المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ما عملتم الخ) إمّا مرفوع على أنه مستأنف إشارة إلى - حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي - جـ ٨

[الشهاب الخفاجي]

الفصل: ما عملتم الخ) إمّا مرفوع على أنه مستأنف إشارة إلى

ما عملتم الخ) إمّا مرفوع على أنه مستأنف إشارة إلى أنّ قوله: فإن الخ جزءا باعتبار الأخبار كأنه قيل: إن فعلتم ذلك فاعلموا أن الله غفور الخ أو مجزوم بناء على أنه جزاء باعتبار أن يراد به مسببه، وقوله:(على محبة الأموال) الخ إشارة لاتصاله بما قبله، وقوله:(في وجوه الخير عمومه من الإطلاق) وكونه خالصا لأنّ الخيرية لا تتأتى دونه، وقوله:(أي اقعلوا (فهو مفعول لفعل مقدر وقوله: (تثيد للحث) الخ لأنه جعل خاتمة لها مشيرة لترجيحها على ما اعتقدوا خيريته من الأموال والأولاد، وقوله:(جواباً للأوامر) وتقديره يكن ذلك خيراً لأنفسكم. قوله: {إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ} تقدم أنه استعارة مكنية، وقوله:(فيما أمره) على الحذف والإيصال أي أمر به كقوله:

أمرتك الخير فافعل ما أمرت به

وقوله: يعطي الجزيل بالقليل يشير إلى أن في صيغة فعول مبالغة وأن الشكور في حقه تعالى معناه معطي الثواب الكثير بالعمل القليل، وحقيقة الشكر الاعتراف بنعمة المنعم، وقوله:) عن النبئ صلى الله عليه وسلم حديث موضوع وآثار الوضع فيه ظاهرة ومناسبته للسورة لما ذكر فيها مما يجلب المنافع، ويدفع المضار وأنّ ثل مصيبة بإذنه وارادته فتأمّل تمت السورة بحمد الله ومنه والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.

سورة‌

‌ الطلاق

وتسمى سورة النساء القصرى وهي مدنية بالاتفاق، واختلف في آياتها فقيل: اثنتا عشرة،

وقيل: إحدى عشرة والاختلاف في ثلاث آيات من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، ويجعل له مخرجا ويا أولي الألباب كما قاله الداني في كتاب العدد.

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله: (خص النداء وعم الخطاب الخ (خص وعم إن كانا مجهولين فالنداء والخطاب مرفوعان بالنيابة عن الفاعل وإن كانا معلومين فهما منصوبان وضمير الفاعل له تعالى، يعني كان حقه أن يقال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ} فخص النداء به مع أنّ الكلام معهم جميعا والحكم عام له صلى الله عليه وسلم ولهم لأنه مقتداهم فنداؤه كندائهم كما يقال لكبير القوم: يا فلان افعلوا كيت وكيت فتخصيصه صلى الله عليه وسلم لرفعة شأنه، ولذا اختير لفظ النبيّ لما فيه من الدلالة على علو مرتبته، وقوله: بالحكم متعلق بالخطاب والمراد بالحكم الحكم الذي في الجملة الشرطية أو هو الحكم الشرعي، وهو التطليق لعدتهن وقوله: فنداؤه كندائهم لأنه منزل منزلتهم فيما لا يكون من خصائصه، وقوله: الحكم يعمهم ففيه تغليب للمخاطب على الغائب تقديره إذا طلقت أنت وأمتك، وقد قيل: إنه بعد ما خاطبه صرف الخطاب عنه لأفته تلوينا له لما في الطلاق من الكراهة فلم يخاطب به تعظيما له، وقيل: تقديره (يا أيها النبئ قل لأمتك إذا طلقتم) الخ وهو من المجاز قالوا: والا فلا معنى له إن اتحد الشرط والجواب لما فيه من تحصيل الحاصل أو يكون المعنى إذا طلقتم النساء قط لقوهت مرّة أخرى وهو غير مراد وجعله المصنف تبعا للزمخشريّ من المشارفة كقوله: " من قتل قتيلَا فله سلبه " فقيل: عليه الأظهر أنه من ذكر المسبب وإرادة السبب، وفيه نظر لأنّ المراد ما ذكر لكن المراد أنه لم يتجوّز بالفعل

عن إرادته مطلقا بل عن الإرادة المقارنة له، ويتبعها تشبيه المشارف للفعل بالمتلبس به ففيه مكنية أو شبهها وهو أبلغ وأنسب بالمقام والمعترض لم يتنبه لمراد الشيخين هنا فافهم، ثم إنهم اتفقوا هنا على أنه لولا التجوّز لم يستقم الكلام ولك أن تقول إنه لا حاجة إليه، بل هو من تعليق الخاص بالعام وهو أبلغ في الدلالة على اللزوم كما يقال إن ضربت زيداً فاضربه ضربا مبرحاً لأنّ المعنى أن يصدر منك ضرب فليكن ضرباً شديداً وهو أحسن من تأويله بالإرادة فتدبر. قوله:(أي في وقتها) فاللام للتأقيت كالداخلة في التاريخ نحو لخمس خلون، وفسر وقت العدة بالطهر والمراد وقته ففيه مضاف مقدر وقوله: فإن اللام في الأزمان الخ بيان لكونها للتأقيت هنا، والمراد بالتأقيت أنها بمعنى في إذا لم تقم القرينة على خلافه كما في قوله:{لِيَوْمِ الْجَمْعِ} [سورة التغابن، الآية: 9] فإنّ اللام فيه تعليلية كما مرّ وما قيل: من أن ما ذكر فيما يشبهها صحيح وأما

ص: 203

في الأوقات نفسها فلا لأنه يلزمه تكرير الوقت لأنه معنى اللام ومعنى مدخولها، وفيه أيضا تخيل فاسد لأنّ المراد بالتأقيت أنها بمعنى في وهي تدخل على الظرف وما ضاهاه لتعيين المراد منه. قوله:) ومن عد العدة بالحيض) بفتح الحاء وسكون الياء أو بكسر، ثم فتح جمع حيضة وهو مذهب أبي حنيفة، وقوله: علق اللام الخ إشارة إلى ترجيح مذهبه لأنها عنده تأقيتية متعلقة بطلقوهن من غير احتياج للتقدير لكنه أيد المذهب الآخر بالقراءة المنسوبة للنبيّ صلى الله عليه وسلم، وهي قبل عدتهن وبالأدلة الدالة على إرادة الحيض من القرء كما في الكشاف، ولذا أسقطه المصنف رحمه الله تعالى لمخالفته لمذهبه، وفيه كلام في الانتصاف وغيره حيث ادعوا عدم دلالة تلك القراءة على مدعاه بل هي دالة على خلافه، وليس هذا محل تفصيله. قوله:) مثل مستقبلات) كما قدرت في قولهم: كتبته لليلة بقيت من المحرم فإن تقديره مستقبلاً لها، وحينئذ يكون ابتداء العذة من الحيض لأنّ الطلاق الواقع في الطهر قبلها مستقبل لها، ومستقبلات المقدر حال، وقوله: وظاهره أي ظاهر النظم مؤيد لمذهبه وإن العدة بالإطهار لا بالحيض لأنّ الطلاق السني المامور به إنما يوقع في الطهر، وقد جعل في العدة في الآية فيكون الطهر عدة وما قدروه خلاف الظاهر، وقوله: وإن طلاق المعتدة الخ يعني يلزمه أن يفسر الإقراء بالأطهار بالحيض. قوله: (ينبغي أن يكون في الطهرا لم يقل يجب أن يكون في الطهر لأنّ إيقاع الطلاق في الطهر لم يقل أحد بوجوبه لكنه إذا جزم بإيقاعه ينبغي له أن يوقعه في الطهر، ولما كانت هذه العبارة موهمة لجوازه مع الكراهة في الحيض دفعه بقوله: عقبه وأنه يحرم في الحيض، ومن لم يتنبه له قال: الأولى أن يقول: يجب بدل قوله: ينبغي، وهو مما صرحوا به. قوله:) من حيث إن الآمر الخ) المسألة طويلة الذيل في الأصول لا حاجة لنا هنا في ذكرها، وإنما ذكر المصنف رحمه الله تعالى هذا لأنّ المراد من الأمر هنا تحريمه في

الحيض، لا إيجابه في الطهر كما عرفت، وقوله: ولا يدل الخ معطوف على قوله: يستلزم لقربه وظهوره، ولأنّ قوله: بعده إذ النهي الخ، داق عليه أو على قوله: يدل دفع للسؤال المقدر، لأنه إذا كان نهيا عن ضده وعن إيقاعه في الحيض، ربما يوهم أنه لو طلق فيه لا يقع، وضمير وقوعه للطلاق في الحيض، وفاعل يدل ضمير يعود على النهي، أو على قوله: ظاهره. قوله:) إذ النهي لا يستلزم الفساد (سواء رادف البطلان أو لا، وعلى الخلاف بين الشافعية والحنفية فيه، كما فصل في الأصول، قال المصنف رحمه الله تعالى في منهاج الأصول: النهي شرعا يدل على الفساد في العبادات، وفي المعاملات، إذا رجع إلى نفس العقد، أو إلى أمر داخل فيه، أو لازم له، فإن رجع إلى أمر مقارن كالبيع وقت النداء فلا انتهى، وما نحن فيه لأمر مقارن، وهو زمان الحيض فلا يقتضي الفساد عند الشافعية، وفي هذه المسألة خلاف لهم أيضا، وقال أبو حنيفة رحمه الله: النهي مطلقاً لا يفيد الفساد كما فصل في جمع الجوامع وشروحه. قوله: (كيف وقد صح أق ابن عمر الخ) تأييد لوقوعه، لأنه لو لم يقع لم يأمره بالرجعة، والحديث مرويّ من طرق في السنن، وفيه كلام ذكره ابن حجر. قوله:(وهو سبب نزوله) أي ما ذكر من تطليق ابن عمر رضي الله عنهما، وأمر النبيّءلمجفه سبب نزول هذه الآية على قول وقيل السبب تطليق النبي-لمجي! حفصة رضي الله عنها، وقيل غيره، وقال القرطبي: نقلا عن علماء الحديث إنّ الأصح أنها نزلت ابتداء لبيان حكم شرعي، وكل ما ذكر من أسباب النزول لها لم يصح. قوله:(واضبطوها الخ (أصل معنى الإحصاء العد بالحصى، كما كان معتادا قديما، ثم صار حقيقة فيما ذكر. وقوله: في تطويل العدة الخ، بيان لحكمة كون الطلاق إذا أريد ينبغي إيقاعه في الطهر، وقوله: باستبدادهن، أي استقلالهن بالخروج من غير إخراج أحد لهن، وقوله: مساكنهن الخ إشارة إلى أن الإضافة ليست للتمليك بل للسكنى المخصوصة. قوله:) إمّا لو اتفقا على الانتقال الخ) قيل: إنه مذهب الشافعيّ، والحنفية لا

يجوّزونه، وفيه نظر، وقد ذكر الرازي في الأحكام ما يدل على خلافه، وأنها كالنفقة تسقط بالإسقاط فليحرر، وقوله: دلالة على استحقاقها السكنى، وهو من قوله: لا تخرجوهن، وقوله: لزومها بالجر عطف على ايتحقاقها، وهو مصدر مضاف لمفعوله، وملازمة بالرفع فاعله، وهذا من قوله: ولا يخرجن الخ.

ص: 204

قوله: (مستثنى من الأول) أي من قوله: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ} وقوله: (إلا أن يبذون) أي النسوة، وفي نسخة إلا أن تبذوا أي المرأة، ووحده كما في قوله: تزني الآتي، لأنه إنما يصدر عن البعض دون الجميع، والأوّل أصح، وإلبذاء بالذال المعجمة والموحدة هو الكلام القبيح كالشمّ، فإذا أطالت لسانها على الزوج، أو إحمائه كانت كالناشزة، فيسقط حقها في السكنى، فالفاحشة المتكلمة بالكلام الفاحش القبيح. قوله:(أو إلا أن تزتي الخ) فالفاحشة الفعلة، الفاحشة وهي الزنا، وعلى هذا يصح استثناؤه من كل منهما، وقوله: فتخرج مضارع الخروح، أو الإخراج، ولا يتعين أن يكون من الأوّل، كما يوهمه كلام المصنف رحمه الله تعالى، وقوله: للمبالغة في النهي لأنّ استثناء منه يدل على أنه غير منهيّ عته، فإذا أريد بالفاحشة الخروج نفسه يكون أقوى في النهي، لإشعاره بعدم ارتداعه بالنهي، فهو مستحق لما هو أشد منه. قوله:(بأنّ عرضها للعقاب) فسره بعضهم بأضرها ضررا دنيوياً، وقال: إنّ التفسير بتعريضها للعقاب يأباه، قوله: لعل الله الخ، لأنه مستأنف لتعليل الشرطية، وقد قيل: ما يحدثه تقليب قلبه إلى خلاف ما هو عليه، فلا بد من كون الظلم ضرراً دنيويا لا يمكن تلافيه، أو عامّا دنيوي، والأخروي، والتعليل بالدنيوي لأنّ الضرر به أشد عندهم وهم بدفعه أعني، وقد رد بأن الضرر الدنيوي غير محقق فلا ينبغي تفسير الظلم هنا به، وقوله: لعل الله الخ، ليس تعليلا لما ذكر بل ترغيباً للمحافظة على الحدود بعد الترهيب وفيه نظر. قوله:(أو المطلق (أي الذي تضمنه قوله: طلقتم، وقوله: برجعة متعلق بالرغبة، وقوله: أو استئناف أي لعقد النكاح إذا لم تكن رجعة فهو شامل للبائنة، وقوله: فراجعوهن بعده لا ينافي عموم صدره لأنه من ذكر الخاص بعد العامّ، وقوله: (شارفن) الخ، فهو من مجاز المشارفة بقرينة ما بعده، لأنه لا يؤمر بالإمساك بعد انقضاء العدة، وقوله: وانفاق مناسب يعني لحال اك وجين، وقوله: مثل الخ،

تمثيل للضرار. قوله: (على الرجعة أو الفرقة) أو لمنع الخلو، واختارها لمناسبة المفسر، وهو قوله:{أَوْ فَارِقُوهُنَّ} فليست الواو أولى من أو هنا، وقوله:(تبرئا عن الريبة الف ونشر مرتب، فإنه لو لم يشهد على الرجعة قد يتهم بالزنا، وامساكها بعد الطلاق، وقطع النزاع بالإشهاد على الفرقة، ويجوز كونه تعليلَا لهما لأنّ المرأة قد تنكر الرجعة، وربما يموت أحدهما بعد الفرقة فيدعي ثبوت الرجعة للإرث ونحوه، وقوله: وعن الشافمي الخ، هو قوله القديم، والأول قوله الجديد المفتى به عندهم. قوله تعالى: ( {وَأَشْهِدُوا} الآية (فيه دليل على إبطال قول من قال: إنه إذا تعاطف أمران لمأمورين يلزم ذكر النداء، أو يقبح تركه نحو: اضرب يا زيد، وقم يا عمرو، وعلى من خص جوازه باختلافهما، كما في قوله: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ} [سورة يوسف، الآية: 29] بأن المأمور بقوله: (أشهدوا للمطلقين)، وبقوله:(أقيموا الشهادة للشهود) ، وقوله خالصا لوجهه تفسير لقوله الله، وقوله:(فإنه المنتفع (الخ، بيان لوجه تخصيص قوله: {مَن يُؤْمِنُ} ا! ث، مع أنه عام في نفسه. قوله: (جملة اعتراضية) أي بين المتعاطفين، وهي قوله:{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ} ، وقوله بالوعد متعلق بقوله مؤكدة والمنهي عنه صريحا الخروج، والإخراج وضمناً ما علم من الأمر، وقوله؟ (من الطلاق) الخ، بيان لما والإضرار تطويل العذة كما مر وهو ضمني، واخراجها هو الصريح كما مر، وتوقع جعل بضم الجيم أي أجرة أو رشوة معلوم من قوله لله، وقوله: بأن يجعل متعلق بالوعد، وقوله: من وجه أي من جهة أخرى لم تخطر بباله. قوله: (أو بالوعد) معطوف على قوله: بالوعد السابق، فقوله:{وَمَن يَتَّقِ} الخ على الأول وعد خاص بمن اتقى عما نهى عنه صريحا أو ضمنا كما مر من الأزواج والزوجات ونحوهم وعلى هذا عامّ لكل متق عن المنهيات والمخرج في الأول من المضار المتعلقة بالتزاوج، وعلى هذا عن مضار الدارين مطلقاً. قوله:(أو كلام جيء به للاستطراد الخ) وهو معترض أيضا خلافا لمن توهم خلافه لكنه على الأول

مسوق لتقوية الحكم السابق بخصوصه أو بعمومه وعلى هذا لما ذكر المؤمنين استطرد لذكر بعض من أحوالهم، وأنه تعالى متكفل لأمورهم. قوله:(وعتة الخ) هو مؤيد للقولين الأخيرين، ولأنّ المراد العموم لا خصوص من سبق، وهذا الحديث ضعيف، وقال بعضهم إنه موضوع كما نقله السيوطي، وقوله: وروي الخ ذكره ابن مردويه في تفسيره، وقوله: فشكا أبوه لأنهم كلفوه ما لا يطيقه من الفداء، كما صرح به في الرواية، وقوله: وأكثر الخ روي أنه قال له ابعث إلي

ص: 205

ابنك ليكثر من لا حول الخ، وقوله: غفل عنها في نسخة تغفل عنها، فيكون متعدياً من تغفلت الرجل عن كذا، إذ! أخذته على غفلة منه. قوله:(يبلغ ما يريده) فأمره مفعول بالغ والإضافة للملابسة، والمراد بأمره ما أراده من الأمور، وقوله: بالإضافة أي للمفعول أيضاً، وقوله: بالغ أمره على أنّ أمره فاعل أو مبتدأ خبره مقدم، والجملة خبر، وقوله: على أنه حال لا خبر على نصبها للجزأين في لغة لأنها ضعيفة، والحال من فاعل جعل مقدمة من تأخير لا من المبتدأ فإنهم لا يرتضونه، وقوله: تقديرا، فالمراد تقديره قبل وجوده، أو هو مقدار بقائه أو نهايته، وقوله: بيان لوجوب التوكل الخ، لأنه إذا علم أنّ كل ما يكون بتقديره في وقت معين، لا يتخلف عنه وجب التوكل، ولزم العاقل ذلك كما قيل:

لاتأس فإنّ حملك الهمّ جنون ما قدرأن يكون لا بدّيكون

قوله: (وتقرير لما ثقدم الخ (فإنه تعالى إذا جعل لكل شيء مقدار أو زمانا، كان الطلاق كذلك، فلزم إحصاؤه وضبطه. قوله تعالى: ( {وَاللَّائِي يَئِسْنَ} الخ) قالوا: إنه مبتدأ خبره جملة

فعدّتهن الخ، وإن ارتبتم جوابه محذوف تقديره فاعلموا، أنها ثلاثة أشهر، والشرط وجوابه المقدر جملة معترضة، ويجوز كون قوله:{فَعِدَّتُهُنَّ} الخ، جواب الشرط باعتبار الأخبار والأعلام، كما في قوله:{وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ} [سورة الخل، الآية: 53] والجملة الشرطية خبر من غير حذف وتقدير، وقوله: روي الخ إشارة إلى أنّ الشرط لا مفهوم له، لأنه بيان للواقعة التي نزل فيها من غير قصد للتقييد. قوله:(أي جهلتم) قيل: لأمنع من إبقاء الشك على ظاهره وحقيقته، ويؤيده الرواية المذكورة، لأن السؤال لترددهم في العدة ولا يخفى إبقاؤه على ظاهره، ولذا فسره أوّلاً بقوله: شككتم ثم بين أنّ شكهم ناشئ من جهلهم، وسبب النزول مناسب للجهل والشك معا ولا ضير فيه، وقوله:{لَمْ يَحِضْنَ} ، وفي نسخة لا يحضن وهما بمعنى، وقوله:(مشهى عدّتهق الأن الأجل يطلق على المدة كلها، وعلى غايتها، والثاني هو المراد هنا، وقوله: لم يحضن بعد يعني الصغار، وقوله: كذلك هو الخبر المقدّر، وهو أحسن من تقدير فعدتهن ثلاثة أشهر وأخصر كما في الكشاف، ولو عطف على قوله: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ} ، وجعل الخبر لهما من غير تقدير جاز. قوله: (والمحافظة على عمومه الخ) أي عموم الواقع هنا للمطلقة، والمتوفى عنها ليكون عدتهما بالوضحع مطلقا أولى من إبقاء آية الوفاة على عمومها للحامل، وغيرها خلافا، لما روي من مذهب بعض الصحابة من أنه آخر الأجلين، ورجح إبقاء هذه على عمومها بقوله بالذات، لأنه جمع معرّف، فيعم بخلاف قوله: أزواجا فإنه جمع منكر، فمن قال بعمومه قال: لأنه وقع في الصلة، والموصول يعم فيعم ما في صلته، فلذا كان بالعرض لا لأنّ الجمع المنكر قد يعم، وتقديره بأزواج الذين يتوفون غير متعين، مع أنه لو سلم فعموم المصرّج أقوى، وأولى من عموم المقدرة فلا يضرنا أيضا. قوله:(والحكم معلل هاهنا) يعني أنّ قوله: وأولات الأحمال من تعليق المشتق الدال على علية مأخذ الاشتقاق لأنه في معنى، والحاملات أجلهن أن يضعن الخ، والحمل باعتبار شغل الرحم وفراغه عنه

صالح للعلية فحكمه أقوى من غيره لقوة المعلل على غيره، فيبقى على عمومه للمطلقة والمتوفى عنها بخلاف قوله:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ} [سورة البقرة، الآية: 234] فإنّ الوفاة لا تصلح للتعليل هنا. قوله: (ولآنه صح الخ) هو مروي في البخاري، وهو حديث صحيح، وقوله: بليال وقع في البخاري أربعين ليلة، وقوله: ولأنه متأخر النزول كما رواه البخاري، وأبو داود والنسائي وابن ماجه، عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: لما بلغه الخبر أنّ علياً قال عدتها آخر الأجلين، قال من شاء لاعنته إنّ سورة النساء القصرى، وآيتها نزلت بعد التي في البقرة، والعمل بالمتأخر لما سيأتي. قوله:(فتقديمه في العمل الخ) أي تقديم قوله: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} ، وترجيح العمل به للمحافظة على عمومه، وترك العمل بهذه في حق ما تناولاه يكون بناء للعام على الخاص، ولو قدمنا هذه الآية في العمل والمحافظة على عمومها فهو تخصيص لعموم الآية الأخرى، لأنّ هذه الآية خاصة من وجه، كما أنّ تلك خاصة من آخر، فالعمل بهذه الآية المتأخرة في مقدار ما تناولاه، أعني الحامل المتوفى عنها زوجها تخصيص لها بما وراء الحامل المتوفى عنها زوجها، والخاص المتاخر يخصص العامّ المتقدم، وهذا على مذهب المصنف رحمه الله تعالى في جواز تراخي المخصص، وعند الحنفية هو يكون نسخاً

ص: 206

لا تخصيصا، ولا من حمل العامّ على الخاص الغير المتصل، وتفصيل المسألة في مفصلات الأصول فقوله: للوفاق عليه فيه نظر يندفع بالتأمل فيه لأنّ مراده الاتفاق على العمل بالمتأخر سواه قلنا هو مخصص أو ناسخ، ولا حاجة إلى التجوّز في التخصيص، كما قيل ويؤيده كما في شرح التحرير ما في البخاريّ عن ابن الزبير أنه قال لعثمان رضي الله عنه والذين يتوفون الخ نسختها الآية الأخرى فنكتبها، أو ندعها، قال: يا ابن أخي لا أغير شيئا منه من مكانه، وفيه تسليم عثمان للنسخ، وتقدم الناسخ على منسوخه في ترتب الآي من النوادر، وللمحشي هنا كلام لا يخلو من الخلل فتدبر. قوله:) بناء للعامّ على الخاص) يعني لو قدمت هذه بأن عمل بها كان فيها تخصيص لقوله: أزواجا في تلك بغير الحاملات، وتقديم تلك في العمل بها يلزمه بناء العامّ، وهو قوله:{وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ} الشامل للمطلقات، والمتوفى عنها على الخاص، وهو المتوفى عنها ثمة، والمراد بالبناء كما ثاله بعض الفضلاء هنا أن يراد بالعامّ الخاص من غير مخصص له، إذ المتقدم لا يصح لأن يكون مخصصا للمتأخر والبناء بهذا

المعنى لم نره لغيره فهو محتاج للتحرير، وقوله تعالى {مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} قدم فيه البيان على مبينه للفاصلة، أو من فيه بمعنى في، أو تعليلية واليسر الثواب، أو السهولة فتأمّل. قوله:(أي مكاناً من مكان سكناكم) يعني أنّ من للتبعيض ومبعضها محذوف، وقوله: عطف بيان الجار والمجرور عطف بيان للجارّ والمجرور لا المجرور فقط، حتى يقال: إنّ إعادة الجار إنما عهد في البدل لا في عطف البيان مع أنه لا يبرد له بسلامة الأمير حتى يقال الوجه أن يكون بدلاً مع أنه لا فرق بينهما، إلا في أمر يسير كما ذكره النحاة. قوله:(فتلجؤهن إلى الخروج (لشغل المكان أو بإسكان من لا يردن السكنى معه ونحوه، وقوله: وهذا يدل الخ، وهو مذهب الشافعيّ ومالك، وأمّا عند الحنفية فلكل مطلقة حق النفقة والسكنى، ودليله أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لها النفقة والسكنى) وأنه جزاء الاحتباس، وهو مشترك بينها وبين غيرها، ولو كان جزاء للحمل لوجب في ماله إذا كان له مال، ولم يقولوا به وغير ذلك من الأدلة العقلية والنقلية، والدليل المذكور مبني على مفهوم الشرط، ونحن لا نقول به، مع أنه ذكر أنّ فائدة الشرط هنا أنّ الحامل قد يتوهم أنها لا نفقة لها لطول مدّة الحمل، فأثبت لها النفقة ليعلم غيرها بالطريق الأولى كما في الكشاف، فهو من مفهوم الموافقة. قوله:(والأحاديث تؤيده) قيل الجمع لتعدد طرقه، إذ المرويّ فيه حديث فاطمة بنت قيس، وقد طعن فيه الصحابة كعمر وعائثة وأسامة وغيرهم من كبار الصحابة، فهو دليل عليه لا له، ويؤيد الطعن القياس وقراءة ابن مسعود أنفقوا عليهن، وفيه نظر. قوله:(وليأمر بعضكم بعضاً الخ) يشير إلى أنّ الافتعال بمعنى التفاعل فالائتمار بمعنى التآمر، كالاشتوار بمعنى التشاور، وقد نقل أهل اللغة أنه يقال: ائتمروا إذا أمر بعضهم بعضاً. قوله: (تضايقتم) يعني ضيق بعضكم على الآخر بالمشاحة في الأجرة، أو طلب الزيادة ونحوه. قوله: (وفيه معاثبة للامّ الخ الأنه كقولك لمن تستقضيه حاجة فتتعذر منه سيقضيها غيرك، أي ستقضي

وأنت ملوم كذا بينه في الكشاف، وفي الانتصاف لأنّ المبذول من سجهتها لبن غير متمول، ولا يضن به لا سيما على الولد بخلاف ما يبذل من الأب فإنه مال يضن به عادة، فإن قلت المذكور المعاشرة، وهي فعل الأب والأمّ فكيف يخص الأمّ بالذكر، في الجزاء، قلت: هما مذكوران فيه، لكن الأمّ مصرح بها، والأب مرموز إليه لأنّ معنى سترضع له أخرى فليطلب له الأب مرضعة أخرى، لئلا يلزم الكذب في كلام الله، فمعاسرة الأب مذكورة أيضاً، لكنها غير فصرح بها، فظهر الارتباط بين الجزاء والشرط، وكون المعاتبة للأم كما حققه بعض شراح الكشاف، ولا حاجة إلى تكلف ما قيل إنّ الأب لما أسقط عن درجة الخطاب وبين أنّ معاسرته لا تجدي، إذ لا بد من مرضعة أخرى بأجر، وهذه أشفق منها، كان في حكم المعاتب المذكور في الجواب فتدبر. قوله:(فلينفق كل الخ) ترك الفاء أولى لأنه تفسير لقوله: لينفق، وقوله: وفيه تطييب لقلب المعسر أي تسلية له، واستمالة لأنّ ما ذكر هنا، وأنّ شملهما لكنه للإعسار أقرب، ويؤيده عبارة آتاه الخاصة به قبله، وذكر العسر بعده كما أشار إليه بقوله، ولذلك الخ وقوله: وعدله أي للمعسر من فقراء الأزواج بقرينة السياق، أو لمطلق الفقراء ويدخل فيه هؤلاء دخولاً أوليا، كما جوز. الزمخشري. قوله: (عاجلَا

ص: 207

أو آجلَا) أخذه من عموم التنكير، وقوله: أهل قرية بتقدير المضاف، أو التجوز في القرية أو في الإسناد كما مرّ، وقوله: أعرضت عنه يعني أنه ضمن العتو، وهو التجبر والتكبر معنى الإعراض، فلذا عدى بعن، وقوله: بالاستقصاء أي طلب أقصاه وغايته، والمراد التشديد والدقة فيه، وهو المراد بالمناقشة، وأصل المناقشة إخراج شوكة بشوكة أخرى ثم صار حقيقة فيما ذكرناه، وقوله: لا ريح فيه أصلاً هو من تنوين التعظيم فيتضح تخصيصه بالعاقبة. قوله: (تكرير للوعيدا لأنّ ما مر وعيد عبر عنه بالماضي لتحققه، وقوله: ويجوز الخ فيكون الماضي السابق على حقيقته، وقوله: عتت وما عطف عليه صفة قرية، وأعد الله خبر كأين أو الخبر، وأعد الله استئناف لبيان أنّ ما أعد لهم غير منحصر فيما ذكر، بل لهم بعده عذاب شديد، وليس فيه تكرير للوعيد أيضا، على هذا.

قوله: (الذين آمنوا) منصوب بأعني المقدر، أو هو بيان للمنادى، أو نعت له لا بدل لعدم حلوله محل المبدل منه، وقوله: لكثرة ذكره فهو وصف بالمصدر مبالغة كرجل عدل، وقوله: أو لنزوله الخ، فتسميته به مجاز لما بينهما من الملابسة المشابهة للحال والمحل، وقوله: أو لأنه مذكور فهو مجاز كدرهم ضرب الأمير، وقوله: أو ذا ذكر، لم يقل ذو ذكر لعطفه على مذكور صثناكله للمفسر به. قوله:. (أو محمدا) معطوفي على قوله: جبريل، وهو من التسمية للفاعل بالمصدر، أو مجاز بالملابسة المازة، أو لشرفه وقوله: وعبر الخ، بيان لوجه قوله: أنزل على هذا مع أنه كان الظاهر أن يقول بدله أرسل، وقوله: ترشيحاً أي للتجوّز عن محمد بالذجمر، ولا يلزم أن يكون استعارة لأنّ الترشيح يجري في المجاز المرسل أيضاً.،! كما صرّحوا به، وقوله: أو لأنه أي إرساله مسبب فيكون أنزل مجازاً مرسلا، وإذا كان ترشيحا فهو على حقيقته، وقوله: وأبدل الخ، هو على الوجهين لا على الثان! د لأنّ قوله: عبر يعينه كما توهم، وقوله: للبيان! أي هو عطف بيان بناء على تجويزه في النكرات، وقوله: أو أراد الخ، لم يقل أو القرآن عطغا على جبريل لبعد العهد وخوف اللبس، وهو معطوف على قوله يعني. قوله:(ورسولاً منصوب بمقدّر) يعني على هذا الوجه، إذ لا حاجة إلى التقدير على ما قبله ففيه رد على الزمخشري، وقرله: أو ذكرا مصدر قيل معطوف على القرآن، أي أراد بالذكر ذكرا يعني نفسه بالمعنى المصدري، ولا يخفى ما فيه من التعسف، وقيل: إنه معطوف على قوله: بمقدر. قوله: (ورسولاً مفعوله) قيل: ولا يمنع إرادة القرآن من الذكر بالمعنى المصحدري عن أعماله في المفعول، كما ظن فإنّ إرادته منه بعد الأعمال، فالقرآن هو ذكر الرسول لا الذكر وحده، ولا يخفى ما فيه من التعسف مع أنه يصير قوله، ورسولاً مفعوله مستدركا مع ما في قوله، أو بدله من جعل البدل منصوبا بالمبدل منه، ولو كان المراد ما ذكره، قال أو ذكرا أو بدل منه، وأيضاً القرآن كما أنه ليس مرسلاً، ليس رسالة بل مرسل به، فإن فتح باب التأويل لم يبق حاجة إلى جعل الرسول بمعنى الرسالة، وقيل: ذكر بلفظ الفعل، وقوله: ورسولاً، مفعوله معطوف على قوله: أراد به القرآن بحسب المعنى، وكله من التعسفات الباردة والوجه الأوّل أقر بها. قوله:(حال من اسم الله) فنسبة التلاوة إليه مجازية كبنى الأمير المدينة، وآيات الله من

وضع الظاهر موضع الضمير، وقوله: والمراد بالذين آمنوا في قوله: ليخرج الخ، هكذا هو في النسخ الصحيحة المعتمدة، يعني أنّ الذين آمنوا قد خرجوا بالإيمان من الظلمات، فكيف تكون التلاوة عليهم لإخراجهم منها، فأجاب أوّلاً بأنّ قوله: ليخرج متعلق بقوله: أنزل لا بيتلو، وقوله: بعد إنزاله إشارة إلى أنّ معنى آمنوا بالنظر إلى نزال هذه الآية، وأما بالنظر إلى إنزال القرآن فالظاهر تؤمنون، وقوله: ليخرج إشارة إلى أنّ المراد تؤمنون في المستقبل، والمضيّ باعتبار علمه وتقديره الأزلي، ووقع في بعض النسخ، والمراد بالدين ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات، أي ليحصل الخ فقيل إنه سهو من الناسخ، وقيل: مراده بقوله: بالدين بالدال المهملة أنه ملتيس به فيكون يتلو عليكم آيات الله، قائما مقام متلبساً بالدين، كقوله:{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ} [سورة الفتح، الآية: 28] فتأمّل. قوله: (فيه تعجيب وتعظيم الخ) إنما جعله للتعجيب، لأنه لم جعله خبراً لم يكن في ذكره فائدة، لأنّ المراد ما ذكر هنا وحسنه معلوم، والتعظيم إما من التعجيب لأنه لو يجعل عجيبا إلا لكونه مما لا عين رأت ولا أذن سمعت، أو من تنوين رزقاً. قوله:(أي وخلق مثلهق في العدد) يحتمل أنه بيان لحاصل المعنى، وهو معطوف على قوله: سبع سموات، والفصل بين الواو

ص: 208