المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

للتكثير والمبالغة، ولش! التعميم من الإيقاع على ضمير القربة المقتضي - حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي - جـ ٨

[الشهاب الخفاجي]

الفصل: للتكثير والمبالغة، ولش! التعميم من الإيقاع على ضمير القربة المقتضي

للتكثير والمبالغة، ولش! التعميم من الإيقاع على ضمير القربة المقتضي لشموله لمن فيها بطريق اللزوم لأنه لو أريد هذا قيل لمن أصابهم، وتأويله تعسف، ولا إنه من حذف مفعول غشي لأنه متعين بقرينة ما قبله 0 قوله:(تتشكك) إشارة إلى أن التفاعل مجرّد عن التعدد في الفاعل، والفعل للمبالغة في الفعل فلا حاجة إلى تكلف ما قيل إنّ فعل التماري للواحد باعتبار تعدد متعلقه، وهو الآلاء المتماري فيها، وقوله: والخطاب للرسول، والمراد منه أمتة تعريضا كما قيل:

إياك أعني فاسمعي يا جاره

فلا وجه لاعتبار الالتفات، وقوله: أو لكل أحد ممن يصلح للخطاب فهو مجاز، وقوله: والمعدودات أي الأمور المذكورة من قوله أم لم ينبأ الخ والنعم في الخلق، والإحياء، والإضحاك والإغناء ونحوه، والنقم في الإهلاك، والإبكاء والجزاء ونحوه، والآلاء النعم خاصة جمع إلى فسمي الكل نعماً لما في النقم المذكورة من نعم لا تعد كما فصله المصنف، والمقام غير مناسب للتغليب. قوله:(هذا القرآن) المدلول عليه بقوله: أم لم ينبأ فإنّ إنباءه بالوحي النازل عليه، وقوله: إنذار كما في النسخ الصحيحة إشارة إلى أنّ النذير مصدر كما مرّ،

وكذا في قوله: الإنذارات إشارة إلى أن النذر جمع نذير المصدر، وقوله: أو هذا الرسول المخاطب قبله، والمنذرين من سبق من الرسل، والنذير على هدّا بمعنى المنذر كما يلوّح إليه كلام المصنف، وقوله: الأوّلين إشارة إلى أنّ الأولى في معنى الأوّلين بتأويل الفرقة والجماعة الأولى لأن الجمع مؤنث، ولرعاية الفواصل اختير على غيره. قوله:(دنت الساعة الموصوفة بالدنو الخ) يعني أنّ اللام في الآزفة للعهد لا للجنس لئلا يخلو الكلام عن الفائدة إذ لا معنى لوصف الفريب بالقرب كما قيل، ولذا قيل: إنّ الآزفة علم بالغلبة للساعة هنا، وفيه نظر لأن وصف القريب بالقرب يفيد المبالغة في قربه كما يدل عليه الافتعال في اقتربت فتأمّل. قوله:(ليس لها نفس قادرة على كشفها (أو حال كاشفة أو التاء للمبالغة كعلامة قيل، والمقام يأباه لإيهامه ثبوت أصل الكشف لغيره تعالى، وفيه نظر أو هو مصدر بني على التأنيث، والكشف إمّا بمعنى العلم لحقيقتها أو التبيين كما في قوله: {لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَاّ هُوَ} [سورة الأعراف، الآية: 87 ا] أو بمعنى الإزالة ومن دون الله بمعنى غنر الله والا الله، والمراد بكاشفة قادرة على الكشف لا إنها لم تكشف كما أشار إليه بقوله لكنه لا يكشفها، والكشف على التفسيرالأوّل الإزالة، وعلى الثاني بمعنى التأخير لأنه إزالة مخصوصة، وقوله: كاشفة لوقتها أي مبينة ومعينة لوقوعها، وقوله: من غيرالله تعالى لأنها من المغيبات. قوله: (1 نكارا) قيده به لأنه قد يكون استحسانا، وكذا قوله: استهزاء أي لا مسرة به، والتحزن تكلف الحزن وهو في محزه هنا، وقوله: لا هون أي عن تذكر ما فرطتم فلا وجه لما قيل إنّ المناسب تقديمه على قوله: ولا تبكون مع أنه مؤكد لقوله: تضحكون فلا يحسن الفصل بينهما بأجنبيّ كما لا يخفى، وهذا مما لا ينغي ذكره وقوله: من سمد أي على الوجهين، وقوله: دون الآلهة مأخوذ من لام الاختصاص، والسياق، والحديث المذكور موضوع (تمت) السورة بحمد الله ومنه والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وسحبه.

سورة‌

‌ القمر

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله: (مكية وآيها خمس! وخمسون) استثنى منها بعضهم إق المتقين الآيتين، وبعضهم سيهزم الجمع الخ وسيأتي ما فيه، وما له وما عليه. قوله: (روي أنّ الكفار (لا شك في أنه روي أنّ القمر انشق على عهده ع! ير وأنه من المعجزات الباهرة المنقولة في الأحاديث الصحيحة من طرق متعددة، وأمّا كونه متواتراً فليس بلازم وقد قال الإمام الخطابي: إن معجزاته صلى الله عليه وسلم غير القرآن لم تتواتر، والحكمة فيه أنها لو تواترت كانت عامة والمعجزة إذا عمت أهلك الله من كذبها كما جرت به العادة الإلهية، والنبيّ ىلمج! هـ بعث رحمة وأمّن الله أمّته من عذاب الاستئص! ال، وأما القول بتواتره المذكور في شرح المواقف فقد سبقه إليه السبكي، وقال في شرح مختصر ابن الحاجب إنه اختلف في تواتره، والصحيح عندي ثبوته فلا وجه للاعتراض على ما في شرح الموافف، والقول بأنه لعله ظفر بنفل فيه مع وجود النقول، وأغرب

ص: 118

منه قوله: إنّ حديث (من كذب على (الخ قالوا: إنه غير متواتر مع أن رواه ستون من الصحابة فيهم العشرة المبشرة إذ لا يلزم مع تواتر هذا تواتر ذاك لجواز تخلف شرط فيه، وسبب تعرّضهم للتواتر طعن بعض الملاحدة بأن القمر يشاهده كل أحد فلو انقسم قطعتين تواتر، وشاع في جميع الناس، ولم يخف على أحد، والطبائع حريصة على إشاعة ما لم يعهد مثله ولا أغرب من هذا مع أنّ الملازمة غير لازمة لأنه في الليل، وزمان الغفلة ولا يلزم امتداده، ولا أن يرى إذ ذاك في جميع الآفاق لاختلاف المطالع، وقد قيل إنه وقع مرتين أيضا. قوله: (فانشق القمر) قيل: لم يقل فشق إشارة إلى أنه فعل الله أظهره على يديه ولو قيل إشارة إلى أنه في ذاته قابل للخرق والالتئام رداً على ملاحدة الفلاسفة كان أحسن. قوله: (وقيل الخ)

فالتعبير بالماضي لتحققه كما مرّ تحقيقه وقوله: ويؤيد الخ وجه التأييد إنها حينئذ جملة حالية فتقتضي المقارنة لاقترابها ووقوعه قبل يوم القيامة، وكذا قوله:{وَإِن يَرَوْا} الخ فإنه يقتضي أنّ هذه معجزة رأوها وأعرضوا عنها، وقيل أيضاً التعبير بالاقتراب في مقابله، وهو الساعة / يقتضي وقوعه جسب الظاهر، وفيه نظر لجواز وقوعه بعد بعد في المستقبل، وقوله: قوله: وأن يروا الخ معطوف على فاعل يؤيد. قوله تعالى: ( {وَإِن يَرَوْا} آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمرّ) وجه التأييد فيه كما في شرح الآثار للطحاوي أنه دليل على انشقاقه في الدنيا لأنّ الآيات إنما تكون قبل يوم القيامة لقوله، وما نرسل بالآيات إلا تخويفا نعوذ بالله من خلاف الصحابة والاستكبار عن اتباع مذاهبهم كما قال تعالى:{سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ} [سورة الأعراف، الآية: 46 ا] الآية انتهى ولو لم يكن الانشقاق من جنس الآيات لم يكن هذا القول مناسباً للمقام كما قيل وفيه بحث لأنه لو كانت هذه الجملة حالية والمعنى أنّ الساعة اقتربت، وانشقاق القمر فيها دنا زمانه، وظهرت آثاره والحال أنهم مصرّون على العناد كان منتظما أتم انتظام ولا ضير فيه سوى مخالفته للمنقول عن السلف في تفسيرها فتأمّل. قوله:(مطرد) فالاستمرار على هذا بمعنى الدوام، وقوله: وهو يدل أي هذا الكلام على تفسير الاستمرار يدل على ما ذكر لأنّ النكرة في سياق الشرط تعمّ فكونهم كلما رأوا آية نسبوها إلى السحر دال على ترادف الآيات وتتابع المعجزات، وأمّا كون استمراره بالإضافة إلى الأشخاص لما روي من أنّ المشركين استخبروا السفار والقادمين عن الانشقاق فلما أخبروهم برؤيته قالوا: سحر مستمرّ أي عام لنا، ولغيرنا فلا ينافي هذا كما توهم لأنّ تعدد الآيات لا ينافي تعدّد من اطلع على آية منها. قوله:(أو محكم) تفسير آخر لمستمرّ من المرّة بالفتح والكسر بمعنى القوّة، وهو في الأصل مصدر مررت الحبل مرّة إذا فتلته فتلاً محكماً فأريد به مطلق المحكم كما مرّ مجازا مرسلاً، والمحكم بالفتح والمستحكم بالكسر لأنّ فتحه خطأ للزوم فعله بمعنى فالقول بأنّ الظاهر المستحكم مكان المحكم خطأ أو تحكم. قوله:(أو مستبشع) أي مستمرّ بمعنى مستبشع أي منفور عنه لشدة مرارته، وهو مجاز أيضاً واستبشاعه في زعمهم، وقوله: أو مارّ تفسير لمستمرّ وفسر المارّ بأنه ذاهب لا يبقى وهذا تعليل، وتسلية لهم من أنفسهم للأماني الفارغة، وأنّ حاله صلى الله عليه وسلم وما ظهر من معجزاته سحابة صيف عن قرب تنقشع، {وَيَأْبَى اللهُ إِلَاّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}

[سورة التوبة، الآية: 32] . قوله: (وذكرهما بلفظ الماضي الخ) مع أنّ أصل الشرط والجزاء الاستقبال فلا يعدل عنه بلا نكتة، وما عطف عليه له حكمه فالعدول فيه مع تقدم التعبير عنه بالمستقبل محتاج لنكتة، وهي ما ذكر فالقول بأنه لا دخل ليعرضوا فيه لا وجه له، ولما كان الإعراض يستلزم التكذيب عبر في أحدهما بالماضي بعد التنبيه على استمراره في المستقبل بالمضارع فإن عطف هذا على اقتربت كان ما بينهما اعتراضاً لبيان عادتهم إذا شاهدوا الآيات. قوله:(منته إلى غاية الخ) ظاهره أنه على العموم لا مخصوص بأمر النبيّ صلى الله عليه وسلم كما قيل لكنه هو المقصود منه رداً على الكفار في تكذيبهم له، ويجوز تخصيصه بأمر النبيّ صلى الله عليه وسلم دون غيره من الناس، وعلى التعميم هو تذييل بما هو كالمثل ولو أبقى على عمومه للعقلاء، وغيرهم كان وجها آخر وهو المذكور في الكشاف مقابلَا لهذا، وقوله: فإنّ اليء الخ بيان للتلازم بين الانتهاء، والاستقرار حتى يكون الثاني كناية عن الأوّل لا مجازاً لصحة إرادة معناه الحقيقي فلا وجه لما قيل من أنه بيان للعلاقة

ص: 119

المصححة للتجوّز، ولش! هذا منافياً لقوله:

وكل شيء بلغ الحدّ انتهى

فإنه مقام آخر غير ما نحن فيه فتدبر.

قوله: (وقرئ بالفتح) أي فتح القاف، واختار المصنف أنه على هذه القراءة مصدر، وحمله على كل أمر بتقدير مضاف فيه، ولو لم يقدر وقصد المبالغة صح، وجوّز الزمخشريّ كونه اسم زمان أو مكان، وهو محتاج أيضا إلى تقدير مضاف لأنّ الأمر ليس عين الزمان أو المكان، ولم يلتفت إليه المصنف لا لهما لا له كما توهم بل لظن أنه قليل الجدوى فيما قيل إذ كون كل أمر لا بد له من مكان أو زمان أمر معلوم لا فائدة فيه، وفيه نظر لأنّ فيه إثبات الاستقرار له بطريق الكاية، وهي أبلغ من الصريح فتأمّل. قوله:(وكل) بالرفع بغير تنوين على الحكاية أو منوّن لعدم قصد الحكاية، وهو مبتدأ أو معطوف على محل اسم أنّ، وهذا على هذه القراءة، واعترض عليه بأنه يعيد لكثرة الفواصل، وليس بشيء لأنه إذا دل عليه الدليل لا مانع منه وأمّا القول بأنه خبر جر على الجوار فلا يليق ارتكابه من غير ضرورة تدعو لمثله، وقيل: كل مبتدأ خبره مقدر كآت أو معمول به أو نحوه وقيل خبره حكمة بالغة. قوله: (من الأنباء) هو حال من ما قدّم عليه رعاية للفاصلة، وتشويقا لما بعده ومن للتبعيض أو للتبيين بناء على جواز تقديمه على المبين، وفيه خلاف للنحاة، وقال الرض: إنما جاز تقديم من المبينة على المبهم في نحو عندي من المال ما يكفي لأنه في الأصل صفة لمقدّر أي شيئء من المال،

والمذكور عطف بيان للمبين المقدر قبلها ليحصل البيان بعد الإبهام، وقوله: ازدجار فهو مصدر ميميّ، وقد جعل اسم مكان، ولكون ما فيه الازدجار لا موضع الازدجار لم يتعرّض له المصنف ولذا قالوا معنى ما فيه موضع الازدجار أنه نفس موضع الازدجار كقوله:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [سورة الأحزاب، الآية: 21] أي هو أسوة لكم وهو من التجريد. قوله: (من تعذيب أو وعيد) بيان لما على تقدر مضاف أي نبأ تعذيب أو وعيد وأمّا كون النبأ بمعنى المنبأ به فهو وإن صح من غير احتياج لتأويل ما ذكر إلا أنه لا يناسب هنا لأنّ المتصف بالمجيء النبأ نفسه لا المنبأ به، وفيه لف ونشر فالتعذيب راجع لكونه أنباء القرون الخالية والوعيد لكونه أنباء الآخرة، وقوله: للتناسب متعلق بتقلب، والمراد تناسب المخرج أو ليحصل التناسب لأن التاء مهموسة، والحروف المذكورة مجهورة على ما بين في التصريف. قوله:(غايتها) مفعول لبالغة مقدر وفسر بلوغ الحكمة إلى غايتها بأنه لا خلل فيها إذ المعنى بلوغها غاية الأحكام فالخلل عدم مطابقتها للواقع أو جريها على نهج الحكم الإلهية وقوله: بدل أي بدل كل أو اشتمال وقوله: خبر لمحذوف تقديره هو أو هذه على أنّ الإشارة لما ذكر من إرسال الرسل، وايضاح الدليل، والإنذار لمن مضى من القرون أو إلى ما في الأنباء أو إلى الساعة المقتربة، والآية الدالة عليها كما قاله الإمام، وقوله: حالاً أو بتقدير أعني والصفة والصلة جملة فيه مزدجر، وقوله: فيجوز نصب الحال عنها أي مع تأخرها وهو أمر مقرّر في النحو غنيئ عن البيان. قوله: (فأيّ غناء تغني النذر) يعني أنها على الاستفهام في محل نصب على أنها مفعول مطلق، ويجوز أن تكون مبتدأ والعائد مقدر كما قاله ابن هشام. قوله:) أو مصدر) عطف على جمع نذير وفي نسخة أو المصدر بالتعريف عطف على المنذر قيل وتركه احتمال أن يكون جمع نذير بمعنى الإنذار على النسخة الأولى لأن حق المصدر أن لا يثنى. ولا يجمع وترك احتمال المصدرية على الثانية لاحتياج تأنيث الفعل حينئذ للتأويل، ويؤيد الأولى قوله: بمعنى الإنذار دون أو الإنذار عطفاً على المنذر، ويؤيد الثانية قوله في تفسير قوله:{فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ} [سورة القمر، الآية: 16] إن النذر يحتمل المصدر، والجمع حيث لم يسكت عنه ثمة، ولو قدمه هنا تركه هناك كما هو دأبه، وفي القاموس أنذره أعلمه، وحذره وخوفه والنذر بضم وضمتين هو الاسم منه فتأمّل. قوله: (لعلمك بأنّ الإنذار لا يغني فيهم (وفي نسخة عنهم وهو إشارة إلى أن الفاء للسببية، والمسبب التولي أو الأمر به، والسبب عدم

الإغناء أو العلم به فإن أريد بالتولي عدم القتال فهي منسو! ، وإن أريد ترك الجدال للجلاد فلا والظاهر الأوّل. قوله:(ويجورّ أن يكون الدعاء (أي للإعادة فيه كالأمر في قوله: كن للإبداء على أنه تمثيل، والداعي حينئذ هو الله كما مرّ تفصيله في سورة ق، وفي تفسير قوله: {كُن فَيَكُونُ} . قوله: (وإسقاط الياء) أي من الداعي تخفيفا واجراء

ص: 120

لأل مجرى التنوين لأنها تعاقبه، والشيء يحمل على نظير. وضده، وقوله: وانتصاب يوم أي على الظرفية والعامل فيه ما ذكر، وإذا قدّر إذكر فنصبه على أنه مفعول به، وقوله: بالتخفيف أي بتسكين الكاف أو هو الأصل فيه، والضم للاتباع ولم ينصب يوم بقوله: فتول على أنّ المراد التولي في يوم القيامة عن الشفاعة لهم لأنه حيث ذكر في القرآن بعد الإنذار فهو في الدنيا، والقرآن يفسر بعضه بعضا، وقوله: قرئ نكر أي مجهول الثلاثي لأنه متعد كما في قوله: نكرهم. قوله: (لأنها لم تعهد مثله) وفي نسخة تشهد أي تشاهد أو تحضر، وهما متقاربان، وهو كناية عن شدة الفظاعة لأنه في الغالب منكر غير معهود، وقد جوّز فيه أن يكون من الإنكار ضد الإقرار، وقوله: يخرجون الخ جعل خاشعاً حالاً من فاعل يخرجون وفي إعرابه وجوه أخر ككونه مفعولاً به ليدعو أو حالا من ضمير عنهم أو من مفعول يدعو المقدر إذ تقديره يدعوهم كما فصله المعرب، وقوله: لأنّ فاعله الخ الأوّل تعليل للأوّل، وكلاهما تعليل للثاني، وقوله: على الأصل وهو تأنيث الجمع، وقوله: خشعا بضم فتشديد جمع خاشع، وقوله: ولا يحسن الخ لأنّ فاعل الصفة إذا كان ظاهراً سواء كانت نعتا سببياً لجمع أولاً لا يجمع في اللغة الفصيحة جمع المذكر السالم بخلاف جمع التكسير كما سنفصله. قوله: (لآنه ليس على صيغة تشبه الفعل الخ (إشارة إلى ما فصله النحاة فيما إذا رفعت الصفة اسما ظاهراً مجموعا فإنها تجري مجرى الفعل في المطابقة، وعدمها قال في التسهيل فإذا أمكن تكسيرها فهو أولى من أفرادها كمررت برجل قيام غلمانه هو أفصح من قائم غلمانه، وهذا قول المبرد ومن تبعه والسماع شاهد له كهذه القراءة وقول امرئ القيس:

وقوفا بها صحبي عليّ مطيهم

ونحوه وقال الجمهور: الإفراد أولى، والقياس معهم، وقيل: إن تبع مفرداً كرجل قائم

غلمانه فالأفراد أولى، وإن تغ جمعاً كرجال قيام غلمانهم فالجمع أولى، وأمّا التثنية وجمع المذكر السالم فعلى لغة أكلوني البراغيث، والمصنف مشى على مذهب المبرد، والزمخشريّ مع الجمهور فقوله: على صيغة الخ يعني أنه إذا كسر اسم الفاعل لم يشبه الفعل لفظاً فحسنت فيه المطابقة بخلاف ما إذا جمع جمع مذكر سالم فإنه لم تتغير زنته وشبهه للفعل فينبغي أن لا يجمع على اللغة الفصيحة لكنه في الاسم أخف منه في الفعل كما قاله الرضي ووجهه ظاهر ويجوز أن يكون فيه ضمير مستتر والظاهر بدل منه. قوله: (فتكون الجملة (أي الأسمية حالاً مرتبطة بالضمير بغير واو وقد مرّ الكلام عليه في البقرة، والأعراف وما فيه، وقوله: في الكثرة بيان لوجه الشبه فهو تشبيه محسوس بمحسوس، ووجه الشبه محسوس مركب من أمور متعدّدة لا متعدّد، وقوله: والانتشار في الأمكنة إشارة إلى أنّ منتشر من الانتشار بمعنى التفرّق، وقيل: إنه مطاوع نشره بمعنى أحياه فهو بيان لكيفية خروجهم من الأجداث، وقد دبت فيهم الحياة، وما ذكره المصنف أظهر، وجملة كأنهم الخ. حالية بمعنى مشبهين الخ. قوله: (مسرعين الخ) كذا فسره الراغب، وورد بهذين المعنيين في كلام العرب، وأصل معنا. مد العنق أو مدّ البصر، ثم كني به عن الإسراع أو النظر والتأمل، ولبعضهم هنا كلام تركه أولى من ذكره. قوله:(قيل قومك الخ) الأولى تقديمه على قوم نوح، وهذا الضمير ليس كالسوابق عليه عاما فيكون عودا إلى الأوّل، وقوله: يوم يدعو الداعي اعتراض، ويدخل فيهم هؤلاء دخولاً أوّلياً، ولك أن تخص الضمائر فيها خاصة بهؤلاء أيضا، وهذا تخويف لهؤلاء، وتسلية له صلى الله عليه وسلم بأنّ هذه عادة الكفار، وقد انتقم الله منهم، وسينتقم من هؤلاء، ولذا قال قبلهم، والا فلا فائدة فيه، وقوله: وهو تفصيل الخ، ولما كانت مرتبة التفصيل بعد الإجمال مصدر بالفاء التعقيبية، وفي الوجه الأول المكذب هو المكذب في الموضعين وفي الثاني المكذب بالكسر متعدد، وفي الثالث المكذب بالفتح متعدد ومبني الأوّل على تنزيل كذب منزلة اللازم بمعنى فعل التكذيب، والمراد تكذيب نوج عليه الصلاة والسلام، ولم يجعل من التنازع لأنّ شرطه أن لا يكون الثاني تأكيداً، وهو هنا كذلك، ومبني الثالث على حذف المفعول، وهو مطلق الرسل كما ذهب إليه الزمخشريّ، والفاء سببية أو ما عدا نوحاً كما ذهب إليه المصنف، والفاء تعقيبية، وقوله: كلما خلا الخ ففيه اكتفاء بمرتبة، ويجوز أن يكون معنى الأوّل قصدوا التكذيب، وابتدؤه ومعنى الثاني

ص: 121

أتمو.، وبلغوا نهايته كما قيل في قوله:

قد جبر الدين الإله فجبر

ولم يرتض المصنف ذينك الوجهين لأنّ الظاهر الاتحاد فيهما. قوله: (وزجر عن التبليغ)

أي منع بشدة كالضرب، والشتم عن تبليغ رسالته، وهذا أخبار من الله بما قاساه نوح عليه الصلاة والسلام، وعلى ما بعده فهو من مقول كفرة قوم نوح، ولذا حمل الزجر فيه على مس الجن له لأنه المناسب لقولهم مجنون، ولكونه غير ظاهر من قوله: ازدجر مرّضه كأنه لما مسه الجنون من الجن عدل عن مسلك العقلاء فشبه بمن زجرته الجن، وصرفته عن طرق الصواب ففيه استعارة حينئذ، ولا قرينة عليها، وقال الراغب: الزجر طرد بصوت ولصياحهم بالمجنون إذا طردوه قيل لمن جن: ازدجر فليس الزجر بمعنى التكهين كما توهم. قوله: (على إرادة القول) بطريق التضمين ليعمل في الجمل، وهدّا أحد القولين في مثله، والآخر أنّ ما فيه معنى القول يحكي به الجمل من غير تقدير حملا له على ما هو بمعناه، والمسألة مشهورة، وقد تقدّم تقريرها مراراً. قوله:(غلبني قومي) فعصوني، وهذا هو الظاهر، وقيل: غلبتني نفسي حتى دعوت عليهم بالهلاك، وما ذكره المصنف من الرواية لا تناسبه وخنقه من باب نصر معناه واضح، وقوله: فانهم الخ أي الحامل لهم على فعلهم هذا غلبة الجهل بالله ورسله عليهم الصلاة والسلام عليهم. قوله: (وهو) أي قوله: ففتحنا الخ مبالغة لجعل أبواب السماء تفتحت، وخرجت منها المياه كما تخرج من الترع، والجسور المفتحة، وجعل الماء لشدته هو الذي فتحها إن كانت الباء للآلة، والاستعانة، ولدّا رجح هذا على جعلها للملابسة، ونسبته إلى الله بضمير العظمة، وهذا أبلغ من قولهم جرت ميازيب السماء، وفتحت قرب الجوّ. قوله:(وتمثيل لكثرة الأمطار (أي استعارة تمثيلية بتشبيه تدفق المطر من السحاب بانصباب أنهار انفتحت لها أبواب السماء، وشق لها أديم الخضراء، ولو أبقى على ظاهره من غير تجوّز لم يمنع منه مانع إذ ورد في الأحاديث أنّ السماء لها أبواب، وأنّ بعض الأنهار يخرج منها كالنيل، والفرات فلا مانع من حمله على الحقيقة أيضا، وقوله: لكثرة الأبواب فالتفعيل لتكثير المفعول وهو أحد معانيه. قوله:) وأصله وفجرنا الخ) فالتمييز للنسبة، وهو محوّل من

المفعول، وقد يكون محوّلاً عن الفاعل، وهو الأكثر، ولذا جعل هذا منه على أنّ الأصل انفجرت عيون الأرض فإنه يكون محوّلاً عن فاعل الفعل المذكور أو فاعل فعل آخر يلاقيه في الاشتقاق، وهو تكلف لا حاجة إليه، وقوله: فغير أي عن المفعول إلى التمييز للمبالغة بجعل الأرض كلها متفجرة مع الإبهام، والتفسير، وقوله: ماء السماء، وماء الأرض فالماء جنس شامل لهما بقرينة ما قبله، ولأنّ الالتقاء يقتضي التعدد، وقوله: لاختلاف النوعين أي ثني لقصد بيان اختلاف نوعيهما والا فالماء شامل لهما، وقوله: بقلب الهمزة واوا لتطرفها بعد ألف وفيه إشارة إلى أنّ ماء الأرض فار بقوّة وارتفع حتى لاقى ماء السماء ففيه مبالغة لا تفهم من الأفراد. قوله: (على حال قدرها الله الخ) ذكر فيه وجوها الجار، والمجرور حال فيها، وعلى الأوّل القدر فيه مقابل القضاء، والأمر واحد الأمور بمعنى الشأن أي التقت المياه واقعة على حال كانت معينة عليه في الأزل لا تتفاوت، وقوله: أو على حال الخ هي كالوجه الأوّل في الأحوال كلها إلا أن قدر عين له مقدار فكل ما خرج أو نزل مقداره معين، والثالث معنى قدر كتب في اللوح المحفوظ أو هو من التقدير كما في الوجه الأوّل إلا أنّ على فيه للتعليل، والجارّ والمجرور يحتمل تعلقه بالتقى على هدّا، وفيه ردّ على أهل النجوم إذ جعلوه لاجتماع الكواكب السبعة في برح مائيّ بأنه بمحض تقديره تعالى لما قدر إهلاك هؤلاء لا لما ذكروه فتأمّل. قوله:(ومسامير) هذا أحد الأقوال فيها، وقيل هي أضلاعها، وقيل: حبال من ليف تشدّ بها السفن ودسار بكسر الدال المهملة، وقيل: إنها جمع دسر كسقف وسقف، وقوله: وهو الدفع فسميت بها المسامير لأنها تدق فتدفع بشدّة، وقوله: تؤدّي مؤذاها فالصفات أريد بها الكناية عن موصوفاتها كما يقال: كناية عن الإنسان طويل القامة عريض الأظفار بادي البشرة ونحوه، ولذا كان من بديع الكلام، وبليغه كما في الكشاف. قوله:(بمرأى) أي بمكان ترى، وتشاهد فيه هذا أصل معناه ثم كني به عن الحفظ كما مرّ، وقوله: فعلنا الخ يعني أنه مفعول له لفعل مقدر يعلم من جملة ما قبله من قوله: ففتحنا إلى هنا، وقوله: لأنه نعمة الخ يعني

ص: 122

كفر من كفران النعمة فهو متعد بنفسه فيستعار لنوح النعمة بطريق الكناية، وينسب له الكفران تخيلا أو حقيقة، وقوله: على حذف الجاز على أنه من الكفر ضدّ الإيمان، وأصله كفر به فحذف الجار واستتر الضمير فيه، وعلى

قراءته مبنياً للفاعل فهو من الكفر أيضاً كما أشار إليه. قوله تعالى: ( {وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا} ) أي أبقيناها بناء على أنها أبقيت على الجودفي زمانا مديداً أو أبقينا خبرها أو أبقينا السفن، وجنسها أو تركنا بمعنى جعلنا، وقوله: الفعلة، وهي إنجاء نوح، ومن معه وإغراق غيرهم، وقوله: على الأصل بذال معجمة بعدها تاء الافتعال، وقوله: بقلب التاء ذا لا أي معجمة، والقراءة الأولى بقلبها دالاً مهملة. قوله:(والنذر) بضمتين يحتمل أنه مصدر ويحتمل أنه جمع نذير بمعنى الإنذار بناء على نسخة المصدر بالتعريف كما مرّ في قوله: {فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ} [سورة القمر، الآية: 5] ولذا جعل النذير بمعنى الإنذار كما دلّ عليه قوله، وانذاري بعده لا بمعنى المنذر، ولا المنذر منه لأنّ الحمل على التأسيس أولى، ولو كان على نسخة المصدر كان النذير بمعنى المنذر منه كما قيل، والعطف لتغاير العنوان، ومثله من قصور الإذعان فتدبر. قوله:(أو هيأناه) التهيئة رفع الموانع، وإحضار الدواعي وقوله: من يسر ناقته هو الوجه الثاني، ورحل بتشديد الحاء شذ الرحل على ظهر الناقة أو البعير والادكار كالاتعاظ لفظا، ومعنى، ويجوز تشديد كافه، وقوله: متعظ إشارة إلى ترجيح الأوّل لأنه الأنسب ولذا لم يقل أو حافظ، وتال كما قاله الإمام. قوله:(كذبت عاد الخ (لم يعطف هذا وما بعده إشارة إلى أنّ كل قصة مستقلة في القصد، والاتعاظ، وانذاري، وفي نسخة وانذار بدون ياء وقد تقدم شرحه، وعلى الوجه الأوّل العذاب، والإنذار لعاد وعلى ما بعده العذاب لهم، والإنذار لمن محداهم، ولم يذكره أوّلا مع احتماله لأنه يفهم مما هنا جريانه فيهما فلا غبار عليه، وقد مرّ ما في الصرصر في فصلت، وغيرها فتذكره. قوله: (استمرّ شؤمه أو استمرّ عليهم حتى أهلكهم) الأوّل على كون مستمرّ صفة نحس والثاني على أنه صفة يوم، وكلاهما على قراءة الإضافة التي قرأتها العامّة لا أنّ الثاني على قراءة التوصيف كما توهم، وقوله: استمرّ شؤمه أي يستمرّ عليهم إلى الأبد فإنّ الناس يتشاءمون بآخر أربعاء في كل شهر، ويقولون لها: أربعاء لا تدور قال الشاعر:

لقاؤك للمبكرفأل سوء ووجهك أربعاء لا تدور

إلا أنّ تشاؤمهم بالأربعاء التي لا تدور لا يستلزم شآمته في نفسه إلا أن ينبني على زعمهم، وهو غير منالسب للمقام (واعلم) أنه روي في حديث ابن عباس رضي الله عنهما كما

في الجامع الصغير (آخر أربعاء في الشهر يوم نحس مستمرّ (وقال الحافظ ابن كثير في تاريخه من قال: إنّ يوم النحس يوم الأربعاء، وأمثاله ففد أخطأ وخالف القرآن فإنّ في الآية الأخرى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ} [سورة فصلت، الآية: 6 ا] وهي ثمانية متتابعة فلو كانت نحسات في نفسها كانت جميع الأيام كذلك وهذا لم يقله أحد، وأنما المراد أنها كانت نحسات عليهم اهـ فليتأمل وقوله: أو استمرّ عليهم أي زمان نحو ستة فاليوم بمعنى مطلق الزمان لأنه الذي يتصوّر استمراره سبع ليال وثمانية أيام فالاستمرار بحسب الزمان، وقوله: حتى أهلكهم فيه تجوّز في إسناد الإهلاك إليه. قوله: (أو على جميعهم الخ) فالاستمرار الأوّل بحسب الزمان، واستمرار هذا بحسب الأشخاص والأفراد وقوله: أو اشتد مرارته فمستمز بمعنى شديد المرارة وهو مجاز عن بشاعته وشدة هو له إذ لا طعم له وهو على هذا من المرارة في الطعم كما مرّ، وقوله: وكان يوم الأربعاء آخر الشهر أي شهر شوّال أي كان ذلك اليوم الذي أرسل فيه الريح يوم الأربعاء لا أنّ إرسال الريح كان فيه فيوم اسم لا ظرف حتى يقال: أي ابتداؤه كان يوم الأربعاء كما قيل، ولا يأباه قوله، واستمرّ عليهم كما توهم فاسم كان ضمير اليوم لا ضمير الإرسال فتأمّل. قوله:) فنزعتهم الريح الخ) ضمير منها للشعاب والحفر لا للثلاثة لتكلفه وموتى حال من ضمير المفعول، وقوله: منقلع تفسير منقعر لأنه بمعنى أخرج من القعر، وتوله: وقيل الخ الفرق بينه وبين الأوّل أنه على هذا أشبهوا جثثا بدون رؤوس، وفي الأوّل لم ينظر له، والتذكير والتأنيث روعي في كل مكان للفاصلة. قوله:) كرره للتهويل (وللتنبيه على فرط عتوّهم، وقوله: لما يحيق بهم في الآخرة فكان فيه

ص: 123

للمشاكلة أو للدلالة على تحققه على عادته تعالى في أخباره، وقوله: بالإنذارات على أنه جمع نذير بمعنى إنذار أو منذر منه أو منذر فكل منها صحيح هنا قيل، والأخير أظهر لاستلزامه ما عداه. قوله:) من جنسنا أو

من جملتنا) فالأوّل على أنه إنكار لإ) . سال البشر دون الملك، والثاني على أنه لإنكار إرساله دونهم مع أنهم أحق بالرسالة منه على زعمهم وقدم الأوّل لىلماء لترجيحه لعدم تكرّر. مع قوله: أألقي عليه الخ، وقوله: على الابتداء، والمسوّغ الاستفهام، والتوصيف، وقوله: للاستفهام لأنه يقتضي فعلَا يدخل عليه في الأصل. قوله: (منفردا لا تبع له) جعل التغ واحدا أحسن من جعله جمعاً كخدم، وقوله: دون أشرافهم يفهم من تنكيره الدال على عدم تعيته، وكون خبر الواحد ليس بحجة لا مساس له هنا كما توهم، وكذا تفسيره بما يعم البشر والملك، وقوله: جمع سعير باعتبار الدركات أو للمبالغة والدلالة على الدوام، وقوله: كأنهم الخ الداعي لاعتبار. في كلامهم أنهم منكرون للحشر، وعذاب السعير فأشار إلى أنه ليس عن اعتقاد أنّ ثمة آخرة وسعير وإنما أرادوا تعكيس ما قاله والردّ عليه فقالوا: إن اتبعناك كنا كما نقول، وقوله: وقيل الخ فهو اسم مفرد ومرّضه لأنه خلاف الظاهر، ومسعورة بها شبه الجنون في حركاتها. قوله:(حمله بطره الخ) يعني أنّ الأشر البطر فوصف الكذاب به يدل على أنّ الداعي لكذبه بطره، وقوله: عند نزول العذاب بهم فغدا لمطلق الزمان المستقبل، وعبر به لتقريبه، وقوله: حمله أشره على الاستكبار الخ هذا هو بعينه ما قدمه، وبيناه لك فإنّ الترفع هو الاستكبار عن الحق، وادعاؤه عين طلبه للباطل لكنه تفنق في العبارة، ولعدم وقوف بعضهم عليه قال: لما سأل عن أنه كان ينبغي أن يتحد معنى الأشر فيهما أنه حمل الأشر على من حمله بطره على شيء منكر، وهو معنى واحد مفصل إلى كونه الترفع في صالح، والاستكبار في قومه فأعرفه. قوله:(على الالتفات) قال في الكشف أي هو كلام الله لقوم ثمود على سبيل الالتفات إليهم إمّا في خطابه لرسولنا صلى الله عليه وسلم نظير ما حكي عن شعيب في قوله: {فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ} بعد ما استؤصلوا هلاكاً وهو من بليغ الكلام، وفيه دلالة على أنهم أحقاء بهذا الوعيد حتى كأنهم لحضورهم حول إليهم الوجه لبغي جناياتهم عليهم وأمّا في خطاب صالح عليه الصلاة والسلام، والمنزل حكاية الكلام المشتمل على الالتفات، وعلى التقديرين لا إشكال فيه كما توهم أن وفيه بحث فتأمّل. قوله:(وقرئ الأشر) أي بفتح الهـ كزة، وضم الشين على أنه

صفة مشبهة حوّلت للضم للمبالغة كحذر وندس، وهو من النوادر، وقرى بضمتين على اتباع الهمزة للشين أيضاً، وقوله: والأشرّ أي على أنه أفعل تفضيل، وهو الأصل لكنهم لما تركوه إلى خير وشرّ، والتزموا تخفيفه حتى لم يسمع على الأصل إلا نادرا عدوه مخالفاً للقياس كقوله:

بلال خير الناس، وابن الأخير

وقال الجوهريّ: لا يقال الأشرّ إلا في لغة دريئة. قوله: (مخرجوها وباعثوها) إشارة إلى

أنّ الإرسال كناية عن الإخراج، وأنّ المعنى الحقيقي الذي هو البعث مراد أيضاً وقدم الإخراج لأصالته في الإرادة، وتقدمه في الوجود الخارجيّ، وصاحب الكشاف عكس الترتيب لكون البعث أصل المعنى، وتقدمه في الوجود الذهني، ولأنه طول ذيل الإخراج بقوله: من الهضبة كما سألوا الخ، والمراد الإخراج من الصخرة، وبهذا التقرير اندفع ما أورد على الكشاف فتدبر. قوله:(امتحاناً لهم) يجوز أن تكون بمعناها المعروف، والشرب كالنصيب من الماء، وقوله: أو يحضر عنه غيره قيل معناه يمنع عن ذلك غير صاحبه، وفيه أنّ الذي بمعنى المنع هو الحظر بالظاء لا بالضاد فلعله مبنيّ للفاعل أي بحضره صاحبه بنفسه أو يحضره غيره نائباً عنه، وقيل: معناه يتحوّل عنه غير صاحبه، وفي القاموس حضرنا عن ماء كذا أي تحوّلنا عنه فمن قال أو يحضر نائباً عنه فقدسها لأنّ المقصود ترديد كلام الله بين المعنيين لا بيان أنّ الحضور لا يختص بالحضور بنفسه بل جاز أن يحضر عنه نائبه كما لا يخفى وقيل أيضا يحضر مبنيّ للمفعول بمعنى يمنع عنه غير صاحبه لا على أنّ الحضور لغة المع حتى يقال: إنه تحريف من الحظر بالظاء بل على التجوّز بعلاقة السببية فإنه مسبب عن حضور صاحبه في نوبته، وباب المجاز مفتوح لا سيما إذا اقتضاه المعنى أو هو مبنيّ للفاعل بالمع! نى المنقول عن القاموس، ومن ذهب

ص: 124

عليه هذا، وذاك قال ما قال ولو كان المراد ما ذكره لكفي أن يقول أو نائبه عطفاً على صاحبه اهـ ولا يخفى أنّ ما ذكره من الوجوه سائغ إلا أنّ ما نسبوه فيه إلى السهو ليس بصحيح لأنّ مراده بالنيابة ليست نيابة التوكيل حتى يكون الشربان واحداً بل صاحب النوبة الأخرى فيؤول إلى ما ذكروه فتأمّل.

قوله: (فنادوا صاحبهم (نداؤه لما أرادوه من عقرها لأنه أجرؤهم لأنداء استعانة، وقوله:

قدار بوزن فعال بالضم اسم عاقر الناقة، وأحيمر ثمود تصغير أحمر لقبه، والإضافة للتمييز قد

ترد في الإعلام، وقوله: فاجترا الخ يعني التعاطي إن كان مفعوله القتل فهو مؤوّل بالجراءة، والقصد ليصح تفريع فعقر عليه لأنه عينه لو لم يؤوّل على هذا التقدير، وإن كان مفعوله السيف فهو على ظاهره، وأما تنزيل التعاطي منزلة اللازم على أنّ معناه أحدث ماهية التعاطي فعقر تفسير له لا مترتب عليه فلا يخفى ركاكته، وفوله: تناول الشيء بتكلف أصل معناه تفاعل من العطاء، وفسره الراغب بالتناول مطلقاً فما ذكر كأنه معنا. عرفا فلينظر. قوله:(كهشيم المحتظر (تشبيه لإهلاكهم وافنائهم والحظيرة زريبة الغنم ونحوها، وقوله: كهشيم الحظيرة فهو على الفتح اسم مكان، والمراد به الحظيرة نفسها أو التقدير كهشيم الحائط المحتظر فهو اسم مفعول أو لا يقدر له موصوف فالمحتظر الزرب نفسه. قوله: (ريحاً تحصبهم) وتنكيره لتأويله بالعذاب أو لأنه لم يرد به الحدوث فهو كناقة ضامر، ولو فسره بملك يرميهم بالحصباء، والحجارة كما ذكره في غير هذا المحل كان أظهر، وقوله: في سحر فالباء بمعنى في أو هي للملابسة أو المصاحبة، واليه أشار بقوله: مسحرين أي داخلين في وقت السحر لأنّ الأفعال يكون للدخول في مصدر الثلاثي، والجار والمجرور عليهما حال وقوله: إنعاماً فسرها به ليتحد فاعله، وفاعل المعلل فيظهر نصبه على أنه مفعول له، ويجوز نصبه على المصدرية بفعل مقدر من لفظه أو بنجينا لأنّ التنجية إنعام فهو كقعدت جلوساً. قوله:(أخذتنا بالعذاب) إشارة إلى ما فيه من معنى المرّة، والوحدة وأنه باق على معناه المصدري، وإن تبادر منه العذاب فإنه لا ينافي معناه الوضعيّ كما توهم، وقوله: فكذبوا الخ إشارة إلى أنه ضمن معنى التكذيب أو حمل عليه لأنه بمعناه فعدى بالباء تعديته، ولولاه تعذى بفي، وقوله: قصدوا الفجور بيان لحاصل معناه وأصله الطلب من راد إذا جاء وذهب، وهذا من إسناد ما للبعض للجميع كما مرّ، وصفقهم ضربهم بكفه مفتوحة، وقوله: فقلنا الخ إشارة إلى تقديره لينتظم الكلام وقوله: على ألسنة الملائكة يعني أنه مجاز لإسناده إلى الله وهو في الحقيقة للملائكة فأسند للأمر، وقوله: أو ظاهر الحال فيكون القائل ظاهر الحال فلا قول، وأنما هو تمثيل. توله:(ولقد صبحها بكرة) البكرة أخص من الصباح فليس في ذكرها بعده ف ادة، وقوله: غير مصروفة

للعلمية والتأنيث، وقوله: يستقرّ بهم أي يدوم حتى ينتهي بهم إلى النار، ولو قيل معناه لا يدفع عنهم أو يبلغ غايته كما مرّ جاز. قوله:(كرر ذلك في كل قصة (أي قوله: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} [سورة القمر، الآية: 7 ا] بعد ذكر العذاب والنذر فإنه وقع كذلك في القصص كلها مع تغيير يسير حيث قال: فذوقوا مكان فكيف كان، وهذا هو مقتضى ما بعده لا أنه تعليل لتكرير، ولقد يسرنا وحده لا فذوقوا لأن الأوّل للطمس، والثاني للتصبيح كما قيل إذ قوله: مقتض لنزول العذاب يقتضي أنّ {فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ} من جملة المعلل، وقوله: واستماع كل قصة الخ تعليل لتكرير قوله: فهل من مذكر، وقوله: واستئنافا الخ تعليل لتكرير قوله، ولقد يسرنا القرآن الخ ولما معه، وقوله: في كل قصة الكل إمّا إفرادي أو مجموعي فتدبر. قوله: (وهكذا تكرير قوله: {فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} ) استطراد لبيان ما سيأتي في سورة الرحمن يعني تكراره لما في كل جملة قبلها بما هو نعمة صريحة أو ضمنية فكرّر ذلك للتنبيه، والإيقاظ قال علم الهدى في الدرر، والغرر التكرار في سورة الرحمن إنما حسن للتقرير بالنعم المختلفة المعددة فكلما ذكر نعمة أنعم بها، وبخ على التكذيب بها كما يقول الرجل لغيره ألم أحسن إليك بأن خوّلتك في الأموال ألم أحسن إليك بأن فعلت بك كذا، وكذا فيحسن فيه التكرير لاختلاف ما يقرّر به، وهو كثير في كلام العرب، وأشعارهم كقول مهلهل يرثي كليبا:

ص: 125

على أن ليس عدلاً من كليب إذاما ضيم جيران المجير

على أن ليس عدلاً من كليب! ! ار! ف اهـ 51 من الدبور

على أن ليس عدلاً من كليب إذا خرجت مخبأة ا! رور

على أن ليس عدلاً من كليب إذا ما أعلنت نجوى الأمور

على أن ليس عدلاً من كليب إذا! ف اهـ خسوف من ا! كور

على أن ليس عدلاً من كليب غداة تلاتل الأمص ا! كبير

على أن ليس عدلاً من كليب إذا ماخارجارالمستجير

ثم أنشد قصائد أخرى على هذا النمط لولا خوف الملل أوردتها فأعرفه من لطائف العرب. قوله: (اكتفى بذكرهم الخ الأنه رأس الكفر والطغيان ومدعي الألوهية فهو أولى بالنذر، وأمّا أنه إشارة إلى إسلامه فما لا يلتفت إليه. قوله: (يعني الآيات التسع) كذا في الكشاف مع أنه قال النذر موسى، وهارون وغيرهما من الأنبياء لأنهما عرضا عليهم ما أنذر به المرسلون، ولا يخفى أنّ المناسب حينئذ أن يراد آيات الأنبياء كلهم كما جوّزه في قوله، ولقد أريناه آياتنا كلها. قوله تعالى:( {أَخْذَ عَزِيزٍ} ) منصوب على المصدرية لا على قصد التشبيه، وقوله: أكفاركم الخ الاستفهام إنكاريّ في معنى النفي فكأنه والله أعلم بمراده لما خوّف كفارهم بذكر ما حل بالأمم السالفة مما تبرق، وترعد منه أسارير الوعيد يقول لهم لم لا تخافون أن يحلى بكم ما حل بهم أأنتم خير منهم عند الله أم أعطاكم الله براءة من عذابه أم أنتم أعز منهم منتصرون على جنود الله، وقوله: الكفار المعدودين يعني هؤلاء الأمم، وعند الله راجع لقوله: مكانة، ودينا أو هو متعلق بقوله: خير فيرجع للجميع، وهو أتم فائدة ولو تعلق بمكانة لقربه جاز، ولا وجه لجعله توهما كما قيل أو المعنى أنّ المنكر كونهم كذلك عند الله لا عندهم على زعمهم فالخيرية ليست بالمعنى المتعارف، وقوله: يا معشر العرب فالخطاب عامّ للمسلمين وغيرهم، والا لقال أأنتم فتأمّل. قوله:(أم لكم بيراءة في الزبر الخ) الخطاب فيه عامّ أيضاً، والمعنى أم لمن كفر منكم براءة، وقيل: هو خاص بالكفار، وهو لا يلائم كلام المصنف لكه اختاره غيره، وقوله: جماعة أمرنا مجتمع تفسير لقوله: جميع ليفيد وقوعه خبراً إذ ليس تأكيداً لقوله: منتصر والا لقال جميعاً بالنصب، ويحتمل أنه جعل جميع بمعنى مجتمع خبر مبتدأ مقدّر، وهو أمرنا أو هو إسناد مجازيّ، وليس من قبيل:

أنا الذي سمتني أمي حيدره

كما توهم. قوله:) ممتنع لا يرام) كناية عن عدم المغلوبية فإنّ المغلوب يرإم، ويطمع فيه عدوّه، ولذا فسر انتصر بامتنع يقال: نصره فانتصر إذا منعه فامتنع، وقوله: أو متصر من الأعداء أي منتقم منهم فقوله: لا يغلب راجع للوجهين معاولاً يغلب كناية عن كونه غالبا وليس المراد أنّ الانتصار لا يوجب الغلبة بل يكفيه عدم المغلوبية كما قيل لأنه غير ملائم للمقام، وقوله: ينصر بعضنا بعضا تفسير لقوله: متناصر، وهو إشارة إلى أنّ الافتعال بمعنى التفاعل كالاختصام، والتخاصم. قوله: (والتوحيد (أي في قوله: منتصر، وكان المطابق لنحن

منتصرون لكنه نظر لجميع، ورجح جانب لفظه عكس {بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} لخفة الأفراد، ورعاية الفاصلة فإنّ جميع مفرد لفظاً جمع معنى فروعي جانب لفظه لما ذكر، وليس من مراعاة جانب المعنى في جميع أوّلاً ثم مراعاة جانب اللفظ ثانياً على عكس المشهور كما قيل. قوله:(وإفراده لإرادة الجنس) الصادق على الكثير، وهذا مصحح والمرجح رعاية الفواصل ومشاكلة قرائنه وقوله: أو لأنّ كل واحد يولي دبره على حد كسانا الأمير حلة كما مرّ، والمرجح ما مرّ، وقوله: وهو من دلائل النبوّة لأنّ الآية مكية ففيها أخبار عن الغيب، وهو من معجزات القرآن ففيه ردّ على من زعم أنّ هذه الآية مدنية لأنّ غزوة بدر بعد الهجرة كما مرّ، وقوله: فعلمته أي المراد من هذه الآية وتأويلها، وهذا الحديث صحيح متصل رواه الطبراني، وغيره عن عكرمة، وهو صريح فيما ذكره المصنف من أنها مكية من دلائل النبوّة كما صححه ابن حجر في تخريج أحاديث الكشاف فأعرفه. قوله:(موعد عذابهم) فهو المراد منه، وهذا بيان لحاصل المعنى أو هو إشارة إلى تقدير مضاف فيه، وقوله:

ص: 126

الأصليّ فسره بقوله، وما يحيق أي يحيط بهم، ويلحقهم طليعة له أي مقدّمة من طليعة الجيش، وهي طائفة تتقدمه، وقوله: والداهية إشارة إلى أنّ أدهى بمعنى أعظم داهية فتفسيره باشد بيان للمراد منه، وقوله: لدوائه أي لما يزيله وينفع من نزل به فهو استعارة هنا، وقوله: وأمرّ مدّاقا لم يفسره بأقوى على أنه من قولهم ذو مرّة أي قوّة لأنه يفهم من قوله: أشد قبله. قوله: (عن الحق في الدنيا) ذكر في الكشاف في الضلال، والسعر وجهين أوّلهما في هلاك، ونيران وثانيهما ما ذكره المصنف فكأنه رأى الأوّل لذكر النيران مخصوصاً بالآخرة لأنه لو كان على التوزيع كان عين ما بعده، ولا مجال لكونه في الدنيا، وعليه فذكر الهلاك ليس فيه كبير فائدة حيحثذ، ولذا جوّزه في قوله ولا تزد الظالمين إلا ضلالاً قيل: فيوم يسحبون منصوب بالقول المقدر في: (ذوقوا م! سقر) وفي انتصابه بمتعلق سعر تكلف كتعلق عند الله بخير قبيله، والعجب لمن تغطن له هنا فلم يجوّزه أنه جوّزه هناك وقد جعل منصوبا بذوقوا فالخطاب لمن خوطب في قوله: كفاركم أي ذوقوا أيها المكذبون

محمداً صلى الله عليه وسلم يوم يسحب المجرمون المتقدمون، والمراد حشرهم معهم والتسوية بينهم في الآخرة كما ساووهم في الدنيا (قلت أليس هذا بمحل العجب لأنه فيهما جائز حيث تعلق بعامل في أمور، وكان تعلقه باعتبار بعضها هنا، وأئا ثمة فيجوز تعلقه بالجميع، ولو سلم فهذا يدل على صحته بتكلف لا على منعه فالعجب من ابن أخت خالته لمن تدبر النظر في مقالته. قوله: (ذوقوا حرّ النار وألمها) في الكشاف مم! ق سقر كقولك: وجد مس الحمى وذاق طعم الضرب لأنّ النار إذا أصابتهم بحرّها ولحقتهم بإيلامها فكانها تمسهم مسا بذلك كما يمس الحيوان ويباشر بما يؤذي أن فقيل: أراد أنها مكنية، وقيل: كلامه يحتمل المكنية والمصرحة، وقيل: إنه أراد أنّ سى سقر كمس الحمى وذوقوا مس سقر كذاق طعم الضرب واستعمال الذوق في المصائب بمنزلة الحقيقة فلذا لم يبيته كما بين المس، وفي قوله: كما يمس الحيوان إشارة إلى اًنّ ألاستعارة في المس تحقيقية لا أنها في سقر بالكناية، وفي المس تخييلية كما توهم اهـ والمصنف خالف فسكت عن استعارة الذوق لأنها مشهورة، وجعل مس سقر مجازا مرسلاً بعلاقة السببية لألمها لأنّ الذوق متعلق بالآم، والمؤلمات في الاستعمال، وهو ظاهر فلا تشتغل بالقيل والقال. قوله:(علاً لجهنم) أعاذنا الله منها ببركة كلامه العظيم، وعدم صرفها للعلمية والتأنيث، وصقر بإبدال السين صاد الأجل القاف كما مرّ، ولوّحته بالحاء المهملة تفعيل من التلويح، وهو تغيير الجلد، ولونه من ملاقاة حر النار أو الشمس. قوله:(مرتباً على مقتضى الحكمة) تفسير لقوله: بقدر فالقدر بمعنى المقدر الذي استوفى فيه مقتضى الحكمة أو الحكم المبرم المقارن للقضاء كما قاله الطيبي، وقوله: ما بعده يعني به خلقناه، وقوله: لا نعتا يعني لشيء لوقوع الجملة بعد النكرة، وقوله: ليطابق المشهورة أي القرأءة المشهورة وهي قراءة النصب فإنّ السبعة اتفقوا عليها فالخبر أرجح لموافقته لمذهب أهل السنة في خلق الأفعال، ومطابقته لمعنى الفراءة المشهورة فإنّ الأصل توافق القراآت فليس للاستدلال بها على الاعتزال وجه كما توهم. قوله:(في الدلالة على أنّ كل شيء مخلوق) بالرفع خبر أنّ، وقوله: بقدر متعلق به لا خبر كما هو في الوجه المرجوح، وقد قيل: إنه لا فرق من حيث المعنى بين النصب، والرفع ولا بين كون خلقنا خبراً أو صفة لأنّ الشيء هنا المراد به المخلوق إذ ليس كل ما يطلق عليه الشيء مخلوقا كما لا يخفى فالمعنى على الخبرية كل مخلوق مخلوق بقدر،

وعلى الوصفية كل شيء مخلوق كائن بقدر فلا فرق بينهما معنى، وليس بشيء لأنّ الفرق مثل الصبح ظاهر فإنّ خلقنا ليس مبنياً للمفعول لإسناده لفميره تعالى فالمعنى على الخبرية كل مخلوق مخلوق لنا بقدر، وعلى الوصفية كل شيء مخلوق لنا كأين بقدر ولا شك أن الأوّل يفيد المقصود، والثاني: يوهم خلافه فافترقا افتراقا بينا فلا تمسك للمعتزلة بهذه الآية كما توهمه الزمخشري لا بمنطوقها، ولا بمفهومها لأنّ الشيء يطلق على المعدوم عندهم فتدبر. قوله: (ولعل اختيار النصب الخ (يعني أن السبعة، والقرا آت المتواترة اتفقت على النصب المحتاج إلى التقدير، وترك فيها الرفع مع أنه لعدم احتياجه للتقدير أرجح بحسب الظاهر، وليس من المسائل التي رجح فيها النصب في باب الاشتغال لأنه نص في المقصود فيرجح على الرفع الموهم لخلاف المراد كما ذكره ابن مالك، وابن الحاجب فليس

ص: 127