المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

المجلس سبحانك اللهمّ وبحمدك أسنغفرك وأتوب إليك، ولذا سميت سورة - حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي - جـ ٨

[الشهاب الخفاجي]

الفصل: المجلس سبحانك اللهمّ وبحمدك أسنغفرك وأتوب إليك، ولذا سميت سورة

المجلس سبحانك اللهمّ وبحمدك أسنغفرك وأتوب إليك، ولذا سميت سورة التوديع فإن قلت إذا سلم أنّ مجيء النصر والفتح والأمر بالتسبيح والاستغفار يدل على ذلك لكنها معلقة فكيف تدل عليه، قلت: هما وإن علقا وقعا في معرض الوعد ووعد الكريم يدل على قرب الموعود به لأنّ أهنأ البر عاجله، ولذا قال بعض البلغاء جعل الله عمر عداتك كعمر عداتك فسقط ما قيل من أنه إن أراد أن الأمر دال على النعي فهو معلق هنا، وإن أراد أنّ السورة دالة كليه فلا نسلمه. قوله:(وعنه عليه الصلاة والسلام الخ) موضوع والحمد لله على التمام، وعلى رسوله وآله وصحبه أفضل صلاة وسلام.

سورة‌

‌ تبت

وتسمى سورة المسد ولا خلاف في عدد آياتها ولا في كونها مكية.

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله: (والتباب خسران يؤدّي إلى الهلاك) كذا فسر به السلف كما في البخاري، ومادّته

تدور على القطع وهو مؤذ إلى الهلاك وقال الراغب: التباب الاستمرار في الخسران، ويقال: استتب له كذا أي استمرّ وما قيل: من أنه لم يوجد تقييده بالخسران في اللغة مما لا يلتفت إليه. قوله: (نفسه) فاليدان إمّا كناية عن الذات والنفس لما بينهما من اللزوم في الجملة أو مجاز من باب إطلاق الجزء على الكل كما قاله: محيي السنة وودّه بأنه يشترط فيه أن يكون الكل يعدم بعدمه كالرأس، واليد ليست كذلك غير مسلم وإن ذكر في الأصول لتصريح من يقتدي به بخلافه هنا، وفي قوله:{وَلَا تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [سورة البقرة، الآية: 195] كما مرّ في سورة البقرة أو المراد بذلك الشرط أنه يعدم حقيقة أو حكماً كما في إطلاق العين على الربيثة واليد على المعطي أو المتعاطى لبعض الأفعال فإنّ ذاته من حيث اتصافها بما قصد اتصافها به تعدم بعدم ذلك العضو إذ لا تكون رؤية بدون عين كما لا يكون معطياً بغير يد فتدبر. قوله: (وقيل إنما خصتا الخ) قدّم اليدين لرميه بهما، وهذا هو المصحح للمجاز كما عرفت والجملتان دعائيتان فالأولى دعاء على يديه والثانية على نفسه، وقيل: إنه كان يحسن إلى قريش والى النبيّ صلى الله عليه وسلم، ويقول: إن كان الأمر لمحمد فلي عنده يد وإن كان لقريش فكذلك فاليد بمعنى النعمة، وقد أخبر بخسرانه في يده عند النبيّ صلى الله عليه وسلم، وعند قريش والحديث المذكور صحيح رواه الشيخان وضعف كون المراد به الدنيا والآخرة لبعد.، ولذا قيل: إنّ المراد باليد حينئذ العمل لأنها سببه وآلته وهو إمّا للدنيا أو الآخرة. قوله: (والتكنية تكرمة الخ)

لجري العادة على أنّ من يعظم لا يخاطب باسمه فلا ينافي كون بعض الكنى مشعراً بالذم كأبي جهل، وقول أبي حيان الاسم أشرف من الكنية ولذا تركت التسمية هنا تنقيصا له، ولذا لم تكن الأ! ا- في القرآن تطيين لعين الشمس، وعدم تكنية الأنبياء في القرآن لأنه مقام عظمة وكبرياء كسما لا يخفى، وقوله: لاشتهاره الخ يعني ليس المراد تكريمه بل تشهيره. قوله: (كانت الكنية أوفق الخ) الأوفقية باعتبار ما قصد بها الآن كما قرر في المعاني في التعريف بالعلمية فلا ينافيه قول مقماتل إنه كني بأبي لهب لحسنه واشراقه، والأب الصاحب للشيء والملازم له كما يقال أبو ا! خير فهو يدل على كونه جهنميا إمّا لأنه يعتبر في الأعلام معانيها الأصلية، وهو ملازم اليب الحقيقي فلوحظ هنا لينتقل منه إلى ملزومه وهو كونه جهنمياً أو أنه لما اشتهر بهذا الاسم، وبكونه جهنمياً دلّ اسمه على كونه جهنمياً دلالة حاتم على أنه جواد فإذا أطلق وقصد، الانتقال إلى هذا المعنى يكون كناية عنه بلا اعتبار لمعناه الأصلي، وقوله: أو ليجانس الخ أي لوافقه لفظاً ومعنى والقول بأنه ليس بتجنيس لفظي لأنه ليس في الفاصلة وهم فإنهم لم يشترطو. فيه، وقراءة أبو بالواو لحكاية الرفع الذي هو أشرف أحوال اللفظ وأسبقها، ولذا حوفظ عليه واشتهر الاسم به وأمّا تسكين الهاء في قراءة ابن كثير فلأنهما لغتان فيه نهر، ونهر!! اشاله أبو البقاء، وغيره أو لأنه مقيس في العين الحلقية، واتفقوا على فتحه في ذات لهب لأف في الفاصلة، وقال الزمخشريّ هو من التغيير في الإعلام لئلا يلتبس بمعناها الأصلي كما قالوا في شمس بن مالك شمس بضم الشين.

ص: 407

قوله: (إخبار بعد دعاء) أي إذا كانت يداه بمعنى! سلى عون قوله: وتب مكرّراً ولا وجه له إلا التأكيد والعطف بالواو يأباه فدفعه بأن الأولى دعائية، وهذه إخبارية عما سيحقق له في الدنيا والآخرة وعبر عنه بالماضي لتحققه كما نقل عن الفراء، والظاهر إنّ هذه الجملة حالية وقد مقدّرة كما قرئ به، وقوله: جزاني البيت للنابغة، والعاويات بالواو من عوى الكلب إذا صاح وروي العاديات بالدال المهملة من عدا عليه بمعنى بغي أو من عدا بمعنى أسرع، وقوله: ويدلّ عليه الخ لأن قد لا تدخل على أفعال الدعاء، وقوله: أو الأوّل الخ جواب آخر ببيان أنه غير مكرّر لأنّ الأوّل المراد به خسرانه فيما كسبه وعمله بيديه حيث لم يفده، ولم ينفعه وما بعده عبارة عن خسرانه في نفسه وذاته لأن سعي المرء لإص! ح نفسه، وعمله فأخبر بأنه محروم منهما فقوله:{مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ} إشارة لهلاك عمله، وقوله:{سَيَصْلَى} الخ لهلاك نفسه. قوله: (ومحلها النصب) أي محل ما

إذا كانت استفهامية نصب على أنها مفعول به أو مفعول مطلق أي إغناء أو أي شيء، وما في ما كسب مصدرية أو موصولة بتقدير العائد، واليهما أشار المصنف رحمه الله تعالى بقوله كسبه أو مكسوبه، وجوّز أبو حيان كونها استفهامية وعصام كونها نافية أي ما كسب ما بنفعه. قوله:(بماله من التتائج الخ) ما موصولة وله صلته ومن بيانية فسره على وجه يغايره ما قبله ليسلم من التكرار لجواز كون المال مكسوباً، والنتائج على أنّ المال بمعنى المواشي لأنه شاع عند العرب بهذا المعنى، والأرباج على أنه بمعناه المعروف، وما بعده على العموم والوجاهة الشرف والرفعة في المراتب الدنيوية. قوله:(أو ولده عتبة وقد افترسه أسد في طريق الشام الخ) قال ابن حجر رحمه الله: كان تحت عتبة بن أبي لهب بنت للنبيّ صلى الله عليه وسلم فلما أراد الخروج إلى الشام قال: لآتين محمدا وأوذينه فأتا.، وقال له: يا محمد إني كافر بالنجم إذا هوى وبالذي دنى فتدتى ثم تفل في وجهه صلى الله عليه وسلم ورد ابنته وطلقها فقال صلى الله عليه وسلم: " اللهم سلط عليه كلباً من كلابك " وكان أبو طالب حاضرا فكره ذلك وقال له: ما كان أغناك يا ابن أخي عن هذه الدعوة فرجع إلى أبيه، ثم خرجوا إلى الشام فنزلوا منزلاً فأشرف عليهم راهب من دير، وقال لهم: إنّ هذه أرض مسبعة فقال أبو لهب: أغيثوني يا معشر قريش في هذه الليلة فإني أخاف على ابني دعوة محمد فجمعوا جمالهم وأناخوها حولهم، وهو معنى قول المصنف رحمه الله تعالى، وقد أحدق به العير بكسر العين أي أحاطت به الجمال خوفا من الأسد فجاء أسد يتشمم وجوههم حتى أتى عتبة فقتله كذا رواه أبو نعيم والبيهقي والطبراني وأهل المغارّي يقولون: عتبة أو عتيبة مصغرا، وقيل: اسمه لهب وبه كني أبو لهب وقال الطيبي إنه موضوع وضعه بعض الشيعة فإن ابن عبد البرّ في الاستيعاب، وابن الأثير في جامع الأصول قالا: إنّ عتبة بن أبي لهب أسلم هو وأخو. أسلما يوم الفتح، وسر النبيّ صلى الله عليه وسلم بإسلامهما ودعا لهما، وشهدا حنينا والطائف ورد بأنه لم يقف على رواية أبي نعيم، وهو ثقة إلا أنه لا يبعد الوهم في تسميته عتبة، وذكر تزوّجه ببنته صلى الله عليه وسلم ويكون صاحب القصة غيره وبه يتم التوفيق اهـ) قلت (لأبي لهب ثلاثة أولاد أحدهم أكيل السبع صاحب القصة، وفيه يقول حسان رضي الله عنه:

من يرجع العام إلى أهله! اأكيل السبع بالراجع

والذي صححه أهل الأثر أنّ أولاده لعنه الله ثلاثة معتب وعتبة، وهما أسلما وعتيبة مصغراً وهذا هو الذي دعا عليه النبيّ-يخفه لما طلق ابنته وفي ذلك يقول صاحب كتاب الألباب رحمه الله:

سور 3 تبت / الآيان: 3 و 4

كرهت صتيبة إذ أجرما وأحببت عتبة إذ أسلما

كذامعتب مسلم فاحترز وخف أن تسبّ فتى مسلما

ولهب هو أحد هؤلاء فيما قيل، وقال الثعالبي ومته يعلم أنّ الأسد يطلق عليه كلب ولما

أضيف إلى الله كان أعظم أفراده، وهو كلام حسن. قوله:(ومات أبو لهب الخ) قال ابن سيد الناس في السيرة إنهم ليم يحفروا له وإنما أسندوه لحائط وقذفوا عليه الحجارة من خلفه حتى واروه وقال الطبري: إن العدسة قرحة كانت العرب تهرب منها لأنها بزعمهم تعدى أشد العدوى فلما مات بها تركوه ثلاثة أيام فلما خافوا العار حفروا له

ص: 408

حفرة ودفعوه بعود حتى وقع فيها فقذفوه بالحجارة من بعد حتى واروه لعنه الله، وما ذكره المصنف رحمه الله رواية أخرى وتسميتها عدسة على التشبيه بها ويقال لمن أصابته معدوس، وقوله: فهو أي ما ذكر من أنه هالك هلاك مذلة لا يفيده ماله وولده، وكسبه شيئاً حتى لم يكفن ولم يحمل جنازته أحد من أتباعه. قوله:(وليس فيه) أي فيما ذكر هنا ما يدل على أنّ أبا لهب لا يؤمن الخ إشارة إلى ما قرّر في الأصلين في جواز التكليف بالمحال وما لا يطاق من الاستدلال بهذه الآية وأمثالها فإنّ أبا لهب وأضرابه كأبي جهل مكلفون بالإيمأن، وتصديق الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع ما جاء به ومن جملته أنهم من أهل النار لعدم إيمانهم بما جاء به، وهو جمع بين النقيضين في زمان واحد خارج عن حذ الإمكان وليس في وسع أحد، ومثله قوله تعالى:{سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ}

[سورة ي! ، الآية: 10] الآية وقوله: {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} الخ على وجه في تفسيرها فأجاب المصنف عما هنا بأنّ تعذيبه لا يستلزم عدم إيمانه حتى يكون تكليفاً بالمحال، ولا دلالة في الآيات الآخر على استغراق الأزمان المستقبلة بل ليس نصاً في الاستقبال، وتعيين الأشخاص وما في كتب الكلام من أنهم مخاطبون بالإيمان الإجماليّ دون التفصيليّ لا يرد عليه أنه لا يجدي بعد المخاطبة بالتفصيليّ، وعلمه كما توهم لأنهم لو علموا حالهم تفصيلَا سقط عنهم التكليف بالكلية لأنّ فائدته العزم على الفعل والترك للثواب، والعقاب فإذا علموا أنّ الفعل لا يصدر عنهم بإخباره تعالى لم يتأت منهم العزم عليه، والتكليف بمثله غير واقع وإن جاز كما قرّره الأبهري في شرح العضد. قوله:(يعني حطب جهنم الخ) يعني أنّ الحطب هنا مستعار للخطايا والأوزار لأنها فسرت به كما نقله البغوي عن ابن جبير هنا ووجهه أنّ كلَا منهما مبدأ للإحراق فلذا استعار له المصنف قوله: حطب جهنم، وفسره بقوله: فإنها الخ فما قيل من أنّ في دلالته على حملها حطب جهنم خفاء فالظاهر الإخلاء عن هلا االتعليل غفلة عن مراده،

وقوله: على إيذائه مرّ أنه مصدر جممعنى الأذى وإن من أنكر. مخطئ. قوله: (أو النميمة فانها توقد نار الخصومة) استعارة لطيفة كاستعارة حطب جهنم للأوزاو فالحطب مستعار للنميمة كما

ولم يمش بين الحيّ بالحطب الرطب

وفي وصفه بالرطب بلاغة عجيبة فإنه يعسر إيقاده ويكثر دخانه يقال: فلان يحطب على

فلان إذا أغرى به، وهو استعارة مشهورة وبه فسر قتادة ومجاهد والسذي. قوله:(حزمة (هي بضم وسكون ما يجمع، ويربط والحسك بحاء وسين مهملتين مفتوحتين وكاف شوك كبير وعلى هذا فهو حقيقة، وقوله: بالنصب على الشتم والذمّ فهو منصوب بمقدر كأذم ونحوه ويجوز أن يكون حالاً، وعلى القراءة المشهورة هو نعت لأنّ إضافته حقيقية إذ هو ماض أو صيغ المبالغة صفة مشبهة أو عطف بيان أو بدل أو خبر إن كان امرأته مبتدأ. قوله: ( {فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ} ) في الروض الأنف لم يقل في عنقها والمعروف أن يذكر العنق مع الصفع، والغل قال تعالى:{فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالاً} ، [سورة يى، الآية: 8] والجيد مع الحلي كقوله:

وأحسن من عقد المليحة جيدها

ولو قال عنقها كان غثاً من الكلام لأنه تهكم نحو فبشرهم بعذاب أليم أي لا جيد لها فيحلي، ولو كان لكانت حليته هذه ولتحقيرها قيل: امرأة ولم يقل زوج اه، وهو بديع جداً ولذا فسر. قتادة وابن جبير بالقلادة. قوله:) رجل ممسود الخلق (بفتح الخاء المعجمة وسكون اللام أي ممشوق غير ممتزج الجلد كأنه جدل، وفتل. قوله: (وهو ترشيح للمجارّ) يعني على الوجه الأوّل والثاني لا الثاني فقط كما توهمه بعضهم بناء على ما مرّ منه في الوجه الأوّل وقد عرفت. حاله، وضمير هو راجج إلى قوله:{فِي جِيدِهَا} الخ لا إلى قوله: {مِّن مَّسَدٍ} فقط على معنى أنّ الحبل مجاز عن السلسلة، وكونه من مسد أي مفتول ترشيح لأنه يناسب الحبل كما توهمه بعضهم. قوله:(أو تصوير لها بصورة الحطابة) بالفتح والتشديد أي صاحبة الحطب، وحاملته فهو على هذا حقيقة إن كان على الوجه الثاك كما اقالوه ويحتمل الاستعارة التمثيلية، وحينئذ بجواز إجراؤه على الوجوه الأخر فتدبر. قوله:) أو بياناً لحالها) فهو على هذا حقيقة أيضاً، وقوله: كالزقوم الخ تمثيل أو تبيين لحطب جهنم، وقوله: سلسلة من النار فه! هـ استعارة شبه فيها سلسلة النار بالحبل المفتول، وقوله: من مسد ترشيح له، وقوله: وألظرف

الخ يعني قوله: {فِي جِيدِهَا} الخ وصاحب الحال امرأته على العطف، والضمير المستتر في حمالة على خلافه أو هو خبر وحبل فاعل للظرف لكونه

ص: 409