره وهو دليل على أن الحافرة بمعنى المحفورة، وقوله: أئذا كنا الخ متعلق بمحذوف تقديره أنبعث ونحيا إذا الخ وقوله: على الخبر أي بدون أداة الاستفهام الإنشائي. قوله: (نخرة وهي أبلغ) قرأ الأخوان وأبو بكر ناخرة بألف والباقون نخرة بدونها كحاذر وحذر، وفعل أبلغ من فاعل وإن كانت حروفه أكثر وكثرة البنية لا
تدلّ على كثرة المعنى مطلقاً والنخر البالي ويكون بمعنى الأجوف البالي، ويصح أن يراد به ذلك هنا أيضا والقراءة الأخرى موافقة لرؤوس الآي ومن العجب ما قيل: إن ناخرة مغير من نخرة للفواصل فتتخذ القراءتان في إفادة المبالغة فإنه لا معنى له عند التحقيق. قوله: (ذات خسران الخ) قال الراغب: الخسر والخسران انتقاص رأس المال وينسب إلى الإنسان فيقال: خسر فلأن والى الفعل فيقال خسرت تجارته اهـ، هذه حقيقته والمراد بالفعل ما يتعلق بالمعاملة لا كل فعل كما فيما نحن فيه فجعل الكرّة خاسرة ليس حقيقة فهو إما للنسبة بمعنى ذات خسران على ما مرّ أو المراد خاسر صاحبها على تقدير المضاف، أو التجوّز في النسبة. قوله:(والمعنى الخ) أي إن صحت الرجعة إلى الحياة والبعث فنحن في خسر لتحقق ما أنكرناه وقوله: وهو استهزاء منهم أي قولهم: تلك إذن كرة خاسرة صدر منهم على وجه الاستهزاء، بالخسر حيث أبرزوا ما قطعوا بانتفائه واستحالته في صورة المشكوك المحتمل للوقوع. قوله:(متعلق بمحذوف) أي فيه مقدّر مرتبط به معنى أي لا تحسبوا تلك الكرة صعبة، فإنها هينة على قدرته فإنها صيحة واحدة فالمذكور
تعليل للمقدر وفيه تهوين لأمر الإعادة على وجه بليغ لطيف. قوله: (والساهوة الأرض البيضاء) أي التي لا نبات ولا بناء فيها لأنّ الأرض المزروعة ترى بما فيها من الخضرة كأنها سوداء، وقد تلطف بلدينا فقال:
إن الذين ترحلوا و! فوا بالهاجرة
أنزلتهم في مقلتي فإذا هم بالساهرة
وقوله: عين ساهرة الخ ففيه مجاز على المجاز لشهرة الأوّل التي ألحقته بالحقيقة، وقوله: وقيل اسم جهنم معطوف على قوله: الأرض البيضاء، وقوله: أو لأن سالكها الخ فالسهر بمعنا. المعروف، والتجوّز في الإسناد. قوله:(أليس قد أتاك حديثه الخ) يعني أنّ المقصود تسليته صلى الله عليه وسلم وتهديد المكذبين له بإنذارهم بعذاب كعذاب من كذب الرسل قبلهم وهو بيان له بحاصل معناه لا إشارة إلى أن هل بمعنى قد كما مرّ في قوله: هل أتى والمقصود من الاسنفهام التذكير لا التقرير كما قيل، ومن هو أعظم منهم أي أشد كفراً كفرعون وقوله: بأن
يصيبهم الخ متعلق بيسليك وقوله: يتهددهم على التنازع، أو هو متعلق بالثاني فقط والمراد بكونه مثله في الجنس والمقهوربة والخذلان دون الاستئصال مع أن المحذر منه لا يلزم وقوعه، وقوله: إذا ناداه متعلق بالحديث أو مفعول اذكر مقدرا كما مرّ بيانه، وقوله: على إرادة القول أي تقديره والتقدير وقال له: أو قائلاً له وقوله: لما في النداء الخ يعني أنّ أن تفسيرية لوجود شرطها المشهور، ويجوز أن تكون مصدرية قبلها حرف جر مقدر أي بان ناداه الخ. قوله:(هل لك ميل إلى أن تتطهر الخ) يعني لك خبر مبتدأ مقدر، والجار والمجرور متعلق به وهو في الاستعمال ورد بفي وإلى فيقدر لكل ما يناسبه، ولذا قدر المصنف ميل لأنه يتعدى بإلى والزمخشريّ قدر الرغبة وهي مما يتعدى بفي وإلى فأيّ الصلتين ذكر بعد هذا الظرف صح، وقال أبو البقاء: لما كان المعنى أدة كوك جاء بإلى فجعل الظرف متعلقا بمعنى الكلام أو بمقدر يدلّ عليه، ومن لم يتفطن لمراده قال: إنه لا يفيد شيئاً في الإعراب إلا أنه مبني على أنّ الجملة بتمامها تكون عاملا وفيه شيء ومن دفع الاعتراض بأن هل لك مجاز عن أحدثك، أو أدعوك والصلة بعد. قرينة زاد في الطنبور نغمة فتأمّل. قوله:(تتطهر الخ) تفسير لقوله: تزكى، وقوله: بالتشديد أي تشديد الزاي وأصله تتزكى فأدغمت التاء الثانية في الزاي وتقديم التزكية على الهداية لأنها تخلية، وقوله: أرشدك إلى معرفته بيان لحاصل المعنى أو لتقدير مضاف فيه لأنّ الهداية إلى معرفته هداية له ولا حاجة إلى التقريب بأنها لإيجاده في الذهن، وقوله: إذ الخشية إنما تكون بعد المعرفة، بيان لموقع الفاء وتعليل لتقدير المضاف فيه وهو المعرفة ويؤيده قوله تعالى:{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [سورة فاطر، الآية: 28] . قوله: (وهذا (يعني هل لك الخ فإنه دعوة في صورة العرض والمشورة كقولك للضيف: هل لك أن تنزل عندنا وقوله: فذهب الخ يعني أنّ الفاء فصيحة وفيه مقدّر به ينتظم الكلام، وقوله: فإنه أي القلب كان المقدّم على غيره من معجزاته فهو المراد بالكبرى، والصغرى ما سواه بقرينة الفاء التعقيبية. قوله: (والأصل) إمّا أن يريد به إنه أقوى معجزاته الفعلية أو ما يبنى عليه غير. لأنّ كثيراً من معجزاته فيها كتفجير الماء بضربها وشق البحر والإضاءة ونحوه فلا حاجة إلى ما قيل من أن أصالتها بالنسبة إلى اليد البيضاء خصوصاً فإنها كالتبع لها فإنه مع تكلفه لا يسمن ولا يغني من جوع، وقوله: أو مجموع معجزاته الخ والوحدة لما ذكر، والفاء لتعقيب أوّلها أو مجموعها باعتبار أوّلها وكونها كبرى باعتبار معجزات من قبله من الرسل أو هو للزيادة المطلقة. قوله: (فكذب
موسى وعصى الله الم يقل، وعصاه لما دعاه لأنّ هذا أقوى في الذم ولجمعه بين معصية الله ورسوله لأنّ التكذيب أشذ العصيان، وقوله: بعد ظهور الآية أي على الوجهين وإفراد. لما مرّ وقوله: عن الطاعة إشارة إلى أنه بمعنى ولى وأعرض، وثم لأنّ إبطال الأمر ونقضه يقتضي زمانا طويلا وقوله: ساعيا إشارة إلى أنّ الجملة حالية، وقوله: أو أدبر الخ فهو إدبار حقيقيّ وقوله: فحشر الخ تفصيل لما قبله وثم على الثاني لأنّ إدباره مرعوبا بعد تلقف ما أتى به السحرة ومكالمتهم معه وتكذيبه وعصيانه تقدم عليه بزمان طويل فكلمة، ثم لا تأباه ما لم يجعل لاستبعاد أدباره مرعوباً مع دعوى الألوهية منه كما قيل. قوله:(فجمع السحرة الخ) فالحشر بمعناه اللغوي وجمع السحرة عقب ما قصد من إبطال أمره، وجمع الجنود بعد
ما فر ففيه لف ونشر مرتب، ويجوز رجوع الكل للكل وقوله: فنادى في المجمع أردا به مكانه ومقامه، وهو إما بنفسه بأن يرفع صوته بالخطاب أو بمناد يأمره بتبليغ ذلك عنه، ويؤيد الأوّل قوله: أنا ربكم الخ مع ما فيه من التجوّز في الإسناد بجعل الآمر كالفاعل مجازاً والسبب فاعلا ومثله بليغ كثير.
قوله: (أو بمناد) وفي نسخة أو مناد فهو معطوف على الضمير المستتر لوجود الفاصل، وقوله: على كل من يلي أمركم كذا في بعض النسخ بالجار المتعلق بأفعل التفضيل، وهو جائز وفي نسخة من كل من يلي بمن التفضيلية وهي ظاهرة أيضا وفي بعضها كل من يلي الخ بالنصب من غير جار ويرد عليه أن أفعل التفضيل لا ينصب المفعول فهو مفعول لمقدر أي علوت كل من الخ كما في قوله:
واضرب منا بالسيوف القوانسا
وقد مرّ تحقيقه. قوله: (أخذا منكلَا) النكال مصدر بمعنى التنكيل كالسلام بمعنى التسليم فجعله المصنف هنا صفة مصدر لأخذ المقدر وأوّله بالمشتق أي أخذا منكلا، واضافته لامية أو على معنى في، وقوله: في الآخرة الخ بيان لحاصل المعنى أو تقدير إعراب وقيل إنه منصوب على أنه مفعول مطلق لأخذ بتأويل في الأوّل أو في الثاني وقيل: إنه منصوب على الحالية، وقيل هو مصدر مؤكد لمضمون الجملة كوعد الله وصبغة الله ومنكلا هنا بمعنى مخوّفاً أو عبرة، ولذا قال لمن رآه في الدنيا وقوله: أو سمعه أي سمع يأخذه في الدنيا أو في الآخرة وأو في كلام المصنف لمنع الخلو والآخرة والأولى إمّا الداران وهما الدنيا والآخرة أو الكلمتان كما
ذكره المصنف، وقوله: هذه إشارة إلى قوله: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} وقوله على كلمته الآخرة على هنا للتعليل كما في قوله: {لِتُكَبِّرُواْ اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [سورة الحج، الآية: 37] وهو من إضافة المسبب للسبب وهي لامية وقوله: وهو قوله الخ ذكر ضمير الكلمة باعتبار الخبر. قوله: (أو للتنكيل فيهما) أي على أنّ النكال بالمعنى المصدري، وهو مفعول له والأولى والآخرة الداران والإضافة على ما مرّ وقوله: أو لهما على أنهما بمعنى الكلمتين والإضافة لامية من إضافة المسبب للسبب، وقوله: ويجوز أن يكون مصدراً الخ فالتقدير نكل الله به نكال الآخرة الخ، وقد مرّ جواز كونه مؤكدا للجملة أيضا وغيره من الوجوه وعلى هذا فنصبه على أنه مفعول مطلق، وقد أورد عليه أمران الأوّل أنّ المصدر المؤكد لا يفيد فائدة زائدة على فعله وهنا أفاد بالإضافة معنى زائدا فكيف يكون مؤكدا الثاني إنّ الصواب أن يقول: مقدّرا فعله لا بفعله كما في شرح التلخيص، ويدفع بأن المراد بالمؤكد ليس ما اصطلح عليه النحاة ولا شك أن كل مصدر يؤكد باعتبار ما تضمنه من معنى المطلق فعله وكون المراد به ما يؤكد مضمون الجملة يأباه صريح كلامه، وأما قوله: مقدراً بفعله ففيه تسمح والباء إما زائدة في الفاعل كما في كفى بالله أو الباء للملابسة والمقدر مطلق العامل أي يقدر عامله بفعل خاص من لفظه فتدبر. قوله: (لمن كان من شأنه الخشية) الظاهر أنه أوّل به لأنّ من كان في خشية وخوف لا يحتاج للاعتبار، وقيل: إنه لقصد التعميم ليشمل من يخشى بالفعل ومن كان من شأنه ذلك، وقوله: أصعب خلقاً نصب خلقا على التمييز والأصعبية بالنسبة للمخاطبين لما مرّ من أن القدرة الذاتية يستوي عندها جميع المقدورات بلا تفاوت، وقوله: ثم بين الخ إشارة إلى أنّ الجملة مفسرة بمنزلة عطف البيان، وثم لما بين المجمل والمفصل من التفاوت الرتبي. قوله: (أفي! جعل الخ (هذا بناء على أنّ السمك الرفع أو الثخن فعلى الأوّل معناه جعلها رفيعة، وعلى الثاني معناه جعل ثخنها مرتفعا في جهة العلو، وقوله: أو ثخنها بأو الفاصلة وهو الظاهر وفي نسخة بالواو ويحتاج لجعلها بمعنى أو والثخن إن لوخط من السفل للعلو فسمك، وإن لوحظ من العلو للسفل فعمق كالدرج والدرك. ض له: (فعدّ لها (قيل: تعديلها جعلها بسيطة متشابهة الأجزاء والشكل، وليس البناء ورفع السمك مغنياً عن هذا، وقوله: مستوية أي ملساء ليس في سطحها انخفاض وارتفاع، وقوله: فتمص! امن قولهم: سوّى أمره أي أصلحه أو من قولهم: استوت الفاكهة إذا نضجت وتتميمها بما ذكر ولها متممات وأفلاك جزئية كما بين في محله والتدوير جسم كريّ مصمت مركوز في ثخن الفلك الجزئي بحيث يماس سطحه المحدب، والعقر
والكواكب السيارة غير الشمس لها تداوير كما بين في علم الهيئة. قوله: (منقول من غطش) اللازم إلى المتعدي بالهمزة، وقوله: وأنما أضافه الخ
اي أضاف الليل إلى السماء لأنّ الليل والنهار بحركتها، ولم يرتض ما في الكشاف من قوله: لأنّ الليل ظلها فإنه اعترض عليه بأنه ظل الأرض لا ظلها، والجواب بأنه باعتبار ظاهر الحال في رأى العين لا محصل له والأولى ما ذصب إليه المصنف من أنه لما بينهما من الملابسة لأنه بحركتها. قوله:(وأبرز ضوء شمسها) أبرز تفسير لأخرج وضوء الشمس تفسير للضحا لأنه كما قال الراغب: انبساط الشمس وامتداد النهار وسمي الوقت به انتهى، ففيه مضاف مقدّر هنا لأدنى ملابسة كما مرّ وقوله: يريد النهار أي المراد بضحاها هنا النهار لوقوعه في مقابلة الليل فكني بالضوء عنه، أو المراد بقوله: أخرج ضحاها النهار كما قيل والأوّل أقرب. قوله تعالى: ( {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} ) قد مرّ الكلام فيه، ومعارضته للأية الأخرى والجمع بينهما قال ابن عباس رضي الله عنهما خلق الله الأرض من غير أن يدحوها قبل السماء، ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات ثم دحى الأرض بعد ذلك فلا ينافي قوله:{خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء} [سورة البقرة، الآية: 29] فسقط ما قيل إنه ينافي قوله: {خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ} ولا يمكن التوفيق بأنه خلق أصل الأرض قبل السماء ودحاها بعده لأنّ ما في الأرض بعد الدحو، وقد مرّ فيه تفصيل فتذكره. قوله:(ورعيها) قال في الكشف هو بالكسر الكلأ وبالفتح المصدر والمرعى يقع عليهما وعلى الموضع بل وعلى الزمان أيضاً فقول المصنف، وهو في الأصل لموضمع الرعي محل نظر إلا أنه لكونه أشهر معانيه جعل كأنه موضوع له كما قيل، والمرعى ما يأكله الحيوان غير الإنسان فأريد به هنا مجازاً مطلق المأكول للإنسان وغيره، فهو مجاز مرسل من قبيل المرسن، وقال الطيبي: يجوز أن يكون استعارة مصرّحة لأنّ الكلام مع منكري الحشر بشهادة قوله: {أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا} كانه قيل: (أيها المعاندون الملزورّون) في قرن البهائم في التمتع بالدنيا والذهول عن الآخرة. قوله: (لأنها حال بإضمار قد الخ) وكلاهما مقتض لترك العاطف قيل: وعلى الوجهين لا يثبت تقدم الدحو على خلق الجبال كما مرّ في السجدة بل الأول مقتض لتقدم خلق الجبال لتقريب قد للماضي من الحال، والدحو البسط وهو غير إخراج الماء والمرعى نعم الدحو سبب لهما. قوله:(وهو مرجوح لأنّ العطف على فعلية) سبقه إليه الزجاح، وأورد عليه أنّ قوله: بناها بيان لكيفية خلق السماء، وقوله: رفع سمكها الخ بيان
للبناء وليس لدحو الأرض وما بعده دخل في شيء من ذلك فكيف يعطف عليه ما هو معطوف على المجموع عطف القصة على القصة والمعتبر فيه تناسب القصتين، وهو حاصل هنا فلا ضير في الاختلاف بل فيه نوع تنبيه على ذلك هذا مع أنه يجوز عطف الأرض على السماء من حيث المعنى كأنه قيل: السماء أشد خلقا والأرض بعد ذلك أي والأرض بعد ما ذكر من السماء أشد فيكون وزان قوله: دحاها أخرج منها مآها ومرعاها، وزان قوله: بناها رفع سمكها فسواها، وحينئذ فلا يكون قوله: بعد ذلك مشعرا بتأخر دحو الأرض عن بناء السماء. قوله: (تمتيعاً لكم الخ) إشارة إلى أنّ المتاع بمعنى التمتيع فنصبه على المصدرية بفعله المقدر أو هو مفعول له قيل: والأوّل أولى لأنّ الخطاب لمنكري الحشر والمقصود هو تمتيع المؤمنين فلا يلائم جعل تمتيع الآخرين كالعرض، وأورد عليه أنّ خطاب المشافهة وإن كان خاصا بالحاضرين إلا أن حكمه عام كما تقرّر في الأصول فالمآل إلى تمتيع الجنس وأيضاً النصب على المصدرية بفعله المقدر لا يدفع المحذور لكونه استئنافاً لبيان المقصود. قوله:(الداهية الخ) أي هو بمعنى أعظم الدواهي لأنها من طم بمعنى علا كما ورد في المثل جرى الوادي فطم على القرى، وعلوها على الدواهي غلبتها عليها ومآله إلى كونها أعظم وأكبر قيل: فالوصف بالكبرى مؤكد، ولو فسر كونها طامة بكونها غالبة للخلائق لكان الوصف بالكبرى مخصصاً، وقد قيل: ما من طامّة إلا وفوقها طامّة، والغلبة والكبر من الأمور النسبية فالمراد بكونها تغلب الدواهي أنها تفوق ما عرفوه من دواهي الدنيا مع أنها كما قاله الجوهري: غلبت على القيامة، والمراد بكونها كبرى إنها أعظم من جميع الدواهي مطلقا ففيه مبالغة وفائدة زائدة لا كما توهمه هؤلاء القائلون. قوله:(التي هي كبر الطامات) أي الدوإهي وفيه إشارة إلى أنّ المعنى أنها أعظم من كلى عظيم فالوصف تأسيس لا تأكيد كما مرّ مع أن الطامة الكبرى لمعين هنا كالعلم، وقوله: أو الساعة الخ قيل: فإذا ظرف لمجيء
الساعة لا للساعة لئلا يكون الزمان في الزمان أو الظرفية عرفية من ظرفية الكل للجزء باعتبار الأوّل زمانا متسعا. قوله: (يوم يتذكر الخ) منصوب أو مبني على الفتح، وقوله: بأن يراه الخ فتذكر. كناية عن رؤية صحفه سواء نسيه لطول المدة أو لما لقي كما قيل:
وهيهات لي يوم القيامة أشغال
أو لكثرتها التي تعجز الحافظة عن ضبطها، وقوله في صحيفته: الضمير للإنسا
للعمل لأنّ الصحيفة تضاف لكل منهما، وقوله: قد نسيها الضمير للأعمال المرادة من المفهومة من السياق، وإذا كانت ما موصولة فسعى بمعنى عمل والعائد مقدر أي سعى وقوله: بدل من إذا الخ بدل كل أو بعض وكونه بدلاً من الطامة كما قيل تعسف، وبحيث لا تخفى الخ تعليل لرؤية كل أحد، وقوله: لكل راء إشارة إلى أنه كيعطي ووقوله: وقرئ وبرزت أي بالتخفيف، وقوله: فيه ضمير الجحيم بإسناد الرؤية لها محا بخلق الله ذلك فيها. قوله: (أو أنه خطاب للرسول الخ (أو لكل راء كقوله: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ} [سورة السجدة، الآية: 12] الآية وهذا هو معنى قول المصنف، أو لمن تر الكفار كما في بعض النسخ وفي بعضها أي التفسيرية أي تبريزها لمن تشاهده من الكفر المراد الوعيد والتهديد. قوله: (وجواب فإذا جاءت الخ) فيه تسمح والمراد جواب إذا على شرطية لا ظرفية وهو صحيح أيضاً، وقوله: دل عليه يوم يتذكر فالتقدير ظهرت إلا ونشرت الصحف ونحوه، وقوله: أو ما بعده من التفصيل يحتمل عطفه على قوله: يوم فيكون التفصيل دليل الجواب لا هو نفسه، وهو مقدر تقديره وقع ما لا يدخل تحت الوص! انقسم الناس قسمين ونحوه، وقوله: فإمّا الخ تفصيل للجواب المقدر وعطفه على محذوف فيكون التفصيل نفسه جواباً قيل: وفيه غموض وردّ بأنه لا غموض فيه لاستقا يقال: فإذا جاءت الخ فإنّ الطاغين مأواهم الجحيم، وغيرهم في النعيم المقيم وزيادة تضر بل تفيد المبالغة وتحقيق الترتب، والثبوت على كل تقدير كما قيل: والتفصيل للحا قوله: (حتى كفر) فالطغيان هنا غير الكفر لأنّ مقابله دليل على ذلك ولولاه حمل على يشمله، وقوله: واللام الخ هذه المسألة مما اختلف فيه أهل البلدين فقيل: إن أل تقو الضمير المضاف إليه إذا احتيج إليه للربط وهو محل الخلاف بينهم، وقيل: لا بد من العائد في مثله فالتقدير هنا فإن الجحيم هي المأوى له لأنه لا بدّ من الرابط في جوالص الشرط. قوله: (للعلم بأنّ صاحب المأوى الخ) تبع الزمخشري في التعليل، وخالفه في
فإنه قال: ليس الألف واللام بدلاً من الإضافة ولكن لما علم أن الطاغي هو صاحب تركت الإضافة، ودخول التعريف لأنه معروف انتهى وقد اعترض عليه أبو حيان بأنه لا
منه الربط والعائد على المبتدأ فإنه ردّ مذهب الكوفيين، ولم يقدر الضمير كما قدره البصر وكذا أورد على المصنف أنه لا دلالة فيما ذكره على مدعاه فإنه لو نكر المأوى كان العلم وليست اللام عهدية لعدم سبق الذكر وليس هذا كله بشيء فإنّ الزمخشريّ تبع البصريين في
التقدير أي هي المأوى له، وما ذكر. تحقيق للقرينة الدالة على المقدر والمصنف تبع الكوفيين وما ذكره تحقيق لوجه الربط بها إذا كانت بدلاً عن الإضافة ولا مانع من العهد لأنه في حكم المذكور لأن تبريزها واظهارها لهم في معنى إنها مقرهم ومأواهم. قوله:(وهي) أي لفظ هي ضمير فصل لا محل له من الإعراب أو ضمير جهنم مبتدأ والكلام يدل على الحصرس لم يصرّح به لعلمه مما بعده لا لأنه جعل الطاغي أعمّ من الكافر والعاصي لأن قوله: حتى كفر قبله يأباه فلا يتعسف بأن المعنى حتى كفر بعضهم كما قيل. قوله: (مقامه بين يدي ربه) أوّله به لأنه تعالى منزة عن المكان والزمان وفيه وجوه أخر تقدمت في سورة الرحمن، وقوله: بالمبدأ الخ لأنه لو لم يقل بالمبدأ لم يقل إن له ربا حتى يخافه، ولو لم يقل بالمعاد لم يخفه أيضاً فالإضافة للملابسة والمقام محل لمن خاف أضيف لخالقه ومقيمه فيه. قوله:(لعلمه بأنه مرد) اسم فاعل من أرداه أي أهلكه، وقوله: ليس له سواها إشارة إلى الحصر المستفاد من ضمير الفصل أو تعريف الطرفين، وقوله: متى تفسير لإيان وارساؤها إشارة إلى أن المرسي مصدر ميمي، فإنه ورد زمانا ومكانا ومصدراً واسم مفعول، وقوله: أي إقامتها بيان لحقيقة الإرساء واثباتها عطف تفسير له أي إيجادها فإنه يقال: رسا بمعنى ثبت كما قاله الراغب: ومنه الجبال الرواسي فحاصله أنه سؤال عن زمان ثبوتها ووجودها
على هذا التفسير ومرسي مصدر فيه. قوله: (أو منتهاها ومستقرّها) تف! سير لمنتهاها كما أن تستقرّ فيه تفسير لتنتهي إليه، وتقدير الاستفهام بمتى يقتضي أن المنتهى اسم زمان كما قيل: وتفسيره بمرسى السفينة يقتضي أنه اسم مكان فلذا قيل: إنه استعارة وت! مثيل بجعل اليوم ال! متباعد فيه كشخص سائر لا يدرك، ويوصل إليه ما لم يستقرّ في مكان فجعل وقت إدراكه مستقراً له فتأمل. قوله:) في أي ضيء أنت من أن تذكر وقتها لهم) فيم خبر مقدم وأنت مبتدأ مؤخر ومن ذكراها متعلق بما تعلق به الخبر والمعنى أنت في أيّ شيء من ذكراها أي لسمت من ذكراها لهم، وتبيين وقتها في شيء- فهو نفي لذكراها لهم ولتبيين وقتها معا، والاستفهام إنكاري أمّا إنكار ذكرها فلأنه لا فائدة فيه لأنه لا يزيد الكفرة إلا طغياناً وانكاراً وأمّا إنكار الآخر فلانه ليى له تعيين زمانها لأنه من المغيبات التي لا يعلمها إلا الله ولا مانع من منعه عن ذكر القيامة لهم فإنه للإنذار، وهو لا ينفعهم ولذا قال: إنما أنت منذر من يخشاها فهو كقوله: {فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى} [سورة الأعلى، الآية: 9] فلا اختلال في كلامه كما توهم، وليس آخر كلامه مخالفا لأوّله حتى يرد أن ظاهره المنع عن تعيين الوقت، وقوله: فإنّ ذكراها الخ يدل على أنّ الممنوع الذكر والتعيين معاً فتدبر. قوله:) مما
استأثره الله نعالى بعلمه) ضمن استأثر معنى اختصه فلذا عدّى كما مرّ تحقيقه وفي بعض النسخ استأثر الله، وهي لا غبار عليها فسقط الاعتراض بان الثانية هي الصواب لقول الجوهري استأثر فلان بالشيء استبدّ به. قوله:(وقيل فيم إنكار لسؤالهم الخ) مرضه لمخالفته ما يتبادر من الكلام نالمعنى فيم سؤالهم أي في أمر عظيم لا ينبغي أن يسئل عنه فيوقف على هذا على قوله: فيم، ومعنى أنت من ذكراها أنت من مذكراتها وعلاماتها، وأشراطها جمع شرط بفتحتين بمعنى علامة، وقوله: فإنّ الخ بيان لكونه علامة لها ولذا قال صلى الله عليه وسلم: " أنا النذير العريان " وفي قوله: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [سورة المدثر، الآية: 11] إيماء لذلك على وجه الملاطفة والتمليح كما قاله الإمام السهيلي قدس الله روحه. قوله: (وقيل إنه متصل الخ) فجملة فيم الخ بدل من جملة يسألونك الخ أو هي بتقدير القول أي يسألونك عن زمان قيام الساعة، ويقولون لك: في أي مرتبة أنت من علمها أي ما مبلغ علمك فيها، وقول المصنف والجواب مبتدأ خبره قوله: إلى ربك منتهاها أو آخر مثله مقدر والمراد بالذكرى العلم، ووجه تمريضه ظاهر وروي عن عائشة رضي الله عنها ما يدل على أنّ المراد التعجب من كثرة ذكره لها كأنه قيل في أيّ شغل من الاهتمام بذكرها والسؤال عنها كما في الكشاف ولم يذكره المصنف لضعفه ولأنّ قوله:{كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا} [سورة الأعراف، الآية: 187] ينافيه كما في الانتصاف. قوله: (إنما بعثت لإنذار من يخاف هولها) بيان لحاصل المعنى لا لتقدير مضاف في الكلام، وإن جاز لكنه لا حاجة إليه، ثم إنّ المراد أنّ المعنى إنما أنت منذر للخاشي لا معين للوقت المغيب علمه حتى يلحوا في السؤال عنه، ولذا أردفه بقوله وهو لا يناسب الخ ويجوز أن يكون المعنى إنما أنت منذر الخاشي لا من لا يخشى والإضافة لا تمنعه كما قيل: إنّ من يخشى صلة منذر وليس من متعلق إنما في شيء ليجعل الجزء الأخير هو المقصور عليه حتى يقال: إنه مبني على قراءة التنوين وأي فرق بين القراءتين وظاهره أنه لا يصح أن يقال: إنما هو غلام زيد أي لا عمرو، ولا وجه له ثم إنه قيل: إنّ القصر إمّا من قصر الموصوف على الصفة أي ما أنت إلا منذر لا مبين للوقت وصلة المنذر لها مدخل في القصر أو من قصر الصفة على الموصوف كما في المفتاح أي ما أنت منذر إلا من يخشاها والإضافة لمجرّد التخفيف فلا تنافيه وفيه بحث. قوله: (وهو لا يخاسب تعيين الوقت الأن الإبهام أنسب بالإنذار، ولو عين وقته لقيل إنه بعيد والزمان محتمل للتلاقي ولو بعد سنين بخلاف ما إذا أبهم فانه يريد خوفهم لاحتمال مشارفة وقوعه ولا
يتوهم حينئذ أن الخوف من قربها لا منها، وهو مناف لما ذكروه فتدبر، وقوله: وتخصيص الخ فكان إنذاو غير. كالعدم لا لأنه لم يقع. قوله: (والآعمال على الأصل) أي الأصل فيه بعد اعتبار العمل والمشابهة فاندفع الاعتراض عليه بأن الأصل في الأسماء الإضافة والأعمال عارض للشبه فإن إضافته للتخفيف من غير إفادة معنى وحقه العمل. قوله: (لأنه بمعنى الحال) لمقارنة قوله: يخشى، وهو لا ينافي أنه منذر في الماضي والمستقبل حتى يقال المناسب لحال الرسالة الاستمرار، ومثله: يجوز فيه الأعمال وعدمه كما مرّ تحقيقه في قوله: {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [سورة الفاتحة، الآية: 3] والحال حال الحكم لا حال التكلم فتأمل. قوله: (أو في القبور) قيل: