الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك) فهو بيان لما أمر به على العموم، وهو راجع إلى التفسير الأوّل لا وجه آخر كما توهم. قوله:(فإنّ العبادة الخ) يحتمل التعليل للتسبيح بخصوصه، ويحتمل أنه تفسير للتسبيح بمطلق العبادة وقوله: أفرده بالذكر إشارة إلى دخوله في عموم ما قبله، وقدمه في قوله من الليل للاعتناء به لما ذكر، وقوله: وإذا أدبرت إشارة إلى أنّ المراد بإدبارها وقت الإدبار، وهو آخر الليل، وقوله: في أعقابها إشارة إلى أنّ المفتوج جمع دبر بمعنى عقب، وقوله: إذا غربت إشارة إلى أنّ المراد بكونها على عقبها بعد ظهورها، وهو إمّا بغروبها عن الأفق أو بخفائها لكونها تحت شعاع الشمس، والحديث المذكور موضوع كما مرّ مراراً (تمت) السورة بحمد الله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه.
سورة
النجم
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله: (مكية) على الإطلاق، وقيل: بعضها مدني كما في الإتقان، وقوله: إحدى الخ الاختلاف في قوله: إلا الحياة الدنيا الخ، وقوله: أقسم بجنس النجوم الخ إشارة إلى أنّ أصل النجم اسم جنس لكل كوكب، ثم صار علماً بالغلبة للثريا، وقدم العموم لأنه الأصل في الوضع، وقوله: فإنه أي النجم، وهو مذكر، ولو كان بمعنى الثريا ولذا ذكر قوله: فيه لمشاكلته، وجرياً على ظاهره، وكان حقه أن يقول فيها. قوله:(إذا غرب (تفسير لقرله: إذا هوى، وقد اختلفوا في متعلق إذا فقيل متعلق باقسم المقدر، وأورد عليه أنه إنشاء والأفعال الإنشائية كلها دالة وضعاً على الحال، وإذا للاستقبال فكيف يتلاقيان حتى قيل إنّ الزمخشري رجع عنه، وجعله متعلقا بمصدر محذوف تقديره، وهوى النجم إذا هوى، وقيل: إذا جرّدت لمجرّد الوقت لاستواء الحال، والاستقبال عنده تعالى، وقيل: إنه متعلق بعامل هو حال من النجم، وأورد عليه أز، الزمان لا يكون خبراً، ولا حالاً عن اسم جثة كما هنا، وأنّ المستقبل كنف يكون حالا إلا أن تكزن مقدرة أو تجرّد إذ المطلق الوقت كما يقال بصحة الحالية إذا أفادت معنى معتدا به فليس ممنوعا على الإطلاق كما ذكره النحاة أو النجم لتغيره طلوعاً وغروبا أشبه الحدث كما يقال الورد في أيار، وقد اختار في المغني تعلقها بإلقسم، وأنها معه للحال خارجة عن الاستقبال، وسيأتي تتمته إن شاء الله تعالى، ثم إنه فسر الهوفي بوجوه كالغروب، وهو غيبوبته عن مطلعه أو سقوطه من مقرّ.، وهذا جار على تفسيري النجم كالطلوع، وأمّا تفسيره بالانقضاض فهو على الوجه الأوّل وشمول النجم للشهب أيضا لا أن يخص النجم به كما قيل فإنه لم يذهب إليه أحد، وتخصيص القسم بوقت الهوفي لدلالته على حدوثه الدال على الصانع، وعظيم قدرته كما قال الخليل عليه الصلاة والسلام، {لا أُحِبُّ الآفِلِينَ} [سورة الأنعام، الآية: 76] وقوله: فإنه الخ تعليل لتفسيره بما ذكر على الوجوه كلها. قوله: (هوى هوياً الخ) إشارة إلى أن هوى مشترك بين الصعود، والهبوط وانه قد فرق بين
مصدريهما لا بين فعليهما، وهذا مما اختلف فيه أهل اللغة على ما أشار إليه المصنف كصاحب القاموس فهوى يهوي كرمى يرمي هويا بالفتح في السقوط والغروب المشابه للسقوط، وبالضنم للعلو والطلوع، ويقال: أهوى بمعنى هوي، وفرق بعض اللغويين بينهما أيضا بأن هوى إذا انقض لغير صيد، وأهوى إذا انقض له، وهذا ما ارتضاه المحققون من أهل اللغة على اختلاف فيه. قوله: (أو بالنجم من نجوم القرآن (معطوف على قوله: بجنس النجوم، والنجم المقدار النازل من القرآن على النبيّ في، وإذا هوى بمعنى إذا نزل عليه مع ملك الوحي جبريل صلوات الله وسلامه عليه، وقوله: إذا سقط الخ على أنه من الهوى بالضم أو الفتح، وقوله: على قوله كما هو في أكثر النسخ متعلق بقوله: أقسم بيان لأنه جواب القسم لا قوله: ما كذب الفؤاد كما قيل، ووقع في بعضها على قواه فهو جمع قوّة متعلق بقوله: ارتفع، وفيه تسمح، والمراد القوى النامية، وهوى من الهوى بالضمّ، وقد صححه بعض المتأخرين. قوله: (ما عدل (أي عن الحق، والدين القويم فهو استعارة، وتمثيل لكونه على الصواب في أقواله وأفعاله، وقوله: وما أعتقد باطلاً لأن الغيئ الجهل مع اعتقاد فاسد، وهو خلاف الرشد
فيكون على هذا عطفه على قوله: ما ضل من عطف الخاص على العام اعتناء بالاعتقاد، واشارة إلى أنه المدار وقوله، والمراد أي بقوله: ما ضل وما غوى نفي ما كانت قريش تنسبه إليه من الضلال في ترك ما كانت عليه آباؤهم، وأئمة الكفر منهم حتى كانوا يقولون لمن أسلم منهم صبا، وقال صاحبكم: تأكيداً لإقامة الحجة عليهم لأنهم مصاحبون له فهم أعلم بحاله. قوله: (وما يصدر نطقه الخ (يعني أنّ الضمير للنبي صلى الله عليه وسلم لتقدم ذكره في قوله صاحبكم لا للقرآن كقوله: {هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ} [سورة الجاثية، الآية: 29] وأن تعديه بعن والمعروف نطق بكذا لتضمنه معنى الصدور وجعله نطقا مخصوصاً لقوله بالقرآن توطئة لأنه لا دليل فيه على عدم الاجتهاد والهوى كل ما تهواه نفسه وتشتهيه، وقوله: ما القرآن جعل الضمير للقرآن لفهمه من السياق أو لما ينطق به مطلقا كما يدل عليه الفعل، وقوله: يوحيه الله إشارة إلى أن الفاعل ترك للعلم به. قوله: (واحتج به) أي بما ذكر في النظم هنا من لم ير الاجتهاد جائزاً للأنبياء، وفي نسخة من لا يرى الاجتهاد للأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهذا على الوجه الثاني، وجعل ضمير هو لما ينطق لا للقرآن لأنه حينئذ في قوّة قياس هو جميع ما ينطق به وحي، والاجتهاد ليس بوحي فلا شيء مما ينطق به باجتهاد، وأجيب عن الاستدلال بالآية بعد تسليم أنّ الضمير لما ينطق به لا للقرآن كما رجحه المصنف بأنه إذا أذن له في الاجتهاد بوحي من الله كان
اجتهاده في أمر، وما يترتب عليه وحي أيضا فصح ذلك منه، ولم ينتقض به الحصر الواقع في الآية، وحاصله منع الكبرى أي لا نسلم أن الاجتهاد الذي سوّغه الله ليس بوحي. قوله:(وفيه نظر لآق ذلك الخ) إيراد على الزمخشري فيما ذكره من الجواب السابق كما اعتر ضعليه أيضا بأنه يلزمه أن تكون الأحكام التي استنبطها المجتهدون وحياً. وردّ بأنّ النبيّ أوحى إليه أن يجتهد بخلاف غيره من المجتهدين واً مّا ما ذكره المصنف فقال في الكشف أنه غير قادج لأنه بمنزلة أن يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم متى ما ظننت كذا فهو حكمي أي كل مما ألقيته في قلبك فهو مرادي فيكون وحياً حقيقة لاندراجه تحت الأذن المذكور لأنه من أفراده فما قيل عليه من أن الوحي الكلام الحقيقي المدرك بسرعة فلا يندرج فيه الحكم الاجتهادقي إلا بعموم المجاز مع أنه يأباه قوله: علمه شديد القوى غير وارد عليه بعدما عرفت من تقريره فتدبره. قوله: (شديد قواه) إشارة إلى أنّ الصفة المشبهة مضافة لفاعلها، وقوله: فإنه الواسطة الخ بيان لشدة قواه بما ثبت من آثارها، وقوله: حصافة بفتح الحاء، والصاد المهملتين مصدر بمعنى الاستحكام، وهي مخصوصة بالعقل والتدبير، وهذا بيان لما وضع له اللفظ لأنّ العرب تقول لكل قوقي العقل، والرأي ذو مرّة من أمررت الحبل إذا أحكمت فتله، والا فوصف الملائكة بمثله غير ظاهر فهو كناية عن ظهور الآثار البديعة فأعرفه. قوله: (فاستقام على صورته الحقيقية الخ (فسر استوى باستقام، وأشار إلى أنّ الاستقامة ليست ضد الاعوجاج بل كونه على خلقته الأصلية لأنها أتم صورة فهو من استوى الثمر إذا نضج وكون استوى يرد بهذا المعنى لا خفاء فيه، وأنما الخفاء فيما عطف أو ترتب عليه هنا فإنه لم يبينه، والذي يظهر أن في الكلام طيا لأن وصفه بالقوّة، وبعض صفات البشر يدلّ على أنه رآه في غير هيئته الحقيقية، وهذا تفصيل لجواب سؤال مقدر أي فهل رآه على صورته الحقيقية قيل نعم مرّة لما أراده منه فاستوى الخ وما قيل من أن الفاء سببية فإن تشكله بتسبب عن قوّته وقدرته على الخوارق أو عاطفة على علمه أي علمه على غير صورته الأصلية ثم استوى على صورته الأصلية لا يخفى أنه لا
يتم به التئام الكلام، ويحسن به النظام. قوله:(قيل الخ) الحديث من رواية الترمذفي عن عائشة رضي الله عنها، ولكنه ليس فيه أن أحدا من الأنبياء غيره صلى الله عليه وسلم لم يره على صورته الأصلية، ولذا مرضه المصنف فإنّ الذي صح أنه وآه على صورته موّتين مرّة في السماء، ومزة في الأرض بجياد، وليس فيه نفي رؤية كيره من الأنبياء، ولذا قال ابن حجر وحمه الله لم أجده هكذا في الكتب المعتمدة. قوله:(وقيل استولى بقوّته الخ) فاستوى بمعنى استولى كما في قوله تعالى: {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [سورة الأعراف، الآية: 54] في أحد تفاسيره، وما جعل له ما أمر بمباشرته من الأمور، وقوله في أفق السماء الأفق الناحية، وجمعه آفاق، والمراد الجهة العليا من السماء المقابلة للناظر لا مصطلح أهل الهيئة. قوله:)
فتعلق به الخ (فالتدلي مجاز عن التعلق بالنبيئ بعد الدنوّ منه لا بمعنى التنزل من علو كما هو المشهور، ومرجع ضمير دنا وتدلى واحد أو هو دنوّ خاص بحال التعلق فلا قلب، ولا تأويل بأراد الدنوّ كما في الإيضاح، وقوله: وهو ثمثيل لعروجه بالرسول الضمير لقوله: فتدلى بمعنى تعلق لأنّ تعلقه به عبارة عن رفعه من الأرض للعروج به، وقيل: هو راجع لقوله: {ثُمَّ دَنَا} إلى قوله: أدنى، وهو يقتضي أنه لما عرج به كان على هيئته الأصلية، وقوله: وقيل الخ ففيه قلب على هذا، ولدّا لم يرتضه، وقوله: بأنه عرج أي جبريل به أي بالنبيّ بوو، وقوله: غير منفصل عن محله الضمير المستتر في منفصل، والمضاف إليه محله لجبريل أيضا، ومحله الأفق الأعلى، وقوله: لشذة قوّته لرفعه له، وهو في محله، وقوله: فإن التدلي الخ بيان للإشعار بما ذكر لحمل التدلي على معناه الأصلي وهو ما ذكره والاسترسال الاسترخاء، والمذ ودلي رجله من السرير أي أرسلها، وهو جالس عليه، والثمر المعلق كعناقيد العنب، ويخص بها في الأكثر.
قوله: (كقولك هو مني معقد الإزار (بفتح الميم، وكسر القاف محل عقده بيان لما فيه
من التجوّز المصحح لحمل قاب قوسين على ضمير جبريل فإنه كناية أو مجاز عن لازمه، وهو القرب أي هو قريب مني كقرب ما ذكر أو الضمير ليس لجبريل بل للمسافة بتأوللها بالبعد ونحوه، وقاب القوس وقيبه ما بين الوتر ومقبضه، والمراد به المقدار فإنه يقدر بالقوس
كالذراع، ولذا قال مقدارهما، وقد قيل: إنه مقلوب أي قابي قوس، ولا حاجة إليه فإن هذا إشارة إلى ما كانت العرب في الجاهلية تفعله إذا تحالفوا أخرجوا قوسين، ويلصقون إحداهما بالأخرى فيكون القاب ملاصقا للآخر حتى كأنهما ذوا قاب واحد ثم ينزعانهما معا ويرميان بهما سهماً واحداً فيكون ذلك إشارة إلى أنّ رضا أحدهما رضا الآخر، وسخطه سخطه لا يمكن خلافه كذا قاله مجاهد، وارتضاه عامّة المفسرين. قوله:(على تقديركم) يعني أو تكون للشك أو للتشكيك، وكلاهما غير مناسب هنا أشار إلى أنه من جهة العباد كالترجي بلعل، ونحوه فهو تمثيل لشدة القرب بأنه في رأي العين، ورأي الواقف عليه يقال: هذا إمّا قاب قوسين أو أقرب منه كما مرّ في قوله: أو يزيدون فإنّ المعنى إذا رآهم الراتي يقول: هم مائة ألف أو يزيدون، وخطاب تقديركم لكل من يصلح للخطاب من غير تعيين، وقوله: والمقصود أي بما ذكر من قوله: ثم دنا الخ، والمراد بملكة الاتصال قوة اتصال النبيّ صلى الله عليه وسلم بالملكة التي يعتمد عليها فأراد بالملكة لازمها، ولا مانع من إرادة معناها المعروف أيضاً، وقوله: بنفي متعلق بتمثيل، وقوله: واضماره أي إضمار ما يعود على الله، وقوله: كقوله: {عَلَى ظَهْرِهَا} أي حيث أتى بضمير الأرض، ولم يجر لها ذكر في قوله تعالى {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا} ما ترك على ظهرها من دابة، وقوله: وفيه تفخيم للموحي به أي إذا عاد لجبريل فإنه يصير كقوله: {فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ} [سورة طه، الآية: 78] . قوله: (وقيل الضمائر الخ) مرضه لأنّ جمع القوى لا يناسبه، وقوله: ودنوّه أي الله منه أي من النبيّ صلى الله عليه وسلم برفع مكانة النبيّ أي علوّ رتبته عند الله وقوله: جذبه بشراً شره أي بكليته بحيث لا يبقى له معين، وهذا يقال له الفناء في الله عند المتألهين. قوله:(ما رأى ببصره من صورة جبريل الخ) (11 لم يقل من جبريل تصحيحا لاستعمال ما كما في شرح الكشاف وقوله: أو الله ينبغي أن يرفع بتقدير أو هو الله إذ لا وجه لإضافة الصورة لله سبحانه، وهو إشارة إلى الخلاف في المرئيّ هل هو جبريل أو الله بالعين أو القلب، وقوله: ما كذب بصره بما حكاه له بالنصب على أنّ المفعول محذوف للعلم به. قوله:
(فإنّ الأمور القدسية تدرك أوّلاً بالقلب الخ) توجيه لكون الفؤاد مكذبا ومصدقا للبصر فيما يحكيه له فإنه يقتضي تقدم إدراك القلب على رؤية العين فكأنه لما شاهده بعدما عرفه وتحققه لم يكذبه فؤاده فيه بعد ذلك فإنك إذا عرفت الشمس بالحذ، والرسم كان ذلك نوعا من المعرفة فإذا أبصرتها، ثم غمضت عينك عنها كان نوعاً آخر منها فوق الأوّل فما في عالم الملكوت يعرف أوّلاً بالعقل فإذا شوهد ذلك بالحس علم أنه عين ما عرفه أوّلاً بعقله فلم يكذب القلب البصر فيه، وما قيل من أنه تعليل لمقدمة مطوية معلومة مما قبله، وهي أن الفؤاد يحكي مثله للبصر وأنه غير مسلم على المذهب السنيّ إذ يجوز تعلق الأبصار أوّلاً بذاته تعالى، وبالملائكة فهو على زعم الفلاسفة من اتصال الأنفس البشرية بالمجرّدات ثم
تصوير المتخيلة ما أدركته منها بما يلائمه، ثم ارتسامه في الحس المشترك كسائر المحسوسات ليس بشيء يعوّل عليه، وأنت بما سمعته في غنية عنه فإنه بيان للواقع في أمثاله. قوله:(ثم تتنقل منه) أي مما يدركه القلب والعقل إلى المشاهدة المحسوسة بالبصر فإنه إنما يشاهد ما في عالم القدس من صفقت مرآته، وصقلها بالإيمان بالغيب فلا غبار عليه. قوله:(أو ما قال فؤاده لما رآه لم أعرفك الخ) يعني أنه من قوله: كذب إذا قال كذباً فالمعنى ما قال الكذب، وهو قوله: لما شاهده بصره في حظائر القدس لم أعرفك بعدما عرفه كما شاهده. قوله: (أو ما رآه بقلبه) معطوف على قوله: أوّلاً ما رأى ببصره يعني أنّ رأى في الوجوه السابقة بمعنى أبصر، والرؤية فيها بصرية على الوجوه، وعلى هذا هي قلبية، والمعنى كما بينه أنّ ما أدركه قلبه ليس مثالاً كاذباً بل أمراً حقا متيقنا، وقوله: ويدل عليه أي على الوجه الأخير، وأنّ الرؤية فيه قلبية لا بصرية وهذا بناء على أنه في المعراج لم ير الله بعين بصره كما ذهبت إليه عائشة رضي الله عنها وقوله: ما كذب أي بالتشديد من التفعيل. قوله: (واشتقاقه من مري الناقة) إذا مسح ظهرها وضرعها ليخرج لبنها، وتدرّبه فشبه به الجدال لأنّ كلا يطلب الوقوف على ما عند الآخر ليلزمه الحجة فكأنه استخرج درّه، وقوله: فمريته يعني من باب المغالبة، وقوله: لتضمين الفعل معنى الغلبة في الوجهين،
وكان حقه التعدي بفي لأنه يقال ماريته في كذا. قوله:) اقيمت مقام المرة ونصبت نصبها (على الظرفية لأن المرة مصدر مرّ يمز، ولشدة اتصال الفعل بالزمان عبر به عنه فالنزلة كذلك وقيل إنه منصوب على المصدرية للحال المقدرة أي نازلآ نزلة كما أشار إليه بقوله، وقيل: تقديره الخ. وقيل: إنه منصوب على أنه مصدر لرأي من معناه فنزلة بمعنى رؤية، وفيه نظر، وقوله: إشعارا الخ يعني أنه لم يقل مرّة بل نزلة ليفيد أنها رؤية مخصوصة. قوله: (والكلام في المرئتي والدنؤ ما سبق (يعني هل المرئيئ رب العزة أو جبريل، والدنوّ مكانيئ أو معنويّ لمكانته وشرفه كما مز تفصيله، وقوله: والمراد به أي بما ذكر من الجملة القسمية المؤكدة، أو المراد بالمصدر المؤكد للحال هنا نفي الريبة، والشك عن المرة الأخيرة حيث كانت عند النزول، وكمال الدنوّ فلم يكن فيها التباس لأن التأكيد بالمصدر يرفع الاحتمالات في مثله. قوله: (التي ينتهي الخ (فالمنتهى اسم مكان ويجوز كونه مصدرا ميميآ وانتهاء علم الخلائق أنه لا يعلم ما وراءها إلا الله، وانتهاء الأعمال إنها تعرض على الله عندها، وإضافة السدرة للمنتهى من إضافة الشيء لمحله كأشجار البستان، وجوّز أن يكون المنتهى الله فهو من إضافة الملك للمالك أي سدرة الله الذي إليه المنتهى كما في قوله: {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى} [سورة النجم، الآية: 42، فهو من الحذف، والإيصال، وقول بعضهم هنا حذف المجرور والجار لا وجه له لأن المجرور لم يذكر إلا أن يريد بالحذف عدم النمكر،. وقوله: لأنهم يجتمعون الخ يعني أنّ شجر النبق يجتمع الناس في ظله، وهذه يجتمع عندها الملائكة فشبهت بها، وسميت سدرة لذلك، والنبق بكسر الباء وتسكن معروف فإطلاقها عليها بطريق الاستعارة وورد في الحديث: (إنها عن يمين العرس، وإنّ كل نبقة فيها كقلة من قلال هجر) فهو على هذا حقيقة، وهو الأظهر، وقوله: التي يأوي الخ فالمأوى اسم صكان، وإضافة الجنة إليه إضافة حقيقية لغايته أو هي من إضافة العام للخاص لا من قبيل مسجد الجامع كما توهم لأن اسم المكال! لا يوصف به. قوله: (كعظيم وتكثير الخ الأنه للتعبير عنه بالموصول المبهم إشارة إلى أنه أمر لا يحيط به نطاق
البيان، ولا تسعة أردان الأذهان وقوله، وقيل: الخ، والإبهام أيضاً لما ذكر، وأنما مرضه للتعيين فيه من غير قرينة دالة عليه، وقوله: ما مال وفي نسخة ما زال، وقوله: مستيقناً بكسر القاف، وفتحها على أنه حال من فاعل أثبت أو صفة إثباتا أو حال من مفعول أثبته، وقوله: والله الخ قدره لاقتضاء اللام له، وقوله: أي الكبرى من آياته فمن بيانية مقدّمة على المبين والجار والمجرور حال، وقوله: المعنية أي المقصودة بما رأى في قوله ما كذب الفؤاد ما رأى فهي العجائب الملكية والملكوتية، وقوله: على أنّ المفعول محذوف، وهو شيئا لا من التبعيضية لأنها اسم أو مؤولة باسم، وهو بعض لأنه لا يوافق قواعد النحو بغير تكلف مع أنه فيما ذكر الإبهام، والتفصيل، وما يفيد التعظيم كما مرّ، وزبادة من في الإثبات مما جوّزه بعض النحاة. قوله:(بنخلة) هي اسم مكان معين
كما في قول المتنبي:
ما مقامي بأرض نخلة إلا كمقام المسيح بين اليهود
وقوله: وهي فعلة من لوى فأصلها لوية فخفف بحذف الياء، وأبدلت واوه أو عوّضى
عنها تاء فصارت كتاء بنت وأخت، ولذا وقف عليها بالتاء لا رعاية لصورة الكتابة كما قيل فإنه باطل إذ مثله سماعيّ لا نظراللخط من غير نقل ومن وقف بالهاء فهو ظاهر عنده، وقوله: بالتشديد أي تشديد التاء على أنه اسم فاعل من لت يلت إذا عجن كما أشار إليه بقوله: على أنه سمي به الخ، والحاج اسم جمع بمعنى الحجاج لا مفرد، وقوله: سمرة بفتح السين المهملة، وضم الميم شجر معروف وغطفان بالمعجمة وحركات قبيلة معروفة، ومنه مني أي سميت مني لأنه يمني فيها أي ينحر القرابين. قوله:(صفتان للتثيد) فإنّ كونها ثالثة، وأخرى مغايرة لما
تقدمها معلوم غير محتاج للبيان أو الثالثة للتأكيد والأخرى بيان لها لأنها مؤخرة رتبة عندهم عن اللات والعزى، وقوله: وهذه الأصنام معطوف على المقول لا على القول لما سيأتي، وقوله: هياكل جمع هيكل، وهو البنية، وتمثال الشيء ويطلق على الأصنام لأنها تماثيل لأمور أخر كما بين في محله، وهو معطوف على قوله: استوطنها. قوله: (وهو المفعول الثاني لقوله: أفرأيتم الخ) قد مرّ مراهـ اً الكلام في أرأيت وأنها بمعنى أخبرني، وفي كيفية دلالتها على ذلك واختلاف النحاة في فعل الرؤية فيه هل هو بصريّ فتكون الجملة الاستفهامية بعدها مستأنفة لبيان المستخبر عنه، وهو الذي اختاره الرضي أو علمية فتكون في محل المفعول الثاني فالرابط حينئذ أنها في تأويل أهي بنات الله وهو كله ظاهر لا كلام فيه إنما الكلام في قول المصنف إنكار لقولهم:(الملائكة بنات الله) فإنه إذا أريد به ذلك يكون مغايراً للأصنام فلا يصح قوله: إنه في محل المفعول الثاني كما قيل، ويدفع بأنه حينئذ إنكار لبنات الله كلها، ومن جملتها ما حل في هذه، وهو المقصود منها فكأنه عينها فالرابط حينئذ العموم في الخبر الشامل للمبتدأ فإنه أحد الروابط كما حققه النحاة. قوله:(جائرة) هو المراد، وكذا إذا همزت على أنها من ضأره بمعنى ظلمه، وقد اختلف فيها فقيل: ياؤها أصلية، وقيل: مبدلة من واو على أنه واويّ.، وقد تهمز ووزنه قيل: فعلى بضم الفاء كسرت لتسلم الياء على القول المشهور فيه، ولم تجعل فعلى بالكسر ابتداء لأنّ مذهب سيبويه أنّ فعلى بالكسر لم يجىء عن العرب في الصفات فلذا جعله منقولاً عن المضموم فانه شائع فيها كحبلى، ولذا قيل إنه مصدر كذكرى وصف به مبالغة، وخالفه غيره متمسكا بأنه ورد صفة أيضا في ألفاظ أربعة حكاها، وهي مشية حيكي، وامرأة عزهى وسعلى وكيصى، وردّ بأنه من النوادر فالحمل على الكثير المطرد في بابه أولى وأيضاً له أن يقول في حيكى، وكيصى ماقاله في ضيزى، وأمّا عزهى وسعلى فالمسموع فيه عزهاة، وسعلاة عنده. قوله:(كما فعل في بيض) جمع أبيض فإنّ وزنه فعل بضم الفاء كحمر فكسرت فاؤه لتسلم الياء، وقوله: فعلى بالكسر لم يأت وصفا عند سيبويه، وأنما جاء اسم مصدر كذكرى، واسما جامداً كدفلى وشعرى، وجمعا كحجلى وغيره يقول إنه ورد نادراً أو هو جامد أو مصدر وصف به لتأويله بالوصف، وقوله: مصدر نعت به أو هو مضموم عومل معاملة المعتل لأنه يؤول إليه فما قيل: من أنّ موجب التغيير غير موجود فيه فإنّ الضم لا يستثقل مع الهمزة استثقاله مع الياء الساكنة غير مسلم. قوله: (باعتبار الألوهية) أي باعتبار
إطلاق اسم الآلهة عليها أي ليس لها نصيب منها إلا إطلاق تلك الأسماء عليها، وهذا راجع لما بعده، ولذا قيل: إنّ الأولى تركه والمراد لا نصيب لها أصلاً، ولا وجه لتسميتها بذلك، ولو كانت الألوهية متحققة بمجرّد التسمية كانت آلهة فهو من نفي الشيء بإثباته أو هو ادعاء محض لا طائل تحته. قوو ": (أو للصفة (معطوف على قوله: للأصنام فضميرهي للصفة أي ليست الصفة المذكورة أو ليس صفتها المذكورة إلا مجرّد تسمية لا حقيقة لها، والعكوف على عبادتها بمعنى مداومتها لأنها فعلة من لوى بمعنى طاف وما بعده ظاهر، وقوله: سميتم بها لأنه يقال سماه بكذا، وسماه كذا بمعنى، وهو المراد هنا، وقوله: بهواكم متعلق بسميتموها، وقوله: وقرئ بالتاء كما هو مقتضى الظاهر، والقراءة الأخرى على الغيبة التفاتا، وقوله: ألا توهم الخ، إشارة إلى أنّ الظن ليس بمعنى إدراك الطرف الراجح بل المرجوج، وهو التوهم، وقوله: تشتهيه أنفسهم إشارة إلى أن ما موصولة عائدها مقدر
ولو جعلت مصدرية سلمت من التقدير، وقوله: الرسول أو الكتاب فالهدى بمعنى الهادي أو جعل هدى مبالغة، وقوله: فتركوه يفهم من جعل هذه الجملة حالاً مقيدة لما قبلها، وهو الظاهر لأنّ المعنى يتبعون الظن وهوى النفس في حال ينافي ذلك، وهو أحسن من جعلها معترضة، وتسمى هذه الحال الحال المقرّرة للأشكال. قوله:(أم منقطعة) فهي مقدرة ببل والهمزة، والاستفهام المقدر معها للإنكار فهو في معنى النفي وهو متصل بما قبله من اتباع الظن، وهوي الأنفس فالإضراب عنه لبيان أنه لا ينال ذلك، وقوله والمعنى ليس له كل ما يتمناه فهو رفع للإيجاب الكليّ دون السلب الكليّ لأنّ قوله للإنسان ما تمنى بمنزلة إيجاب كليّ فإنكاره، ورفعه رفع للإيجاب الكليّ وهو سلب جزئيّ، وقوله: والمراد الخ بيان لموضوع السالبة الجزئية فتأمّل. قوله: (وليس لأحد أن يتحكم عليه الخ) إشارة إلى ما يفيده تقديم لله من الحصر لأنه إذا اختص بملكهما، والتصزف فيهما لم يكن لأحد تصرّف فيهما، والتحكم نوع من التصزف فلا يشفع ولا يشفع ما لم يرد الله ذلك،
وقوله: وكثير تفسير لكم الخبرية. قوله تعالى: ( {لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا} الخ) كلام وارد على سبيل الفرض أو هو من باب قوله:
على لا حب لا يهتدى بمناره
أي لا شفاعة لهم ولا إغناء بدون الإذن فلا يخالف قوله: {مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَاّ بِإِذْنِهِ} [سورة البقرة، الآية: 255] وفائدة إضافة الشفاعة إلى ضميرهم الإيذان بأنها لا توجد بغير إذن ولو من أهلها، ولذا قيل: إنّ المناسب أن يكون من يشاء من الناس لا من الملائكة ليفيد أنّ الشفاعة لا توجد فيمن هو أهل لها إلا من بعد أن يأذن الله فيها لمن هو أهل لأن يشفع له فما ظنهم بالأصنام، وشفاعتها لهم، ولا أهلية للشافع والمشفوع له، وفيه نظر. قوله:(أي كل واحد منهم) يعني أنه في معنى استغراق المفرد لأنه لو لم يكن كذلك كان الظاهر الإناث مكان الأنثى، وهذا مبنيئ على أنّ تسمية الأنثى وفي النظم ليس على التشبيه فيكون التقدير يسمون الملائكة أنثى بتسميتهم إناثاً أي قولهم: إنها بنات الله لأنهم إذا قالوه فقد جعلوا كل واحد بنتا، وهو على وزان كسانا الأمير حلة أي كسا كل واحد منا حلة، والإفراد لعدم اللبس كما مز فما قيل من أنه ليس توجيها لأفراد الأنثى حتى يقال إنه تأويل قبل ظهور الاحتياج، وأنّ الأولى تأويل الأنثى بالإناث فإنها اسم جنس يتناول الكثير، والقليل، والقول بأنه لرعاية الفاصلة، أو المراد الطائفة الأنثى أو هو منصوب بنزع الخافض على التشبيه فلا تمس الحاجة إلى الجمعية، وكذا ما قيل من أنّ الحمل على الاستغراق يوهم أنه مدار التشنيع مع أنه ليس كذلك، وأنّ الأوجه أن يقال: إن تعريفه للجنس كله كلام لا طائل تحته لأنه استسمان لذي ورم، ونفخ في غير ضرم لما عرفته. قوله:) أي بما يقولون) وهو التسمية المذكورة، وفسره بما ذكر لتوجيه تذكير الضمير، وقوله: لا يدرك إلا بالعلم أي حقيقة الشيء، وما هو عليه إنما تدرك إدراكا معتداً به إذا كان عن يقين لا عن ظن، وتوهم فسقط ما قيل من أنه من الجائز أن يكون المظنون، والموهوم مطابقا للواقع، وليس فيه دلالة على عدم اعتبار إيمان المقلد كما قيل لما بين في الأصول، والمراد بالمعارف الحقيقية المطالب الاعتقادية التي يلزم فيها الجزم، والوصلة إلى العمليات بالمسائل الفقهية، وأصولها. قوله:(فأعرض عن دعوته والاهتمام بشانه) فيكون
أمراً له بترك القتال، والآية منسوخة لأنها مكية، ويكون كقوله في الكشاف: فأعرض عته، ولا تقابله أو ولا تقاتله بالفوقية، والتحتية لأنّ المقابلة والمقاتلة لا تتصوّر بدون دعوة فإذا انتفت الدعوة انتفى ما يلزمها فليس مخالفا له كما توهم، وأنّ المصنف تركه لأنّ النسخ خلاف الأصل لا يرتكب من غير حاجة فإن أوّل فالتأويل بابه واسع يجري فيهما. قوله:(من غفل عن الله الخ (يعني ليس التولي عن ذكره ثعالى على ظاهره بل هو كناية عما ذكر، وقوله: لا تزيده الخ خبر أن وقوله: أمر الدنيا فالإشارة لأمرها المفهوم منها لا لها، ولذا ذكر اسم الإشارة، وكونها شهية أي مشتهاة لهم مفهوم من قصر إرادتهم عليها، وقوله: لا يتجاوزه علمهم تفسير لمبلغهم من العلم، وأنّ المراد أنه منتهى علمهم لا علم لهم فوقه لدلالة البلوغ على الانتهاء، وليس فيه إشارة إلى أنّ مبلغ اسم مكان، وإن كان اسم مكان في الواقع مجازاً بجعله كأنه محل وقف فيه علمهم ادّعاء، وقوله: والجملة اعتراض أي بين قوله فأعرض الخ، وقوله: إن ربك الخ بين العلة، والمعلل. قوله: (أي إنما يعلم الله الخ) قيل:
القصر من ضميري الفصل، واعترض عليه بأن أعلم بمعنى عالم لا أفعل تفضيل ليصح كونه تعليلاً للأمر بالإعراض، والضمير إنما يكون فصلاً إذا كان اسم تفضيل فالصواب إنه مبتدأ، والقصر مأخوذ من السياق وبيان الحكم، وبدفع بأنهم أجازوا فيه التفضيل وغيره كما ذكره السمين، وأمّا صحة التعليل فلا تتوقف على كونه بمعنى عالم بل إذا كان أعلم على بابه فالتعليل أظهر كما لا يخفى على من له بصيرة. قوله:(من يجيب ممن لا يجيب الخ) قيل عليه الصواب تأخير الجلالة عن مفعول يعلم إذ المعنى لا يعلم من يجيب ممن لا يجيب إلا الله، وعلى تقديمها يكون المعنى ما يعلم الله إلا من يجيب ممن لا يجيب، وهو بمعزل عن الصواب إلا أن يقال: إنه قدم لئلا يتوهم أنه مفعول لا يجيب، وهو على نية التأخير، ولا يخفى أنّ ما ذكر من التقديم، والتأخير لا يرضا. إلا ذو التقصير، وعبارته في الكشاف إنما يعلم الله من يجيب ممن لا يجيب، وأنت لا تعلم، وتبعه المصنف مع اختصار مخل فيه، والعلم في مثله بمعنى التمييز كما أشار إليه شراح الكشاف، ولذا تعلقت به من، وحينئذ يجوز أن يكون المعنى إنما يريد الله تمييز من يجيب من غيره وتمييز الضالّ من المهتدي لا تمييز السالك على الدعوة الحريص على اتباع من دعاه من غيره، وحاصله ما عليك إلا البلاغ، وهذا لا يخلو من التعقيد، ولو قيل فيه تقدير، وأصله إنما يعلمه الله ليتميز من يجيب ممن لا يجيب كان أسهل، وباب التقدير باب واسع، وقوله: يجيب ولا يجيب تفسير لضل واهتدى، وعبر بالمضارع إشارة إلى أنه مستمرّ له ذلك في المستقبل، وأنه
عبر عنه بالماضي في النظم لتحقق وقوعه كما هو العادة الجارية في أخبار الله تعالى كما مز مراراً. قوله: (خلقاً وملكاً) يعني أنه لحصر الاختصاص التام فيه تعالى، وذلك كونه له من جميع الوجو. فلا يتوهم أنه من استعمال اللفظ في معنييه حتى يحتاج للاعتذار عنه، وقوله: ليجزي الذين الخ. قيل: اللام متعلقة بقوله: لا تغني شفاعتهم ذكره مكيّ، وهو بعيد لفظاً ومعنى، وقيل: إنه متعلق بما دل عليه قوله {لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} أي له ملكهما يضل من يشاء ويهدي من يشاء ليجزي المحسن والمسيء، وقيل: متعلق بمن ضل، وبمن اهتدى واللام للصيرورة أي عاقبة أمرهم جميعا للجزاء بما عملوا، وقيل: متعلق بما دل عليه قوله: بمن ضل أي حفظ ذلك ليجزي قاله أبو البقاء. قوله: (بعقاب ما عملوا من السوء (فالباء صلة الجزاء بتقدير مضاف إمّ عقاب أو مثل لقوله وجزاء سيئة سيئة مثلها أو هي للسببية، وقوله: وهو علة إشارة لما مرّ، وقوله: أو ميز إشارة إلى ما مرّ من أنّ علمه بالفريقين كناية عن تمييز من يستحق الثواب ممن يستحق العقاب ليظهر جزاؤه فجملة ولله ما في السموات الخ جملة معترضة لتأكيد علمه وبيان إحاطته، أو حال من فاعل أعلم سواء كان بمعنى عالم أو لا. قوله: (بالمثوبة الحسنى الخ) فالحسنى صفة بمعنى الحسنى وموصوفها مقدّر وهو المثوبة أي الجزاء الحسن، والثواب والمراد به الجنة، وما فيها من النعيم أو الحسنى تأنيث أحسن اسم تفضيل، والباء عليهما صلة الجزاء، وعلى الأخير هي سببية، ولم يلاحظ في الأوّل زيادة كما توهم لأنه لا داعي له. قوله:) ما يكبر عقابه الخ (يعني وصفه بالكبر باعتبار كبر جزائه، وهو ردّ على الزمخشريّ حيث قال الكبائر: ما لا يسقط عقابه إلا بالتوبة، وقد اختلف في الكبائر أهل الأصول على أقوال كثيرة منها ما ذكره المصنف، وهو ما توعد عليه الشارع بخصوصه أو ما عين له حد كالزنا، وإذا أريد الجنس فعطف الفواحش عليه إمّا من عطف أحد المترادفين أو الخاص على العامّ، واختاره المصنف كما أشار إليه بقوله: خصوصاً، وقوله: ما قل الخ فاللمم الصغائر من الذنوب، واصل معناه ما قل قدره، ومنه لمة الشعر لأنها دون الوفرة، وقيل: معنا. الدنوّ من الشيء دون ارتكاب له. قوله:) والاستثناء منقطع) على تفسيره بالصغائر، وما قبله بالكبائر فيكون انقطاعه ظاهراً، وقيل هو متصل، والمراد مطلق الذنوب، وقيل إنه لا استثناء فيه
أصلا، والا صفة بمعنى غير إما لجعل المضاف إلى المعرف باللام الجنسية في حكم النكرة أو لأن غير أو إلا التي بمعناها يتعرف بالإضافة، ولم يذكره المصنف كما في الكشاف لأنّ شرطه كونه تابعا لجمع منكر غير محصور عند ابن الحاجب إلا أنّ سيبويه جوّز وقوع إلا صفة مع جواز الاستثناء فهو لا يشترط ذلك، وتبعه أكثر المتأخرين فلا يرد ما ذكر على الزمخشري إن كان هو الداعي لترك المصنف له نعم هو خلاف الظاهر فلا داعي لارتكابه. قوله:) ومحل الذين الخ) فهو صفة للذين قبله
لأنّ الذي يوصف ويوصف به، وإذا نصب على المدح فهو بتقدير أعني أو أمدح، ويجوز كونه عطف بيان أو بدلاً لجعل إحسان العمل بدون اجتناب المنهيات في حكم العدم المطروج، ومن غفل عنه قال إنه لا حسن فيه، وقوله: خبر محذوت لم يقل فيه على المدح كالذي قبله لا لاحتمال كونه استئنافاً لتعينه بل للتفنن في العبارة.
قوله: (ولعله عقب به الخ (أي ذكر قوله: {إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} بعد الوعد والوعيد
لما ذكر وهو رد على المعتزلة في قولهم: بعدم غفران الكبيرة من غير توبة ووجوب عقاب المسيء على الله بناء على الأصلح، والكلام عليه مفصل في كتب الكلام، وقوله: منكم قدره لما فيه من المبالغة البليغة، ولو قدره من كل أحد كان جائزا أيضا. قوله:(علم أحوالكم الخ ( {خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ} [سورة الروم، الآية: 20، تفسير لقوله: من الأرض كما أنّ قوله: {يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ} معنى قوله: أجنة الخ وقوله: فلا تثنوا الخ فالمراد به الثناء وأصله من الزكاء بمعنى الزيادة أو الطهارة وهذا إذا قصد التمذح والرياء فإن ذكرت لغير ذلك فلا ولذا قيل المسرّة بالطاعة طاعة، وذكرها شكر لقوله: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [سورة الضحى، الآية: اا] وقوله: الحافر اسم فاعل بمعنى من يحفر البئر بدليل فوله: فترك الحفر. قوله: (ئزلت في الوليد) ذكره الواحدي في أسباب النزول، ولم أر له تخريجا في غيره والمراد بالأشياخ
رؤساء الكفار، وقوله: بخل بالباقي ليس الذم فيه بالبخل فقط كما توهم لأن توليه عن الحق بالردة واعتقاده تحمل الغير لأوزاره واعطاءه في مقابلته ما أعطى ثم رجوعه المتضمن لبخله، وكذبه كله قبيح مذموم، والفاء في قوله: فهو يرى للتسبب عما قبله، وقوله: أتمّ الخ تفسير لقوله: وفر من التوفير، وهو التكثير فتكثيره لفعله، وأمر الغير به أو لمبالغته في كيفيته. قوله:(وتخصيصه) أي إبراهيم بذلك أي بالوصف بالوفاء بما التزمه، ونمروذ من الجبابرة معروف، وقصته مع الخليل عليه الصلاة والسلام مشهورة، وقوله: أمّا إليك فلا لأنه كان عاهد الله أن لا يسأل غيره فقال: فادع الله قال: حسبي من سؤالي علمي بحالي وذبح الولد أي عزمه على ذبحه إذ لم يقع الذبح كما هو مشهور، وقوله: فإن وافقه أي إن وجده فوافقه على الذهاب معه، وليس وافقه بمعنى وجده كما قيل، وقوله: أكبر وقع في نسخة أكثر بالمثلثة، وقوله: مخففة من الثقيلة واسمها ضمير شأن مقدر، ولا تزر خبرها، وقوله: كأنه الخ يعني أنه استئناف بياني في جواب سؤال مقدر. قوله: (ولا يخالف ذلك قوله الخ (فإنّ هذه الآية تدل على أن أحدا لا يعاقب بوزر غيره مع أنّ الآية الأخرى تدل على أنّ القاتل لنفس عليه وزر من قتل بعده، والحديث يدل على أنّ من سن سنة سيئة عذب بوزر من عمل بها بعده، وكل ذلك وزر غيره فتتعارض هذه الآية، والآية الأخرى، والحديث هكذا يقرّر الإشكال، وأشار إلى الجواب عنه بقوله: فإنّ ذلك للدلالة الخ يعني أن ما عذب عليه ليس هو وزر غيره بل وزر عمله نفسه، وهو دلالته، وتسببه الذي هو صفة قائمة به لا عمل غيره، وهكذا يوفق بين ما ذكر
وقوله: {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [سورة النجم، الآية: 39] . قوله تعالى: ( {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} الخ) قد اختلف في تفسير هذه الآية على أقوال فعن ابن عباص رضي الله عنهما أنها منسوخة لقوله: ألحقنا بهم ذرياتهم كدخولهم الجنة بعمل آبائهم وقال عكرمة إنها في غير أمة محمد جميه، كقوم موسى عليه الصلاة والسلام، وقيل: إنها في الكفار لانتفاع المؤمنين بسعي غيرهم، وعن الحسن أنه من طريق العدل لا من طريق الفضل، وقيل: اللام بمعنى على أي ليس عليه غير سعيه وفيه نظر، وقد قدمنا قبل ما يفيد الجواب أيضاً. قوله:(إلا سعيه) إشارة إلى أنّ ما مصدرية ولو جعلت موصولة صح، ويرى في قوله: سوف يرى بصرية أو علمية مفعولها مقدر أي حاضرا ونحوه، وقوله: كما لا يؤاخذ الخ إشارة إلى أنّ السعي مراد به الخير فيكون تتميماً لما قبله لا عام للتأكيد. قوله: (وما جاء في الأخبار الخ) جواب عما قيل من أنّ الحج عن الميت، والصدقة عنه تنفعانه، وليس ذلك من سعيه فكيف التوفيق بينه، وبين الحصر الذي في هذه الآية بأنّ الغير لما نواه له صار بمنزلة الوكيل عنه القائم مقامه شرعاً فكأنه بسعيه، وهذا لا يتأتى إلا بطريق عموم المجاز عندنا أو جواز الجمع بين الحقيقة، والمجاز عند المصنف كما لا يخفى، وقد أجيب أيضاً بأنّ سعي غيره لما لم ينفعه إلا مبنياً على سعي نفسه من الإيمان، والعمل الصالح فكأنه سعيه، وفيه نظر، وكذا تضعيف الثواب كما في الكشاف
من أنه ينافي القصر على سعيه وحده، والجواب عنه يعلم مما مرّ فتأمّله، وأمّا قراءة القرآن للميت، ونحوه فقال: جماعة لا يصل ثوابها له، وقيل إنه يصل، وقيل: يصل له إذا وهب ثوابه له فينبغي أن يقول: يعده اللهم إني وهبت ثواب ما قرأته لفلان اللهم فأوصله له، ثم إن ما ذكر لا يطرد في الأعمال كلها، والوارد في الأحاديث الصحيحة في الحج والصدقة واختلف في قراءة القرآن ولا يجري في الصلاة والصوم، وما وقع في الهداية من كتاب الحج من إطلاقه في صحة جعل الإنسان ثواب عمله لغيره، ولو صلاة وصوما وأنه مذهب أهل السنة فمحتاج إلى
التحرير، وتحريره أنّ محل الخلاف في العبادة البدنية هل تقبل النيابة فتسقط عمن لزمته يفعل غيره سواء كان بإذنه أم لا يعد حياته أم لا فهذا واقع في الحج كما ورد في الأحاديث الصحيحة أمّا الصوم فلا وما ورد في حديث:(من مات وعليه صيام صام عنه وليه) وكذا غيره من العبادات فقال الطحاوي في الآثار: إنه كان في صدر الإسلام، ثم نسخ وليس الكلام في الفدية، واطعام الطعام فإنه بدل، وكذا إهداء الثواب سواء كان بعينه أو مثله فإنه دعاء وقبوله بفضله تعالى كالصدقة عن الغير فأعرفه. قوله:(يجزي العبد سعيه بالجزاء الخ) المراد بالعبد الإنسان المذكور في النظم، وفي إعرابه وجهان أظهرهما أنّ الضمير المرفوع للإنسان والمنصوب للسعي، والجزاء مصدر مبين للنوع، والثاني أنّ الضمير للجزاء، والجزاء مفسر له أو بدل منه كقوله:{وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ} [سورة الأنبياء، الآية: 3] وأمّا قول أبي حيان: إنه إذا كان تفسيرا للضمير المنصوب فعلام ينتصب وأمّا إذا كان بدلاً ففيه إبدال الظاهر من المضمر، والصحيح منعه فليس بشيء لأنّ انتصابه على أنه عطف بيان أو منصوب بأعني مقدرا، وقد منع أبو البقاء من وصف الجزاء على المصدرية لأنه وصف بالأوفى، وهو من صفة المجزي به لا الفعل لما يلزمه من تعدي يجزي لثلاثة مفاعيل الأوّل القائم مقام الفاعل، والثاني الهاء التي هي ضمير السعي، والثالث الجزاء الأوفى، وأيضاً معناه غير منتظم إلا أن يقال الجزاء بدل من الهاء لكنه سماه مفعولاً تسمحاً، وقوله: لا الفعل ممنوع بل هو من صفاته مجازاً كما يوصف به المجزي به إذ الحقيقة منتفية عنهما كذا في الدر المصون. قوله: (فنصب بنزع الخافض) وأصله يجزي الله الإنسان سعيه فالجزاء منصوب بنزع الخافض كما صرّح به المصنف وسعيه هو المفعول الثاني، وهو يتعدّى له بنفسه نحو جزاك الله خيرا، وجزاؤه سعيه بمعنى جزائه بمثله أو هو مجاز، وقيل: المنصوب بنزع الخافض الضمير والتقدير بسعيه أو على سعيه كما في الكشاف، والمصنف عدل عنه لما فيه من زيادة التقدير فتدبر. قوله:(ويجوز أن يكون مصدرا) قد علمت ما فيه، وما أورده أبو البقاء وجوابه، وما قيل عليه من أنه لا يدفعه لأنه، وإن جوّز وصف الفعل به للملابسة فهو مجاز عقلي من غير ضرورة داعية له غير مسلم لأن وصف المجزي به كذلك، ولو قيل بأنه حقيقة ففيه تجوّز آخر، وهو زيادة الباء التي هي خلاف الأصل، وأمّا تعديته إلى المجزي بنفسه فلا يفيد لأنّ المصنف خرجه على خلافه فهو صلح من غير تراض للخصمين والإبدالى على القول بجواز إبدال الظاهر من الضمير. قوله:(انتهاء الخلائق) إشارة إلى أنّ المنتهى مصدر ميمي، وقوله: على أنه منقطع
الخ يعني أنه على قراءة الفتح داخل فيما في الصحف فإذا كسرت إنّ فليست مما فيها، وهو جملة معطوفة على ما قبلها، وقوله: لا يقدر الخ إشارة إلى الحصر المأخوذ من الضمير لتقدمه وتكرّر الإسناد فيه أو لأنه ضمير فصل على رأى، وقوله: فإنّ القاتل الخ جواب عن أن القاتل أمات من قتل فكيف تنحصر الإماتة فيه تعالى بأنّ القاتل إنما نقض البنية الإنسانية، وفرّق أجزاءها، والموت الحاصل بذلك فعل الله تعالى على سبيل العادة في مثله، ولم يتعرّض للحصر في الإضحاك، والإبكاء لظهوره عندنا، ولأنه لا يترتب عليه خلاف كغيره، ولذا لم يذكر الضمير في قوله، وأنه خلق الزوجين في النظم لأنه لا يتوهم نسبة الخلق لغيره كما في أفعال العباد. قوله:(وقاء بوعده) دفع لما يتوهم من لفظ عليه المقتضي للإيجاب الذي ذهب إليه بعضهم بأنه أوجبه على نفسه لوعده وعدا لا يخلفه فلذا قال عليه، وقوله: مصدر نشأه الثلاثي لا المزيد فهو كالكفالة في المصادر الثلاثية. قوله: (وهو ما يتأثل من الأموال (أي يبقى، ويدوم ببقاء نفسه أو أصله كالرياض، والحيوان، والبناء لأنّ المؤثل بمعنى الأصيل كما في قوله:
وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي
وتذكير ضمير القنية لرعاية الخبر، وقوله: وإفرادها أي بالذكر مع دخولها في قوله:
اً غنى، وأشف بمعنى أنفس وأشرف. قوله: (أو أرضى (أي معناه أرضى فإنه جاء في كلامهم بهذا المعنى كقوله:
فأقنيت حبي عفة وتكرّما
وقوله وتحقيقه الخ هو من كلام الراغب يعني أنه بهذا المعنى مجاز من القنية أيضا كأنه ادخر الرضا، والصبر لأنه ذخر من لا ذخر له، وقد يقال إنه مراد من فسره بأفقر ليظهر فيه الطباق كأضحك، وأبكى كما نقل عن الأخفش وغيره، وقيل: إنّ الهمزة فيه للسلب والإزالة، وهو احتمال أيضاً، ودلّه در القائل:
هل هي إلا مدّة وتنقضي مايغلب الأيام إلامن رضي
قوله: (يعني العبور الخ (الشعري علم مشترك بين كوكبين، وهما الشعريان الشعري
العبور بفتح العين المهملة، والباء الموحدة والراء المهملة بعد الواو، والغميصاء بغين معجمة مضمومة وميم مفتوحة بعدها ياء مثناة تحتية وصاد مهملة ومد من العبور بمعنى الدخول، والغمص! وهو ما يسيل من العين زعموا أنهما ذهبا خلف سهيل فعبرت العبور المجرّة، وتخلفت الغميصاء فبكت، وهو من تخيلات العرب الكاذبة، وفسرها بالعبور لأنها المتبادرة عند الإطلاق، وعدم الوصف ووجهه كما أشار إليه أنها أعظم، وأكثر ضياء وأنها التي عبدت دون الله في الجاهلية فلذا خصت بالذكر تجهيلا لهم بجعل المربوب ربا. قوله:) ولذلك كانوا يسمون الخ) كانت قريش إذا ذكرت النبيئ صلى الله عليه وسلم في مقام مخالفته لهم للغض منه سموه بذلك كما في قول أبي سفيان لقد أمر أمر ابن أبي كبشة وغيره كما في الأحاديث الصحيحة، وهو أحد أجداده عتي! من قبل أمه على أقوال مختلفة في اسمه هل هو وهب أو وخز بن غالب سيد حزاعة إلى غير ذلك، وكانوا يشبهون النبيئ جمنن به لمخالفته لقومه في ترك عبادة الأوثان لعبادة الشعري لأنهم يزعمون أن كل صفة في المرء تسري إليه من أحد أصوله فيقولون نزع إليه عرق كذا، وعرق الخال نزاع. قوله:(وقيل عاد الأولى قوم هود الخ) قاله الزمخشري: ومرضسه المصنف لما سيأتي في سورة الفجر كما قاله الواحدفي: أن ارم عاد الأولى وأنها المرادة بقوله: أهلك عاداً الأولى فلا وجه للاعتراض بأنه مخالف لما سيأتي في الفجر إلا أنّ هذه رواية ضعيفة أيضاً. قوله: (وقرئ الخ (قد وقع في هذه الكلمة هنا كلام مضطرب مطوّل في كتب القرا آت، والإعراب، وتلخيصه انّ ابن كثير وابن عامر، والكوفيين قرؤوا عاداً بالتنوين لصرقه باعتبار الحي أو أنه كهند وكسر والتنوين وسكنوا اللام، وحققوا الهمزة بعدها وصلا فإذا ابتدؤوا أثبتوا همزة الوصل مع سكون اللام، وتحقيق الهمزة، وقرأ قالون بإدغام التنوين في اللام، ونقل حركة الهمزة إلى لام التعريف، وهمز الواو وصلا لضم ما قبلها كمؤسى فإذا ابتدأ فله ثلاث وجوه أحدها: ما مرّ والثاني والثالث إثبات همزة الوصل، وتركها وقرأ ورش كقالون إلا أنه أبقى الواو على حالها، وقرأ أبو عمرو كورش وصلا وابتداء وتوجيه القرا آت ظاهر فإن أردت تفصيله فارجع إلى الدر ألمصون. قوله: (لآنّ ما بعده (وهو أبقى لا يعمل فيه لأن ما
النافية لها صدر الكلام قيل، والفاء أيضاً مانعة فلا يتقدم معمول ما بعدها عليها، وقيل هو منصوب بأهلك مقدر، ولا حاجة إليه، وقوله: بغير تنوين لمنع صرفه كما مرّ مرأرا، وقوله: فما أبقى الفريقين بتقدير المفعول، وقيل: التقدير فما أبقى عليهم، وقيل: فما أبقى منهم أحداً وقوله: حراك بكسر الحاء المهملة مصدر، وقيل: إنها مفتوحة والمراد به القدرة على التحرّك. قوله: (ثعالى من قبل) صرّح بالقبلية لأنّ نوحا عليه الصلاة والسلام آدم الثاني وقومه أوّل الطاغين والهالكين، والمؤتفكة تقدم تفصيلها ونصبها بالعطف أيضا فأهوى جملة مستأنفة أو بأهوى، وتقديمه للفاصلة، وأهوى بمعنى ألقى من علو وطرح كما أشار إليه بقوله: بعد أن رفعها الخ. قوله: (فيه (أي في التعبير بالموصول، وما ذكر تهويل أي تخويف بإبهامه للإشارة إلى أنه مما لا تحيط به العبارة، وأن نطاق التعبير تفصيلا عنه قصير، والتعميم لما أصابهم منه أيضاً لأنه من صيغ العموم فيشعر بأنه غشيها كل ما يمكن أن يغشى من العذاب سواء قلنا إنّ ما مفعول ثان، والتضعيف للتعدية أو فاعل، وهو