الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمعطوف بالجار والمجرور جائز، ويحتمل أن يكون قدر له عاملاً لئلا يلزم المحذور المذكور، وهو الظاهر، وقوله: في العدد إشارة إلى أنّ الأرض كالسماء سبع طبقات متميزة متفاصلة، وهو المعروف في الأحاديث الصحيحة كقوله:(رب الأرضين السبع وما أقللن) وقيل: هي الأقاليم السبعة، وهذا يستدعي أن تحمل الأرض على السفليات مطلقا، وليست هذه المسألة من ضحروريات الدين حتى يكفر من أنكرها، أو تردّد فيها والذي تعتقده إنها طبقات سبع، كالسموات ولها سكان من خلقه يعلمهم الله، واليه الإشارة بقوله: يجري أمر الله وقضاؤه الخ. قوله: (أو مضمر يعمهما) كفعل ما فعل لتعلموا الخ، أو أخبرتكم وأعلمتكم الخ، والحديث المذكور موضوع، تصت السورة بحمد الله والصلاة والسلام على أفضل أنبيائه العظام وآله وصحبه الكرام.
سورة
التحريم
وتسمى سورة النبيّ وعدد آياتها متفق عليه وهي مدنية وقيل: إلا آيتين من آخرها.
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله: (روي أفه عليه الصلاة والسلام اختلف في سبب النزول فقيل: قصة مارية، وقيل: قصة العسل، وقال في شرح مسلم الصحيح أنها في قصة العسل، لا في قصة مارية المروية في غير الصحيحين، ولم تأت قصة مارية من طريق صحيح، ومارية جاريته صلى الله عليه وسلم التي أهداها له المقوقس ملك مصر، وهي أمّ إبراهيم، (وقوله عند حفصة (وقيل: عند زينب بنت جحش، وقيل: عند سودة، وفي شرح مسلم للنووي الصواب أنّ شرب العسل كان عند زينب رضي الله عنها، وقوله: نشتم، وفي نسخة نشم من باب علم ونصر. قوله: (ريح المنافير) بفتح الميم وغين معجمة وفاء، وبعد الفاء ياء ثم راء مهملة، وفي بعض نسخ مسلم مغافر بلا ياء، وقال القاضي عيا ضالصواب إثباتها لأنه جمع مغفور بضم الميم، وهو صمغ حلوله رائحة كريهة يكون بشجر يسمى العرفط، وقيل: هو نبات له ورق عريض. قوله: (تفسير لتحرّم الخ) بيان للنكتة في ترك عطفه لأنه تفسير لتحرم بجعل أبتغاء رضاهن عين التحريم، مبالغة في كونه سبباً له، وقوله: استئناف الظاهر أنه استئناف نحوي ويجوز أن يكون بيانيا في جواب سؤال، تقديره لم أنكرت يا رب عليّ هذا، وقد وقع مثله من الأنبياء كما قال:{إِلَاّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ} [سورة آل عمران، الآية: 93] وقوله: لبيان الداعي إليه أي إلى التحريم، وليس هذا بيانا لمنشا السؤال لأنه لا يصح، تقديره، ما الداعي لتحريمه، فإنه يعلمه أو المراد الداعي لما ذكر من الإنكار فلا يرد عليه شيء. قوله:(لك هذه الزلة الخ) تبع فيه الزمخشريّ
وقد ردّه في الانتصاف، وشن الغارة في التشنيع عليه، لأنّ تحريم الحلال مطلقا أو مؤكداً بيمين بمعنى الامتناع منه ليس بزلة، وكم من مباح يتركه المرء باختياره ولا يلحقه منه شيء، وأمّا اعتقاد الحرام حلالاً وعكسه مما يلحق به الإثم، فلا يصدر عنه صلى الله عليه وسلم وحاشاه من نسبة مثله، وأجاب عنه في الكشف بأنه أراد به ترك الأولى، وهو بالنسبة لعصمته صلى الله عليه وسلم وعلوّ مرتبته، وقد يقال له ذنب وإن لم يكن ذنباً في نفسه، ولذا عقبه بقوله: والله غفور رحيم، وقوله: لا يجوز ينبئ عنه. قوله: (قد شرع لكم تحليلها) إشارة إلى أنّ التحلة مصدر بمعنى التحليل، وا! التحليل في الأصل لحفعيل من الحل بالفتح وهو ضد العقد فكأنه باليمين على الشيء لالتزامه عقده عليه، فإذا استثنى أو كفر فقد حل ما عقده، وقوله: عقدته إن كان بضمير الخطاب فهو الفاعل، وإن كان بتاء التأنيث ففاعله ضمير مستتر للإيمان، والبارز لما وبالكفار متعلق بحل. قوله ة (واحتج به) أي بما في هذه الآية من فرض تحليلها بالكفارة إن لم يستئن، وقوله: مطلقاً أي تحريم المرأة أو غيرها مما يملكه، وهو مذهب أءي حنيفة، وخالفه فيه الشافعى-، ودليله أنه لو لم يكن يمينا لم يوجب الله فيه كفارة اليمين هنا، وأجاب عنه المصنف رحمه الله تعالى بأنه لا يلزم من وجوب الكفارة كونه يمينا، لجواز إشتراك الأمرين المتغايرين في حكم واحد، فيجوز أن تثبت الكفارة فيه لمعنى آخر، ولو سلم أق هذه الكفارة لا تكون إلا مع اليمين، فيجوز أن يكون أقسم مع التحريم، كأن يقول في قصة مارية والله لا أطؤها، والله
لا أشربه، وقد رواه بعضهم عنه، كما في شرح مسلم، فالكفارة لذلك اليمين لا للتحريم وحده، فما ذكر وجهان لا وجه واحد، محصله أنه أتى باليميق والكفارة، فإنه مخالف لسياقه من غير داع له.
قوله:) أو العسل) قد عرفت أنّ هذا هو الصحيح، إلا أنه لم يكن عند حفصة على الصحيح، وأنما كان عند زينب كما مرّ، وأما كون أو هنا لمنع الخلو ليصح التبعيض، فلا أرى له وجها فتدبر وأسرار أمر الخلافة ذكره ابن حجر عن الطبراني-، وفي عبارته طسامح فإنها تشعر بالحصر، وليس بمراد، وقوله: أي على إفشائه فهو على التجوّز، أو تقدير مضاف
فيه، ولم يجعله لمصدر نبأت مع أنه بمعنى الإفشاء لئلا تنتشر الضمائر. قوله:(ويؤيده قراءة الكسائتي بالتخفيف الخ) فإنه على هذه القراءة لا يحتمل معنى العلم، لأن العلم تعلق به كله بدليل قوله: أظهره، وقوله: أعرض الخ فتعين أن يكون بمعنى المجازاة، لا بمعنى الإقرار كما في القاموس فإنه لا وجه له هنا، قال الأزهري في التهذيب من قرأ عرف بالتخفيف، يعني غضب من ذلك، وجازى عليه، كما تقول للرجل يسيء إليك والله لأعرفن لك ذلك، قال الفراء وهو حسن، انتهى وقد وردت المعرفة والعلم بمعنى المجازاة كثيرا في القرآن، لأنها لازمة لها إذ ما لا يعرف لا يجازي عليه. قوله:(لكن المشذّد الخ) ويجوز أن يكون العلاقة اللزوم أيضاً، والسببية إذ المجازاة بالتطليق مثلاً سبب لتعريفها بالجناية، والمخفف بالعكس. قوله:(على الالتفات) من الغيبة إلى الخطاب للمبالغة، فإنّ المبالغ في العتاب يصير المعاتب مطروداً بعيدا عن ساحة الحضور، ثم إذا اشتد غضبه توجه إليه وعاتبه بما يريد. قوله:) فقد وجد منكما الخ) يعني أنّ قوله: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} لا يصح أن يكون جوابا للشرط إلا بهذا التأويل، أي إن تتوبا فلتوبتكما موجب وسبب، كقوله:{مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ} [سورة البقرة، الآية: 97] أي فلمعاداته سبب وموجب، أو التقدير حق لكما ذلك فقد صدر ما يقتضيها، وقال ابن هشام هذا كقوله: إن تكرمني اليوم فقد أكرمتك أمس، وفيه إشكال من وجهين، أحدهما أنّ الإكرام الثاني سبب للأوّل، فلا يستقيم أن يكون مسببا عنه، والثاني أنّ ما في حيز الشرط مستقبل، وهذا ماض، ولذا قال ابن الحاجب توهم كثير أنّ جواب الشرط يكون سبباً ومسبباً وهو فاسد، وتوجيهه أنه سبب للإخبار بقوله: صغت قلوبكما فإن قلت الآية سبب للتحريض على التوبة فكيف تجعل سبباً لذكر الذنب، قلت: ذكر الذنب متسبب عنه، وهو لا ينافي التحريض، وقيل الجواب محذوف تقديره يمسح إثمكما، وقوله: فقد صغت الخ، بيان لسبب التوبة فإن قلت: ما قدره في الكشف لا يتسبب عن الشرط، بل الأمر بالعكس، فإن اعتبر الإعلام فليعتبر ابتداءكما، فعله ابن الحاجب وإلا فحقه أن تقديره فقد أديتما ما يجب عليكما، أو أتيتما بما يحق لكما، ويجعل ما ذكر دليلاً على الجواب المقدر حينئذ (قلت) هذا جواب آخر غير ما ذكره ابن الحاجب، وهو نظير ما قاله النحاة في قوله:
إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة
فإنه بتاويل تبين أني لم تلدني لثيمة، والمعنى هنا فقط ظهر أنّ ذلك حق لكم، فليس
مآله إلى ما قاله ابن الحاجب، لكنه أقرب إلى التأويل مما ذكره كما قيل. قوله:(وهو ميل قلوبكما) الدال عليه صغت، وقال عن الواجب دون إلى الواجب، والحق أو الخير حتى يصح جعله جوابا من غير احتياج إلى الإضماو، فإنه يقال: صغا إليه إذا مال ورغب، كما في الأساس لأنه الماضي، وقد قرأه ابن مسعود زاغت، وتكثير المعنى مع تقليل اللفظ يقتضي ما اختاره المصنف رحمه الله تعالى، كما قيل لكنه إنما يتمشى على ما ذهب إليه ابن مالك، من أنّ الجواب يكون ماضياً، وإن لم يكن لفظ، كان فيه نظر. قوله:(من مخالقة رسول الله) بالخاء المعجمة واللام والقاف أي موافقة أخلاقه والتخلق بها وهو بيان للواجب، والفاء تحريف من الناسخ، وقوله: تتظاهرا أي تتفقا وتتعاونا عليه، وقوله: فلن يعدم من باب علم أي يفقد من يظاهره ويعينه، وهو إشارة إلى أنّ ما ذكر دليل الجواب وسببه أقيم مقامه، أو هو مجازا وكناية عما ذكر، فيكون جوابا بنفسه، وقوله: صلحاء المؤمنين إشارة إلى ما سيأتي، من أنّ صالح في معنى الجمع كما ستسمعه عن قريب. قوله:(رئيس الكروبيين) في الفائق الكروبيون سادة الملائكة كجبرائيل وإسرافيل، وهم المقربون من كرب إذا قرب، وقال ابن مكتوم في تذكرته إنّ الكروبين بفتح الكاف وتخفيف الراء من كرب إذا قرب قال:
كروبية منهم ركوع وسجد
وقد تقدم تفصيله. قوله: (ناصره اللمولى معان كما مرّ، فكون الله مولاه
بمعنى ناصره، وكون جبريل مولاه بمعنى قرينه، وهو قريب من معنى الناصر، وكون المؤمنين مولاه بمعنى أتباعه والظاهر أنه قدّر لكل منهما خبراً على حده، ويجوز جعل مولاه خبرا عن الجميع لكنه يلزمه استعماله في معانيه، والأوّل أولى وفيه بحث. قوله:(متظاهرون) إشارة إلى أنّ ظهير بمعنى الجمع، واختير الإفراد لجعلهم كشيء واحد، وظاهر كلامه أنّ ظهير خبر الملائكة، وقد جوّز كونه خبرا لجبريل، وما عطف عليه وأن يكون خبراً له، وخبر ما بعده مقدر كقوله: وإني وتياربها لغريب
ولو قال بدل قوله: متظاهرون مظاهرون كان أظهر. قوله: (والمراد بالصالح الجنس) الشامل للقليل والكثير، والمراد به الجمع هنا كالحاضر والسامر، ولذا عم بالإضافة لأنّ الجمع
المضاف من صيغ العموم، ولذا لم يحمل على العهد هنا، وإن روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: " انّ صالح المؤمنين هنا أبو بكر وعمر، ورفع ذلك إلى النبئ صلى الله عليه وسلم وقد ذهب إليه قتادة وعكرمة، وهو مناسب لذكر جبريل والملائكة عليهم الصلاة والسلام، فإنّ المراد دخولهما بالطريق الأولى لا التخصيص. قوله:(بعد ذلك ثعظيم لمظاهرة الملائكة) لأنّ موقع بعد ذلك هنا موقع، ثم في قوله تعالى:{ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} [سورة البلد، الآية: 17] في إفادة التفاوت الرتبي كما بينه الزمخشريّ في قوله: {بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} [سورة القلم، الآية: 13] ولما أوهم هذا أنّ نصرة الملائكة أعظم من نصرة الله تعالى وهو محال، دفعه بأنّ نصرة الله على وجوه شتى من أعظمها نصرته بالملائكة، فتعظيم نصرة الملائكة لكونها نصرة الله يتضمن تعظيم نصرته تعالى، واليه أشار بقوله من جملة ما نصره الله به، وليس في هذا تعرض لتفضيل الملك على البشر بوجه، حتى يتصد! لدفعه. قوله:) على التغليب) في خطاب الكل، مع أنّ المخاطب أوّلاً اثنتان منهن، وفي لفظة إن الشرطية أيضاً الدالة على عدم وقوع الطلاق، وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم طلق حفصة رضي الله تعالى عنها فغلب ما لم يقع من الطلاق على الواقع. قوله:(أو تعميم الخطاب الخ) يعني لجميع زوجاته صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين، فيكون التفاتا إلى الجميع وخطابهن لأنهن في مهبط الوحي وساحة العز والحضور فيصلحن لذلك، فلا تغليب لا في الخطاب، لأنه قصد خطاب الجميع، ولا في أن لأنّ طلاق الجميع لم يقع، ولذا عقب بقوله وليس فيه الخ، قوله:(والمعلق بما لم يقع الخ) يعني أنه علق إبدال خير منهن بتطليق الجميع، وهو لم يقع فلا يقع الإبدال ولا الخيرية، ولا يلزم أن يكون في الدنيا، أو في عصره
صلى الله عليه وسلم من هو خير من أمهات المؤمنين، حتى يتكلف لدفعه. قوله:(وقرأ نافع وأبو عمرو بالتشديد (هكذا وقع في النسخ وفي بعضها بالتخفيف، وهو سهو من الناسخ كما يعلم من كتب القرا آت. قوله: (مقرات) هو معنى مسلمات ومخلصات، معنى مؤمنات لأنه يعتبر فيه تصديق القلب، وهو لا يكون إلا مخلصاً فلا تكرار في الجمع بينهما هنا، أو الإسلام بمعنى الانقياد، وهو معناه اللغوي فيفيد ذكره مع المؤمنات، وقوله: مصليات الخ، على أنّ القنوت بمعنى الصلاة أو الطاعة المطلقة، وقوله: أو متذللات لأن التعبد يكون بمعنى التذلل كما مرّ، وقوله: صائمات الخ أصل السياحة الذهاب في الأرض للعبادة، ولذا سمي المسيح مسيحا في قول، ثم إنه ورد بمعنى الصائم تشبيها له بأهل السياحة للعبادة في عدم الزاد نهاراً، أو المراد بها الهجرة لأنها سياحة الإسلام. قوله:(وسط العاطف بينهما الخ) يعني ليست هذه الواو واو الثمانية كما توهم، وأنما هي كالواو في قوله تعالى:{الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ} [سورة التربة، الآية: 12 ا] حيث ترك عطف ما سواها، لأنها صفات مجتمعة في شيء واحد بيتها شدة اتصال تقتضي ترك العطف، وهاتان بينهما تقابل بحيث لا تجتمعان في ذات واحدة، فلذا خصتا بالعطف للدلالة على تغايرهما وعدم اجتماعهما، فإن قلت فحينئذ كان العناسب ألعطف بأو الفاصلة دون الواو الواصلة، قلت هو من وصف الكل بصفة بعضه، وهما مجتمعان في الكل فكأنه قيل: أزواجاً بعضهن ئيبات، وبعضهن أبكار فتأمّل. قوله:(ولأنهما في حكم صفة واحدة) يعني أنهما هنا كشيء واحد لأنّ المراد إحدى هاتين الصفتين، فالعطف للدلالة على ذلك فتدبر. قوله: (عطف على واو قوا الوجود الفاصل بينهما، فإنه لا يشترط فيه أن يكون تأكيدا، وقوله: فتكون أنفسكم الخ يعني أنّ أصله قوا أنتم وأهلوكم أنفسكم، وأنفسهم بأن بقي ويحفظ كل نفسه عما يوبقها، فقدم الأنفس وغلب أنفس المخاطبين على أنفس أهليهم، فشملهم الخطاب جميعاً، والتغليب في كم، وفي قوا أيضاً، والمراد بالقبيلين هم وأهلوهم. قوله:
(وقودها الناس الخ (مرّ تفسيره في البقرة، وقوله: ناراً الخ يعني أنّ تنوينه للتنويع، وقوله: تلي أمرها فمعنى عليها أنهم موكلون عليها، وهم الزبانية التسعة عشر، وقوله:
غلاظ الأقوال فالغلظة مستعارة هنا، وفيما بعده حقيقة. قوله:(فيما مضى) قيد للعصيان والأمر على التنازع، كقوله: فيما يستقبل وهو إشارة إلى دفع التكرار في قوله تعالى {لَا يَعْصُونَ} الخ ويفعلون الخ بوجهين وقوله: لا يعصون على الوجه الثاني للاستمرار مثلى يفعلون، وعلى الأوّل لحكاية الحال الماضية، أو للاستمرار فيما مضى، وقد دفع أيضا بوجوه منها أنّ الجملة الأولى لبيان استمرار إتيانهم بأوامره، والثانية لأنهم لا يفعلون شيئا ما لم يؤمروا به كقوله تعالى:{وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} فإنّ استمرارهم على فعل ما يؤمرون به يفيده فلا تكرار وما فيما يؤمرون موصولة عائدها مقدر وهو به ومحصله على الثاني أنهم يوافقون الأمر في الباطن والظاهر وقيل: إنه من الطرد والعكس وهو يكون في كلامين يقرر منطوق أحدهما مفهوم الآخر وبالعكس (وهاهنا بحث (وهو أن الجار والمجرور هنا ليس من القرآن والتنازع إنما يكون في مذكور لا مقدر والمقدرات القرآنية ليست منه كما تقدم في سورة الفاتحة وما في التسهيل من أنّ نحو ما قام وقعد إلا زيد من التنازع عند الكسائي لا يقتضيه لأن فيه ما يقوم مقام المقدر وما نحن فيه ليس كذلك فليحرر فإنه من المباحث المهمة. قوله: (أي يقال لهم الخ) إشارة إلى أنه على تقدير القول والمراد باليوم وقت دخول النار فتعريفه للعهد وقوله: لا عذر لهم أصلا فنفي الاعتذار كناية عن نفي العذر وليس المراد أنه نهى عن الإتيان بما هو عذر بحسب الصورة وحسبانهم كما قيل لأنه يرجع لما بعده حينئذ وقوله: من الذنب صلة التائب لأنه يتعدّى بمن فليست تعليلية وبالغة إشارة إلى دلالة صيغته على المبالغة والإسناد المجازي لأنّ النصوح صاحبها، وقوله: ذات نصوح فهو صفة بتقدير مضاف، وتنصح نصوحا فهو مصدر فعل جملته صفة، وقوله: توبوا نصوحا فهو مفعول له وهذا كله على قرإءة الضم. قوله: (وسئل علي رضي الله تعالى عنه الخ) هذا منقول عن يعسوب المؤمنين، وهو كمال التوبة عند الخواص لا إنه يشترط ذلك في تحققها حتى يخالف مذهب أهل السنة في أنه يكفي لتحقق التوبة الندم
والعزم على أن لا يعود والمذكور شروطها عند المعتزلة كما في شرح المواقف، واعادة الفرائض أن يقضي منها ما وقع في زمان معصيته كشارب الخمر يعيد صلاته قبل التوبة لمخامرته للنجاسة غالبا، وتربية نفسه تدريجها في فعل الطاعة حتى يتم إلفه لها. قوله:(بصيغة الآطماع) بكسر الهمزة وهي عسى ولعل ونحوهما، وقوله: جرياً على عادة الملوك الخ فإنهم إذا أرادوا فعلاً قالوا: عسى أن نفعل كذا، وقوله: غير موجب خلافا لبعضهم في الإيجاب بها وكونه بين الخوف والرجاء لا ينافي غلبة الرجاء واحمادا بمعنى جعلهم محمودين عند الله وناواهم بمعنى عاداهم كما وقع في نسخة من النوى وهو البعد ففيه تعريض لأعدائهم بالخزي وفيه إشارة لترجيح العطف وقد جوّز كون الخبر معه والمراد بالإيمان فرده الكامل هنا، وقوله: طفئ كسمع ذهب نوره فأظلم مكانه وأتمم بمعنى أدمه إلى أن يصلوا إلى الجنة، وقوله: وقيل الخ فالإتمام الزيادة وهو معطوف بحسب المعنى على قوله: إذا طفئ الخ وعلى هذا لا يلزم أن يكون هذا من باب بنو فلان قتلوا قتيلاً كما توهم. قوله: (إذ بلغ الرفق مداه) وفي نسخة إذا وهي الصحيحة يعني إذا رفقت غاية الرفق فلم يفد ذلك أغلظ عليهم حينئذ فإن من لا يصلحه الخير يصلحه الشرّ، وقوله: جهنم أو مأواهم هو المخصوص بالذم المقدّر فيه قيل، وهو من عطف القصة على القصة. قوله:(مثل الله تعالى حالهم) أي الكفرة، وقوله: يحابون بالحاء المهملة والموحدة من المحاباة في البيع والمراد هنا مجازا الرعاية وفعل الجميل وقوله: بما متعلق بيجابون، وقوله: بحالهما متعلق بمثل، وقوله: تعظيم نوح من مدح الله لهما بقوله: عبدين الخ وكان مقتضى الظاهر تحتهما فإن تعظيم السيد لعبده ومدحه يكفي فيه مثله فلا يتوهم أن لا تعظيم في وصف الأنبياء بالصلاح، ولذا أضيف لضمير العظمة فافهم، وفيه أيضاً تعريض
لأمّهات المؤمنين وتخويف لهن بأنه لا يفيدهن كونهن تحت نكاح النبيّ صلى الله عليه وسلم. قوله: (إغناء مّ (فثثا منصوب على المصدرية، ويجوز أن يكون مفعولاً به أي شيئاً من العذاب وما إشارة إلى العموم من النكرة