المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وببركة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، وصحبه أجمعين. سورة‌ ‌ الحشر وتسمى - حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي - جـ ٨

[الشهاب الخفاجي]

الفصل: وببركة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، وصحبه أجمعين. سورة‌ ‌ الحشر وتسمى

وببركة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، وصحبه أجمعين.

سورة‌

‌ الحشر

وتسمى سورة النضير لما سيأتي وهي مدنية، وآيها أربع، وعشرون بلا خلاف.

بسم الله الرحمن الرحبم

قوله: (روي الخ) هذا الحديث أصله في السير إلا أنه ليس بهذا اللفظ قال ابن حجر:

لم يوجد مسنداً في كتب الحديث المعتبرة، وفيه مخالفة لما ثبت في الرواية كما سنبينه لك، وبنو النضير بوزن أمير قوم من يهود خيبر معروفون، وكذا بنو قريظة وهم من نسل هارون وجدّهم كان كاهناً، ولذا لقب الحيان بالكاهنين، وقيل: إنهم نزلوا في فتنة من بني إسرائيل ثمة لانتظار بعثة النبيّ في لتبشير كاهنهم به، وقوله: ظهر بمعنى غلب، وانتشر صيته، وقوله: ارتابوا أي في كونه إياه، وقوله ة نكثوا أي نقضوا صلحه، وكعب بن الأشرف رجل من بني نبهان من طيئ، وأمّه من بني النضير، وكان شاعراً أكثر من أذية المسلمين، وهجائهم والإغراء بهم، ولذا أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم بقتله، ومحالفة أبي سفيان على اتحادهم في محاربته وأضراره وأخو كعب رضاعاً ليس هو محمد بن مسلمة بفتح الميم الأنصاريّ كما توهم بل هو سلكان بن سلامة بن وقشي، وهو أحد الخمسة الذين باشروا قتله كما فصله ابن سيد الناس في سيرته، والغيلة بكسر الغين المعجمة قتل الرجل بحيلة، وخدعة يخفيها، ويظهر أنه لا يريد قتله. قوله:(ثم صيحهم بالكتائب الخ) ظاهره أنه عقب قتل كعب، وليس كذلك فإنّ قتل كعب كان قبل أحد، وهذا بعدها بأشهر على ما فصل في السير، والحيرة بكسر الحاء المهملة اسم بلدة معروفة. قوله:(في أوّل حشرهم من جزيرة العرب الخ) أي إخراجهم منها، وهو إشارة إلى أنّ اللام في قوله: لأوّل الحشر لام التوقيت كالتي في قولهم كتبته لعشر خلون، ونحوه ومآلها إلى

معنى في الظرفية لكنهم لم يقولوا إنها بمعنى في إشارة إلى أنقا لم تخرح عن أصل معناها، وأنها للاختصاص لأنّ ما وقع في وقت اختص به دون غيره من الأوقات، ويل: إنها للتعليل، وقوله: من جزيرة العرب الخ. هذا قيد لبيان الواقع لا للاحتراز حتى يتوهم أنّ لهم حشراً من غيرها كحشرهم من الشام إلى أرض العرب فيعترض عليه بأنه كان باختيارهم، والأول مقابل للآخر لأنه أوّل إخراج وقع لهم في الإسلام أو لا يلزم أنّ تعتبو فيه المقابلة، وجزيرة العرب معظم ديارهم المعروفة من اليمن إلى الشام، والعراق، وسميت جزيرة لأنها بين البحر الهندي، وبحر الثأم، ودجلة والفرات، وتعيينها مذكور في تحديد البلدان، وتقويم الأقاليم. قوله:(إذ لم يصبهم هذا الخ) توجيه لكونه أوّل، وقوله: أو في أول حشرهم للقتال فالمراد بالحشر جمع أهل الكتاب للمقاتلة مع المسلمين فإنهم لم يجتمعوا له قبله، وهذا إمّا بناء على وقوع قتال منهم أو جمعهم له، وتهيؤهم لا يلزمه الوقوع فلا ينافي قوله: وقذف في قلوبهم الرعب، وما في الكشاف من أنّ المراد حشر الرسول، والمؤمنين لقتالهم لأنه أوّل قتال للمسلمين مع أهل الكتاب فوجه آخر تركه المصنف رحمه الله لأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يعزم على القتال، ولذا ركب حماراً مخطوما بليف لعدم المبالاة بهم فلا وجه لما قيل إنه الظاهر فتدبر. قوله:(أو الجلاء إلى الشام) هذا بناء على أنه لم يقع منهم قتال، وقيل: إنه اعتبر الأوّلية، والآخرية بالنسبة إلى منتهى الجلاء، ويمكن اعتبار مبدئه من أرض العرب، وفيه نظر، وقوله: هناك يعني بالشام فإنها أرض المحشر كما روي عن عكرمة وغيره، وفاعل يدركهم ضمير القيام. قوله:(أو في أوّل حشر الناس) فتعريف الحشر على هذا للجنس، وعلى ما قبله للعهد واعتبار خصوص المحشورين، وقوله: أو إنّ ناراً الخ هو من أشراط الساعة، وهذا بيان لآخر حشرهم فهو معطوف على قوله: إنهم يحشرون، وأوّله حينئذ حشر الناس من غير تعيين لكن المقصود به ما مرّ أيضاً فتأمّل. قوله:(إخراج جمع) سواء كان من الناس لحرب أو لا فالمشروط فيه كون.

المحشور جمعا من ذوي الأرواح لا غير، وقوله: منعتهم بفتحتين مصدر أو جمع مانع كما مرّ وقوله، وظنوا الخ. أي ظنا قويا بقرينة السياق لا لأنّ أن إنما يعمل فيها ما يدل على علم أو يقين كما توهم مع

ص: 174

أنه من التزام ما لا يلزم، وقوله: من بأس الله ففيه مضاف مقدر. قوله: (وتغيير النظم الخ) أي كان الظاهر أن يقال: ظنوا أنّ حصونهم مانعتهم أو تمنعهم فعبر عما ذكر لما ذكر، وهذا بناء على أنّ مانعتهم خبر مقدم وحصونهم مبتدأ مؤخر، والجملة خبر أنّ، وفيه وجوه أخر ستأتي، وقوله: للدلالة الخ يعني لما في التقديم من الاختصاص، وما في نصب ضميرهم اسماً لأنّ من التقوّى تأتي الدلالة على ما ذكر كما قيل، وفيه نظر فإن قلت كيف دل أنهم مانعتهم حصونهم على التقوّي، وليس كزيد عرف في تكرّر الإسناد قلت: تكرر الإسناد كما يكون بتكرّر المسند إليه يكون بغيره كما تحوّل ضربت زيدا لزيداً ضربت، ثم تقول زيد ضربته قال ابن جني: قدّموا المفعول لأنه المقصود فاعتنوا به، ولم يقنعوا بذلك حتى أزالوه عن الفضلة، وجعلوه رب الجملة فرفعو. بالابتداء وصيروا جملة ضربته ذيلاً له، وفضلة ملحقة به كذا قال الشارح الطيبي: وهو مخالف للمنقول، والمعقول أمّا الأوّل فلأن السكاكي، والخطيب اشترطوا فيه أن يكون فاعلا معنويا، وأما الثاني فلأنّ زيداً لم يتكرر الإسناد إليه في مثاله إلا أن يراد بالإسناد النسبة، ولم يجدي نفعاً، وما ذكره من كلام ابن جني لا يفيده أصلاً فتأمّل. قوله:(ويجورّ أن تكون حصونهم فاعلَا لمانعتهم الاعتماده على المبتدأ وقد كان خبرا مقدماً ولم يذكر كونه مبتدأ خبره حصونهم لما فيه من الأخبار عن النكرة بالمعرفة إن كانت إضافته لفظية، والا بان يقصد استمرإر المنع فلأنّ المعنى ليس عليه، وكون هذا الوجه أقوى بحسب العربية غير مسلم، وأما تقدّم الخبر المشتق على المبتدأ المحتمل للفاعلية فلا يمتنع كالفعل، وقد صرّج به النحاة، والخلاف في مثله لا يلتفت إليه وتفصيل المسألة في حواشي التسهيل. قوله: (أي عذابه الخ) ففيه مضاف مقدر على الوجهين إمّا العذاب أو النصر، ومرض الثاني لما فيه من البعد بسبب التفكيك، وعلى الأخير فالمفعول محذوف لتعديه لاثنين وقوله العذاب أو النصر لف ونشر على الوجهين، وقوله: لقوّة وثوقهم على الوجه الأوّل هو متعلق بلم يحتسبوا، ويحتمل أنه على الثاني متعلق بأتاهم فيجري عليهم فتدبر. قوله:(وأثبت فيها الخوف) أصل القذف الرمي بقوّة أو من بعيد، وأما اقتضاؤه لثبوت ما رمى فكأنه من العرف كما في قوله:

لدي أسد شاكي السلاح مقذف

أي رمى بحلم ثبت فيه فليس ذكر القذف مستغنى عنه والرعب الخوف الشديد لأنه يتصوّر فيه أنه ملأ القلب من قولهم رعبت الحوض إذا ملأته، وقوله: آلاتها جمع آلة، وهي الخشب والعمد وكل منهما صحيح هنا، وأما الآلة بالمعنى المعروف فغير مراد هنا. قوله:(وعطفها على أيديهم الخ) يعنى أيدي المؤمنين ليست آلة لليهود في تخريبهم لبيوتهم، وإنما الآلة أيديهم أنفسهم لكن لما كان تخريب أيدي المؤمنين بسبب أمر اليهود كان التخريب بأيدي المؤمنين كأنه صادر عنهم فقوله: يخربون حينئذ إما من الجمع بين الحقيقة، والمجاز أو من عموم المجاز كما لا يخفى، وقوله: نكاية أي فعل المؤمنين لأجل النكاية، وهي فعل ما يغيظهم أشدّ الغيظ، وقوله: عن بغضهم الضمير لليهود أي صادر عن عداوتهم للمؤمنين. قوله: (أو تفسير للرعب) فالجملة تفسيرية لا محل لها من الإعراب، وعلى الحالية من ضمير قلوبهم هي في محل نصب، ويجوز أن تكون مستأنفة جواباً عن سؤال تقديره فما حالهم بعد الرعب أو معه، والتفسير باذء، ء الاتحاد لأنّ ما فعلوه يدل على رعبهم إذ لولا خوفهم ما خرّبوها فلا غبار عليه كما يتوهم، وقوله: التكثير في الفعل أو المفعول، ويجوز أن يكون في الفاعل، وقوله: التعطيل الخ فهو ما يكون بعد الهدم فيكون الإخراب أثر التخريب. قوله: (فلا تغدروا) كما غدر بنو النضير، ولا تعتمدوا على غير الله كما اعتمد هؤلاء على حصونهم إشارة لوجه تفرّعه على ما قبله، وقوله: استدل به المستدل به أكثر أهل الأصول كما هو مسطور فيها حيث قالوا: إنا مكلفون بالقياس سمعا لهذه الآية فإنا أمرنا بالاعتبار، والاعتبار ردّ الشيء إلى نظيره بأن يحكم عليه بحكمه، ولذا سمي الأصل الذي تردّ إليه النظائر عبرة، وهذا يشمل الاتعاظ، والقياس العقلي والشرعي، وسوق الآية للاتعاظ فتدل عليه عبارة وعلى القياس إشارة فلا ينافي كونه دليلَا على حجية القياس قوله: فاتعظوا، واليه أشار بقوله: من حيث إنه الخ، وفي التعبير بالمجاوزة إشارة إلى أنّ الاعتبار من العبور والحال الأولى هي حال الشيء الذي صار عبرة كحال بني النضير في غدرهم، واعتمادهم على غير الله

ص: 175

الصائرة سبباً لتخريب بلدانهم، ومفارقة أوطانهم فيتجاوز من هذه الحال إلى حال أخرى وهي حال المعتبر المتعظ إذا غدر فإنها تفضي به إلى نية ما أفضت الحال الأولى، وقوله: وحملها بالجرّ معطوف على المجاوزة والضمير لحال الثانية، وقوله: عليها الضمير لحال الأولى، وقوله: في حكم هو

العقاب المترتب على الغدر، وقوله: من المشاركة أي في جنس النوعين، وضمير له للحكم المذكور، والمراد بالكتب الأصولية المنهاج ومتعلقاته. قوله تعالى:( {وَلَوْلَا أَن كَتَبَ اللَّهُ} الخ) أن مصدرية لا مخففة، واسمها ضمير شان كما توهم، وقد صرّح به الرضي، وقوله: في الكشاف إنه كتب الخ تصوير للمعنى، وهو الذي غر من قال بعدم المصدرية هنا وقوله: استئناف لم يجعلها حالية لأنها تحتاج للتأويل لعدم المقارنة، وقوله: حاق بهم أي نزل بهم وهو الجلاء والتخريب، وما هو معد لهم عذاب الآخرة. قوله:(من نخلة) فهي أي اللينة بمعنى النخلة مطلقاً وهو أحد الأقوال فيها، وقيل الفحل منها، وقيل: ما عدا العجوة والبرنية، وهما أجوده، وقيل: أجوده مطلقاً ومعناه النخلة الكريمة، وقطع الكريمة لغيظهم، وقطع غيرها لإبقاء الأحسن للمسلمين، ولذا جعل القطع، والترك جاريا على وفق مراد الله، وقد صرّح به في الأثر، وقوله: وجمعها أليان، وفي نسخة ليان فعال، وعليه قوله:

وسالفة كسحوق الليان أضرّم فيه القوي السعر

وفي أخرى لين كما في الكشاف. قوله: (الضمير لما) وهي اسم شرط هنا كما صرّح به المعربون كما أشار إليه المصنف فأيّ في كلامه شرطية لا موصولة كما قيل، ولذا قدر الزمخشريّ فقطعها لإذن الله ليكون الجواب جملة، وقوله: وقرى أصلها يعني بضمتين، وأصله أصولها أو هو كرهن بضمتين من غير حذف وتخفيف، وقوله: فبأمره فالإذن مجاز عن الأمر، وقد يجعل مجازا عن الإرادة، والمشيئة كما مر، والمراد بأمر الله ظاهره أو أمر الرسول بأمر الله. قوله:(أي وفعلتم أو وأذن لكم في القطع) تقدم الكلام في أمثاله، وأنه يقدر له متعلق معلل معطوف على ما قبله أو يحذف علة ما قبله ويعطف هذا عليه فالتقدير ما ذكره أو فب! ذن الله ليعز المؤمنين وينصرهم، ويجوز أن يعطف على قوله بإذن الله إذ تعطف العلة على السبب كما ذهب إليه الزمخشري في قوله:{وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ} [سورة آل عمران، الآية: 66 ا] فلا حاجة إلى الحذف فيه كما مر ومفعول فعلتم مقدّر بقرينة ما بعده أي فعلتم القطع أو يجعل عاما أي كل ما فعلتم، وتخصيص الأذن بالقطع لأنّ

الإخزاء فيه أظهر، وقوله: بإذن الله متعلق بكلا الفعلين من القطع، والترك لا بالقطع وحده كما في الكشاف قال في الانتصاف الظاهر أن الأذن عامّ في القطع، والترك لأنه جواب الثرط المضمن لهما جميعا ويكون التعليل بإخزاء الفا- سقيبن لهما جميعا فإنّ القطع يخزيهم بذهابها، والترك يخزيهم ببقائها للمسلمين. قوله:(على فسقهم) لأنّ التعليق بالمشتق يقتضي أنّ مأخذ الاشتقاق عله للحكم كما تقرّر في الأصول، وقوله: ليخزيهم إشارة إلى أنه من وضع الظاهر موضع المضمر لما ذكر، وقوله: واستدل به ال! خ أي استدل الفقهاء بهذه الآية، وهذه القصة، وفيه تفصيل في كتب الفقه، والحاصل أنه إن علم بقاؤها في يد أهل الحرب فالتخريب والتحرلق أولى، والا فالإبقاء أولى ما لم يتضمن مصلحة. قوله:(فما بال قطع النخل وتحريقيا) لم يتعرّض في النظم للتحريق لأنه في معنى القطع فاكتفى به عنه، وأما التعرض للترك مع أنه ليس بفساد فلتقرير عدم كون القطع. فسادا لنظمه في سلك ما ليس بفساد إيذانا بتساويهما قي عدم الإفساد، ومن لم يقف على ما فيه من المزية قال الترك يصدق ببقائها مغروسة أو مقطوعة، ولذا قال قائمة، ولم يدر أن العطف بأو يأباه، ولما ذكرناه من نكتة التعرض للترك قدره الزمخشريّ فقطعها بإذن الله فخصى القطع بالذكر مع وجوب كون المحذوف صن الجزاء عبارة عن القطع، والترك كليهما لتضمن الشرط لهما للإشعار بأنه المقصود بالييان والتعرّض للترك إنما هو لنكتة سنية تناسب المقام ذهبت على من قال ما قال، وماذا بعد الحق، إلا الضلال. قنوله:(وما أعاده عليه الخ) فالفيء، والغيئة الرجوع إلى حالة محمودة قاله تعالى:{فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [سورة الحجرات، الآية: 9] ومنه فاء الظل، والفيء لا يقال إلا للراجع منه، وقيل: للغنيمة التي لا يلحقها مشقة فيء قال بعضهم تشبيهاً له بالظل لأنه عرضى زائل قاله الراغب، والمصنف أشار بقوله: أعاده الخ إلى أنه إمّا بمعنى الصيرورة أو بمعنى الرد

ص: 176

لما ذكره، وهو معنى آخر غير ما ذكره الراغب، وأشاو بقوله، وما أعاده إلى أت ما موصولة، ويجوز كونها شرطية فما أوجفتم الخ خبر أو جواب وردّه معطوف على صيره، وتعديته بعلى لما فيه من معنى الردّ أو إبقاء له على أصله فلا تكلف فيه عليهما كما قيل. قوله:(فهو جدير بأن يكون للمطيعين) ظاهره أنه غير مخصوص به صلى الله عليه وسلم كما قيل، ومن

خصه به قال هو رأس المطيعين فهو أحق به فتأمّل. قوله: (او من الكفرة الخ) المراد مطلق الكفرة يعني بني النضير، وغيرهم أو المراد ما عدا بني النضير بناء على أنّ أموالهم كانت صفيا خالصاً له صلى الله عليه وسلم من غير تخميس لكنه يتصرف فيها ما يشاء، وما عداها يخمس، وقيل: إنّ الغنائم كانت محرّمة على الأمم قبلنا ثم أحلت للنبيّ صلى الله عليه وسلم خاصة، ثم نسخ ذلك بالتخميس، وفي الأحاديث الصحيحة ما يؤيده، ومن في قوله من خيل مقحمة صلة هنا، وقوله: فما أجريتم الخ. فالمراد ما حصل بلا قتال وقوله: كما غلب الراكب الخ. فلا يقال: راكب لمن كان على فرس أو حمار، ونحوه بل يقال: فارس، ونحوه وهذا باعتبار الأكثر الفصيح، وهو عام لغير. وضعاً. قوله:(وذلك) أي عدم أعمال الخيل، والركاب لأنها كانت قريبة جدّاً من المدينة، ولم يقع فيها من القتال إلا شيء يسير لم يعتدى به فجعل هو، والمحاصرة كالعدم، وقوله: ولذلك أي لقربها من المدينة، وعدم القتال الشديد فيها لم يعط الأنصار لأنهم أهل المدينة في الحقيقة فلا مشقة عليهم في ذلك أصلاً، وأمّا المهاجرون فلكونهم غرباء نزلت غربتهم منزلة السفر، والجهاد. قوله:(إلا ثلانة كانت بهم حاجة (أي كانوا فقراء فيهم احتياح شديد فخصهم بما أعطاهم، والثلاثة كما في الكشاف أبو دجانة سماك وسهل بن حنيف، والحرث بن الصمة، والذي في السير كما في سيرة ابن سيد الناس أنهما اثنان بدون ذكر الحرث، وأنه أعطى سعد بن معاذ سيفاً لابن أبي الحقيق كان له ذكر عندهم. قوله: (بقذف الرعب في قلوبهم) خصه لأنّ ذكره عقب كونه ليس بأعمال المراكب، والقتال اقتضى ذلك، وقوله: بالوسايط الظاهرة كالجنود والقتال، وغير الظاهرة كالرعب، وقوله: بيان للأوّل أي لقوله: {مِمَّا أَفَاء اللَّهُ} السابق، ولكونه بيانا له لم يعطف عليه لثذة الاتصال بينهما كما تقرّر في المعاني فلا حاجة إلى جعله معطوفا عليه بترك العاطف كما قيل لأنه مخالف للقياس لا يرتكب مثله من غير ضرورة داعية له. قوله:(لظاهر الآية) التي نحن فيها إذ ذكر فيها ستة وصرفه سهم

الله لما ذكر لشذة اختصاصها بالله، وصرفها إلى العساكر هو الأصح عند الشافعية، وقوله: والآن على الخلاف المذكور يعني في التخميس كما ذكره المصنف آنفاً، وفي نسخة على خلاف المذكور يعني أخيرا لأنه للغزاة، والعساكر. قوله:(أي الفيء) فالضمير راجع على مصدر ما أفاء، وقوله: حقه أن يكون للفقراء مأخوذ من السياق، وتعليل التقسيم بنفي دولة الأغنياء، وقوله: ويدور الخ تفسير لقوله يتداوله الأغنياء، وقوله: كما كان في الجاهلية من أخذ الرؤساء، والأغنياء الغنائم دون الفقراء، وهو معمول ليتداول أو يدور أو ليكون في النظم، وق! وله: وقرئ دولة أي بالفتح، وقوله: ذا تداول لأنه مصدر ومثله يقدر فيه المضاف إن لم يتجوّز فيه ولم يقصد المبالغة. قوله: (أو أخذه غلبة تكون بينهم) تفسير آخر للدولة معطوف على قوله: ما يتداوله فالدولة إما الأموال الدائرة بينهم أو أخذة القهر والغلبة، وقوله: أي كيلا يقع دولة جاهلية تفسير لقوله: بين الأغنياء منكم كما مر. قوله: (وما أعطاكم من الفيء) فآني بالمد بمعنى أعطى، والمراد ما أعطى من الفيء لأنّ المقام يعينه، ويخصه به وقال الراغب الإيتاء مخصوص بدفع الصدقة في القرآن، ولذا قدمه المصنف فليس ما بعده أولى كما توهم، وقوله: أو من الأمر واحد الأمور فيعم الفيء، وغيره أو الأوامر لمقابلة قوله، وما نهاكم له لكن الأوّل أقرب لأنه لا يقال أعطاه الأمر بمعنى أمره إلا بتكلف كما لا يخفى إلا أنّ ما بعده من قوله: واجب الإطاعة يقتضي أنّ الثاني هو المراد. قوله: (لأنه حلال لكم الف، ونشر مرتب فهذا على أنّ المراد بما آتاهم الفيء، وقوله: فتمسكوا به على أنّ المراد الأمر، وكذا قوله عن أخذه الخ، والعجب ممن ذكر هذا هنا مع تفسير الأمر بما مر فلا يخفى ما فيه من التخليط. قوله: (بدل من لذي القربى الخ الا من الجميع فإنّ الرسول لا يسمى فقيرا، وقوله:{وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} بعده يأبى دخوله فيهم أيضاً إباء ظاهراً، وما اشتهر من قوله صلى الله عليه وسلم:

" لفقر فخري " (11 لا أصل له، وكيف يتوهم مثله-، والدنيا

ص: 177

كلها لا تساوي جناج بعوضه عند الله وهو أحب خلقه إليه حتى قال بعض العارفين: ولا يقال له صلى الله عليه وسلم زاهد لأنه تارك الدنيا، وهو لا يتوج! هـ إبحا! فضلاً عن طلبها اللازم لمحلترك فعليك بإمعان النظر في علوّ فقامه صلى الله عليه وسلم، وما خصه الله به من إكرامه. قوله:(ومن أعطى- أغنياء ذوي القربى) كالشافعي وقوله: خصص الأبدال الخ لأنهم لا يشترط فيهم الفقر عنده أو يخص؟ الفيء المذكور! نا بفيء بني النضير، وهو لم يعط الأغنياء منه مطلقاً وأبو حنيفة اشترط الفقر في ذوي القربى فجعله بدلاً منه وتفصيله في الأصول- وكتب الفزوع، وشروح الكشاف مخانظبره، وقوله: وأخذوا أمبرالهم إشارة إلى أنّ قوله، وأموالهم كقوله:{تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ} [سورة الحشر، الآية: 9] وقوله: مقيدة لإخراجهم إشارة إلى أنه حال من نائب الفاعل، وما يوجب تفخيم شأنهم لأنّ مفارقة الديار، والأموال تقتضي الحزن، واليأس، وهذا يقتضي توكلهم التام، والرضا بما قدره الله. قوله:(الذين ظهر صدقهم الخ) تصحيح للحصر الذي يدل عليه توسط الفصل، وتعريف الخبر بأنّ المراد من ظهر صدقهم في إيمانهم لأنّ ابتغاء الفضل، والرضوان مع الإخراج من الأموال، والأوطان مما يظهر إيمانهم ظهوراً ليس لغيرهم ممن صدق، وآمن. قوله:(عطف على المهاجرين) لاشتراكهم في أنهم يعطون من الفيء لفقرهم،. واستحقاقهم، وقوله: والمراد بهم أي بالذين تبوّؤوا، وقوله: لزموا المدينة الخ إشارة إلى أنّ التبوّأ الترك في المكان، ومنه المباءة للمنزل فنسبه إلى الإيمان لأنه مجاز مرسل لاهتعماله في لازم معناه، وهو اللزوم والتمكن فيهما فالمعنى لزموا الدار، والإيمان، وتمكنوا فيهما، ولو قال أو تمكنوا فيهما كان وجها آخر على تنزيلى الإيمان منزلة المكان الذي يتمكن فيه على أنه استعارة بالكناية، ويثبت له التبوّأ على طريق التخييل ولفظ التمكن لأخذه من المكان أنسب حينئذ وفيه تورية ولطف هنا. قوله:(وقيل المعنى الخ) مرضه لما فيه من التكلف مع أنّ دار الهجرة، ودار الإيمان متحدة حينئذ،

وفي تعويض اللام تكلف آخر يغني عنه كون التعريف للعهد، وقوله: وأخلصوا الإيمان بأن يقدر للثاني عامل معطوف على عامل الأوّل، وهو أحد الوجو. المذكورة في أمثاله. قوله:(وقيل سمي المدينة بالإيمان) مجازا مرسلا لإطلاق اسم الحال على محله أو تسمية محل ظهور الشيء باسمه، وهما متقاربان، والوجوه أربعة لأنه إما بالتقدير أو بدونه، والإيمان إما على حقيقته أو مجاز.، ولو نظرت إلى التبوّي زادت الوجوه، والتفصيل في شروح الكشاف، ولا حاجة إلى توسيع دائرته إذ يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق منها، وقول الطيبي طيب الله ثراه أنهم تمكنوا من الإيمان تمكن المالك في ملكه بلا منازع، وقد كان المهاجرون بتقية الخوف لم يوجد لهم ذلك التمكن حتى استقروا في دار الهجرة قيل عليه إنّ خوفهم من المشركين على أنفسهم وهو لا ينافي تمكنهم في الإيمان، وقد كان محققا معه فإما أن يبني على دخول العمل في الإيمان كما مر أو يقال التمكن يكون بالقدرة على التصرف في توابعه، وروادفه ولم يكن قبل الهجرة، ولا يخفى أنه غير وارد لأنه مناد على أنّ التمكن عدم المنازع والمعارض لمن أظهره، وهو أمر آخر غير ما فهمه المعترض فتدبر. قوله:(لأنها مظهرة ومصيره) كونها مظهر الإيمان ظاهر، وأما كونها مصيره أي محل رجوعه فلما ورد في الحديث أن الإيمان في آخر الزمان يرجع إلى المدينة، ويستقرّ فيها، وقد ورد أن الدجال لا يدخلها " وأن الإلمان يأرز إليها كما تأرز الحية إلى حجرها) . قوله:(من قبل هجرة المهاجرين الما كان ظاهر النظم أن الأنصار سبقوا المهاجرين إلى الإيمان، والأمر بالعكس أوّلوه بوجهين الأوّل أنه بتقدير مضاف فيه كما ذكره المصنف ولا شك أنّ تمكن الأنصار في الإيمان، والمدينة كان قبل هجرة المهاجرين، ولا يلزم من سبق إيمانهم على هجرتهم سبق إيمانهم على إيمانهم، والثاني أنّ فيه تقديماً، وتأخيرا والتقدير تبوّؤوا الدار من فبلهم، والإيمان ومرضه لأنّ القلب خلاف الظاهر وليس بمقبول ما لم يتضمن نكتة سرية، وهذا ليس كذلك، وأنما يحتاج إلى أحد هذين التأويلين في الوجه الأوّل، والثالث دون الثاني والرابع وإما أنه يكفي في تقدم المجموع تقدّم بعض أجزائه فغير مسلم، ولو قيل سبقوهم للتمكن في الدار، والإيمان لأنهم لم ينازعوا فيه لما أظهروه كان وجها تاماً من غير تقدير، ولا تقديم ولا تأخير. قوله: (ولا يثقل عليهم الخ) يعني أنّ المراد بمحبة

ص: 178

المهاجرين هنا مواساتهم، وعدم الاستثقال، والتبرم منهم إذا احتاجوا إليهم فالمحبة كناية عما ذكر كما قيل:

يا أخي واللبيب إن خان دهر يستبين العدوممن يحب

قوله: (في أنفسهم) يعني المراد بالوجدان الوجود في الذهن، والتصور بأن لا يكون ذلك

في أنفسهم لأنها المدركة في الحقيقة فالصدور لكونها مقر القلوب التي بها الإدراك جعل ما في العقل، والإدراك في الصدور مجازاً. قوله:(ما تحمل عليه الحاجة) فالحاجة هنا مجاز عما يتسبب عنها مما ذكر، وقيل: إنه كناية حيث أطلق لفظ الحاجة على الغليظ، والحسد والحزازة لأنّ هذه الأشياء لا تنفك عن الحاجة فأطلق اسم اللازم على الملزوم على سبيل الكناية، وقد قدّمناه أولى من هذا، وفي الكشاف لا يجدون لا يعلمون في أنفسهم حاجة مما أوتوا أي طلب محتاج إليه مما أوتي المهاجرون من الفيء، وغيره والمحتاج إليه يسمى حاجة اهـ فسر الحاجة بالمحتاج إليه، وبينه شيوع الاستعمال، وجعل من بيانية أو تبعيضية، وهي على ما ذكره المصنف تعليلية وأضمر الطلب، والحاصل لا يعلمون في أنفسهم طلب ما أوتي المهاجرون مما يحتاج إليه الأنصار لأنّ الواجدان في النفس إدراك علمي، وفيه من المبالغة ما ليس في يعلمون، وفي حذف الطلب فائدة جليلة كأنهم لم يتصوّروا ذلك، ولا مرّ في خاطرهم أنّ ذلك محتاج إليه حتى تطمح النفس إليه كذا حققه المدقق في الكشف ولكل وجهة وما قيل إنّ مسلك المصنف أولى منه فيه نظر إذ ما ذصب إليه الزمخشري ليس فيه إلا تقدير مضاف، وهو أبلغ وأنسب بالمقام، وأوفق لسبب النزول فالمراد بالطلب طلب ما يشق عليهم والحزازة بمعجمتين بعد الحاء المهملة المفتوحة أصله مرض في القلب، ويكنى به عما يضمره الإنسان من الغيظ، والعداوة وهو المراد والحسد معروف، وهو تمني زوال النعمة، والغبطة تمني مثلها من غير أن تزول وقد يكون مذموماً، وقوله: نزل عن واحدة الخ أي طلقها ليتزوّجها الآخر، وقد كان النبيّ صلى الله عليه وسلم آخى بينهم فكان لكل واحد من المهاجرين أخ من الأنصار كما قال ابن الفارض: نسب أقرب لي من أبوي

رضي الله عنهم أجمعين، ونفعنا ببركاتهم آمين. قوله:(من خصائص! البناء الخ) يعني

أصله الخروق في البناء فكني به عن الاحتياج ثم صار حقيقة فيه، وقوله تعالى:{وَمَن يُوقَ} الخ أفرد أوّلاً ثم جمع رعاية للفظ من، ومعناها، وإيماء إلى قلتهم في الواقع عدداً وكثرتهم معنى:

فالناس ألف منهم كواحد وواحد كالألف إن أمر عنا

قوله: (هم الذين هاجروا الخ) فالمراد مجيئهم، إلى المدينة بعد مدة، والمجيء حسي، وقوله: أو التابعون ليس المراد به مصطلح المحدثين، وهو من لقي الصحابي بل معناه اللغوي، وهو من جاء بعد الصحابة مطلقاً كما صرّح به بقوله:{هُمُ الْمُؤْمِنُونَ} الخ فالمجيء إما إلى الوجود أو إلى الإيمان، وجملة يقولون حالية، والمراد بدعاء اللاحق للسابق، والخلف للسلف إنهم متبعون لهم أو هو تعليم لهم بأن يدعوا لمن قبلهم، ويذكروهم بالخير، وقوله: فحقيق الخ. بيان لارتباطه بما ذيله أتم ارتباط، وقوله: لإخواننا الخ كأنه لم يؤخره عن قوله: للذين آمنوا لأنه تفسير له، ولم يقدمه على قوله، ولا تجعل إيماء إلى أنّ الدعاء للإخوان السابق ذكرهم من غير حاجة إلى قوله: للذين آمنوا وإن وضع فيه الظاهر موضع المضمر لمدحهم بصفة الإيمان، وبيان لمقتضى الأخوّة فتأمّل. قوله:(أو الصداقة الخ) الأوّل على أنّ الأخوّة أخوّة دين، واعتقاد، وهو مستعار من أخوّة النسب، والثاني على أنه بمعنى الصداقة لأنّ الأخ في النسب يجمع على أخوة، وفي الص! داقة على إخوان في الأكثر. قوله:(في قتالكم أو خذلائكم) تفسير لقوله فيكم لأنّ المراد في شانهم، وما يتفق منه، وعدم إطاعة الرسول، والمؤمنين مخالفة أمرهم، ونهيهم وأمرهم بالقتال، ونهيهم عن نصرهم، وهو الخذلان، وقد ذكر. المصنف تبعاً للزمخشريّ بعد قوله: لا نطيع فيكم، وهو في محله ومحز.، ولا سهو فيه كما توهم، وليس محله بعد قوله: لننصرنكم، وليس المعنى لا نطيع في ترك موافقتكم في الخروح معكم فإنه زائد بعد قوله: لنخرجن معكم فلا وجه لتكثير السواد بمثله. قوله: (قإنّ ابن أبئ) يعني ابن سلول رأس المنافقين، وقوله: وفيه دليل الخ لما فيه من الأخبار بالغيب، وهو من أدلة النبوّة وأحد وجوه الإعجاز أيضاً، وهذا بناء على أنّ السورة نزلت قبل وقعة بني النضير، وكلام أهل

ص: 179

الحديث والسير يدل على خلافه، وإن قيل: إنّ النظم دال عليه وفيه نظر.

قوله: (على الفرض والتقدير) كما هو مقتضى أن الشرطية، ولولاه نافي قوله: لا ينصرونهم قبله، وقوله: أو نفاقهم هذا على أن الضميرين للمنافقين وعلى ما قبله هو لليهود، وقوله: ضمير الفعلين يعني الضمير الظاهر في قوله: يولن وينصرون، وكونه مستترا سهو غير مستتر، وقوله: مصدو الخ لأنّ المؤمنين مرهوب منهم لا راهبون.

قوله: (فإنهم كانوا يضمرون الخ) فسكونها في الصدور كناية عن الإضمار، وقوله: على

ما يظهرونه لا أنه فإنّ كونه أشد من رهبة الله يقتضي أن في نفوسهم رهبة من الله فأشار إلى أنه بناء على ما يظهرونه لا أنه كذلك في نفس الأمر، ولو أبقى على ظاهره وحقيقته لم يمنع منه مانع- قوله:(فإن استبطان رهبتكم (أي إخفاء الخوف منكم سبب لإظهار الخوف من الله، والإسلام وهو بيان لوجه الأشدية، وقوله: حتى يخشونه رفعه لوقوعه بعد النفي، ويجوز نصبه كما وقع في عبارة الزمخشري، وكلاهما مذهب مشهور للنحاة، وقوله: بالدروب جمع درب بالدالى المهملة وهو الباب الكبير معرّب در كما قيل، والخنادق جمع خندق، وهو معرب أيضاً، ومعناه معروف وقراءة أبي عمرو جدار بإقامة المفرد مقام الجمع لقصد الجنس أو لأنّ المراد السور الجامع للجدر، والحيطان. قوله:) وليس ذلك الخ (هذا هو بعينه ما في الكشاف مع زيادة، ولا مغايرة بينهما كما توهم، وقوله: إذا حارب الخ إيماء إلى أنّ بينهم متعلق بشديد قدم للحصر، وعبارته في الكشاف يعني أن البأس الشديد الذي يوصفون به إنما هو بينهم إذا اقتتلوا ولو قاتلوكم لم يبق لهم ذلك البأس، والشذة لأنّ الشجاع يجبن، والعزيز يذل عند محاربة الله ورسوله عتتن انتهى فلا غبار عليه. قوله: (مجتمعين الم يجعله مؤكداً لعدم صحته هنا، وقوله: لاختلاف عقائدهم الخ لأنّ طرق الضلال متسعة، وطريق الهدى واحد مستقيم كما مرّ تحقيقه في قوله:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ}

[سورة الأنعام، الآية: 153] وقوله: يوهن قواهم أي يضعف قوّتهم المركوزة فيهم بحسب الخلقة. قوله: (أو بني قينقاع (بفتح القاف وتثليث النون، وهم شعب من اليهود الذين كانوا حوالى المدينة، وايقاع النبيّ صلى الله عليه وسلم بهم واجلاؤهم لأذرعات مشهور في السير، وقوله: إن صح الخ قال ابن سيد الناس غزوة بني قينقاع كانت يوم السبت على رأس عشرين شهرا من الهجرة في شوّال، وغزوة بني النضير كانت على رأس خمسة أشهر أو ستة وثلاثين من وقعة أحد وأحد كانت على رأس اثنين وثلاثين شهراً من الهجرة، ولم يحك غير هذا فيها فتكون قبل النضير بلا كلام فقوله: إن صح ليس بظاهر، وقوله: في زمان قريب فنصبه على الظرفية. قوله: (وانتصابه بمثل الخ) يعني انّ العامل في الظرف أعني قريبا، والناصب له لفظ مثل، ولا يخفى ركاكته فإنه إن قصد أنّ فيه مضافا مقدرا عمل المضاف إليه لقيامه مقامه كما قيل فلا يخفى أنّ المعنى ليس عليه لأنه قصد تشبيه المثل بالمثل أي الصفة الغريبة بمثلها لا بالوجود، وكونه لا يجب إضافة المثل، ودخول الكاف على المشبه به وكونه من إضافة الصفة لموصوفها أي المثل الموجود لا يدفع الركاكة، وإن صححه فإن أريد أنّ العامل التشبيه أو متعلق الكاف لأنه يدل على وجوده كانت العبارة نائية عنه، وقيل: عامله ذاقوا وعلى الأوّل فقوله: ذاقوا الخ مبين للمثل وهو جملة مفسرة لا محل لها من الإعراب. قوله: (أو المهلكين الخ (ينبغي على هذا أن ينتصب قريباً بذاقوا لئلا يفسد المعنى فما ذكره المصنف على الرأجح عنده، وقوله: سوء عاقبة كفرهم الخ سوء العاقبة هو معنى الوبال، والكفر معنى الأمر، وكونه في الدنيا مأخوذ من السياق ومما بعده، وقوله: كمثل الأوّل خبر مبتدأ تقديره مثلهم كمثل الذين الخ وقوله: كمثل الشيطان الخ بدل من قوله: كمثل أولاً لأنه مبين له فهو المقصود أو خبر آخر للمبتدأ المقدر الذي هو مثلهم على أنّ الضمير لليهود والنصارى جميعا، وكلام المصنف لا يوافقه فعليه ينبغي اًن يقدر لكل منهما مبتدأ على حده على أنّ الضمير المضاف إليه مثلهم الأول لليهود، والثاني للمنافقين، ولا يكون كما قيل بدلاً، والضمير في مثلهم المقدر في المثلين للطائفتين، ولا يأباه كلام المصنف لأن المراد مثل اليهود مع المنافقين لأنه كلام مختل، وليس البدل فيه واحدا من أقسام الأبدال المذكورة في النحو. قوله: (أغراه على الكفر الخ) فهو تمثيل، واستعارة وقوله: تبرأ عنه

ص: 180

لو ذكره بعد قوله: إني أخاف الله الخ كان أحسن،

وقوله: وقيل أبو جهل فقوله: له اكفر أوّلاً أو الآن، ولا حاجة لتأويله بدم على الكفر لأنه تمثيل كما مرّ، وعلى هذا فمثلهم أولاً المراد منه أهل بدر هنا، ومثل الشيطان شيطان بدر أيضاً فتناسبا أشد التناسب، وقوله: وقيل: راهب حمله أي الشيطان على الفجور أي الزنا بامرأة وهو إشارة إلى قصة برصيصا الراهب، وهي مذكورة تفصيلاً في الإسرائيليات، ومشهورة في القصص. قوله:(وفي النار لغو) على هذه القراءة متعلق بقوله: خالدان وقدم للاختصاص، وقوله: فيها تأكيد له وأعاده بضميره كما مرّ في ففي الجنة خالدين فيها أو قوله: خالدان فيها خبر ثان. قوله: (سماه به لدنوّه) دنو الغد من أمسه فهو استعارة مصرّحة، وكذا ما بعده لكن وجه الشبه فيه مختلف لأنه على التشبيه به لأنه يعقبه ويكون فيه أحوال غير الأحوال السابقة كما في المثل إنّ مع اليوم غدا، وقوله: للتعظيم لما فيه من الشدائد والأهوال، والمراد بالاستقلال عد. قليلاً فالتنوين للتقليل فيه كما ستراه. قوله:(كأنه قال فلتنظر نفس واحدة في ذلك) فتنوينه للتقليل حتى كان الناظر نفس واحدة قال في الكشف وفيه حث عظيم على النظر، وتعيير بالترك وبأنّ الغفلة قد عصت الكل فلا أحد خلص منها، ومته ظهر أنّ جعله من قبيل علمت نفس ما أحضرت غير مطابق للمقام فهو كما في الحديث: " الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة) (11 لأنّ الأمر بالنظر، وإن عئم لكن المؤتمر الناظر أقل من القليل، والمقصود بالتقليل هو هذا لأنّ المأمور لا ينظر إليه ما لم يأتمر فما قيل الأمر بالنظر يعتم الكل، وهو مقصود في المقام فجعله من قبيله أوجه، وأصح ليس بصحيح فضلَا عن كونه أصح، وقوله: فلتنظر بالفاء مع أنّ ما في النظم بالواو قيل إنه إشارة إلى ترتبه على ما قبله، وانه ترك ما في النظم تعويلاً على فهم السامع، واعتمادا على أقوى الدليلين. قوله: (لأنه مقرون بالعمل) الدال عليه ما قدمت بخلاف ما قرن به الثاني مما جرى مجرى الوعيد، وهو قوله إنّ الله خبير الخ ولذا قال في الكشف إنّ

هذا أرجح لفضل التأسيس على التأكيد، وفي ورودهما مطلقين فخامة ظاهرة وأمّا كون التقوى كما مرّ شاملة لترك ما يؤثم، وفعل ما يلزم فلا وجه للتوزيع، والتأكيد أقوى، وأنسب بالمقام فغير مسلم خصوصاً، وما قدم المتبادر منه أعمال الخير، وقد اعترف به هذا القائل فكيف يزعم أنّ العموم فيه مقتضى المقام. قوله:(الكاملون في الفسق) توجيه للحصر كما تقدم أمثاله، وقوله: الذين استكملوا نفوسهم أي صيروها كاملة بالإيمان فاستحقوا بذلك الجنة، واستمهنوها أي صيروها ذليلة ممتهنة بالكفر، والعصيان حتى استحقوا العذاب، والعقاب، وفيه إشارة إلى أنّ الاستواء المنفي شامل للدّنيا، والا* خرة لا مخصوص بالآخرة كما في الكشاف، وهو توطئة لاستدلال الشافعية به على أنه لا يقتل المسلم بالكافر كما ستسمعه. قوله:(واحتج به أصحابنا الخ الأنه نفي الاستواء بينهم مطلقاً فيقتضي أن لا تتساوى دماؤهم، وقد ردّ بأنّ المراد نفي الاستواء في أحكام الآخرة بدليل أنه قال أصحاب الجنة والنار دون أصحاب التقوى، والعصيان والقصاص مبنيّ على التساوي في العصمة، وحقن الدماء، وهي موجودة لأنّ لهم ما لنا وعليهم ما علينا، وفيه كلام في الفروع والأصول، وهل يعم لا يستوي جميع الأحكام أم لا فيه كلام مفصل في الكتب الأصولية. قوله: (تمثيل وتخييل الخ) يعني أنه استعارة تمثيلية تخييلية كما مرّ تفصيله، والردّ على من قال إنه ليس تمثيلاً مصطلحاً، والمعنى أنّ الجبال لو ركب فيها العقول، وخوطبت بهذا الكلام لخضعت لمهابة قائله وتهدمت من خشيته، وقوله: ولذلك إشارة إلى كونه تمثيلَا وتخييلاً وكذا قوله: فإنّ الإشارة الخ. تعليل له فالإشارة بقوله: تلك إلى قوله: لو أنزلنا الخ، ولما كان مثلاً واحداً قال: والى أمثاله ليتضح الأخبار بالجمع عنه ففيه تقدير أي ونوع تلك أو المراد تلك وأشباهها ووجه التعليل أنّ الأمثال في الأغلب تمثيلات متخيلة كما مرّ تحقيقه فإن أردته فارجع إليه ووجه التوبيخ فيه ظاهر. قوله: (ما غاب عن الحس الخ) تفسير للغيب بمعنى الغائب وقوله: من الجواهر بيان لما والمراد بالجواهر هنا المجرّدات، ولذا قابله بالإجرام، وهي المجسمات، وتقدمه على هذا بحسب الوجود ظاهر، وقوله: وتعلق العلم بالجرّ معطوف على الوجود فإنّ علمه تعالى قديم، وتعلقه بالموجود حين وجوده لأنه

نسبة تتوقف على وجود

ص: 181