الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غيره مع ما في ضمير العظمة من التهويل كأنه قيل ليس حسابهم إلى6 على ملك مقتدر منتقم، والحديث المذكور موضوع كنظائره (تمت (السورة بحمد الله ومه والصلاة والسلام على خير الأنام وآله وصحبه الكرام.
سورة
الفجر
هي مكية عند الجمهور وقيل إنها مدنية وفي عدد آياتها قول آخر أنها اثنتان وعشرون.
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله: (أو فلقه) بفتحتين أي ضوئه الممتدّ كالعمود وأصل معنى الفجر والفلق الشق، وجوّز فيه بعضهم سكون اللام كالشق لفظاً ومعنى والأوّل أولى، وقوله: كقوله الخ هو مؤيد للتفسيرين أمّ الأوّل فلأنه أقسم بالصبح، وأمّا الثاني فلأنه مقيد بالتنفس، وهو الإضاءة كما مرّ والنظر للقيد، وأمّا إطلاقه على الصلاة فمجاز شهور أو هو على تقدير مضاف. قوله:(أو النحر) معطوف على عرفة، وقوله: وتنكيرها أي ليال وعشر على الوجهين للتعظيم المستفاد من الإيهام أو هو للتبعيض لأنها بعض ليالي السنة أو الشهر تعظيمها لفضيلة، وثواب ليس لغيرها ولولا قصد هذا كان الظاهر تعريفها كأخواتها لأنها ليال معهودة معينة. قوله:(وقرئ وليال عشر بال! ! افة) في إعراب السمين هي قراءة ابن عباص، وبعضهم قال: ليال في هذه القراءة بدون ياء وبعضهم قال: إنه بالياء وهو القياس والمراد ليالي أيام عشر وكان من حقه على هذا أن يقال عشرة لأنّ المعدود مذكر، ويجاب عنه بأنه إذا حذف المعدود جاز الوجهان ومنه وأتبعه بست من شوّال في الحديث وسمع الكسائيّ ضمنا من الشهر خمساً انتهى، والمرجح ل! وقوعه في الفاصلة. قوله:(على أنّ المراد الخ) مراده ما مرّ وقد عرفت ما له وعليه، وقوله: شفعها ووترها بالجر بدل من الأشياء فالمراد به جميع الموجودات من الذوات والمعاني لأنها لا تخلوا من شفع ووتر، وقوله: أو الخلق بالجرّ عطف على الأشياء فالشفع وحده بمعنى جميع الخلق للازدواج فيه كما في الآية المذكورة والوتر هو الله تعالى لأنه من أسمائه، وهو بمعنى الواحد الأحد فأقسم الله بذاته وخلقه فقوله: والخالق معطوف على الخلق، وعلى هذا كان
الظاهر تقديم الوتر فأخر للفاصلة. قوله: (ومن فسرهما الخ) فعلى الأوّل من هذه التفاسير الشفع العناصر لأنها أربعة والوتر الأفلاك لأنها سبعة أو تسعة، وعلى الثاني الشفع البروج لأنها اثنا عشر والوتر السيارات السبع وعلى الثالث ظاهر وعلى الرابع الشفع يوم النحر لأنه العاشر، والوتر يوم عرفة لأنه التاسع والشفع في الأوّل المزدوج بمجموعه وعلى الأخير الآخر الذي حصل به الازدواج وهو مستعمل بالمعنيين. قولط:(وقد روي مرفوعاً) إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم أراد ترجيح الوجه الأخير لأنه رواه أحمد وغيره عن جابر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: " العشر عشر الأضحى، والشفع يوم الأضحى، والوتر يوم عرفة " وهو حديث صحيح وفي شرح الطيبي روى الإمام أحمد والترمذي عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، سئل عن الشفع والوتر فقال:" الصلاة بعضها شفع وبعضها وتر " وهو التفسير الذي لا محيد عته، انتهى فلو صرف قوله وقد روي إلى الأخيرين صح لكن مراده الأوّل وقوله: أو بغيرها كالأعضاء والقلب والشفتين واللسان إلى غير ذلك مما في التفاسير. قوله: (فلعله الخ) خبر قوله: من فسرهما يعني أنّ المراد جميع الأشياء والمفسر بهذا نص على نوع منه لنكتة فقوله دلالة الخ ناظر إلى الأوّلين، وقوله: أو مدخلا معطوف على دلالة وهو ناظر لتفسيره بالصلاة، وقوله: أو مناسبة معطوف على قوله: دلالة، وهو ناظر لتفسيره باليومين المناسب لليال وضمير قبلهما مثنى للشفع والوتر، وقوله: أكثر منفعة ناظر للعناصر والعلويات وهو أوّل الوجوه فاللف مشوس، وما قيل من أنه ناظر لقوله: بغيرها لا وجه له لأنه لم يبين- ختى تذكر منفعته، ويرد على المصنف رحمه الله تعالى أنّ ما مرّ في الحديث يأباه كما لا يخفى فانه تفسير مأثور على القطع بالتعيين لا على التمثيل فكان عليه أن لا يدرجه في ذلك إلا أنه يبقى الكلام في التوفيق بين الحديثين فتأمّل. قوله:(وقرأ الخ) قال السمين قرأه الأخوان
بالكسر وهي لغة تميم والباقون بالفتح، وهي لغة قريش ولا وجه للتخصيص بالعدد كما توهم فإنّ الأصمعيّ نقله في غيره أيضاً وروي عن أبي عمرو فتح الواو وكسر التاء، وهو إمّا لغة أو نقل حركة الراء في الوفف لما قبلها
وقوله: كالحبر بكسر الحاء المهملة، وفتحها وسكون الموحدة بمعنى العالم واحد الأحبار. قوله: " ذا يمضي الخ) الظاهر أنه مجاز مرسل أو استعارة ووجه الشبه ظاهر، وقوله: لما في التعاقب بين الليل والنهار بمجيء أحدهما عقب الآخر كما في قوله: خلفه فإنّ ذهاب أحدهما ومجيء الآخر دال على القدرة الإلهية ووفور النعمة كثرتها لما في الليل من الراحة التي هي من أعظم النعم، وما في النهار من المكاسب وغيرها ولو دام أحدهما لم تتمّ النعمة وفي قوله: قوة إشارة إلى أنّ في التعاقب زيادة وقوّة وأصل النعم حاصل بدونه، وكذا الدلالة على القدرة. قوله:(او يسري فيه) على أنه تجوز في الإسناد بإسناد ما للشيء للزمان كما يسند للمكان والمقام في المثال صالح لهما، وفي تفسير البغوي سئل الأخفش عن علة سقوط يائه فقال الليل: لا يسري ولكن يسري فيه يعني أنه لما عدل عن الظاهر في المعنى وغير عما كان حقه معنى غير لفظه لأنّ الشيء يجر جنسه لألفه به كما أنه في قوله: {وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} [سورة مريم، الآية: 28] لما عدل عن باغية أسقطت منه التاء ولم يقل بغية ومثله من بدائع اللغة العربية فافهمه. قوله: (وحذف الياء الخ) وكان الأصل إثباتها لأنها لام مضارع غير مجزوم لكنها حذفت للتخفيف، ولتتوافق رؤوس الآي ولذا رسمت كذلك في المصاحف ولا ينبغي أن يقال إنها حذفت لسقوطها في خط المصحف المجيد فإنه يقتضي أنّ القراءة باتباع الرسم دون رواية سابقة عليه وهو غير صحيح، والقراء مختلفون فمنهم من حذف وصلا ووفقاً ومنهم من خصه بأحدهما كما فصل في كتب الأداء، وما نقل عن أبي عمرو قال أبو حيان إنه رواية عنه. قوله:(وقرئ يسر بالتنوين الخ) هي قراءة أبي الدنيا الأعرابيّ ونوّن الفجر والوتر أيضاً وهو تنوين الترنم الحقه بالفواصل تشبيها لها بالقوافي المطلقة وهذا التنوين يدخل الفعل والحرف، والمعرف بأل المطلقة بمعنى المحركة والساكنة تسمى بعيدة كما ذكره العروضيون والتنوين الذي يلحقها يسمى غالياً. قوله:(يعتبره) أي يتأمل فيما أقسم الله به، وقوله: ويؤكد به أي بالقسم ما أقسم عليه فإنّ من له لب يدري أنّ المقسم به فيه دلائل على الوحدانية والربوبية وأتى بالاستفهام ليؤكد به ذلك كما يقولط المتكلم بعد ذكر الدليل هل دل هذا على ما قلناه، وقوله: يعتبره للقسم، وقوله: يؤكد به بصيغة المجهول للمقسم عليه وعطفه بالواو واشارة إلى أنّ الما! واحد وقوله: يحجر أن يمنع وقوله: كما سمي عقلا لمنعه صاحبه كما يمنع العقال ولذا قيل:
قد عقلنا والعقل أيّ وثاق وصبرنا والصبر مرّ المذاق
ونهية بضمّ النون وسكون الهاء بمعنى العقل أيضا لأنه ينهي صاحبه عما لا يليق ويسمى
أيضا حصاة لما ذكره المصنف رحمه الله تعالى. قوله: (والمقسم عليه محذوف الخ) اختلف في الجواب فقيل إنه مذكور وهو إنّ ربك لبالمرصاد، وعن مقاتل إنه هل في ذلك الخ وهل بمعنى إن وهو باطل رواية ودراية، وقيل: إنه مقدر وتقدير. ليعذبن وارتضاه المصنف رحمه الله تعالى والدليل عليه قوله: ألم تر الخ وقيل: الدليل خاتمة السورة قبله، وقوله: كما سمي بنوها شم الخ فإنه يطلق اسم الأب على نسله مجازاً شائعا حتى ألحق بالحقيقة. قوله: (على تقدير مضاف الخ (قدره لتصح البدلية فيه، والسبط ولد الولد لا ولد البنت كما توهم فلزم كون ارم اسم أمهم لا جدهم فإنه وهم، وقوله: إن صح الخ إشارة إلى عدم صحته فإنه كذب مشهور وأثر موضوع، وفي صفات تلك المدينة أمور غريبة في الكشاف طرف منها، وقوله: باسم جدهم مجازاً أو حقيقة فلا يحتاج للتقدير فيه، وقد اعترض على الشيخين بأنّ كلامهما هنا مخالف لما مرّ في تفسير قوله: {أَلَا بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ} [سورة هود، الآية: 60] في سورة هود لدلالته على أنّ ارم ليسوا قوم هود وعاد الثانية فبين الكلامين مخالفة ظاهرة إلا أن يحمل على تعدد القولين، ونحوه كما أشاو إليه في القاموس. قوله: (ومنع صرفه الخ) التأنيث باعتبار القبيلة، وهذا على الوجوه الثلاثة، وقوله: البناء الرفيع أي العالي أو المراد طول القامات على التشبيه بالأسطوانات وقوله: أو الرفعة بعلوّ المقدار فهو استعارة، وقوله: الثبات هو طول العمر أو الوقار فهو
استعارة أيضاً، وقوله: وقيل الخ مرضه لأنه لم تصح به الرواية كما ذكره ابن حجر وما ذكر عن ابن قلابة موضوع وقيل: تمريضه لمخالفته لظاهر قوله، وأمّا عاد فأهلكوا بريح صرصر ولا يخفى أن الريح لا تنافي الصيحة كما مز، وقوله: وملك المعمورة أي الدنيا
كلها ودانت أي انقادت، وطاعت وقوله: فلما تم أي البناء. قوله: (والضمير الخ) توجيه لتأنيثه والمعنى لم يخلق مثلهم شدة وطول قد ود وأعمار أو لم يخلق مثل هذه المدينة سعة وحسن بيوت وبساتين، وقوله: بالواد الباء ظرفية والجار والمجرور متعلق بجابوا أو هو حال من الفاعل أو المفعول، وقرئ بالياء وبإسقاطها كما في يسر ووادي القرى معروف. قوله:(ومضاربهم) معطوف على جنوده وهو جمع مضرب بمعنى الخيمة لا جمع مضروبة كما توهم، وقوله: يضربونها المراد يضربون أوتادها وقوله: لتعذيبه بالأوتاد المراد أنه كان يدق للمعذب أربعة أوتاد ويشده بها مبطوحاً على الأرضى، ثم يعذبه بما يريده من ضرب وإحراق وغيره، وقوله: منصوب أو مرفوع بتقدير أعني الذين أوهم الذين وعلى الأوّل هو مجرور ورجح الثاني الزمخشريّ. قوله: (ما خلط لهم) فالمعنى على هذا أنزل عليهم أنواعاً من العذاب، وهو مصدر ساطه أي خلطه كما في قول كعب:
لكنها خلة قد سيط من دمها فجمع وولع وأخلاف وتبديل
أريد به المفعول هنا قيل، وبه سميت الآلة المعروفة لما ذكره المصنف أو لأنها تخلط اللحم بالدم، وقوله: المضفور بالضاد المعجمة بمعنى المفتول، والطاقات جمع طاقة بمعنى طاقة وهو معروف. قوله:(وقيل شبه بالسوط الخ (هو ما ذهب إليه الزمخشري، وهو على أنّ السوط الآلة المعروفة فاستعيرت لعذاب أدون من غيره، وكني به عن ذلك وامّا استعارة الصب للعذاب فشائعة كالإذاقة يقال: صب عليه السوط وقنعه به، وغشاه وهو تمثيل وتصوير لحلوله أو لتتابعه عليه وتكرّر.، وقيل: هو من قبيل لخين الماء والإضافة بمعنى من أو اللام والصب مستعار للإنزال أي أنزل عليهم عذاباً قليلا هينا بالنسبة لما بعده والصب مشعر بالكثرة، والكثرة والقلة من الأمور النسبية أو هو من الاستعارة المصرحة والمستعار له نوع من العذاب المذكور فتدبر. قوله:) المكان الذي يترقب فيه (أي ينتظر، وقوله: الرصد جمع راصد أي يقومون به لمن يترصدونه، وقد تقدم أن مفعالاً اسم مكان أو صيغة مبالغة كمطعام ومطعان، وقد جوّز هنا كما مرّ في سورة عم فالباء تجريدية كما قيل فلا يمنع عما ذكره لكنه يلزمه إطلاق المرصاد على
الله وفيه شيء والميقات موضع الإحرام ووقته بمعنى عينه وارصاده وضمنه معنى الإرادة فعداه هنا. قوله: (وهو تمثيل لإرصاده الخ) يعني قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} استعارة تمثيلية شبه كونه تعالى حافظاً لأعمال العباد مترقباً لها ومجازيا على نقيرها وقطميرها بحيث لا ينجو منه أحد بحال من قعد على الطريق مترصدا لمن يسلكها ليأخذه فيوقع به، ما يريد ثم أطلق لفظ أحدهما على الآخر. قوله:(كأنه قيل الخ) هو بيان لاتصال قوله: فأما الإنسان الخ بما قبله ولو وجه اقترانه بالفاء بأنه مؤذن بتنافي ما بعدها لما قبلها على التعكيس فانه تعالى إذا كان مترصداً لهم مجازياً على القليل والكمير تفرع عليه طاعة العباد والجد في العبادة فهم يعكسون ذلك وينظرون للدنيا فإن نالوا منها شيئاً رضوا وإلا سخطوا، وقوله: من الآخرة من للتعليل 0 قوله: (فلا يريد إلا السعي) تبع فيه الزمخشري في قوله: لا يريد من الإنسان إلا الطاعة وقد شنع عليه في الانتصاف لابتناء كلامه على الاعتزال، وأنّ المعاصي ليست لإرادته إلا أنه لا وجه له كما في الكشف لأنه إذا كانت الإرادة بمعنى الطلب، والأمر لم يكن محل النزاع إنما النزاع إذا كانت الإرادة بالمعنى المتعارف وهي غير مرادة هنا. قوله:(اختبره بالغنى واليسر) مرّ تحقيقه في سورة الملك وأنّ المراد عامله معاملة المختبر له، وقوله: بالجاه والمال كل منهما راجع لكل منهما وليس لفاً ونشرا وإن احتمله الكلام لأنهما في حكم شيء واحد ولذا اقتصر على قوله: كرمني، ولم يقل ونعمني. قوله:(وهو خبر المبتدأ الخ) هذا هو أحد الوجهين فيه، وهو الصحيح والظرف منصوب بالخبر في نية التاخير ولا تمنع الفاء من ذلك كما صرح به الزمخشريّ، وغيره من متقدمي النحاة وتبعهم من بعدهم من غير نكير كأبي حيان والسمين والسفاقسي مع جم غفير من المفسرين، وهو الحق الذي لا محيد عنه، وقد خالفهم في ذلك
الرضي، ومن تبعه كالدماميني في شرح المغني فقالوا: إنه إنما يجوز تقديم ما بعد الفاء عليها إذا كان المقدم هو الفاصل بين أما والفاء لما يتعلق بتقديمه، من الأغراض فإن كان ثمة فاصل آخر امتنع تقديم غيره فيمتنع أما زيد طعامك فآكل وإن جارّ أما طعامك فزيد آكل ولما ظنه محشي الطول متفقا عليه أورده على ما ذكر. المفسرون هنا، وقال: إنه خطأ والصواب أن يجعل الظرف متعلقاً بمقدر والتقدير فأمّا شأن الإنسان الخ فالظرف من تتمة الخبر المفصول به، وليس فاصلاً ثانياً كقولك: إمّا إحسان زيد إلى الفقمير فحسن لأنهم لما التزموا حذف الشرط لزم
دخول أداته على فاء الجواب، وهو مستكره فدعت الضرورة للفصل بينهما بشيء مما بعد الفاء والفاصل الواحد كاف فيه فيجب الاقتصار عليه، ولم يشعر هؤلاء بأن ما ذكر غير متفق عليه نعم هو كما قيل: مخصوص بالظرف لتوسعهم فيه، وأما التوجيه الذي توهمه فهو على تقديره لا يصح وقوع جملة يقول: خبرا عنه إلا بتعسف كتأويله بالمصدر بتقدير أن أو جعله كقوله: تسمع بالمعيدي فقد فر من السحاب إلى الميزاب، وذهب أبو البقاء إلى أن إذا شرطية وقوله: فيقول جوابها والجملة الشرطية خبر الإنمعاق ويلزمه حذف اففاء بدون القول، وقد قيل إنه ضرورة. قوله:(ليوازن قسيمه) متعلق بالتقدير فلما ذكر الإنسان محكوما عليه علم أنّ المقصود من التفصيل هو هذا لا الظرف فوجب تقديره هو، أو ضميره هنا ليصح التفصيل ويتم التوازن فإنه إذا قدم في الأوّل اسم أو ظرف يقدم في عديله مثله نحو إما الإنسان فكفور، وأما الملك فشكور، وأما إذا أنعم على المؤمن فهو شاكر وأما إذا حرم فهو صابر. قوله:(لقصور نظره) على أمر الدنيا العاجل وسوء فكره لظنه الإكرام بسعة الرزق لا غيره: " ولو ساوت الدنيا عند الله جناح بعوضة ما سقي شقياً منها شربة ماء " وقوله: فان الخ لأنه بقلة رزقه إذا صبر حصل له الثواب الجزيل في الآخرة واستراح من الكد وأمن من العدو وسلم من المكاره والإرزاء وأما اعتقاد الكبراء والتماس الدعاء فليس بكرإمة كما يتوهم وقوله: على قوليه، وهما أكرمني وأهانني وانهما ليسا بصواب، وقوله: ولذلك الإشارة إلى قصور النظر وسوء الفكر في الأمرين معا. قوله: (مع أن قوله الأوّل الخ) جواب سؤال مقدر وهو أنه كيف يذمه على قوله الأوّل وهو أكرمني مع أنه صادق مطابق لقول الله أكرمه، ولذا جعله الزمخشري مصروفا للثاني فقط لأف كجف يردعه عنه مع ما ذكر، والحاصل أنه ذكر الإكرام على وجه مغاير لما ذكره الله لأنه تعالى ذكر إكرامه له ليشكر، ويحسن كما أحسن الله إليه فذكره هو على وجه الافتخار والترفع به وحبه له المانع له عن بذله فهي كلمة حق أريد بها باطل، ولذا ذم على قوليه. قوله:(ولم يقل فأهانه وقدر عليه الخ) معطوف على قوله: ذمه لأنّ التقتير ليس بإهانة كما توهم لأنّ التوسعة تفضل واحسان من الله، وهي بحسب الذات مكرمة وترتب الذم جمليها بالعرض وترك الإحسان لا يكون إهانة لأنه قد يترك من غير قصد للإهانة فهو معلل بما قبله، ولذا قال: ولأنّ
التوسعة ب! لعطف وترك العطف في بعضها لا يأباه كما توهم. قوله: (وقرأ ابن عامر الخ) إثبات الياء على الأصل وحذفها للاكتفاء بالكسرة وتفصيل القراآت فيها في النشر وشروح الشاطبية، وقوله: بالتشديد أي بتشديد الدال، والتقدير والتقتير بمعنى التضييق في الرزق. قوله:(بل فعلهم أسوأ من قولهم (السابق والإضراب من القبيح إلى الأقبح للترقي في ذمهم، وقوله: تهالكهم المراد به شدة بخلهم وشحهم ولذا قال: بالمال دون على المال كما هو مقتضى الظاهر أو هو متعلق بمقدر أي تهالكهم في الشح بالمال، واطلاق الفعل على الترك لأنه كف للنفس فيتضمن الفعل أو للتغليب كما عممه لفعل الجوارح والقلب، والمبرة بالفتح الإحسان. قوله: (ولا يحثون) تفسير لقوله ص: يحضون، وقوله: أهلهم هو مفعوله المقدّر ولو قدر عاما أي أحدا أو نزل منزلة اللازم للتعميم كان وجها وقوله: فضلاً الخ لأنهم إذا لم يأمروا من هو معهم ممتثل لأمرهم فكيف يأمرون غيرهم، وقوله: تحاضون أصله تتحاضون فحذفت إحدى التاءين أي يحض بعضهم بعضا، وكون المراد بقوله: فضلا عن غيرهم عن المساكين لتوهم أن المرء قد لا يحض أهله لإنفاقهم من ماله ويحض غيرهم توهم باطل وقوله: أصله وراث فأبدلت الواو تاء كما في تخمة، ونحوه وهو كثير وقوله: ذا لنم أي بتقدير المضاف ولو لم يقدر للمبالغة جاز كرجل عدل. قوله: (فإنهم كانوا لا يورثون الخ) وكان توريثهم من شريعة إسماعيل، أو مما هو
معلوم لهم وثابت عندهم فلا يقال: السورة مكية وآية المواريث مدنية ولا تعلم الحرمة، والحل إلا من الشرع والحسن والقبيح العقليين ليسا مذهبا لنا أو المراد ذم الوارث بإسرافه واتلافه ما ورثه من غير تعب كما في الكشاف قيل، وأنما تركه المصنف لأنه غير مناسب للسياق، وهو قريب مما ذكر وقوله: بالياء وهو مسند للإنسان لأنه بمعنى الناس، والتاء التفات أو بتقدير قل لهم يا محمد ذلك. قوله:(دكا بعد دك) فليس الثاني تأكيدا بل التكرير للدلالة على الاستيعاب كقرأت النحو بابا بابا وجاء القوم رجلاً رجلاً والدك قريب من
الدق لفظاً ومعنى كرك ورق، وقوله: عن ذلك الإشارة لما ذكر من ترك إكرام اليتيم وما بعده. قوله: (مثل ذلك) بصيغة المجهول من التمثيل والإشارة لظهور آثار القدرة والقهر يعني أنه تعالى لا يوصف بالنزول والمجيء، ونحوه مما يوصف به الأجسام فهذا استعارة تمثيلية لما ذكر، وقوله: بحسب منازلهم أو بحسب خدماتهم وهو قريب مما ذكر وقوله: برّزت الجحيم فمجيئها متجوّز به عن إظهارها كما صرح به في آية أخرى وقوله: وفي الحديث الخ إشارة إلى تفسير آخر المجيء فيه على ظاهره، وقوله: يجرّونها جملة حالية أو مستأنفة. قوله: (أي يتذكر معاصيه) فهو من الذكر ضد النسيان، وقوله: أو يتعظ فهو من التذكير والموعظة وقوله: منفعة الذكرى أي هو بتقدير مضاف فيه أو المراد نفعها من اللام أو المراد تنزيلها منزلة العدم أو هو حكاية ما كان عليه في الدنيا من عدم الاعتبار والاتعاظ والتناقض إذا كانا بمعنى واحد وهو الظاهر من السياق. قوله: (واستدل به على عدم الخ) أي استدلّ به على أنّ التوبة من حيث هي توبة غير واجبة القبول عقلاً كما زعم المعتزلة بناء على وجوب الأصلح عندهم إذ لو وجب قبولها لوجب قبول هذا التذكر فإنه توبة إذ التوبة كما بين في الكلام هي الندم على المعصية من حيث هي معصية، والعزم على أن لا يعود لها إذا قدر عليها ولم يعتبر أحد في تعريفها كونها في الدنيا، وإن كانت النافعة منها لا تكون إلا في الدنيا وهذا التذكير هو عين الندم المذكور ولم يقبل لعدم ترتب المنفعة عليه التي هي من لوازم القبول، وفيه بحث ظاهر وعليه منع ظاهر الورود فتدبر. قوله:(أي لحياتي هذه) فاللام للتعليل ومفعول قدمت محذوف وهو الأعمال الصالحة فتمنى أن يكون عمل ما ينفعه اليوم والمراد بحياته حياته في الآخرة وقوله: وقت حياتي على أنّ اللام بمعنى وقت كما في نحو لخمس مضين ونحوه والمراد الحياة التي في الدنيا فقوله: أعمالاً صالحة على الوجهين وقيل: المعنى قدمت لأجل أن تحيا حياة نافعة لأنها لا تموت ولا تحيا حينثذ. قوله: (وليس في هذا التمني الخ) ردّ لما في الكشاف بناء على مذهبه من أن هذا أبين دليل على أن الاختيار كان في أيديهم معلقاً بقصدهم، وارادتهم وانهم لم يكونوا محجورين عن الطاعات مجبرين على المعاصي كمذهب أهل الأهواء والا فما معنى
التحسر لأن كونهم متحسرين لا ينافي كونهم محجورين فإنّ المحجور قد يتمنى ويتحسر على ما حجر عنه إذا كان قادرا عليه في الجملة سواء كان بالتأثير أو بالكسب الذي ذهب إليه أهل الحق وهو مقارنة قدرة العبد دمأرادته للفعل من غير أن يكون هناك له تأثيرا ومدخل في وجوده. قوله: (فإنّ المحجور الخ) هذا سند للمنع إلا أنه قيل: إنه يجامع المقدّمة الممنوعة وفي الكث! ف التمني يقع على المستحيل مع أنه حينئذ كالغريق وأهل الحق لا يقولون بسلب الاختيار بالكلية. قوله: (إن كان ممكناً منه) إن مفتوحة مصدرية وممكنا اسم مفعول من التمكين أي أقدره الله عليه وكون أن شرطية وممكنا اسم فاعل من الإمكان قيل إنه تصحيف يردّه أن التمني لا يتوقف على الإمكان فان نوقش بأن بين قوله: المحجور وهذا القول فرّقا فإنه يقول: يا ليتني قدرت على أن أقدم لحياتي، ولا يقول: يا ليتني قدمت دفع بأنه أوّل المسألة فلبحرر. قوله: (إذ الآمر كله له) ولما كان هذا يستلزم أنه لا عذاب لأحد غيره أضافه للتعظيم والتهويل فاندفع ما قيل: إنّ هذا التعليل يقتضي إطلاق العذاب دون تقييده بالإضافة وبين ظاهرهما تناف ظاهر فتدبر. قوله: (أو للإنسان) أي الضمير المضاف إليه راجع للإنسان، والمصدر مضاف للمفعول واحد مراد به من يلي العذاب من الربانية، وقوله: على بناء المفعول والمعنى أنه لا يعذب أحد من جنسه كالعصاة فلا يلزم أنهم أشد عذابا من إبليس ومن في طبقته، وأما كون المعنى لا يتحمل أحد ما يستحقه كقوله:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}