الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال شيخ الإسلام بعد ذكره لهذه الآية: (فوصف اليهود: أهم كانوا يعرفون الحق قبل ظهور الناطق به والدعي إليه، فلما جاءهم الناطق به من غير طائفة لم يهوونها لم ينقادوا له، وأنهم لا يقبلون الحق إلا من الطائفة التي هم منتسبون إليها إلى أن قال - وهذا يبتلى به كثير من المنتسبين إلى طائفة معينة في العلم أو الدين من المتفقهة أو المتصوفة أو غيرهم، أو إلى رئيس معظم عندهم في الدين غير النبي صلى الله عليه وسلم، فإنهم لا يقبلون من الدين رأيا ً ورواية ً إلا ما جاءت به طائفتهم
…
) .
فهذا هو حال أهل الابتداع، وهذه أظهر الأسباب التي حملتهم على الوقوع في البدع، ولا يخلو مبتدع من سبب من هذه الأسباب إن لم تكن كلها أو معظمها فيه، فهو يتبع دينا ً مبدلا ً أو منسوخا ً.
بعض تعريفات البدعة
وإليك الآن بعض التعريفات التي تلائم هذا السياق السالف، مع ملاحظة أن مدار التعريفات الخاطئة للبدعة - حسب اطلاعي - على أن في البدع ما هو حسن مقبول عند الله مثاب عليه.
فإثبات الحسن لبعض المحدثات تصريحا ً أو تلميحا ً، مما تجمع عليه التعريفات أو المفاهيم الخاطئة للبدعة:
1- تعريف عز الدين بن عبد السلام - رحمه الله تعالى
-:
قال في قواعد الأحكام:
(البدعة: فعل ما لم يُعهد في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي
منقسمة إلى بدعة واجبة ، وبدعة محرمة، وبدعة مندوبة، وبدعة مكروهة، وبدعة مباحة.
والطريق إلى معرفة ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة، فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة، وإن دخلت في قواعد التحريم فهي محرمة وإن دخلت في قواعد المندوب فهي مندوبة وإن دخلت في قواعد المباح فهي مباحة
…
) . ثم ذكر بعد ذلك أمثلة لما ذكر.
وقد جعلت هذا التعريف أولا ً لكونه مُعْتَمدُ كثير ٍ ممن جاء بعده فقد نقله النووي رحمه الله مستشهدا ً به، وفعل مثله الزركشي في المنثور، وذكره ابن حجر الهيتمي مستدلا ً به على أن البدعة تعتريها الأحكام الخمسة، وألمح إليه السخاوي في فتح المغيث وبسط القول في ذلك القرافي
المالكي على منوال شيخه العز بن عبد السلام، ونسج على منوال القرافي صاحب تهذيب الفروق ببسط ٍ أكثر، وحكى أسماء مجموعة من الذين ساروا على تقسيم العز.
وقد ذكر هذا التقسيم باختصار محمد بن جُزي المالكي ونقل تعريف العز وتقسيمه السيوطي في الحاوي ناصرا ً له، وفي الأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع دون إشارة إلى أنه من كلام العز.
وأما المؤلفين في العصر الحديث فمنهم الشيخ عثمان بن فودي في إحياء السنة وإخماد البدعة، ومحمد علوي مالكي حيث أشار إلى تعريف العز وتقسيمه، مستدلا ً به ومعتمدا ً عليه في ترويج بِِدَعِه ِ.
وابن خليفه عليوي إذ نقل كلام العز بمعناه مؤيدا ً له، واستشهد بتعريف العز وتقسيمه يوسف السيد هاشم الرفاعي ونقل في كتابه كلام عبد الله بن محمد الصديق الغماري، وفيه استدلاله على أن البدع منقسمة إلى